Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
قرة العين لشرح ورقات إمام الحرمين تأليف الشيخ الحطاب, الاجتهاد والمجتهد,…
قرة العين لشرح ورقات إمام الحرمين
تأليف الشيخ الحطاب
الاجتهاد والمجتهد
شروط المجتهد: العلم بالفقه أصلا وفرعا وخلافا ومذهبا.
مراده بالأصول أصول الفقه
مراده بالفروع المسائل المدونة في كتب الفقه
مراده بالخلاف المسائل المختلف فيها بين العلماء
فائدته ألا يخرج عن الأقوال المختلفة بأن ينشئ قولا آخر، فالأمة إذا أجمعت على قولين أو ثلاثة أقوال فالصحيح أنه لا يجوز إحداث قول خارج عنها. لأن انحصار الاختلاف في تلك الأقوال يقتضي بطلان ما عداها من الأقوال.
مراده بالمذهب
إن حمل المجتهد على المجتهد المطلق فيكون المذهب ما يستقر عليه رأي كل فقيه
وإن حمل المجتهد على المجتهد المقيد فالمراد بالمذهب مذهب إمامه.
من شروطه أن يكون عارفا بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام:
من النحو والفقه والحديث وعلومه، وآيات الأحكام وأحاديث الأحكام.
من الخلافات التي منشؤها النحو:
حديث "ذكاة الجنين ذكاةً/ذكاةُ" إن رفعنا معناه أن الجنين أصبح جزءا من أمه وأنه ذكي بذكاة أمه فيؤكل وإن وجد ميتا وهذا مذهب الجمهور. أما إن نصبنا فمعناه أنه يذكى مثل ذكاة أمه إن وجد حيا، وإلا فهو ميتة.
كذلك بعض المسائل الفقهية مبناها على الخلاف في بعض معاني الحروف.
الخلاف في مسح الرأس هل يعمم أو لا ناشئ عن الخلاف في معنى الباء هل هي إلصاقية أو زائدة أو تبعيضية.
لا بد أن يعرف الرجال لمعرفة من يؤخذ عنه ومن لا يؤخذ عنه.
إلا إن أخذ من الكتب التي التزم أصحابها الصحة كالبخاري ومسلم والإمام مالك إذا أسند. (لكن الموطأ فيه كثير من التعليقات والمراسيل).
معرفته بآيات الأحكام وأحاديثه كي لا يجتهد على خلاف النص.
ولا يشترط أن يعرف أسباب النزول.
ولا يشترط أن يكون حافظا للقرآن ولا لآيات الأحكام منه.
التقليد والمستفتي
المستفتي يقلد المجتهد إن وجده ولا يجوز له أن يجتهد.
إنما يقلد المفتي في الفتوى لا في الأفعال. أي فيما أخبر به من الحكم الشرعي لا في أفعاله.
التقليد أن تقبل قول القائل دون أن تعرف حجته.
وعليه فإن قبول قول النبي ﷺ لا يسمى تقليدا لأن قوله ﷺ حجة في نفسه.
مذهب الجمهور في مسألة اجتهاد النبي ﷺ أنه كان يجتهد ﷺ، لكنهم اختلفوا فمنهم من قال أنه يجتهد ﷺ في الشرعيات والدنيويات ومنهم من قال في الدنيويات فقط.
﴿عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ﴾ كون النبي ﷺ عوتب على إذنه للمنافقين بالتخلف في غزوة تبوك دليل على اجتهاده إذ لو كان وحيا ما عتب عليه ﷺ.
﴿مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُۥٓ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ﴾
وكذلك قوله ﷺ "لو استقبلت من أمر ما استدبرت" وهذا أيضا دليل على أنه كان يجتهد ﷺ.
كذلك ما جاء في حديث: " أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لأصحابهِ: أشيروا عليَّ في المنزلِ، فقال الحُبابُ بنُ المُنذِرِ لرسولِ اللهِ ﷺ: أرأيتَ هذا المنزِلَ أمنزِلٌ أنزَلَكَه اللهُ ليس لنا أن نتقدَّمَه ولا نتأخَّرَه؟ أم هو الرَّأيُ والحَربُ والمكيدَةُ؟ فقال رسولُ اللهِ ﷺ: بل هو الرَّأيُ والحَربُ والمكيدَةُ. قال: فإن هذا ليس بمنزِلٍ، انطلِقْ بنا إلى أدنى ماءِ القومِ"
مراتب المجتهد
إذا اجتهد كل واحد من هؤلاء المجتهدين في الفروع فله أجران وإن أخطأ فله أجر. إلا إذا قصر في اجتهاده.
المجتهد المطلق
مجتهد المذهب: هو الذي يمكنه أن يستدل للمسألة بنصوص زائدة على نصوص إمامه فيخرج أدلة خارجة عن أدلة مذهبه لمسائل مذهبه.
مجتهد الفتوى: لا يرجح من خارج المذهب ولا يستدل بما لم يستدل به أهل المذهب لكنه يُخَرِّجُ أي يقيس فرع على آخر.
حكم المجتهد بالنسبة لإصابة الحق
العلماء يقسمون إلى
مخطئة: الذين يرون أن حكم الله في كل المسألة واحد فإن أداه اجتهاده إلى معرفة ذلك الحكم كان مصيبا وإن أخطأ ذلك الحكم كان مخطئا وله أجر على اجتهاده وخطؤه مغفور إن شاء الله.
هذا هو مذهب الجمهور (ومذهب الإمام مالك)
لأن النبي ﷺ خطأ المجتهد تارة وصوبه أخرى.
مصوبة: يقولون أن كل مجتهد في الفروع مصيب لأن حكم الله عندهم في المسألة هو ما يصل إليه المجتهد باجتهاده، فما وصل إليه المجتهد باجتهاده هو حكم الله في حقه وفي حق من قلده، وعليه يمكن أن يتعدد الحق في المسألة الواحدة بتعدد اجتهادات المجتهدين.
هذا خاص بالفروع ولا يمكن القول به في العقائد والأصول.
من شرط المفتي أن يكون كامل الآلة في الاجتهاد
كمال الآلة معناه صحة الذهن وجودة الفهم وهذا منه ما هو فطري ومنه ما هو كسبي برياضة الذهن
لا يشترط أن يعرف الأحاديث الغريبة وإن كانت معرفة ذلك مفيدة.
المجتهد لا يجوز له أن يقلد غيره بل يعمل باجتهاده.
ومن وافق غيره من المجتهدين فإن ذلك محمول على أن اجتهادهما أوصلهما إلى ذلك لا على أنه قلده.
الاجتهاد هو بذل الوسع وكامل الطاقة في النظر في النصوص الشرعية حتى يحصل عنده ظن أن حكم الله في المسألة كذا.
الفروع التي فيها دليل قاطع المصيب فيها واحد باتفاق العلماء لأنه قد عرف قطعا دليلها.
باب الأمر
هو من الأبواب التي من أجلها تدرس أقسام الكلام.
الذي يبحث عنه هنا هو معرفة ما الذي يفيده الأصل اللغوي عندما تستعمل صيغة الأمر "افعل".
فالبحث متعلق بإدراك ثمرة الصيغ والأقوال.
تعريفه:
هو استدعاء الفعل بالقول على سبيل الوجوب
(هذا التعريف هو عند من يقول بالكلام النفسي)
أي هو طلب واقتضاء، والمقصود بالفعل هنا ما ليس انفعالا لأنه لا يدخل تحت الطلب والتكليف لأنه فوق الطاقة والقدرة.
"بالقول": القول وسيلة من وسائل تبليغ الأمر.
والباء للاستعانة أو الآلة.
وهذا يخرج الطلب بالإشارة والكتابة والقرائن المفهمة، فإنها لا تسمى أمرا.
استدعاء الفعل يخرج به النهي.
"على سبيل الوجوب": هذا قيد يقتضي أن المندوب ليس مأمورا به، لأن المندوب طلب للفعل طلبا غير جازم.
إلا أنه اختلف في كون المندوب مأمورا به أم لا.
فمن قال بأن لفظ الأمر حقيقة في
الوجوب ؛ فإنه يقصره على الوجوب فقط، ومن قال: إنه حقيقة مشرتكة بين الندب والإيجاب وهو طلب الفعل فإنه يرى أن لفظ الأمر يطلق على الوجوب وعلى المندوب بلا فرق.
وفي هذه المسألة مذاهب، قيل إن لفظ الأمر حقيقة في الوجوب فقط، وقيل هو حقيقة في الندب فقط، وقيل هو حقيقة في القدر المشترك بينهما وهو الطلب.
الأمر لا يكون أمرا إلا إذا توجه إلى من هو دون المستدعي أو دون الآمر.
فإن توجه القول إلى مساو أو إلى من هو أعلى من المتكلم فهذا لا يعد أمرا.
إلا أن اشتراط العلو والاستعلاء ليسا شرطا معتبرا وصحيحا عند الجمهور.
(العلو من صفات الآمر والاستعلاء من صفات كلامه)
صيغة الأمر الدالة عليه
هل للأمر صيغة تخصه؟
الذي انتهى إليه القول الأصولي هو أن للأمر صيغة تدل عليه وهي صيغة (افعلْ).
هذا هو الذي تقرر في المسألة.
وينبغي التنبيه أن صيغة الأمر لا تنحصر فقط في الوزن الصرفي (افعلْ)، وإنما المقصود بالتعريف كل ما دل على الأمر من الأوزان والتراكيب التي منها على سبيل التمثيل وزن (افعلْ).
فالفعل المضارع إذا دخلت عليه لام الأمر فإنه يفيد الأمر
تنبيه مهم جدا!!!!!
كل هذه الصيغ هي حقائق في الأمر، أي أن ظاهرها يفيد الأمر بالمعنى المذكور. فينبغي حملها على ذلك ولا ننتقل عن ذلك إلا بدليل.
على ماذا تحمل صيغة الأمر (افعل) إذا تجردت من القرائن
يجب حمل صيغة الأمر على الوجوب عند الإطلاق والتجرد عن القرينة الصارفة عن الوجوب.
وذلك لأن صيغة الأمر تأتي لأكثر من 30 معنى من بينه الوجوب وهو الأصل فيها، فلا ينبغي الانتقال عن الأصل إلى بدليل.
ومن المعاني الأخرى التي تفيدها صيغة الأمر: الندب، الإباحة، التسخير، الإهانة، التهكم، الخلق، الإيجاد، التهديد
فأول ما يفهم من صيغة الأمر أنها تفيد الوجوب، ثم ينظر في القرائن والدلائل التي تنقل عن هذا الأصل إلى معنى آخر من معاني صيغ الأمر.
وقول الناظم "إلا ما دل الدليل" ظاهره أن الاستثناء منقطع فيفهم أن المقصود هو القرينة لا الدليل نفسه، أما إن كان الاستثناء متصلا فيفهم أن الدليل هو نفسه الذي يصرف عن إرادة معنى الوجوب.
وتختص القرينة بما كان متصلا بالصيغة أما الدليل فهو يختص بما كان منفصلا عنها. لأن ما كانت فيه القرينة منفصلة فهو داخل في المجرد عن القرينة.
مثال القرينة (المتصلة) قوله تعالى:
﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌۭ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌۭ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَٱلْـَٔـٰنَ بَـٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُوا۟ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ ۚ﴾
جاء الأمر بالمباشرة بعد التصريح بالإباحة، فكانت هذه قرينة صرفت الأمر عن الوجوب إلى الإباحة والإذن.
مثال القرينة المنفصلة/الدليل:
أن النبي ﷺ باع ولم يشهد مع أنه قال سبحانه ﴿وَأَشْهِدُوٓا۟ إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ ﴾
هل صيغة الأمر المجردة تدل على التكرار أم لا؟
المسألة خلافية. والصحيح ومذهب الجمهور أنها لا تقتضي التكرار.
وهي كذلك لا تقتضي المرة لأن المرة من ضرورياتها، بمعنى أن صيغة (افعل) أقصى ما تدل عليه هو طلب إدخال المأمور به إلى الوجود، أما التعرض للكمية فهذا ليس مما يفيده الأمر.
ويستحيل إيجاد الشيء المأمور به إن لم تأت به ولو مرة واحدة.
فالمرة الواحدة لم تدل عليه صيغة الأمر (افعل) إنما هو من مستلزمات الأمر ومن مقتضياته الضرورية.
لماذا لا نزيد على هذه المرة؟
الجواب لأن الأصل براءة الذمة مما زاد على تحصيل المأمور.
فلا يمكن أن نرتب الواجبات في ذمة المكلف إلا بدليل يقضي بذلك، فإن عدم الدليل فإننا نبقى على الأصل ونعمل به.
أما إن ورد دليل شرعي يفيد تكرار الأمر وجب المصير إلى ذلك.
هناك من قال أنه يقتضي التكرار.
وأن على المكلف أن يملأ وقته كله بهذه العبادة المأمور بها إذ لا يحل له أن يرجح وقتا على وقت آخر إلا بدليل.
قيل هو يقتضي المرة.
