Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
التنظيم القضائي (3) - Coggle Diagram
التنظيم القضائي (3)
II- القضاة
ومساعدو القضاء :
الفقرة الأولى: الأحكام
العامة المطبقة على القضاة :
ان الحماية القضائية تمارسها الدولة بموجب سلطتها القضائية بواسطة القضاة العاملين بالمحاكم العادية التي تم انشاؤها خصيصا لمممارسة هذه الوظيفة. وقد عرفهم الفصل 12 من القانون الأساسي للقضاة انهم القضاة الجالسون وأعضاء النيابة العمومية و القضاة التابعون لإطار الإدارة المركزية بوزارة العدل. إلا أنه لتأمين سير العدالة ولتسهيل مهمة القاضي لا بد من وجود عدة أشخاص، وهو ما اصطلح على تسميتهم بمساعدي القضاء ضرورة أن القاضي لا يستطيع القيام بجميع الأعمال التي تستلزمها الدعوى من تصنيف ملفات وحفظ وثائق و إجراء الخبرة و تسليم نسخ تنفيذية من الأحكام.
وبالإضافة إلى ذلك فان أطراف الدعوى لا يستطيعون القيام بأنفسهم بالأعمال التي يتطلبها سير الدعوى ولا بد من الاستعانة ببعض الأشخاص من ذوي الاختصاص للقيام بهذه الأعمال بالنيابة عنهم لا لمصلحتهم فحسب بل ولمصلحة حسن سير القضاء، وهؤلاء الأعوان هم كتبة المحاكم والعدول المنفذون و المحامون و الخبراء و المترجمون المحلفون ولسوف نتطرق إلى القضاة في فقرة أولى ثم إلى مساعدي القضاء في فقرة ثانية.
أ- شروط
تعيين القضاة :
اقتضى الفصل العاشر من القانون الأساسي للقضاة المؤرخ في 14 جويلية 1967 أن القضاة تقع تسميتهم بأمر رئاسي باقتراح من المجلس الأعلى للقضاء. وينتدب القضاة عملا بالفصل 29 من نفس القانون بعد تعديله في 2 أوت 1973 من حاملي الإجازة في الحقوق بطريق المناظرة بالشهادات أو بطريق المناظرة بالمواد ويحدد وزير العدل بقرار شروط المناظرة ونظامها وبرنامجها.
وبصفة استثنائية يمكن انتداب قضاة بدون مناظرة من بين المحامين الذين قضوا عشر سنوات على الأقل في ممارسة مهنة المحاماة او من بين الأساتذة بكلية الحقوق أو المكلفين بالتدريس فيها، الا انه ومنذ إحداث المعهد الأعلى للقضاء الذي نص عليه القانون عدد 80 لسنة 1985 المؤرخ في 11 أوت 1985 ووقع إحداثه في 1 فيفري 1989 أصبح انتداب القضاة يقع عن طريق هذا المعهد بعد قضاء عامين من التكوين.
كل من يعين قاضيا يجب أن تتوفر فيه الشروط
1 - الجنسية
أن يكون تونسي الجنسية متمتعا بالاهلية المدنية الكاملة ضرورة أن القاضي موظف عمومي ولا يجوز تولي الوظائف العامة إلا من تونسيين علاوة على أن القضاء مظهر من مظاهر السيادة ولا يجوز أن يكون عضو الدولة في تولي سلطتها إلا من يتمتع بجنسيتها. كما يستوي أن يكون التونسي رجلا أو امرأة لأن القانون لم يفرق في هذا الشأن بين الرجل والمرأة.
2- السن
ان القاضي خاضع لقانونه الأساسي، وفي سكوت النص الخاص يقع الرجوع إلى قانون الوظيفة العمومية الذي اقتضى ان الموظف العمومي يجب أن لا يقل سنه عن اثنين وعشرين سنة عند الانتداب على الأقل وخمسة وثلاثين سنة على الأكثر ويجوز الوصول إلى الأربعين عندما يكون المعني بالأمر يعمل بمؤسسة عمومية اخرى.
ولم يفرق القانون بين القضاة من حيث السن عند تولي المناصب القضائية ولم يحدد سنا معينة لقاضی الاستئناف او التعقيب .
3- الاهلية المدنية
وحسن السيرة :
يجب أن يكون القاضي متمتعا بالاهلية المدنية الكاملة وغير محكوم عليه بحكم سالب للحرية وأن لا يكون محكوما عليه من محكمة أو مجلس تاديبي لامر مخل بالشرف و لو رد إليه اعتباره أو شمله عفو عام.
وبالإضافة إلى ذلك أن يكون محمود السيرة وحسن السمعة حتى يكون تطبيقه للقانون محلا لاحترام الجميع. فلا يمكن أن يتولى القضاء سفيها أو مجنونا وان انقطع جنونه ضرورة أنه ينبغي أن يكون ناضج العقل. صحيح الإدراك، جيد الفطنة حتى يتمكن من الفصل في النزاعات والتغلب على ما يعترضه من مشاكل وصعوبات قانونية.
ب - حقوق
القضاة :
لقد أسند الفصل 55 من الدستور للمجلس الأعلى للقضاء مهمة مراقبة احترام الضمانات التي تكفل للقاضي استقلاليته، وتبني القانون الأساسي للقضاة مدلول هذا الفصل ضرورة أنه تعرض لهذه الضمانات و هي تلك المتعلقة بترقية القاضي في سلم الوظيفة أو بنقلته من محكمة إلى أخرى أو بالعقوبات التأديبية التي يمكن أن تسلط عليه.
