Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
إنشــــــــــــــــــــاءالكمبيــــــــــــــــالة - Coggle Diagram
إنشــــــــــــــــــــاء
الكمبيــــــــــــــــالة
تمهيد
يجتمع في إنشاء الكمبيالة صنفين من الشروط يتعلق األول منهما بالقانون المدني ضرورة أن الكمبيالة ليست في النهاية إال عمال قانونيا يستوجب استكمال شروط صحة األعمال القانونية المحددة بمجلة االلتزامات و العقود أما الثاني فيتعلق بالقانون الصرفي من حيث أن السند ال يعتمد كورقة تجارية إال في حال احتوائه على البيانات الوجوبية.
والملاحظ أن ازدواجية أو توازي انطباق القانون المدني والقانون الصرفي يعتبر خاصية من خاصيات األوراق التجارية ومفاد هذه الخاصية إجماال انه متى ما توفرت الشروط الخاصة المتعلقة بااللتزام الصرفي أمكن لألطراف التمتع بالصبغة الحمائية للقانون الصرفي في إطار ما يعرف بالدعوى الصرفية. أما في صورة غياب موجبات االلتزام الصرفي فان األطراف تحرم من امتيازات الدعوى الصرفية ولم يعد لها من ملجأ إالا الحتماء بالدعوى المدنية.
وهذه الثنائية تبدو طبيعية لأن االلتزام الصرفي هو في النهاية التزام نشأ على أرضية سابقة له متمثلة في االلتزام المدني.
فالتاجر الذي يبيع سلعة لمواطن عادي بثمن مؤجل ينشأ له دين تجاه المشتري ويكون منمصلحته أن يضمن دينه بسند يوفر له الحماية وحظوظ الخالص فينشئ كمبيالة. هذه الكمبيالة (االلتزام الصرفي) استندت في وجودها إلى عمل مدني سابق لها (عقد البيع). ونتيجة لذلك ينشأ بالتوازي التزامان التزام مدني (عقد مدني بيع أو غيره) مسنود لتحقيق غرض خالصه بالتزام صرفي (إنشاء كمبيالة).
بالنظر إلى الصبغة الشكلية لألوراق التجارية فان الشروط المتعلقة بإنشاء السند وإضفاء صفة الكمبيالة عليه فهي من قبيل الشروط الشكلية (I) أما الشروط المتعلقة بالعمل القانوني فهي من قبيل الشروط األصلية (II).
وبما أن إنشاء الكمبيالة يطرح مسالة العالقة بين االلتزام الصرفي وااللتزام األصلي يتعيندراسة الروابط القانونية المتولدة عن الكمبيالة (III)
I- الشروط
األصلية
تتعلق الشروط األصلية بموجبات كل عمل قانوني بقطع النظر عن مستلزمات الشكل التي يمكن أن تكون مضافة للشروط األصلية.
إن إنشاء الكمبيالة هو قبل كل شيء عمل قانوني يستوجب لتمام شروط صحته استجماع شروط صحة العمل القانوني الواردة بالفصل الثاني من مجلة االلتزامات العقود وهي األهلية (:one:) و الرضا (:two:) والمحل (:three:) والسبب (:four:)
:one:
الأهلية
باعتبار أن الكمبيالة عمل قانوني فان منشؤها (الساحب) لا بد أن يكون أهال لإللزام وااللتزام.
وباعتبار أن الكمبيالة تمثل عمال تجاريا بالشكل فان الساحب يجب أن تتوفر فيه أهلية القيام باألعمال التجارية وهي أهلية لم تعد تختلف كثيرا عن األهلية المدنية إذ انحسر مجالها من خالل إلغاء الفصل 6 من المجلة التجارية الذي كان يكرسها وذلك بالنظر إلى التخفيض الحاصل في السن القانونية لحد ثمانية عشر سنة.
فالقاصر غير التاجر يكون مآل الكمبياالت التي ينشئها البطالن أما القاصر التاجر الذي يكون سنه دون الثامنة عشر يمكن أن ينشا كمبيالة في حالتين هما حالة الترشيد بالزواج وحالة الترشيد القضائي.
وتجري أحكام القانون المدني المتعلقة باألهلية وجودا وعدما وما يتعلق بعوارض األهلية على الساحب.
إنشاء الكمبيالة في حق
شخص آخر غير ساحبها
يمكن أن يكون إنشاء الكمبيالة في حق شخص آخر غير ساحبها وفي هذه الحالة فان الساحب يكون نائبا عن غيره فوجب أن تكون نيابته محققة بتوكيل صحيح
ويختلف األمر بين وضعيتين يكون في األولى الساحب منشئ للسند باسمه ولحسابه الخاص في حق الغير وهو ما يعبر عنه بالساحب لفائدة الغير
ويكون في الثانية متدخال باسم وفي حق الغير بمقتضى توكيل وهي وضعية الساحب النائب عن الغير سواء كان هذا الغير شخصا ماديا أو معنويا.
وقد يكون الساحب ممثال لشركة تجارية مما يستوجب الخضوع إلى مقتضيات وشروط التفويض المنظم بقانون الشركات التجارية
وقد أشار الفصل 273 من المجلة التجارية في فقرته األخيرة إلى وضعية النيابة في إنشاء الكمبيالة محددا أن "كل من وضع توقيعه على كمبيالة كنائب عن شخص لم يكن له توكيل منه بذلك يكون ملزما شخصيا بمقتضى هذه الكمبيالة...ويجري األمر بالمثل بالنسبة للوكيل الذي تجاوز حدود وكالته.
