Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
الشرح المطوّل على نزهة النظر, الغريب, مقدمة منهجية, مراتب الصحيح, مقدمة…
-
الغريب
:warning:
كثير ما يستعمل المحدثون لفظ غريب ولا يريدون به الغرابة المطلقة أو التفرد المطلق.
فتقرأ في كتاب من الكتب أن حديثا له طرق كثيرة يصفونه بأنه غريب.
لماذا قالوا فيه غريب وهو له طرق كثيرة وقد رواه عدد؟
الجواب أن فيه تفردا في جهة من الجهات.
بل قد يكون التفرد في مجرد لفظ من الألفاظ تفرد بها راو من بين الرواة الآخرين.
-
قال ابن الصلاح معرفا الحديث الغريب: الحديثُ الذي يَتَفَرَّدُ (٥) بهِ بعضُ الرواةِ يُوصَفُ بالغريبِ، وكذلكَ الحديثُ الذي يَتَفَرَّدُ فيهِ بعضُهُمْ بأمْرٍ لا يذكُرُهُ فيهِ غيرُهُ إمَّا في مَتْنِهِ، وإمَّا في إسْنادِهِ. وليسَ كُلُّ ما يُعَدُّ مِنْ أنواعِ الأفْرادِ مَعْدُوداً مِنْ أنواعِ الغريبِ، كما في الأفرادِ المضافةِ إلى البلادِ عَلَى ما سَبَقَ شَرْحُهُ.
-
باب الغرابة فيه اشتراك مع المصطلحات الحديثية الأخرى.
مثلا المنكر والشاذ، فإن بعض صور المنكر وبعض صور الشاذ مرتبطة بقضية التفرد.
الحديث المنكر من أشهر صوره في الاستعمال هو ما تفرد به من ليس أهلا للتفرد أو ما تفرد به الضعيف.
تعريفه في النزهة هو ما خالف فيه الضعيف الثقة
تعريفه في الموقظة: ما انفرد الراوي الضعيف به، وقد يعد مفرد الصدوق منكرا
-
تعريف الشاذ في النخبة: هو ما خالف فيه الثقة من هو أوثق منه.
تعريفه في الموقظة: ما خالف راويه الثقات
أو
ما انفرد به من لا يحتمل حاله قبول تفرده
المنكر والشاذ في تعريف النخبة يشتركان في وجود مخالفة الثقة، وللتفريق بينهما يُنظر إلى المخالِفِ، فإن كان المخالف ضعيفا فهو المنكر وإن كان المخالف ثقة فهو الشاذ.
الغرابة معناها التفرد وهي ليست نوعا واحدا.
وليس لها عند المحدثين الشرف الذي للمشهور، إذ المستحسن عند أهل الحديث ألا يكون فردا. وكلما كان الحديث فردا فهو أكثر عرضة للضعف من غيره.
لكثرة هذا النوع في مسند البزار والمعجم الأوسط نقصت قيمتهما.
لا نستطيع أن نقول بأن تفرد الثقات كله مقبول. نعم، الأصل فيه القبول لكن قد تكون فيه من القرائن ما تجعل المحدثين يردونه أو يتوقفون فيه.
الغريب/الفرد المطلق: التفرد في أصل السند ومداره
أصل السند هو طرفه الذي فيه الصحابي
والراوي الذي تجتمع إليه الطرق يسمى مدارا للإسناد.
-
-
أهل الاصطلاح غايروا بين مصطلح "الغريب" ومصطلح "الفرد" في صيغتهما الاسمية.
الفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق
الغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي
أما في الصيغة الفعلية فلا يفرقون، فساووا بين قولك "أفرد به فلان" وقولك "أغرب به فلان"
هذا الكلام يحتاج إلى مزيد من التفصيل إذا نظرنا إلى كلام المتقدمين وواقع الرواية.
فالكلام ليس بالحدية التي ذكرها ابن حجر رحمه الله.
إذا نظرنا إلى واقع كتب المتقدمين نرى أن أكثر ما يستعملون من الاسمين هو مصطلح "الغريب".
ويستعملونه للدلالة على التفرد بنوعيه دون تفريق.
لن تجد كثيرا في كتب المتقدمين عبارة "هذا حديث فرد"، فإذا استعملوا كلمة "فرد" فإنهم في الغالب يقصدون به الفرد المطلق.
أكثر ما يستعمل المتقدمون في الصيغة الفعلية هو كلمة "تفرد به فلان" والمقصود هو الفرد بنوعيه المطلق والنسبي.
كلمة "أغرب" بالصيغة الفعلية تستعمل في صورة دقيقة.
وهي ما لو كان محدثان عند أحدهما حديث ليس عند الآخر، فيقولون "أغرب عليه فلان" أي أتى بما ليس عند الآخر.
"من يستطيع أن يغرب علي" هذه العبارة معناها أن قائلها عنده كل الروايات فمن الصعب أن يأتي محدث بما ليس عنده.
-
-
هذا الباب ممتع من جهة بيانه لدقة المحدثين ومعاييرهم في القبول.
