Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
شرح المنهاج من ميراث النبوة, مرجعية الوحي
باب في مرجعية الوحي وشموليته…
-
-
باب العناية بالشباب
وتقديم ذوي العلم منهم وتفعيل أدوارهم في العمل للإسلام.
من أول ما ينبغي تعليمه للشباب هو تعليم الإيمان
-
-
-
الحديث 1:
عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنّا معَ النَّبيِّ ﷺ ونحنُ فتيانٌ حزاورةٌ فتعلَّمنا الإيمانَ قبلَ أن نتعلَّمَ القرآنَ ثمَّ تعلَّمنا القرآنَ فازددنا بِه إيمانًا
أخرجه ابن ماجه
الفتى الحزور هو الفتى الذي قارب البلوغ.
فهذا دليل على عناية النبي ﷺ بالشباب.
وهؤلاء الشباب لم يكونوا معه فقط في مقام التعلم بل كانوا معه كذلك في مقامات الجهاد حتى أن منهم من استشهد.
الحديث 2:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعالى في ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إلّا ظِلُّهُ: إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عِبادَةِ اللَّهِ، ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَساجِدِ، ورَجُلانِ تَحابّا في اللَّهِ، اجْتَمعا عليه وتَفَرَّقا عليه، ورَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذاتُ مَنْصِبٍ وجَمالٍ فَقالَ: إنِّي أَخافُ اللَّهَ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ فأخْفاها حتّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خالِيًا، فَفاضَتْ عَيْناهُ.
أخرجه البخاري ومسلم
إحدى الخلال التي تؤهل الإنسان حتى يكون في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله هي خاصة بالشباب.
شأن الشباب أن تقودهم أهواهم إلى غير عبادة الله، فأن يتغلب الشاب على أهوائه وينشأ على عبادة الله فالشريعة تنتبه لهذا وتراعيه.
الحديث 3:
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُتِيَ بشَرابٍ فَشَرِبَ منه، وعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ، وعَنْ يَسارِهِ الأشْياخُ، فَقالَ لِلْغُلامِ: أتَأْذَنُ لي أنْ أُعْطِيَ هَؤُلاءِ؟ فَقالَ الغُلامُ: واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، لا أُوثِرُ بنَصِيبِي مِنْكَ أحَدًا، قالَ: فَتَلَّهُ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ في يَدِهِ.
أخرجه البخاري
أولا الغلام حضر مجلس النبي ﷺ ولم يكن مبعدا، ثم هو جالس عن يمين النبي ﷺ.
ولما جاء الإناء وكان النبي ﷺ يحب التيامن وكان ذلك من هديه، إلا أنه ﷺ أراد أن يقدم الأشياخ لكنه لم يلغ حق الغلام في الأولية إذ هو عن يمين النبي ﷺ، فاستأذن منه النبي ﷺ.
فإجاب الغلام بجواب ذكي يظهر فيه حبه للنبي ﷺ.
-
الحديث 4:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: بَعَثَ النَّبيُّ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْثًا، وأَمَّرَ عليهم أُسامَةَ بنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النّاسِ في إمارَتِهِ، فقالَ النَّبيُّ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنْ تَطْعُنُوا في إمارَتِهِ، فقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ في إمارَةِ أبِيهِ مِن قَبْلُ، وايْمُ اللَّهِ، إنْ كانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمارَةِ، وإنْ كانَ لَمِنْ أحَبِّ النّاسِ إلَيَّ، وإنَّ هذا لَمِنْ أحَبِّ النّاسِ إلَيَّ بَعْدَهُ.
أخرجه البخاري
معرفة النبي ﷺ سماة أصحابه وقدراتهم وإمكاناتهم.
تقديم النبي ﷺ أصحابه كل في المجال الذي يناسبه
عناية النبي ﷺ بالشباب وأنهم إذا كانوا أهلا ومحلا للتصدير صدرهم النبي ﷺ ولم يكن لكونهم شباب اعتبار عنده ﷺ.