:two:
الرضاء
يعتبر الرضاء ركنا أساسيا لصحة االلتزام إذ يجب أن يكون تاما وخاليا من العيوب ومعبرا عن إرادة حرة وصريحة.
ويكون الرضاء مجسما في إمضاء الساحب للكمبيالة 22 ومعبرا عن إرادة حرة وصريحة وهو التعبير المعتمد لإرادته الحرة المنصرفة إلى إنشاء السند . ويجب أن يكون هذا اإلمضاء صحيحا فال عبرة باإلمضاء المزور فضال عن اإلمضاء الواقع تحت اإلكراه.
غير إن المشرع في إطار مسعاه لضمان حقوق المتعاملين بالكمبيالة فقد اعتبر وجود إمضاءات أخرى على الكمبيالة يمكن أن تكون أساسا للمطالبة بخالصها وان كانت بعض اإلمضاءات مزورة أو غير ملزمة لسبب من األسباب حسب الفقرة الثانية من الفصل 273.
أما بالنسبة لعيوب الرضاء فان التزام الساحب الحاصل نتيجة لرضاء معيب فال يعتبر 23 سببا جديا يواجه به الحامل حسن النية الذي لم يكن عالما بوجه العيب وهو وجه من وجوه الضمانات الممنوحة للحامل كما سيأتي بيانه لاحقا.
:three:
المحل
محل االلتزام الصرفي هو االلتزام بدفع معين الكمبيالة عند حلول اجلها لحاملها الشرعي.
فمحل الكمبيالة هو بالضرورة مبلغ نقدي مضمن بها يمثل دينا بين طرفين أساسين هما طرفا الرابطة األصلية ويتوسعان من خلال آلية التداول الستيعاب كل من أمضى على السند.
وعلى هذا األساس فان المحل هو في النهاية تنصيص من بيانات السند إذ هو األمر المجرد بدفع مبلغ الكمبيالة.
:four:
السبب
إذا كانت قاعدة الفصل 68 م ا ع قد تغري بتغييب الحديث عن السبب من حيث إقرارها بان األصل أن كل التزام هو قائم على سبب صحيح إلى أن يثبت خالف ذلك إلا ن دراسة السبب في الكمبيالة ال تخلو من أهمية ضرورة أنها تمكن من اإلحاطة بما يعرف بسندات المجاملة.
فالسبب في الكمبيالة يمكن أن ينظر إليه من زاوية أولى كونه سبب التزام كل من امضي على الكمبيالة وانه طالما أن الساحب هو من انشأ الكمبيالة فان سبب إمضائه يعتبر سببا للكمبيالة. فسبب إمضاء الساحب للكمبيالة هو التزام سابق تجاه المستفيد من الكمبيالة الذي هو دائن للساحب فيكون إنشاء الكمبيالة هادفا لإبراء ذمة الساحب تجاه المستفيد.
والسبب أيضا في حالة الكمبيالة الغير متداولة - أي التي اقتصرت فيها العالقة بين الساحب والمسحوب عليه – هو ضمان الدين األصلي من خالل إنشاء سند يكفل من خالل آلياته ونظامه القانوني أوفر فرص الخلاص للساحب.
وتطبيقا لشرط شرعية السبب فانه من المعقول القول ببطالن الكمبيالة إذا كانت مبنية على سبب غير شرعي كخالص دين قمار أو دين متعلق بمعاملة مخالفة للنظام العام واألخلاق الحميدة.
كما أن غياب السبب يطرح مسالة سندات المجاملة التي يكون جزاؤها البطالن لغياب السبب فيها أو بصورة أدق لعدم شرعيته الن إنشاءها هو لمغالطة الغير واإليهام بوجود عالقة مديونية أصلية والحال أن إنشاءها من الساحب وقبولها من المسحوب عليه غايته في الغالب تمكين الساحب من الحصول على قيمتها بتقديمها للبنك ضمن عملية الخصم.
فغياب السبب أو عدم شرعيته يؤدي إلى اختلال أحد الشروط األصلية لصحة الكمبيالة.
أما إذ اجتمعت كامل الشروط األصلية فإنها لا تكفي للقول بإنشاء كمبيالة صحيحة للزوم توفر جملة من الشروط الشكلية.
II- الشروط
الشكلية
.بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 269 من المجلة التجارية المتضمن الشروط الشكلية لصحة الكمبيالة يتبين أن المشرع اشترط "الكتب" (:one:) واشترط أن يحتوى هذا الكتب على جملة من البيانات الوجوبية (:two:).
:one:
اشتراط
الكتب
يستنتج من صياغة الفصل 269 م ت أن المشرع يشترط أن تكون الكمبيالة مضمنة في كتب وهو األمر الواضح من خالل استعمال المشرع للفظ "سند".
ولعل اشتراط الكتب يكون أكثر وضوحا من خلال التنصيص األول الذي جاء فيه : "ذكر كلمة كمبيالة في نص السند باللغة المستعملة في تحريره". فكلمتا نص و تحرير تزيلان أي غموض بخصوص وجوب الكتب طالما أمكن التشكيك في وجوب الكتب اعتبارا و أن السند يمكن أن ال يكون ماديا.