وهذا الباب من الأبواب التي حصل فيها التغير مع الوقت. فالمحدثون القدماء كانوا يشددون في التفرد وينظرون في قرائن كثيرة للحكم على الحديث الفرد إضافة إلى شروط الصحة المعروفة.
أما عند المتأخرين خف هذا الحس النقدي لأحاديث الأفراد فصار الحكم أساس بالظاهر.
مقدمة منهجية
الخطوة الرابعة: أهمية المرور على مختلف علوم الحديث والسنة حتى يفهم أطراف هذا العلم.
لا يكتف الطالب بنوع من أنواع الحديث أو بمجال دون الآخر
فهم علم الحديث يتطلب مرورا على أنواع علومه
ومجالاته تنقسم إلى قسمين رئيسين
-
-
-
الخطوة الثالثة: فهم مقاصد هذا العلم والجزئيات على ضوء نتائجها وثمراتها.
فعلى الطالب دراسة هذا العلم مع مراعاة تحقيق هذه المقاصد وإلا ضاع الطالب في تفاصيل لا نهاية لها.
المقصد الأعلى: حماية السنة النبوية وحفظها أن يدخل فيها ما ليس من النبي ﷺ
وهذا هو المقصد الأساس الذي أنشأ له علم الحديث.
هذا المقصد يتكون من ثلاث عناصر:
-
-
-
-
-
أول ما يعين طالب العلم على تناول علم الحديث بطريقة صحيحة هو دراسة وفهم تاريخ هذا العلم:
- كيف نشأ هذا العلم؟
- ما مقدماته؟
- ما الأسباب التي أوجبت نشأته؟
- من هم الإئمة الكبار الذين أسسوا هذا العلم؟
...
من أهم ما يدخل تحت مسألة دراسة تاريخ علم الحديث فهم الواقع الذي لأجله أسس العلماء قواعد نقد الحديث.
تجد أحاديث فيها أكثر من أربع تابعين يروون عن بعضهم البعض. فالتابعين طبقات كذلك فمنهم الكبار والأواسط والصغhر. فمن التابعين من أدرك أبي بكر رضي الله عنه ومن التابعين من لم يدرك إلا أنس بن مالك رضي الله عنه. وبين وفاة أنس وأبي بكر قرابة التسعين عاما، رضي الله عنهم أجمعين.
صارت إشكالات في الواقع أوجبت على العلماء التفتيش في الرواية وأسانيدها بشكل أدق، مثلا لمواجهة إشكالية خطأ الثقة نشأ علم العلل.
يجب دراسة سير العلماء المحدثين فهم جزء من تاريخ وأركان علم الحديث.
كتاب "أعلام المحدثين" في سير أبرز المحدثين في القرن الأول والثاني.
كتاب "سير أعلام النبلاء"
كتاب "حملة العلم وحفظة الشريعة"
(أعلام المحدثين – عبد الستار الشيخ)
(الحديث النبوي وتاريخ تدوينه – مصطفى الأعظمي)
من الدراسات الجيدة في رصد طبيعة تغير علم الحديث ما بين الصفاء الأول والتغيرات التي حصلت، كتاب "المنهج المقترح لفهم المصطلح" للشريف حاتم العوني.
كذلك توجد معلومات تاريخية مهمة توجد في بطون الكتب – ابن رجب الحنبلي في شرحه لعلل الترمذي له في بداية الكتاب معلومات تاريخية مهمة. في نشأة علم الحديث وأول من بدأ في تفتيش الأسانيد
الكتب التي ألفت فيه في أول تأسيسه تختلف عن الكتب التي ألفت في آخر زمنه.
وهذا الاختلاف قد يكون في الأسلوب أو المحتوى وحتى في المنهجيات.
الخطوة الثانية هي فهم فلسفة علم الحديث وآليته ومنهجيته.
من القواعد التي نشأت ما يكشف عن أبعاد هذا العلم.
مثل عبارة محمد بن سيرين التي أخرجها الإمام مسلم في مقدمة صحيحه: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم"
"إن هذا الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء"
هذه القواعد تطورت بقدر تطور التحديات التي يواجهها هذا العلم.
علم العلل نشأ بسبب إشكالية خطإ الثقة، وهذا العلم يهتم أساسا بأخطاء الثقات.
هذه القواعد تجمع بالاستقراء
كتاب "منهج النقد في علوم الحديث"
الخطوة الخامسة: التدريب العملي على دراسة الأحاديث وأسانيدها
ابدأ مثلا بحديث "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"
أنواع العلوم المتعلقة بالحديث هي علوم كثيرة، لهذا نقول علوم الحديث ولا نقول علم الحديث
الإمام الحاكم له كتاب سماه "معرفة علوم الحديث"، جاء بعد ابن الصلاح فسمى كتابه علوم الحديث وهو المشهور بالمقدمة تجد فيه 65 علما من علوم الحديث.
من تحديات وصعوبات علم الحديث سعة مكتبته وضخامتها + كان لهذا العلم مسيرة تاريخية حصل فيها قدر من التغيرات ومن التطورات التي توجب وتطرح مزيدا من الإشكالات على طالب الحديث إذا لم يتناولها بطريقة منهجية. فالكتب التي ألفت في أول زمنه تختلف عن الكتب التي ألفت في آخر زمنه من حيث المضمون والأسلوب وحتى في المنهجيات أحيانا.