الحديث 5:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال أَخْبِرُونِي بشَجَرَةٍ مَثَلُها مَثَلُ المُسْلِمِ، تُؤْتي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بإذْنِ رَبِّها، ولا تَحُتُّ ورَقَها فَوَقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، فَكَرِهْتُ أنْ أتَكَلَّمَ، وثَمَّ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ، فَلَمّا لَمْ يَتَكَلَّما، قالَ النبيُّ ﷺ: هي النَّخْلَةُ، فَلَمّا خَرَجْتُ مع أبِي قُلتُ: يا أبَتاهُ، وقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، قالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تَقُولَها، لو كُنْتَ قُلْتَها كانَ أحَبَّ إلَيَّ مِن كَذا وكَذا، قالَ: ما مَنَعَنِي إلّا أنِّي لَمْ أرَكَ ولا أبا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُما فَكَرِهْتُ.
أخرجه البخاري
-
-
الحديث 6:
عَنْ مالِكِ بنِ الحُوَيْرِثِ، قالَ: أَتَيْنا رَسولَ اللهِ ﷺ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقارِبُونَ، فأقَمْنا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكانَ رَسولُ اللهِ ﷺ رَحِيمًا رَقِيقًا، فَظَنَّ أنّا قَدِ اشْتَقْنا أَهْلَنا، فَسَأَلَنا عن مَن تَرَكْنا مِن أَهْلِنا، فأخْبَرْناهُ، فَقالَ: ارْجِعُوا إلى أَهْلِيكُمْ، فأقِيمُوا فيهم وَعَلِّمُوهُمْ، وَمُرُوهُمْ فَإِذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ.
شباب أتوا من قريتهم وبلدهم إلى النبي ﷺ لطلب العلم وتعلم الدين وللقرب منه ﷺ.
فاستقبلهم النبي ﷺ وقربهم وانتبه لأحوالهم.
فلقربه منهم ومعرفته إياهم واطلاعه على أحوالهم عرف النبي ﷺ أنهم اشتاقوا أهلهم
عناية النبي ﷺ بهم أهلتهم أن يكونوا قدوة في الدين وينقلوا ما تعلموه لأهليهم وبلدتهم.
اعتنى النبي ﷺ بهم من حيث الاستقبال، والتعليم والتقريب ومن حيث نفسياتهم والانتباه لها.
الإنسان المتعلم ليس بالضرورة أن يكمل طريق العلم حتى يبدأ بالنفع.
فليسع الإنسان لتعليم ما علم ولو كان ما تعلمه يسيرا. ولا يمنع الإنسان أن يعلم شيئا مما تعلمه أثناء الطريق.
الحديث 7:
عن عبد الله بن عنر رضي الله عنهما قال: بينا أنا رَديفُ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذ قال: احفظْ مني يا غلامُ: احفظِ اللهَ يحفظْك احفظِ اللهَ تجدْهُ تِجاهَك إذا سألتَ فاسألِ اللهَ وإذا استعنتَ فاستعنْ باللهِ رُفعتِ الأقلامُ وجَفتِ الصحفُ والذي نفسي بيدِه لو جَهِدتِ الأمَّةُ لِيضرُّوك بغيرِ ما كتبَ اللهُ لك ما قدَرتْ عليه أو ما استطاعتْ
عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان أصغر من ابن عمر. ففي أواخر عمر النبي ﷺ كان على سن الاحتل ام. إذ لما توفي النبي ﷺ كان ابن عباس ابن بضع عشرة سنة.
هذا الحديث يدل على أهم مادة موجهة للفتيان وهي مادة العبودية وتطويع القلب لله تعالى وتعليقه به.
فيتم التعريف بالله تعالى ويكون الحديث على القلب وعلاقته بالله تعالى.
يدل الحديث على أهمية تعليم الفتيان أهمية الاختصاص، فأحيانا تحتاج أن تختص بعض المتربين بوصية أو نصيحة بناء على ما تراه منه.
الحديث 8:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ضَمَّنِي النبيُّ ﷺ إلى صَدْرِهِ، وقالَ: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ.
أخرجه البخاري
فيه بيان حب النبي ﷺ لابن عباس وعنايته به.
