Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
تكريس الحقوق الأساسيةفي دستور 27 جانفي 2014 - Coggle Diagram
تكريس الحقوق الأساسية
في دستور 27 جانفي 2014
تقديم
لئن أخفقت تونس في ظل منظومة دستور 1959 في تكريس منظومة متطورة للحقوق المدنية والسياسية، إلا أنها بلغت في المقابل مستوى متقدما نسبيا في التكريس التشريعي المجالات هامة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وذلك نتيجة خيارات إصلاحية تبنتها منذ فجر الاستقلال وحتی قبل وضع دستور 1959. فسواء تعلق الأمر بحقوق المرأة أو بالحق في التعليم والصحة والتغطية الاجتماعية أو بحماية حقوق الطفل والمعاقين أو بتوفير السكن اللائق والاحاطة الاجتماعية بالفئات ذات الاحتياجات الخصوصية، شهدت البلاد على امتداد العقود الماضية تراكما للتشريعات الوطنية التي وسعت في مجال الحماية القانونية لهذه الحقوق. لكن في المقابل فان افتقار أغلب هذه الحقوق للقيمة الدستورية إضافة إلى غياب آليات فاعلة للرقابة القضائية أفقدها مقومات العلوية والفاعلية.
وعلى عكس التجارب الدستورية السابقة، سواء تعلق الأمر منها بعهد الأمان ودستور 1861 أو بدستور 1959، حيث لم تكن دسترة الحقوق الأساسية نتاج حركة فكرية وشعبية عميقة، فقد مثلت الحقوق الأساسية وخاصة منها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المرتكز الذي قامت عليه الثورة التونسية. فالحق في التشغيل والحق في التنمية والمطالبة بمستوى عيش کریم وبتحقيق التوازن بين الجهات ومقاومة الفساد كانت من أولى الشعارات التي رفعتها ثورة 2014.
ونجحت الحقوق الأساسية بذلك في أن تتحسس طريقها إلى عمق الوعي الشعبي مما فرضت كريسها صلب الدستور ليس بصورة فوقية ولكن بناء على أسس سوسيولوجية تعكس توافقا بين مختلف مكونات المجتمع التونسي. ولعل خير دليل على ذلك هو ذلك الحراك الفكري غير المسبوق في التاريخ التونسي المعاصر، الذي لازم مسار كتابة الدستور، والذي ضاقت بها لأطر النخبوية التقليدية وربما عجزت فضاءات أرحب وأكثر حيوية مثل المجتمع المدني عن استيعاب جميع مظاهره وأشكاله، ليصبح الأمر شأنا عاما بامتياز تخوض فيه العامة قبل الخاصة. فكان بذلك تكريس الحقوق الأساسية في الصيغة النهائية لدستور 2014 نتاج مراوحة بين الضغط الشعبي من جهة والتفاعل المتفاوت من طرف السلطة التأسيسية من جهة أخرى.
فسواء تعلق الأمر بتحديد آليات العلاقة بين الحقوق الأساسية المكرسة في الدستور والمرجعية الكونية الحقوق الانسان أو بحماية حقوق المرأة ومكتسباتها أو بحرية الإعلام أو بحرية المعتقد والضمير وتجريم التكفير أو بحق الاضراب وغيرها من المسائل الأخرى، كان التكريس النهائي لمختلف هذه الحقوق والحريات نتاج مخاض طويل تخللته ضغوطات ومعارك عدة خاضها المجتمع المدني والسياسي في أطر مختلفة وانتهت بتوافقات سياسية تحت قبة المجلس الوطني التأسيسي.
قراءة في مضامين
الحقوق الأساسية
المكرسة في الدستور
التونسي الجديد
لقد احتلت الحقوق الأساسية مكانة محورية في الدستور التونسي الجديد. فعلاوة على تخصيص كامل الباب الثاني للحقوق والحريات، تضمنت كل من توطئة الدستور وبابه الأول المتعلق بالمبادئ العامة وبابه الخامس المتعلق بالسلطة القضائية تنصيصات مهمة في علاقة بذات الموضوع. وبصفة عامة يمكن القول أن الحقوق الأساسية شهدت تطورا نوعيا على مستوى التنصيص النظري وعلى مستوى آليات الحماية القانونية
I- مظاهر التطور على
مستوى التنصيص النظري
:one: الاستناد إلى آليات
الحماية الدولية
لقد احتلت مسألة المرجعية الدولية لحقوق الانسان وعلاقتها بالخصوصيات الثقافية للشعوب حيزا من نقاشات المجلس الوطني التأسيسي المتعلقة بتوطئة الدستور. ورغم كون الاقرار بالمرجعية الكونية لحقوق الانسان سبق وأن تم تضمينه في دستور 1959 بعد تعديل 2002 ، إلا أن الصياغة الأولى للتوطئة في مسودة غرة جوان 2013 لم تکن واضحة في هذا المجال.