فجعلوا دلالة الأمر على المرة ثابت بالوضع لا باللزوم كما قاله الجمهور.
وقال بعضهم بالتوقف
الأمر المطلق لا تدل صيغته لا على الفور ولا على التراخي.
لا علاقة لصيغة "افعل" بإفادة الفور ولا إفادة التراخي. لأن الغرض من صيغة "افعل" إنما هو إيجاد الفعل من غير اختصاص بالزمن الأول ولا بالتالي. وهذا قول جماهير العلماء.
إنما يستفاد الفور أو التراخي من دليل يدل على أحدهما.
فإن وجد في أوامر الشرع ما هو محمول على الفور كالحج عند بعض أهل العلم فإنه يحمل الأمر على الفور آنذاك.
من قال بأن الأمر يقتضي التكرار قال بأنه يقتضي الفور كذلك. وهذا التلازم مفهوم لأن الفور من لوازم التكرار.
الأمر بإيجاد الفعل أمر به وأمر بما لا يتم إلا به. فأنت مأمور بإيجاد الفعل المأمور به ومأمور في ذات الوقت بالإتيان بما يتحقق به ذلك الفعل.
"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"
الأمر بالصلاة أمر بالطهارة. ولا يمكن الإتيان بالصلاة إلا بالطهارة، ما دام قد اندرج في مقام العزيمة.
إذا أمرت بالفعل فهذا يترتب في ذمتك باعتباره مطلوب الإيجاد + تكون مطالبا يما يتم به ويتوصل به إلى إيجاد ذلك الفعل.
فإذا أتيت بهذه الأمور وحققت المطلوب يأتي وصف شرعي اعتباري يتصف به الفعل الذي أتيت به وهو يسمى "الإجزاء"
عهدة الأمر:
هي أمر مفروض اعتبارا بمعنى أن هذا الشيء المأمور به تعلق بك وصار لازما لك كأنه ربقة أو عهدة تربطك فلا تستطيع أن تخرج عن حدودها إلا بالإتيان بالمكلف به. فهي إذن وجه اعتباري يفرض متصفا به المكلف حقيقة.
وحينما تفعل ذلك المكلَّف به، يرد على هذا الفعل وصف شرعي يسمى "الإجزاء".
وهل يلزم من الإجزاء القبول أم لا؟ الصحيح أنه لا يستلزم القبول.
هل الأمر بالشيء نهي عن ضده؟
ونتيجة هذه المسألة هو معرفة عدد الأحكام التي يفيدها الأمر، حكم واحد أم حكمين.
ذهب الجمهور إلى أن الأمر يقتضي النهي.
أولا المراد بالأمر هنا هو الأمر النفسي وليس الأمر اللفظي، لأن الأمر اللفظي لا نزاع في أنه ليس نهيا عن الضد لأن ذلك أمر مستحيل أن توضع الصيغة للأمر وأن تفيد النهي.
لذلك نقيد الأمر هنا بالأمر النفسي والنفسي هو هذا المعنى الذي يقوم بنفوسنا ويمكن حين قيامه بالنفس أن تستحضر معه هذا النهي الذي يفهم منه.
فالسؤال الدقيق هو: هل يتلازم الأمر النفسي مع النهي عن ضد المأمور به؟
كما أن المقصود بالضد هنا هو الضد الوجودي الذي لا يجتمع مع الأمر في مدلوله ومعناه.
لأنه ثمة أضداد للشيء ولكنها لا ترفع وجوده حقيقة، فالضد المقصود هنا هو الذي إذا حضر، ارتفع المأمور به.
فالذي يبحث هنا هو هذه الصورة النفسية: إذا حضر الأمر في النفس هل يحضر معه ما هو النهي عن الضد بحيث يصيران ذاتا واحدة أو بحيث يصيران متلازمين؟
من يرى التلازم بين الأمر النفسي ونفي الضد الوجودي فإن الأمر بالجلوس عندهم نهي عن القيام.
فعين تعلق الأمر بالشيء هو عين تعلقه بالكف عن ضده.
فيكون بالتالي الأمر عند أهل هذا المذهب يفيد حكمين: إيجاد المأمور به + نهي عن إيجاد ضده.
ومن ذهب هذا المذهب اختلفوا في نوع العلاقة بين الأمر والنهي.
فقال قوم بالوحدة الذاتية بين الأمر والنهي، وقال قوم أن النهي ليس هو عين الأمر ولكنه من لوازمه التي لا يوجد إلا بها فهما لا ينفكان في الخارج.
أما من ناحية المفهوم، ما يفهم، من حقيقة الأمر وحقيقة النهي فهما متغايران بالضرورة
شرح المقدمة
تعريف أًصول الفقه
معناه الإضافي: هو ما يفهم من مفرده من غير تقييد الأول بإضافته للثاني.
معناه باعتبار الألفاظ
معنى لقبي: وهو العلم الذي جعل هذا التركيب الإضافي لقبا له.
معناه باعتبار عرف أرباب هذا الفن.
الأصل في أسماء الإشارة أن يشار بها إلى موجود محسوس.
قد يشار بها إلى ما في الذهن مجازا
الحمدلة والبسملة يغني بعضهما عن بعض
جمع المذكر السالم أو جمع المؤنث السالم إذا كان منكرا فإنه يدل على القلة وإذا عرِّف فإنه يخرج من القلة إلى الكثرة.
ونكتة ذكر "ورقات" بجمع القلة هو من باب تحفيز وتنشيط الطالب، والإشارة إلى أن الأمر لن يشق عليه. كما قال تعالى في شهر رمضان ﴿أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۚ﴾
تعريف الفصل: هو اسم لطائفة من المسائل تشترك في حكم.
التأليف: حصول الألفة والتناسب بين الجزأين.
والمجاز لا يصار إليه إلا إذا تعذرت الحقيقة
المقصود بالمفرد في هذا السياق هو المقابل للمركب.
الدراسة الأصولية الأصل فيها أنها تتجه إلى طبيعة اللسان الإنساني البشري
أقسام الكلام
أقسام الكلام من جهة أقل ما يتركب منه
اسمان
اسم وفعل
فعل وحرف: "ما قام"
من الناس من قال بأن الحرف مع الفعل كلام ولكن لابد أن يكون مفيًدا، نحو "قد جاء" بشرط أن يكون الفاعل معروًفا مما سبق من السياق والقرائن.
"زيد قام"
هل هذا الضمير الذي يرجع إلى زيد معدود من الكلام أو لا؟
قالوا إنه لا يعد من الكلام؛ لعدم ظهوره وعدم النطق به ، لكن الجمهور على أنه كلام؛ لأن اللفظ إذا ما أدرك معناه سواء ذكر أو أضمر فهو يعتبر كلاما ما دام اللفظ يدل عليه.
اسم وحرف:
"يا زيد"
إلا أن هذا الحرف في الحقيقة ينزل منزلة الفعل، إذ يقوم مقام فعل النداء.
أقسام الكلام من حيث الدلالة والمعنى
أمر: ما يدل على طلب تحصيل الفعل
نهي: ما يدل على طلب تحصيل الترك
الخبر: ما يحتمل الصدق والكذب لذاته
استخبار وهو الاستفهام
أقسام الكلام من حيث دلالته على الطلب
تمنٍّ: طلب ما لا طمع فيه أو ما فيه عسر بحسب حال الشخص.
ويمتنع التمني في الواجب
عرضٍ: هو الطلب برفق
التحضيض: هو الطلب بحثٍّ وعنف
القسم:
أقسام الكلام من حيث دلالته على ما وضع له
حقيقة
لغة: الثبوت، الاستقرار. يحق = يثبت
اصطلاحا:
استعمال اللفظ قي ما وضعته له العرب أولا / ما بقي في الاستعمال على موضوعه
وقيل: ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة وإن لم يبق على موضوعه الذي وضع له في اللغة.
مذهب من ينفي الحقيقة الشرعية ويثبت الحقيقة اللغوية كلها ، فيقول: كل هذا الذي تسمونه بالحقيقة الشرعية ما هو إلا حقيقة لغوية؛ لأن المعنى اللغوي موجود فيه، ثم عليه هذه الأمور التي زادهتا الشريعة عليها.
فالمعنى ما زال على حاله، وهذه الزيادة لا تخرج هذا اللفظ عن حقيقته.
هذا المسلك ينسب للإمام الباقلاني وهو أن اللفظ ما دام معناه موجودا فالزيادة عليه أو قصره على بعض معناه لا يخرجه عن الحقيقة.
لكن الجمهور على خلاف هذا المذهب، فهم يرون أن اللفظ إذا لم يستعمل في معناه الأصلي بتمامه من غير زيادة ولا نقصان فهذا اللفظ ليس حقيقة، بل هو مجاز.h
مجاز
لغة: مكان الجواز، أي مكان يجوز فيه الناس. فمجاز الماء محل جوازه.
اصطلاحا:
هو ما تعدي به عن موضوعه اللغوي، وهذا على القول الأول في تعريف الحقيقة.
هو استعمال اللفظ لغير ما وضع له لعلاقة بينه وبين المعنى الأصلي
أما على القول الثاني من تعريف الحقيقة، هو ما استعمل في غير ما اصطلح عليه من المخاطبة.
سبب الكلام على هذا الموضوع هو أن الوحي المنزل كلام. فلذلك يعتنى به لمعرفة ما قصد بالكلام بالذات.
ويمكن تقسيم الكلام حسب جهات وحيثيات مختلفة.
الغرض من هذه المباحث هو التوطئة للكلام على بعض الألفاظ التي هي محل الدراسة الأصولية.
كالأمر والنهي...مثلا
المجمل والمبين
البيان يطلق على 3 أشياء
على التبيين الذي هو قول المبيِّن
على ما حصل به التبيين، أي الدليل
على متعلق التبيين ومحله وهو المدلول
النص
والنص عند الفقهاء له معنى آخر، وهو مادل على حكم شرعي من كتاب أو سنة سواء كانت دلالته نصا أو ظاهرا.
الظاهر والمؤول
الظاهر ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الآخر لأنه المعنى الحقيق.
هو الاحتمال الراجح.
المؤول هو عكس الظاهر، أي هو الاحتمال المرجوح. وهو لا يقبل إلا إذا قوته أدلة أخرى وإلا كان تأويلا ضعيفا.
﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌۭ فَلَا يَقْرَبُوا۟ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا ۚ ﴾
هذا اللفظ ظاهر في النجاسة الحسية فلا يدخل المسجد وفضلة شرابه نجسة، إلا أن هذا الظاهر عارضته أدلة أخرى فكان تأويله هو الأقوى.
منها أن الله تعالى أذن بالزواج من الكتابية، والزواج مظنة اختلاط الريق العرق ولم يؤمر المسلم أن يغتسل من ذلك
المؤول يسمى أيضا "ظاهرا بالدليل"
تعريفه: هو ما لا يحتمل إلا معنى واحدا.
العلم مثلا أو العدد لا يحتمل إلا معنى واحدا.
وقيل في تعريفه: "ما تأويله تنزيله" فإنه يفهم معناه بمجرد نزوله ولا يتوقف فهمه على تأويله.
والنص لغة معناه الرفع، فكان مرتفعا في معناه ظاهرا ظهورا لا اشتراك فيه ولا خفاء.
والمجمل في الاصطلاح هو ما افتقر إلى بيان/ هو اللفظ الذي يحتمل معنيين فأكثر دون أن يكون مترجحا في واحد من هذه المعاني.
ويتعين الترجيح بدليل مستقل.
مثال تمييزه بلفظ آخر قول النبي ﷺ: "فإن غم عليكم فاقدروا له"
وهذا يحتمل معنى إتمام صيام شهر شعبان، ويحتمل أن يكون بمعنى التضييق وعليه يحسب شهر شعبان 29 يوما ويحتمل أن يكون بمعنى الحساب والتقدير.
وجاء بيان هذا اللفظ في قوله ﷺ: "فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبا 30 يوما"
وهذا البيان جاء في لفظ آخر للحديث (لا يعتبر دليلا منفصلا؟)
قوله تعالى: ﴿وَءَاتُوا۟ حَقَّهُۥ يَوْمَ حَصَادِهِۦ ۖ ﴾
الحق مجمل يحتاج إلى بيان لأنه لا يعرف قدر هذا الحق. فجاءت أحاديث النبي ﷺ تبين مقدار هذا الحق.
وهذا البيان جاء في دليل منفصل.
تعريف البيان: إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي والظهور والوضوح.
أورد على هذا التعريف أمران
أنه لا يشتمل التبيين ابتداء قبل تقرير الاشكال.
أن التبيين أمر معنوي والمعاني لا توصف بالاستقرار في الحيز. والمجاز مجتنب في التعريف
المجمل لغة من "أجملت الشيء" إذا جمعته.
وفي الحديث أنه بلَغَ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ أنَّ فُلانًا باعَ خَمْرًا، فَقالَ: قاتَلَ اللَّهُ فُلانًا! ألَمْ يَعْلَمْ أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: قاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ؛ حُرِّمَتْ عليهمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوها فَباعُوها؟!