أهمية الدعاء لمن يحبه الإنسان، أهمية الدعاء للمتعلمين، أهمية الدعاء للمتربين وبيان وإظهار محبتك لهم.
الحديث 9:
عنِ ابنِ عبّاسٍ قالَ: لمّا قُبِضَ رسولُ اللهِ ﷺ قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ: هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحابَ رسولِ اللهِ ﷺ؛ فإنَّهمُ اليَوْمَ كَثيرٌ. فقالَ: واعَجَبًا لكَ يا ابنَ عَبّاسٍ! أَتَرى النّاسَ يَفْتَقِرونَ إليكَ وفي النّاسِ مِنْ أَصْحابِ رسولِ اللهِ ﷺ مَنْ فيهم؟! قالَ: فَتَرَكْتُ ذاكَ، وأَقْبَلْتُ أَسْأَلُ أَصْحابَ رسولِ اللهِ ﷺ، وإنْ كان يَبْلُغُني الحَديثُ عنِ الرَّجُلِ فآتي بابَهُ وهو قائلٌ فأتَوَسَّدُ رِدائي على بابِهِ تَسْفي الرِّيحُ عَلَيَّ مِنَ التُّرابِ فَيَخْرُجُ فَيَراني. فقالَ: يا ابْنَ عَمِّ رسولِ اللهِ ﷺ، ما جاءَ بِكَ؟ هَلّا أَرْسَلْتَ إلَيَّ فآتيَكَ؟ فأقولُ: لا، أَنا أَحَقُّ أَنْ آتيَكَ. قالَ: فَأَسْأَلُهُ عنِ الحَديثِ، فَعاشَ هذا الرَّجُلُ الأَنْصاريُّ حتّى رآني وقدِ اجْتَمَعَ النّاسُ حَوْلي يَسْأَلونَني، فيَقولُ: هذا الفَتى كان أَعْقَلَ مِنِّي»
كان هذا الخلق من أثر عناية النبي ﷺ بابن عباس رضي الله عنهما. فالعناية النبوية أحدثت عنه حالة من الاهتمام والشغف والصبر والإقبال والحرص.
أهم ما يحتاجه الشباب ليس المادة العلمية في الدروس أولا، إنما يحتاجون أولا إلى الاستصلاح النفسي والأخلاقي والتزكوي الذي يجعل النفس سوية ولديها الاستعداد للصبر والتحمل والبدل والعطاء
الحديث 10:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مع أشْياخِ بَدْرٍ، فَكَأنَّ بَعْضَهُمْ وجَدَ في نَفْسِهِ، فَقالَ: لِمَ تُدْخِلُ هذا معنا ولَنا أبْناءٌ مِثْلُهُ؟! فَقالَ عُمَرُ: إنَّه مَن قدْ عَلِمْتُمْ، فَدَعاهُ ذاتَ يَومٍ فأدْخَلَهُ معهُمْ، فَما رُئِيتُ أنَّه دَعانِي يَومَئذٍ إلّا لِيُرِيَهُمْ، قالَ: ما تَقُولونَ في قَوْلِ اللَّهِ تَعالى: ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ والْفَتْحُ﴾؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنا أنْ نَحْمَدَ اللَّهَ ونَسْتَغْفِرَهُ إذا نُصِرْنا وفُتِحَ عَلَيْنا، وسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شيئًا، فَقالَ لِي: أكَذاكَ تَقُولُ يا ابْنَ عَبّاسٍ؟ فَقُلتُ: لا، قالَ: فَما تَقُولُ؟ قُلتُ: هو أجَلُ رَسولِ اللَّهِ ﷺ أعْلَمَهُ له، قالَ: ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ والْفَتْحُ﴾، وذلكَ عَلامَةُ أجَلِكَ، ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّابًا﴾، فَقالَ عُمَرُ: ما أعْلَمُ منها إلّا ما تَقُولُ.
أخرجه البخاري
عمر أخذ من هدي النبي ﷺ في العناية بالشباب فكان يدخل في مجلسه الشباب. بل هذا مجلس من أشياخ بدر وما أدراك ما أشياخ بدر.
كما أن مجلس عمر رضي الله عنه له هيبة.