وبقطع النظر عن الشحنة المعنوية التي تحملها هذه المرجعية الدولية لحقوق الانسان باعتبارها رصيدا مشتركا للبشرية جمعاء، فإنها تمثل في ذات الوقت التزاما قانونيا للدولة التونسية التي صادقت على أهم الآليات الدولية ذات العلاقة. وهو ما فرض التذكير في التوطئة بالأسس الدولية لهذه الحقوق من خلال التأكيد صلب الفقرة الثانية من التوطئة على تمسك الشعب ب "القيم الإنسانية ومبادئ حقوق الانسان الكونية السامية".
:two: التوسع في قائمة
الحقوق المدنية والسياسية
المكرسة في الدستور
لقد شهدت قائمة الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في الدستور الجديد تطورا لافتا مقارنة بدستور 1959.
فعلاوة على إعادة تكريس حقوق سبق التنصيص عليها في دستور 1959 مثل الحق في المساواة وعدم التمييز (الفصل 21 من الدستور الجديد)، حماية الحياة الخاصة وحرية التنقل (الفصل 24)، حق اللجوء السياسي (الفصل 26)، قرينة البراءة (الفصل 27)، شرعية الجرائم و العقوبات (الفصل 28) ، حقوق الشخص أثناء فترة الاحتفاظ و الإيقاف التحفظي، حرية الرأي و الفكر و التعبير (الفصل 31) ، حق الانتخاب (الفصل 34)، حق تكوين الأحزاب و الجمعيات الفصل 35)، الحق النقابي (الفصل 36)، حرية الاجتماع (الفصل 37)، حق الملكية الفصل 41)، تمیز الدستور الجديد بالتنصيص على حقوق جديدة وتدعيم أخرى سبق تضمينها في الدستور السابق.
أولا- الحقوق التي تدرج
لأول مرة في الدستور
1) حرية الضمير
يعتبر الفصل 6 من الفصول المحورية في الدستور التونسي لارتباط موضوعه بمسائل حساسة تتعلق بعلاقة الدين بالدولة. ولعل هذا ما يفسر المخاض العسير الذي شهدتها ولادته، حيث لم تتبلور صيغته النهائية إلا قبل ساعات قليلة من المصادقة على الدستور.
ومن أبرز الإضافات التي احتواها الفصل 6 في مجال الحقوق الأساسية هي تكريسه لأول مرة ضمن نص دستوري تونسي لحرية الضمير . وهو يتجاوز بذلك ما أقره دستور 1959 بعد تعديل 2002 من تكريس لحرية المعتقد وحرية القيام بالشعائر الدينية.
2) الحق في الحياة
لأول مرة كذلك يكرس الحق في الحياة في الدستور التونسي وذلك صلب الفصل 22 الذي نص على كون "الحق في الحياة مقدس، لا يجوز المساس به إلا في حالات قصوى يضبطها القانون". ويترتب عن تكريس هذا الحق دستوريا آثارا قانونية في علاقة بمستويات عدة أبرزها عقوبة الإعدام والإجهاض والقتل الرحيم.
3) الحق في الكرامة ومنع التعذيب
الفصل 23 "تحمي الدولة كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد وتمنع التعذيب المعنوي والمادي، ولا تسقط جريمة التعذيب بالتقادم"
4) حقوق السجين
الفصل 30:لكل سجين الحق في معاملة إنسانية تحفظ کرامته تراعي الدولة في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية مصلحة الأسرة وتعمل على إعادة تأهيل السجين وادماجه في المجتمع
5) الحق في الإعلام والنفاذ إلى المعلومة وشبكات الاتصال
الفصل 32: تضمن الدولة الحق في الاعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة تسعى الدولة إلى ضمان الحق في النفاذ إلى شبكات الاتصال
6) الحق في محاكمة عادلة
الفصل 108: لكل شخص الحق في محاكمة عادلة في أجل معقول. والمتقاضون متساوون أمام القضاء
حق التقاضي وحق الدفاع مضمونان وييسر القانون اللجوء إلى القضاء ويكفل لغير القادرين ماليا الاعانة العدلية ويضمن القانون التقاضي على درجتين جلسات المحاكم علنية إلا إذا اقتضى القانون سريتها ولا يكون التصريح بالحكم إلا في جلسة علنية
7) تكريس الحريات الأكاديمية وحرية البحث العلمي
الفصل 33: الحريات الأكاديمية وحرية البحث العلمي مضمونة
ثانيا- تدعيم حقوق سبق
تضمينها في دستور 1959
1) تحجير سحب
الجنسية التونسية والتسليم
الفصل 25 "يحجر سحب الجنسية التونسية من أي مواطن أو تغريمه أو تسليمه أو منعه من العودة إلى الوطن"
لقد نص الفصل 11 من دستور 1959 على تحجير تغريب المواطن عن تراب الوطن أو منعه من العودة إليه. ولكن دستور 2014 أضاف إلى ذلك تحجير سحب الجنسية وتحجير تسليم مواطني الدولة المتهمين بجرائم في دولة أخرى.