وجملوها هنا معنى خلطوها وأذابوها.
من أمثلة ما يكون مجملا: اللفظ المشترك لأنه يفتقر إلى ما يبين المراد من معنييه أو معانيه.
القياس
أنواع القياس من حيث الجامع
قياس العلة: هو ما كانت العلة فيه موجبة للحكم. كالإسكار علة في تحريم النبيذ. فالعلة في هذا النوع تكون ظاهرة فيه ظهورا لا يحسن معه تخلف الحكم.
والعلل الشرعية هي معرفات للحكم بوضع الشارع وليست كالعلل العقلية التي ينشأ عنها معلولها دون تخلف.
ولا يقصد هنا الإيجاب العقلي بمعنى أنه يستحيل عقلا تخلف الحكم عن العلة.
يجمع فيه بين الأصل والفرع بنفس العلة، بعلة مصرح بها.
يدخل تحته قياس الأولى.
واختلف في هذا النوع من القياس هل دلالته قياسية أم لا؟
منهم من ذهب إلى أن دلالته غير قياسية وإنما هي من دلالة اللفظ على الحكم. وهو مفهوم الموافقة.
فالشافعي جعل دلالته قياسية والكثير من الأصوليين يرون أن دلالته من قبيل دلالة الألفاظ.
قياس الدلالة: هو الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، وهو أن تكون العلة دالة على الحكم ولا تكون موجبة له.
هذا النوع هو غالب الأقيسة ويكون الحكم فيه لعلة مستنبطة. كالحكم بأن علة طعام الربا هو الاقتيات والادخار. فهذه العلة ليست موجبة للحكم وإلا لما اختلف فيها. هي علة مستنبطة.
يجمع فيه لا بنفس العلة لكن بلازمها أو أثرها أو حكمها.
يمثل له بقياس مال الصبي على مال البالغ في وجوب الزكاة بجامع أنه مال نام.
فكون المال نام، وصف موجود في مال الصبي ومال البالغ فكان ذلك جامعا لقياس مال الصبي على مال البالغ.
لكن العلة ليست موجبة للحكم، وقد اختلف العلماء في ذلك إذ قال الحنفية أن الزكاة من الأحكام التكليفية كالصلاة والصوم وهي لا تجب على الأطفال فرأوا أن الزكاة كذلك.
مثال الجمع بالأثر، أن يقاس القتل بالمثقل على القتل بالمحدد فيكون عليه القصاص. الحنفية يقولون إنه لا قصاص إلا في القتل بالمحدد.
الجمهور يقولون أنه يقتص من القاتل في المثقل كما يقتص من القاتل في المحدد بجامع الإثم (والإثم هو أثر من آثارها)
مثال الجمع بالحكم: أن يقال أن الجماعة تقطع بالواحد كما يقتلون بالواحد بجامع وجوب الدية عليهم في ذلك إذا كانوا فعلوه من غير عمد
قياس الشبه: يكون الفرع مترددا بين أصلين يمكن إلحاقه بكل واحد منهما، لكنه أشبه بأحدهما فينبغي أن يلحق بما هو أشبه به.
وهو أضعف أنواع القياس ولا يصار إليه مع إمكان غيره.
مثل له بالعبد المقتول، فإنه متردد في الضمان بين الإنسان الحر من حيث إنه آدمي، وبين البهيمة من حيث إنه مال؟
هو بالمال أكثر شبها من الحر، فينبغي أن يلحق بالمال.
قياس لا فارق، قياس الأولى (هو مفهوم الموافقة
يجمع فيه بين الأصل والفرع لا بنفس العلة ولا بشيء من لوازمها وإنما بنفي الفارق.
أركان القياس
الفرع وهو المقيس
له شروط
أن يكون مماثلا للأصل في اللعلة. وهذا التماثل تارة يكون في عين العلة وتارة يكون في جنسها.
في عين العلة كقياس النبيذ على الخمر لعلة الإسكار.
في جنس العلة: كالقصاص في الأطراف قياسا على القصاص في النفس بجامع الجناية.
علة القصاص في النفس هو القتل، أما في الأطراف فالعلة هي قطعها. والقتل والقطع يشتركان معا في جنس يقال له "الجناية".
الأصل وهو المقيس عليه
من شرطه أن يكون ثابتا بدليل متفق عليه بين الخصمين. وأن تكون العلة متفق عليها كذلك بين الخصمين.
كالزكاة في حلي الصبية، فالمالكية والشافعية لا يقولون بالزكاة فيه لعلة كونه مالا مباحا، أما الحنفية فالعلة عنده هي كونه مال صبي.
فالشرط أن يكون الأصل الذي يقيس عليه ثابت بدليل صحيح عند القائس
العلة: هي المعرف للحكم بوضع الشارع.
هي الجالبة للحكم، أي الوصف المناسب لترتب الحكم عليه.
من شروطها أن تطرد في معلولاتها بحيث إذا وجدت الأوصاف وجد الحكم. فلا تنتقض لفظا ولا معنى.
لا تنتقض لفظا بأن تصدق الأوصاف المعبر بها عن العلة في صورة لا يوجد معها الحكم.
إذا عللنا القصاص بأنه القتل العمد العدوان لمكافئ في قياس القتل بمثقل على القتل بمحدد. وهذا موجود في المثقل كما يوجد في المحدد. إلا أن هذه العلة منتقضة في الوالد إذا قتل ولده فإنه لا يقتل به.
هذه المغايرة لا يترتب عليها كبير شيء لأن الانتقاض في الجملة هو وجود العلة دون وجود الحكم.
هذا قادح من قوادح العلة يسمى النقض.
الجمهور يرون أن النقض غير قادح وأنه مجرد تخصيص للعلة. والنقض هو تخلف الحكم عن العلة في بعض الصور.
فعلة الزكاة هي الغنى لكن بعض صور الغنى لا تلزم فيها الزكاة.
ولا تنتقض معنى بأن يوجد المعنى المعلل به ولا يوجد الحكم.
إذا قال قائل أن العلة في زكاة المواشي هي دفع حاجة الفقير فإن هذا المعنى منتقض لأن صاحب الجواهر أو العقارات يكون غنيا بها ويمكنه دفع حاجة الفقير لكن الزكاة لا تلزمه فانتقض المعنى المعلل به هنا.
حكم الأصل الذي يراد إثباته للفرع
من شروط الحكم أن يكون تابعا للعلة، أي أن يدور معها وجودا وعدما. هذا إذا كانت العلة واحدة، أما إذا تعددت العلل فإنه لا يلزم من انتفاء العلة انتفاء المعلول.
أنواع القياس من حيث ظهوره وخفائه
قياس جلي: هو ما قطع فيه بنفي الفارق، أو كان ثبوت الفارق فيه احتمالا ضعيفا.
قياس خفي: ما كان الفارق فيه معتبرا
تعريفه لغة: هو بمعنى التقدير، يقال "قست الثوب" إذا قدرته، ويطلق على التشبيه "قست الشيء بالشيء" أي شبهته به.
اصطلاحا: هو رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم.
أو هو حمل معلوم على معلوم لمساواته له في علة الحكم.
مثل المؤلف للقياس بقياس الأرز على البر في الربا.
فنهى النبي ﷺ عن المفاضلة بين ما ذكره في حديث الربويات. والأئمة الأربعة على أن العلة ليست قاصرة على هذه المذكورات وأنه يقاس عليها غيرها. لكنهم احتلفوا في العلة التي يقاس عليها.
فالعلة عند الإمام مالك هي الاقتيات والادخار، والعلمة عند الإمام الشافعي هي المطعومية، والعلة عند الحنفية والحنابلة هي الكيل والوزن.
والأرز جار على أي علة من هذه العلل.
الإجماع
حكم الإجماع:
إجماع هذه الأمة حجة دون غيرها من الأمم. لورود الشرع بعصمة هذه الأمة.
الإجماع حجة على العصر الثاني ومن بعده.
والإجماع حجة في أي عصر كان. سواء كان في عصر الصحابة أو في عصر من بعدهم.
فالإجماع ليس خاصا بعصر الصحابة
صور انعقاد الإجماع
الإجماع القولي: أي أن المجتهدين يقولون قولا ويتفقوا عليه.
الإجماع الفعلي: أن يجمع المجتهدين جميعا بفعلهم على على أمر معين. فعلهم جميعا له يدل على مشروعيته.
قيل أن هذا النوع لا يكاد يقع لأن الأمة تتكلم بما تجمع عليه.
بعض أهل العلم مثل لمشروعية الإجماع الفعلي بمشروعية الختان.
الإجماع السكوتي: يتكلم بعض المجتهدين بكلام شرعي أو يجمعون على فعل ويسكت سائر المجتهدين بعد أن بلغهم ذلك الحكم ولم يتكلموا. فسكوتهم هذا دليل شرعي.
اختلف في حجيته.
منهم من قال هو إجماع.
ومنهم من قال أنه ليس حجة ولا إجماع.
المشهور أنه حجة وأنه لا يبلغ درجة الإجماع.
تعريفه
لغة هو العزم، ومنه قوله تعالى:
﴿فَأَجْمِعُوٓا۟ أَمْرَكُمْ﴾
اصطلاحا هو اتفاق علماء عصر واحد من أمة محمد ﷺ بعد وفاته على حكم شرعي
المقصود بالعلماء هم المجتهدون.
ولا عبرة بالعوام.
الإجماع لا ينعقد في حياة النبي ﷺ وإنما ينعقد بعد وفاته ﷺ. فبعد وفاته ﷺ لم يبق أحد معصوم لكن الأمة معصومة بجملتها.
عصمة الأمة إنما هو فيما تعلق بالحادثة الشرعية، أي بالحكم الشرعية.
فإن أجمعت الأمة على حادثة عادية أو طبية أو غير ذلك، فهي ليست معصومة في ذلك الإجماع.
بعض أدلة الإجماع:
﴿وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِۦ جَهَنَّمَ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرًا ١١٥﴾
هذه الآية تدل على أن سبيل المؤمنين حق ومن نكَّب عنه وخالف إجماع الأمة فهو لا محالة على باطل.
قوله ﷺ: لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظاهِرِينَ على الحَقِّ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، حتّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وفي رواية: وهُمْ كَذلكَ.
فإذا أجمعت الأمة معناه أن هذه الطائفة التي هي على الحق قد أجمعت كذلك، إذن ما تم الإجماع عليه هو حق.
هل يشترط انقراض العصر؟
الصحيح أنه لا يشترط، يعني أن الإجماع بمجرد انعقاده فإنه يكون حجة ولا يحتاج إلى انعقاد العصر.
وذلك لسكوت أدلة حجية الإجماع على ذلك.
فلو اجتمع المجتهدون في عصر على حكم ما فإنه ليس لهم ولا لأحد غيرهم أن يخالفوه بعد الاتفاق لأنه يصير بعد ذلك دليلا قطعيا
ترتيب الأدلة
يقدم الدليل الجلي على الدليل الخفي
فتقدم الحقيقة على المجاز مثلا
يقدم الظاهر على المؤول
يقدم ما كان دالا على التأسيس على ما كان دالا على التأكيد
يقدم النطق، أي النص من الكتاب والسنة، على القياس.
إلا أن يكون النطق عاما فيخص بالقياس.
وهذا قادح من قوادح العلة يقال له فساد الاعتبار وهو أن يكون القياس مخالف للنص.
مثال التخصيص بالقياس:
قال تعالى ﴿ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُوا۟ كُلَّ وَٰحِدٍۢ مِّنْهُمَا مِا۟ئَةَ جَلْدَةٍۢ ۖ﴾ هذا عام في كل زان وكل زانية وقد خصص القرآن الكريم الإماء بأنهن يجلدن نصف ذلك أي 50 جلدة.
إذن الزانية الأمة خصصت بالنص. الزاني العبد يخصص قياسا على الأمة الزانية إذ لا فرق بينهم، فينصف الحد في حق العبد قياسا على الأمة.
يقدم الدليل الموجب للعلم على الدليل الموجب للظن
كأن تتعارض آية مع حديث آحاد وكلاهما ظنيا الدلالة.
إلا أن يكون الأول عاما فيخص بالثاني.
نبقى على البراءة الأصلية إلى أن يوجد نصا من كتاب أو سنة، أو إجماع أو قياس ينقل عن تلك البراءة الأصلية.
الناقل عن البراءة الأصلية مقدم على الذي يبقي عليها.
فقوله ﷺ مثلا "من مس ذكره فليتوضأ" غير جار على البراءة الأصلية. وهو مرجح على حديث "إنما هو بضعة منك" بعدة مرجحات، من بينها أنه ناقل عن البراءة الأصلية.
ويقدم القياس الجلي، كقياس العلة، على القياس الخفي كقياس الشبه مثلا.
أقسام الحكم الشرعي
الأحكام التكليفية: هي التي تتعلق بالمكلف
الواجب: ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه، أي الواجب من حيث وصفه بالوجوب.