:two:
محتويات
الكتب
إذا كان المشرع قد اشترط لصحة الكمبيالة أن تكون بكتب فانه تدخل لتحديد محتويات هذا الكتب من خالل تعداد البيانات الوجوبية الالزم وجودها (1) ورتب على غيابها جزاء (2) دون أن يغفل إمكانية فسح المجال لألطراف إلدراج بيانات اختيارية مندرجة في إطار الحرية التعاقدية (3).
1) البيانات
الوجوبية:
فقد جاء بمطلع
الفصل 269 م.ت:
"يعتبر القانون الكمبيالة عملا تجاريا مهما كان األشخاص المتعاملون بها وتحتوي على:
1) ذكر كلمة كمبيالة في نص السند باللغة المستعملة في تحريره
2) التوكيل المجرد المطلق بدفع مبلغ معين
3) اسم من يجب عليه الدفع (المسحوب عليه)
4) بيان اجل الحلول
5) بيان المكان الذي يجب فيه الدفع
6) اسم من يجب له الدفع أو من يكون الدفع ألمره
7) بيان التاريخ والمكان اللذين أنشئ فيهما السند
8) توقيع منشئ السند (الساحب)".
سنتناول كل بيان
من هذه البيانات على
حدة لتحديد محتواه
وقيمته العملية.
:star:
ذكر
تسمية السند
اشترط المشرع بيانا يتعلق بتحديد أطراف السند لطبيعته القانونية ووصفه بصفته المرتبة لانضوائه تحت طائلة القانون الصرفي. ويعتبر هذا التنصيص مبررا للتأكد من اتجاه إرادة األطراف لالنخراط في نطاق االلتزام الصرفي الموسوم بالصرامة.
وقد اشترط المشرع أن يكون لفظ الكمبيالة مدرجا بوضوح بنص السند وباللغة المعتمدة لتحريره.
:star:
ذكر صيغة
األمر بالخلاص
استعمل المشرع كلمة توكيل والحال أن المسالة ال تتعلق بالتوكيل كما عرفته مجلة االلتزامات والعقود بل المعنى الصحيح هو صيغة األمر بخالص القيمة النقدية للسند حامله عند حلول اجله. وهذا األمر يعطيه الساحب (الدائن) للمسحوب عليه أو من يلتزم بالدفع (المدين) لفائدة حامل السند سواء كان الساحب أو غيره.
ويشترط في هذا األمر أن يكون غير مشروط فهو مجرد ومطلق حسب عبارات الفصل 269 من المجلة التجارية وهو ما يعد ضمانة أساسية للسند حيث أن االشتراط يعتبر من قبيل اإلضعاف لقيمة السند وتقليص دوره االقتصادي المتمثل في وظيفة االئتمان.
:star:
ذكر اسم
المسحوب عليه
إن تحديد اسم المسحوب عليه ضروري حيث انه هو المدين المحمول عليه سداد قيمة السند عند حلول األجل.
وكلما كان المسحوب عليه غير مثير للمخاوف المتعلقة بقدرته على الوفاء كلما كانت حظوظ تداول الكمبيالة أكبر إذ أن الحامل - وهو بالضرورة دائن للشخص الذي سيسلمه الكمبيالة لخالص دينه- لن يرفض الخالص إال إذا حامت شكوك حول قدرة المسحوب عليه في األداء.
:star:
ذكر
أجل الحلول
تحديد اجل الحول أي اجل الخالص مهم للغاية بالنظر إلى إلزامية تقديم الكمبيالة للخالص وما يترتب عن ذلك من آثار قانونية.
. وقد حدد الفصل 290 من المجلة التجارية الطرق المعتمدة لتحديد األجل وهي أربعة محددة لا يمكن الخروج عنها وإلا عد السند بالا
- الطرق
المعتمدة
- لدى االطلاع: في هذه الحالة يمكن للحامل تقديم الكمبيالة للخالص متى شاء بشرط 24 أن يكون ذلك في اجل سنة من تاريخ إنشائها
لأجل ما بعد االطلاع: في هذه الحالة لا ينطلق حساب األجل المعين إلا من تاريخ تقديمها للخلاص
ألجل يبتدئ من تاريخ معين: لا يتم الخالص في هذه الحالة إلا بانتهاء األجل الذي يبدأ احتسابه من التاريخ المحدد.
ليوم معلوم: في هذه الحالة يتم الخالص في اليوم المحدد بالسند. وهذه الوضعية هي األكثر شيوعا في االستعمال لبساطتها وطابعها العملي.
:star:
ذكر
مكان الدفع
هذا التنصيص لا يخلو من أهمية طالما كان تقديم الكمبيالة للخلاص واجبا محمولا على الحامل.
فالحامل يجب أن يكون عارفا بمكان الخلاص حتى يقدم السند للخالص عند حلول األجل
:star:
ذكر المستفيد
من الدفع
يحدد هذا التنصيص من هو الشخص الذي سيستفيد من عملية الدفع. ويمكن أن يكون الساحب هو المستفيد ودلك في حالة بقيت الكمبيالة ثنائية في تكوينها بما يعني استبعاد تداولها.
وهذه الوضعية هي في الحقيقة مخالفة للغاية األساسية للكمبيالة وهي اعتمادها كوسيلة ائتمان مما يقتضي أن تتجاوز دائرة العلاقة الثنائية بين الساحب والمسحوب عليه.
