Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
الحكم بالأمارات والقرائن, [مدح الشارع للفراسة], ما لا يفتقر إلى دعوى ومنه…
الحكم بالأمارات والقرائن
الفراسة
-
-
-
-
-
-
-
-
[فراسة اختيار الألفاظ]
وبعض الخلفاء سأل ولده -وفي يده مسواك- ما جمع هذا؟ قال: محاسنك يا أمير المؤمنين. وهذا من الفراسة في تحسين اللفظ، وهو باب عظيم، اعتنى به الأكابر والعلماء. وله شواهد كثيرة في السنة وهو من خاصية العقل والفطنة.
روينا عن عمر: أنه خرج يعسُّ المدينة بالليل، فرأى نارا موقدة في خباء، فوقف وقال: (يا أهل الضوء)، وكره أن يقول: يا أهل النار.
ومن محاسن الفراسة: أن الرشيد رأى في داره حزمة خيزران، فقال لوزيره الفضل بن الربيع: ما هذه؟ قال عروق الرماح يا أمير المؤمنين، ولم يقل الخيزران لموافقة اسم أمه.
وسأل رجلا عن شيء: هل كان؟ قال: لا. أطال الله بقاءك، فقال: (قد علمتم فلم تتعلموا، هلا قلت: لا، وأطال الله بقاءك؟).
-
وكان لبعض القضاة جليس أعمى، وكان إذا أراد أن ينهض يقول: يا غلام، اذهب مع أبي محمد، ولا يقول: خذ بيده، قال: والله ما أخل بها مرة واحدة.
ومعن بن زائدة دخل على المنصور فقارب في خطوه، فقال له المنصور: كبرت سنك يا معن، قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين. قال: إنك لجلد. قال: على أعدائك، قال: وإن فيك لبقية، قال: هي لك.
وكان لبعض القضاة جليس أعمى، وكان إذا أراد أن ينهض يقول: يا غلام، اذهب مع أبي محمد، ولا يقول: خذ بيده، قال: والله ما أخل بها مرة واحدة.
-
-
فائدة عظيمة
والحاكم إذا لم يكن فقيه النفس في الأمارات، ودلائل الحال، ومعرفة شواهده، وفي القرائن الحالية والمقالية، كفقهه في كليات الأحكام؛ أضاع حقوقا كثيرة على أصحابها، وحكم بما يعلم الناس بطلانه ولا يشكون فيه، اعتمادا منه على نوع ظاهر لم يلتفت إلى باطنه وقرائن أحواله.
-
-
فوائد عن السياسة
-
موقف الناس من السياسة
-
قال ابن القيم: والله سبحانه أعلم وأحكم وأعدل أن يخص طرق العدل وأماراته وأعلامه بشيء ثم ينفي ما هو أظهر منها وأقوى دلالة، وأبين أمارة, فلا يجعله منها، بل قد بين سبحانه بما شرعه من الطرق: أن مقصوده إقامة العدل بين عباده
فرط فيه طائفة، فعطلوا الحدود، وضيعوا الحقوق، وجرءوا أهل الفجور على الفساد، وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد، محتاجة إلى غيرها.
فقال ابن عقيل: السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح ، وأبعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول ولا نزل به وحي
-
-
-
-
-
من الحكم بالأمارات
وقضى علي في امرأة تزوجت فلما كان ليلة زفافها أدخلت صديقها الحجلة سرا، وجاء الزوج فدخل الحجلة، فوثب إليه الصديق فاقتتلا، فقتل الزوج الصديق. فقامت إليه المرأة فقتلته، فقضى بدية الصديق على المرأة، ثم قتلها بالزوج. وإنما قضى بدية الصديق عليها؛ لأنها هي التي عرضته لقتل الزوج له، فكانت هي المتسببة في قتله، وكانت أولى بالضمان من الزوج المباشر؛ لأن المباشر قتله قتلا مأذونا فيه، دفعا عن حرمته. فهذا من أحسن القضاء الذي لا يهتدي إليه كثير من الفقهاء، وهو الصواب.
