Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
العلة وأجناسها عند المحدثين, أشهر المصنفات في العلل, أسباب العلة #, كيفية…
العلة وأجناسها عند المحدثين
هو علم يميز به صحيح الحديث من سقيمه ومعوجه من مستقيمه.
هدفه الذب عن سنة سيد المرسلين وبيان تحريف الناقلين وخطأ الراوين
بيان دقة المحدثين وبعد نظرهم وحذقهم وذكائهم المفرط في استخراج حفايا العلل والأوهام.
هو علم يبحث عن الأوهام الخفية في أحاديث الثقات.
وهو مستمد من أئمة الفن في تعليل الأحاديث وتضعيفها وتطبيقاتِهم العملية في نقد الأخبار.
أشهر المصنفات في العلل
مناهج وطرق تصنيف علماء الحديث للعلل
تصنيف العلل على المسانيد: بأن تجمع علل الأحاديث مرتبة على مسانيد الصحابة فيجمع علل أحاديث ابن عمر على حدة وعلل أحاديث ابن عباس على حدة.
ممن سلك هذا النهج:
الدارقطني في العلل
البزار في المسند الكبير المعلل
يعقوب بن شيبة في المسند المعلل
تصنيف العلل على الأبواب الفقهية:
بأن يعمد المصنف إلى تخريج الأحاديث المعللة مرتبة على الأبواب الفقهية
ابن أبي حاتم في العلل
تصنيف علل الحديث حسب تراجم الرجال:
هذه الكتب تجمع بين الجرح والتعديل وعلل الحديث
العلل ومعرفة الرجال لأحمد
التاريخ والعلل لابن معين
الكامل لابن عدي
الضعفاء للعقيلي
تصنيف علل أحاديث شيخ معين
ابن المديني صنف علل حديث سفيان ابن عيين.
محمد بن يحيى الذهلي صنف علل حديث الزهري
تصنيف العلل متفرقة غير مرتبة ترتيبا معيانا
علل الترمذي الكبير
علل ابن المديني
العلل لعلي بن المديني
كتبه غالبها مفقودة طبع منها جزء صغير وهو غير مرتب، تكلم فيه علي بن المديني على من يدور عليهم الإسناد ومشاهير المفتين وتلامذتهم فمَن بعدهم ثم ذكر أئمة التابعين وأتباعهم ومن صح لهم سماع منهم.
غالب أجوبته مختصرة ومنهجه فيه شبيه بالدارقطني في علله، لكن الدارقطني يطيل في تتبع الطرق.
علل الحديث لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي
مرتب على الأبواب الفقهية.
كتاب جليل إلا أن مصنفه ذكر فيه العلل الخفية والجلية فهو غير خاص بالعلل الخفية.
وهو عبارة عن سؤالات عن أحاديث وجهها ابن أبي حاتم لأبيه وأبي زرعة.
وغالب الأجوية هي لأبي حاتم الرازي.
أبو حاتم وأبو زرعة يتفقان في حكمهم على الأحاديث بالضعف والبطلان.
وفي الكتاب أشياء منقولة عن غير أبي حاتم وأبي زرعة كابن الجنيد علي بن الحسين الحافظ وأحمد بن حنبل.
العلل لأحمد بن حنبل
العلل رواية المروذي أبو بكر
هو كتاب غبر مرتب، أغلبه في الرجال والجرح والتعديل وضبط الأسماء والمقارنة بين الحفاظ وفيه من علل الحديث أشياء قليلة.
الغالب أن هذا الكتاب جمعه بعض من تلقى عن هؤلاء الرواة وفي نسبة تأليف مثل هذا المؤلَّف للإمام أحمد نطر كبير فالأولى أن يحشر ضمن كتب السؤالات للإمام أحمد.
العلل ومعرفة الرجال رواية ابنه عبد الله
هو مجموعة سؤالات وجهها عبد الله أو غيره للإمام أحمد في الرجال وعلل الأحاديث.
فيه من علل الأحاديث الشيء الكثير.
الكتاب غير مرتب والنقول فيه مذكورة كيفما اتفق.
فيه نقول كثيرة جدا عن غير الإمام أحمد، بعضها أسئلة ليحيى بن معين وبعضها نقول في الجرح والتعديل عن أئمة كيحيى بن القطان وابن أبي شيبة وابن مهدي...
العلل لأبي بكر أحمد بن محمد الخلال
العلل لأبي بكر الأثرم (مفقود)
العلل الواردة في الأحاديث النبوية لأبي الحسن الدارقطني
هو مرتب على المسانيد وهو عبارة عن سؤالات حول أحاديث، كان أبو منصور بن الكرخي يريد أن يصنف بها مسندا معللا، فكان يدفع أصوله إلى الدارقطني فيعلم له على الأحاديث المعللة. لكن اخترمته المنية قبل إتمام كتابه، فقام أبو بكر البرقاني بتحرير تلك الأجوبة ورتبها على المسند.
أغلب الكتاب في ذكر الاختلافات بين الرواة في رواية الأحاديث رفعا ووقفا، ووصلا وإرسالا وزيادة ونقصا...
كثيرا ما يشتغل بذكر الاختلافات بين الرواة ويكون المختلفون ضعفاء بل ومتروكين. ويندر أن يبين علة ترجيح رواية على الأخرى.
الأسانيد المخرحة في المسانيد غير مرتبة مما يتعذر معه الرجوع بسهولة لتلك الأحاديث خصوصا في مسانيد المكثرين.
العلل لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي صاحب السنن
العلل الكبير: هو مفقود.
غالبه سؤالات وجهها الترمذي للبخاري وفيه من علل الأحاديث شيء كبير.
العلل الصغير: شرحه ابن رجب.
لم يظهر وجه تسمية ما أورجه فيه بالعلل، فقد تكلم فيه عن جملة مباحث هي بعلم أصول الحديث أو علم المصطلح أحق وأولى من علم العلل مثل حجية المرسل وعدمه، واصطلاحه في إطلاق الحسن...
التمييز للإمام مسلم بن الحجاج
المسند الكبير المعلل لأبي بكر البزار المسمى البحر الزخار
مرتب على المسانيد ومراده بالعلة فيه معناها العام
المسند المعلل ليعقب بن شيبة:
طبع الجزء العاشر من مسند عمر
علل الأحاديث في كتاب صحيح مسلم للحافظ أبي الفضل بن عمار الشهيد
هو غير مرتب يذكر فيه علل أحاديث منتقدة على مسلم وأغلبها في العلل الخفية والإرسال والوصل والزيادة والنقص.
كتب مؤلفة في ابواب خاصة، تذكر العلل استطرادا
كتب الرجال
التاريخ ليحيى بن معين
العلل ومعرفة الرجال لأحمد
الكامل لابن عدي
التاريخ الكبير للبخاري
كتب السؤالات والمسائل
العلل فيها قليلة
سؤالات أبي داوود لأحمد
حمزة السهمي للدارقطني
البردعي لأبي زرعة
ابن الجنيد لابن معين
الحاكم للدارقطني
الآجري لأبي داوود
ابن أبي شبة لابن المديني
السلفي لخميس الحوزي
مسعود السجزي لأبي عبد الله الحاكم
الكتب الحديثية المسندة
أكثرها لا يخلو من تعليل خصوصا صحيح البخاري وسنن الترمذي وسنن النسائي.
كذلك الكتب المفردة في الأنواع الحديثية ككتب التدليس والادراج والإرسال
كتب الاستدراكات والنقد
بيان الوهم والإيهام لأبي الحسن القطان الفاسي.
هو كتاب عظيم النفع
الالزامات والتتبع للحافظ أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني.
هو مفرد في علل أحاديث الصحيحين
كتب التخريج
البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير لسراج الدين عمر بن علي بن الملقن
الإمام في معرفة أحاديث الأحكام لابن دقيق العيد
تنبيهات:
مفهوم العلة في أكثر هذه الكتب بما فيها علل الدارقطني وعلل ابن أبي حاتم والعلل لأحمد شامل للمعنى العام للكلمة فتشمل العلل الخفية والعلل الجلية.
هذه الكتب لا يغني بعضها عن بعض، فكم من حديث اختصر الكلام فيه ابن حاتم، استوفى الكلام فيه مثل الدارقطني أو الترمذي أو البخاري.
نعم تتمتاز علل الدارقطني عن غيرها بالتوسع في تتبع اختلاف الرواة واتفاقهم في رواية الحديث الواحد، ولهذا كان كتابه أجمع كتب الفن وأوسعها ومع ذلك فهي لا تغني عن غيرها
أسباب العلة
#
ما هي أسباب وهم وخطأ الثقة في حديثه؟
يمكن جمع هذه العلل بالاستقراء
السبب 1: من طبيعة الإنسان مهما بلغ في الحفظ والتثبت والإتقان أن يسهى أو ينسى أو يشتبه عليه إسناد بآخر، خاصة إذا كان من المكثرين.
قال ابن معين: من لا يخطئ في الحديث فهو كذاب
السبب 2: تشابه الرواة في الأسامي والكنى والألقاب والنسب، بل والتلامذة والشيوخ والطبقة أو تقاربهم في ذلك.
هذا يسبب وهم الراوي في الأسامي فيقلب اسما باسم أو يصحفه أو يشتبه عليه راو بآخر.
وأشده إذا اشتبه عليه ضعيف بثقة.
أولى الأشياء بالضبط أسماء الناس، لأنه شيء لا يدخله القياس ولا قبله شيء ولا بعده شيء يدل عليه.
وقع لجبل الحفظ البخاري : فعلق البخاري عن الماجشون عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا : فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش .
حكم أبو مسعود الدمشقي وتبعه جماعة من المحدثين على البخاري بالوهم في قوله عن أبي سلمة ، إنما روى الماجشون هذا عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج لا عن أبي سلمة (1)
السبب في هذا الوهم أن عبد الله بن الفضل يروي عن كل من أبي سلمة والأعرج وهما متقاربان في الطبقة.
لأهمية هذا المبحث أفرد المحدثون هذا النوع من الاشتباه ببحث خاص فألفوا فيه كتبا كثيرة، وهي معروفة عندهم بكتب المؤتلف والمختلف، والمتفق والمفترق والمتشابه في الرسم والمتشابه المقلوب.
ونذكر أمثلة لهذه الأنواع مما ذكره ابن الصلاح في مقدمته
المتفق والمفترق
وهو أنواع كما ذكر ابن الصلاح
منه ما اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم مثل "الخليل بن أحمد"، ستة كلهم بهذا الاسم
منه ما اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم "أحمد بن جعفر بن حمدان" أربعة كلهم بهذا الاسم يوروو جميعا عمن يسمى عبد الله.
منه من اتفقت كناهم ونسبهم كأبي عمران الجوني
من اتفقت كناهم وأسماء آبائهم
من اتفقت أسماؤهم وكنى آبائهم
المؤتلف والمختلف: اتفاق الأسماء خطا واختلافها نطقا
المتشابه: موسى بن عَلي وموسى بن عُلي، مطرف بن واصل ومصرف بن واصل
المتشابه المقلوب: يزيد بن الأسود الصحابي والأسود بن يزيد التابعي
يشتد الاشتباه إذا كان المتشابهان متفقي الطبقة ويروون عن نفس الشيوخ أو أكثرهم ويروي عنهم نفس التلاميذ.
السبب 3: كثرة الأسانيد وتشابهها بحيث يتعذر ضبطها ضبطا متقنا خاليا من الغلط والوهم، فيدخل على الراوي إسناد في آخر أو يقلب هذا الإسناد لذاك المتن أو العكس
لهذا السبب جرت عادة المحدثين بامتحان الراواة بقلب الأسانيد وتغييرها وتلقينهم الخطأ، فمن فطن للقلب دل على حفظه والعكس بالعكس.
السبب 4: عدم ضبط الراوي لبعض مروياته ضبطا متقنا لعارض من العوارض أو لسبب من الأسباب منها
تغير في الحفظ في بعض المواطن دون بعض
وقد وقع هذا لجماعة : منهم معمر بن راشد حديثه بالبصرة فيه اضطراب كثير وحديثه باليمن جيد ومنهم إسماعيل بن عياش حديثه عن الشاميين جيد، وعن غيرهم ضعيف، ومنهم زهير بن محمد الخراساني، حديث الشاميين عنه ضعيف ، ومنهم جعفر بن برقان، حديثه عن الزهري ضعيف، وغيرهم .
والحامل لهم على ذلك أشياء : منها أن يحدث في غير بلده من حفظه أو يحدث في موطن ما بعد تغير حفظه لكبر أو آفة أو غيرها، أو لأن الآخذين عنه في ذلك الموطن لم تطل مجالستهم له أو لتساهلهم في السماع أو تساهله هو في التحديث بذلك الموطن وغير ذلك .
ذهاب بصره
صغر سنه
لأن الصغر مظنة عدم الضبط عموما بخلاف الكبر ، فهو وقت كمال النضج وتمام قوة العقل، وكان المحدثون يتساهلون في إحضار الصبيان مجالس السماع .
قال ابن المديني عن أبي بكر بن أبي الأسود سماعه من أبي عوانة ضعيف لأنه كان صغيرا.
قلت : وهذا ليس على إطلاقه عندهم ، فقد قدم أحمد ابن عيينة على أصحاب عمرو بن دينار. فقيل له : كان صغيرا. قال : وإن كان صغيرا، فقد يكون صغيرا كيسا .
وسئل أحمد عن إسحاق بن راهويه ، قال : لا أعلم إلا خيرا . قلت : إنهم يذكرون أنه كان صغيرا ، قال : قد يكون صغيرا يضبط.
كبر وشيخوخة
يتغير حفظه مع الكبر
الكبر مظنة تفرق الذهن وحدوث اختلاط الحفظ
عدم ممارسته لحديثه وتثبته فيه
كان من عادة كثير من المحدثين تكرار سماع الحديث من الشيخ طلبا لمزيد التثبت فيه. وتكرار السماع للحديث له فائدتان
النظر في حفظ المسموع منه ومدى تثبته في حديثه كما كان شعب يفعل
ضبط حفظ المسموع على الوجه المرضي
المحدثون النقاد يرجحون بكثرة سماع الحديث الواحد من الشيخ.
وقال الحافظ في الفتح: وقد ذكر مسلم من طريق بهز هيب أنه سمع هذا الحديث مرتين من عمرو بن يحيى إملاء، فتأكد ترجيح روايته .
انشغاله بما يشغله عن الحفظ والضبط كالعبادة والتجارة والقضاء والفقه والرأي
قال أبو عبد الله بن منده: إذا رأيت في حديث "حدثنا فلان الزاهد" فاغسل يدك منه.
والحفاظ من العاد قليل فليتوقف فيه حتى يتبين أمره.
قاعدة : الفقهاء المعتنون بالرأي حتى يغلب عليهم الاشتغال به لا يكادون يحفظون الحديث كما ينبغي ولا يقيمون أسانيده ولا ،متونه ويخطئون في حفظ الأسانيد كثيرا، ويروون المتون بالمعنى ويخالفون الحفاظ في ألفاظه وربما يأتون بألفاظ تشبه ألفاظ الفقهاء المتداولة بينهم .
ممن شغله القضاء عن إحكام الحديث شريك القاضي وحفص بن غياث
قال صالح جزرة عن شريك : صدوق ولما ولي القضاء اضطرب حفظه ، وقال العجلي عنه : من سمع منه قديما فحديثه صحيح، ومن سمع منه بعد ما ولي القضاء ففي سماعه بعض الاختلاط، وقال أبو زرعة عن حفص بن غياث ساء حفظه بعدما استقضى
الانشغال بحفظ المتون على حساب الأسانيد كما يفعله كثير من الفقهاء أو العكس.
الغالب أن الفقيه إذا روى من حفظه روى الحديث بالمعنى فلا ينبغي الاحتجاج بما يرويه من المتون إلا بما يوافق الثقات في المتون أو يحدث به من كتاب موثوق به، والأغلب أن الفقيه يروي الحديث بما يفهمه من المعنى، وأفهام الناس تختلف، ولهذا نرى كثيرا من الفقهاء يتأولون الأحاديث الصحيحة بتأويلات مستبعدة جدا، بحيث يجزم العارف المنصف بأن ذلك المعنى الذي تأوله به غير مراد بالكلية، فقد يروي الحديث على هذا المعنى الذي فهمه، وقد سبق أن . :
يدفعه الهوى إلى الوهم
لهذا منع الجمهور قبول رواية المبتدع الداعية، ومنع ابن حجر وغبره قبول رواية المبتدع غير الداعية إذا روى ما يقوي بدعته.