الحديث 11:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:[...] وكانَ القُرّاءُ أصْحابَ مَجْلِسِ عُمَرَ ومُشاوَرَتِهِ، كُهُولًا كانُوا أوْ شُبّانًا
كان موجب الاستخقاق ليس لمجرد كونهم شبابا وإنما ما لديهم من العلم.
ويقول ابن حجر في القراء أنهم الجامعون بين العلم والعبادة.
الحديث 12:
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنَّه كان يعلِّمُ بَنيه هؤلاءِ الكلماتِ ويقولُ: إنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كان يتعوَّذُ بهنَّ دبرَ كلِّ صلاةٍ: اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك من الجُبنِ وأعوذُ بك من البُخلِ وأعوذُ بك من أن أُردَّ إلى أرذلِ العمرِ وأعوذُ بك من فتنةِ الدُّنيا وعذابِ القبرِ
أخرجه البخاري
-
-
-
صفات المصلحين
الآية 1:
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ﴾
من قوانين وسنن إصلاح هذه الأرض أن الذين يصلحونها هم من البشر، وهؤلاء المصلحون يحكمهم ما يحكم سائر البشر من الصفات والأحوال.
إلا أن الله يمدهم حين يسيرون على صفات ووفق منهاج معين.
فالإصلاح قائم على صناعة هؤلاء القوم وتهيئتهم.
من أول صفات هؤلاء المصلحين أن الله يحبهم وهم يحبونه تعالى.
فهذه المحبة القائمة على الإيمان من أهم صفات المصلحين.
وهذه الصفة هي صفة باطنة من أعمال القلوب، بالتالي فالاقتصار على الإعداد الخارجي للمصلحين هي صورة فيها تقصير.
-
سياق الآية هو سياق استبدال، ذكر الله تبارك وتعالى صفات من هم على ما يحبه ومن بهم يتحقق الإصلاح. فكل صفة ذكرت هي صفة مركزية. وكل ما ذكر من الصفات في الآية إنما هو قائم على هذه المحبة وهذا المعنى القلبي.
وتحقق هذه الآثار علامة على أن هذه المحبة موجهة في الطريق الصحيح.
الجمع بين صفة لين ورحمة وذلة إذا كان الطرف الآخر من المؤمنين، وعزة وشدة على الكافرين. (هذا في نفس الشخص)
الدافع لرحمة المؤمنين واللين لهم هو أنهم مشتركين مع بعض في محبتهم لله، والدافع للعزة على الكافرين والشدة عليهم أنهم ضادوا معنى محبة الله تعالى.
-
القانون الباعث للمؤمن المصلح أن يسترخص نفسه ويضحي في سبيل الله تعالى هو محبته لله تعالى. فمحبتهم لله جعلت أنفسهم وما يصيبها من الأذى يهون عليهم، فيجاهدون في سبيل الله تعالى ولا يخفافون لومة لائم.
الآية 6:
﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّٖ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٞ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسۡتَكَانُواْۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّٰبِرِينَ ۞ وَمَا كَانَ قَوۡلَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِيٓ أَمۡرِنَا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾
هذه الآية في سياق أحد لما انتشرت إشاعة وفاة النبي ﷺ وما أدى ذلك إلى التشتت وفرار البعض واضطراب البعض الآخر.
الله تعالى ينبهنا إلى أهمية إستذكار قصص الثابتين والمصلحين قبلنا واستحضارها عند الأزمات والحوادث.
فهذه الآية فيها عتاب للمؤمنين الذين اضطربوا يوم أحد.
فالله يقول لهم: ألم يكن لكم في من ثبت قبلكم ممن عرفتم أخبارهم وثبتوا مع أنبيائهم أسوة وقد أصابكم ما أصابهم؟
وسبق أن أشرنا كيف أن النبي ﷺ في نفس هذه الحادثة استحضر نبيا قبله أصيب بمثل ما أصيب به ﷺ فكان ذلك مثبتا ومصبرا له.