"صلاة الظهر يثاب عليها ويعاقب على تركها من حيث وصفها بالوجوب".
فالثواب على الفعل والعقاب على الترك أمر لازم للواجب من حيث وصفه بالوجوب وليس هو حقيقة الواجب.
التعريف العام للواجب هو ما طلب الشارع فعله طلبا جازما.
(وهذا التعريف فيه نظر إلى علاقة المعرف بخطاب الشارع)
لزوم العقاب قد يتخلف عند عفو الله تعالى.
أورد على التعريف على أنه غير مانع لدخول كثير من السنن فيه. (فمن السنن ما يعاقب على تركه كلية، فالسنة قد تكون واجبة بالكل)
المندوب:
لغة مأخوذ من الندب وهو المطلوب والمدعو إليه
(والندب أيضا هو الصراخ الذي فيه المناداة).
شرعا هو ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه. (فسره المؤلف بالثمرة كذلك).
نقول: هو ما طلب الشارع فعله طلبا غير جازم.
يعبر عنه بالسنة ويعبر عنه بالمستحب أو التطوع.
إلا أن التعامل مع هذه المصطلحات يختلف بحسب المذاهب. إذ من المذاهب من يجعل هذه الأسماء كلها مترادفة كالمالكية مثلا، ومنهم من يفرق بينها في المعنى.
المباح:
من حيث وصفه بالإباحة هو ما لا يتعلق بكل من فعله ولا تركه ثواب ولا عقاب.
ما ورد الخطاب فيه بالتخيير فهو المباح
الكعبي يرى أن المباح مندرج في الواجب من حيث أنه يعين على دفع حرام، فالذي لم يفعل المباح قد يفعل الحرام. بالتالي فمن حيث أنه يترك به الحارم وترك الحرام واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. نخلص إلى أن المباح يندرج تحت الواجب.
كما قد تنظر إليه من حيث أنه يقوي الشهوة ويوقذ في النفس الرغبة فيقع تحت الحرام.
من المباح ما هو مطلوب ومنه ما هو قريب من المنهي عنه.
المحظور / الحرام:
ما يثاب على تركه امتثالا (استجابة على النهي) ويعاقب على فعله.
قيد ترتب الثواب على الترك في المحظور والمكروه امتثالا لأن المحرمات والمكروهات يخرج الإنسان من خطر عقوبتها بمجرد تركها وإن لم يقصد إلى تركها بل وحتى إن لم يشعر بها. لكنه عند عدم القصد لا يترتب الثواب على الترك إلا إذا قصد به الامتثال، والأجر على قدر النصب المشروع.
غياب هذا القيد في تعريف الواجب والمندوب لأنه لا يتأتي الاتيان بالواجب أو المندوب إلا إذا قصد بها الامتثال.
فلما كان قصد الامتثال مدركا من العادة استغني من هذا القيد.
قد يعزب حضور هذه النية في بعض الواجبات فيتخلف فيها الثواب لكن تبرؤ بها الذمة. مثال ذلك نفقة الزوجة والأولاد، فإن غالب الناس يغفل عن قصد الامتثال ومع ذلك تبرؤ ذمتهم، ولو استحضروا قصد الامتثال لأثيبوا على ذلك.
فالنية تصير الأعمال العادية قربة.
المكروه:
ما يثاب على تركه امتثالا ولا يعاقب على فعله
الأحكام الوضعية: هي التي تتعلق بما وضعه الشرع من علامات
الصحيح:
تعريفه: الصحيح من حيث وصفه بالصحة ما يتعلق به النفوذ، كحل الانتفاع في البيع والاستمتاع في النكاح ويعتد به في الشرع.
فوصف العبادة أو المعاملة بالصحة فهي ماضية في إثمارها لآثارها وإفادتها لأحكامها.
هو وصف يطلق على العبادات والمعاملات، فهو وصف عام يشملهما. وهو يطلق على ما وافق الشرع.
والصحيح له جهات. فمن حيث إنه وضعه الشارع علامة على الحكم فإنه حكم وضعي/خطاب الوضع، ومن حيث إنه تترتب عليه المنافع فهو يسمى مبيحا، أما من حيث وصفه بالصحة في الاصطلاح فهو ما يتعلق به النفوذ.
(ولا يوصف بالصحة إلا ما أمكن وصفه بالبطلان، أما ما لا يمكن وصفه بالبطلان فوصفه بالصحة مجاز أو تجوز)
"النفوذ" هو التأثير، فيحول الحكم الأصلي فيه إلى حكم آخر، وذلك الحكم له النفوذ في الموصوف به.
كما أن المقصود ب"النفوذ" البلوغ إلى المقصود، فالذي يشتري الشيء يريد أن يتوصل بهذا الشراء إلى الاكتساب الحلال وملك هذا الذي يشتريه ملكا مشروعا.
فإن الذي يتوصل به إلى ذلك الاكتساب الحلال هو البيع الصحيح، وهو من حيث وصفه بالصحة تترتب عليه ثمراته التي هي حل الانتفاع وثبوت الملكية.
ويقال مثل هذا في عقد النكاح أيضا، فالمقصود به هو الوصول إلى حلية الاستمتاع.
وهذا هو معنى الصحيح في المعاملات.
معنى الصحة في العبادات هو انعقاد الفعل موافقا للشرع
أصله اللغوي هو من "نفوذ السهم" أي بلوغه المقصود، فكأن هذا الشيء الموصوف بالصحة كأنه سهم أوصل إلى شيء يراد اقتناصه فيصيبه
"يعتد به في الشرع" بمعنى يعتبر مقبولا في هذه الشريعة.
لفظ الشرع يطلق على معان ثلاثة: يطلق على الشريعة، ويطلق على الشيء المشروع، ويطلق على صاحب الشرع نفسه.
"بأن يكون قد جمع ما يعتبر فيه شرعا عقدا كان أو عبادة"، وهذا الذي يعتبر في العبادة شرعا تفصيله في الفقه (من شروط وأركان...).
النفوذ من فعل المكلف، فهو الذي أتى بأسباب الصحة وشروطها.
أما الاعتداد فهو من فعل الشارع وليس من فعل المكلف.
وذهب بعضه إلى أن النفوذ والاعتداد كلاهما من الشرع. لأن المكلف إذا أتى بالفعل مستجمعا شروطه فإنه لا يستطيع أن يثبت حكم النفوذ ووقوعه والذي يقضي بذلك هو الشارع.
ومع القول بأن المكلف هو الذي يصدر منه الفعل فالمكلف إنما أتى بالسبب والأثر بيد الخالق.
والاعتداد من فعل الشارع قطعا لأنه هو الذي يصدر منه القبول أو الرد
العقد اصطلاحا يوصف بالنفوذ والاعتداد، أما العبادة فلا توصف بالنفوذ وإنما توصف بالاعتداد فقط.
الباطل
تعريفه: الباطل من حيث وصفه بالبطلان هو ما لا يتعلق به النفوذ ولا يعتد به. بأن لم يستجمع ما يعتبر فيه شرعا عقدا كان أو عبادة.
فلو أن إنسانا عقد بيعا ولكنه لم ينفذ لفقد شرط فيه أو وجود مانع فإنه لا يعتد به شرعا فلا يثمر حلِّيَّة الانتفاع بالمبيع.
موجبه إما فقد شرط أو وجود مانع أو علة في الفاعل
الحكم في الحقيقة هو أمر يصدر من المكلف، لذلك عرف الحكم بأنه اقتضاء أي أنه صفة لنفس الحاكم.
لكن المصنف تساهل فأطلق الحكم على محله. فالحكم مثلا ليس هو "الواجب"، "الواجب" هو محل الحكم كالصلاة أما الحكم فهو الوجوب.
الوجوب يثبت بالإيجاب، ثم إن الوجوب يقوم بالمحل فيصير المحل واجبا. (الصلاة أوجبت فوجبت فصار فعلها واجبا).
بالتالي فالحكم هو إثبات أمر لأمر، والأحكام هي صفات للخطاب بخلاف محل الحكم التي هي صفة للأفعال.
إذا كان الموضوع هو الدليل فالبحث أصولي، وإذا كان الموضوع هو فعل المكلف فإن العمل فقهي
من الأصوليين من زاد العفو ومنهم من زاد خلاف الأولى
تعريف النظر
الفكر في حال المنظور فيه ليؤدي إلى علم أو ظن، بمطلوب تصديقي أو تصوري.
سبب تعريف النظر أنه أداة من أدوات العمل في هذا الفن.
ومن المعروف أن النظر فعل ذهني من أفعال العقل، فهو حركة تقوم بالذهن وتتعلق بالأمور المعقولة.
إذا اشتغل العقل بالأمور الحسية فهذا يسمى تخيلا لا نظرا.
أما النظر فهو تفكر في المعاني.
لا بد من مطاليب تتقدم هذا النظر، لأنه حينما تأتي بآية أو بحديث أو بلفظ تأتي به من أجل أن تتوصل به إلى إثبات حكم شرعي ما.
تأتي بالدليل، ثم تستطلعه من جميع الجهات التي تحتاج إليها وأنت تضع المطلوب أمام عينيك تريد أن تدركه.
العلم أو الظن ُ الذي يكتسب من هذا المنظور فيه يتعلق إما بمطلب خبري كأن هذا الشيء حلال، أو أن هذا الشيء حرام.
أو تصوري، فالتصور يستعمل فيه أيضا الدليل وهي صفات الشيء الذي تريد تصوه.
فكثير من الألفاظ التي نسمعها بعض منها لا نفهمه فنريد أن نفهم المراد به، فنستطلع تعريفه لإدراك وتصور ذاك الشيء.
تعريف الاستدلال
هو طلب الدليل، أي طلب جلبه وسوقه وإحضاره ليؤدي إلى مطلوب تصديقي. (يشترط في هذا المطلوب أن يحتمل الصدق أو الكذب).
ُ لكن الاستدلال يستعمل أيضا بمعنى سوق الدليل، لا بمعنى طلب الدليل ؛ إذ يقول: وقد "استدل فلان على هذا الشيء بكذا" أي: أتى بالدليل عليه، وعليه فإن السين والتاء حينئذ هي للتصيير لا للطلب
يتلخص من هذا أن لفظ الدليل يستعمل بمعنى الدليل نفسه، وبمعنى سوق الدليل، وبمعنى طلب الدليل.
والدليل لا يطلب إلا من أجل كسب المدلول التصديقي.
النظر أعم من الاستدلال.
لأن النظر يكون في التصورات بجميع أصنافها وفي التصديقات أيضا.
أما الاستدلال فهو خاص بالتصديقات لأنه لا يمكن أن تطلب الدليل على الشيء إلا إذا كان مما يمكن أن يكون صادقا أو كاذبا
تعريف أصول الفقه
هو طرق الفقه الموصلة إليه والموصلة إلى استنباطه وإثباته. (الأدلة)
وهذه الطرق ليست مخصصة بأحكام معينة بل تندرج تحتها أحكام كثيرة وتتعلق بكل فعل وبكل مناط.
أما الأدلة التفصيلية فهي التي توصل إلى أمور معينة وأفعال محددة. قوله تعالى ﴿أقيموا الصلاة﴾ هو دليل متعلق بفعل الصلاة على الخصوص.
مطلق الأمر مثلا، دراسته وبحثه والعلم به هو طريق إلى الأحكام الشرعية. لأنه به تفهم الأحكام الشرعية من أدلتها النصية التفصيلية المخصوصة.
ولابد أن تعرف أصله؛ هل هو في الأصل للندب؟ هل هو في الأصل
للوجوب؟ هل هو في الأصل للإباحة؟ هل هو مشترك؟ هل هو متواطئ؟...
فتقول: الأصل في الأمر الوجوب، ثم تبحث عما يمكن أن يخرجه عن هذا الأصل من القرائن؛
وكذلك النظر في فعل النبي ﷺ لأنه يأتي على صور متعددة، تارة يأتي باعتباره فعلا جبليا طبيعيا، لا عالقة له بالتشريع، وتارة تكون أفعاله ﷺ مترددة بين أن تكون للتشريع وبين أن تكون جبلية، لابد من معرفة حقيقة هذا القسم أيضا وما الذي يترجح فيه أنه للعبادة أو أنه للجبلة.
كيفية الاستدلال بها:
فمثالً : إذا تعارض العام مع الخاص كيف نستدل؟ هل نخصص ؟ هل نلغي العام أو نقدم الخاص؟...
كذلك في تقديم المقيد على المطلق، هل يقدم المطلق على المقيد؟ أو يحمل المطلق على المقيد؟
قال: (وإنما حصل التعارض فيها لكونها ظنية).
قد يقول قائل في هذا المقام : هذه أدلة شرعية، والأصل في الأدلة الشرعية أنها كلها حق، فكيف وقع التعارض فيها؟
الجواب: معلوم أن الظنيات لا تتعارض في ذاتها، وإنما تتعارض في أذهان الناس وليس أن ذلك يقع في واقع الأمر.