مراتب الصحيح
-
المفاضلة بين الصحيحين
يلحق بالتفاضل بين الصحيح ما اتفق عليه الشيخان بالنسبة إلى ما انفرد به أحدهما، وما انفرد به البخاري بالنسبة إلى ما انفرد به مسلم.
-
الصفاتُ التي تدورُ عليها الصِّحَّةُ في كتاب البخاري أَتَمُّ منها في كتابِ مُسْلِمٍ وأَشَدُّ، وشرطُه فيها أقوى وأسَدُّ.
رُجْحانُ البخاري من حيثُ الاتصالُ: فَلِاشتراطِه أنْ يكونَ الراوي قد ثَبَتَ له لِقاءُ مَنْ روى عنه ولو مَرَّة، واكتفى مُسْلِمٌ بمُطْلَقِ المُعاصَرَة
من أمثلة الأحاديث التي لم يخرحها البخاري لهذا السبب حديث رواه أبو الجوزاء عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: "كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ يَسْتَفْتِحُ الصَّلاةَ بالتَّكْبِيرِ. والْقِراءَةِ، بـ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [الفاتحة:٢]، وكانَ إذا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ، ولَمْ يُصَوِّبْهُ ولَكِنْ بيْنَ ذلكَ..."
وهذا الحديث لا تجد له علة أو إشكال إلا أن في الطبقة بين التابعي والصحابي لا يمكن إتبات حصول السماع فيها وإنما تستطيع أن تثبت مجرد المعاصرة. قال ابن عبد البر أن أبو الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة رضي الله عنها
البخاري لم يصرح بشرطه هذا وإنما عرف عنه، أما الإمام مسلم فنص على شرطه في مقدمة صحيحه ودافع عنه.
نقل الترمذي في علله أن عمل جمهور المتقدمين على خلاف قول مسلم
رُجْحانُه مِنْ حيثُ العدالةُ والضبطُ: فلأنّ الرجالَ الذين تُكُلِّمَ فيهم مِن رجالِ مُسلمٍ أكثرُ عددًا من الرجال الذين تُكُلِّمَ فيهم مِنْ رجالِ البخاري
بعض الرواة الذين فيهم إشكال قوي، هؤلاء ينتقي لهم الإمام مسلم.
وهناك رواة مختلف فيهم هل هم أقوياء أو دون ذلك، فهؤلاء الإمام مسلم قد لا ينتقي لهم بشكل عام وإنما يرجح أحد القولين في قوتهما، فلو رجح القول بأنه قوي فإنه يأخذ بحديث الراوي المختلف فيه ولا ينتقي له بعد ذلك.
والرواة الذين انتُقِدوا على البخاري فإنه ينتقي لهم
رُجحانُه من حيثُ عدمُ الشذوذِ والإعلالِ: فلأنَّ ما انْتُقِدَ على البخاري من الأحاديث أقلُّ عددًا مما انْتُقِدَ على مسلمٍ
هذا مع اتفاق العلماءِ على أنَّ البخاريَّ كانَ أجلَّ مِنْ مُسْلمٍ في العلوم، وأعرفَ بصناعةِ الحديثِ منه، وأنَّ مُسلمًا تلميذُه وخِرّيجُه ولم يزلْ يستفيدُ منه ويتَّبِعُ آثارَه، حتى لقد قال الدارقطنيُّ (١): "لولا البخاريُّ لَمَا راحَ مُسلمٌ ولا جاءَ".
-
-
-
ذكر ابن حجر أمثلة لأسانيد حسنة قد تجد الإمام أحمد أو البخاري أو أبي خاتم الرازي أو أبي زرعة... يوقولون عنها أنها صحيحة
هذا راجع إلى مصطلح "الحسن"
والحسن في معناه الإصطلاحي هو في الحقيقة نوع من أنواع الصحيح.
فكلمة "حسن" في اصطلاح المتقدمين لم تكن تعبر عن نوع من أنواع الحديث مستقل بذاته متميز بين الصحيح والضعيف.
فكلمة حسن تأتي في اصطلاحهم مقارنة للصحيح وقد تأتي مقارنة للغريب وقد تأتي وتدل على أعلى درجات الصحة
-
المعتمد عدم الإطلاق في إسناد بأنه أصح الأسانيد، فهذه مسألة لا تكاد تجزم فيها.
بل قل "من أصح الأسانيد كدا..."
أو "أصح الأسانيد إلى ابن عمر..."
مقدمة النزهة
ابن حجر رحمه الله يبين ما موقع هذا الكتاب من الخارطة الحديثية وما هدفه.
فذكر الكتب التي سبقته والتصانيف السابقة.
فذكر أن من أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهرمزي، ثم استدرك عليه ابن حجر قائلا أنه لم يستوعب.
لماذا لم يذكر الإمام ابن حجر ما ألف قبل كتاب الرامهرمزي؟ قطعا هو ليس بسبب عدم الاستيعاب إذ ذكر كتاب الرامهمرمزي وانتقده أنه لم يستوعب.