-
الحديث 2:
عن سهل بن سعد الساعدي أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ يَومَ خَيْبَرَ: لَأُعْطِيَنَّ هذِه الرّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ على يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَه، ويُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسولُهُ، قالَ: فَباتَ النّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ: أيُّهُمْ يُعْطاها؟ فَلَمّا أصْبَحَ النّاسُ غَدَوْا على رَسولِ اللَّهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أنْ يُعْطاها، فَقالَ: أيْنَ عَلِيُّ بنُ أبِي طالِبٍ؟ فقِيلَ: هو -يا رَسولَ اللَّهِ- يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قالَ: فأرْسَلُوا إلَيْهِ. فَأُتِيَ به فَبَصَقَ رَسولُ اللَّهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ في عَيْنَيْهِ ودَعا له، فَبَرَأَ حتّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ به وجَعٌ، فأعْطاهُ الرّايَةَ، فَقالَ عَلِيٌّ: يا رَسولَ اللَّهِ، أُقاتِلُهُمْ حتّى يَكونُوا مِثْلَنا؟ فَقالَ: انْفُذْ على رِسْلِكَ حتّى تَنْزِلَ بساحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلامِ، وأَخْبِرْهُمْ بما يَجِبُ عليهم مِن حَقِّ اللَّهِ فِيهِ؛ فَواللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا واحِدًا، خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ.
من الأمور المتكررة في النصوص الشرعي أنه لما يذكر شخص بصفة معينة ويفضل فيها ويكون غيره مشترك معه فيها فالمقصود هنا هو الدرجة في هذه الصفة.
فمن أبرز صفات علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه محقق للدرجات العالية في محبة الله ورسوله.
السياق سياق فتح وقتال ومع ذلك الصفة التي تبرز في القائد هي محبة الله ورسوله، فلم يفضله عليهم لشدة بدن أو غير ذلك من الأسباب المادية...
وفي هذا إشارة وتركيز على أهمية أعمال القلوب وتزكيتها وتنميتها لدى المصلح.
النبي ﷺ أخبر عن الفتح وأن الفتح حاصل لا محال، واليهود محاصرون لا مفر لهم وهم الذين خانوا النبي ﷺ وحاولوا قتله وحشدوا ضده الأعداء وكفار العرب في غزوة الأحزاب. ثم تكون وصية النبي ﷺ للقائد أن ينفد على رسله ثم ادعهم إلى الإسلام.
فلو أسلم اليهود لعادت الجيوش إلى المدينة وبقيت خيرات خيبر عند أهلها.
هذا من ربانية هذا الدين.
الآية 2:
﴿مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطَۡٔهُۥ فََٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا﴾
-
الصلاة من أعظم أعمال وشعارات المحبين لله سبحانه وتعالى.
كأن فيضان المحبة من القلب لله سبحانه وتعالى لا يحتويه إلا فعل السجود.
فالإكثار من الصلاة من أعظم صور إثبات المحبة.
-
الآية 8:
﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِن كُونُواْ رَبَّٰنِيِّۧنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ تَدۡرُسُونَ﴾
-
"الربانية" فيها معنى متعدي ومتجاوز للآخرين.
الربانية مأخوذة من "الربان" الذي يقود.
قال الطبري رحمه الله: الربانيون هم عماد الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا.
فمعنى الآية: "ولكن يقول لهم كونوا يا أيها الناس سادة الناس وقادتهم في أمر دينهم ودنياهم، ربانيين بتعليمكم إياهم كتاب الله وما فيه من حلال وحرام وفرض وندب وسائر ما حواه من أمور دينهم وبتلاوتكم إياه ودراستكموه.
الحديث 1:
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال جاءَ العاقِبُ والسَّيِّدُ صاحِبا نَجْرانَ إلى رَسولِ اللَّهِ ﷺ، يُرِيدانِ أنْ يُلاعِناهُ، قالَ: فقالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ: لا تَفْعَلْ؛ فَواللَّهِ لَئِنْ كانَ نَبِيًّا فَلاعَنّا، لا نُفْلِحُ نَحْنُ ولا عَقِبُنا مِن بَعْدِنا، قالا: إنّا نُعْطِيكَ ما سَأَلْتَنا، وابْعَثْ معنا رَجُلًا أمِينًا، ولا تَبْعَثْ معنا إلّا أمِينًا، فقالَ: لَأَبْعَثَنَّ معكُمْ رَجُلًا أمِينًا حَقَّ أمِينٍ، فاسْتَشْرَفَ له أصْحابُ رَسولِ اللَّهِ ﷺ، فقالَ: قُمْ يا أبا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرّاحِ، فَلَمّا قامَ، قالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: هذا أمِينُ هذِه الأُمَّةِ.