أما إذا كانت الأدلة قطعية فالأدلة القطعية لا تتعارض؛ لأن ذلك لو وقع سيفضي إلى الكذب، وأن أحد هذين الدليلين ساقط،
أصول الفقه = طرق الفقه الإجمالية + كيفيَة الاستدلال بها + صفات من يستدل بها
بيان من يتناوله خطاب التكليف ومن لا يتناوله.
من لم تقم به أهلية لوجود مانع قام به فإنه لا يتوحه إليه الخطاب
المؤمنون العاقلون البالغون غير الساهين يتناولهم الخطاب جميعا
من لا يتناوله الخطاب
لأنه ليس محلا للتكليف أو لا يستطيعها.
وأسقط التكليف عنهم لأن شرط الخطاب الفهم.
وكل الذي سيأتي ذكرهم لا يتأتى فهمهم للخطاب.
الساهي
والساهي بعد ارتفاع السهو مأمور بجبر خلل السهو. فالسهو عارض، متى ما ارتفع وجب عليه جبر ما فاته. كقضاء ما فاته من الصلاة أو ضمان ما أتلفه من المال حال سهوه (والسهو والعمد في أموال الناس سواء)
والسهو لا يرفع خطاب الوضع
الصبي
البلوغ علامة غالبة على التعقل وإن وجد نادرا من الصبيان من يفهم الخطاب أحسن من البالغين.
والشريعة مبنية على الغالب الأكثر
الصبي والمجنون إذا أتيا بجناية أفضت إلى تلف شيء فإن وليهما يُجْبر على ضمان ما أتلفه هذا الصبي أو المجنون
المجنون
خطاب الوضع لا يعتبر فيه العقل ولا البلوغ ولا وجود مانع من التكليف... إنما يتوجه خطاب الوضع إلى السبب، فمتى وجد السبب وجد الحكم.
فمن قاد بهيمة فأتلفت شيئا فهو يضمنه.
هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أو لا؟
وإنما أوجب بحث هذه المسألة استحال صدرو العبادة من الكافر مع قيام الكفر به؛ لما بين الفعل والوصف من الترافع.
مذهب الجمهور:
والكافر وإن لم يكن مخاطبا بفعل العبادة فهو مخاطب بما يُحَصِّل به هذه العبادة وهو الإيمان.
ومن ثم قرر جمهور العلماء بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة على الصحيح، وبالتالي مكلفون بما لا تصح هذه الفروع إلا به وهو الإسلام.
من أدلة قول الجمهور بأن الكافر مخاطب بفروع الشريعة قوله تعالى: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ ٤٢ قَالُوا۟ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ ٤٤﴾
فهم يعذبون لترك الصلاة وهي من الفروع.
من قال أن الكفار غير مخاطبين اقتضى أنهم يعذبون على الكفر فقط، ومن قال هم مخاطبون بفروع الشريعة اقتضى أن عذابهم مضاعف، عذاب الكفر وعذاب تضييع الفروع.
مذهب ضعيف:
الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة لعدم صحتها منهم قبل الإسلام، وكذلك هم غير مخاطبين بما فاتهم من العبادات قبل إسلامهم. إذ لو كانت هذه العبادة التي ترتبت في ذمتهم قد وجبت عليهم في حال الكفر لألزموا بها بعد الدخول في الإسلام،
أجيب على هذا القول بأن فائدة خطابهم بها عقابهم عليها.
وأما غير مؤاخذتهم بها بعد الإسلام فترغيبا لهم في الإسلام.
النهي
هل النهي عن الشيء أمر بضده؟
هذه المسألة لها أثر فيما كلف به المكلف
النهي النفسي أمر بضده لوجود تلازم وجودي بينهما. فلا يمكن أن تدخل النهي إلى الوجود دون الإتيان بالضد.
فالنهي عن الكذب أمر بالصدق والنهي عن الكلام أمر بالسكوت.
إن كان الضد واحدا فلا نزاع في ذلك، وإن كان أكثر من ذلك فالنهي أمر بأحد هذه الأضداد لكن من غير تعيين.
فالنهي عن القيام أمر بأحد أضداده كالجلوس أو الاضطجاع... فأي واحد من هذه الأضداد يحقق إدخال النهي إلى الوجود.
معناه أن الذي توجه إليه النهي مكلف بالإتيان بضد المنهي عنه
"لا تشهد الزور":الواجب هو أن تشهد بالحق وتبحث عن هذه الشهادة حتى تحصلها
القول الثاني: أن النهي ليس أمرا بالضد قطعا.
إنما يستلزم النهي حصول الانتهاء.
وهذا هو القول الصحيح.
معناه أن الذي توجه إليه النهي مكلف بالانتهاء فقط، وليس مكلفا بالاتيان بضد المنهي عنه
"لا تشهد الزور": الواجب إنما هو الانتهاء عن شهادة الزور ولست مطالبا بالبحث عن الحق وأن تشهد شهادة عدل
النهي يقتضي الفساد
والفاسد معناه أنه لا وجود له شرعا
يدل النهي المطلق على فساد المنهي عنه أي أنه لا تترتب عليه آثاره.
سواء كان المنهي عنه من العبادات أو من المعاملات والبيوع.
فمعنى كون المنهي عنه فاسدا أنه لا تترتب عنه آثاره وثمراته الشرعية التي تترتب على هذا العقد حين يكون صحيحا كحلية الانتفاع فيما تفيده العقود فلا يحق ملكه وبالتالي لا يصح التبرع به ولا التصدق به ولا بيعه.
كذلك فساد عقد النكاح يعطل حلية الاستمتاع.
صوم يوم العيد.
هذا الصوم يعتبر معدوما لأنه منهي عنه شرعا، والمعدوم شرعا كالمعدوم حسا.
قد يقترن بالنهي ما يدل على أن المنهي عنه غير فاسد.
وقد يستنبط الفقهاء من المنهي عنه معنى يروا بأنه هو الذي أوجب النهي فبالتالي يكون النهي وحده غير كاف الحكم بفساد المنهي عنه.
من أمثلته تلقي الركبان أو بيع الحاضر للبادي هذا وقع النهي عنه، ولكن من لا يأخذ بالظاهر وينظر إلى المعنى قال بأن هذا إنما نهي عنه لما يلحق الناس من الضرر بسببه
فبيع الحاضر للبادي يفضي إلى أن لا يستفيد الناس مما قد يكون من البدوي من رخص السلعة فإن الحاضر يعرف الأثمان.
فإذا التفت إلى هذه الجهات فإن العقد يبقى صحيحا لأن ما ذكر لا يصلح مبطلا له.
وقع استثناء هذه الصور الفقهية من خلال اعتبار المناط.
وتلقي الركبان يؤدي إلى منع أهل الأسواق من السلع، فيؤدي إلى إلحاق الضرر بالتجار الذين يبيعون ويشترون بالأسواق.
تعريفه:
استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب
إنما اختار المصنف أن يعرف النهي بالاستدعاء بناء على أنه يعرف الكلام النفسي لا الكلام اللفظي، إذ لو كان يعرف الكلام اللفظي لقال "القول الدال على..."
النهي لا علاقة له بمرتبة الناهي كما أن الأمر لا علاقة له بمرتبة الآمر على الصحيح.
فاشتراط العلو أو الاستعلاء لا يصح
النهي المطلق يدل على الفور والتكرار
أفعال النبي ﷺ
إما أن يكون فعله على وجه الطاعة والقربة
إن دل دليل على الاختصاص به ﷺ فإنه يحمل على الاختصاص.
كالوصال في الصوم.
وإلا فيكون الاقتداء فيه به ﷺ ويعم الأمة جميعا.
إن علم حكم الفعل من وجوب أو ندب فواضح
إن لم يعلم الحكم بدليل خاص فأقوال:
يحمل على الوجوب عند بعض الشافعية. وبه قال مالك وبعض أصحابه.
من الشافعية من قال إنه يحمل على الندب لأن الندب هو المحقق.
منهم من توقف في ذلك لتعارض أصلان، وجوب الاقتداء به ﷺ وبراءة الذمة.
أن يكون فعله ﷺ على غير وجه القربة والطاعة.
يحمل على الإباحة في حقه وفي حقنا من جهة أصل الفعل.
أما صفة الفعل فإنها تدخلها السنية.
إقرار النبي ﷺ
أنواع الإقرار
إقرار على القول:
وهو إقرار صاحب الشريعة ﷺ على القول الصادر من أحد بحضرته ﷺ. هو كقول صاحب الشريعة.
سواء كان أقره بسكوته أو أقره بإعجاب
إقرار على الفعل:
له صورتان
الصورة الأولى هي إقرار صاحب الشريعة ﷺ على الفعل الصادر من أحد بحضرته ﷺ. هو كفعل صاحب الشريعة.
الصورة الثانية: ما فعل في زمنه ﷺ في غير مجلسه وعلم به ولم ينكره.
فلا يشترط في الإقرار أن يفعل الفعل في حضرته.
أفعال النبي ﷺ لا تكون إلا واجبة أو مندوبة أو مباحة.
وقد يكون من أفعاله ما هو مكروه أو خلاف الأولى، لكن النبي ﷺ إنما فعله ليبين لنا أن هذا الفعل ليس منهي عنه على وجه التحريم، إنما ينهى عنه على سبيل التنزيه.
ذلك كنهيه عن البول قائما وقد بال قائما ﷺ.
قول الواحد من الصحابة
تعريف الصحابي:
هو من لقي النبي ﷺ مؤمنا به ومات على دينه ولو تخللت ذلك ردة على الأصح.
من لقيه كافرا ثم أسلم بعد وفات النبي ﷺ فليس معدودا من الصحابة.
ويشترط في الصحبة أن تكون رؤية النبي ﷺ حيا بخلاف من رآه عند وفاته (كأبي ذؤيب الهذلي الشاعر إذ قدم المدينة يوم وفاة رسول الله ﷺ فرأى النبي ﷺ مسجا ببرده قد توفي)
من ارتد في حياة النبي ﷺ ورجع قبل وفاة النبي ﷺ فإن صحبته ترجع كما كانت (عبد الله بن أبي الصرح)، واحتلفوا فيمن ارتد بعد وفاة النبي ﷺ ثم رجع إلى الإسلام هل ترجع صحبته أم لا؟
والمشهور أنه معدود من الصحابة.
هم عدول جميعا ولهم شرف على هذه الأمة
اختلف العلماء في قول الصحابي إذا لم يبلغ ينتشر انتشار الإجماع السكوتي هل يكون حجة أم لا؟
اتفقوا على أن قوله ليس حجة على غير ذلك الصحابي من الصحابة.
يعنى أنه إذا اختلف الصحابة على قولين مثلا أو أكثر فإن قول بعضهم لا يكون حجة على قول بعض.
لكن ماذا إذ قال الصحابي قولا ولم يخالفه أحد من الصحابة فهل يكون هذا القول حجة على من جاء بعده من المسلمين الذين ليسوا بصحابة؟
الإمام الجويني ذكر رأي الشافعية فقط، وهو أنه ليس بحجة على غيره على القول الجديد.
(الشافعي أسس مذهبه الأول في العراق، ثم بعد أن استقر في مصر أسس مذهبه الثاني الذي رجع فيه عن بعض الآراء التي كان يراها في المذهب الأول)
فالشافعي كان يرى أن قول الصحابي حجة ثم عدل عن ذلك في مذهبه الجديد.
في تحرير مذهب مالك في هذه المسألة خلاف، لكن ذهب كثيرة من أصحابنا إلى أن قول الصحابي حجة عند الإمام مالك، واستدلوا لذلك بصنيعه في الموطأ إذ أكثر من رواية آثار الصحابة وعملهم وفتاويهم.
ذكر "الواحد" لا مفهوم له، فإن الخلاف جار فيما لم يجمعوا عليه.
فالإثنان والثلاثة...كالواحد. أي أنه إن عمل عدد من الصحابة أو قالوا قولا ولم يبلغ ذلك درجة الإجماع فإنه يجري فيه الخلاف.
"الواحد" لا يراد به الواحد من الصحابة وإنما يراد به القول الذي لم يبلغ درجة الإجماع من الصحابة.
أما إذا أجمع صحابة رسول الله ﷺ، فإن إجماعهم هو أعظم الإجماعات.
قول الصحابي حجة عند الإمام أحمد، وهو حجة عند الإمام مالك في قول الكثيرين من أصحابه، وهو ليس حجة عند الإمام الشافعي في الجديد.
الأخبار
صبغ الأداء
العنعنة
حكمها: هي محمولة على السماع إن كانت من غير مدلس.
تعريفها: هي مصدر "عنعن الحديث" أي إذا رواه بلفظ "عن".
إذا قرأ الشيخ على الرواة وهم يسمعون فإنه يجوز للراوي أن يقول: "حدثني فلان" أو "أخبرني"
من قرأ هو على الشيخ فإنه يؤدي الحديث بلفظ "أخبرني" أو "حدثني قراءة عليه" ولا يقول
"حدثني"
إن أجازه الشيخ من غير قراءة عليه فيقول الراوي: "أجازني" أو يقول "أخبرني إجازة"
(فهم منه جواز الرواية بالإجازة)
تعريف الخبر: هو ما يحتمل الصدق والكذب.