السبب 5: أن تكون الآفة من غيره ولا يتنبه هو لذلك فيروي الحديث على التوهم وهو لا يشعر
هو أنواع (ص164)
من دس في حديثه ما ليس منه وهو لا يشعر
وقد ابتلي حماعى من الثقات وغيرهم بأقوام مرضى القلوب، دسوا في حديثهم ما ليس منه، كحماد بن سلمة ابتلي بربيبه ، وسفيان بن وكيع ابتلي بوراقه، ومعمر بن راشد ابتلي بابن أخت له رافضي ، وعقبة بن علقمة ابتلي بابنه ومحمد بن أيوب، ابتلي بابنه وكذا قيس بن الربيع ابتلي بابنه
من سمع مع ضعيف فأفسد عليه حديثه وهو لا يشعر
ابتلي جماعة من الثقات بخالد بن نجيح، فكان يدخل عليهم الأحاديث وهم لا يشعرون، وكان يفتعل الأحاديث ويدخلها في كتب الناس.
وممن ابتلي به قتيبة بن سعيد الحافظ الثقة شيخ البخاري ومسلم وأبي داود الترمذي والنسائي.
من ابتلي بمن يقرأ على الشيخ قراءة محرفة
مثلا ابتلي جماعة من رواة الموطأ بعرض حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك.
فكل من سمع بعرضه فسماعه ليس بشيء، لأنه كان إذا قرأ أخذ الجزء بيده، ولم يعطهم النسخ، ثم يقرأ البعض ويترك البعض، ويقول: قد قرأت كله، ثم يعطيهم فينسخوها ، فسماع ابن بكير وقتيبة من مالك كان بعرض من حبيب
من يملي إملاء سيئا
منهم إبراهيم بن بشار الرمادي كان يملي على الناس ما يحدث بهسفيان بن عيينة بزيادة ويغير.
أن يكلف المحدث غيره بالكتابة، فيخطأ الكاتب في النقل فيقع الوهم في كتابه وهو لا يشعر
#
من لُقن الخطأ وهو لا يشعر
ويشتد الأمر إذا كان الملقِّن ثقة معتمدا عند الملَقَّن، كما ذكر أبو حاتم أن شعبة لقن أبا عوانة الخطأ لوثوقه به
التلقين لا يكون بإدخال شيء في كتب الراوي، لأن الإدخال في الكتاب يسمى "الدس في الكتب"
التلقين هو إيهام المحدث الملَقَّن أن الحديث المعين من روايته وليس كذلك، فإن قبل وتابع دل على ضعفه وإلا فلا.
هو أن يروي المحدث شيئا لشيخ يوهمه أنه من روايته وليس كذلك.
السبب 6: سلوك الجادة لأنها أقرب إلى الألسنة
قال ابن رجب في شرح العلل: "فإن كان المنفرد عن الحفاظ مع سوء. حفظه قد سلك الطريق المشهور، والحفاظ يخالفونه، فإنه لا يكاد يرتاب في وهمه وخطأه، لأن الطريق المشهور تسبق إليه الألسنة والأوهام كثيرا، فيسلكه من لا يحفظ."
أما الطريق الذي في إسناده ما يستغرب فلا يحفظه إلا حافظ.
العدول عن الجادة دليل على مزيد حفظ.
فقول الذي يسلك غير الجادة إذا كان ضابطا يكون أرجح
أبو حاتم كثيرا ما يعلل الأحاديث بمثل هذا وكذلك غيره من الأئمة.
قلت : ومن الأسانيد التي تسبق إليها الألسنة : مالك عن نافع عن ابن عمر، وهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وسعيد المقبرى عن أبيه عن أبي هريرة، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة، والزهري عن سالم عن أبيه ، وحماد بن زيد عن ثابت عن أنس وغيرها .
السبب 7: كون الراوي يعتمد على ضبط الكتاب، فيحدث أحيانا من حفظه فيهم وهو لا يشعر
قال ابن رجب في شرح العلل (۳۲۳) : ومن هذا النوع أيضا قوم ثقات، لهم كتاب صحيح وفي حفظهم بعض شيء، فكانوا يحدثون من حفظهم أحيانا فيغلطون ويحدثون أحيانا من كتبهم فيضبطون .
لهذا السبب استحسن المحدثون ألا يروي المحدث إلا من كتابه لأنه أبعد عن الوهم والغلط
وقال الذهبي في السير (۳۸۳/۹) : فالورع أن المحدث لا يحدث إلا من كتاب، كما كان يفعل ويوصي به إمام المحدثين أحمد بن حنبل .
قال البخاري: "وهذا أصح لأن الكتاب أثبت عند أهل العلم"
وقال الرامهرمزي في المحدث الفاصل :(٣٨٦) : وإنما كره الكتاب من كره من الصدر الأول، لقرب العهد، وتقارب ،الإسناد ولئلا يعتمده الكاتب فيهمله أو يرغب عن تحفظه والعمل به فأما والوقت متباعد والإسناد غير متقارب والطرق مختلفة، والنقلة متشابهون، وآفة النسيان معترضة والوهم غير مأمون، فإن تقييد العلم بالكتاب أولى
أسباب تحديث الراوي من حفظه دون الرجوع إلى كتبه
بعض الرواة كانوا لا يصحبون كتبهم معهم في الرحلة فيحدثون من حفظهم فيقعون في الوهم
ضياع كتبه واحتراقها كما وقع لابن لهيعة وإسماعيل بن عياش
شدة وثوقه بحفظه فيعتمد عليه فيخونه (والحفظ خوان، كما قال أحمد)
السبب 8: كون الراوي يتكل على حفظه لشدة وثوقه به فيحدث من حفظه فيهم، لأنه أمر لا ينفط عنه من يعتمد عىل ضبط الصدر
يشتد الأمر إذا كان الراوي يتكلف الحفظ وليس له سجية راسخة.
السبب 9: كون الثقة قليل المعاهدة لمروياته، فيطول عهده بالكتاب فيقع في الوهم وهو لا يشعر
قد يتحمل الثقة حديثا، ويحفظه، وتمر عليه السنوات الطوال ، ثم يحدث به، فيخشى إن لم يتداركه بالمراجعة أن ينساه أو ينسى شيئا منه .
لهذا أوصوا بمذاكرة المحفوظات.
قال ابن مسعود: "تذاكروا الحديث فإن حياته المذاكرة"
لكن رغم ما للمذاكرة من أهمية في تثبيت الحفظ إلا أنه يعتريها خلل آخر
#
السبب 10: أن يذاكر الثقة بالحديث فيطن أنه سمعه فيحدث به واهما
المذاكرة عموما يقع فيها التساهل والتجوز، لهذا أدرج ابن الصلاح السماع في المذاكرة على نوع من الوهن.
قال ابن مهدي: حرام عليكن أن تأخذوا عني في المذاكرة حديثا، لأني إذا ذاكرت تساهلت في الحديث
قال ابن المبارك وأبو زرعة: لا تحملوا عني في المذاكرة شيئا
وقال الذهبي في الموقظة: إذا قال "حدثنا فلان مذاكرة، دل على وهن ما، إذ المذاكرة يتسمح فيها"
قال السخاوي في فتح المغيث (٢٦۸/۲) : ولذا منع ابن مهدي وابن المبارك وأبو زرعة الرازي وغيرهم من التحمل عنهم فيها ، وامتنع أحمد وغيره من الأئمة من رواية ما يحفظونه إلا من كتبهم .
ولهذا أعل المحدثون أحاديث بكونها أخذت حال المذاكرة، فهذا ابن معين أنكر على علي بن عاصم حديثا، وقال ليس هو من حديثك، إنما ذوكرت به فوقع في قلبك، فظننت أنك سمعته ولم تسمعه
وقال البخاري كنا نرى أن أبا كريب أخذ هذا الحديث عن أبي أسامة في المذاكرة.
وقال ابن رجب معلقا على كلام البخاري هذا فهو تعليل للحديث، فإن أبا أسامة لم يرو هذا الحديث عنه أحد من الثقات غير أبي كريب والمذاكرة يحصل فيها تسامح بخلاف حال السماع والإملاء
السبب 11: أن ينظر الراوي في كتاب غيره، فيعلق منه في ذهنه شيء، فيحدث به واهما، أو يدخل عليه حديث من حديثه في حديث مما نظر فيه ولم يسمعه
لعل لهذا السبب قال وكيع: نهيت أبا أسام أن يستعير كتب الناس
ولهذا الاعتبار، والله أعلم، قال عبد الله بن محمد بن سيار وبندار وأبو موس ثقتان، وأبو موسى أصح لأنه كان لا يقرأ إلا من كتابه، وبندار يقرأ من كل كتاب.
علق الخطيب على هذا قائلا بندار وإن كان يقرأ من كل كتاب كان يحفظ حديثه
قلت : وظهر بهذا أن النهي عن القراءة من كتب الناس خاص بمن لا يحفظ حديثه ، ونظير هذا قول عبد الواحد الحداد كان شعبة لا يحدث من حديثه إلا بما يحفظ، وإن كان مكتوبا في كتابه، قال : وكان يبعثني إلى أبي عوانة فآتيه بكتاب الشيوخ فينظر فيه ، فقلت يا أبا بسطام أنت لا تحدث من حديثك إلا بما حفظت وتنظر في كتاب أبي عوانة فقال لي : إذا نظرت إليه عاد إلي حفظي كأني سمعته من المحدث.
ومع ذلك لا يؤمن الزلل على فاعل ذلك وإن كان حافظا لحديثه، ولعل شعبة إنما ترخص في ذلك في كتاب أبي عوانة وحده، لأنه كان في غاية التحرير والإتقان.
فقد يكون في كتاب غيرك خطأ، وقد يشتبه حديثك بحديثه لقرب المخرج أو لتشابه الأسماء، فيعلق في الذهن من ذلك الكتاب أشياء، والحفظ خوان وصدق الإمام أحمد: كم يكون حفظ الرجل .
كيفية معرفة العلة
٦ - النظر في سن الراوي وإمكان المعاصرة واللقي بينه وبين شيخه، ومواطن سماعه لمروياته، ووقت دخوله للبلدان للسماع.
فيتبين به الاتصال والانقطاع والإرسال والتدليس والإرسال الخفي، فقد يكون الراوي عاصر المروي عنه، لكن لم يثبت لقاؤهما .
وأدق من هذا النوع أن يكون الراوي جالس المروي عنه، لكنه لم يأخذ عنه شيئا، ولذا تكلموا في كثير من الرواة الذين ثبت لقيهم لشيوخهم، ومع ذلك عللوها بعدم السماع .
فرواياتهم عنهم مرسلة وإن ثبتت لهم الروؤية
وأدق من هذا أن يكون الراوي جالس المروي عنه لكن لم يأخذ عنه إلا يسيرا كرواية سعيد بن المسيب عن عمر.
#
وأدق من هذا بكثير جدا، أن يكون الراوي جالس المروي عنه وأخذ عنه كثيرا، لكن لم يثبت له سماع أحاديث معينة
#
قال ابن معين عن حديث يونس بن عبيد عن نافع (مطل الغني ظلم) : وقد سمعته من هشيم ولم يسمعه يونس من نافع . قلت ليحيى لم يسمع يونس من نافع شيئا؟ قال بلى ولكن هذا خاصة لم يسمعه يونس من نافع
وهذا النوع لا يهتدي إلى معرفته إلا كبار الحفاظ لأن المحدث إذا تأمل روايته حكم بصحتها واتصالها لأن الراوي ثقة وشيخه كذلك، وهو معروف بالرواية عنه، وقد جالسه وأكثر عنه، ففي مثل هذا الحال لا يكاد يتوقف محدث في تصحيح مثل هذا السند، والأمر ليس كذلك عند أرباب العلل .
4 - النظر في مدة طول ملازمة الراوي لشيخه وتثبته وضبطه لروايته وهل هو بلديه أم لا؟ وهل لازمه حضرا وسفرا أم صحبه في الأسفار فقط؟
#
فكثرة المجالسة دليل على مزيد تثبت الراوي في حديث شيخه، وقلة مجالسته دليل على العكس.
إذن فطول الصحبة للشيخ يمكن الراوي من سبر حديثه ومعرفته على الوج المرضي، وكلما كان الراوي خصيصا بشيخه كان أضبط الحديثه من غيره، ولهذا نقرأ.
لهذا كانوا يفضلون رواية الرجل إذا كان من آل بيت شيخه على غيره.
ومن المهم في هذا الباب كذلك معرفة ما فات الراوي سماعه من الكتاب أو الجزء . وقد تكلم أئمة الحديث كثيرا في عدد من الرواة بسبب روايتهم لكتب لم يصح لهم سماع جميع أحاديثها، فتقرأ في كتب التراجم والتواريخ : سمع . كتاب كذا مع فوات في كذا وكذا، أو روى صحيح البخاري عن فلان على فوات في آخره، ونحو ذلك
من ذل قولك البيهقي: سمع هذا المجلد طائفة كان النوم يعتريهم حالة السماع أحيانا منهم.
وقال: وحضر مجلس السماع طائفة كانوا ينسخون في مجالس السماع وينامون ويتحدثون ولم فوات أيضا، منهم...(فذكرهم)
ووقع لإبراهيم بن سفيان فوت في الصحيح لم يسمعه من مسلم، مما تحمله بالإجازة أو الوجادة، كما نبه عليه ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم (١١٤) .
1 - جمع الطرق وتتبع الروايات والأسانيد والنظر في اختلاف الرواة زيادة ونقصا، تقديما وتأخيرا رفعا ووقفا وصلا وإرسالا فصلا وإدراجا، فيتبين الاتصال والانقطاع والرفع والوقف والوصل والإرسال والإدراج والاضطراب والشذوذ والتفرد والتصحيف والانقلاب والتقديم والتأخير ...
قال ابن المديني: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه.
قال ابن المبارك: إذا أردت أن يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض.
قال ابن حجر: "...مدار التعليل في الحقيقة على بيان الاختلاف."
2 - معرفة مراتب الرواة وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف في الاسناد أو في الوصل والإرسال أو في الوقف والرفع
قلت : و أهمية معرفة طبقات الرواة تتجلى عند التعارض، فينظر في أصحاب الراوي والآخذين عنه، ودرجاتهم عنه، ودرجاتهم في الحفظ، والمقدم منهم عند الاختلاف والاضطراب، والمشتهر منهم بكثرة ملازمة شيخه ومعرفته الحديثه وتثبته فيه .
٣- التأمل في كيفية تحمل الراوي للحديث من شيخه، وهل هو سماع أو عرض أو إجازة أو مكاتبة أو وجادة أو غير ذلك، وهل كان الراوي يقظا متثبتا حال السماع أم دخل شيء من التساهل في تحمله عن شيخه وهل كان شيخه حال العرض واعيا ضابطا لما يعرض عليه أم لا، وغير ذلك من الأمور التي تعين على كشف ما يعتري الراوي أثناء التحمل من سهو وغلط .
ذكر صالح بن أحمد في العلل عن علي بن المديني قال : سألت يحيى القطان عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني فقال ضعيف فقلت : إنه يقول أخبرنا ، قال : لا شيء إنما هو كتاب دفعه إليه. اهـ. وكان ابن جريج يستجيز إطلاق أخبرنا في المناولة والمكاتبة.
5 - النظر في حال الراوي نفسه وضبطه وإتقانه وكثرة الوهم وقلته في مروياته واتساع نطاق مروياته وقصرها، وتغير حفظه إما في مكان ما أو في حالة معينة أو في آخر
عمره، وهكذا.
وهذا يذكر في باب أسباب العلة من جهة عدم ضبط الراوي لبعض مروياته لعارض من العوارض.
معرفة أسامي الرواة وكناهم وألقابهم ونسبهم ، واتفاقها وافتراقها، وائتلافها واختلافها، ومعرفة طبقاتهم وتلامذهم وشيوخهم ووفياتهم.
وهذا يساعد على معرفة اشتباه الرواة وتصحيفات الأسانيد، وانقلاب الأسامي وغيرها، وكذا معرفة الإرسال الخفي .
معرفة أصول الكتب ودرجتها في الضبط والاتقان، وهل هي أصول مقابلة محررة أم لا
وبالتأمل في تصرفات المحدثين يلاحظ أنهم يعلون كثيرا بكون هذا الحديث ليس في أصل فلان أو نظرنا في كتابه فلم نر هذه اللفظة فيه أو لم يكن لفلان أصل صحيح وغيرها .
معرفة الأسانيد المطروقة التي تسبق إليها الألسنة
فتراهم يعلون بأن فلانا سلك الجادة أو لزم الطريق.
فهي علامة من قل حفظه ومن لا يضبط
معرفة مخارج كل حديث ومن عرف بروايته
لذا تراهم يعلون بأن الحديث ليس من حديث فلان.