أخرجه البخاري
-
-
-
-
الآية 7:
﴿وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بَِٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ﴾
ذكر خلاصة الطريق الذي ورث من خلالها بنو إسرائيل الأرض.
وهذا الطريق هو مصاحبة الصبر واليقين.
لا تفارق الصبر أبدا فيتحتاج إليه طول الطريق.
الحديث 3:
عن معاوية بن أبي سفيان أن النبي ﷺ قال :لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي قائِمَةً بأَمْرِ اللهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، أوْ خالَفَهُمْ، حتّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وهُمْ ظاهِرُونَ على النّاسِ.
-
الحديث 4:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي يُقاتِلُونَ على الحَقِّ ظاهِرِينَ إلى يَومِ القِيامَةِ، قالَ: فَيَنْزِلُ عِيسى ابنُ مَرْيَمَ ﷺ، فيَقولُ أمِيرُهُمْ: تَعالَ صَلِّ لَنا، فيَقولُ: لا، إنَّ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ أُمَراءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هذِه الأُمَّةَ.
-
الحديث 5:
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُهُ يقولُ: يُجاءُ بالرَّجُلِ يَومَ القِيامَةِ فيُلْقى في النّارِ، فَتَنْدَلِقُ أقْتابُهُ في النّارِ، فَيَدُورُ كما يَدُورُ الحِمارُ برَحاهُ، فَيَجْتَمِعُ أهْلُ النّارِ عليه فيَقولونَ: أيْ فُلانُ، ما شَأْنُكَ؟ أليسَ كُنْتَ تَأْمُرُنا بالمَعروفِ وتَنْهانا عَنِ المُنْكَرِ؟! قالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بالمَعروفِ ولا آتِيهِ، وأَنْهاكُمْ عَنِ المُنْكَرِ وآتِيهِ.
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
تعظيم حدود الله
الآية 1:
﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ﴾
-
أن يكون الامتثال مصحوبا بوجل القلب فهذا مقام أعلى وأعظم. فالمؤمن الحق عليه أن يجتهد كي يحصل هذه الحال.
-
كيف يصل المؤمن إلى هذه الحال؟
البوابة الأساسة لهذا المقام هو العلم بالله، فكلما ازداد الإنسان بالله علما ازداد له خشية.
ولا سبيل إلى العلم بالله تعالى أعلى وأضمن من تدبر كتابه تعالى وتأمل ما ذكر الله تعالى عن نفسه، ثم يزاد على ذلك التأمل في مخلوقاته.
إذا كان القلب وجلا من الله فإن امتثاله لأمره واجتنابه لما حرم الله تعالى هو من المقتضيات الأساسية لهذا الوجل والتعظيم.
الحديث 2:
أنَّ قريشًا أهمَّتهم شأنُ المرأةِ المَخزوميَّةِ الَّتي سرَقت فقالوا: مَن يُكلِّمُ فيها رسولَ اللهِ ﷺ؟ فقالوا: ومَن يجترئُ عليه إلّا أسامةُ بنُ زيدٍ حِبُّ رسولِ اللهِ ﷺ فكلَّمه أسامةُ فقال رسولُ اللهِ ﷺ: (أتشفَعُ في حدٍّ مِن حدودِ اللهِ؟) ثمَّ قام فاختطَب فقال: (إنَّما هلَك الَّذين مِن قبْلِكم أنَّهم كانوا إذا سرَق فيهم الشَّريفُ ترَكوه وإذا سرَق فيهم الضَّعيفُ أقاموا عليه الحدَّ وايمُ اللهِ لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمَّدٍ سرَقتْ لَقطَعْتُ يدَها)
-
تعطيل حدود الله لنسب أو جاه أو اعتبارات أخرى هو من أهم أسباب هلاك الأمم السابقة. وجاء اللفظ بصيغة الحصر.