فالكمبيالة التي يكون فيها الساحب هو المستفيد لا تبتعد كثيرا في كنهها عن ورقة تجارية أخرى هي السند للأمر
:star:
ذكر تاريخ
ومكان إنشاء الكمبيالة
تاريخ إنشاء الكمبيالة على درجة كبيرة من األهمية فهو المنطلق لاحتساب عديد الآجال ولمعرفة أهلية الساحب زمن إنشاء الكمبيالة كما يصلح في حال إفلاس المدين لمعرفة هل أن إنشاء الكمبيالة كان في فترة الريبة أم لا.
ما مكان اإلنشاء فيعتمد لتحديد الاختصاص الترابي في حال المنازعة المتعلقة بالكمبيالة أو في حال تحديد القانون المنطبق إذا تعلق الأمر بنزاع ذا طبيعة دولية.
:star:
توقيع
الساحب
يعد توقيع الساحب تنصيصا مهما بدونه لا يمكن الحديث عن وجود كمبيالة.
ويشترط في التوقيع أن يكون باليد فلا يعتد بالتوقيع عن طريق الختم.
وباعتبار البيانات وصبغتها الوجوبية تمثل الطابع الشكلي لاللتزام الصرفي فان المشرع قد اقر جزاء لغياب احدها.
2) جزاء الإخلال
بالبيانات الوجوبية
جاء بالفصل 269 م.ت "إذا خلا السند من إحدى البيانات المذكورة بالفقرات المتقدمة فال يعد كمبيالة إلا في األحوال المعينة بالفقرة التالية..."
يتضح من الصياغة المعتمدة أن األمر لا يخلو من مبدأ واستثناء. أما المبدأ فهو أن كل سند خلا من إحدى البيانات المذكورة سلفا يكون جزاءه البطالن وهو بطلان من نوع خاص إذ لا يعتبر ككمبيالة ولا ينطبق عليه بالتالي القانون الصرفي.
أما االستثناء فهو محاولة من المشرع التلطيف من شدة جزاء البطالن في حالات معينة بالنص. وهو ما سيسمح بإسعاف جملة من السندات التي وإن خلت من بعض البيانات إلا أنها ستظل محتفظة بصفة الكمبيالة طالما كانت البيانات الغائبة مشمولة باالستثناء التشريعي.
وهذه العملية يمكن اعتبارها تصحيحا لكمبيالة نشأت ناقصة وهو من قبيل التصحيح التشريعي.
وأمام صرامة الجزاء المتمثل في البطالن ونتائجه المتمثلة في الحرمان من الصبغة الحمائية للقانون الصرفي فقد اعتمد الفقه ومن ورائه فقه القضاء نظرية التصحيح (ب) مستندين في ذلك إلى محاكاة رغبة المشرع في تحديد آثار اإلخلال بالبيانات الوجوبية باعتماده الحالات االستثنائية (أ).
أ) الاغتفارات
التشريعية
يمكن اعتبار استثناء جزاء البطلان المقرر في حال غياب أي من البيانات الوجوبية من قبيل اإلسعاف التشريعي المتمثل في اعتماد حلول لغياب بعض البيانات وهي حلول أضافها المشرع الستدراك النقص الحاصل في السند وتفاديا لإخراج السند من دائرة القانون الصرفي.
وهذه الاغتفارات التشريعية هي محددة بالنص طالما أنها من قبيل االستثناءات التي لا يقبل التوسع فيها
فقد جاء ذكرها
بالفصل 269 م.ت:
-"إن الكمبيالة التي ال تحتوي على بيان اجل الحلول تعتبر واجبة األداء بمجرد االطلاع عليه"
- "إذا لم يعين مكان خاص للدفع فان المكان المعين بجانب اسم المسحوب عليه يعد محال للدفع وفي الوقت نفسه مقرا للمسحوب عليه".
-"إن الكمبيالة التي لم يذكر بها مكان إنشائها تعتبر ملتزما بها في المكان المبين بجانب اسم الساحب".
فالسند الذي يكون منقوصا من احد البيانات الثلاثة السالفة الذكر لا يكون مصيره اإلخراج من الدائرة الصرفية طالما وجد التنصيص الناقص ما يقوم مقامه بالنص التشريعي.
وتعد محاولة المشرع استدراك النقص الحاصل في السند فاتحة إلمكانية سحبها بضوابط معينة على حاالت مشابهة ضمن ما يعرف بعملية تصحيح الكمبيالة الناقصة.
ب) تصحيح
الكمبيالة:
لا يمكن ابتداء الحديث عن تصحيح للكمبيالة إلا في حالة إنشائها ناقصة من جهة وعدم شمول االغتفارات التشريعية للنقص الحاصل بها.
فعملية التصحيح تسعى إلى إيجاد مخرج يحول دون تطبيق الجزاء الصارم الوارد بالفصل 269 م ت والمتمثل في بطلان السند ككمبيالة إذا خال من احد البيانات الوجوبية
ويجد التصحيح سندا له في ما اعتمده المشرع من تلطيف لجزاء البطالن باعتماد االغتفارت التشريعية وهو ما ال يحول منطقيا من محاكاة المشرع في إطار ضوابط لا تفتح عملية التصحيح على مصراعيها مما قد يفقد الشكلية الممثلة ألحد مميزات االلتزام اصرفي أي قيمة عملية.