قال ابن رجب في شرح النووية (٤٥١/٢) : وقد استنكر الإمام أحمد روايات معقل عن أبي الزبير، وقال : هي تشبه أحاديث ابن لهيعة، وقد تتبع ذلك فوجد كما قاله أحمد رحمه الله.
وقال ابن معين عن يحيى بن يمان لا يشبه حديثه عن الثوري أحاديث غيره عن الثوري
١١- ومن أهم ما يستعان به على معرفة علل الحديث كثرة الاشتغال بالحديث ومداومة النظر ومجالسة حفاظ الوقت والمطالعة الدائمة لكتب أئمة العلل، حتى يختلط الحديث بلحمه ودمه، فتصبح له هيأة نفسانية راسخة، وملكة حديثية متميزة، يستطيع بها معرفة الحديث الصحيح من السقيم .
أجناس العلة 2
الجنس 17: أن يروي الثقة حديثا بسند ظاهره الصحة، ثم يتبين بجمع الطرق أنه لم يضبط سنده أو متنه كما ينبغي، فرواه بألفاظ أخر متعارضة متدافعة
والحديث المضطرب عندهم هو الحديث الذي وقع فيه اختلاف وتدافع في سنده أو متنه يتعذر معه الترجيح.
و شرط الاضطراب أمران :
۱ اختلاف الوجوه وتدافعها اختلافا يتعذر معه الترجيح.
۲ اتحاد مخرج الحديث .
الحديث المضطرب من قسم المعلل، لأن شروط العلة توفرت فيه :
وكون الضعف يعتريه من غير جهة ضعف الرواة وضبطهم .
وكونها وهم ثقة .
أي كونها خفية لا تظهر إلا بجمع الطرق .
ولا يلزم من مجرد الاختلاف اضطراب يوجب الضعف .
والاضطراب يقع في المتن والسند واضطراب المتن قليل .
ومن الاختلاف ما يسهل الجمع بين أوجهه، ومنه ما يكون راجح الاحتمال، ومنه ما يكون الجمع فيه ظاهر التكلف.
والذي يهمنا من هذا الجنس هو
الاضطراب
الذي يتعذر الجمع بين وجوهه أو يكون الجمع فيها ظاهر التكلف أو مرجوحا .
الأقسام ثلاثة
ما اختلف في متنه اختلافا يوجب التوقف فيه وتعذر الجمع بين رواياته جمعا سالما من التكلف
ما اختلف في سنده اختلافا يوجب التوقف فيه
قال الحافظ في التلخيص (۲۱٦/٢) : لكن هذا التلون في الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن راويه وينبئ بقلة ضبطه، إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث، فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه، وليس الأمر هنا كذلك، بل اختلف فيه أيضا على الراوي عن عبد الله بن بسر أيضا.
ما اختلف في سنده أو متنه وأمكن الجمع بين رواياته
الاختلاف عند النقاد لا يضر، إلا إذا قامت القرائن على ترجيح إحدى الروايات أو أمكن الجمع على قواعدهم
مضطرب المتن وأمكن الجمع بين رواياته
جنح كثير من الحفاظ إلى حمل أحاديث وقع فيها اختلاف في ألفاظ متونها على تعدد الواقعة أو القصة. وهذه طريقة من لا تحقيق له
ما اضطرب في سنده وأمكن الجمع بين رواياته
كأن يرد الحديث من وجه مسمى ومن وجه آخر مبهما، كقوله "عن رجل".
فالجمع بينهما سهل وهو أن يحمل المبهم على المسمى.
أن يرويه الثقة عن جماعة بأسانيد مختلفة، فيحمل على أنه سمعه منهم جميعا.
وروى شعيب وغيره عن الزهري أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمان بن عوف أنه سمع حسان في قول الرسول صلى الله عليه وسلم له : اللهم أيده بروح القدس. رواه البخاري. (٤٥٣)
ورواه ابن عيينة وغيره عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن حسان به.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٥٤٨/١) : وهذا من الاختلاف الذي لا يضر ، لأن الزهري من أصحاب الحديث، فالراجح أنه عنده عنهما معا فكان يحدث به تارة عن هذا، وتارة عن هذا، وهذا من جنس الأحاديث التي يتعقبها الدارقطني على ا لكنه لم يذكره فليستدرك عليه .
لكن حمل الروايتين المختلفتين على الوجهين لا يطرد دائما لما تقدم.
مثال للترجيح مع إمكان الجمع
الجنس 10: أن يروي الراوي الثقة حديثا فيشذ بزيادة في سنده أو متنه مخالفا للأوثق
الحديث الشاذ عند المتقدمين وكثير من الحفاظ من المتأخرين أنواع كثيرة ، وخصه كثير من المحدثين المتأخرين بنوع واحد وهو ما خالف فيه المقبول الأوثق .
روى عبد الله بن عون الخراز حدثنا مالك عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي ﷺ: طان يرفع ييديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود
وهو شاذ فقد رواه عن مالك أزيد من 10 من الأئمة عن مالك ولم يذكروا هذه اللفظ "ثم لا يعود".
قال ابن القيم: "...ثقة الراوي شرط في صحة الحديث لا موجبة بلا بد من انتفاء العلة والشذوذ"
الجنس 14: أن يختصر الثقة الحديث اختصارا مخلا فيرويه مختصرا فيتوهم من وقف عليه صحته لثقة نقلته واتصاله.
هذا النوع من أدق أنواع العلل ولا يتفطن له إلا الحذاق المبرزون
قال ابن أبي حاتم في العلل :(٤٧/١) : سمعت أبي وذكر حديث شعبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاوضوء إلا من صوت أوريح
قال أبي : هذا وهم، اختصر شعبة متن هذا الحديث فقال : لا ضوء إلا من صوت أو ريح.
ورواه أصحاب سهيل عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحا من نفسه فلا يخرجن حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
كان بعض الحفاظ يختصر الحديث فيحذف منه لفظة متكلما فيها أو لا تصح، فيختصره لهذا السبب.
الجنس 8: أن يقصر الراوي بالسند، فيسقط راويا فيصحح المحدث السند الناقص لسلامته ظاهرا واهما، وخصوصا إذا كان الشيخ مكثرا عن شيخ شيخه.
حقيقته أن يروي الراوي الحديث بسند ظاهره الاتصال، ثم يتبين بجمع الطرق أنه وهم في إسقاط رجل، خاصة إذا كان ضعيفا.
هو أنواع
أن يرد من وجه آخر بلفظ أُخبرتُ أو حُدِّثتُ
وأشده غموضا أن يتصحف "حُدِّثْتُ عن فلان" إلى "حدثنا فلان" فيشتد الالتباس
أخرج الشيخان من طريق ابن جريج عن الزهري عن سليمان بن يسار عن ابن عباس عن الفضل في قصة الخثعمية .
وظاهر سنده السلامة .
لكن قال الدارقطني : وقال حجاج في هذا الحديث عن ابن جريج حدثت عن الزهري .
وسلم الحافظ في الهدي ) رقم (٢٥) بعلته ، لكن قال إن الشيخين لم يعتمدا طريق ابن جريج وحده، لأنهما خرجاه من حديث مالك وغيره عن الزهري
أن يرد من وجه آخر بلفظ "عن رجل" مبهما
أن يرد من وجه آخر بلفظ عن فلان، فيسميه
كان من عادة بعض الأئمة إسقاط بعض الرواة أو إبهام أسماهم بغير قصد التدليس.
من أشهرهم إكثارا من ذلك: الإمام مالك.
وكذلك سفيان الثوري ووكيع.
وقال الحافظ ابن رجب في شرح العلل :(١٧٦) : إن الحافظ إذا روى عن ثقة لا يكاد يترك اسمه، بل يسميه ، فإذا ترك اسم الراوي دل إبهامه على أنه غير مرضي، وقد كان يقول ذلك الثوري وغيره كثيرا، يكنون عن الضعيف ولا يسمونه، بل يقولون عن رجل، وهذا معنى قول القطان : لو كان فيه إسناد لصاح به، يعني لو كان أخذه عن ثقة لسماه وأعلن باسمه .
و خرج البيهقي من طريق أبي قدامة السرخسي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول : مرسل الزهري شر من مرسل، غيره لأنه حافظ، وكل ما يقدر أن يسمي سمى، وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه . . اهـ .
كنى البخاري عن ابن سمعان الكذاب فقال متابعة: قال ابن فلان
وترك مالك تسمية عكرمة البربري لحال الخروج، كما في تهذيب التهذيب.
وترك الثوري تسمية ابن أبي يحيى لضعفه . الكامل(٢٢٥/١).
وأبهم وكيع اسم جويبر المتروك. الكامل (١٢١/٢).
قلت : إبهام الحفاظ للرواة له أسباب : إما لكونه لا يرتضيه أو لصغر سنه أو لحسد بينهما أو غير ذلك
الجنس 12: أن ينقلب على الثة سند أو متن حديث فيرويه واهما، فيغتر من وقف على ظاهره صحته وليس كذلك
قال الحافظ في النكت (٣٧٥) : كل مقلوب لا يخرج عن كونه معللا أو شاذا، لأنه إنما يظهر أمره بجمع الطرق واعتبار بعضها ببعض. ومعرفة من يوافق ممن يخالف فصار المقلوب أخص من المعلل والشاذ.
هو قسمان
إما مقلوب متنا
مقلوب سندا
انقلاب اسم راو بآخر من نفس السند
انقلاب اسم راو بأن يقلب اسمه مع اسم أبيه
انقلاب سند بكامله لمتن آخر
ومنه ما روى يحيى عن مالك في الموطأ (١٠٥٩) عن ابن شهاب عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أكل كل ذي ناب من السباع حرام .
قال ابن عبد البر في التمهيد (٦/١١) : هكذا قال يحيى في هذا الحديث بهذا الإسناد : أكل كل ذي ناب من السباع حرام، ولم يتابعه على هذا أحد من رواة الموطأ في هذا الإسناد خاصة، وإنما لفظ حديث مالك عن ابن شهاب عن أبي إدريس عن أبي ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع ، وأما اللفظ الذي جاء به يحيى في هذا الإسناد فإنما هو لفظ حديث مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن أبي سفيان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
الجنس السابع: أن يزيد أحد الثقات في السند راويا فأكثر وهما
ذكر الحافظ العلائي كلاما حاصله أن هذه الزيادة 4 أقسام
ما يترجح فيه النقصان، أي أن الزيادة وهم
ما يترجح فيه الزيادة وأنه بدونها مرسل
وذكر العلائي أمثلة أخرى (۱۲۹ ۱۳۰ ۱۳۱) وقال : وحاصل الأمر أن الراوي متی قال عن فلان، ثم أدخل بينه وبينه في ذلك الخبر واسطة، فالظاهر أنه لو كان عنده عن الأعلى لم يدخل الواسطة إذ لا فائدة في ذلك، وتكون الرواية الأولى مرسلة، إذا لم يعرف الراوي بالتدليس وإلا فمدلسة وحكم المدلس حكم المرسل كما تقدم، وخصوصا إذا كان الراوي مكثرا عن الشيخ الذي روى عنه بالواسطة كهشام بن عروة عن أبيه، ومجاهد عن ابن عباس، وغير ذلك مما تقدم من الأمثلة.
فلو أن هذا الحديث عنده عنه لكان يساير ما روى عنه، فلما رواه بواسطة بينه وبين شيخه المكثر عنه علم أن هذا الحديث لم يسمعه منه، ولاسيما إذا كان ذلك الواسطة رجلا مبهما أو متكلما فيه.
لا حاجة إلى ذكر واسطة بين الراوي وشيخه المكثر عنه.
فلما ذكر فهذا دليل أن هذه الزيادة محفوظة إذ لا حاجة لها أصلا.
من أدق أنواع هذا القسم أن يسقط الثقةُ راويا وهما ثم يصرح بالسماع ممن فوقه
الحكم بالزيادة تارة يكون للاعتبار برواية الأكثر، وتارة للتصريح بالسماع من الأعلى وتارة لقرينة تنضم إلى ذلك إلى غيرها من الوجوه
يقع الحكم بالإرسال من أجل زيادة الواسطة مع التصريح ب"حدثنا" عند إسقاط هذه الواسطة في الطريق الآخر.
القول بأنه لا يلزم من إدخال الواسطة الإنقطاع مخالف لإجماع المحدثين قاطبة
ما يظهر بالوجهين، أي سمعه منهما
أخرجا الشيخان حديث الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس، يعني في قصة القبرين، وأن أحدهما كان لا يستبرئ من بوله .
وقد خالفه منصور فقال : عن مجاهد عن ابن عباس أخرجه البخاري.
فأعله الدارقطني . وقال الترمذي : وحديث الأعمش أصح.
وأجاب الحافظ عن ذلك في الهدي (رقم (۲) قلت : وهذا في التحقيق ليس بعلة، لأن مجاهدا لم يوصف بالتدليس وسماعه من ابن عباس صحيح في جملة من الأحاديث ومنصور عندهم أتقن من الأعمش، مع أن الأعمش أيضا من الحفاظ.
فالحديث كيفما دار دار على ثقة والإسناد كيفما دار كان متصلا، فمثل هذا لا يقدح في صحة الحديث إذا لم يكن راويه مدلسا .
ما يتوقف فيه لكونه محتملا للأمرين
الجنس 9: أن يتفرد الراوي بحديث أو لفظ في متن أو سند لم يتابع عليه، وليس له شاهد، أوجب ريبة في أمره.
الأصل أن حديث الثقة مقبول، وأن تفرد الثقة بسند أو متن لم يروه غيره يجب قبوله منه.
وإن روى شيئا خالف فيه غيره فلا يقبل، ويعد حينئذ شاذا .
لكن إذا قامت قرينة توجب التوقف في تفرده، ولو لم يخالف غيره من الثقات، لكان التوقف في خبره حينئذ راجحا من قبول تفرده، وخصوصا إذا كان غير مبرز في الحفظ والتثبت .
هذا الذي دل عليه كلام الأئمة الحفاظ المتقدمين.
وخالف فيه أكثر المتأخرين وجميع الفقهاء والأصوليين .
وقال في شرح العلل (۲۰۸) : وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث
إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه ان لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه . اهـ .
فتفرد الثقة عند البرديجي على نوعين :
١ - ما يتفرد به الثقة ولا متابع له ولا شاهد، فهذا منكر .
٢ ما تفرد به الثقة ومتنه معروف وليست فيه نكارة ولا علة فهذا ليس بمنكر .
وأراه يعني بالمعروف أن يكون معناه واردا في أحاديث أخرى.
أما إذا روى حديثا يتضمن حكما جديدا لا تفيده أحاديث أخرى فهذا يعد منكرا
أيضا .
النكارة عند يحيى القطان لا تزول إلا بمعرفة الحديث من وجه آخر، وكلام أحمد قريب منه.
قال ابن أبي حاتم في العلل: قيل لأبي: يصح حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في اليمين مع الشاهد؟ فوقف وقفة فقال : ترى الدراوردي ما يقول؟ يعني قوله : قلت لسهيل فلم يعرف.
قلت : فليس نسيان سهيل دافعا لما حكي عنه ربيعة وربيعة ثقة، والرجل يحدث بالحديث وينسى ، قال : أجل هكذا هو، ولكن لم نر أن يتبعه متابع على روايته، وقد روى عن سهيل جماعة كثيرة ليس عند أحد منهم هذا الحديث، قلت : إنه يقول بخبر واحد قال : أجل غير أني لا أدري لهذا الحديث أصلا عن أبي هريرة أعتبر به وهذا أصل من الأصول لم يتابع عليه ربيعة.
قلت : والحاصل أن أبا حاتم لم يرد الحديث من أجل نسيان سهيل له، لكن رده لتفرد ربيعة بهذا الأصل الكبير دون غيره. فهذه هي العلة التي من أجلها رد الحديث.
أي أن هذا أصل كبير تقوم عليه أحكام شرعية عدة، فكيف يقبل منه التفرد بمثل هذا الأصل.
بمعناه قول ابن رجب في الفتح (424/9) إن انفراد الواحد من بين الجماعة بشيء لا يمكن في مثله أن ينفرد بعلمه عنهم يتوقف في قوله حتى يتابعه عليه غيره، وهذا أصل لقول جهابذة الحفاظ: إن القول قول الجماعة دون المنفرد عنهم بزيادة ونحوها...
الجنس 11: أن يروى الحديث من طريق أو طرق محفوظة، فيشذ أحد الثقات بإسناد له يخالف فيه باقي الحفاظ
روى البخاري (٣٣٦٥) من طريق يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره وكان المشركون يفرقون رؤوسهم. الحديث.