وتحجير سحب الجنسية له انعكاسات مباشرة على مجلة الجنسية التي تحتوي في بابها الثالث على أحكام خاصة بحالات فقدان الجنسية التونسية واسقاطها وسحبها.
2) توسیع ضمانات
الدفاع إلى طور التتبع
الفصل 27 " المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته في محاكمة عادلة تكفل له فيها جميع ضمانات الدفاع في أطوار التتبع والمحاكمة"
نص الفصل 12 من دستور 1959 على كون كل متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته في محاكمة تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه.واقتصرت بذلك حقوق الدفاع التي تحظى بحماية دستورية على المحاكمة.
الفصل 27 من الدستور الجديد وسع في الحماية الدستورية لحق الدفاع ليشمل طور التتبع. ويقتضي هذا التوسيع في ضمانات الدفاع إلى حق التتبع مراجعة مجلة الإجراءات الجزائية لإتاحة إمكانية إنابة محام أثناء البحث لدى النيابة العمومية أو بموجب إنابة منها لدى باحث البداية (شرطة أو حرس وطني)
3) منع الرقابة المسبقة على حرية
الرأي والفكر والتعبير والاعلام والنشر
الفصل 31: حرية الرأي والفكر والتعبير والاعلام والنشر مضمونة ولا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات
نص الفصل 8 من دستور 1959 على كون حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشر والاجتماع وتأسيس الجمعيات مضمونة وتمارس حسبما يضبطه القانون . واقصرت بذلك الحماية الدستورية على حرية الصحافة دون أن تشمل حرية الإعلام السمعي البصري.
الفصل 31 من الدستور الجديد تجاوز هذا القصور في النص في مستويين اثنين:
- المستوى الأول هو توسيع الحماية لتشمل مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية والالكترونية
- المستوى الثاني والأهم هو تحجير أي رقابة مسبقة على هذه الحريات وهو ما يعني أن ممارسة هذه الحريات لا يمكن أن يخضع إلى ترخيص مسبق فضلا عن حماية الخط التحريري لوسائل الإعلام، خصوصا العمومية منها، من تدخل السلطة الحاكمة.
4) حرية الاجتماع والتظاهر السلميين
الفصل 37:حرية الاجتماع والتظاهر السلميين مضمونة اقتصر الفصل 8 من دستور 1959 على حماية حق الاجتماع ولم يكرس صراحة حق التظاهر السلمي الذي يعتبر من المكتسبات التي فرضتها الثورة التونسية.
5) حرية تكوين الأحزاب
والنقابات والجمعيات
تم بموجب القانون الدستوري عدد 65 لسنة 1997 المؤرخ في 27 أكتوبر 1997 إدراج الفقرات التالية المتعلقة بالأحزاب السياسية صلب الفصل 8 من الدستور:
تساهم الأحزاب في تأطير المواطنين لتنظيم مشاركتهم في الحياة السياسية. وتنظم على أسس ديمقراطية وعليها أن تحترم سيادة الشعب وقيم الجمهورية وحقوق الإنسان والمبادئ المتعلقة بالأحوال الشخصية. وتلتزم الأحزاب ينبذ كل أشكال العنف والتطرف والعنصرية وكل أوجه التمييز. ولا يجوز لأي حزب أن يستند أساسا في مستوى مبادئه أو أهدافه أو نشاطه أو برامجه على دين أولغة أو عنصر أو جنس أو جهة. تحجر تبعية أي حزب إلى أطراف أو مصالح أجنبية. يضبط القانون تكوين الأحزاب وتنظيمها.
وقد اكتفى الفصل المذكور بوضع التزامات على كاهل الأحزاب السياسية دون التنصيص الصريح على حرية تكوينها. وقد تلافي الدستور الجديد هذا القصور فوقع التنصيص صلب الفصل 35 على حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات مع إلزامها بالتقيد باحترام الدستور والقانون والشفافية المالية ونبذ العنف.
:three: تكريس الحقوق
الاقتصادية والاجتماعية
إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ورغم ما شهدته من تطور على مستوى التشريعات الدولية، إلا أنها لم ترق بعد إلى مستوى الحماية الذي تحظى به الحقوق المدنية والسياسية، وتبقى فاعليتها في النهاية رهينة تكريسها على مستوى القانون الداخلي للدول.