البطن المخزومي هو من البطون التي لها شرف كبير في قريش. فلما سرقت لم تقبل قريش أن تقطع يدها وهي من أشرفهم.
النبي ﷺ كان معروفا عند أصحابه أنه لا يجامل في حدود الله، لذلك لم يفكروا أن يذهبوا إليه مباشرة فجاءوه من باب المحبة.
هذا الباب مرتبط بالباب الأول من حيث هو متعلق بتعظيم مرجعية الوحي من جهة تعظيم حدود الله وشريعته.
هناك من يتعامل مع الوحي تعامل الامتثال دون التعظيم، وهناك من لا يمتثل ولا يعظم. فالناس ثلاثة أصناف
-
-
-
مجالات التعظيم
-
-
التعظيم التفصيلي لما عظمته الشريعة (وهذا متعلق بمركزة المركزيات)، فمن أعظم صور التعظيم أن يكون تعظيم الإنسان للأمر الشرعي بقدر ما عظمه الله ورسوله.
الآية 2:
﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ﴾
﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِ﴾
-
الشعائر هي أعلام الدين الظاهرة ومنها:
المناسك كلها
شعائر مكانية كالمسجد الحرام، المعبة، المسجد النبوي، المسجد الأقصى.
شعائر زمانية كرمضان، ليلة القدر، العشر من ذي الحجة، يوم عرف، يوم النحر
تعظيم حرمات الله هو أوسع من شعائر الله باعتبار.
قال ابن كثير في تعظيم حرمات الله: "أي ومن يجتنب معاصيه ومحارمه فيكون ارتكابها عظيما ف نفسه".
فمن أعظم المقاصد هذا الباب هو الجمع بين الامتثال والتعظيم
الآية 3:
﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
يجب النظر إلى أوامر النبي ﷺ على أنها أوامر معَظَّمة من جهة صدورها عنه ﷺ، ومن جهة كون مخالفتها يخشى منها الوقوع في الفتنة في الدين وزيغ القلب.
والفتنة في الآية هي الكفر والشرك.
كلما ازداد المسلم امتثالا واستقامة وقربا من الله ازداد خوفه من أن يفتن في دينه بسبب تركه لبعض الأوامر، والعكس بالعكس.
وهذا الخوف هو خوف مشوب بعلم وحياء نتيحة العلم بالله تعالى.
كلما أدرك المرء قيمة ما بين يديه خالف عليه أكثر.
-
الحديث 3:
قَدِمَ عُيَيْنَةُ بنُ حِصْنِ بنِ حُذَيْفَةَ بنِ بَدْرٍ، فَنَزَلَ على ابْنِ أخِيهِ الحُرِّ بنِ قَيْسِ بنِ حِصْنٍ، وكانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وكانَ القُرّاءُ أصْحابَ مَجْلِسِ عُمَرَ ومُشاوَرَتِهِ، كُهُولًا كانُوا أوْ شُبّانًا، فَقالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أخِيهِ: يا ابْنَ أخِي، هلْ لكَ وجْهٌ عِنْدَ هذا الأمِيرِ فَتَسْتَأْذِنَ لي عليه؟ قالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لكَ عليه، قالَ ابنُ عَبّاسٍ: فاسْتَأْذَنَ لِعُيَيْنَةَ، فَلَمّا دَخَلَ، قالَ: يا ابْنَ الخَطّابِ، واللَّهِ ما تُعْطِينا الجَزْلَ، وما تَحْكُمُ بيْنَنا بالعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ، حتّى هَمَّ بأَنْ يَقَعَ به، فَقالَ الحُرُّ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إنَّ اللَّهَ تَعالى قالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ: ﴿خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجاهِلِينَ﴾ [الأعراف: ١٩٩]، وإنَّ هذا مِنَ الجاهِلِينَ، فَواللَّهِ ما جاوَزَها عُمَرُ حِينَ تَلاها عليه، وكانَ وقّافًا عِنْدَ كِتابِ اللَّهِ.