قال ابن حجر في الفتح (٢٧٦/٧) : قوله عن عبيد الله بن عبد الله) هذا هو المحفوظ عن الزهري، ورواه مالك في الموطأ عن الزهري مرسلا لم يذكر من فوقه . وأغرب حماد بن خالد فرواه عن مالك عن الزهري عن أنس قال أحمد بن حنبل : أخطأ فيه حماد بن خالد، والمحفوظ عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس .
الجنس 13: أن يتصحف على الثقة راو بآخر، أو لفظ بآخر، فيرويه مصحفا على التوهم فيغتر بظاهر سنده الواقف عليه ولا تتميز علته إلا بجمع الطرق.
التصحيف نوعان
تصحيف متن
روى ابن ماجة (٣٥٣/١) حديث سليك الغطفاني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : أصليت ركعتين قبل أن تجيء.
فاستدل به المجد بن تيمية في المنتقى على سنة الجمعة القبلية .
قال الحافظ في التلخيص: تعقبه المزي بأن الصواب: "أصليت ركعتين قبل أن تجلس" فصحفه بعض الرواة
تصحيف سند
تصحيف اسم راو
تصحيف صيغة الرواية
روى البخاري (٤٦٦) ثنا محمد بن سنان ثنا فليح ثنا أبو النضر عن عبيد بن حنين عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله . الحديث .
وفيه وهم خفي جدا، لا يتميز إلا بجمع الطرق .
قال الحافظ في الفتح (٥٥٩/١) : فقد نقل ابن السكن عن الفربري عن البخاري أنه قال : هكذا حدث به محمد بن سنان، وهو خطأ، وإنما هو عن عبيد بن حنين وعن بسر بن سعيد يعني بواو العطف .
فعلى هذا يكون أبو النضر سمعه من شيخين حدثه كل منهما به عن أبي سعيد.
وقد خرجه مسلم على الصواب
روى صالح بن كيسان عن الزهري أخبرني عبد الرحمن بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا بلال قم فأذن في الناس : إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن .
قوله عبد الرحمن بن المسيب خطأ وتصحيف .
والصواب : عن الزهري أخبرني عبد الرحمن وابن المسيب.
وعبد الرحمن هو ابن عبد الله بن كعب بن مالك.
وابن المسيب هو سعيد .
الجنس 15: أن يروي الثقة الحديث بالمعنى فيخطئ في لفظه
#
الرواية بالمعنى جائزة عند جماهير المحدثين بشرط أن يكون الراوي عالما بما يحيل المعاني .
لكن بعض الثقات قد يروي الحديث بالمعنى فيخطأ، فيقبل منه الحديث لثقته وضبطه ، ولا يتفطن لوهمه إلا أهل الخبرة ، ولهذا المعنى وغيره منع من منع من منع من المحدثين الرواية بالمعنى مطلقا .
روى البخاري (٦٠٥) عن مالك بن الحويرث قال : أتينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شبيبة .. فذكر قول النبي ، وفي آخره ... وليؤمكم أكبر كم .
زاد مسلم (٦٧٤) : وكانا متقاربين في القراءة .
زاد أبو داود (٥٨٩) : وكنا يومئذ متقاربين في العلم .
فرواه حماد ابن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة ، عن مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يؤم القوم أكبرهم سنا.
ذكره أبو بكر الأثرم، وقال: غلط حماد في لفظه، وإنما رواه بالمعنى.
أي رواه بالمعنى فأخطأ.
وبيان ذلك أن الحديث في واقعة بعينها، استوى فيها الرجلان في القراءة .
وعمم حماد بن سلمة الحكم، فوهم.
قال الحافظ ابن حجر في النكت (٣٤٤):
ومن الأحاديث التي رواها بعض الرواة بالمعنى الذي وقع له، وحصل من ذلك الغلط لبعض الفقهاء بسببه : ما رواه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة (ض) قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج.
ورواه عنه سفيان بن عيينة وإسماعيل بن جعفر وروح بن القاسم وعبد العزيز الدراوردي وطائفة من أصحابه .
وهكذا رواه عنه شعبة في رواية حفاظ أصحابه وجمهورهم.
وانفرد وهب بن جرير عن شعبة بلفظ : لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب.
حتى زعم بعضهم أن هذه الرواية مفسرة للخداج الذي في الحديث وأنه عدم الإجزاء.
وهذا لا يتأتى له إلا لو كان مخرج الحديث مختلفا.
فأما والسند واحد متحد، فلا ريب في أنه حديث واحد اختلف لفظه فتكون رواية وهب بن جرير شاذة بالنسبة إلى ألفاظ بقية الرواة لاتفاقهم دونه على اللفظ الأول، لأنه يبعد كل البعد أن يكون أبو هريرة (ض) سمعه باللفظين ثم نقل عنه ذلك، فلم يذكره العلاء لأحد من رواته على كثرتهم إلا لشعبة ثم لم يذكره شعبة لأحد من رواته على كثرتهم إلا لوهب بن جرير .
الجنس 16: أن يشتبه اسم الراوي بغيره لاتفاقهم في الاسم أو تقاربهم في ذلك أو غير ذلك، فيظن من وقف عليه صحته وليس كذلك
اشتبه على ابن حبان أبو صالح مهران بأبي صالح باذام، وكلاهما يروي عن ابن عباس. الأول ثقة والثاني ضعيف.
تابع أسباب العلة
#
السبب 12: أن يكون الراوي يعتمد على ضبط الكتاب، فيحدث من كتابه فيهم وهو لا يشعر
يدخل الوهم على من يعتمد ضبط الكتاب من عدة جهات
الجهة الأولى: أمو تعتري طريقة الكتابة
سرعة الكتابة حال السماع
الكتابة بخط دقيق فلا ينتفع به من في نظره ضعف أو ربما ضعف نظر كاتبه بعد ذلك فلا ينتفع به
قلت : وممن أحوجه خطه الدقيق عند الاحتياج إليه : أبو بكر البرقاني، وذلك أنه كان يتوقف في أبي إسحاق المزكي النيسابوري، فلما أخبره الخطيب بثناء أهل بلده عليه اعتذر بقوله : قد أخرجت في الصحيح أحاديث كثيرة بنزول، وأعلم أنها عندي تعلو عن أبي إسحاق المزكي، إلا أني لا أقدر على إخراجها لكبر السن وضعف البصر وتعذر وقوفي على خطي لدقته.
عدم العجم والنقط لكتابه
كثرة العجم والنقط هو بيان لصحة الكتاب
الجهة الثانية: عدم مقابلة كتابه بالأصل لينظر ما قد يكون سقط له أو سها في نقله
وقال الحافظ العراقي في شرح ألفيته: على الطالب مقابلة كتابه بكتاب شيخه الذي يرويه عنه سماعا أو إجازة، أو بأصل أصل شيخه المقابل به أصل شيخه، أو بفرع مقابل بأصل السماع المقابلة المشروطة، وقال القاضي عياض: مقابلة النسخة بأصل السماع متعينة لا بد منها، وقد قال عروة لابنه هشام عرضت كتابك؟ قال لا، قال: لم تكتب.
قلت : وتساهل أقوام فجوزوا الرواية من النسخ غير المقابلة، وهو مذهب ضعيف، وقد أدرج الحاكم في المجروحين مَن تساهل في الرواية من نسخ مشتراة أو مستعارة غير مقابلة، كما في مقدمة ابن الصلاح.
وقال القاضي عياض: لا يحل للمسلم التقي الرواية، ما لم يقابل فإن الفكر يذهل ، والقلب يسهو، والبصر يزيغ، والقلم يطغى
ومع ما للمقابلة من فوائد إلا أنها لا تعني أن ينعدم الخطأ من الكتاب كليا، كما قال المزني : لو عورض كتاب سبعين مرة لوجد فيه خطأ أبى الله أن يكون كتابا صحيحا غير كتابه. رواه الخطيب في أوهام الجمع والتفريق.
وقد كانوا يستدلون على صحة الكتاب بكثرة وجود الإصلاح والتغيير فيه، قال أبو نعيم : يدلك على صحة الكتاب وجودة السماع : كثرة الحرج فيه.
وقال أبو نعيم : إذا رأيت كتاب صاحب الحديث مشججا، يعني كثير التغيير، فأقرب به من الصحة.
وقال الشافعي : إذا رأيت الكتاب فيه إلحاق وإصلاح فاشهد له بالصحة فتحرير الكتب كتابة وإتقانا من أهم ما يستعان به على ضبط الحديث والسلامة من الوهم والزلل، وكم ضعف من الرواة بسبب عدم عنايتهم بذلك .
من أهم ما يعين على ضبط الكتب ما أشار إليه الحافظ المزي: أن الكتاب الذي تداوله العلماء يندر وقوع الغلط والتصحيف فيه بخلاف غيره.
لهذا فضلوا نسخة ابن سعادة من صحيح البخاري لأنه تداولها حفاظ كبار وسمعوا فيها للطلبة
أن يتساهل الشيخ فيغير ما بأصل كتابه على وفق ما يخبر به
قال أبو حاتم : سألني يحيى بن معين عن ابن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر، فقال : أي شيء تنقمون عليه، فقلت: يكون في كتابه الشيء فنقول : ليس هذا هكذا، إنما هو كذا وكذا، فيأخذ القلم فيغيره على ما نقول ، قال : بئس هذه الخصلة.
أن يكلف المحدث غيره بالكتابة، فيخطإ الكاتب في النقل فيقع الوهم في كتابه وهو لا يشعر
وقال عباد بن العوام عن علي بن عاصم الواسطي : ليس ينكر عليه أنه لم يسمع ولكنه كان رجلا موسرا. وكان الوارقون يكتبون له : فنراه أتي من كتبه التي .
فقال : يحيى صدوق وليس هذا من حديث ،مسدد، فكتبت إلى يحيى، فكتب إلي : الله الوراق عني خيرا، أدخل لي أحاديث المعلى بن أسد في أحاديث مسدد، ولم أميزها منذ عشرين سنة، حتى ورد كتابك ، وأنا أرجع عنه، فقرأت كتابه على أبي زرعة فقال : هذا كتاب أهل الصدق .
إذن يتنبه لأحاديث يحيى بن عبدك عن مسدد والمعلى بن أسد، فقد اعترف يحيى بأنه اختلط عليه .
أن يعرض كتابه على غيره فيصلحه له فيدخله الخطأ من جهة المصلح
أن يختلط كتابه بكتاب غيره ولا ينتبه لذلك فيروي ما في كتاب غيره على أنه من كتابه
أن يحمل المحدث الشره وحب الاستكثار فيضيف اسمه في الطبقة
ويشتد التدليس إذا كانت له إجازة بذلك الكتاب، أو سمعها من مشايخ المسموع منه، وقد تكلم المحدثون في سماع أقوام لإلحاقهم سماعهم بسماع غيرهم في الطبقات والكتب.
فأبو كتب التسميع لابنه الثاني أخو حمزة هكذا سمعت وابني فلان، فجاء حمزة فشدد الياء من ابني، فصارت ابني وزاد اسمه قرب اسم أخيه، ووضع على الجزء دهنا وترابا حتى اصفر ليظن أن كتابته قديمة، فلله در أئمة الحديث، ما أدق نقدهم وأشد تمييزهم.
ما حصل لنعيم بن حماد حيث أصاب الماء كتبه فاندرس بعضه فأصلحه من كتاب غيره.
السبب 13: تحمل الراوي لحديثه على هيأة يدخلها الخلل عادة
أسلم طرق التحمل وأبعدها عن الآفات: السماع من لفظ الشيخ والتحمل إملاء من الشيخ وأنت تكتب ما يملي
جميع أنواع التحمل المشهورة عند المحدثين تدخلها الآفة من وجوه
السماع من لفظ المحدث يدخل الوهم فيه من جهات
كان من منهج بعض المحدثين الحضور في مجلس السماع بغير قلم وكتب فيحفظ من فم المحدث فإذا انتهى مجلس السماع قام فكتبها من حفظه أو حتى يرجع بيته فيكتبها.
قال أحمد : كان يحيى القطان وخالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ لا يكتبون عند شعبة ، كان يحيى يحفظ ويذهب إلى بيته فيكتبها، وكان في حديثه بعض ترك الأخبار والألفاظ، وكان معاذ يقعد ناحية في جانب، فيكتب ما حفظ، وكان في حديثه شيء، وكان خالد أيضا يقعد في ناحية، فيكتب ما حفظ لا يجتمعون.
وهذا الذي نقله أحمد عن يحيى، صرح به يحيى نفسه، فقال: كنا إذا قمنا من عند شعبة، جلس خالد ناحية ومعاذ ناحية، فكتب كل واحد منهما بحفظه، وأما أنا فكنت لا أكتب حتى أجيء إلى البيت.
قلت : ومن ثم وقعت لهشيم أوهام بسبب ذلك في روايته عن الزهري، فقد سمع من الزهري بمكة أحاديث ولم يكتبها وعلق بحفظه الذي سمعه، فلم يكن من الضابطين عنه، ولذلك لم يخرج الشيخان من روايته عنه شيئا.
قراءة الشيخ على الناس، وليس ينظرون كلهم في الكتاب المقروء، فإذا انتهى قاموا فنسخوها (ص205؟؟)
نعم الصحيح الذي عليه الجمهور صحة الأخذ بهذه الطريقة، وعد ابن الصلاح في المقدمة (۱۹۷) المنع منها من مذاهب أهل التشديد .
ولا يخفى ما فيه، لأنها مع صحة الأخذ بها، فهي مفضولة و مرجوحة بالنسبة لغيرها، وكم يدخل على الراوي الوهم من جهتها وهو لا يدري .
وقال الذهبي في الميزان (۱/ ۲۱۰) : وقال عباس ثنا حجين بن المثنى : قدم إسرائيل بغداد فاجتمع الناس عليه، فأقعد فوق موضع مرتفع، فقام رجل معه دفتر فجعل يسأله منه ولا ينظر فيه، فلما قام إسرائيل قعد الرجل فأملاه على الناس .
قلت ـ أي الذهبي : هذا يدل على ضعف سماع أولئك على هذه الصورة لا على ضعف إسرائيل في نفسه .
أن لا يحصل للراوي سماع جميع حديث شيخه، فيرقعها من أصحابه، وخصوصا في مجالس الإملاء الكبيرة حيث كان يتعذر سماع كل حديث المملي أو المستملي.
وقال جرير : سمعت حديث الأعمش فكنا نرقعها، فإن شئتم فخذوها، وإن شئتم فلا تأخذوها، زاد في رواية : يكتب ذا من ذا ، يكتب ذا من ذا.
لذلك كان من مزيد دقة الحفاز أنه يصرح بأن لفظة كذا لم يسمعها من شيخه بل سمعها من بعض أصحابه.
فكان البخاري وابن خزيمة وغيرهما يقول في مثل هذا: "ويثبتني فيه بعض أصحابنا أو أفهمني فلان بعضه".
وامتنع آخرون من الرواية هكذا مطلقا، لما قد يدخل على الراوي من الوهم بسبب ذلك.
فكان زائدة بن قدامة ينهى عن الرواية مع استفهام الجليس
و من طرف الباب : قال أبو عمار الحسين بن حريث المروزي : سألت علي بن الحسن الشقيقي : هل سمعت كتاب الصلاة من أبي حمزة قال الكتاب كله إلا أنه نهق حمار
يوما، فخفي علي حديث أو بعض حديث، ثم نسيت أي حديث كان من الكتاب، فتركت الكتاب كله. رواه الخطيب في الكفاية (۲۷۰)، وذكره الذهبي في السير.
وقال الأعمش : كنا نجلس إلى إبراهيم فتتسع ،الحلقة، فربما يحدث بالحديث فلا يسمعه من تنحى عنه، فيسأل بعضهم بعضا عما قال ثم يروونه عنه، وما سمعوه منه، قال أبو زرعة : فرأيت أبا نعيم لا يعجبه هذا ولا يرضى بها لنفسه
أن يحدث الشيخ من غير أصله
قال ابن الصلاح في المقدمة (٢٠٦) ومن أهل التساهل قوم سمعوا كتبا مصنفة وتهاونوا ، حتى إذا طعنوا في السن، واحتيج إليهم حملهم الجهل والشره على أن رووها من نسخ مشتراة أو مستعارة غير مقابلة، فعدهم الحاكم أبو عبد الله الحافظ في طبقات المجروحين ، قال : وهم يتوهمون أنهم في روايتها صدقون.