وماميز التجربة التونسية في هذا المجال هو هذه المفارقة الغريبة بين المحدودية على مستوى التنصيص الدستوري والثراء النسبي على مستوى التكريس التشريعي. لذلك شكل المسار الدستوري الذي شهدته تونس بعد الثورة مناسبة للرقي بها إلى مرتبة المبادئ الدستورية التي تتمتع بكامل مقومات الفاعلية والنجاعة.
ورغم تكريس دستور 2014 العديد الحقوق ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية إلا أن التحدي الأبرز يبقى في إيجاد الآليات الكفيلة بضمان حماية فعلية لها.
1) الحق في الصحة
والتغطية الاجتماعية
الفصل 38 الصحة حق لكل انسان تضمن الدولة الوقاية والرعاية الصحية لكل مواطن وتوفر الإمكانيات الضرورية لضمان السلامة وجودة الخدمات الصحية تضمن الدولة العلاج المجاني لفاقدي السند ولذوي الدخل المحدود وتضمن الحق في التغطية الاجتماعية طبق ما ينظمه القانون
لئن وسع الفصل 38 في مجال انطباق الحق في الصحة ليتجاوز مواطني الدولة ويشمل كل انسان بقطع النظر عن جنسيته ومنشئة الاجتماعي إلا صياغته تبدو مرتبكة، فوفقا لأحكام هذا الفصل فإن الدولة لا تضمن العلاج لمواطنيها بل تضمن لهم فقط الوقاية والرعاية الصحية. أما العلاج فہو مضمون فقط، وبصفة مجانية، لفاقدي السند ولذوي الدخل المحدود.
2) الحق في التعليم
الفصل 39: التعليم الزامي إلى سن السادسة عشرة تضمن الدولة الحق في التعليم العمومي المجاني بكامل مراحله وتسعى إلى توفير الإمكانيات الضرورية لتحقيق جودة التربية والتعليم والتكوين. كما تعمل على تأصيل الناشئة في هويتها العربية الإسلامية وانتمائها الوطني وعلى ترسيخ اللغة العربية ودعمها وتعميم استخدامها والانفتاح على اللغات الأجنبية والحضارات الإنسانية ونشر ثقافة حقوق الانسان.
لم يكتف هذا الفصل بتكريس الزامية التعليم ومجانية التعليم العمومي في جميع مراحله بما في ذلك التعليم الجامعي بل وضع على كاهل الدولة واجب ترسيخ اللغة العربية وتعميم استخدامها وذلك في إطار تأصيل الهوية العربية الإسلامية للناشئة.
3) الحق في العمل في
ظروف لائقة وبأجر عادل
الفصل 40 العمل حق لكل مواطن ومواطنة وتتخذ الدولة التدابير الضرورية لضمانه على أساس الكفاءة والانصاف ولكل مواطن ومواطنة الحق في العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل
لم يكتف الدستور في تنصيصه على الحق في العمل بالعموميات بل وضع معايير دستورية ملزمة للسلط العمومية داخل الدولة مثل الكفاءة والإنصاف وخاصة الظروف اللائقة والأجر العادل.
4) التنصيص الصريح
على حق الاضراب
الفصل 36: الحق النقابي بما في ذلك حق الاضراب مضمون
اكتفي دستور 1959 في فصله 8 بضمان الحق النقابي. واستقر فقه القضاء الإداري على تأويل هذا الفصل على كونه يشمل حق الاضراب. ولكن دستور 2014 حسم الأمر بالتنصيص الصريح على هذا الحق ضمن الدستور مع استثنائه القوات العسكرية والأمنية من التمتع به.
5) ضمان حقوق المرأة
لقد انتهجت تونس منذ الاستقلال، وحتى قبل وضع دستور 1959، سياسة رائدة في مجال حماية حقوق المرأة بدأت مع إصدار مجلة الأحوال الشخصية في 13 أوت 1956، أي بعد أشهر قليلة من استقلال البلاد في 20 مارس 1956. وقد کرست هذه المجلة بالخصوص الزواج المدني المبني على رضاء الطرفين كإطار وحيد للزواج ومنعت تعدد الزوجات وأقرت المساواة بين الزوجين في طلب الطلاق الذي لا يمكن إيقاعه إلا بحكم قضائي يضمن فيه حقوق الزوجة والأبناء.
وقد واصلت الدولة منذ ذلك الحين السعي بثبات إلى تحقيق المساواة بين الجنسين من خلال سن التشريعات وملاءمتها مع المعايير الدولية بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صادقت عليها تونس في 1985، وانضمت إلى بروتوكولها الاختياري في 23 سبتمبر 2008، وقامت بسحب تحفظاتها عليها بموجب المرسوم عدد 103 لسنة 2011 المؤرخ في 24 أكتوبر 2011.
