Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
الفعل الشخصي في المسؤولية التقصيرية - Coggle Diagram
الفعل الشخصي
في المسؤولية التقصيرية
.
تقوم المسؤولية المدنية باجتماع ثلاثة أركان: الفعل الضار و الضرر، والعلاقة السببية
يفيد الفعل الضار ثلاثة معان: الفعل الشخصي، Le fait personnel، وفعل الأشياء، Le fait des choses، وفعل الغير، Le fait d ' autrui
رغم بروز الأسس الموضوعية في المسؤولية، فإن شوكة الخطأ لم تنكسر، ولم تشارف شمسه عن المغيب فهو يحمل دما متجددا، يستمده من مرونته التي تمكنه من أن يتفاعل مع المعطيات الحديثة التي يغفل عنها المشرع، فيسد ثغرات النصوص
كما للمسؤولية المدنية وظيفة تعويضية التي تم تحقيقها من خلال الأسس الموضوعية فإن لها وظيفة وقائية تكملها نظرية الخطأ من خلال دورها في إرساء القواعد السلوكية
التعريف الفقهي للحطأ
يعتبر تعریف بلانيول للخطأ - من أنه إخلال بالتزام سابق - أشهر التعريفات --> نظرية بلانيول نظريته أسست الخطأ على الفعل غير المباح، وبنته على عمل محظور قانونا --> فكان منطلقا لنقاش نظري عريض
النقد
لفعل غير المباح مصطلح غامض و ملتبس، لا ينير السبيل لمن ينشد الوضوح
عدم قدرته على تبيان الالتزامات التي يجب احترامها، والتي يؤدي التعدي عليها إلى قيام الخطأ
ظهور نظرية الحرص والحزم
عرفت الخطأ بأنه انحراف عن السلوك العادي، لا يصدر عن رجل حريص وحازم
نقد
ولم تكن هذه النظرية أكثر نجاحا في توضيح مضمون الخطأ، ولم تتقدم عن التي انتقدتها
الفرق بين الفعل غير المشروع والانحراف عن السلوك منعدم، ولا يعد الأمر أن يكون مقارعة لفظية، بالإضافة إلى أن الغموض بقي يلف هذا المعيار أيضا
تنقسم الأنظمة إلى أنظمة أرست باعتماد الخطأ مبدأ عاما، و اخرى لم تتبن نفس المنهج لتعتمد موقفا مخالفا. ويكون القانون التونسي في الصنف الأول فقد ضبط في الفصول 82 و 83 م إع قاعدة واضحة، يتحقق فيها الخطأ بدون قيد أو حد
تمتاز مجلة الالتزامات والعقود بإحاطة مسهبة باحكام الخطأ، ارتقت إلى شبه تنظير کامل و دقیق
I- عناصر الخطأ
يستنتج من الفصل 82 م إ ع أن الخطأ يقوم على فعل غير مشروع أو غير مباح فهو إخلال بواجب عرفي، أو قانوني، أو قضائي. و يتأسس من عنصرين: الأول هو التعدي (أ)، والثاني هو إدراك التعدي (ب)
أ- التعدي
هو العنصر المادي للخطأ. ويعني الإخلال بالواجب، أو الانحراف عن السلوك المتعارف عليه. ويقتضي دراسة نقطتين: مفهومه(1)، ثم التعدي المشروع (2)، قبل التعريج على مبدأ الحيطة وعلاقته بالتعدي (3)
1- مفهوم التعدي
التعدي يرتبط بخرق الواجب الذي يضبطه القانون، أو العرف، أو القضاء، ويكون الزيغ عنه مؤسسا للركن المادي للخطأ
فيتأسس مثلا عندما يتعدى إنسان على آخر في بدنه، أو في ماله، أو سمعته، كان يشتكي شخص إلى وكالة الجمهورية بشخص أخر، ولم يؤد هذا التتبع إلى إثارة دعوی جزائية
قد يكون هذا الواجب عرفيا يقوم على عدم احترام سلوك مألوف لدى الناس ويمكن العرف من ضبط السلوك الذي يجب إتباعه والذي يتطابق مع تصرفات العموم
--> العرف يخضع للنسبية المكانية: هناك أنظمة ترتب الخطأ عن سلوك تعده أنظمة أخرى تصرفا عاديا مثل الختان. ففي مجتمعات يعد عرفا محمودا للذكر، وفي بعضها الآخر للإناث. أما المجتمعات الأوروبية، فقد اعتبرته مرتبا للمسؤولية المدنية، لأن فيه اعتداء على الحرمة الجسدية
السلوك قد يكون مقبولا في بعض الأنشطة الخاصة مثل بعض الأنشطة الرياضية، فالتلاكم في الملاكمة هو أساس هذه الرياضة، والتدافع في رياضة الرقبي مشروع فيها، وهو يرتب المسؤولية التقصيرية في النشاط العادي
2- التعدي المشروع
تحدثت مجلة الالتزامات والعقود عن بعض الحالات التي يكون فيها التعدي مشروعا، وتقوم حالات الإكراه المعنوي، والضرورة، والدفاع الشرعي، کوضعيات للتعدي المشروع.