وقد يعرض له ما يجعله لا يحتمل إلا الصدق أو لا يحتمل إلا الكذب إما من جهة المتكلم به من جهة خصوص المادة.
فالأول ككلام الله تعالى فإنه لا يحتمل إلا الصدق.
والثاني كقول القائل "الواحد نصف الثلاثة" فهذا من حيث مادته لا يحتمل إلا الكذب لأنه مخالف لأوليات العقول.
والصدق هو مطابقة الواقع والكذب عدم مطابقة الواقع. ولا عبرة بالاعتقاد، أي بما يعتقده المتكلم في ذلك.
قد يقطع بصدق الخبر أو كذبه بأمر خارجي كصدق المخبر به (خبر الله تعالى وخبر رسوله ﷺ)
ولا يخرج القطع بصدق الخبر أو كذبه عن كونه خبرا.
أقسام الخبر
متواتر
هو ما رواه عدد كثير ور تحديد لهذا العدد على الصحيح. (إلا أنه لا يعتد بالأربعة في التواتر لأن الشارع طلب تزكيتهم في شهودهم في الزنا) فعلم أن ما زاد على الأربعة صالح لأن يفيد العلم، والأربعة لا تفيد العلم.
فالمدار على ما يفيد العلم واليقين بنفسه في العادة.
ومن شروط العدد الذي يعتبر فيه التواتر أن تحيل العادة تواطؤهم على الكذب.
ويجب أن يكون هذا العدد الكثير الذي تحيل العادة تواطؤهم على الكذب في جميع طبقات السند إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه
من شرط التواتر أن يكون الخبر مستنده الحس، أي أمرا محسوسا. فلا بد أن يكون طريقه الحس لا عن اجتهاد فالأمور العقلية لا يقع التواتر فيها ولا عبرة باتفاق العدد الكثير فيها.
آحاد
ما لم يبلغ حد التواتر (أن تختل فيه أحد شروط التواتر)
يوجب الظن ويجب العمل به.
وقد تحتف به من القرائن ما تجعله يفيد العلم واليقين.
مسند: وهو ما اتصل إسناده
مرسل:
عند الأصوليين هو ما قال فيه من دون الصحابة "قال رسول الله ﷺ".
وعند المحدثين هو ما سقط منه الصحابي، أي يقول التابعي "قال رسول الله ﷺ".
فالمرسل عند الأصوليين أعم منه عند المحدثين.
حجية المرسل
مراسيل غير الصحابة:
ليس حجة عند الشافعي وعند معظم المحدثين لاحتمال أن يكون الساقط مجروحا.
إلا مراسيل سعيد بن المسيب وهو من كبار التابعين.
فتشت مراسيلُه فوجدت مسندة رواها في الغالب صِهْرُهُ أبو هريرة رضي الله عنه
قال مالك وأبو حنيفة وأحمد في أشهر الروايتين عنه: المرسل حجة لأن الثقة لا يرسل إلا حيث يجزم بعدالة الراوي.
مراسيل الصحابة: هو حديث الصحابي عما لم يدركه من أخبار رسول الله ﷺ، كما إذا حدثنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن غزوة بدر أو أحد فإنه لم يشهد شيئا من ذلك، فحديث ذلك مرسل.
هي حجة لأنهم لا يروون غالبا إلا عن صحابي والصحابة كلهم عدول.
قد يرويى الصحابي عن التابعي لكن ذلك نادر فلا يقضى بها.
إذا لم يعلم عدم حضور الصحابي للحادثة التي يرويى عنها فإنه يحمل على سماعه له من رسول الله ﷺ.
تعريف الفقه
الفقه هو معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد.
من تعريفاته اللغوية: العلم الدقيق بالأشياء (هذا التعريف اللغوي ليس من كتب اللغة بل هو مما أتى به الأصوليون)
المعرفة أدنى من العلم.
العلم قد يكون بلا سبق جهل أما المعرفة فيسبقها جهل.
ومن اختار لفظ العلم بدل المعرفة قالوا بأن ظن المجتهد بمنزلة العلم.
المعرفة هنا هي بمعنى الظن
معرفة الأحكام بأدلتها، أما معرفتها دون أدلتها كحافظ الفروع فهو لا يعد فقيها. فلا بد أن يعرف الأدلة التي بنيت عليها الفروع وكيف بنيت وما الأدوات التي توصل بها إلى ذلك البناء.
"التي طريقها الاجتهاد": ظاهر عبارة المصنف أن الفقه هو ما توصل إليه بالاجتهاد أما ما ورد فيه النص وعلم بالضرورة فهو ليس من الفقه.
فما لا يحتاج إلى إعمال نظر ولا إلى البحث في أدلة الشرع التي تثبته أو تنفيه، وكان معروفا بالضرورة فهو لا يدخل في مصطلح الفقه.
قوله "الأحكام الشرعية" مخرج للأحكام العقلية والأحكام الحسية.
والمراد هنا بالعموم هو العموم باعتبار القوة والفعل، فهو لديه الملكة والقدرة على إدراك الحكم أيا كان. على هذا فإنه محيط بجميع الفروع للأحكام الفقهية. فما أدركه واستحضره فقد اكتسبه، وما لم يكتسبه مستحضرا عنده فإنه على قدرة وذو تهيؤ لذلك
الفرق بين الفقه والعلم.
الفقه بالمعنى الشرعي أخص من العلم، فكل فقه علم وليس كل علم فقها.
وكذا بالمعنى اللغوي، فإن الفقه هو الفهم والعلم المعرفة وهي أعم.
العلم معرفة المعلوم، أي إدراك ما من شأنه أن يعلم، موجودا كان أو معدوما، على ما هو به في الواقع.
الوجود الذهني أوسع من الوجود الخارجي (لوحة الواقع أوسع من لوحة الوجود)
اعترض على هذا التعريف بأن فيه دور.
فكل ما فيه لفظ مشتق من آخر وكان التعريف متوقف على معرفة المشتق منه فإنه لا يقبل كتعريف صحيح. (المعلوم مشتق من العلم، فلا يعرف المعلوم إلا بعد معرفة العلم) والحد الذي فيه اشتقاق يؤذن بالدور.
اعترض عليه أيضا أنه غير شامل لعلم الله تعالى. لأنه إذا عرفنا العلم بأنه معرفة والمعرفة تستلزم سبق الجهل فلا يمكن وصف الله تعالى بذلك. (على قول من يرى أن العلم والمعرفة غير مترادفين).
فيدل على أن الحد غير جامع...
الصحيح أن الحد إذا بين المراد وأفاد المقصود وكانت معه قرينة تبين أن هذا الشيء المقصود به المجاز وأن هذا التردد مفهوم في هذا الباب لا يضر فإن ذلك مما يتسامح فيه كما صرح بذلك الغزالي في المستصفى.
تعريف الجهل: تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع.
بعضهم جعل هذا جهلا مركبا لأنه جهل وجهل بأنه جهل فصار مركبا من جهلين، بينما الجهل البسيط هو عدم العلم بالشيء والعلم بأنك تجهله.
فالجهل البسيط: عدم تصور الشيء
الجهل المركب: تصور الشيء على خلاف ما هو به أو عليه.
الجهل انتفاء العلم بالمقصود، أي ما من شأنه أن يقصد فيدرك، إما بأن لن يدرك أصلا وهو البسيط، أو بأن يدرك على خلاف ما هو عليه في الواقع وهو المركب.
الفائدة من تعريف الجهل أنه فيه أصناف ولا بد أن نعلم ما يقصد باللفظ في الاصطلاح وما هي معانيه الخاصة في فنون العلم. فلا بد من بيانها لتنفصل عن اللغة العامة.
الفقه قائم ومبني على الظن، فأقصى ما يكتسبه المجتهد من الأدلة في الأقيسة وفي إلحاق الأشباه والنظائر بعضها ببعض وفي إدخال الفرع تحت القاعدة إنما هو الظن. وهذا الظن هو الذي يقيم عليه الحكم.
وظن المجتهد يُنزَّل منزلة العلم لأن يكون راجحا رجحانا قويا، ولأن الله تعالى جعل هذا الظن متُتعبد به. فالله تعبدنا بالظن.
الحقيقة والمجاز
أقسام المجاز:
المجاز إما أن يكون بأحد الأمور التالية
زيادة:
أي أن اللفظ زائد ولا حاجة إليه
﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾
قيل أن الكاف زائدة للتوكيد
وقال جماعة أن الكاف ليست زائدة وأن المراد بالمثل في الآية الذات.
وهذا مجاز، والمصير إلى المجاز مع إمكان البقاء على الحقيقة {غير مقبول}
وقيل أن الكاف تفيد الإيغال في إبعاد حصول المثل له تعالى، لأنه إذا لم يوجد مثل مثله فاستحالة وجود مثله من باب أولى.
فنفي مثل المثل نفي للمثل.
نقصان:
وهو اسقاط لفظة من الكلام.
ويسمى أيضا مجاز إضمار وإخفاء وستر لما تعلق به الكلام.
﴿وَسَۡٔلِ ٱلۡقَرۡيَةَ﴾ في الآية لا بد من تقدير لفظ "أهل".
أما على مذهب من يرى أن القرية تطلق على الناس وأنه لفظ مشترك بين الأبنية والناس فإنه لا يرى هذا مجازا بل هو حقيقة.
وشرطه أن يكون في المُظهَرِ دليل على المحذوف. وإلا كان الكلام مبهما فيفهم على غير المقصود أو لا يفهم مطلقا.
وكذلك قد يكون الكلام تلبيسا إن لم يظهر دليل المحذوف، كأن تقول "اسأل زيدا" وأنت تقصد ابن زيد لا زيدا نفسه. فهذا لا يجوز لأن القرينة غير موجودة.
نقل
استعارة
أقسام الحقيقة:
من المهم معرفة هذه التقسيمات لأنها إذا جهلت التبس المقصود من الكلام وتعذر حمل الكلام على المعنى المراد به.
وهذا التقسيم هو الذي عليه جماهير علماء المسلمين. وهو يشترط تعريف الحقيقة حسب التعريف المشهور.
أما إذا عرفنا الحقيقة بالتعريف الثاني فذلك يؤدي إلى إلغاء هذه التقسيمات فلا يكون تحت الحقيقة اللغوية أي قسم
حقيقة لغوية: هي التي وضعها واضع اللغة ابتداء. فإن لم يكن ابتداء كان مجازا.
(والخلاف في وضع اللغة أهو توقيفي أم اصطلاحي)
حقيقة شرعية: هي التي وضعها الشارع
(والحقيقة الشرعية لا وجود لها إلا إذا فسرنا الحقيقة بالتعريف الأول والأشهر).
هذه الهيئات والمعاني والمسميات كلها محدثات شرعية لم ينقلها عن شيء.
حقيقة عرفية:
هي التي وضعها أهل العرف العام.
ك"الدابة" لذوات الأربع، فهي مأخوذة من لفظ "دبَّ، يدب" بمعنى النشاط، لكنهم قصروها على ذوات الأربع وهي في الحقيقة اللغوية كل ما يمشي على الأرض.
أو هي التي وضعها أهل العرف الخاص.
كلفظ "الفاعل" عند النحاة مثلا.
المصنف لم يجعل الحقيقة والمجاز من أقسام اللفظ بل من أقسام الكلام.
العام
صيغ العموم الموضوعة له
المفرد المعرف ب(أل)
(أو تقول المعرف باللام فقط لأن الألف ليس من أدوات التعريف بل هو اسم موصول يؤتى به للبدء في الكلام)
و(أل) التي تدخل على المفرد والجمع الأصل فيها أنها للعهد وليست للعموم على التحقيق
بشرط أن لا تكون (أل) العهدية
والعهد نوعان، ذهني وذكري.
والذهني مثله قولك "اذهب إلى السوق"
(أل) العهدية تصرف إلى معين.
أن لا تكون (أل) يقصد بها الحقيقة لأنه حينئذ ينصرف إلى الماهية.
(أل) الحقيقية تصرف إلى الماهية
فإذا خلا منهما فإنه يفيد العموم.
ودليل إفادته العموم هو جواز الاستثناء.
ألا تكون (أل) لإفادة الكمال
الجمع المعرف ب(أل) التي ليست للعهد
يشمل الجمع بجميع أصنافه: جمع المذكر السالم، جمع المؤنث السالم، اسم الجنس الجمعي
(قول الشارح "اسم الجمع" = الاسم الذي هو الجمع
الأسماء المبهمة
هي مبهمة لأنها لا تبين المقصود ولا تفسره.
والإبهام هو سبب عمومها.
والأسماء التي سيأتي ذكرها هي حسب مذهب الجمهور، إذ هو المذهب المستعمل والمتداول في الفقه على وجه الغلبة
"مَنْ للعاقل":
من دخل داري فهو آمن.
هذا يشمل الذكر والأنثى والصغير والكبير ما دام من شأنه أن يكون عاقلا.