ومن أهم ما ألف قبل الرامهرمزي:
كتاب الحاكم أبو عبد الله النيسابوري "معرفة علوم الحديث" هو من الكتب الحديثية الاصطلاحية المهمة. وهو خير بكثير من تطبيقاته نفسه في المستدرك.
كتاب "التمييز للإمام مسلم" رحمه الله.
قد يقول البعض أن كتاب التمييز هو في باب العلل.
لكن فيه من المباحث والتشعبات التي تفيد في تصور الكثير من القواعد الحديثية.
-
كتاب العلل الصغير للإمام الترميذي.
وهو كتاب حوى علوما من علوم الحديث كالغريب والمنكر والحسن وطبقات الرواة وأحكام متعلقة بالرواة والجرح والتعديل...
فهو من أولى ما ينبغي أن يدرج ضمن التسلسل الحديثي من حيث التأليف.
-
-
التأليف في علوم الحديث لم يستمر بالاحتكام إلى القاعدة المعيارية الحديثية التي كانت في القرنين الثاني والثالث للهجرة.
إذ مع تراخي الزمن توسعت الموارد التي دخلت على علم المحديث فصار يُسقى من رواض غير الروافض الحديثية الصافية.
لذلك من المهم أثناء الاستفادة من الكتب التي ألفت بعد القرن 3هـ أن نحاكمها إلى كتب الأقدمين التي فيها النموذج المعياري الصافي لعلم الحديث.
فالخطيب نفسه رحمه الله، استقى واستمد من مصادر غير علم الحديث في مباحث حديثية.
فهو استقى من أصول الفقه عبر النافذة الكلامية.
التداخل بين العلوم ليس شيئا سلبيا في حد ذاته بل قد يكون فيه قدرا من الإثراء والتنوع.
لكن أحيانا يكون هذا التداخل فيه هيمنة على أسس العلم إلى غاية أن تجتدب أصوله إلى العلم الذي دخل عليه. وهذا الذي حصل في بعض المباحث الحديثية.
ذكر ابن رجب في شرح العلل عن الخطيب "...وذكر للناس مذاهب في قبول زيادة الثقة من عدمها لا تعرف عن أهل الحديث..." وإنما هي مأخوذة من كتب المتكلمين.
كتاب ابن الصلاح اجتمع فيه ما قبله من الكتب وخاصة الكتب المتأخرة التي ألفت بعد زمن التطبيق.
ومرة أخرى فلا نقول أن كتابه حوى حتى ما سبق من الكتب التطبيقية المتقدمة.
-
كتب ابن الصلاح حظي بما لم يحظ به غيره من الكتب من جهة علو كعب الأئمة الذين اعتنوا بالكتاب.
فابن كثير اختصره، والنووي، وابن حجر كتب عليه تعليقات ونكتا، والعراقي أيضا، والزركشي، وابن دقيق العيد
من الإشكال أن تكون الكتب من بعد الخطيب البغدادي معتمدة فقط على كتب الخطيب.
لأن العلم الحقيقي المتعلق بالحديث هو ما كتب قبل الخطيب والرامهرمزي. فهو الأساس والمنبع الذي ينبغي لمن جاء بعدهم أن يضل يستقى منه، ويستعين بما كتب في القرون المتأخرة مما قرب وسهل بعض هذه العلوم.
-
المشهور
المحدثون ينظرون إلى معنى الشهرة على أنه معنى فيه شرف متعلق بصحة الحديث.
فوجود الشهرة فيه زيادة اطمئنان إلى الحديث من حيث تداول العلماء له ووجوده عند كل من كتب الحديث.
وفي المقابل ينظر العلماء إلى من يبحث عن التميز والانفراد بما ليس عند غيره بنقص ودنو أنه مصدر للضعف.
الذين يحرصون أن يكون عندهم أكبر عدد من الغرائب حتى تكون مصدر تميز وفرادة بالنسبة له.
ومن هذه الزاوية كانوا يسمون الأحاديث الغريبة بأنها "أحاديث حسان".
فيقولون عن حديث أنه حسن وهم لا يعنون حسن إسناده وإنما يقصدون الحسن بما يكسبه الراوي من تميز وفرادة إذ ظفر بما ليس عند غيره.
ونجد هذا المعنى في عبارات منها:
"كانوا إذا اجتمعوا كرهوا أن يخرج الرجل حسان حديثه"
قيل لشعبة "لماذا لا تروي عن عبد الملك بن أبي سليمان وأحاديثه حسان" فقال "من حسنها فررت"
لكن المحققون والنقاذ يرون أن هذا الحسن بهذا المعنى هو مصدر للضعف.
-
الحديث المشهور باعتبار الإسناد هو ما له أكثر من طريق اشتهرت عند العلماء فصار لها الاعتبار.
وأكثر ما يكون ذلك، في الغالب، إذا كان فوق الثلاثة.
إلا أنه لا ينحصر في هذا العدد.
لذلك عرف ابن الصلاح رحمه الله المشهور بكل بساطة قائلا: "ومَعْنى الشُّهْرةِ مَفْهُومٌ وهوَ مُنْقَسِمٌ إلى صَحِيحٍ، كَقَولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّما الأعْمالُ بالنِّيَّاتِ)) (٣)، وأمثالِهِ، وإلى غيرِ صَحيحٍ (٤)، كَحَديثِ: ((طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ)).