وقضى في رجل فرَّ من رجل يريد قتله، فأمسكه له آخر، حتى أدركه فقتله، وبقربه رجل ينظر إليهما، وهو يقدر على تخليصه، فوقف ينظر إليه حتى قتله. فقضى أن يقتل القاتل، ويحبس الممسك حتى يموت، وتفقأ عين الناظر الذي وقف ينظر ولم ينكر
وعلي قضى في رجلين حرين يبيع أحدهما صاحبه على أنه عبد، ثم يهربان من بلد إلى بلد بقطع أيديهما؛ لأنهما سارقان لأنفسهما، ولأموال الناس. قلت: وهذا من أحسن القضاء، وهو الحق، وهما أولى بالقطع من السارق المعروف.
وقضى علي في رجل قطع فرج امرأته: أن تؤخذ منه دية الفرج، ويجبر على إمساكها، حتى تموت، وإن طلقها أنفق عليها.
[ تعليق ابن القيم] فلله ما أحسن هذا القضاء، وأقربه من الصواب. فأما الفرج: ففيه الدية كاملة اتفاقا، وأما إنفاقه عليها إن طلقها؛ فلأنه أفسدها على الأزواج الذين يقومون بنفقتها ومصالحها فسادا لا يعود، وأما إجباره على إمساكها فمعاقبة له بنقيض قصده؛ فإنه قصد التخلص منها بأمر محرم، وقد كان يمكنه التخلص منها بالطلاق، أو الخلع، فعدل عن ذلك إلى هذه المثلة القبيحة، فكان جزاؤه أن يلزم بإمساكها إلى الموت.
وقضى علي في رجل قطع فرج امرأته: أن تؤخذ منه دية الفرج، ويجبر على إمساكها، حتى تموت، وإن طلقها أنفق عليها.
] تعليق ابن القيم] فأما الفرج: ففيه الدية كاملة اتفاقا، وأما إنفاقه عليها إن طلقها؛ فلأنه أفسدها على الأزواج الذين يقومون بنفقتها ومصالحها فسادا لا يعود، وأما إجباره على إمساكها فمعاقبة له بنقيض قصده؛ فإنه قصد التخلص منها بأمر محرم، وقد كان يمكنه التخلص منها بالطلاق، أو الخلع، فعدل عن ذلك إلى هذه المثلة القبيحة، فكان جزاؤه أن يلزم بإمساكها إلى الموت.
ومن ذلك: أن عمر أتي بامرأة زنت، فسألها فأقرت، فأمر برجمها. فقال علي: لعل لها عذرا، ثم قال لها: ما حملك على الزنا؟ قالت: كان لي خليط، وفي إبله ماء ولبن، ولم يكن في إبلي ماء ولا لبن فظمئت فاستسقيته، فأبى أن يسقيني حتى أعطيه نفسي. فأبيت عليه ثلاثا. فلما ظمئت وظننت أن نفسي ستخرج أعطيته الذي أراد، فسقاني، فقال علي: الله أكبر { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
ﱠ [البقرة: ١٧٣].
[ حكم المكرهة على الزنا]
قلت: والعمل على هذا، فإن قيل: فهل يجوز لها في هذه الحال أن تمكن من نفسها، أم يجب عليها أن تصبر ولو ماتت؟ قيل: هذه حكمها حكم المكرهة على الزنا، التي يقال لها: إن مكنت من نفسك، وإلا قتلتك. والمكرهة لا حد عليها، ولها أن تفتدي من القتل بذلك، ولو صبرت لكان أفضل لها، ولا يجب عليها أن تمكن من نفسها، كما لا يجب على المكره على الكفر أن يتلفظ به، وإن صبر حتى قتل لم يكن آثما. فالمكرهة على الفاحشة أولى.
-
-
[مدح الشارع للفراسة]
-
وفي الترمذي مرفوعا: {اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله، ثم قرأ: {إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75].
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75]. وهم المتفرسون الآخذون بالسيما، وهي العلامة.
-