وقد اتجه الرأي إلى اعتبار أن عملية تصحيح الكمبيالة الناقصة يجب أن تفرق بين البيانات الجوهرية ذات القيمة القصوى التي لا يمكن تصحيحها ( :first_place_medal:) والبيانات األقل قيمة التي يمكن تجاوزها بتصحيحها وإنقاذ السند من مآل البطلان ( :second_place_medal: ) .
:first_place_medal:
ستبعاد التصحيح
بخصوص البيانات الجوهرية
توصف بالجوهرية البيانات التي لا يمكن في غيابها الحديث عن إرادة األطراف الواضحة لالنخراط في االلتزام الصرفي.
وهذه البيانات وان كانت األقل عددا إلا أن وجودها محدد أساسي إلرادة األطراف و لا يمكن على أساس ذلك السماح بالتدارك في شأنها
ومنها:
- غياب التنصيص على
لفظ "كمبيالة" في السند
لأن هذا التنصيص من األهمية بمكان مما يجعل من الصعب القول بتوجه اإلرادة إلى ولوج المجال الصرفي.
السند الذي اغفل أطرافه ذكر لفظ "كمبيالة" فيه لا يمكن بحال تصحيحه وهو سند لا يمكن أن يرتقي إلى مرتبة الكمبيالة.
- إمضاء الساحب
لأن الساحب هو منشئ السند و غياب إمضائه يعتبر دليال على غياب اإلرادة الواضحة لالنخراط في المجال الصرفي.
فقد جاء بالقرار التعقيبي المدني عدد 27116 المؤرخ في 30 ديسمبر 2003" إن توقيع الساحب يعد إحدى البيانات الوجوبية للكمبيالة وان خلو سند الدين منه يفقده قيمته على صعيد الاحتجاج طبق قواعد الصرف".
:second_place_medal:
القبول المشروط للتصحيح
بخصوص البيانات غير الجوهرية
-.بخلاف البيانات الجوهرية التي لا يمكن تصحيحها فان تصحيح غيرها من البيانات يستوجب اتفاق إرادة األطراف الصريحة أو الضمنية.
فساحب الكمبيالة قد يضطر إلى إنشاء الكمبيالة خالية من بعض البيانات لعدم توفر المعطيات الخاصة بها عند عملية اإلنشاء كتاريخ الحلول أو قيمة الكمبيالة على أن يتم الحقا تحديدها ضمن اتفاق صريح بين الساحب والمسحوب عليه أو اتفاق ضمني متمثل في إعطاء الكمبيالة الناقصة للدائن الذي يتولى تدارك النقص الحاصل فيها وهو ما يعني أن تحرير السند يمكن أن يتم من خلال أكثر من طرف .
وهو الحل الذي اعتمدته محكمة التعقيب في قرارها عدد 21945 بتاريخ 24 افريل 1991 الذي جاء فيه "إن البيانات المنصوص عليها بالكمبيالة يمكن أن تكون محررة من قبل أشخاص متعددين ذلك أن المدار األساسي في اعتبارها هو إمضاء المسحوب عليه".
وإذا كانت البيانات الوجوبية منقسمة إلى بيانات جوهرية وأخرى اقل قيمة فان التطبيق افرز إمكانية إضافة بعض البيانات االختيارية الملزمة لأطرافها.
3) البيانات
االختيارية
تعتبر البيانات االختيارية إمكانية متاحة لألطراف المتعاملة بالكمبيالة إلضافة التزامات اتفاقية ما لم تتعارض مع المبادئ األساسية التي يقوم عليها القانون الصرفي.
و لا تكون على أساس دلك مقبولة البيانات االختيارية التي تخالف المبادئ األساسية للقانون الصرفي بإلغاء احد أحكامه أو آلياته كالتنصيص الذي يعفي الساحب أو المسحوب عليه القابل لضمان خلاص الكمبيالة.
وقد أدخلت بعضا من هذه البيانات االختيارية في النصوص القانونية المنظمة للكمبيالة كالتنصيص المتعلق بمنع العرض على القبول أو بمنع التداول أو باإلعفاء من تحرير احتجاج بعدم الخالص أو القبول أو التوطين.
وسواء تعلق األمر بالبيانات الالزمة لصحة الكمبيالة من الوجهة الشكلية أو البيانات االختيارية المضفية للمسحة اإلرادية فان إنشاء الكمبيالة يرتب جملة من العلاقات القانونية المتداخلة التي يتجه توضيحها.
III- العالقات القانونية
المرتبطة بالكمبيالة
إذا كان اإلمضاء على الكمبيالة بأي صفة كانت يرتب في حق الممضي نشوء التزامه الصرفي فان هذا االلتزام المحكوم بقواعد القانون الصرفي لا ينفي االلتزام األصلي السابق إلنشاء الكمبيالة والخاضع لقواعد القانون المدني.
فإنشاء الكمبيالة يجعل األطراف المرتبطين بها خاضعين لنوعين من الروابط القانونية: رابطة أصلية محكومة بالقانون المدني ورابطة جديدة محكومة بالقانون الصرفي.
وإذا كان مبنى الرابطة الصرفية هو اإلمضاء على الكمبيالة فان مبنى الرابطة األصلية هو الدين الناشئ عن العالقة األصلية بين الساحب والمسحوب عليه المعروف باسم المئونة (:one:) مما يتجه معه البحث في العالقة بين الرابطتين طالما كان مدار وجودهما هو الكمبيالة (:two:).
