Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
رقابة دستوريةالقوانين - Coggle Diagram
رقابة دستورية
القوانين
تقديم
رأى الرئيس السابق للمحكمة العليا األمريكية " أن " الدستور هو ما ينطق به القضاة ،" وفي ذلك تأكيد على دور القاضي في مجال تأويل الدستور وحماية النظام القانوني من األحكام المتعارضة مع القواعد الدستورية. كما وقع شيئا فشيئا إزالة القدسيّة عن القانون عبر قبول فكرة إخضاعه لرقابة الدستورية
وتعتبر مسألة رقابة دستورية القوانين ذات أهمية كبيرة في األنظمة السياسية الحديثة بالنظر لقدرتها على تأمين ديمومة العقد االجتماعي من خلال تأويله بصورة تتماشى مع مقتضيات األفراد في العيش بحرية وكرامة ل وسيلة أساسيّة لضمان علويّة الدستور وبالتالي إرساء المبادئ الضرورية المتعلقة ب دولة القانون.
الحديث عن رقابة دستورية القوانين هو في حقيقة األمر حديث عن األدوات القانونية لضمان علوية القاعدة الدستورية حتى لا يقع انتهاك للحقوق والحريات أو مساس بمبدأ الفصل بين السلطات .
ونشير إلى أن المقصود بالقاعدة الدستورية هي تلك القاعدة التي تهدف إلى الحد من السلطة والضامنة للحقوق والحريات، وبالتالي ف القاعدة التي تزيغ عن هذا الهدف تعتبر غير دستورية من هذا ّ المنطلق حتى ولو وقع تضمينها صلب وثيقة تسمى " الدستور". ومن هذا المنطلق، نميّز بين محتوى القاعدة الذي يمكن أن يكون دستوريا أو غير دستوري ، والوعاء
الحامل لهذه القاعدة والذي يمكن أن يكون مثال الدستور أو القانون أو المعاهدة الدولية...إلخ
برزت تيارات فقهية متعددة في مجال رقابة دستورية القوانين، يمكن تصنيفها إلى نموذجي ن أساسيين: األوروبي واألمريكي. يقوم األول على مركزية الرقابة من خالل إضطلاع هيئة ما (محكمة دستورية، مجلس دستوري...) بإختصاص رقابة دستورية القوانين . أما الثاني فيسند هذا اإلختصاص إلى كافة المحاكم.
أما في تونس، فلقد تأخر ظهور رقابة دستورية القوانين لعدة أسباب من أهمها خوف السلطة السياسية من النتائج التي من شأنها أن تترتّب عن وجود هذه المؤسسة ..
و لقد إنجر عن تلكؤ السلط السياسية التونسية في تكريس رقابة دستورية القوانين بصورة فعلية قبل الثورة ّعدة آثار سلبية على مستوى الحريات أو على مستوى عالقة المؤسسات السياسية ببعضها البعض. وبالرغم من الدور الهام الذي لعبه المجلس الدستوري في إرساء اللبنة األولى لرقابة دستورية القوانين إلا أنه بقي محدودا في مجال تعزيز الحريات خاصّة السياسية منها .
إن البحث في التاريخ الدستوري التونسي يمكننا من استجلاء التهميش المتصاعد لمسألة الرقابة الدستورية القضائية طيلة عقود. فأول دستور للجمهورية التونسية الصادر في غرة جوان 1959 لم يهتمّ بمسألة الرقابة على أعمال السلطة التشريعية، وتم تبرير هذا التهميش بالانتقال المفصليّ الذي تعرفه الدولة الفتيّة، بُعيْد الاستقلال، وضرورة أن لا يتم تعطيل مسار تركيز مؤسسات الدولة وتنفيذ سياساتها. إلاّ أن مسألة رقابة دستورية القوانين بقيت منسيّة حتى سنة 1987، سنة إحداث المجلس الدستوري، في محاولة لقطع الطريق أمام المطالبة بتأسيس نظام للرقابة الدستورية القضائية، وتكريسا لما تقتضيه دولة القانون والمؤسسات.
وكانت المؤاخذات متعددة بخصوص المجلس الدستوري باعتباره شديد الارتباط برئيس الجمهورية من حيث تعيين أعضائه واحتكاره لعرض المسائل على أنظار المجلس الدستوري الذي يدلي برأيه فيها.
ثمّ جاءت ثورة 17 ديسمبر 2010 – 14 جانفي 2011 منبئة بضرورة تدارك التمشّي السائد طيلة عقود، خصوصا بعد حل المجلس الدستوري. فجاء القسم الثاني من الباب الخامس “السلطة القضائية” بدستور 27 جانفي 2014 مؤسسا لركائز دولة القانون التي يسهر فيها جهاز قضائي على رقابة دستورية القوانين. وستكون المحكمة الدستورية “ذات المكانة الأعلى في سلّم المؤسسات مؤتمنة على فرض احترام الدستور وعلى ضمان مقومات النظام الديمقراطي والجمهوري”.
وإيمانا من المشرع الدستوري بصعوبة الانتقال مباشرة إلى تكوين المحكمة الدستورية واقتناعا بما يعتري هذه العملية من تعقيدات عملية وقانونية، خيّر المشرع الدستوري فسح فترة انتقالية بسنة واحدة تلي الانتخابات التشريعية من أجل إرساء المحكمة (الفصل 148 – 5 من الدستور) على أن تتولى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين البعض من مهام المحكمة خلال نفس الفترة. وتحوّل أجل السنة، المضروب للجهات المعنية بإرساء المحكمة الدستورية، إلى ما يقارب ستّ سنوات نتيجة لجملة من العوامل اختلط فيها العملي بالقانوني وطغى عليها السياسي.
في هذ الإطار سنتناول بالدراسة رقابة دستورية القوانين من قبل هيكل مختص برقابة دستورية القوانين (I) ومن قبل القضاء العادي (II).
-
-