1- بالنسبة
لترقية القضاة :
إن استقلالية القضاة تظهر في طريقة ترقيتهم في السلم الوظيفي ضرورة أنه لا يخل للسلطة التنفيذية أو التشريعية في تدرج القاضي و عهد إلى المجلس الأعلى للقضاء بتقرير ترقية القاضي أو عدم ترقيته.
اما من الناحية العملية فان المجلس الأعلى للقضاء يتولى كل سنة إعداد و مراجعة جدول الكفاءة ثم جدول الترقية على ضوء اقدمية القاضي وخاصة على ضوء الأعداد الصناعية المسند له في كل سنة، باعتبار أن رئيس محكمة الاستئناف يسند كل سنة الاعداد للقضاة الراجعين له بالنظر بعد استشارة المدعي العمومي بتلك المحكمة وأخذ رأي رئيس المحكمة التي ينتمي لها الفاضي.
أما أعضاء النيابة العمومية فيمنحون أعدادا صناعية من طرف المدعي العمومي بمحكمة الاستئناف التي يرجعون لها بالنظر وعلى أساس ملاحظات وكيل الجمهورية.
أما قضاة النواحي فيتم منحهم اعدادا بالاتفاق بين رئيس المحكمة الإبتدائية التابعين لها ووكيل الجمهورية.
2- بالنسبة
لنقلة القضاة
لقد اقتضى الفصل 14 من القانون الأساسي للقضاة أنه لا يجوز نقلة القضاة كل سنة من بداية العطلة القضائية، ولذلك، و تطبيقا لمبدأ عدم جواز نقلة القاضي فإنه ليس بالإمكان نقلته اثناء السنة من المحكمة التي يعمل بها إلا برضائه، غير أن مصلحة العمل تقتضي أن يتم النقل بمذكرة من وزير العدل الذي يجب عليه أن يعلم المجلس الأعلى للقضاء.
و مفهوم مصلحة العمل هو مفهوم عام و نسبي وترجع سلطة تقديره إلى وزير العدل مما جعل البعض يخشون من التجاورات.
3- بالنسبة
لتأديب القضاة
يتمتع القاضي باستقلاله کاملا عند القيام بعمله و الغلط في تطبيق القانون يعرض حكمه للنقض بطريق من طرق الطعن ولكنه لا يعرض للمسالة التأديبية، غير أن ما يعرضه للمسائة وهي ضرورية حتى يؤدي القاضي واجبه على أكمل وجه و هو كل عمل من شأنه أن يمس من شرف و سمعة المهنة التي يتعاطاها بشكل خطأ يستوجب عقوبة تأديبية.
لقد اتخذت كل الضمانات ضرورة أن مجلس التأديب يترأسه رئيس محكمة التعقيب ولا تتم الاحالة الا بعد القيام بتحقيق إداري يتولاه أحد كبار القضاة.
وتكون الجلسة سرية و يحترم مبدأ لمواجهة ضرورة أن المعني بالأمر يطلع على الملف بنفسه أو بواسطة من ينيبه من المحامين ويتم الدفاع بتقرير كتابي.
كما أن سلم العقوبات يبتدأ بالتوبيخ وهو أخف هذه العقوبات و ينتهي إلى العزل التهاني وهو أشد العقوبات مثلما اقتضاه الفصل 50 من القانون الأساسي للقضاة. بالإضافة إلى إمكانية الطعن في القرار التأديبي أمام المحكمة الإدارية، وفي مناسبتين تم نقض القرار التأديبي والقضاء من جديد بعدم ثبوت الخطأ.
ج - ضمانات
حياد القاضي :
ان القاضي انسان له عواطف ومشاعر و مصالح خاصة ولا يمكنه أن يكون مستقلا في عمله ومحايدا بين الخصوم إذا وضع في موقف محرج ولا بد أن يتأثر فيه بهذه العواطف و المصالح، ولذلك وضع المشرع بعض القواعد التي من شأنها حماية القاضي من التأثر بهذه الاعتبارات. وقد نظم القانون التونسي هذه القواعد بأن حرم على القاضي الاشتغال بأي عمل غير القضاء الا إلقاء الدروس القانونية في كليات القانون والمعاهد بعد الترخيص من وزير العدل، حتى لا تنشأ له مصالح مادية أو أدبية وكذلك ابعاد القاضي عن الفصل في أية قضية من الواضح أنه لن يكون فيها محايدا.
1- عدم الجمع بين القضاء
ومزاولة وظائف أخرى
لقد حجر المشرع على القاضي الجمع بين وظيفة القضاء و غيرها من الوظائف حتى لا يقع في حيرة الاختيار بين واجبه كقاض و مصلحته الشخصية أو السياسية.
ولتحقيق هذه الغاية لا يجوز له القيام بأي عمل بأجر أو بغير أجر ولا أن يكون نائبا في مجلس النواب ولا منخرطا في حزب سياسي ولا أن يكون في الوقت نفسه موظفا عموميا أو عاملا في القطاع الخاص، إلا أن وزير العدل يمكن أن يسمح للقاضي بصفة استثنائية بالتدريس في كلية الحقوق كمعين وقتي أو خارجي ولا يكون داخلا في الإطار الوظيفي لوزارة التعليم العالي، وكذلك أن يكون محكما عملا بأحكام الفصل العاشر من قانون التحكيم المؤرخ في 26 أفريل 1993.