:one:
العلاقة بين الرابطة
الصرفية والرابطة األصلية
على عكس النظرية التي تعتمد التجريد المطلق الذي يقتضي أن إنشاء الكمبيالة يلغي االلتزام األصلي فان القانون التونسي اقتفى اثر القانون الفرنسي الذي اقر مكانة للعلاقة االلتزام األصلي األصلية على الرغم من نشوء االلتزام الصرفي.
وهذا يعني أن الرابطة الصرفية المترتبة عن إنشاء الكمبيالة يمكن أن تتعايش مع الرابطة األصلية ضرورة أن إنشاء الكمبيالة لا يلغي بحال الرابطة األصلية مما يسمح باالستناد عليها في بعض الحالات لطلب خلاص الدين.
فإنشاء الكمبيالة وخالفا لنظرية التجريد ال يعتبر تجديدا للدين األصلي بحيث يحل االلتزام الصرفي محل االلتزام األصلي وذلك لسبب بسيط وهو أن التجديد ال يتحقق بغلبة الظن بل تلزمه إرادة صريحة حسب مقتضيات الفصل 358 م ا ع.
وإذا كان األمر كذلك فانه من المتجه معرفة العالقة بين الرابطتين األصلية والصرفية. وتتراوح هذه العالقة بين االستقاللية (1) والتبعية (2).
1) استقاللية الرابطة األصلية
عن الرابطة الصرفية
تتجلى استقاللية الرابطة األصلية عن الرابطة الصرفية باستمرار وجودها على الرغم من اندثار الرابطة الصرفية لسبب من األسباب كالتقادم أو سقوط الحق.
فالرابطة األصلية هي باألساس مستقلة عن أسباب بطالن السند الفاقد لمقوماته الشكلية المنشئة لاللتزام الصرفي. فالكمبيالة الباطلة لعيب في الشكل تبقي على الرابطة األصلية وتمكن الدائن من تتبع استخلاص دينه على أساس الدعوى المدنية.
بل إن السند الذي فقد توصيفه القانوني بالكمبيالة قد يعتبر في ذاته وسيلة إلثبات الدين ونجاح الدعوى المدنية.
فقد جاء بأحد قرارات محكمة التعقيب إن "الكمبيالة ولئن تفقد قيمتها الصرفية كورقة تجارية لانقضاء األجل المبين بالفصل 335 من م ت إلا انه تبقى قائمة كحجة خاضعة للقانون المدني طالما أنها تضمنت التزاما بأداء مبالغ مالية في آجال معينة"
ومن ناحية أخرى فان االختالف بين آجال التقادم التي تكون اقصر بالنسبة للرابطة الصرفية يمكن في حال سقوط الدعوى الصرفية لتقادمها من التداعي المدني على أساس الرابطة األصلية طالما كان ذلك ممكنا طبق شروط التقادم المدني.
أما سقوط الحق في التداعي الصرفي الناتج عن إهمال حامل الكمبيالة فهو أيضا يؤكد فكرة االستقاللية طالما أمكن للدائن القيام على أساس الرابطة األصلية رغما عن سقوط حقه الصرفي وهو ما قرته محكمة التعقيب حين أكدت "إن سقوط الدعوى الصرفية لا يمنع من اعتبار حجة الدين نافدة طبقا للقانون العام باعتبارها تمثل كتب اعتراف بدين ممضاة من قبل المدين طالما لم يمض اجل السقوط الطويل المدني".
كل هذه الحاالت تؤكد فكرة استقاللية الرابطتين عن بعضهما البعض. إلا انه توجد وضعيات تتسم الرابطتان فيهما بالتبعية.
2 ) تبعية الرابطة
األصلية للرابطة الصرفية:
تكون التبعية بين الرابطتين جلية في وضعية منطقية وهي وضعية الوفاء بااللتزام. فإذا تم الوفاء على أساس احد الرابطتين لم يعد ممكنا القيام على أساس األخرى طالما أن غاية الرابطتين وان اختلفتا في النظام القانوني هو الوفاء بالدين المضمن بالكمبيالة والمؤسس على دين أصلي سابق له.
ويضاف إلى هذا المظهر المنطقي لالرتباط تأثير الرابطة األصلية على الرابطة الصرفية من حيث التنفيذ أو القيمة.
فقاعدة الفصل 280 م ت المعروفة بمبدأ عدم المعارضة بالدفوعات الشخصية الحامية للحامل لا تنطبق في العالقة المباشرة بين طرفين أي طالما كان الطرفان موضوع علاقة أصلية.
فالساحب في علاقته بالمسحوب عليه القابل يمكنه القيام بالدعوى الصرفية إال انه لا يمكنه التحجج بقاعدة الفصل 280 م ت بالنظر إلى كونه في عالقة مباشرة مع المسحوب عليه الذي بإمكانه معارضته بدفع شخصي كعدم توفير المئونة. ونفس األمر يمكن أن يتم بين المظهر والمظهر له.
فالمظهر له الحامل للكمبيالة يمكنه القيام بالدعوى الصرفية تجاه المظهر غير أن هذا األخير يمكنه االرتكاز على عالقتهما األصلية للدفع بعدم توفير المظهر له قيمة الدين.
وتتجلى من خالل األمثلة السابقة كيف استطاعت الرابطة األصلية أن تتصدى لمسار الرابطة الصرفية مما يؤكد قيمة الدين األصلي المعروف بالمئونة .