ولكن رغم التنصيص على مبدأ المساواة بين الجنسين في عدة نصوص تشريعية مثل الفصل 11 من القانون عدد 112 لسنة 1983 فيما يتعلق بتطبيق قانون الوظيفة العمومية، أو الفصل 5 مکرر من مجلة الشغل فيما يتعلق بتطبيق تشريعات الشغل، أو القوانين عدد 118 لسنة 1958 وعدد 65 لسنة 1991 وعدد 80 لسنة 2002 فيما يتعلق بالحق في التعليم، إلا أن الدستور التونسي لسنة 1959 لم يكرس هذا المبدأ صراحة وإنما اقتصر في فصله 6 على تكريس مبدأ عام وهو المساواة أمام القانون.
وقد مكن دستور 2014 من تجاوز غياب الإطار الدستوري الضامن لحقوق المرأة ومكتسباتها بتخصيص فصلين اثنين للمرأة في باب الحقوق والحريات:
الفصل 34: تعمل الدولة على ضمان تمثيلية المرأة في المجالس المنتخبة ويفرض هذا النص على السلطة التشريعية التزاما بتحقيق نتيجة وهو أن تكون المرأة ممثلة بالضرورة في جميع المجالس المنتخبة سواء كان ذلك في إطار السلطة التشريعية أو في إطار السلطة المحلية. ويترتب عن هذا الالزام الدستوري أن تراعي السلطة التشريعية في صياغتها للقوانين الانتخابية اعتماد نظام اقتراع يضمن تمثيلية المرأة في هذه المجالس.
الفصل 46: تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع الحالات تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة تتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة.
يفرض هذا النص على الدولة مراجعة التشريعات الجاري بها العمل ووضع تشريعات جديدة ووضع أهداف ورسم سياسات وبرامج عمل لتفعيل الحقوق المنصوص عليها بهذا النص الدستوري.
6) حقوق الطفل
الفصل 47 حقوق الطفل على أبويه وعلى الدولة ضمان الكرامة والصحة والرعاية والتربية والتعليم، على الدولة توفير جميع أنواع الحماية لكل الأطفال دون تمييز وفق المصالح الفضلى للطفل
يضع هذا الفصل واجب حماية حقوق الطفل على الدولة أساسا. وارتقى بمعيار المصلحة الفضلى للطفل إلى قيمة دستورية مما يفرض على السلطة التشريعية مراعاة هذا المبدأ الدستوري عند سنها للقوانين ذات العلاقة.
كما يفرض هذا النص على الدولة وضع التشريعات والسياسات وخطط العمل الكفيلة بتفعيل الحقوق المنصوص عليها بهذا الفصل سواء باتخاذ التدابير الإيجابية الكفيلة مثلا بضمان الصحة والتربية والتعليم والتكوين أو باتخاذ التدابير الجزرية لحماية الأطفال مثلا من أخطار التدخين والمخدرات والاستغلال الجنسي والعنف.
7) حماية الأشخاص
ذوي الإعاقة
رغم سن الدولة لعدة تشريعات رامية للنهوض بالمعاقين وخاصة منها القانون عدد 83 لسنة 2005 المؤرخ في 15 أوت 2005 المتعلق بالنهوض بالأشخاص المعوقين وحمايتهم، أو القانون التوجيهي للتعليم عدد 80 لسنة 2002 الذي يحظر التمييز ضد الأطفال في سن التمدرس، فإن المنظومة القانونية المتعلقة بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة كانت تفتقر إلى قاعدة دستورية عامة تكرس صراحة مبدأ عدم التمييز ضدهم.
وقد تم تلافي هذا الفراغ الدستوري بالتنصيص صلب الفصل 48 من الدستور الجديد على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
الفصل 48: تحمي الدولة الأشخاص ذوي الإعاقة من كل تمييز
لكل مواطن ذي إعاقة الحق في الانتفاع، بحسب طبيعة إعاقته، بكل التدابير التي تضمن له الاندماج الكامل في المجتمع، وعلى الدولة اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لتحقيق ذلك.
:four:
تكريس حقوق
الجيل الثالث
في إطار الانفتاح على التطورات التي شهدتها المنظومة العالمية لحقوق الانسان كرس الدستور التونسي عدة حقوق أساسية تندرج في ما يعرف بالجيل الثالث لحقوق الانسان.
1) الحق في الماء
الفصل 45 تضمن الدولة الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ. وعلى الدولة توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي.