كما منع القاضي من مباشرة بعض الأعمال وهي المنصوص عليها بالفصل 665 من مجلة الالتزامات والعقود والذي اقتضى أنه لا يمكن للقاضي شراء الأشياء المكلف ببيعها في نطاق البيوعات العقارية أو شراء الحقوق المتنازع فيها والمنشورة في شأنها قضية بالمحكمة التي يباشر فيها عمله.
وفي صورة مباشرته للأعمال المذكورة فإن العقود المبرمة تكون باطلة بطلانا مطلقا ويكون القاضي عرضة لعقوبات تاديبية من المجلس التاديبي ضرورة ان استقلال القضاء وكرامة القاضي تتعارض مع واجبات وحسن أدائه لوظيفه.
2- عدم اهلية النظر
في بعض القضايا
والتجريح في القاضي
اقتضى الفصل 248 من م.م.م.ت. أنه على القاضي أن يمتنع عن النظر في القضية بصفة تلقائية كلما كان هناك سبب يخشى معه عدم ملازمة الحياد و الموضوعية، كما حجر نفس الفصل على القضاة النظر في الدعاوى التي هم فيها خصوم أولهم مشاركة مع أحد الخصوم أو الدعاوى التي تكون فيها نساؤهم او رجالهن طرفا ولو بعد انفصام العلاقة الزوجية أو كان أقاربهم إلى الدرجة الرابعة وأصهارهم طرفا فيها .
إذا توفرت إحدى الأسباب المذكورة فإنه يمكن للقاضي أن يتنحى تلقائيا عن النظر في الدعوى ويقدم تقريرا إلى رئيس المحكمة يطلب منه الأذن انه عازم عن التنحي التلقائي عن النظر في القضية لأسباب معينة وباذن له بذلك ويعلم رئيس الدائرة بذلك.
أما إذا لم يتنحي القاضي تلقائيا فانه بإمكان أحد الخصوم التجريح فيه وذلك وقبل أن يقع الخوض في الأصل بتقديم مطلب لرئيس المحكمة الإبتدائية يقدح فيه في نزاهة القاضي السبب من الأسباب القانونية المعروفة. ويبادر رئيس المحكمة باستفسار القاضي بالأمر ويمكنه استجواب صاحب المطلب عند الإقتضاء ثم يحرر تقريرا في الموضوع يحيله على المحكمة التي لها النظر في المطلب واذا تبين وجاهة المطلب فإن المحكمة تقرر عدم مشاركة المجرح فيه للنظر في القضية ويعوض بقاض اخر .
أما إذا كان المجرح فيه هو رئيس المحكمة بنفسه فان المطلب يحال على أقدم قاض بالمحكمة الذي يتولى أعمال البحث والتحقيق ثم يحيل الملف على المحكمة للبت فيه.
د - مخاصمة
القضاة :
انه من الثابت أن كل خطأ محدث لضرر يؤدي إلى مسؤولية فاعله الذي يلزم بجبر الضرر وذلك بتعويضه. وإذا طبقنا هذه القاعدة على القاضي لوجدناه عرضة لعديد من دعاوى التعويض المرفوعة ضده. ولو ترك القاضي تحت تهديد هذه الدعاوی فلن يشعر بالاستقلال في الرأي عند قيامه بعمله وقد يؤدي ذلك إلى تعطيل مرفق القضاء.
إلا أنه لا يمكن رغم ذلك إعفاء القضاة من كل مسؤولية ضرورة أنه إذا كان خطأ القاضي يشكك في حياده وأنه من الضروري أن يكون للمتضرر دعوی مسؤولية ضد الفاضي.
ولقد وفق جل التشريعات بین هذين الاعتبارین وأقرت قواعد خاصة لمسؤولية القضاة المدنية عن أعمالهم. وان الهدف من هذه القواعد هو أن لا تؤدي مسؤولية القاضي إلى التأثير على استقلاله وذلك بتحديد حالات مخاصمة القضاة أي أن لا يكون مسؤولا عن كل خطأ بل لا بد من توفر شروط أخرى وكذلك رسم إجراءات خاصة لتقرير هذه المسؤولية.
1- حالات
المخاصمة :
اقتضى الفصل 199 من م .م .م.ت. أنه يمكن مؤاخذة القضاة في الصور التالية :
• الغرر، • الاحتيال، • الإرتشاء، • و إذا توجهت عليه مسؤولية بمقتضى القانون توجب عليه عزم الضرر مدنيا.
وان القصد من الغرر والاحتيال هو ارتكاب الظلم ومخالفة القانون عن عمد و سوء نية ويعني ذلك أن القاضي يعد مرتكبا للغرر والاحتيال إذا انحرف في عمله عما يقتضيه القانون و كان يقصد هذا الانحراف.
وان صور الغرر والتدليس كثيرة و نذكر منها على سبيل المثال تعمد القاضي تغيير شهادة الشهود أو تعمد رئيس الدائرة التغيير في مسودة الحكم أو قيام القاضي بتحريف الوقائع أو المستندات عمدا لتحقيق مصلحة شخصية أو المحاباة أحد الخصوم أو لتحيزه ضده أما الخطأ الجسيم فهو الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فادح ما كان يرتكبه لو كان مهتما بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله اهمالا مفرطا.
ولقد عرفه فقه القضاء المصري بأنه "الخطأ الفاحش الذي يبلغ من جسامته أن يدل بذاته على الغش لو أن الحدود تدار بالشبهات فهو خطأ لا يعلوه في سلم الخطأ درجة ولا ينقصه ليصبح غشا غير أن يقترن بسوء النية".