-
أحيانا تكون الشهرة عند الفقهاء فقط وليس عند المحدثين.
لكن اشتهاره عند غير المحدثين لا يعطي للحديث قيمة وشرفا كما لو اشتهر عند المحدثين.
الحديث المشهور أقسام وأنواع.
منه ما هو مشهور عند المحدثين، منه ما هو مشهور عند الفقهاء، منه ما هو مشهور عند العامة.
ومنه ما هو مشهور لكثرة طرقه.
وفي الجملة، الحديث المشهور أشرف من الحديث الغريب.
والحديث المشهور لا ينحصر اصطلاحا فيما رواه ما فوق الاثنين. فقد يقال عن الحديث الذي رواه اثنان أنه حديث مشهور حتى من حيث إسناده.
-
المنقطع والمرسل
قال ابن حجر أنه في الاستعمال المشتق، فإنهم يستعملون الفعل "أرسل" فقط. ويقصد به المرسل والمنقطع بلا تفريق.
-
-
المنقطع: ما سقط منه واحد أو أكثر من واحد على غير توال من أي طبقة من طبقات الإسناد.
وإذا قلنا أنه مغاير للمرسل وجب التقييد بأن موضع السقط ليس بين التابعي وبين النبي ﷺ.
فائدة: الفرق بين مراسيل أبي داوود ومراسيل أبي حاتم:
مراسيل أبي حاتم إنما يتحدث فيه عن انقطاعات بين الرواة ولا يتكلم فيه عن أحاديث بعينها فلا تجد فيه متونا.
أما في مراسيل أبي داوود فهي كلها متون، فهو يبين الأحاديث المرسلة التي عن النبي ﷺ
الصحيح
في علم الحديث عموما هناك جانب نظري وهناك جانب لا يقل أهمية وهو الجانب الحسي/الذوقي للمحدث. وهذا الجانب يُكتسب بالممارسة.
مع الممارسة تتكون لدى المحدث نظائر يقيس عليها فيحكم على أسانيد/أحاديث من نفس النوع أو الدرجة بنفس الحكم دون الحاجة إلى الخوض في التفاصيل النظرية باستقصاء.
واعتماد النظائر والقياس عليها في الأحكام معمول به حتى في علوم شرعية أخرى. ففي الفقه مثلا نجد الإمام ابن تيمية يستدل بالعفو عن الموالات في الوصوء إذا طرأ عذر، لأن معنى العفو عن المولاوة موجود في فروع كثيرة من الشريعة، فهو معنى معتبر شرعا
وفي الحديث تتكون لدى الباحث علامات ونظائر تستطيع أن تحكم بها على ما يشبهها.
-
المحدثون اعتنوا بأحاديث العدل ظاهرا وباطنا والذي اتصف بالضبط.
وعلم العللم ميدانه الحقيق هو في هذه الطبقة، طبقة الثقات.
أما المقامات الأخرى، العدل غير الضابط و غير العدل باطنا وإن تظاهر بالعدل ظاهرا فهي سهلة التمحيص واكتشاف أخطائها.
أهم جزء في رواية الحديث سواء من جهة عدالة الرواة أو ضبطهم أو اتصال الاسناد، أهم جزس هو المدار.
فأول خطوة في دراسة أي حديث هي استخراج المدار، وبعدها مباشرة خطوة استخراج المدار. وإذا استخرجت المدار فإنك تستغني عن عدد من الطبقات لا تحتاج تبحث فيها.
حقيقة الحديث الذي يُدرس، هو من المدار إلى الصحابي
شروط صحة الإسناد
انظر التأسيس الحديثي كذلك
-
-
اتصال الإسناد
التعريف الذي أخذ به ابن حجر فيه عموم. فابن حجرفي تعريفه كأنه حصر الاتصال في السماع، وبالتالي حصر الصحة في السماع وهو كلام غير دقيق إذ هناك صور أخرى غير السماع تفيد الاتصال كذلك.
-
كيف نعرف اتصال الاسناد؟
الخطوة الأولى: النظر إلى صيغ الآداء في إسناد الحديث المراد الحكم عليه:
صيغة "حدثنا"، "سمعت" تدل على الاتصال.
الأصل في صيغة "أخبرنا" أنها تدل على الاتصال لكنها لا تدل بالضرور على السماع. فبعض المحدثين يتجوز في المرادفة بين أخبرنا وحدثنا، لذلك أحيانا "أخبرنا" تدل على السماع.
هذا هو القاعدة العامة، لكن قد يوجد استثناءات تعرف بعلم العلل.
فتجد حديثا تدل صيغ الأداء في إسناده على الاتصال (حدثنا فلان قال حدثنا فلان...) ثم يقول أحد الأئمة أن هذا الحديث لم يسمعه فلان من فلان.
وحتى إذا نظرت إلى كتب الرجال تجد أن فلانا سمع من فلان، لكن الإمام يقصد أن هذا الحديث بعينه لم يسمعه منه وليس مراده نفي مطلق السماع.