3) الحق في الثقافة وضمان حرية الإبداع
الفصل 42 الحق في الثقافة مضمون. حرية الابداع مضمونة وتشجع الدولة الابداع الثقافي، وتدعم الثقافة الوطنية في تأصلها وتنوعها وتجددها، بما يكرس قيم التسامح ونبذ العنف والانفتاح على مختلف الثقافات والحوار بين الحضارات. تحمي الدولة الموروث الثقافي وتضمن حق الأجيال القادمة فيه.
4) الحق في ممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية
الفصل 43 تدعم الدولة الرياضة، وتسعى إلى توفير الإمكانيات اللازمة لممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية.
II- مظاهر التطور على مستوى
وضع آليات للحماية القانوني
لقد شكل غياب آليات فعالة لحماية الحقوق الأساسية في دستور 1959، نتيجة انعدام إرادة سياسية حقيقية، أحد أبرز مظاهر الإخفاق في تأسيس منظومة متطورة لحماية حقوق الإنسان في تونس. وقد ساعد مناخ الحرية الذي عرفته البلاد بعد الثورة في توفير دعم سياسي ومدني وشعبي المسار دسترة الحقوق الأساسية، فكان من الطبيعي إذا ألا يكتفي الدستور الجديد بالتنصيص النظري على جملة من الحقوق وأن يتجاوز ذلك إلى وضع الآليات الكفيلة بتفعيلها وحمايتها واقعا. وهو ما تضمنه الفصل 49 من الدستور الذي يمكن إعتباره من الفصول المحورية فيه.
الفصل 49:
يحدد القانون الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها.
ولا توضع هذه الضوابط إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الأمن العام، أو الدفاع الوطني، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها.
وتتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك.
لا يجوز لأي تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق الانسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور.
1- بعض الملاحظات
تستدعي قراءة هذا الفصل التوقف عند الملاحظات التالية:
- الملاحظة الأولى تتعلق بالإحالة إلى القانون في وضع الضوابط المنظمة لممارسة الحقوق والحريات. فعلى خلاف دستور 1959، أين كانت هذه الإحالة آلية وعامة ولم تكن السلطة التشريعية مقيدة في ذلك بأي ضوابط دستورية، فإن الإحالة إلى القانون بموجب الفصل 49 جاءت مقيدة ومشروطة بالالتزام بمنهجية صارمة وضعها النص الدستوري نفسه.
الملاحظة الثانية
تتعلق بالضوابط الدستورية التي يتعين التقيد بها من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية عند تنظيمها لممارسة الحقوق والحريات المنصوص عليها بالدستور وعددها أربعة
وهي التالية:
1) مراعاة أن الأساس هو الحرية وأن التضييق منها هو الاستثناء وأن كل تنظيم الممارسة الحقوق والحريات يجب ألا يؤدي إلى إفراغ هذه الأخيرة من محتواها.
2) هذه الضوابط التي تضعها السلط السياسية لممارسة الحقوق والحريات يجب أن تكون مألوفة ومتعارف عليها في الدول الديمقراطية. ويمكن تشبيه الدور الذي تلعبه هذه المرجعية التي نص عليها الدستور بنفس الدور الذي يلعبه مفهوم رب الأسرة الصالح في القانون المدني.
3) تقييد الحرية لا يكون إلا لضرورة تقتضيها غايات أربعة وهي: a. حماية حقوق الغير b. حماية الأمن العام والدفاع الوطني c. حماية الصحة العامة d. حماية الأداب العامة
4) هذا التقييد للحرية لا بد وأن يكون متناسبا مع الغاية التي يسعى إليها أي لا يتجاوز القدر الضروري لحماية الغاية التي يسعى تحقيقها.
- الملاحظة الثالثة تتعلق بالقيود الموضوعية التي وضعها الفصل 49 على تعديل أحكام الدستور. حيث اشترط في أي تعديل عدم المساس بمكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة بالدستور.
2- قراءة في بعض
النقائص التي شابت مسار
دسترة الحقوق الأساسية
في دستور 2014
رغم التطور النوعي المهم الذي شهده تكريس الحقوق الأساسية في دستور 2014 على مستوى التنصيص الدستوري وعلى مستوى آليات الحماية القانونية، إلا أن بعض النقائص بقيت موجودة.
:star:
في بعض
الحقوق التي
لم تجد طريقها
إلى الدسترة
• الحق في التنمية
وقع تكريس الحق في التنمية لأول مرة كحق من حقوق الإنسان بمقتضى إعلان الحق في التنمية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت عدد128/41 بتاريخ 04 ديسمبر 1986. حيث نصت المادة الأولى منه على كون الحق في التنمية حق من حقوق الانسان غير قابل للتصرف وبموجبه يحق لكل انسان ولجميع الشعوب المشاركة والاسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والتمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق الانسان والحريات الأساسية إعمالا تاما".