ويبدو أن المشرع قد كان يعني بالحالة الرابعة صورة الخطأ الفاحش ضرورة أن جل التشريعات أقرت هذه الحالة وخاصة القانون الفرنسي الصادر خلال 1933 وكذلك القانون المصري في قانون المرافعات المدنية.
2 - إجراءات
المخاصمة :
ترفع دعوى المخاصمة بتقرير يقدم إلى كتابة محكمة التعقيب من طرف المعني بالأمر بنفسه أو بواسطة محام. وأن الأسباب الداعية إلى جعل محكمة التعقيب المختص الوحيد للنظر في مخاصمة القضاة هي أنها في أعلى سلم التقاضي للمحاكم ولكونها تتركب من أقدم القضاة وأكثرهم تجربة، كما أنه من المفروض ان لا نضع مقاضاة رئيس المحكمة الإبتدائية أو رئيس محكمة الاستئناف أو أحد مستشار بها مثلا من طرف قضاة ذوي درجات أقل، وفي دعوى المخاصمة يقع سماع القاضي و القائم بالدعوى ثم إثر تحرير التقرير من القاضي المكلف يمكن للأطراف المتنازعة تقديم ملحوظات كتابية تعليقا على البحث المجري بين الطرفين.
وبعد استكمال الأبحاث و دفوعات الطرفين يحال الملف على النيابة العمومية لإبداء الرأي ثم يحال بعد ذلك على محكمة التعقيب التي تبت في الموضوع بإصدار قرار في الموضوع إما بالرفض أو بالقبول.
3- آثار مؤاخذة
الحاكم:
تختلف آثار المؤاخذة بحسب طبيعة القرار الذي تتخذه محكمة التعقيب.
- صورة رفض المطلب :
إذا قضت محكمة التعقيب برفض مطلب المؤاخذة لسبب عدم ثبوت أي حالة من الحالات المنصوص عليها بالفصل 199 من م.م.م.ت. فإنها تقرر تسليط خطية مالية يتراوح مقدارها بين عشرين دينارا وخمسين دينارا على القائم بالدعوى.
ومن ناحية أخرى أجاز القانون للقاضي المطالبة بغرم الضرر الناشىء عن هذا القيام ضد القائم بالدعوی.
- حالة قبول المطلب :
وإذا كان المطلب مؤسسا من الناحية القانونية والواقعية فإن المحكمة تقرر قبوله وينجر عن ذلك بطلان الأعمال التي قام بها القاضي المخطىء، كما يتحمل هذا الأخير الغرامات والمصاريف الا ان الفصل 200 من م.م.م.ت. اقتضى أن الحكم الصادر لمصلحة الطرف الآخر لا يحكم ببطلانه، وهذه النتيجة غير منطقية لأن الغاية من مؤاخذة القضاة و المتوقع من آثار قبول المطلب بطلان جميع ما قام به القاضي المخطىء من إجراءات وقرارات وأحكام ويجب إبطال الحكم الذي يفترض أنه ينبني على الغرر أو الاحتيال أو كان الارتشاء هو الدافع إليه..
ومن الضروري أن يتلافى المشرع هذا الاجحاف حتى يساهم هذا الإجراء في إقرار العدل والمساواة بين المتقاضين.
الفقرة الثانية: النيابة
العمومية ودورها
ان النيابة العمومية خاضعة إلى سلم تفاضلي ويأتي وزير العدل في أعلى هذا السلم فهو رئيس أعضاء النيابة ثم وفي كل دائرة استئناف يوجد مدعي عمومي و يساعده جملة من المساعدين وفي كل دائرة محكمة ابتدائية يوجد وكيل جمهورية و مساعدون له.
أما محكمة التعقيب فلها نيابة عمومية مستقلة عن أعضاء النيابة المتواجدين في سائر المحاكم ویرأس النيابة العمومية لدى هذه المحكمة الوكيل العام الذي لا يخضع لسلطة المدعي العمومي بمحكمة الاستئناف وليس للوكيل العام لدى محكمة التعقيب حق توجيه الأوامر الأعضاء النيابة الآخرين رغم انتمائه إلى اسمی سلطة قضائية في نظامنا العدلي.
وللنيابة سلطة الاتهام فهي التي تختص دون غيرها بتحريك الدعوى العمومية ومباشرتها و تقوم أيضا بأعمال إدارية نص عليها قانون الإجراءات الجزائية، هذا الدور لا يهمنا في هذه الدراسة باعتبار أن الأمر يتعلق بالإجراءات المدنية و في هذه المادة للنيابة دور فهي تشترك في بعض القضايا باعتبارها خصما أو طرفا أصليا، كما تشترك في بعض الحالات باعتبارها طرفا منضما وقد يكون اشتراكها إجباريا أو اختياريا.
وتعين تبعا لذلك التطرق لخصائص النيابة العمومية (أ) ووظائفها في القضايا المدنية (ب).
أ- خصائص أعضاء
النيابة العمومية :
أن أعضاء النيابة العمومية ولكن كانوا قضاة فهم غير مستقلين في الرأي بل يخضع كل عضو لرئيسه المباشر وبالتالي فالنيابة العمومية وحدة لا تتجزأ ويجوز لأي عضو أن يكمل عملا بدأه غيره، وهذا على خلاف القضاة الجالسين إذ لا يجوز لأحدهم أن يتم عمل غيره، والقاعدة العامة في هذا الخصوص أن القاضي الذي يصدر الحكم هو ذات القاضي الذي سمع المرافعة، كما أن النيابة تستقل عن القضاء ولا يملك القاضي توجيه لوم إلى أحد أعضاء النيابة ولا يملك إصدار أمر إليه ولا يجوز لأعضاء النيابة المشاركة في المفاوضة السابقة لإصدار الأحكام.