هذا يعرف بجمع الطرق والمقارنة (علم العلل).
كذلك إذا كان كل الروايات ب"عن" وروايت قليلة بلفظ "حدثنا/أخبرنا" رواها ضعفاء لا أقوياء، هنا نرجح عدم السماع ولا نأخذ بالأسانيد التي جاء فيها السماع. مثال ذلك ترجيح عدم سماع الحسن البصري من عمران.
مثال: إسناد سليمان بن مهران الأعمش عن أبي صالح السمان
سليمان بن مهران الأعمش مدلس ويروي عن أبي صالح السمان أحاديث كثيرة جدا.
فالأعمش إذا قال "عن أبي صالح" فقد يكون قد دلس الحديث وإذا قال "حدثنا أبو صالح" نعلم أنه لم يدلس الحديث.
الآن عندنا حديث "عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة"، روى هذا الحديث عن الأعمش جماعة.
واحد من الذين رووا عنه قال "عن الأعمش قال حدثنا أبو صالح..." استعمل صيغة السماع فزالت تهمة التدليس الآن، أما بقية الرواة رووا الحديث بالصيغة الموهمة للتدليس (لا تدل على اتصال ولا على انقطاع).
واحد آخر روى الحديث "عن الأعمش قال حُدِّثْتُ عن أبي صالح..." وهذه صيغة انقطاع.
هنا احتمالات:
احتمال أن سمعه الأعمش من أبي صالح ومرة سمعه بواسطة فقال "حُدِّثْتُ".
لكن هذا الاحتمال بعيد جدا لأن كل راوي يحرص على الاتصال فيتجنب الطريق الذي فيه انقطاع. فلا ستصور أن يترك راو إسناد ب"حدثنا" ويروي الإسناد الذي فيه صيغة انقطاع، هذا شبه مستحيل لشدة حرصهم على علو الإسناد.
لذلك بعض النقاد خطَّؤوا الرواية التي فيها "حدَّثنا".
هذا مثال على كشف انقطاع رواية صيغ الأداء في إسنادها تدل على الاتصال لكنها معلولة، كشفت علتها بجمع الطرق ومقارنتها.
مذاهب العلماء في صيغ الأداء.
بعضهم كان يشدد وبعضهم يتساهل في الموضوع. (تجد من لا يقبل أن تقول "حدثني" إذا كنت سمعته في مجلس حتى لا توهم أنه حدثك وحدك).
النسائي رحمه الله كان دقيقا في الألفاظ.
بعض المخالفات لصيغ الأداء لا تضر. مثلا من المعروف في الرواية أن يسمع المحدث من شيخه ب"حدثنا" فينزل به إلى "عن"، وذلك تخففا.
فيقول "حدثنا فلان عن فلان عن ..." وهو في الحقيقة "حدثنا فلان قال حدثنا فلان قال ..."
الذي يضر هو أن يرقى بالمعنعن إلى صيغة السماع.
من المهم قبل الانتقال إلى طريقة أخرى لمعرفة الاتصال أن نأخذ نفس الإسناد والمتن من كتب السنة الأخرى
قد نجد نفس الإسناد بصيغ أداء تدل على السماع صراحة.
"قال أبو داوود: حدثنا أبو سلمة موسى قال حدثنا حماد عن عبيد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ وأصحابَهُ اعتمَروا منَ الجِعْرانةِ فرمَلوا بالبيتِ ثلاثًا ومشوا أربعًا"
ثلاث طبقات في هذا الإسناد ليست صريحة في السماع.
إذا نظرنا إلى مسند الإمام أحمد نجد الإسناد التالي "قال الإمام أحمد، حدثنا سريج ويونس قالا: حدثنا حماد - يعني ابن سلمة - عن عبيد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
هذا الإسناد فيه فائدة مهمة جدا، وهي أنه عين لنا من هو "حماد"
(هناك راويان باسم حماد كلاهما بصريان، في نفس المرحلة، يشتركان في عدد كبير من المشايخ).
فإذا أردنا أن نعرف هل سمع "حماد" من "عبد الله بن عثمان بن خثيم"، فأول سؤال ينبغي الإجابة عنه هو "من هو حماد؟"
إسناد الإمام أحمد أجاب عن هذا السؤال.
هذه فائدة من فوائد جمع الطرق
-
إسناد ثان عند الإمام أحمد: "قال حدثنا روح حدثنا حماد عن عبيد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس"
-
إسناد عند الطبراني: "قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا حجاج بن المنهال قال حدثنا عن عبيد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
-
-
الخطوة الثلثة: التحقق من المعاصرة وإمكان اللقاء + النظر في كتب المراسيل وأنها لم تنص على الانقطاع
فإن أمكن المعاصرة ولم ينص أحد على الانقطاع فإننا نرجح اتصال الاسناد ونطمئن إليه.
-
-
من الخطوات التي يمكن أن تكون قرينة أيضا للدلالة على الاتصال، أن تبحث عن حكم المحدثين على الحديث الذي فيه الرواية(؟)
فإذا وجدتهم يحكمون على الرواية أنه صحيحة، معناه أن شروط الصحة متحققة وبالتالي أن الاتصال متحقق.