وقال الأثرم : قال أبو عبد الله : كان يحيى بن سعيد يقول : كان ابن جريج يحدثهم بما لا يحفظ، يشير إلى أنه كان يحدث من كتب غيره قال وما كنا نحن نسمع من ابن جريج إلا من حفظه ، قال : فقال له إنسان : فلعل ابن جريج حدثكم شيئا حفظه من كتب الناس، ثم قال أبو عبد الله : كان ابن جريج يحدثكم من كتب الناس سماع أبي عاصم ، وذكر ) غيره قال : إلا أيام الحج فإنه كان يخرج كتاب المناسك فيحدثهم به من كتابه
ومنها أنه كان كثير من المحدثين يعظم الجمع في مجالسهم جدا، حتى ربما بلغوا ألوفا مؤلفة ، ويبلغ عنهم المستملون، وقد يتسع الجمع حتى يكثر عدد المستملين، فيكتب الناس بتبليغ المستملين، وأحيانا يأخذ بعض المستملين عن بعض فأجاز الأعمش وحماد بن زيد وغيرهما الرواية عن المستملي، وأبى ذلك آخرون، لما قد يطرق مثل هذا النوع من التحمل من الخلل.
ويشتد الأمر إذا كان المستملي غير معتمد ككونه يلحن وغير ذلك.
أن يكون السامع في مجلس السماع حال القراءة ينسخ أو يتحدث أو نحوها
قال أبو بكر أحمد بن إسحاق الصبغي: يقول حضرت ولا يقول حدثنا ولا أخبرنا
وقال أبو حاتم : كتبت عند عارم، وهو يقرأ، وكتبت عند عمرو بن مرزوق وهو يقرأ
قال ابن الصلاح وكذلك التحدث في مجلس السماع، وما إذا كان القارئ سريع القراءة أو كان السامع بعيدا من القارئ، ثم اختار أنه يغتفر اليسير من ذلك وأنه إذا كان يفهم ما يقرأ مع النسخ فالسماع صحيح . اهـ كلام ابن كثير
قلت : ومع ذلك لا يؤمن على من سمع هكذا السهو والغلط والزلل، ومن مثل هذا يؤتى الثقة الحافظ، فيهم في الشيء بعد الشيء، وهذه هي حقيقة علل الحديث.
و ممن ذكر بالإسراع حال القراءة حتى يدغم بعض الحروف وكيع بن الجراح، قال محمد بن عبد الله بن عمار : كان وكيع سريع اللسان وكان يقول في كل حديث : حدثنا لا يبين الحاء إلا دثنا.
ممن كان ينام في مجلس السماع: ابن وهب، ولعله فعل هذا لما تكرر له سماعه.
كما قال ابن حبان في الثقات (۷۲/۸-۷۳) في ترجمة إبراهيم بن بشار الرمادي : وكان متقنا ضابطا صحب ابن عيينة سنين كثيرة وسمع أحاديثه مرارا، ومن زعم أنه كان ينام في مجلس ابن عيينة فقد صدق وليس هذا ممن يجرح مثله في الحديث وذاك أنه سمع حديث ابن عيينة مرارا والقائل بهذا رآه ينام في المجلس حيث كان يجيء إلى سفيان ويحضر مجلسه للاستيناس، لا للاستماع ، فنوم الإنسان عند سماع شيء قد سمعه مرارا ليس مما يقدح فيه واحد.
أن يخطئ الراوي حال التحديث من كتابه فيقلب ورقة زائدة.
أن يذكر الشيخ كلاما أثناء التحديث، استطرادا، ليس من صلب الحديث، فيظنه بعض الحاضرين أنه منه فيرويه عنه كذلك، فيقع الوهم
أن يحمل المحدث الشره فيصرح بالسماع لما لم يسمعه
العرض وهو القراءة على الشيخ يدخلها الخلل من وجوه
أن يكون الشيخ لا ينظر في أصله وهو غير حافظ له أو مع حفظه له ينتابه ما يشغله عن النظر كالنوم أو الحديث.
قال أحمد : كان مالك إذا حدث من حفظه كان أحسن مما يعرضون عليه، يقرأون عليه الخطأ وهو شبه النائم .
وممن كان يقرأ عليه وهو يصلي، ويصلح اللحن : الحافظ أبو الحسن الدارقطني
ومن التوسع المفرط كذلك عرض قارئين فأكثر على شيخ دفعة واحدة.
ومن آفات العرض كذلك أن يكون القارئ خفيف القراءة يفرط في الإسراع، أو كان يهينم بحيث يخفى بعض الكلام، أو كان السامع بعيدا عن القارئ أو كان الشيخ بعيدا عن القارئ وما أشبه ذلك
قال الذهبي في الموقظة (٥٥٥٤) : وقد تسمح الناس في هذه الأعصار بالإسراع المذموم الذي يخفى معه بعض الألفاظ والسماع هكذا لا ميزة له على الإجازة، بل الإجازة صدق وقولك سمعت أو قرأت هذا الجزء كله مع التمتمة ودمج بعض الكلمات كذب، وقد قال النسائي في عدة أماكن من : وذكر كلمة معناها كذا وكذا.
يشتد الأمر في العرض إذا كان الشيخ أعمى لا يحفظ ما يُعرض عليه
الوجادة
هي عموما يدخلها الخلل لذلك تكلم في حجيتها عدد من أئمة الحديث، فهي كلها من المجروحات لما فيها من شبه الانقطاع بعدم المشافهة.
يدخلها التصحيف، ولهذا السبب تقرأ كثيرا في كتب التراجم وخصوصا السير للذهبي: فلان دفن كتبه.
قال الذهبي رحمه الله فيها (۳۷۷/۱۱) : قال أبو عبد الله الحاكم: إسحاق وابن المبارك ومحمد بن يحيى هؤلاء دفنوا كتبهم .
قلت - أي الذهبي - هذا فعله عدد من الأئمة، وهو دال أنهم لا يرون نقل العلم وجادة، فإن الخط قد يتصحف على الناقل، وقد يمكن أن يزاد في الخط حرف فيغير المعنى ونحو ذلك ، وأما اليوم فقد اتسع الخرق ، وقل تحصيل العلم من أفواه الرجال، بل ومن الكتب غير المغلوطة، وبعض النقلة للمسائل قد لا يحسن أن يتهجي . اهـ
وذكر السخاوي في فتح المغيث (۱۳۸۲) أن جماعة من المحدثين كبهز بن حكيم والحسن البصري ومخرمة بن بكير تسهلوا في إيراد ما يجدونه بخط الشخص بلفظ عن فلان.
قلت : وهذا من خفايا العلل، فيجب التقطن، له وقد يلجأ إلى التعليل به عند الحاجة .
فائدة : كان من ورع ابن مهدي ما يلي: قال رحمه الله : وجدت كتابا بخطي في وسط كتبي لشعبة، فنظرت فيه فلم أعرفه فتركته.
الإجازة والمناولة
فهما في الأصل مختلف فيهما، نعم استقر الإجماع على اعتبار الإجازة، لكن زاد بعض المحدثين أو كثير منهم التساهل في بعض أمورها ، فزادت ضعفا إلى ضعف .
فأجاز أقوام الإجازة للمجهول والمعدوم، والإجازة بالمجهول والإجازة المعلقة، والإجازة لغير الأهل كالمجنون ونحوه، وفعله خلق من المتقدمين والمتأخرين.
وكذا المناولة أجازها خلائق، وفعلها أقوام من المحدثين، بل سوى بين عرض المناولة وبين السماع جماعة منهم مالك وأحمد.
أجاز ابن شهاب وتلميذه مالك وتلامذة مالك (ابن وهب وابن القاسم وأشهب) قول المتحمل بالمناولة "حدثنا، أخبرنا".
قال الساجي عن ابن وهب صدوق ثقة، وكان من العباد، وكان يتساهل في السماع، لأن مذهب أهل بلده أن الإجازة عندهم جائزة ويقول فيها حدثني فلان
قلت : والراوية بالإجازة والمناولة يعتريها ما أسلفته في الرواية بالوجادة من التصحيف ونحوه، وخصوصا إذا ناول الشيخ الطالب الصحيفة ولم ينظر فيها، كما
كان يفعله بعض المحدثين (۳) .
قال الذهبي في السير (٣٣١/٦) : كان ابن جريج يرى الرواية بالإجازة وبالمناولة ويتوسع في ذلك، ومن ثم دخل عليه الداخل في رواياته عن الزهري، لأنه حمل عنه مناولة، وهذه الأشياء يدخلها التصحيف، ولاسيما في ذلك العصر، لم يكن حدث في الخط بعد شكل ولا نقط . اهـ قلت : وزد على هذا أن الزهري كان يرى جواز الرواية من الكتاب ولم يقرأه ولم يقرأ عليه ) . وهو تساهل غير مرضي .
السبب 14: أن يخطأ الراوي في رواية الحديث بالمعنى لقلة درايته أو لعدم فهمه له فهم صحيحا أو لطول عهده بسماعه
لذلك منع جماعة من الرواية بالمعنى.
والرواية باللفظ أسلم من الرواية بالنعنى
كيف نعرف أن الرواة لم تتصرف في ألفاظ الحديث؟
قال الحافظ ابن حجر: الطريق إلى معرفة ذلك أن تقل مخارج الحديث وتتفق ألفاظه، وإلا فإن مخارج الحديث إذا كثرت قل أن تتفق ألفاظه لتوارد أكثر الرواة على الاقتصار على الرواية بالمعنى بحسب ما يظهر لأحدهم أنه واف به، والحامل لأكثرهم على ذلك أنهم كانوا لا يكتبون ويطول الزمان فيتعلق المعنى بالذهن فيرتسم فيه ولا يستحضر اللفظ فيحدث بالمعنى لمصلحة التبليغ ثم يظهر من سياق ماهو أحفظ منه أنه لم يوف بالمعنى .
السبب 15: أن يخطأ الراوي في اختصار الحديث فيختصره اختصارا مخلا
قد يقتطع الثقة من الحديث قطعة تناسب المقام، وقد لا يرفعه لاعتقاده أنه معروف عند الحاضرين إلى غير ذلك من الأسباب التي تختلف باختلاف الظروف المحيطة بالرواة.
و ممن اشتهر بكثرة اختصار الحديث الإمام وكيع والإمام البخاري لكن الإمام البخاري كان إماما عارفا بما يحيل المعاني من غيره، فكان يقطع الأحاديث ويختصرها حسب الأبواب التي يريد أن يحتج لها بالحديث .
قال الإمام أحمد: ابن أبي شيبة في مصنفاته يختصر مثل هذا الاختصار المخل بالمعنى
السبب 16: أن ينتقل ذهن الراوي من حديث إلى آخر فيدخل عليه حديث في حديث أو يجعل متن هذا الإسناد ذاك
السبب 17: التحمل في حال الأسفار والرحل
الأصل أن الطالب إذا روى عن شيوخ بلده الذين جالسهم وصاحبهم مدة طويلة، فإنه يروي الرواية على وجهها لمعرفته بمشايخ بلده في الضبط والإتقان ومعرفة بحديثهم ومروياتهم، أما إذا روى عن غير أهل بلده الذين لم يخبر حالهم عادة، ولم يطل مجالستهم لمعرفة عدالتهم وحفظهم ومروياتهم، فإنه معرض للخطأ والوهم، وخصوصا إذا كان الشيخ الذي لقيه لقيه مدة قصيرة ولهذا كان من مزيد تحري بعض العلماء أنهم يسألون مشايخهم عن . علماء البلدة التي ينوون الرحلة إليها، فهذا سليمان بن داود القزاز يقول : قلت لأحمد : أريد البصرة عمن أكتب، قال عن أبي عامر العقدي ووهب بن جرير
لذلك فضلوا رواية البلدي (بلدي الراوي) على غيره لأنه أعرف بحاله وبحديثه بخلاف الغرباء.
بل حكم أبو حاتم في العلل لبلدي الراوي وإن خالف الأحفظ.
اعل أحمد حديثا بتفرد معمر بوصله وتحديثه به في غير بلده هكذا.
وقد بدأت الشرارات الأولى للرحلة في طلب الحديث منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم، ومن أشهر رحلة في ذلك العهد رحلة جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن أنيس في طلب حديث واحد ، مسيرة شهر.
واتسعت دائرتها في زمن التابعين، ثم شاعت في سائر الأقطار، وكثر الرحل في طلب الحديث، وقل أن تجد محدثا اكتفى بشيوخ بلده ولم يرحل .
السبب 18: أن لا يلازم الطالب الشيخ ملازمة طويلة تمكنه من التمرس على حديثه ومعرفته معرفة تامة وخبرته بمرويات شيخه
ومن أهم العلاقات التي لها دور رئيس في الحكم على أحد الرواة هي معرفة طول صحبة هذا الراوي الشيخه أو قصرها، لأن الملازمة الطويلة تجعل هذا الراوي أقدر على حفظ ومعرفة حديث شيخه لخبرته الطويلة فيه والممارسته له، فلا شك أنه يقدم في هذا الشيخ على غيره عند الاختلاف .
ولما لهذا الأمر من أهمية في إتقان حديث الشيخ والتقدم فيه، حرص بعض الرواة على ملازمة شيخه سنين طويلة، وعادة ما يكون هذا الشيخ من أعلام المحدثين ممن يعنى يجمع علمه، وتدوين مسائله ، وفهم منهجه
عبد الله بن مسلمة القعنبي يقول: اختلفت إلى مالك 30 سنة، وما من حديث في الموطأ إلا ولو شئت قلت: سمعته مرارا من مالك
يقول ابن مهدي: لزمت مالكا حتى ملني
وتتيسر الملازمة الطويلة في الغالب من أهل البلاد بعضهم لبعض ؛ بمحكم الإقامة والسكني، أما الغرباء فإنهم لا يمكثون مدة طويلة غالبا في ملازمة الشيوخ؛ لأنهم يقيمون مدة زمنية قصيرة بقدر ما تسمح لهم ظروفهم المادية والاجتماعية ثم يؤوبون إلى بلادهم فمثل هؤلاء لا يمكنهم بحال التمرس والتمكن في حديث شيوخهم من الأمصار الأخرى، ولأجل ذلك تقع في حديثهم عنهم أوهام تكون بنسبتها إلى مجموع رواياتهم أكثر من أوهامهم عن أهل بلادهم ، ويستثنى من ذلك من طاب له المقام في البلاد التي رحل إليها فاستوطنها، فيعد هذا من أهلها ، فلا يعامل كغيره من الغرباء.
قد يقدمون الأقل حفظا في شيخ ما على حافظ كبير لأنه لازمه طويلا، فقدموا مثلا رواية حماد بن سلمة في ثابت البناني على غيره، وثابت روى عنه كل من شعبة وحماد بن زيد
السبب 19: أن يجمع الراوي بين شيخين فأكثر، يروي عنهما حديثا واحدا ويكون بين حديثهم اختلاف فيحمل أحدهما على الآخر، فيتبين بجمع الطرق أنهما مختلفان
فالجمع بين الشيوخ يوقع الراوي في الزلل والغلط، والأولى إفراد كل رواية بمفردها
هذا أن الرجل إذا جمع بين حديث جماعة وساق الحديث سياقة واحدة، ومعنى فالظاهر أن لفظهم لم يتفق ، فلا يقبل هذا الجمع إلا من حافظ متقن الحديثه يعرف اتفاق شيوخه واختلافهم كما كان الزهري يجمع بين شيوخ له في حديث الإفك وغيره.
وكان الجمع بين الشيوخ ينكر على الواقدي وغيره ممن لا يضبط هذا، كما أنكر على ابن إسحاق وغيره، وقد أنكره شعبة أيضا على عوف الأعرابي.
قال ابن المديني : سمعت يحيى قال : قال لي شعبة في أحاديث عوف عن خلاس عن أبي هريرة ومحمد عن أبي هريرة، إذا جمعهم، قال لي شعبة : ترى لفظهم واحداً؟
وكذلك أنكر يحيى بن معين على عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري أنه كان يحدث عن أبيه وعمه ويقول : مثلا بمثل وسواء بسواء، واستدل بذلك على ضعفه وعدم ضبطه.
ويشتد الأمر إذا كان الحديث يرويه ثقة وضعيف، فيرويه عنهما الراوي فيحمل أحدهما على الآخر، ثم يرويه بإسقاط الضعيف .
قال ابن رجب في شرح العلل: هذا مما لا يجوز فعله أن يروي الرجل حديثا عن اثنين، أحدهما مطعون فيه، والآخر ثقة، فيترك ذكر المطعون فيه ويذكر الثقة، وقد نص الإمام أحمد على ذلك وعلله بأنه ربما كان في حديث الضعيف شيء ليس في حديث الثقة، وهو كما قال فإنه ربما كان سياق الحديث للضعيف، وحديث الآخر محمولا عليه .