وأعضاء النيابة قضاة لان انتدابهم خاضع لنفس الطريقة التي ينتدب بها سائر القضاة وهم كذلك خاضعون للقانون الأساسي للقضاة ويمكن التجريح فيهم ومؤاخذتهم إذا توفر إحدى الشروط المنصوص عليها بالفصلين 199 و200 من م.م.م.ت. وهم كذلك ممنوع عليهم القيام ببعض الأعمال القانونية في الحالات التي تمنع فيها مثل هذه الأعمال على سائر القضاة.
ب - وظائف
النيابة العمومية :
اقتضى الفصل 251 من م.م.م.ت. ان النيابة العمومية تمارس وظائفها القضائية في المادة المدنية والتجارية حسب طريقتين إما بطريقة الادعاء أي أن تكون خصما حقيقيا، وأما ان تتدخل في قضية منشورة بين طرفين وتدلي برأيها في خصوص المبادئ القانونية المتصلة بالدعوى. وتعين تبعا لذلك التطرق للحالات التي تكون فيها النيابة طرفا أصليا (1) والحالات التي تكون فيها طرفا منضما (2).
1- النيابة العمومية
كطرف أصلي
اقتضى الفصل 251 من م .م .م.ت. انه لممثل النيابة العمومية الحق في القيام بالقضايا كلما كانت هناك مصلحة شرعية تهم النظام العام".
ويفهم من الفقرة المذكورة أنه بإمكان النيابة العمومية الادعاء كطرف أصلي، أي أنه لا يمكنها انتهاج الا هذه الطريقة ولا يمكن أن تكون مطلوبة، غير أن هذه التأويل وقف عند ظاهر الألفاظ، و المعلوم أن العبرة بالمقاصد لا بظاهر الألفاظ، ضرورة أنه عند استعمال مصطلح "طرف أصلي" فإن ذلك يعني أن يكون الطرف اما طالبا أو مطلوبا في القضية علاوة على أن فقه القضاء لم يرفض أبدا الدعاوى الموجهة ضد النيابة العمومية خاصة في مادة الحالة المدنية كدعاوى إثبات النسب أو زواج أبرم قبل عام 1957 أو دعاوی اثبات جنسية أو نفيها من طرف المعني بالأمر بنفسه.
ومن ناحية أخرى حول الفصل 251 من م.م.م.ت للنيابة القيام بالقضايا كلما كان الأمر متعلقا بالنظام العام، والاستعمال صيغة التعميم والشمول ضرورة أن مفهوم النظام العام و اسع و متغير ولم يتم تعريفه، مما يدل على رغبة المشرع في ترك المجال فسيحا للنيابة الترفع كل قضية تراها ضرورية لفرض احترام القانون والأخلاق الحميدة و النظام العام.
والدعاوى التي تكون فيها النيابة طرفا أصليا كثيرة ومنها دعاوى إبطال الزواج المبرم خلافا للصيغ القانونية او نفي الجنسية أو حرمان شخص منها في الحالات التي نص عليها قانون الجنسية. إلا أن القضايا التي تكون فيها النيابة طرفا أصليا هي قليلة بالنسبة لتلك التي تكون فيها طرفا منضما وهو ما يتعين التطرق اليه.
2 - النيابة العمومية
طرفا منضما:
إن وجود قضية منشورة بين طرفين متنازعين يخول للنيابة العمومية التداخل في هذه القضية إما اختياريا أو وجوبيا. وأن تدخلها في القضية يعد أقرب منه إلى مركز الحكم إلى مركز الخصم باعتبار أن النيابة العمومية في كثير من الأحيان ما تطلب تطبيق القانون دون بيان موقفها بدقة وتفصيل أو تفوض النظر للمحكمة، وعلى كل حال فإنه ليس لرأيها تأثير كبير على اتجاه الحكم ضرورة أن المحكمة مهمتها تطبيق القانون.
ولقد حدد الفصل 259 من م.م.م.ت الحالات التي يكون فيها تدخل النيابة اختياريا وحالات التدخل الوجوبية.
- الحالات الاختيارية
لتدخل النيابة العمومية :
اقتضت الفقرة الثانية من الفصل 259 من م.م.م.ت. على أن ممثل النيابة العمومية له الحق في حضور كل جلسة وأن يطلع على كل قضية يرى لزوم تداخله فيها. كما أن الفقرة الثالثة من نفس الفصل خولت للمحكمة طلب النيابة من ابداء رايها ان رأت في ذلك فائدة.
ويستنتج من الفقرتين أن تدخل النيابة العمومية أمر اختياري بدلیل عدم استعمال صيغة الوجوب وترك الأمر لتقدير النيابة في التداخل من عدمه، كما ترك الأمر لاجتهاد المحكمة إن رأت فائدة من ادخال النيابة العمومية ومطالبتها بإبداء رأيها.