:two:
المئونة
المئونة في عالقة مباشرة بالرابطة القانونية األصلية األمر الذي جعل الدعوى األصلية تسمى بدعوى المئونة.
فالمئونة وان كانت مهمة في مسار السند إال أنها ليست شرطا من شروط صحة الكمبيالة في مقابل تكفلها بالحفاظ على الخيط الرابط بين االلتزام الصرفي والدين األصلي الناشئ بين الساحب والمسحوب عليه.
وقد نظم المشرع التونسي المئونة بالفصل 275 م ت من خالل وجودها (1) وإثباتها (2) وملكيتها (3).
1) وجو
د المئونة
عرف المشرع المئونة بالفقرة الثانية من الفصل 275 م ت بالقول "تكون المئونة موجودة عند حلول اجل دفع الكمبيالة إذا كان المسحوب عليه مدينا للساحب أو لمن سحبت لحسابه بمبلغ يساوي على األقل مبلغ الكمبيالة".
يتبين من هذا التعريف أن وجود المئونة يمكن معاينته من خلال الخصائص التي تميز المئونة (:first_place_medal:) والشكل الذي تأخذه (:second_place_medal:).
:first_place_medal:
خصائص
المئونة
المئونة هي دين الساحب على المسحوب عليه وهو دين يجب أن يكون محددا في مقداره وناشئ في حيز زمني معين.
- بالنسبة للمقدار جاء بالنص القانوني أن دين الساحب على المسحوب عليه ال يجب أن يقل مقداره عن مبلغ الكمبيالة ما يعني جواز أن يكون الدين اكبر من مبلغ الكمبيالة وعدم جواز أن يكون اقل من هذا المبلغ
- بالنسبة للحيز الزمني
وتختلف الكمبيالة في هذا المجال عن الشيك الذي يوجب القانون في شانه توفر المئونة السابق إلصدار الشيك إضافة إلى كفاية مبلغها وتحرره من كل قيد قد يمنع استعمالها.
فالكمبيالة يمكن أن تنشأ صحيحة مع أن والمئونة غير متوفرة بشرط أن يتم توفيرها قبل اجل حلولها.
يتحتم فيه وجود المئونة فقد اقر المشرع أجال أقصى لتكوين المئونة وهو تاريخ حلول اجل الكمبيالة ما يعني أن إمكانية توفير المئونة جائز بين تاريخ إنشاء الكمبيالة إلى تاريخ حلول اجلها.
أما الشخص المحمول عليه توفير المئونة فهو الساحب أو من يقوم مقامه.
:second_place_medal:
شكل
المئونة
يمكن أن تتخذ المئونة
عدة أشكال ممكنة:
- شكل بضاعة
في غالب األحيان تكون المئونة في شكل بضاعة يسلمها الساحب للمسحوب عليه يتولد منها الدين المكون للمئونة والمبرر إلنشاء الكمبيالة ضمانا لخلاصها.
فالمئونة ال تتمثل في البضاعة المسلمة في حد ذاتها بل في الدين الذي ينشأ نتيجة تسليمها.
وتحدث هذه الوضعية عندما تكون العالقة األصلية متمثلة في عقد بيع يتم بمقتضاه بيع البضاعة من قبل الساحب (الدائن بمبلغ البضاعة) إلى المسحوب عليه (المدين بمبلغ البضاعة).
ويترتب عن ذلك انه في حال رفض المسحوب عليه تسلم البضاعة لعدم تطابقها مع الوصف المطلوب فيمكن القول أننا إزاء حالة غياب للمئونة.
- شكل فتح اعتماد (قرض)
من قبل مؤسسة قرض
وذلك من خالل تعهد المسحوب عليه (مؤسسة القرض) إلى غاية مبلغ محدد سلفا هو سقف االعتماد المفتوح بان يقوم بخالص وقبول كل الكمبيالات الممهورة بإمضاء الساحب.
ففي هذه الحالة تكون العملية األصلية متمثلة في القرض الذي تتعهد مؤسسة القرض بتوفيره لحريفها في شكل عقد يكون الدائن هو مؤسسة القرض والمدين هو الحريف.
ويستعمل الحريف القرض من خلال إنشاء كمبيالات تتعهد مؤسسة القرض بخلاصها
- شكل فاضل
حساب جاري
وهي حالة الشخص الذي له حساب جاري مفتوح على دفاتر مؤسسة قرض وينشأ كمبيالة تكون مئونتها فاضل هذا الحساب أو جزء منه لفائدة المستفيد الذي هو دائن حريف مؤسسة القرض.
فالحريف هو في الواقع دائن لمؤسسة القرض بقيمة فاضل الحساب (العالقة األصلية) وبما أن الحريف في نفس الوقت مدين لشخص ثالث سيكون المستفيد من الكمبيالة التي ينشئها الساحب (حريف مؤسسة القرض وصاحب الحساب الجاري) ويعطي للمسحوب عليه (مؤسسة القرض) األمر بدفع مبلغ الكمبيالة للمستفيد.
2) إثبات
المئونة
بالنظر للمكانة التي تحتلها الكمبيالة في إطار وجود الدعوى األصلية وحتى لمجابهة الدعوى الصرفية في حالات معينة كان أمر إثبات وجود هذه المئونة مهما الن نجاح التداعي األصلي أو مجابهة التداعي الصرفي في بعض الحاالت يمر عبر إثبات وجود المئونة من عدمه.