وقد تم ربط هذا الحق في الفقرة الثانية من نفس المادة بحق الشعوب في تقرير المصير، الذي سبق وأن کرسته أيضا المادة الأولى من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وقد تم تأكيد الحق في التنمية كحق من حقوق الانسان في إعلان الألفية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 08 سبتمبر 2000 حيث التزمت قمة الألفية ب "جعل الحق في التنمية حقيقة واقعة لكل انسان وبتخليص البشرية قاطبة من الفاقة".
وبالرجوع للواقع التونسي، نلاحظ وأن الثورة انطلقت من الجهات الداخلية للبلاد على خلفية مطالب اجتماعية بالأساس. ومثل "حق الجهات المحرومة في نصيبها من التنمية"، الذي وقع التعبير عنه بأشكال مختلفة لم تخل من العنف في أحيان كثيرة، الاستحقاق الأهم للفترة الانتقالية بمراحلها المختلفة وحكوماتها المتعاقبة. وهو التحدي الأبرز المطروح الآن على الجمهورية الثانية والمؤسسات السياسية المنبثقة عنها.
لكن من الواضح أن بلورة هذا المطلب الشعبي الملح في شكل قاعدة دستورية فاعلة لم يجد طريقه إلى التكریس. فأغلب مشاريع الدساتير التي تم إعدادها من قبل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني تغاضت عن هذا المطلب کاستحقاق دستوري أما القلة من المشاريع التي تناولته فإنها اعتمدت صياغة فضفاضة خالية من تدقيق الالتزامات المفروضة على الدولة ومن آليات الحماية الفعلية لهذا الحق.
وانتهت الصيغة النهائية للدستور في الفصل 12 منه الذي نصّ على كون الدولة تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والتوازن بين الجهات استنادا إلى مؤشرات التنمية واعتمادا على مبدأ التمييز الإيجابي كما تعمل على الاستغلال الرشيد للثروات الطبيعية.
+ طرفي العلاقة المشمولة
بتكريس الحق في التنمية
نلاحظ عدم الارتقاء بهذا المطلب إلى حق دستوري قابل للحماية وللمطالبة به وللتقاضي بشأنه، وانما اعتبر من قبيل الواجبات المحمولة على الدولة دون تحديد لطبيعة الالتزام القانوني المفروض عليها ولطبيعة الجزاء المترتب عن عدم تنفيذه.
إن الحق في التنمية يمكن إعتباره من الحقوق الجماعية. ولئن كان من الطبيعي اعتبار الدولة هي الطرف المدين الرئيسي الذي يقع عليه واجب تجسيم هذا الحق، فإن متطلبات النجاعة والفاعلية تقتضي الخروج به عن إطار العموميات وتحديد الطرف المستفيد منه والذي له أهلية المطالبة باحترامه والتقاضي بشأنه إن لزم الأمر.
إن هذا الطرف لا يمكن أن يكون إلا الجهات أو الأقاليم الترابية للدولة المتمتعة بالشخصية القانونية التي تخولها التصرف في شؤونها المحلية. فالجهات أو الأقاليم، باعتبارها أطر لممارسة الديمقراطية المحلية، هي المخولة أكثر من غيرها التعبير عن المصالح والشؤون المحلية.
+ تحديد
التزامات المدين
بعد أن تم تحديد طرفي العلاقة المشمولة بتكريس الحق في التنمية، بقي الآن تحديد التزامات المدين" بهذا الحق و حقوق الدائن" وآليات الحماية القانونية له. فمتطلبات تجسيم هذا الحق تضع على كاهل الدولة التزامين إثنين: - وضع الأطر القانونية والمؤسساتية لتمكين الجهات أو الأقاليم من تصريف شؤونها المحلية بنفسها في إطار لامركزي. توفير الموارد المالية الكافية لهذه الجهات أو الأقاليم لتمكينها من إدارة شؤونها المحلية وممارسة حقها في التنمية.
ويتطلب ذلك إضافة إلى رصد موارد جبائية مباشرة للتنمية الجهوية والمحلية سن تشريعات تضع حوافز للتنمية الجهوية وتكرس التمييز الإيجابي لصالح الجهات أو الأقاليم المحرومة كاقتطاع نسبة من المداخيل التي تدرها الثروات الطبيعية الموجودة داخل هذه الجهات لتمويل التنمية بها.
ولضمان فاعلية هذا الحق، يتجه وضع آلية لحمايته قضائيا. ويتجه في هذا الإطار الاقتباس من آلية قضائية موجودة في المنظومة القضائية للاتحاد الأوروبي وهي دعوى الإخلال أو التقصير المنصوص عليها بالفصول من 258 إلى 260 من المعاهدة المسيرة للإتحاد الأوروبي والتي تمكن المفوضية أو إحدى الدول الأعضاء من رفع دعوى أمام محكمة العدل الأوروبية ضد الدولة التي لا تحترم قانون الاتحاد.