- الحالات الوجوبية
لتداخل النيابة العمومية :
لقد أورد الفصل 259 من م.م.م.ت. الحالات التي تكون فيها المحكمة ملزمة من عرض ملف القضية على النيابة العمومية وعلى أن تفعل ذلك قبل ثلاثة ايام على الاقل قبل موعد الجلسة، وهذه الحالات هي خمسة وهي :
- اذا تعلق الأمر بالدولة أو بالهيئات العمومية سواء كانت طالبة أو مطلوبة أو متداخلة أو المحكمة المختصة في صورة تنازع سلبي أو ايجابي، ويكون دور النيابة بالضرورة طلب تطبيق القانون.
• اذا شملت القضية شخصا عديم الأهلية أو كان من المفقودين.
• اذا كان الموضوع متعلقا بالتجريح في الحكام أو بمؤاخذتهم.
• إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون الجزائي أو اثيرت دعوى في الزور.
ويخلص من الحالات المذكورة أن النيابة تتدخل وجوبا لممارسة مشمولاتها التقليدية المنحصرة في حماية القصر وفاقدي الأهلية والمفقودين أو ضمان حقوق الدولة و المؤسسات العمومية باعتبار أن النيابة تعد ممثلا للسلطة التنفيذية.
ويجدر التساؤل عن الإخلال بهذا الدور وعن الجزاء الذي رتبه المشرع عن الإخلال بهذا الواجب المحمول على النيابة العمومية أو المفروض على المحكمة في إطلاع النيابة على هذه القضايا أن الفصل 251 من م.م.م.ت. لم يتضمن جوابا عن تساؤلنا ويكون من الضروري تقصي موقف فقه القضاء الذي يبدو أنه غير مستقر على موقف معين
المبحث الثالث:
مساعدو القضاء
إن تأمين سير العدالة وتسهيل مهمة القاضي تستدعي وجود عدة أشخاص، هم ما نسميهم، بمساعدي القضاء ذلك لأن القاضي لا يستطيع القيام بجميع الأعمال التي تستلزمها الدعوى من تقييد لها بالدفاتر وإجراء التبليغ وتصنيف الملفات وحفظ الوثائق وإجراء الخبرة وتنفيذ الأحكام.
وعلاوة على ذلك ولتشعب المادة القانونية فإن أطراف الدعوى لا يستطيعون دائما القيام بأنفسهم بالأعمال التي يتطلبها سير الدعوى ولا بد لهم من الاستعانة ببعض الأشخاص من ذوي الاختصاص وخاصة المحامين ضرورة أن إنابة المحامين وجوبية في التشريع التونسي عملا بأحكام الفصل 68 م.م.م.ت. وذلك للقيام بالأعمال التي توجبها الدعوى بالوكالة لتأمين مصالحهم وحسن سير العدالة بالمساعدة في تطبيق نصوص القانون تطبيقا سليما.
ويمكن تصنيف مساعدو القضاء إلى الفئات التالية : 1- المحامون. 2 -عدول التنفيذ. 3 - كتبة المحاكم. 4-الخبراء 5- المترجمون المحلفون.
I- أصناف
المحاكم
الفقرة الثانية:
المحاكم المختصة
:three: المحكمة
العسكرية :
كما سبق وقلنا أن المشرع ولتحقيق غايات معنية يجنح إلى نزع بعض القضايا من ولاية القضاء العادي ويوكل النظر فيها إلى محاكم متخصصة، فالقضاء المتخصص هو الذي يفصل في بعض الدعاوى التي تهم فئة معينة من المواطنين كالجنود أو متعلقة بنزاعات ذات طابع خاص مثلما هو الحال بالنسبة للمحكمة العقارية أو المحكمة الإدارية ولذلك فالقضاء المتخصص يختلف عن القضاء المختص والاختصاص خلاف التخصص.
ولذلك من المتعين دراسة تركيبة المحكمة العسكرية في نقطة أولى ثم التطرق لاختصاصها في نقطة ثانية.
1- تركيبة
المحكمة العسكرية :
و اقتضى الفصل العاشر من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية أن المحكمة العسكرية تشتمل على دوائر يضبط عددها بأمر وتكون واحدة منها جنائية وتتألف كل دائرة من رئيس وأربعة مستشارين و يباشر وظائف الادعاء العمومي وكيل الدولة لدى المحكمة العسكرية أو مساعده، بالإضافة إلى قضاة التحقيق و القضاة المقررون الا ان رئاسة المحكمة العسكرية ورئاسة الدوائر التابعة لها تكون القضاة من الرتبة الثالثة من القضاء العدلي.
وتركيبة المحكية تختلف في زمن السلم عن تركيبتها زمن الحرب :
- تركيبة
المحكمة زمن السلم
أن تركيبة المحكمة زمن السلم تكون على أساس مبدأ هام ألا وهو مراعاة رتبة المتهم ضرورة أن المستشارين الذين سينظرون في الدعوى يجب أن يكونوا أعلى رتبة من المتهم وسنسوق امثلة على ذلك فاذا كان المتهم في رتبة أقل من ملازم فإن المستشارين يكون اثنان منهم برتبة ملازم والثالث برتبة ملازم أول و الرابع برتبة نقيب. وإذا كان المتهم عقيدا يكون المستشارون من رتبة باقدمية تفوقه بالنسبة لاثنين والآخران من الرتبة الأعلى مباشرة.
والإجراء الخاص بتركيبة المحكمة يهم النظام العام، وفي صورة علم احترامه يكون الحكم مخالفا للقانون و موجبا للنقض لبطلان الإجراءات.
- تركيبة المحكمة
زمن الحرب
أن تركيبة المحكمة العسكرية زمن الحرب أو كلما دعت لذلك حاجة الأمن الداخلي والخارجي ينظمها أمر ويصبح الإطار العسكري هو المعتمد على مستوى رئاسة المحكمة أو المستشارين.