مجالس عمر كانت مهيبة ولها شأن، وكانت مليئة بالخير والعلم والحكمة.
معيار اختيار عمر للمداومين على مجلسه فقه يجب أن يدرس وينتبه إليه.
القراء هم العلماء العباد.
وهذا اللفظ بهذا المعنى أصبح غائبا عنا الآن، فاستعمالنا له مخالف لمعناه في القرون الأولى.
"وقافًا عند كتاب الله"
على المؤمن أن يهيمن بالنص القرآني على داعي النفس الدافع له بسبب غضب أو فرح أو هوى.
فأن يوقف نفسه عن الإقدام بنص من كتاب الله أو سنى رسول الله ﷺ مع وجود هذا الداعي المعارض دليل عملي واضح على تعظيمه لحدود الله ولشريعته وهي من أعظم علامات الإيمان.
-
هذا من أشرف الأعمال.
ودليله قصة الثلاثة في الغار والذي امتنع من الوقوع على امرأة لسماعه كلمة "اتق الله".
فكان هذا من أفضل الأعمال (وهو ترك) التي عملها، بدليل أنه توسل إلى الله به.
فأن يحول المرء بين نفسه وإراداتها بعد انطلاقها إليها بسيف من زواجر الشريعة لهو من أشرف الأعمال وأرجاها.
الحديث 1:
أنَّ فاطِمَةَ - عَلَيْها السَّلامُ - ابْنَةَ رَسولِ اللَّهِ ﷺ، سَأَلَتْ أَبا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وفاةِ رَسولِ اللَّهِ ﷺ، أَنْ يَقْسِمَ لَها مِيراثَها، ممّا تَرَكَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ ممّا أَفاءَ اللَّهُ عليه، ٣٠٩٣- فَقالَ لَها أَبُو بَكْرٍ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: لا نُورَثُ، ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ، فَغَضِبَتْ فاطِمَةُ بنْتُ رَسولِ اللَّهِ ﷺ، فَهَجَرَتْ أَبا بَكْرٍ، فَلَمْ تَزَلْ مُهاجِرَتَهُ حتّى تُوُفِّيَتْ، وعاشَتْ بَعْدَ رَسولِ اللَّهِ ﷺ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، قالَتْ: وكانَتْ فاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبا بَكْرٍ نَصِيبَها ممّا تَرَكَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ مِن خَيْبَرَ، وفَدَكٍ، وصَدَقَتَهُ بالمَدِينَةِ، فأبى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْها ذلكَ، وقالَ: لَسْتُ تارِكًا شيئًا، كانَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ يَعْمَلُ به إلّا عَمِلْتُ به، فإنِّي أَخْشى إنْ تَرَكْتُ شيئًا مِن أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ
هذا نموذج لمن يمتثل للنهي مستصحبا للخشية والخوف من عاقبة مخالفة هذا النهي.
فهذا جمع بين التعظيم والامتثال
من أهم ما ينبغي الحرص عليه في تربية الشاب المسلم هو تعظيم شعائر الله في نفوس الطلاب وأن يجعل في قلوبهم حساسية تجاه التخويف بالله، وأن يعظموا ما عظمته الشريعة بالقدر الذي عظمته به أما التسوية بين المحرمات/الواجبات هو من قلة الفقه في الدين.
روى أبو هريرة رضي الله عنه {ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ على سِلْعَةٍ لقَدْ أَعْطى بها أَكْثَرَ ممّا أَعْطى، وَهو كاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ على يَمِينٍ كاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ؛ لِيَقْتَطِعَ بها مالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ ماءٍ، فيَقولُ اللَّهُ: اليومَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كما مَنَعْتَ فَضْلَ ما لَمْ تَعْمَلْ يَداكَ.}
أخرجه البخاري
هذا تعظيم خاص لوقت العصر على غيره من الأوقات، ويقول النووي في الحديث: "خص ما بعد العصر لشرفه بسبب اجتماع ملائكة الليل والنهار..."
-
-
-
-
-
-
-
-
-