السبب 20: أن يختلط على الراوي أحاديث رواها عن شيخه مع أحاديث رواها عن شيخ آخر، أو تختلط عليه أحاديث سمعها من شيخ واحد فلا يهتدي للتمييز بينها فيرويها على التوهم
قال الدارقطني في العلل (١٥٣/٨) : ...ويشبه أن يكون ذلك من ابن عجلان، لأنه يقال : إنه كان قد اختلط عليه روايته عن سعيد المقبري والليث بن سعد، فيما ذكر يحيى بن معين وأحمد بن حنبل .
السبب 21: أن يكون بين متنين تقارب في اللفظ فيدخل عليه أحدهما في الآخر.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (١٣٥/٢) سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه محمد بن القرقساني عن الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن النبي ﷺ مر بشاة ميتة قد ألقاها أهلها فقال : "زوال الدنيا أهون على الله من هذه على أهلها" ، فقال : هذا خطأ، إنما هو أن النبي ﷺ مر بشاة ميتة فقال ما على أهل هذه لو انتفعوا بإهابها، فقلت لهما الوهم ممن هو؟
قالا : من القرقساني .
أهمية علم العلل ودقة مباحثه
مراد من قال إن علم العلل إلهام وأمر يهجم على النفس، أن طول التمرس بالفن والانشغال التام بحفظ الأحاديث وشدة العناية بها وإدامة النظر فيها وطول الممارسة والخبرة تمكن المحدت من الوصول إلى درجة استنكار الحديث بمجرد سماعه وتعليله لأول وهلة.
فالمتأمل في تصرفات النقاد والحفاظ الكبار يرى أنهم يستندون في كل تعليل على مبادئ مقررة وقواعد مسطرة.
قال ابن رجب: حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث ومعرفتهم بالرجال وأحاديثهم، فإنهم يعرفون أن هذا الحديث يشبه حديث فلان ولا يشبه حديث فلان فيعللون الحديث بذلك، وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة تحضره
آية ذلك أنك تعرض الحديث الواحد على جماعة ممن يعلم هذا العلم فيتفقون على الجواب من غير مواطأة
هو علم يعتمد على الحفظ والفهم
هو علم لا تضبطه قواعد مطردة دائما ولا يدخل تحت قاعدة كلية أو مجموعة قواعد كلية تندرج تحتها جميع الجزيات.
بل التعليل عندهم يدور مع القرائن ومع الترجيحات ومع ما ينقدح في نفس الناقد لطول الممارسة والخبرة.
ما يوضح ذلك
أحيانا يحكمون للراوي بما وصل وأحيانا بما أرسل وأحيانا يصححون الوجهين، وأحيانا يرجحون زيادته وأحيانا يعلون بها، وأحيانا يقبلون تفرد الراوي وأحيانا يعلون به وأحيانا يحكمون للأكثر حفظا عند المخالفة وأحيانا للأقل.
وأحيانا يعلون بتفرد الراوي ولو مع عدم المخالفة.
من قواعد يحيى القطان وابن المديني أن يتوقفوا في رواية تفرد بها راو ثقة حتى يُتابَع عليه، خصوص إن كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والإتقان.
أمثلة لرد زيادة الثقة في متون صحيحة ص62-65
وهي أدلة قاطعة على أن قبول زيادة الثقة مطلقا قول باطل مخالف لنصوص كبار الأئمة وعملهم
للنقاد في كل حديث نقد خاص وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه
فمن جعل الحكم للزائد مطلقا لم يصب في هذا الإطلاق كما هو عمل المتأخرين.
قد يضعفون حديث الراوي ويبلونه أخرى.
وهذه طريقة أئمة الحديث العالمين بعلله فهم يصححون حديث الرجل ثم يضعفونه بعينه في حديث آخر إذا انفرد أو خالف الثقات.
فيصححون حديثه لمتابعة غيره له أو لأنه معروف الرواية صحيح الحديث عن شيخ بعينه ضعيفها في غيره.
قال ابن القيم: "إن مسلما إذا احتج بثقة لم يلزمه أن يصحح جميع ما رواه ويكون كل ما رواه على شرطه، فإن الثقة قد يغلط ويهم فيكون الحديث من حديثه معلولا مانعة من صحته فإذا احتج بحديث من حديثه غير المعلول لم يكن الحديث المعلول على شرطه"
تجد أرباب العلل مع تصريح الراوي بالسماع من شيخه ينكرون عليه ذلك ولا يقبلونه ويعدونه وهما ولو كان غير مدلس.
علامات دقة مباحث علم العلل
من علامات دقة مباحثه ما سبق ذكره أن المحدث والناقد قد يعل الحديث وتقصر عبارته عن بيان علته، فتراهم ينكرون الحديث ولا يذكرون علته
أحيانا يغترون بظاهر سنده ثم تظهر لهم علته بعد ذلك.
أحيانا تراهم يستنكرون الحديث لأول وهلة ثم تظهر لهم علته فيما بعد
أحيانا يعل المحدثون بعلل غير قادحة في الجملة لنكارة في متن الحديث أو سنده أو لوجود ضيء رابهم في الحديث جعلهم يتوقون فيه
في هذا يقول علامة اليمن عبد الرحمن المعلمي في تقدم الفوائد المجموعة للشوكاني: "إذا استنكر الأئمة المحققون المتن، وكان ظاهر السند الصحة، فإنهم يتطلبون له علة، فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقا أعلوه بعلة ليست بقادحة مطلقا باعتبار أنها كافية للقدح في ذلك المنكر.
فتجدهم مثلا يعلون بأن الراوي لم يصرح بالسماع وإن كان غير مدلس
حجتهم في هذا أن عدم القدح يتلك العلة مطلقا إنما بني على أن دخول الخلل من جهتها نادر، لكن إذا اتفق أن يكون المتن منكرا ويغلب على ظن الناقد بطلانه، فقد يحقق وجود الخلل إلا تلك العلة، فالظاهر أنها هي السبب، وأن هذا من ذاك النادر الذي يكون الخلل فيه من جهة تلك العلة.
فما يقع ممن دونهم من التعقب بأن تلك العلة غير قادحة وأنهم صححوا ما لا يحصى من الأحاديث التي فيها نفس تلك العلة، فهو غفلة عما تقدم من الفرق. (إلا إن أثبت المتعقب أن الخبر غير منكر) من أمثلة ذلك
إعلال رواية الثقة الموصوف ببعض الغرائب والمفاريد القليلة، أو الإعلال برواية المدلس وإن صرح بالسماع إذا كان احتمال الانقطاع واردا.
ما خفي عن البعض أدركه البعض الآخر.
فكم حديث سلم به حافظ كبير،اطلع فيه غيره على علة قادحة تمنع من تحسينه فضلا عن تصحيحه.
ليس الشأن عند عالم العلل أن يكون الحديث رواه مبرزون في الحفظ والضبط، وإنما العبرة عنده ان يَسلَم من الوهم والغلط والعلل الخفية القادخة التي لا يتفطن لها أكثر المحدثين. فتجدهم يعللون بعلل خفية جدا منها
وهم الراوي في اختصار الحديث
وهم الراوي في روايته بالمعنى
التعليل بأن الحديث يشبه حديث فلان
الحديث مما أدخل على فلان وليس من حديثه
الحديث مما سلك فيه الراوي الجادة واهما
وقوع التصحيف في المتن أو السند (تصحيف اسم الراوي أو صيغة الرواية)
علم العلل هو صاحب الكلمة الأخيرة في قبول الحديث ورده.
فلا يسلم الحديث من الضعف ولا يحكم له بالقبول ولو كان رجاله ثقات وخاليا من الانقطاع الجلي، حتى يسلكه عالم العلل.
لا يسلم من نقد عالم العلل حتى كبار الحفاظ والمبرزون في الضبط والتثبت والاتقان، بخلاف أغلب علوم الحديث.
فلا يكفي عند عالم العلل أن يكون الراوي ثقة حافظا في أعلى درجات الاتقان حتى يحكم لحديثه بالصحة، بل لا بد من أن تسلم روايته من الوهم والغلط الذي لا ينفك عنه راو من الرواة.
فترى أمثال أبي حاتم وأبي زوعة وأحمد والبخاري يوهمون كبار النقاد وجبال الحفظ
لا يكون المحدث مبرزا في علم العلل إلا بعد إتقان سائر علوم الحديث من جرح وتعديل ومناهج المحدثين في ذلك، وتراجم الرواة وأحوالهم ومشايخهم وتلامذتهم وطبقاتهم ومراتبهم وأسمائهم وألقابهم وكناهم، وما اتفق منها وافترق، وما ائتلف منها واختلف، وأقسام التحمل ومراتبه والمقبول منه والمردود...
سائر علوم الحديث خادمة ومكملة لعلم العلل.
علم العلل لا ينظر في الحديث من جهة ضعف الرواة وسوء حفظهم ولكن من جهة أخرى ليس للجرح فيها مدخل. فهو يبحث في أوهام الثقات
مهمة علم العلل تبدأ حيث ينتهي علم الجرح والتعديل، فإذا حكم علم الجرح والتعديل على أحد الرواة أنه ثقة، يبدأ علم العلل بمتابعة هذا الثقة ودراسة رواياته رواية رواية...
هو علم يعتمد على الممارسة العملية والتجربة الطويلة في البحث العملي أكثر منه على قواعد نظرية مقررة مطردة.
لا بد للباحث أن يختلط حديث رسول الله ﷺ بدمه ولحمه فيرد الحديث قبل البحث في رجاله ويعله بمجرد سماعه...
مسند أحمد بن حنبل - 16305
حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَأَبِي أُسَيْدٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِذَا سَمِعْتُمْ الْحَدِيثَ عَنِّي تَعْرِفُهُ قُلُوبُكُمْ ، وَتَلِينُ لَهُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ ، فَأَنَا أَوْلَاكُمْ بِهِ ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ الْحَدِيثَ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ ، وَتَنْفِرُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ بَعِيدٌ ، فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ " .
وقال الربيع بن خثيم : إن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار، نعرفه، وإن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل ننكره ، رواه الخطيب في الكفاية (٤٧١ ) والحاكم في المعرفة (٦٢) وابن عدي في الكامل (٥٥/١) والرامهرمزي في المحدث الفاصل (٤٣١) وابن سعد في الطبقات (٦ / ١٨٦ ) .
أجناس العلل
أجناس العلل عند الحاكم
أن يكون الحديث موقوفا فَيَهِمُ بعض الرواة فيسلك فيه الجادة فيرفعه واهما.
أن يكون الحديث عند الراوي من طريق متصل وآخر من نفس الطريق مرسل.، فيجتمع المتنين بالاسناد المتصل
أن يروي الراوي الحديث فيخطأ في اسم صحابيه.
أن يقصر الراوي بالسند.
أن يروي الراوي حديثا بسند ظاهره الاتصال ثم يتبين بجمع الطرق أنه لم يسمعه من شيخه بل بلغه عنه.
أن يروي الراوي الحديث متصلا ثم يتبين أنه عن رجل مبهم
أن يروي المحدث الحديث بسند ظاهره الاتصال ثم يتبين أنه لم يسمعه منه بل حدث به عنه
أن يروي الراوي الحديث فيسلك فيه الجادة فيَهِمُ.
أن يروي الراوي الحديث مرفوعا وهما والصحيح الوقف
الجنس الأول: أن يُدرج الثقة في الحديث ما ليس منه (إدراج متن)، فيغتر بظاهره من وقف عليه مدرجا فيصححه
ذكروا في كتب المصطلح أن تعمد الإدراج حرام، وقد يتسامح فيما كان من قبيل التفسير والبيان.
والإدراج الذي يقع في المتن منه ما يدرج في أوله ومنه ما يدرج وسطه، ومنه ما يدرج آخره .
والأول أقلها وقوعا.
يعد الإمام الزهري من أفعل الرواة لهذا. فكان كثيرا ما يروي الحديث ثم يدرج فيه أشياء بعضها مراسيل وبعضها من رأيه وكلامه.
روى أبو داود(٧٤٩) والدارقطني (۲۱) من طريق يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة، رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود.
فقوله ( ثم لا يعود) مدرج من قول يزيد بن أبي زياد .
رواه جماعة من الحفاظ شعبة والثوري وخالد الطحان وزهير وغيرهم عنه بدونها .
وقد ضعف هذه الزيادة البخاري وأحمد وابن معين والدارمي والحميدي وغيرهم
الجنس الرابع: أن يزيد الثقة في متن حديث لفظة أو جملة ليست منه
مسألة زيادة الثقة من المسائل التي كثر فيها النزاع والكلام، وذكر ابن الصلاح والعراقي وغيرهما فيها مذاهب عدة، بعضها لا يعرفها أهل الحديث إطلاقا، بل هي مأخوذة من كلام الفقهاء والمتكلمين .
وقد غلب على المحدثين المتأخرين نقل كلام بعض الأصوليين ممن لا دراية لهم بالحديث أمثال الرازي والآمدي ونحوهما.
مع أن الحكم بقبول الزيادة أو ردها بحث حديثي محض
أما ما ورد في كلام بعض النقاد والمحدثين مثل البخاري أو الدارقطني "الزيادة من الثقة مقبولة" فهذا لا يحمل على إطلاقه وإنما هو حكم على زيادة الثقة في الموضع الخاص الذي ورد فيه هذا الكلام وليست قاعدة عامة.
صورة زيادة الثقة كما قال ابن رجب: هي أن يروي جماعة حديثا واحدا بإسناد واحد ومتن واحد فيزيد بعض الرواة فيه زيادة لم يذكرها بقية الرواة.
لها صور
زيادة لفظة غريبة في متن
زيادة راو في سند معروف
رفع موقوف
وصل مرسل
قد يصح الوجهان (الزيادة والنقصان في الأسانيد)، كأن يسمع الراوي الحديث من شيخه وشيخ شيخه فيرويه عنهما.
زيادة الثقة لا يحكم فيها بقانون كلي مطرد بالقبول أو الرد.
وإنما تقبل تارة وترد تارة أخر بحسب القرائن.
وأما أكثر المتأخرين فتأثروا بمناهج الفقهاء والمتكلمين كابن حزم وابن القطان والنووي والهيثمي والمنذري والسيوطي والشوكاني ونحوهم.
نعم هذا شيء لا يطرد عندهم، لأنك تراهم يعلون أحاديث كثيرة بالإرسال أو الوقف، مع أنه على قاعدتهم الوصل والرفع زيادة ثقة فيجب قبولها .
وأعلوا زيادات ألفاظ كثيرة في متون صحيحة إلا ابن القطان فإنه يكاد هذا يطرد عنده .
الجنس الثاني: أن يدخل على الثقة حديث في حديث آخر
هذا الجنس تحته عدة أنواع
منها أن يدخل عليه متن حديث في سند حديث آخر .
ومنها أن يدخل متنين بإسنادين مختلفين في متن واحد بأحد السندين .
ومنها أن يدخل طرف من حديث في متن آخر يشتبه معه .
منها أن يكون بين المتنين تقارب فينتقل ذهنه من حديث لآخر
وهذا النوع دقيق جدا لا يميزه إلا الحفاظ ولا يدرك إلا بجمع الطرق ومقارنة بعضها
أمثلة
روى البخاري في صحيحه (٤٧٥٠ - فتح حديث قصة الإفك الطويل، وفيه قول عائشة : (وإن تسأل الجارية تصدقك . قالت : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، فقال يا بريرة، هل رأيت من شيء يريبك .... إلخ .
وقال ابن القيم : تسميتها ببريرة وهم من بعض الرواة، فإن عائشة إنما اشترت بريرة بعد الفتح، ولما كاتبتها عقب شرائها وعتقت خيرت فاختارت نفسها، فظن الراوي أن قول علي : وسل الجارية تصدقك أنها بريرة فغلط، وهذا نوع غامض لا يتنبه له إلا الحذاق .
الجنس الخامس: أن يكون الحديث موقوفا على صحابي فيَهِم بعض الرواة الثقات فيرفعه
المتأمل في تصرفات المحدثين بخصوص الرفع والوقف يرى لهم 4 طرق في ذلك حسب كل زيادة بعينها
ترجيح الوقف على الرفع
الوقف قد يحمل على طريق الفتوى
ترجيح الرفع
تصحيح الوجهين
هو محمول على وجود منها
أن يكون الراوي مرة يقوله من قبله ومرة يسنده
أن يسأل عن حكم الشرع في مسألة فيجيب بلفظ الحديث صم إذا طولب بالدليل أو كان في مجلس السماع أسنده
الراوي قد ينشط مرة فيسنده ومره فيوقفه
الترجيح دائر مع القرائن كما هو الحال في زيادة الثقة. لا قاعدة مطردة فيها كذلك.