2- اختصاص
المحكمة العسكرية
ان اختصاص المحكمة العسكرية يكون اما موضوعيا أو شخصيا.
الاختصاص
الموضوعي
اقتضى الفصل الخامس من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية أن المحاكم العسكرية تختص بالنظر من حيث الموضوع في الجرائم المتعلقة بالحالات التالية :
- الجرائم العسكرية و هي التي عددها المشرع بالمجلة العسكرية وحدد عقوبتها .
- الجرائم المرتكبة في الثكنات والمعسكرات أو المؤسسات والأماكن المشغولة من طرف عسكريين لصالح الجيش والقوى المسلحة، وهي تشمل المنشآت القارة أوالمتنقلة كالبواخر والطائرات.
- الجرائم المرتكبة ضد مصالح الجيش مباشرة كسرقة بضاعة تابعة للجيش.
- الجرائم المرتكبة من قبل رجال جيوش حليفة تقيم في الاراضي التونسية وجميع الجرائم الماسة بمصالح هذه الجيوش إلا في صورة وجود اتفاقية ثنائية أو متعددة مخالفة لهذه الأحكام.
- كما نص الفصل 22 من القانون عدد 70 لسنة 1982 المتعلق بالقانون الأساسي لقوات الأمن الداخلي على اختصاص المحكمة العسكرية للنظر في القضايا التي يكون أعوان الأمن الداخلي طرفا فيها من أجل واقعة جدت في نطاق مباشرة العمل ولها مساس بامن الدولة الداخلي أو بحفظ النظام بالطريق العام.
الاختصاص الشخصي
للمحكمة العسكرية
لقد حدد الفصل الثامن من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية مرجع النظر الشخصي للمحكمة العسكرية وضبط الأشخاص الراجعين لها بالنظر :
- جميع الضباط على اختلاف رتبهم العاملون بالجيش الوطني أو المنتمون لقوة عسكرية مؤلفة بطريقة قانونية و شريطة أن يكونوا بحالة مباشرة.
- طلبة المدارس الحربية وضباط الصف والجنود المنتمون إلى الجيش الوطني أو لقوة عسكرية مؤلفة بطريقة قانونية.
- الصباط المتقاعدوں أو الاحتياطيون عندما تقع دعوتهم للعمل بالجيش أو القوزات المسلحة.
- الأشخاص الذين يستخدمهم الجيش الوطني أو القوات المسلحة للقيام بعمل ما زمن الحرب أو في منطقة اعلنت فيها الأحكام العرفية أو حالة الطواريء.
- المدنيون الذين يعتدون على العسكريين مهما كان الاعتداء وفي صورة مشاركة عسكري لجمع من المدنيين في ارتكاب جريمة على الأشخاص أو على الأملاك و هو ما جرى به العمل و ايدته محكمة التعقيب في عديد من القرارات.
:two: المحكمة الإدارية
إثر الاستقلال أحدثت المحاكم الدستورية المتمثلة في دائرة المحاسبات التي تتولى مراقبة تصرف مختلف السلط الإدارية في الميدان المالي ودائرة الزجر المالي المختصة بزجر المخالفات المالية، كما نص الدستور على أن المحكمة الإدارية هي إحدى الهيئتين التي يتألف منها مجلس الدولة.
ولقد تم إحداث المحكمة الإدارية بموجب القانون عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في 1 جوان 1972 وحید اختصاصها بالنظر في النزاعات المتعلقة بالإدارة و أبقى مسألة التعويض من اختصاص المحاكم المدنية إبتدائيا وفق الأمر المؤرخ في 27 نوفمبر 1888 في حين أن دعاوی تجاوز السلطة هي من الاختصاص المطلق للمحكمة غير انه وفي إطار الإصلاح التشريعي تمت إعادة تنظيم القضاء الإداري بمقتضى القوانين عدد 38 و 39 و 40 لسنة 1996 المؤرخة في جوان 1996 واقرت الازدواجية القضائية المتمثلة في إرساء هيكلين قضائيين مستقلين مدني وإداري، وفي نطاق تاکيد هذا الاختيار صدرت القوانين المذكورة سلفا ومؤكدة لاستقلال القضاء الإداري عن القضاء العادي وجعله مساويا له وذلك بإحداث محكمة التنازع ولسوف نتطرق للتنظيم الهيكلي للمحكمة الإدارية (1) ثم للاختصاص الوظيفي لمجلس تنازع الاختصاص (2).
1- التنظيم الهيكلي
للمحكمة الإدارية :
إن رغبة المشرع في وضع حد لتشتت النزاعات الإدارية بين المحاكم الإدارية من جهة و المحاكم العدلية من جهة أخرى يجعل القاضي الإداري القاضي الطبيعي في المادة الإدارية، وتحقيقا لهذا التمشي وقع تدعيم الكيان الوظيفي والهيكلي للمحكمة وذلك بإحداث دوائر ابتدائية و دوائر استئنافية.
أ- الدوائر الإبتدائية :
لقد اقتضى القانون عدد 39 لسنة 1996 إحداث دوائر إبتدائية بتركيبة ثلاثية براسها رئيس دائرة وبحضور عضوين وتختص بالنظر في جميع القضايا الإدارية بما في ذلك قضاء تجاوز السلطة والمسؤولية الإدارية و الزراعات المتعلقة بالعقود وكل القضايا الإدارية عدا ما خرج عن اختصاصها بنص خاص كالنزاعات الجبائية و الانتخابات و المهن الحرة و الانتزاع من أجل المصلحة العامة إلا أن استئناف الأحكام الصادرة في خصوصها وتعقيبها يرجع بالنظر إلى المحكمة الإدارية.