فيمكن استئناسا بهذه القاعدة تخويل الجهات أو الأقاليم الحق في رفع دعوى ضد الدولة أمام المحكمة الدستورية وذلك في صورة تقصير هذه الأخيرة في وضع الأطر القانونية والمؤسساتية والمالية الضرورية لتمكين الجهات من تسيير شؤونها بنفسها وممارسة حقها في التنمية والتقصير يمكن أن يكون بشكل سلبي أو إيجابي. فيكون سلبيا عندما تمتنع الدولة عن سن التشريعات الضرورية التي من شأنها تمكين الجهات أو الأقاليم من ممارسة حقها في التنمية. كامتناعها عن وضع الأطر القانونية والمؤسساتية المناسبة التي تمكن الجهات أو الأقاليم من ممارسة شؤونها المحلية. ويكون التقصير بشكل إيجابي عندما تتخذ الدولة تشريعات من شأنها أن تتناقض ومبدأ حرية إدارة الجهات أو الأقاليم لشؤونها المحلية بنفسها كاتخاذ تشريعات لا تسند للجهات أو الأقاليم سلطة اتخاذ القرار وتقتصر على إعطائها صلاحيات استشارية، أو سنها لتشريعات من شأنها أن تقلص من الموارد المالية المرصودة لتمويل التنمية الجهوية كسن تشريعات تمنع الجهات أو الأقاليم من قبول الهبات أو من إبرام اتفاقيات تعاون دولية أو أن تحد من الجاذبية الاستثمارية للجهات والأقاليم بإلغائها الحوافز الجبائية.
يمكن اقتراح التنصيص على أن تنظر المحكمة الدستورية في دعاوى التقصير في تكريس الحق في التنمية المرفوعة ضد الدولة من قبل الجهات أو الأقاليم التي يمنحها القانون صفة الجماعة العمومية
• حرية التجارة
والصناعة
حرية التجارة والصناعة تعتبر من الحريات المكرسة في المنظومة القانونية التونسية سواء من خلال الالتزامات الدولية المترتبة عن المعاهدات الدولية التي أبرمتها تونس لإنشاء مناطق تبادل حر وتعتبر اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي إحدى أهم هذه المعاهدات، أو التي بموجبها انضمت تونس إلى منظمات دولية كالمنظمة العالمية للتجارة.
أو من خلال القوانين المحلية التي تكرس هذه الحرية مثل قانون المنافسة والأسعار. وقد استقر فقه القضاء الإداري على الاعتراف بهذه الحرية وضمن لها حماية فعلية في عديد القرارات القضائية. لكن رغم كل ذلك لم تجد هذه الحرية طريقها إلى الدسترة.
:star:
في عمومية التنصيص
على مبدأ عدم التمييز
كان من المؤمل أن يعمل الدستور الجديد على تلافي النقائص التي شملتها صياغة الفصل 6 من دستور 1959 التي اكتفت بوضع مبدأ عام للمساواة دون تخصیص كالإشارة الصريحة مثلا إلى فئات معرضة أكثر من غيرها للتمييز مثل المرأة والمعاقين.
وكان من المفروض أن يستأنس واضعو الدستور بالمادة 2 فقرة 2 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذلك بالتجارب الدستورية المقارنة، مثل الفصل 3 من الدستور الألماني والفصل 9 من دستور جنوب أفريقيا، من أجل التنصيص صلب الدستور على قاعدة عامة تقر تساوي جميع المواطنين في الحقوق والواجبات مع إشارة صريحة إلى عدم جواز التمييز بينهم على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين أو الآراء السياسية أو الانتماء الجهوي أو المنشئ الاجتماعي أو الإعاقة.
ولكن في المحصلة فإن الصيغة النهائية التي تم تضمينها صلب الفصل 21 من الدستور لم تبتعد كثيرا من حيث المضمون عن صيغة الفصل 6 من دستور 1959.
الفصل 21: المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون من غير تمييز
:star:
في النقائص المتعلقة
بآليات الحماية والتفعيل
- محدودية الدور الموكول للهيئة العليا لحقوق الانسان
- محدودية الدور الموكول لرئيس الجمهورية الذي من المفروض أن يكون هو الضامن الحماية الحقوق والحريات الأساسية في الدولة مع تمكينه من الآليات الكفيلة بلعب هذا الدور.
- محدودية الآليات الموكولة للقضاء الدستوري في مجال حماية الحقوق والحريات الأساسية