فوائد
قد يرجحون الرفع أو الوقف باعتبار طريق معين أو راو معين لا مطلقا
فمن ذلك : حديث إذا دخل رمضان صفدت الشياطين قال الدارقطني بعد كلام
طويل : والصحيح عن مالك موقوف وعن الباقين مرفوع . العلل (۷۹/۱۰).
ذُكِر جماعة من الرواة في كتب التراجم وغيرها أنه كان رفاعا أي يرفع ما حقه الوقف
من عادة بعض الرواة وقف الأحاديث المرفوعة فلا يعتل على الأحاديث المرفوعة التي من طريقهم بالوقف
وقال ابن رجب في شرح العلل: وليس وقف هذا مما يضره فإن ابن سيرين كان يقف الأحاديث كثيرا ولا يرفعها والناس كلهم يخالفونه ويرفعونها .
قال ابن رجب في تهذيب التهذيب: كان حماد بن زيد يوقف ويقصر الأسانيد هيبة.
رواية الموقوف والمرفوع معا دليل على الحفظ (؟ ص329)
وقال ابن حجر في الهدي (٣٥١) بعد أن ذكر إعلال ابن العربي له بالوقف وغيره :
وأما الجواب عن الثانية والثالثة فالتعليل المذكور بهما غير قادح، لأن رواية حسين مشتملة على الرفع والوقف معا ، فإذا اشتمل غيرها على الموقوف فقط كانت هي مشتملة على زيادة لا تنافي الرواية الأخرى فتقبل من الحفاظ، وهو كذلك فتبين أن التعليل بذلك ليس بقادح .
٦- قال الحافظ في النكت (۳۳۳) : ومما يقوي القول بالتعليل فيه بالوقف ما إذا كان قد زيد في الإسناد عوضا عن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صحابي آخر كحديث ابن عمر (ض) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى في أمهات الأولاد أن يبعن ولا يوهين، الحديث.
فحكم الدارقطني وغيره من الأئمة أن الموقوف هو الصحيح، وعللوا المرفوع بالموقوف.
ووجهه غلبة الظن بغلط من رفعه حيث اشتبه عليه قول ابن عمر عن عمر (ض) بأنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء هنا بعد الصحابي صحابي آخر، والحديث هو قوله اشتبه ذلك على الراوي، فإذا انضم إلى ذلك أن فليح بن سليمان رواه أيضا عن
الجنس السادس: أن يكون الحديث في أصلف مرسلا فيَهِمُ بعض الثقات فيصله
وقد يرجح المحدثون الوصل لقرينة قامت عندهم في ذلك الحديث بعينه .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٦٣٥/٩) : ويستفاد من صنيع البخاري أن الحديث إذا اختلف في وصله وإرساله حكم للواصل شرطين أحدهما أن يزيد عدد من وصله على من أرسله، والآخر أن يحتف بقرينة تقوي الرواية الموصولة، لأن عروة معروف بالرواية عن عائشة مشهور بالأخذ عنها ففي ذلك إشعار بحفظ من وصله عن هشام دون من أرسله
وقد يتوقف النقاد:
سئل البخاري عن حديث النهي عن جلود السباع الذي اختلف في وصله وإرساله، فلم يرجح شيئا
ولهذا من مذهب البخاري في صحيحه أنه يورد الحديث موصولا، ثم يتبعه بالمرسل أو يرويه في مكان آخر ليبين أن الصحيح في الحديث الوصل وأن الإرسال لا يضره .
أورد البخاري حديث أبي هريرة ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة . الحديث. موصولا ، ثم قال: قال علي ثنا سفيان غير مرة عن عمرو سمع أبا صالح يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أي مرسلا .
قال ابن حجر في شرحه (٤٤/٥) : يشير إلى أن سفيان كان يرسل هذا الحديث كثيرا، ولكنه صحح الموصول لكون الذي وصله من الحفاظ.
وقال ابن حجر في الفتح كذلك (۳۱۲/۱۰) : والبخاري على عادته إذا صحت الطريق موصولة لا يمتنع من إيراد ما ظاهره الإرسال اعتمادا على الموصول.
وقال الحافظ ابن رجب (٢٣٥/٦ : وإنما ذكر البخاري متابعة الوليد بن مسلم على وصله ليبين أن الصحيح وصله لكثرة من وصله عن الأوزاعي، ولا يضر إرسال من أرسله، ولعل مسلما ترك تخريجه للاختلاف في وصله وإرساله . اهـ .
فوائد
إذا خرَّج المُخَرِّجُ حديثا موصولا، ثم أردفه بالمرسل هل هو إعلال له أم لا؟
جعل الألباني رحمه الله ذلك إعلالا له.
قد يصححون الإرسال أو الاتصال بالنسبة لراو معين لا مطلقا ويكون الحديث الواحد عندهم الصحيح فيه عن راو الإرسال وعن آخر الاتصال .
قال ابن أبي حاتم في العلل (۳۰۲/۲) بعد كلام طويل : قلت لأبي زرعة فما وجه هذا الحديث عندك، قال: أخطأ فيه عبد الرزاق والصحيح من حديث معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل. وأما نفس الحديث فالصحيح عندنا على ما روي في كتاب ابن جريج عن عبد الله بن أبي لبيد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ثقات البغداديون يرفعون الموقوف ويصلون المرسل ويزيدون في الأسانيد.
وهو ترخص لا ينبغي.
قد يُعرض عن تصحيح الحديث للاختلاف في وصله وإرساله
إذا اختلف الإسناد بين الوصل والإرسال حينئذ يضعق تعليل أحدهما بالآخر لكون كل منهما إسنادا برأسه، ولقوة احتمال كونهما إسنادين عند راويهما كل واحد منهما على وجه.
ويزداد التعليل ضعفا إذا أتى بهما الراوي جميعا في وقت واحد فهذا دليل واضح على أنهما إسنادان مستقلان فينتفي حينئذ التعليل.
وشرط هذا هو التساوي في الحفظ أو العدد.
أما إذا كان راوي الوصل أو الرفع مرجوحا فلا.
إذا استوى طرفا الترجيح يقدم الوصل
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (۱۱/۱۲): وإنما صححاه لأن الثوري وإن كان أحفظ منهم، لكن العدد الكثير يقاومه ، وإذا تعارض الوصل والإرسال ولم يرجح أحد الطريقين قدم الوصل.
وأخرج البخاري حديث الرجل الذي نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يتكلم، ثم علقه مرسلا بإسقاط ابن عباس .
فقال الحافظ في الفتح (٥٩٠١١ معلقا : والذي عرفناه بالاستقراء من صنع البخاري أنه لا يعمل في هذه الصورة بقاعدة مطردة، بل يدور مع الترجيح إلا إن استووا فيقدم الوصل.
وهم الراوي في إرسال ما حقه الوصل أو العكس ليس من الضعف الشديد.
عند تعارض الأكثرية والأحفظية يقدم من زاد
أسباب إرسال ما حقه الوصل: الاختصار، الشك، التوقي، قلة النشاط
١٠ - تقدم معنا أن البخاري قد يخرج الحديث موصولا ومرسلا مبينا صحة وصله ومشيرا إلى الخلاف فيه. وهكذا يفعل مسلم أيضا .
المقصود بأجناس العلل أنواع العلل التي يعل بها المحدثون الأحاديث.
أقدم من ذكرها هو الحاكم أبو عبد الله في كتابه معرفة علوم الحديث.
كتب معتمدة للأمثلة:
علل الدارقطني
علل ابن أبي حاتم
العلل الكبير للترمذي
الفتح لابن حجر
تاريخ ابن معين للدوري
الإرواء
الصحيحة
الضعيفة للألباني
تهذيب السنن لابن القيم
تابع أجناس العلة 3
الجنس 18: أن يجمع الراويبين روايات شيوخ عدة له، فيحمل حديث بعضهم على بعض، فيقع في الوهم
كان بعض الرواة إذا تحمل حديثا واحدا عن شيوخ عدة يعمد اختصارا إلى ضم روايات شيوخه بعضها مع بعض، فيقول مثلا حدثنا فلان وفلان وفلان كذا.
عوض أن يروي رواية كل شيخ على حدة، فيطول الأمر .
والإمام مسلم يفعل هذا كثيرا في صحيحه.
لكن قد يكون في حديث شيخ من أولئك الشيوخ ما ليس في حديث الآخر، إما في المتن أو الإسناد. فيجمع الكل على نسق واحد، فيقع في الوهم.
وقال أبو يعلى الخليلي في كتابه الإرشاد ) : ذاكرت بعض الحفاظ: قلت: لم لم يدخل البخاري حماد بن سلمة في الصحيح، قال: لأنه يجمع بين جماعة من أصحاب أنس، يقول حدثنا قتادة وثابت وعبد العزيز بن صهيب عن أنس، وربما يخالف في بعض ذلك.
فقلت: أليس ابن وهب اتفقوا عليه وهو يجمع بين أسانيد، فيقول: أنا مالك وعمرو بن الحارث والأوزاعي، ويجمع بين جماعة غيرهم.
فقال : ابن وهب أتقن لما يرويه وأحفظ.
ومعنى هذا أن الرجل إذا جمع بين حديث جماعة وساق الحديث سياقة واحدة، فالظاهر أن لفظهم لم يتفق ، فلا يقبل هذا الجمع إلا من حافظ متقن الحديثه يعرف اتفاق شيوخه واختلافهم، كما كان الزهري يجمع بين شيوخ له في حديث الإفك وغيره .
وقال يعقوب بن شيبة : كان سفيان بن عيينة ربما يحدث بالحديث عن اثنين فيسند الكلام عن أحدهما، فإذا حدث به عن الآخر على الانفراد أوقفه أو أرسله. شرح العلل (٣٩٤) .
قال ابن رجب في شرح العلل :(۳۹۲) : وحاصل الأمر أن حديث الاستفتاح رواه شعیب عن إسحاق بن أبي فروة وابن المنكدر فمنهم من ترك إسحاق وذكر أبن المنكدر ، ومنهم من كنى عنه فقال : عن ابن المنكدر وآخر .
وكذا وقع في سنن النسائي، وهذا مما لا يجوز فعله، وهو أن يروي الرجل حديثا عن اثنين :
أحدهما مطعون فيه .
والآخر ثقة .
فيترك ذكر المطعون فيه ويذكر الثقة .
الجنس 22: أن يسقط للثقة حرف أو شبهه من السند يوقعه في الوهم ولا يتنبه
مثال 1
مثال 2: أخرج مسلم (١٥٦٠) من حديث أبي سعيد الأشج عن أبي خالد الأحمر عن سعد بن طارق عن ربعي بن حراش عن حذيفة مرفوعا أتى الله بعبد من عباده أتاه الله مالا فقال : ماذا عملت في الدنيا ؟ قال : (لا يكتمون الله حديثا). الحديث .
ثم قال : فقال عقبة بن عامر الجهني وأبو مسعود الأنصاري : هكذا سمعناه من في رسول الله ﷺ
قال الدارقطني في الإلزامات (۳۰۷) : وهذا وهم فيه أبو خالد ورواه أصحاب أبي مالك عنه، ) وتابعهم نعيم بن أبي هند وعبد الملك بن عمير ومنصور وغيرهم عن ربعي عن حذيفة فقال : عقبة بن عمرو أبو مسعود.
قلت : قوله عقبة بن عمار الجهني وأبو مسعود الأنصاري وهم .
والصواب : عن عقبة بن عمرو أبو مسعود .
فظن الراوي أن (واو) عمرو ملحقة مع أبي مسعود وبالتالي فهي واو عطف . وزاد في الاشتباه أن أبا مسعود أنصاري صحابي .
الجنس 24: أن يروي الثقة حديثا فيهم في لفظة منه لاشتباهها عليه من نفس الحديث
من أمثلته حديث رواه سليمان بن حرب عن شعبة عن القاسم بن مهران عن أبي رافع أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: "إذا كان أحدكم في صلاته فلا يبزقن عن يمينه ولا عن يساره ولا بين يديه ولكن تحت قدمه اليسرى، فإن لم يستطع ففي ثوبه.
قوله ( ولا عن يساره) وهم سرى عليه من نفس الحديث .
وذلك أن أبا الوليد وآدم العسقلاني روياه عن شعبة به بلفظ: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يبزق بين يديه ولا عن يمينه ، ولكن عن يساره تحت قدمه.
اشتباه الأحاديث للرواة من بين أهم أسباب الوهم، ولذا تقرأ في كتب التراجم حديث كذا يشبه حديث فلان أو حديثه يشبه حديث الثقات وهكذا.
يستدلون على علة الحديث بتشابه أحاديثه بأحاديث غيره، أو عدم مشابهتها لأحاديث الثقات.
وفي المقابل كذلك يستدلون على عدالة الراوي وتثبته بكون أحاديثه تشبه أحاديث الثقات.
أمثلة لكلام الأئمة:
قال الحافظ ابن رجب في شرح العلل (۳۹۰): حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان ولا يشبه حديث فلان، فيعللون الأحاديث بذلك، وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة تحضره، وإنما يرجع فيه أهله إلى مجرد الفهم والمعرفة التي خصوا بها عن سائر أهل العلم .
قلت : الذي يهمنا نحن في بحث العلل هو أن يشتبه على الثقة حديث غيره فيرويه على أنه حديثه .
قال ابن المديني : وفي أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة، وذكر علي أنها تشبه أحاديث أبان بن أبي عياش.
وقال ابن رجب في شرح العلل (٣٩٤) عن معقل بن عبيد الله الجزري : وقد سبق قول أحمد أن حديثه عن أبي الزبير يشبه حديث ابن لهيعة.
وظهر مصداق قول أحمد أن أحاديثه عن أبي الزبير مثل أحاديث ابن لهيعة سواء ، كحديث اللمعة في الوضوء، وغيره.
وقد كانوا يستدلون باتفاق حديث الرجلين في اللفظ على أن أحدهما أخذه صاحبه. كما قال ابن معين في مطرف بن مازن أنه قابل كتبه عن ابن جريج ومعمر، فإذا مثل كتب هشام بن يوسف سواء، وكان هشام يقول لم يسمعها من ابن جريج ومعمر، إنما أخذها من كتبي . قال يحيى : فعلمت أن مطرفا كذاب. يعني : علم صدق قول هشام عنه . ومن ذلك قول أحمد وأبي حاتم في أحاديث الدراوردي عن عبيد الله بن عمر أنها تشبه أحاديث عبد الله بن عمرو . . . إلى آخر كلامه
الجنس 19: أن يخطأ الراوي الثقة في تسمية الصحابي، ويكون المحفوظ عن صحابي آخر
يكثر هذا الوهم عادة في الصحابة المكثرين في الرواية كابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وجابر ونحوهم، فقد يبدل اسم هذا باسم آخر .
وكذلك أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقد تبدل هذه بهذه وخاصة عائشة وأم سلمة وحفصة .
الجنس 20: أن يكون الحديث محفوظا من رواية صحابي من طريق أو طرق، ثم يروى عن ذلك الصحابي من وجه آخر يستغرب من ذلك الوجه خاصة.
ذكر الترمذي في العلل هذا النوع من أقسام الغريب.
قال: "رب حديث يروى من أوجه كثيرة، وإنما يستغرب لحال الإسناد"
وذكر له
أمثلة
الجنس 21: أن يروي الراوي الحديث يريد أصله ويذكر في ضمنه أشياء تجوزا، فيوهم أنها على ظاهرها.
منه حديث ثور عن أبي الغيث عن أبي هريرة قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فلم نغنم ذهبا ولا ورقا . الحديث رواه الشيخان (٦٣٢٩) - (١١٥).
وأخرج البخاري من وجه آخر عن أبي هريرة بلفظ شهدنا خيبر. وقوله خرجنا مع النبي إلى خيبر وهم.
قال الحافظ في الهدي (۳۷۰) : وقد صرح بالوهم فيه موسى بن هارون وغيره، لأن أبا هريرة لم يشهدها، وإنما حضر عقب الفتح.
والجواب عن ذلك أن المراد من الحديث أصل القصة .
وقوله شهدنا فيه مجاز، لأنه شهد قسم النبي صلى الله عليه وسلم لغنائم خيبر بها بلا خلاف .
الجنس 23: أن يكون المتن لسند ما فيرويه بعض الثقات فيجعل ذلك السند لمتن آخر ليس له.
مثاله
الجنس 25: أن يشتبه على الراوي راو بآخر ذكر في نفس الحديث، فيرويه عنه، وليس الحديث من روايته.