هذه الخطوة ليست عامة وإنما أغلبية، فقد يُحكم عن حديث أنه صحيح لكن يكون هناك معضلات خارجية للحديث.
يمكن اعتبارها مطردة في الحديث الفرد
يمكن كذلك الاستعانة بكتب المسانيد التي رتبت الأحاديث حسب الرواة.
مثلا في مسند أنس ترتب الأحادث حسب من روى عن أنس، الأحاديث التي رواها قتادة عن أنس ثم الأحاديث التي رواها... عن أنس.
هذه يفيد أحيانا في مسألة السماع إذ قد تجد فيها أحيانا تصريحا بالسماع.
كتاب "تحفة الأشراف" للمزي
في الكتاب تجد نقطا أمام الأحاديث، نقطة واحدة معناه الطبقة الأولى في الرواة عن صاحب المسند.
أحيانا تجد نقطتين، وذلك عندما يكون أحد رواة الطبقة الأولى من المكثرين فيأتي بالرواة عنه هو كذلك ويفرع.
بالنظر في الكتاب نستفيد فائدة، وهي أنه لم يرو حماد عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، بهذا الإسناد حديثا آخر غير الحديث الذي في أبي داوود. هذا الحديث هو الوحيد في الكتب الستة التي له ذلك الإسناد.
إرسال vs تدليس
الحسن البصري الصواب أنه كان يرسل عن الصحابة، ولفظة مدلس ليست دقيقة في حقه.
الحسن البصري كان يروي عن الصحابي الذي لم يدركه ولم يسمع منه، هذا وإن سمي تدليسا بصفة عامة لكنه عند التحليل هو بالإرسال ألصق.
ذلك لأن صورة التدليس هي أن يروي عن من سمع منه ما لم يسمع منه، هنا يكون وجه التدليس قويا. أما أن يروي راو عن شخص لم يلتق به أصلا وليس عنده أي رواية أخرى فيها سماع عنه فهذا إرسال وليس تدليسا في الحقيقة.
إذا روى الحسن البصري الحديث عن الصحابي مرة واحدة بلفظ حدثنا أو أخبرنا فلا يضر بأي صيغة يروي الأحاديث الأخرى.
لذلك البخاري أخرج أحاديث الحسن عن أبي بكرة، ولم يصرح في شيء منها بالسماع إلا في واحد
شرط الاتصال غير متعب للمتخصص الذي يعرف أخص تلاميذ المكثرين من الصحابة.
فمعرفة أصحاب هؤلاء وأصحاب أصحابهم، يريح في مسألة السماع والاتصال.
بعض الرواة يعتبرون محاور ترتكز عليهم أحاديث كثيرة جدا، فإذا عرفت أصحابهم وشيوخهم ارتحت في مسألة الاتصال.
-
-
-
تهذيب الكمال للمزي - أصل تهذيب التهذيب - يأتي فيه بكل مشايخ وكل تلاميذ الراوي مع ذكر أي من الكتب الستة يشمل روايته عن هذا الشيخ أو رواية تلميذه عنه) ابن حجو في تهذيب التهذيب لم يذكر هذا التفصيل ولم يستقصي في ذكر المشايخ لذلك فهو ليس مرجعا أساسيا في معرفة مشايخ الراوي.
تهذيب الكمال يشير أحيانا حتى إلى اتصال الاسناد.
رمز "خ" يعني أنه روى عن شيخه في البخاري باسناد متصل.
إذا كان رمز "خت" يعني روى عنه في البخاري معلقا (تعليقا)
:warning:
صحة الإسناد لا تعني صحة الحديث
الذي يلزم من صحة الإسناد أنه توفرت فيه الشروط الظاهرة لصحة الحديث (عدالة + ضبط + اتصال)
-
الخبر
قضية المتواتر والآحاد
من القضايا التي لها اتصال ببقية علوم الشريعة وليست خاصة بعلوم الحديث فقط. وعدم تحرير القول فيها ينتج عنه لبس في بقية العلوم والفنون.
ولتحرير القول في هذه القضية هناك عدة نقاط:
تاريخ هذه المسألة:
هل هذه المسألة هي من المسائل التي كان لها اعتبار في الزمن التأسيسي لعلوم الرواية والحديث أم أنها من المسائل التي أدرجت من خلال الروافض الزائدة على علم الحديث؟
-
بعد الخطيب وبعد ابن حجر رحمهم الله وبعد تنامي المدرسة الأصولية الكبيرة، استقر أمر المتواتر والآحاد في علوم وكتب الحديث حتى صار طالب الحديث يظن أنه من المباحث الأساسية.
من المعروف أن هذه المسألة لم تكن معتبرة في زمن الرواية عند نقاد الحديث.
إذ لم يكن تعاملهم مع الأخبار صحة وضعفا قائما على كون الخبر متواترا أم آحادا، وإنما كانوا ينظرون إلى أحوال الرواة والنقلة. وكانوا في الجملة يذمون الغريب من الأخبار وما لم يكن له إلا طريقا واحدا وما لم يكن مشهورا عند أهل العلم. وكانوا في المقابل يفخرون بالأحاديث التي لها أكثر من طريق.