ويمكن أن يهتم بعملية اإلثبات هذه كل اإلطراف المرتبطة بالكمبيالة كل في ما يخص حقوقه وفي وضعيات محددة إال أن أكثر حاالت اإلثبات هي التي تجعل المسحوب عليه في مرتبة أولى ومن بعده الساحب لطرفين األساسين في عملية اإلثبات.
وتتميز عملية إثبات المئونة بإمكانية اإلثبات المباشر عن طريق قواعد القانون المدني (:first_place_medal:) وذلك إلى جانب اإلثبات غير المباشر بواسطة القرينة القانونية وفق مقتضيات القانون الصرفي(:second_place_medal:).
:first_place_medal:
اإلثبات
المباشر
تنطبق على عملية اإلثبات المباشر القاعدة األصولية القائلة بان "البينة على من ادعى". وتنطبق هذه الوضعية في حال عدم إمكانية االنتفاع بالقرينة القانونية أي اإلثبات غير المباشر
وهي حالة:
- الساحب المطلوب من حامل مهمل الذي لا يمكنه مجابهته إال إذا اثبت انه قد وفر المئونة للمسحوب عليه وذلك بقطع النظر عن وجود أو غياب القبول.
- المسحوب عليه الذي لم يقبل الكمبيالة المطلوب من حامل الكمبيالة بمقتضى دعوى المئونة الذي لا يمكنه مجابهته إلا بإثبات انه لم يتلقى المئونة من الساحب أما إذا اثبت الحامل أن الساحب قد وفر المئونة فلم يعد ممكنا للمسحوب عليه التفصي من التزام الدفع للحامل.
وبما أن دين المئونة يمثل رابطة غير صرفية فان اإلثبات يختلف باختالف طبيعة الدين كدين تجاري أو مدني.
:second_place_medal:
اإلثبات
غير المباشر
-.يتعلق اإلثبات غير المباشر بالقرينة القانونية الواردة بالفقرة الرابعة من الفصل 275 م ت القائلة "إن القبول قرينة على وجود المئونة". وتضيف الفقرة الخامسة من نفس الفصل "وهذا القبول مثبت لوجودها بالنظر للمظهرين". بينما تقرر الفقرة األخيرة من نفس الفصل "و على الساحب وحده سواء حصل القبول أو لم يحصل أن يثبت في حالة اإلنكار أن المسحوب عليه كان لديه المئونة عند الحلول وإال لزمه ضمانها حتى ولو أن االحتجاج قد أقيم بعد اآلجال المعينة".
تتعاطى هذه الفقرات الثالثة مع مسالة اإلثبات المباشر للمئونة وخاصة الفقرتين الرابعة والخامسة اللتان تتعلقان بوجود قرينة توفير المئونة المترتبة عن عملية قبول الكمبيالة من طرف المسحوب عليه (الفقرة الرابعة) وان هذه القرينة يستفيد منها المظهرون (الفقرة الخامسة).
وقد حاول فقه القضاء بخصوص هذه القرينة حل مسالة قوتها الثبوتية من حيث هي قرينة بسيطة وبالتالي قابلة إلثبات عكسها أم قرينة قاطعة لا يقبل إثبات ما يخالفها.
وقد اقر فقه قضاء محكمة التعقيب في هذا الشأن تفرقة بخصوص مجال تطبيق هذه القرينة إذ اعتبر انه في عالقة الساحب بالمسحوب عليه تكون القرينة بسيطة أما في عالقة المسحوب عليه بالحامل وبقية المظهرين فهي قرينة قاطعة. غير أن هذا الحل قابله نقد الفقه الداعي إلى اعتبار الطبيعة البسيطة للقرينة في كل حاالت العالقات بين األطراف.
3) ملكية المئونة
.إذا كانت القاعدة المرتبطة بتداول الكمبيالة أن ملكية المئونة تنتقل إلى حامل الكمبيالة فان هذا االنتقال أو باألحرى ملكية المئونة من قبل الحامل يصطدم بقاعدة توفير المئونة في الحيز الزمني بين إنشاء الكمبيالة وحلول اجلها مما يفرغ هذه الملكية من محتواها طالما أمكن للساحب تأخير توفيرها إلى غاية اجل الحلول.
كما انه في صورة ما وفر الساحب المئونة قبل الحلول هل بإمكانه استرجاعها قبل اجل الحلول؟
في ما يتعلق بملكية الحامل للمئونة فقد أقرت الفقرة الثالثة من الفصل 275 م ت "تنقل ملكية المئونة قانونا إلى حملة الكمبيالة على التعاقب".
من البداهة بمكان أن عملية انتقال ملكية المئونة إلى حملة الكمبيالة المتعاقبين تقتضي أن يكون السند قد أحرز وصف الكمبيالة الصحيحة التي استوفت شروطها األصلية والشكلية. كما أن االنتقال لا يمكن الحديث عليه إلا في حال صحة تكوين المئونة ووجودها بين يدي المسحوب عليه.
أما قبول الكمبيالة فانه أثره المهم يتمثل في تثبيت حقوق الحامل على المئونة أي المرور من حق محتمل طالما لم تتوفر المئونة بعد إلمكان توفيرها إلى غاية اجل الحلول إلى حق ثابت. وهو ما يعني خروج المئونة نهائيا من ذمة الساحب.