مثاله
عبارة جامعة في أسباب العلل لابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: "والسهو له أسباب"
#
أحدها: الاشتغال عن هذا الشأن بغيره فلا ينضبط له، ككثير من أهل الزهد والعبادة.
وثانيها: الخلو عن معرفة هذا الشأن .
وثالثها: التحديث من الحفظ، فليس كل أحد يضبط ذلك .
ورابعها : أن يدخل في حديثه ما ليس منه ويزور عليه .
و سادسها: الإرسال، وربما كان الراوي له غير مرضي .
وخامسها : أن يركن إلى الطلبة فيحدث بما يظن أنه من حد
وسابعها التحديث من كتاب لإمكان اختلافه.
تاريخ علم العلل
تلقى التابعون عن الصحابة نقد الأخبار وتمييز الروايات.
وكثر الخطأ في نقل الأخبار مما شجع الأئمة التابعين إلى نقد المرويات وتمييز الصحيح من الضعيف.
أول ظهور البدع كان في آخر عصر الصحابة وخاصة بدعة التشيع والخوارج
كثر المشتغلون بعلم الحديث وزادت أعداد حملة الآثار ونشط الرواة للرحلة وسماع الأحاديث من الأقاليم المختلفة.
اختلفت أغراض الرواة وتعددت مشاربهم مما حتم على أئمة السنة وجوب تفحص الروايات ونقد الأخبار.
اتساع رقعة البلاد الإسلامية وتفرق مشاهير المحدثين في الأمصار.
طالت الأسانيد وكثرت رجالها مما زاد الأمر تعقيدا والبحث تطويلا
كثر التصنيف في هذه الأعصار فلم يبق الوهم مقتصرا على الحفظ والضبط بل دخل في المصنفات والكتب
مرتبط بتاريخ علم الحديث عموما.
والاهتمام بنقل الأخبار والتثبيت فيها منذ عصر الصحابة رضوان الله عليهم.
قد أكثرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من توهيم عدد من الصحابة كعمر بن الخطاب وابنه عبد الله وابن عباس وأبي سعيد الخدري وابن مسعود وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وأبي الدرداء وجابر...مع أنهم صحابة.
فمرة تزعم أنه أساء سمعا ومرة أنه نسي ومرة أنه اشتبه عليه ومرة أنه دخل المجلس فسمع آخِر الحديث وفاته أوله ومرة تزعم أنه لم يحفظ أو أنه اختصر الحديث فوهم في اختصاره، أو أن الحديث في واقعة خاصة فظن العموم...
صحيح مسلم - 932
وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ ، وَذُكِرَ لَهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، يَقُولُ : " إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ " ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ ، وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ ، إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ يُبْكَى عَلَيْهَا ، فَقَالَ : " إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا ، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا " .
أول من اشتهر بالكلام في نقد الحديث ابن سيرين
ثم خلفه أيوب السختياني
ثم شعبة بن الحجاج
المؤسس الحقيقي لعلم العلل لدقة وسعة كلامه فيه
يحيى القطان
علي بن المديني
يحيى بن معين
أحمد بن حنبل
عبد الرحمن بن مهدي
أعلام القرن الأو والثاني
محمد بن سيرين: أيوب السختياني، شعبة بن الحجاج، عبد الله بن عون، يحيى بن سعيد القطان، عبد الرحمن بن مهدي، مالك بن أنس
أعلام القرن 3هـ
الشافعي، أبو سلمة الخزاعي منصور بن سلمة، أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي، الحسن بن محبوب بن وهب الشراء البجلي، علي بن المديني، يحيى بن معين، أحمد بن حنبل، محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، الترمذي، الدارمي، عمرو بن علي الفلاس، البخاري، أحمد بن محمد الطائي، مسلم، أبو زرعة الرازي، أبو داوود، أبو حاتم الرازي، البزار
أعلام القرن 4هـ
النسائي، سعيد ين عثمان ين سليمان القرطبي، الحافظ زكريا الساجي أبو يحيى، ابن جرير الطبري، التستري أبو جعفر أحمد بن يحيى بن زهير، أبو بكر الخلال، الإلبيري أبو جعفر أحمد بن عمرو الأندلسي، أبو بكر بن أبي داوود السجستاني، عبد الرحمن بن أبي حاتم، ابن حبان أبو حاتم البستي
العلة لغة
عائق يعوق الشيء
قريب من المعنى الاصطلاحي لأن العلة سبب يمنع ويعوق عن صحة الحديث
تشاغل وتلهي عن الشيء
اسم المفعول منه هو "معلل" لذلك الأحسن اجتناب هذه الصيغة عند وصف حديث، فلا نقول أنه حديث معلل.
منه تعليل الصبي بالطعام
التكرار
ضعف في الشيء
الأجود والأصح أن يقال: "أعلَّ فلان الحديث بكذا"
وعليه يكون اسم المفعول هو "مُعَلٌّ"
أقسام العلة
تقسيمها باعتبار محلها
علة متنية
دخول متن في آخر
زيادة لفظة غيربة في المتن
إدراج في كلام النبي ﷺ وكلام غيره
علة سندية
وأكثر ما تقع العلة في السند
زيادة راو في السند
دخول سند في آخر
اشتباه راو بآخر
سقوط راو من السند
تقسيمها باعتبار ظهورها وخفائها
علة جلية (هذا باعتبار غير المعنى الاصطلاحي) فهي لا تسمى عللا بالمعنى الاصطلاحي فلا نقول أن الحديث المنقطع معلول
التعليل بالانقطاع الظاهر
التعليل بالارسال الظاهر
التعليل بالجهالة أو ضعف الرواة كالكذب والفسق
علة خفية
تقسيمها باعتبار قدحها وعدمه
علة قادحة
علة في الإسناد تقدح فيه دون المتن
مثل إبدال راو ثقة براو ثقة آخر
فمن أمثلة ما وقعت العلة في إسناده من غير قدح في المتن : ما رواه الثقة يعلى بن عبيد عن سفيان الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (البيعان بالخيار) الحديث، فهذا الإسناد متصل بنقل العدل عن العدل، وهو معلل غير صحيح والمتن على كل حال صحيح ، والعلة في قوله عن عمرو بن دينار إنما هو عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر ، هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان عنه ، فوهم يعلى بن عبيد وعدل عن عبدالله بن دينار إلى عمرو بن دينار ، وكلاهما ثقة.
كل حديث وقع في بعض طرقه وهم بالزيادة أو النقص وكان ذلك المتن مروي من طرق أخرى قوية فإن ذلك الإسناد المعلل لا يقدح في صحة المتن
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٥١٥/١٠) والحق أن مثل هذا لا يتعقب به البخاري لأنه لم تخف عليه العلة، بل عرفها وأبرزها وأشار إلى أنها لاتقدح ، وكأن ذلك لأن أصل الحديث معروف ومتنه مشهور مروي من عدة طرق، فيستفاد منه أن مراتب العلل متفاوتة ، وأن ما ظاهره القدح منها إذا انجبر زال عنه القدح .
علة في الإسناد تقدح فيه وفي المتن
إبدال راو ضعيف براو ثقة
قال الحافظ في النكت على ابن الصلاح (۳۱٤) : فإن أبدل راو ضعيف براو ثقة، وتبين الوهم فيه استلزم القدح في المتن أيضا إن لم يكن له طريق أخرى صحيحة .
ومن أغمض ذلك أن يكون الضعيف موافقا للثقة في نعته .
ومثال ذلك ما وقع لأبي أسامة حماد بن أسامة الكوفي أحد الثقات عن عبد الرحمان بن يزيد بن جابر، وهو من ثقات الشاميين، قدم الكوفة، فكتب عنه أهلها ولم يسمع منه أبو أسامة، ثم قدم بعد ذلك الكوفة عبد الرحمان بن يزيد بن تميم، وهو من ضعفاء الشاميين، فسمع منه أبو أسامة وسأله عن اسمه، فقال : عبد الرحمان بن يزيد، فظن أبو أسامة أنه ابن جابر، فصار يحدث عنه وينسبه من قبل نفسه، فيقول : حدثنا عبد الرحمان بن يزيد بن جابر، فوقعت المناكير في رواية أبي أسامة عن ابن جابر، وهما ثقتان، فلم يفطن لذلك إلا أهل النقد، فميزوا ذلك ونصوا عليه كالبخاري وأبي حاتم وغير واحد.
علة في المتن وتقدح في الإسناد
ما يرويه راو بالمعنى الذي ظنه ويكون خطأ فذلك يستلزم القدح في الراوي فيعلل الإسناد.
علة في المتن تقدح فيهما جميعا
رواية متن بلفظ مستغرب فيقدح فيهما
أن يكون الحديث في نفسه مشهورا لكن يزيد بعض الرواة في متنه زيادة ليست منه.
علة غير قادحة
علة في الإسناد لا تقدح مطلقا
كرواية مدلس بالعنعنة ثم عثر على تصريحه بالسماع فتبين أن هذه علة لا تقدح
كأن يقع الاضطراب في السند لكن أمكن الجمع بين الروايات المتعارضة، فلا تقدح حينئذ لا في الإسناد ولا في المتن
من منهج البخاري في صحيحه أنه يخرج أحاديث اختلف في أسانيدها لأنه يرى أن ذلك الاختلاف غير قادح
فمن ذلك أنه روى عن عروة عن عبد الله بن الزبير أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند النبي ﷺ في شراح الحرة التي يستقون بها النخل . الحديث .
ورواه عن عروة عن الزبير .
ورواه عن عروة مرسلا .
وأخرجه غيره عن عروة عن عبد الله بن الزبير عن الزبير.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٣٥/٥) : قلت : وإنما صححه البخاري مع هذا الاختلاف اعتمادا على صحة سماع عروة من أبيه، وعلى صحة سماع عبد الله بن الزبير من النبي ﷺ، فكيفما دار فهو على ثقة ، ثم الحديث ورد في شيء يتعلق بالزبير فداعية ولده متوفرة على ضبطه.
أمثلته كذلك : قال الحافظ ابن حجر في الفتح (۱۷۷/۱۲) بعد أن ذكر الاختلاف في سند حديث رواه البخاري : وحاصل الاختلاف هل هو عن صحابي مبهم أو مسمى؟
الراجح الثاني، ثم الراجح أنه أبو بردة بن نيار، وهل بين عبد الرحمان وأبي بردة واسطة، وهو جابر أو لا ؟ الراجح الثاني | أيضا . قلت : ولم يقدح هذا الاختلاف عند الشيخين في صحة الحديث فإنه كيفما دار يدور على ثقة.
وهكذا يفعل مسلم أيضا، فإنه بخرج في صحيحه أحاديث عدة بأسانيد صحيحة، ثم يتبعها أحاديث في أسانيدها مقال أو انتطع أو إرسال ليبين أن ذلك لا يضر أصل الحديث .
وأما ما ذهب إليه كثير من أهل الحديث من أن "الاختلاف دليل على عدم ضبطه في الجملة ، فيضر ذلك ولو كان رواته ثقاتا، إلا أن يقوم دليل على أنه عند الراوي المختلف عليه عنهما جميعا أو بالطريقين جميعا"، فهو رأي فيه ضعف، لأنه كيفما دار كان على ثقة وفي الصحيحين من ذلك جملة أحاديث.
لكن لابد في الحكم بصحة ذلك سلامته من أن يكون غلطا أو شاذا
.
ومن أمثلة ذلك حديث أبي هريرة في المهجر إلى الجمعة، رواه يونس ومعمر وابن أبي ذئب عن الزهري عن الأغر . ورواه ابن عيينة عن الزهري عن سعيد .
ورواه يزيد بن الهاد عن الزهري عن الأخر وأبي سلمة و سعيد كلهم عن أبي هريرة
فتبين صحة كل الأقوال ، فإن الزهري كان ينشط تارة ، فيذكر جميع شيوخه، وتارة يقتصر على بعضهم .
أن ينقص راو من سند ما راويا آخر ثم يتضح أنه بالوجهين
ومن أمثلته ما رواه البخاري ومسلم والأربعة من حديث الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس في قصة القبرين الذين وضع النبي عليهما جريدتين .
فأعله الدارقطني بأنه خالف منصور الأعمش فقال عن مجاهد عن ابن عباس . فأجاب الحافظ عن هذا في هدي الساري (۳۵۰) قائلا: وهذا في التحقيق ليس بعلة . . . . . فالحديث كيفما دار دار على ثقة.
وقال الحافظ أيضا في مقدمة جوابه عن اعتراضات الدارقطني وغيره على البخاري : القسم الأول منها ما تختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص من رجال الإسناد فإن أخرج صاحب الصحيح الطريق المزيدة وعلله الناقد بالطريق الناقصة ، فهو تعليل مردود ... لأن الراوي إن كان سمعه، فالزيادة لاتضر لأنه قد يكون سمعه بواسطة عن شيخه ثم لقي شيخه فسمعه منه، وإن كان لم يسمعه في الطريق الناقصة فهو منقطع ، والمنقطع من قسم الضعيف، والضعيف لايعل الصحيح .... وإن أخرج صاحب الصحيح الطريق الناقصة، وعلله الناقد بالطريق المزيدة تضمن اعتراضه دعوى انقطاع فيما صححه المصنف ، فينظر إن كان الراوي صحابيا أوثقة غير مدلس قد أدرك من روى عنه إدراكا بينا أو صرح بالسماع إن كان مدلسا من طريق أخرى ، فإن وجد ذلك اندفع الاعتراض بذلك .... إلى آخر كلامه.
علة في المتن لا تقدح فيهما
اختلاف ألفاظ حديث مع إمكان الجمع أو الترجيح
إذ أن شرط المضطرب أن يتعذر الجمع بين مختلف ألفاظه وأن تتساوى الوجوه بحيث يتعذر الترجيح أو الجمع
زيادة لفظة في المتن ليست منافية للأصل
ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددا أو أضبط ممن لم يذكرها ، فهذا لا يؤثر التعليل به
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٥٨٥/١) متعقبا ابن القطان : قلت تعليل الأئمة للأحاديث مبني على غلبة الظن ، فإذا قالوا أخطأ فلان في كذا لم يتعين خطوه في نفس الأمر ، بل هو راجح الاحتمال فيعتمد ، ولولا ذلك لما اشترطوا انتفاء الشاذ، وهو ما يخالف الثقة فيه من هو أرجح منه ، في حد الصحيح."
وقال العلائي في جامع التحصيل (۱۳۲) : والمتبع في التعليل إنما هو غلبة الظن.
ولهذا ترى أبا حاتم وغيره من الحفاظ يعلون الأحاديث ولا يجزمون بالتعليل : فيقولون : لعله كذا وكذا
ولهذا السبب اختلف أئمة الحديث في تعليل كثير من الأحاديث، وكم من حديث أعله غير واحد من الأئمة، وصححه مثل البخاري وأخرجه في الصحيح.
وقال الحافظ ابن حجر في فاتحة جوابه عن إعلال الدارقطني وأبي حاتم وأبي زرعة والترمذي وغيرهم الحديث خرجه البخاري في صحيحه (٣٤٩) : فانظر إلى هذا الحديث كيف حكم عليه بالمرجوحية مثل أبي زرعة وهما إماما التعليل، وتبعهما الترمذي، وتوقف الدارمي، وحكم عليه بالتدليس الموجب للانقطاع أبو أيوب الشاذكوني، ومع ذلك فتبين بالتنقيب و التتبع التام أن الصواب في الحكم له بالراجحية، فما ظنك بما يدعيه من هو دون هؤلاء الحفاظ النقاد من العلل، هل يسوغ أن يقبل منهم في حق مثل هذا الإمام مسلما، كلا والله، والله الموقف .
العلة اصطلاحا
العلة في اصطلاح المحدثين: هي سبب غامض خفي يقدح في صحة الحديث مع أن الظاهر السلامة منه.
من شروط العلة أن تكون خفية.
فخرج بذلك العلل الجلية كالكذب وفسق الراوي وسوء حفظه...
الحديث المُعل هو خبر ظاهره السلام اطلع فيه بعد التفتسش على قادح.
والتفتيش يقصد منه تتبع طرق الحديث واعتبار أسانيده ومتونه.
قد يطلق المحدثون العلة علي غير هذا المعنى
قد يطلقونها على كل قادح في صحة الحديث خفيا كان أم جليا.
وهو استعمال اللفظ بمعناه العام.
يطلقها الترمذي على النسخ
لأن النسخ يمنع من العمل بالحديث مع صحته إسنادا ومتنا كما تمنع العلة
وهو استعمال خاص به لا يقدح فيما استعمله غيره من المحدثين.
التفريق بين مدرسة المغاربة والمشارقة لا اصل له: فمدرسة المحدثين واحدة والمغاربة أخذوا علم الحديث عن المشارقة