فالكلام لا ينصرف إلى ما قام به الوصف على التحقيق وإنما ما قام به الوصف بالأولوية وما من شأنه أن يقوم به الوصف.
"ما" لغير العاقل
"أي" للعاقل ولغير العاقل
"أين" في المكان
"متى"
متى تقم أقم = هذا عام في كل ظرف من الظروف
"ما" الاستفهامية
وهي وإن انصرفت إلى المفرد فإن ذلك إنما وقع بسبب قرينة أفضت إلى جواز استعماله بهذا الوجه، وإلا فهو في الحقيقة الأصل فيه العموم،
"ما" الشرطية
ما تفعل تجز به
النكرة في سياق النفي تعم.
إن بنيت النكرة معها على الفتح فهي نص في العموم أي قطعية الدلالة "لا رجلَ في الدار" و"لا" تكون حينئذ نافية للجنس.
ومعنى أنها نص في العموم أنها لا تقبل التخصيص.
وإن لم تبن فهي ظاهرة في العموم "لا رجلٌ في الدار" وتسمى لا الحجازية تعمل عمل ليس.
ومعنى أنها ظاهرة أنه يمكن الاستثناء منها.
تعريفه:
العام باعتباره وصفا هو ما عمَّ شيئين فصاعدا بلا حصر.
وهو من حيث اللغة بمعنى الشمول
يشترط أن يكون هذا العموم متقررا فيه بلا حصر، أما إذا كان نظم شيئين أو ثالث أو 1400 ولكن بالحصر فهذا لا يسمى حصرا.
ف1000 ليس عاما لأنه تخلف فيه شرط العموم وهو عدم الحصر.
والمثنى كذلك ليس عاما بالمعنى الاصطلاحي، وإنما هو عام بالمعنى اللغوي إذ يشمل شخصين.
العموم من صفات النطق (أي المنطوق به)
فالعموم لا يوصف به إلا اللفظ حقيقة لأنه هو الذي تنطبق عليه حقيقته.
ومعنى هذا الكلام أنه لا يجوز ادعاء العموم في غيره كالفعل (أي فعل النبي ﷺ) أو ما يجري مجراه.
كجمعه ﷺ بين الصلاتين في السفر، لا ندري هل هو جمع تقديم أم تأخير أم جمع صوري.
لا يمكن أن نحمل الجمع هنا على هده الصور كلها ونقول بأن فعله ﷺ يشملها.
ما يجري مجرى الفعل هو ما يحكيه راو أنه وقع، وحكايته لها تكون بصيغة الشمول كقول الراوي مثلا "قضى رسول الله ﷺ بالشفعة للجار"
هل يؤخذ من هذا الحديث تعميم الحكم لكل جار؟ فكل جار بجواره جار يقضى له بالشفعة باعتبار الجوار علة في هذا الحكم ومناطا يتعلق به؟
لا يمكن الحكم بذلك لاحتمال خصوصية هذه الحال بصورة معينة
الخاص
المخصِّصُ
أقسامه
مخصص متصل:
وهو ما لا يستقل بنفسه بل يكون مذكورا مع العام.
وهو ثلاثة أنواع
الاستثناء:
"قام القوم إلا زيد"
هنا اتصل المخصص بالعام في نفس الكلام.
ومن شروط الاستثناء أن يبقى من المستثنى منه شيء ولو واحدا.
يجوز أن تستثني البعض ولو كان نصفا فصاعدا.
"له علي عشرة إلا تسعة" هذا استثناء صحيح.
أقسامه
الاستثناء المنفصل/المنقطع:
ما لا يكون فيه المستثنى بعض المستثنى منه ويسمى الاستثناء من غير الجنس.
"قام القوم إلا حمار"
﴿مَا لَهُم بِهِۦ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًۢا ١٥٧﴾
من شروطه أن يكون بين المستثنى و المستثنى منه ملابسة
وهذا النوع من الاستثناء لا يعد من المخصصات على الصحيح
ففي المثال السابق لم يقع تخصيص للقوم.
الاستثناء الحقيقي المتصل:
وهو إخراج ما لولاه لدخل في الكلام.
ضابطه أن يكون المستثنى بعض المستثنى منه، أي من جنسه
إن فصل بين المستثنى والمستثنى منه بما يعد فاصلا في العرف فإنه يبطُلُ ذلك الاستثناء.
فينبغي أن يكون متصلا بالنطق أو في حكم المتصل.
وابن عباس يرى جواز الفصل.
يجوز تقديم المستثنى منه على المستثنى لغة "ما قام إلا زيد أحدٌ"
التقييد بالشرط:
"أكرمهم إن جاءوك"
فالإكرام مخصص بحالة معينة وهي حالة المجيء فلا يمكن أن يكرموا إلا إذا جاءوا فيكون قيدا في وقوع الحدث أو أن نقول "إن جاءوا" بمعنى "من جاء منهم"
يجوز تأخره أو تقدمه عن المشروط في اللفظ.
أما في الوجود الخارجي فلا بد أن يتقدم الشرط على المشروط أو أن يقارنه.
التقييد بالصفة:
"أكرم بني تميم الفقهاء"
فالإكرام صار خاصا بأهل الفقه منهم
ما العمل إذا ورد اللفظ مقيدا في موضع ومطلقا في آخر؟
هنا أربعة أحوال
أن يتحد الموضعان من حيث السبب والحكم
يحمل المطلق على المقيد اتفاقا.
كالحديث الذي ورد فيه: (لا نكاح إلا بولي وشاهدين)، وجاء في حديث آخر: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)، فالحكم هنا واحد والسبب واحد فيحمل المطلق على المقيد،فتلزمه عدالة شهود النكاح.
أن يختلف السبب والحكم
لا يحمل المطلق على المقيد
أن يختلف السبب دون الحكم:
رقبة الظهار ورقبة كفارة القتل الحكم واحد لكن السبب مختلف.
يحمل المطلق على المقيد احتياطا.
أن يختلف الحكم دون السبب:
كمسح اليدين في التيمم وغسلهما في الوضوء بسبب الحدث. فالسبب واحد إلا أن الحكم مختلف (غسل مقابل مسح)
اختلف في هاتين الصورتين، فالأصل عند الشافعية حمل المطلق على المقيد في هاتين الصورتين.
وأصل الحنفية عدم الحمل
للمالكية قولان في ذلك.
الغاية
مخصص منفصل:
وهو ما يستقل بنفسه ولا يكون مذكورا مع العام بل يكون منفردا
يجوز تخصيص الكتاب بالكتاب
يجوز تخصيص الكتاب بالسنة سواء كانت متواترة أو خبر آحادا كما نص على ذلك الجمهور.
إلا أن التخصيص بخبر الآحاد فيه خلاف.
يجوز تخصيص السنة بالكتاب
يجوز تخصيص السنة بالسنة
يجوز تخصيص النطق بالقياس لأن القياس يستند إلى نص
تعريفه:
الفصل بين العام والخاص هو إفادة الحصر من عدمه. فالخاص يفيد الحصر.
التخصيص:
باعتباره أثرا يقع على اللفظ هو إخراج بعض الجملة يتناولها اللفظ العام.
وتعريفه المشهور هو قصر اللفظ على بعض ما دل عليه من معنى.
كإخراج المعاهدين والذميين من قوله تعالى: واقتلوا المشركين
باب النسخ
اصطلاحا هو:
الخطاب الدال على رفع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان الحكم ثابتا مع تراخيه عنه.
(هذا في الحقيقة هو تعريف الناسخ)
المراد برفع الحكم رفع تعلقه بفعل المكلف.
ورفع الحكم يشمل نسخ الحكم السابق ويشمل أيضا البراءة الأصلية. فرفع البراءة الأصلية لا يسمى نسخا.
الثابت بخطاب متقدم يخرج رفع الحكم الثابت بالبراءة الأصلية.
قوله "بخطاب آخر"، يخرج به رفع الحكم بالجنون والموت.
قوله "على وجه لولاه لكان ثابتا" يخرج به ما لو كان الخطاب المتقدم مُغَيًّا بغاية أو معللا بمعنى.
فقوله تعالى ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ وَٱبْتَغُوا۟ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَثِيرًۭا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ١٠﴾ لا يعد ناسخا لقوله تعالى ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْا۟ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُوا۟ ٱلْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌۭ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ٩﴾ لأن تحريم البيع له غاية ينتهي ببلوغها.
"مع تراخيه" هذا القيد مخرج للمخصصات المتصلة التي تقدمت كالتخصيص بالصفة أو بالاستثناء أو بالشرط أو بالغاية.
أقسام النسخ
باعتبار الرسم والحكم
نسخ الرسم وبقاء الحكم:
نحو آية الرجم (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)
الشيخ/الشيخة بمعنى الثيب والثيبة.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إيّاكُم أنْ تَهلِكوا عن آيةِ الرجمِ، [وأن يقولَ قائلٌ:] لا نجِدُ حدَّيْنِ في كتابِ اللهِ، فقد رأيتُ النبيَّ ﷺ قد رجَمَ، وقد رجَمْنا.
نسخ الحكم وبقاء الرسم:
كقوله تعالى ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجًۭا وَصِيَّةًۭ لِّأَزْوَٰجِهِم مَّتَـٰعًا إِلَى ٱلْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍۢ ۚ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِى مَا فَعَلْنَ فِىٓ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍۢ ۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌۭ ٢٤٠﴾
ومنه كذلك آية المصابرة في القرآن.
نسخ الرسم والحكم معا:
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كانَ فِيما أُنْزِلَ مِنَ القُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعاتٍ مَعْلُوماتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بخَمْسٍ مَعْلُوماتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ ﷺ وَهُنَّ فِيما يُقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ.
(عشر رضعات معومات يحرمن) هذا قطعا نسخ لفظه وحكمه فهو ليس قرآنا ولا يقول به أحد من أهل العلم.
أما (خمس رضعات معلومات يحرمن) فقد نسخ لفظها لكن اختلف في نسخ حكمها.
فمن أهل العلم من قال ببقاء حكمها وهذا مذهب الشافعية.
أما المالكية فإنهم لم يأخذوا بهذا الحديث ولم يشترطوا العدد في مصات الرضاع فيحرم عندهم مطلق الرضاع لإطلاق قوله تعالى ﴿وَأُمَّهَـٰتُكُمُ ٱلَّـٰتِىٓ أَرْضَعْنَكُمْ﴾.
لم يأخذ المالكية والحنفية بهذا الحديث لعدة وجوه منها
أن ظاهره متروك، لأن ظاهر كلام عائشة أم المؤمنين أنه توفي رسول الله ﷺ وهو فيما يقرأ من القرآن، أي أن النسخ وقع بعد موته ﷺ وهذا ممتنع.
باعتبار البدل وعدمه
النسخ إلى بدل: كما في نسخ استقبال بيت المقدس إلى استقبال الكعبة
النسخ إلى غير بدل:
كما في قوله تعالى ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا نَـٰجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُوا۟ بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَىٰكُمْ صَدَقَةًۭ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌۭ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌۭ رَّحِيمٌ ١٢﴾
الصحيح أن النسخ لا يقع إلا إلى بدل.
فالنسخ في هذه الآية هو نسخ من وجوب إلى ندب، فبعد أن كانت واجبة أصبحت الصدقة مندوبة وهذا نسخ تخفيف وهو كثير.
النسخ باعتبار ما هو أخف وما هو أغلظ
النسخ إلى ما هو أغلظ:
كما في التخيير بين صوم رمضان والفدية بالطعام إلى تعيين الصوم.
النسخ إلى ما هو أخف:
﴿إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَـٰبِرُونَ﴾ خففت المصابرة إلى رجل أو رجلين فإن زادوا عن الضعف جاز لهم الفرار آنئذ.
باعتبار المتواتر والآحاد
نسخ الكتاب بالكتاب
نسخ السنة بالكتاب:
كما في نسخ استقبال بيت المقدس.
نسخ السنة بالسنة
نسخ النهي عن زيارة القبور
المصنف يرى أن السنة المتواترة لا يجوز نسخها بسنة الآحاد
هل يجوز نسخ الكتاب بالسنة؟
قيل يجوز بالمتواتر ولا يجوز بخبر الآحاد عند كثير من المحققين.
الصحيح أنه يجوز سواء كانت متواترة أو آحادا. لأن محل النسخ هو الحكم والدلالة عليه بالمتواتر ظنية، فهو كالآحاد.
فالمتواتر وإن كان قطعي الثبوت إلا أنه في الغالب ظني الدلالة، فهو كالآحاد من حيث أنه ظني الدلالة.
والحق أنه لم يقع إلا بالمتواتر.
وقال الشارح أنه وقع بالآحاد في حديث الترمذي وغيره "لا وصية لوارث" فإنه ناسخ لقوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلْأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ ١٨٠﴾
وأجاب من قال أن الآحاد لا تنسخ الكتاب بأن حديث "لا وصية لوارث" بلغ حد التواتر فلا يسلم بآحاديته. وقالوا أيضا أنه ليس ناسخا وإنما هو مبين للناسخ فهو يحيل على آية التركات ﴿يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِىٓ أَوْلَـٰدِكُمْ ۖ﴾
لغة يطلق على معنيين:
قيل هو حقيقة في المعنيين فيكون مشترك الدلالة، وقيل هو حقيقة في الإزالة مجاز في النقل.