لكن كونهم يستحسنون ما اشتهر أو ما كثرت طرقه لا يعني أنه من جنس اشتراط شروط المتواتر وإنما كان لمطلق رفع معنى الغرابة عن الرواية.
التفريق بين الجزء النظري الاصطلاحي المتعلق بوصف المتواتر والآحاد وما يرتبط بها من شروط نظرية وبين الأحكام المترتبة على هذه الأوصاف.
وهذه القضية من القضايا التي يترتب عليها أحكام ونتائج.
ونتيجتها أن المتواتر يفيد اليقين والعلم أما الآحاد فإنما تفيد الظن.
ومن آثار هذه النتيجة أن من الطوائف من صاروا لا يقبلون أحاديث الآحاد في العقائد مثلا.
-
مبحث المتواتر والآحاد في كثير من الكتب الحديثة فيه تداخل يصل أحيانا إلى التناقض.
والالتباس في هذا الباب وعدم تفكيكه وعدم إرجاعه إلى أصوله.
والتناقض من جهات مختلفة، أهمها أن هذا المبحث يتناقض مع الواقع التطبيقي للمحدثين. وهو مبحث نظري تجريدي لم ينشأ ولم ينبع من واقع الرواية والنقل.
من الإشكالات في هذا الباب: الكتب التي جمعت الأحاديث المتواترة.
والإشكال راجع مرة أخرى إلى عدم تحرير الأوصاف النظرية المذكورة في تعريف المعنى الخاص للمتواتر ومطابقتها على واقع الرواية. فنجد إشكال في ضم كثير مما ذكر من الأحاديث في تلك الكتب إلى المتواتر بمعناه الخاص.
أمثلة من كتاب السيوطي رحمه الله:
حديث "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا" ثم يقول أخرجه ابن أبي شيبة من مرسل الحسن... وهذا فاقد لشرط اتصال التواتر من مبتدئه إلى منتهاه.
حديث "بشر المشائين بالظلم بالنور التام يوم القيامة" أخرجه الترميذي ثم قال "غريب" ومع ذلك يوجد في كتاب المتواتر.
خلاصة القول: المتواتر باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص ليس من مباحث علم الحديث كما قال ابن الصلاح، وليس من مباحث علم الإسناد بل هو من مباحث علم أصول الفقه كما قال ابن حجر.
المتواتر لا ينبغي أن يكون من مباحث علم الحديث الأساسية وإنما يكون مما يتناول بالتعريف الاصطلاحي البسيط.
الأحاديث النبوية التي تفيد القطع واليقين هي أوسع بكثير من أن تحصر في الاصطلاح النظري للمتواتر
الخبر والحديث
الأصل أن يقال في كل ما ينسب إلى النبي ﷺ "حديث". وعند الحفاظ المتقدمين في تطبيقاتهم كانوا كثيرا ما يطلقون على الآثار التي ترد عن الصحابة "أحاديث" أيضا، سواء بشكر تفصيلي فيقولون "حديث أبي بكر/حديث عمر"، أو بشكل مجمل في مثل قولهم "فلان يحفظ ألف ألف حديث". فلم يكونوا يفرقون التفريق الدقيق بين الحديث ولفظ "الخبر".
-
-
العلم (اليقين)
ضروري: والعلم الضروري هو ما لم يقع عن نظر ولا استدلال. لا تحتاج فيه إلى تأمل ولا إلى البحث على الأدلة والعلل والروابط.
وإنما يحصل بمجرد التفات النفس إليه، فيضطر الإنسان إلى إدراكه ولا يمكن دفعه عن نفسه
يفيده المتواتر الذي نقصد به خبر الأمة عن الأمة والذي هو، كما ذكرنا، خارج عن واقع الرواية وليس من مباحث علم الحديث
النظري (المكتسب): هو العلم الموقوف على النظر والاستدلال.
الصواب في كلامنا عن المسمى متواترا الذي نجده في واقع الرواية أنه مفيد للعلم النظري الذي يحتاج إلى نظر في أحوال الرواة والنقلة. خلافا لمن قال أنه لا يتطلب النظر في أحوال رواته إطلاقا.
-
ملاحظات حول كتب المصطلح
هي لا تعطي القدرة العملية على التعامل مع الأسانيد والروايات والحكم عليها. لكنها تعطيك مقدمة ضرورية لفهم واقع الرواية وضوابط الحكم عليها وتعطيك قواعد حديثي مهمة
لكن هناك مشكلة إذا لم يدرس علم المصطلح بطريقة توصل إلى فهم واقع الرواية.
وبعض كتب الرواية لا تصور واقع الرواية تصويرا متكاملا.
ملاحظات حول طريقة الشرح
العناية بإثبات صحة علم الحديث وصحة قواعده وبيان دقة المحدثين وجوانب تميزهم هو من أهم ما يراد الوصول إليه من خلال هذا الشرح.
المشكلة الكبرى ليست في خطأ تعريفات المصطلحات في كتب المتأخرين وإنما المشكلة هي في عدم استيعابها لتطبيقات واستعمالات المتقدمين.