ب - الدوائر الاستئنافية
في إطار تكريس مبدأ التقاضي على درجتين في القضاء الإداري تم إحداث الدوائر الاستئنافية بعد أن كان ذلك مقصورا على دعاوى المسؤولية وأصبح تبعا لذلك قضاء تجاوز السلطة ينظر على درجتين، والدوائر الاستئنافية يرأسها قاض اداري برتبة رئيس دائرة وعضوية مستشارين من قضاة المحكمة الإدارية وتختص بالنظر في الطعون في الأحكام الصادرة عن الدوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية و الأحكام الابتدائية الصادرة على المحاكم العالية في المواد التي نص القانون على أن تكون خاضعة للاستئناف أمام المحكمة الإدارية وكذلك الأحكام الاستعجالية والأذون الصادر في المادة الإدارية.
ج- الدوائر التعقيبية
تنظر المحكمة الإدارية بوصفها محكمة تعقيب في الطعون في الأحكام النهائية الصادرة في مادة المسؤولية وتكون متركبة من الرئيس الأول ورؤساء الدوائر الاستئنافية والاستشارية و على أن لا يقل عددهم على خمسة بالإضافة إلى مندوب الدولة عملا بأحكام الفصل الأول 21 جديد من القانوں المذكور سلفا.
كما تنظر هذه الدوائر في مادة تجاوز السلطة وذلك لتوحيد الآراء القانونية بين الدوائر الاستئنافية ويكون هذا الاختصاص في حالتين أولاهما عند الحكم بالتخلي من طرف الدائرة الاستئنافية وثانيهما بقرار معلل من رئيس المحكمة يعهد بموجبه الدائرة.
2 - مجلس تنازع
الاختصاص :
أن إقرار الازدواجية القضائية يوجب إقرار مجلس يكون دوره تحديد المحكمة المختصة عند حصول تنازع سلبي أو إيجابي بخصوص المحاكم ولقد أقر المشرع التونسي هذا المجلس و يتعين التطرق إلى تركيبته وتحديد اختصاصه.
أ- تركيبة
مجلس التنازع:
اقتضى الفصل الخامس من القانون المؤرخ في 3 جوان 1996 أن المجلس يتركب من رئيس وستة أعضاء يتم اختيارهم مناصفة من بين رؤساء الدوائر والمستشارين المباشرين بمحكمة التعقيب و المحكمة الإدارية. اما رئاسة المجلس فتكون بالتناوب بين الرئيس الأول لمحكمة التعقيب والرئيس الأول للمحكمة الإدارية وتدوم رئاسة كل واحد منهما عامين متتاليين.
ب - اختصاص
مجلس التنازع:
يكون مجلس الاختصاص مختصا في صورة تنازع سلبي و إيجابي أو بموجب الإحالة من محكمة التعقيب ودائرة التعقيب بالمحكمة الإدارية : ولقد سبق لمحكمة التعقيب أن قالت كلمتها بهذا الخصوص في أحد قراراتها الذي ورد بأحد حيثياته أنه "إذا تعهدت محكمة التعقيب بنزاع يطرح عند النظر فيه إشكالا جديا حول الاختصاص لم يسبق البت فيه من قبل مجلس التنازع يمكن لها تلقائيا أن تحيل بقرار معلل غير قابل للطعن ملف القضية على مجلس النتازع للنظر في مسألة الاختصاص.
1) التنازع الإيجابي :
اقتضى الفصل السابع من القانون المؤرخ في 3 جوان 1996 أنه عند الدفع بعدم اختصاص المحكمة العدلية المتعهدة بالنظر في قضية وتحديد الاختصاص للمحكمة الإدارية، في هذه الحالة يكون لزاما على المحكمة المتعهدة إرجاء النظر في القضية وإحالة الملف على مجلس التنازع لتحديد المحكمة المختصة فإن كانت المحكمة المتعهدة فهي واصل النظر والا فهي تحكم بعدم الاختصاص وعلى المعني بالأمر إن أراد مواصلة التقاضي القيام أمام المحكمة الإدارية.
2) التنازع السلبي :
تحصل هذه الحالة في صورة حكم إحدى المحاكم بعدم الاختصاص الحكمي وتری المحكمة التابعة للجهاز الاخر عند القيام امامها في نفس الموضوع انها ايضا غير مختصة، فعندها يجب على المحكمة المتعهدة إحالة الملف على مجلس التنازع للنظر في مسألة الاختصاص فان اقر اختصاصها واصلت النظر في القضية و الا فعليها الحكم بعدم الاختصاص و على المعني بالأمر القيام من جديد أمام المحكمة التي كانت أصدرت حكما بعدم الاختصاص ويكون حكمها ملغي وملزمة بالقرار الصادر عن مجلس التنازع.
3) الإحالة من
محكمة التعقيب :
عند تعهد محكمة التعقيب أو المحكمة الإدارية بوصفها محكمة تعقيب بقضية ويطرح عند النظر فيها اشكالا جديا حول الاختصاص الحكمي ولم يسبق البت فيه من طرف مجلس التنازع فان المحكمة ملزمة بإحالة القضية على مجلس التنازع للبت فيه ويكون القرار ملزما للمحكمة التي عليها الحكم وفقه.