المعنى الأول هو الإزالة والرفع
المعنى الثاني هو التغيير. والظاهر رجوعه إلى الأول فإنه أعم.
وقيل معناه النقل (نسخت ما في هذا الكتاب)
التعارض والترجيح
منهجية التعامل مع التعارض:
يبدأ فيه بالجمع بين المتعارضين
إن لم يمكن الجمع يبحث عن الناسخ.
فإن ظفر به عمل بمقتضاه.
إن لم يعرف الناسخ صير إلى الترجيح إن أمكن
إن لم يمكن أي مما سبق، يتوقف المجتهد
حالات التعارض من حيث عموم النص وخصوصه
إذا تعارض نصان عامان
إن أمكن الجمع بينهما جمع، وذلك بأن يحمل كل منهما على حال، فيكون مجاز عن تخصيص كل واحد منهما بحال.
مثاله حديث مسلم: أَلا أُخْبِرُكُمْ بخَيْرِ الشُّهَداءِ الذي يَأْتي بشَهادَتِهِ قَبْلَ أنْ يُسْأَلَها.
وفي حديث الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال "ثُمَّ يَخْلُفُ قَوْمٌ يُحِبُّونَ السَّمانَةَ، يَشْهَدُونَ قَبْلَ أنْ يُسْتَشْهَدُوا."
هذان الدليلان كلاهما عام وبينهما تعارض، إذ يقتضي أحدهما خيرية أداء الشهادة قبل ءؤالها ويقتضي الآخر ذم ذلك.
فيجمع بينهما بأن يحمل كل واحد منهما على حال غير الحال التي يحمل عليها الآخر.
فالحديث الأول يحمل على حال من تحمل شهادة تنفع شخصا وتثبت له حقا ولم يكن صاحب الشهادة عالما بتحملك لها فيأتي بها قبل أن يسألها حفظا لذلك الحق من الضياع.
ويحمل الحديث الثاني على ما إذا كان صاحب الحق عالما ولم يسألك الشهادة فلا تبادره بها. إذا سألك وجب عليك الأداء، أما إن لم يسألك وهو عالم أنك قد تحملت الشهادة فلا تبادره بها. فبدارك إياه بها مذموم.
إن لم يمكن الجمع بينهما ولم يعلم التاريخ، فإنه يتوقف فيهما عن العمل بهما إلى أن يظهر مرجح لأحدهما.
قوله تعالى: ﴿أَزْوَٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ﴾ وقوله تعالى: ﴿أَصْلَـٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا۟ بَيْنَ ٱلْأُخْتَيْنِ﴾
الأولى تجوز جمع الأختين بملك اليمين والثاني يحرم ذلك مطلقا.
ولما سئل عثمان رضي الله عنه عن ذلك توقف في الحكم.
لكن معظم الفقهاء والمحققين الأصوليين رجحوا قوله تعالى ﴿أَصْلَـٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا۟ بَيْنَ ٱلْأُخْتَيْنِ﴾ بأدلة أخرى، منها أن الأصل في الأبضاع التحريم، ومنها أن النواهي مقدمة على غيرها. فالنهي في درء مفسدة.
إذا تعارض نصان خاصان
يتعامل مع هذا التعارض بنفس الطريقة
مثال هذا التعارض حديث ميمونة رضي الله عنها أن النبي ﷺ تزوجها وهو حلال بعد أن حل من عمرة القضاء، ويعارضه حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ تزوجها وهو محرم.
هذا حديثان خاصان في زواج ميمونة، ورجح العلماء حديث ميمونة لأنها صاحبة القصة
مثال لنسخ المتقدم بالمتأخر:
﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَٰجَكَ ٱلَّـٰتِىٓ ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَـٰلَـٰتِكَ ٱلَّـٰتِى هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ وقوله تعالى ﴿لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعْدُ﴾
فهاتان الآيتان إحداهما تحل النساء للرسول ﷺ والأخرى تحل له النساء فيما بقي وقد نسخت إحداهما الأخرى وهما دليلان خاصان في النبي ﷺ وليس لهما عام.
إذا تعارض نصان أحدهما عام والآخر خاص
حينئذ يقضى بالخاص على العالم، أي يخصص العام بالخاص. ولا عبرة للتاريخ هنا، فيخصص العام سواء وردا معا أو تقدم أحدهما على الآخر أو جهل التاريخ.
لكن المشهور عند الأصوليين أن التخصيص بعد العمل بالعام لفترة يعتبر نسخا.
مثاله حديث: "فيما سقت السماء العشر" وحديث "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة".
الأول عام والثاني خاص يعارض عموم الحديث الأول فيما دون الخمسة أوسق.
إن كان أحدهما عاما من وجه وخاصا من وجه آخر.
إن أمكن تخصيص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر عمل بذلك.
وإلا احتيج إلى التاريخ.
مثاله حديث أبي داوود "إذا بلغ الماء قلتين فإنه لا ينجس" مع حديث ابن ماجه "الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه".
الأول خاص في القلتين عام في الماء المتغير وغيره.
والثاني خاص في المتغير لقوله "إلا ما غلب على ريحه"، عام في القلتين وما دونهما.
فيخص عموم الأول بخصوص الثاني، فيقال إن الماء إذا بلغ القلتين يضره التغير.
ويخص عموم الثاني بخصوص الأول، فيقال أن ما دون القلتين إن أصابته نجاسة فإنه يتنجس حتى لو لم يتغير.
هذا مسلك الشافعية في الجمع بين الحديثين.
أما المالكية فرجحوا حديث "إن الماء طهور لا ينجسه شيء"، فمذهبهم في المياه مطرد وهو أن الماء إذا لم يتغير فهو طهور قل أو كثر، والماء القليل إذا حلت فيه نجاسة ولم تغيره فإنه طهور مطهر إنما يكره استعماله مراعاة للخلاف.
وسلكوا هذا المسلك لأن التعارض وقع بين منطوق ومفهوم فيرجح المنطوق على مفهوم المخالفة.
مثال ما لا يمكن تخصيص عموم كل منهما بخصوص الآخر حديث "من بدل دينه فاقتلوه" وحديث الصحيحين "أنه ﷺ نهى عن قتل النساء"
الأول عام في الذكر والأنثى وخاص بالمرتد، والثاني خاص بالنساء عام في المرتد وغيره.
رجح الجمهور أن الحديث الثاني خاص بالحربيات وأن المرتدة تقتل. وترجيحهم قائم على حديث ورد في قتل المرتدة أن امرأة في المدينة ارتدت فعرض عليها الإسلام فامتنعت فقتلت.
مثال ما صير فيه إلى الترجيح آية المتوفى عنها مع آية الحامل.
﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجًۭا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍۢ وَعَشْرًۭا﴾ مع آية ﴿وَأُو۟لَـٰتُ ٱلْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ﴾
الأولى عام في كل امرأة حامل كانت أم غير حامل وخاص بالمتوفى عنها، والثاني خاص بالحامل عام في المتوفى عنها وغيرها.
وإنما وقع الترجيح بحديث آخر وهو حديث سبيعة الأسلمية التي وضعت بعد وفاة زوجها بليال فأخبرها النبي ﷺ أنها قد حلت وأمرها بالتزوج إن بدا لها ذلك.
التعارض هو تقابل الدليلين على وجه الممانعة، أي على وجه يمنع كل واحد منهما مقتضى الآخر.
ولا يكون التعارض بين قطعيين ولا بين قطعي وظني لأن القطعي مقدم على الظني.
إنما يكون التعارض بين ظنيين.
أقسام العلم (والكلام خاص بعلم المخلوق/العلم البشري)
علم مكتسب:
هو العلم الموقوف على النظر والاستدلال.
فهذا العلم لا يأتي هَجوما على النفس ولا يكون عن اضطرار وغلبة وإنما يكون بإطلاق العقل وبناء الأدلة والبحث عنها...
علم ضروري:
والعلم الضروري هو ما لم يقع عن نظر ولا استدلال. لا تحتاج فيه إلى تأمل ولا إلى البحث على الأدلة والعلل والروابط.
وإنما يحصل بمجرد التفات النفس إليه، فيضطر الإنسان إلى إدراكه ولا يمكن دفعه عن نفسه. وذلك كالعلم الواقع الحاصل بإحدى الحواس، أو العلم الحاصل بالتواتر، أو العلم الحاصل ببديهة العقل، أو العلم الحاصل بوجود النبي ﷺ.
الحواس الخمس
هي أمور اضطرارية والإنسان لا يمكنه أن يدفع ذلك ولو شاءه كما لا يمكن له أيضا أن يخلقه ولو شاءه، بل هذا عندما توجد أسبابه يخلق الله هذا الإدراك عقبه.
يسمى العلم المدرك بهذه الحواس العلم الحسي.
تعريف الفكر
الفكر حركة النفس في المعقولات.
والمعقولات هي الأمور المستخرجة بالعقل التي لا تدركها الحواس، ولكن العقل ينتزعها إما من جهة الحواس، وإما
من جهة غيرها.
فالمعقولات أمور تستخرج بالنظر بالعقل، ثم بعد ذلك تبنى عليها الأحكام.
أما حركة النفس في المحسوسات فهو تخييل.
تعريف الدليل
تعريفه اصطلاحا: هو ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب جزئي.
الإمكان: هو سلب الضرورة عن الجانبين. فالوصول إليه ممكن وعدم الوصول إليه ممكن
التوصل: هذه الصيغة فيها التدرج أو التكلف، فقد يكون المعنى ما يمكن أن يتدرج فيه النظر إلى المطلوب، يصل إليه ولكن بالتدرج، أو يصل إليه ولكن بالتكلف.
صحيح النظر: النظر الذي وقع من الجهة التي توصل إلى المطلوب؛ لأن الشيء تكون له جهات متعددة، فإذا نظرت إلى الجهة التي توصل إلى المطلوب أدركته، وإن لم تنظر له من تلك الجهة فقدته،
تعريفه لغة:
هو المرشد إلى المطلوب لأنه علامة عليه. فكل ما أرشد إلى المطلوب فهو دليل عليه.
سواء كان هذا المطلوب أمرا معرفيا معنويا أو أمرا حسيا.
وإنما سمي بذلك لأنه علامة على المطلوب، فهو إما علامة تلازمه أو تدل عليه بالظن (إما تكون من باب التلازم وإما تكون من باب غلبة الظن)
تعريف الظن والشك
الظن تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر عند المجوِّز.
والظن ليس هو نفس التجويز، وإنما هو الطرف الراجح من المُجَوَّزَيْن والطرف المرجوح المقابل له يقال له وهم.
أما التجويز فهو فعل الشخص والمفعول هو الظن
يقع في الذهن أمران، ثم بعد ذلك العقل يجوز وقوع أحدهما أو صحته.
ويقال بأن الظن ينقسم فيه الذهن إلى قسمين: الثلثان يميلان إلى جهة وهذا هو الظن، والثلث يميل إلى جهة أخرى وهذا هو الوهم.
وهذا عند المجوز لا في واقع الأمر ولا في غير ظن هذا المجوز.
التجويز = فعل المكلف
الظن: هو ما يترتب على هذا التجويز.
والشك تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر عند المجوِّز.
ينقسم الذهن إلى قسمين لا يرجح أحدهما على الآخر.
ففي هذه الحالة يقال أنه لا يوجد حكم، لأن الذهن توقف عن الحكم. وهذا لا يسمى علما.
فصل في الحظر والإباحة
ما هو الأصل في الأشياء؟
قيل الأصل في الأشياء الحظر إلا ما أباحته الشريعة.
قيل الأصل في الأشياء بعد البعثة الإباحة، بدليل أن الله سبحانه وتعالى خلق الأرض وما عليها للإنسان.
والصحيح القول بالتفصيل وأن الأصل في المنافع الإباحة لأن الله امتن بها والأصل في المضار التحريم
الاستصحاب
عند عدم الدليل الشرعي فإن استصحاب العدم الأصلي، أي البراءة الشرعية يكون حجة حينئذ.
ومن الاستصحاب المقبول اتفاقا أيضا: استصحاب ما دل الشرع على ثبوته.
من اشترى شيئا وثبت أنه اشتراه فإننا نستصحب ملكه حتى يثبت ناقل عن ذلك الملك.
فلو جاء شخص آخر يدعي ملك هذا الشيء فإنه هو المدعي ونحكم بالأصل الذي هو الملك لمن قد ثبت عندنا أنه اشتراها ونكلف المدعي بالدليل.
الاستصحاب المختلف فيه هو ثبوت أمر في الزمن الثاني لثبوته في الزمن الأول.
وهو حجة عند المالكية والشافعية دون الحنفية.