:check:
الإكراه المعنوي
يقوم على تهديد شخص بالأذى، إن لم يأت ضررا أو اعتداء على أخر
الإكراه لا يعدم الإرادة، إلا أن دائرة الحرية بها تضيق ضيقا شديدا
الملابسات التي أحدقت بالمكره لم تمل عليه سبيلا واحدا، يتعين عليه سلوكه، كما في الإكراه المادي، بل جعلت إختياره بين السبل التي يستطيع سلوكها شاقا، بحيث لم يعد متمتعا بحرية الإختيار
:check:
حالة الضرورة
حالة الضرورة في القانون المدني تقوم على ثلاث شروط:
أولا: أن يكون الشخص مهددا في ماله أو في نفسه أو في الغير.
ثانيا: أن يكون الخطر المحدق به خارجا عن إرادته، فإن تولى إحداث الخطر، كان مسؤولا عن ذلك
ثالثا: أن يكون الضرر الذي أريد تجنبه أكبر من الضرر الناتج عن فعل الضرورة
القانون المدني يشترط تفاوتا بين الضرر المراد تفاديه والضرر الذي تحقق
حالة الضرورة #
حالة الإكراه المعنوي
الأولى تقتضي من المدين تقديرا لكيفية الخلاص من الخطر، وتحري السبل لتجنبه، دون أن يجابه عمدا لهذا الخطر، ودون أي ضغط في توسل الطريقة للخلاص منه
الثانية تحد كثيرا وبشكل ظاهر حرية المدين، إذ يتجه عمدا إلى إرتكاب الخطا درءا للخطر.
:check:
حالة الدفاع الشرعي
تعرض لها الفصل 104 م إع الذي ينص في فقرته الثانية "لا ضمان على من اضطر إلى الدفاع الواجب... الاضطرار إلى الدفاع هو حالة من التجأ إلى دفع صولة صائل أراد التعدي على النفس المدافع أو لغيره"
يقدم الدفاع الشرعي في القانون الجنائي كحالة من حالات الإباحة ولذلك فإن الفصل 104 فقرة الثانية لا يتعلق بخطا ومسؤولية منزوعين عن ركن الإسناد بل بفعل مباح
إذا ما تم تقريب الفصل 104 فقرة الثانية من النظرية الجنائية للدفاع الشرعي نلاحظ أنها تقوم على ثلاث شروط
1- وجود الخطر وعدم إمكانية دفعه
2- أن يكون ذلك بسبب فعل غير مشروع
3- أن يتم دفعه ضرورة بالقدر اللازم لذلك
:check:
التعدي و مبدأ الحيطة
تمتاز المسؤولية المدنية بحرصها على الجانب التعويضي. ولكنها أصبحت تمتاز أيضا بحرص يضاهي الأول على توقي السلوك الذي يسبب المخاطر، حتى الافتراضية منه، تلك التي لا يجزم بوقوعها ويحوم حولها الشك، ليصبح التصدي لها قرارا ملحا.
جاء هذا الدور بفضل التقدم العلمي الهائل الذي كشف عن عديد الاحتمالات التي ترتبط بعديد الأنشطة ليؤكد على واجب الحيطة
يعد وفقا لهذا المبدأ قائما على الخطا كل تصرف لم يأخذ الاحتياط الضروري، ليس عند وجود خطر مرتقب، بل حتى عند احتمال الخطر أو الشك فيه، ليسد الذرائع في وجهه --> يفيد هذا التحليل تقييما لاحقا للسلوك
لا وجود لنص جازم في النظام التونسي يقبل بمبدأ الحيطة قبولا واضحا، رغما عن أن استقراء العديد منها يوحي ضمنيا باعتماده
القضاء التونسي قبل به ضمنيا، وأسس المسؤولية على الحيطة في إطار مضار الجوار عندما "ثبتت إحدى شركات الاتصال هوائيا بجانب بعض المنازل، و ثبت وجود موجات كهربائية في مسافة خالفت أحكام التوصيات المعتمدة حيث تمت الاقرار بقيام المسؤولية عن مضار الجوار وما يترتب عنها من جزاء قصد تجنب قبالة الشرفات والنوافذ والحواجز المعدنية التي من شأنها عكس الذبذبات ومضاعفة تأثيرها المحتمل" --> احتمال الضرر، وليس التكدير الفاحش، هو الذي برر انطباق الفصلين 99 و 100 م اع
--> وبما أن الاحتمال يرجح بالتساوي حصول الأضرار أو عدم ذلك، مع بقاء شك يحوم حول المسألة، فلا تثريب على من يستخلص استلهام القرار لمبدأ الحيطة فيما ذهب إليه
ويوسع اعتماد مبدأ الحيطة في واجبات أخرى، يكون الإخلال بها مؤسسا للخطأ، مثل واجب الإعلام للمخاطر المحتملة، وواجب المتابعة، بمواكبة الاكتشافات العلمية، وما تحمله من حقائق تدعو لاتخاذ التدابير الملائمة، ومراجعة الفرضيات وردها إلى الحقائق الجديدة
مبدأ الحيطة رافد من روافد الخطا، فهو يؤسس المسؤولية الموضوعية ولا يقف عند عتبته، بل يثريه بمادة مستحدثة
ب - إدراك التعدي = التمييز
و الركن المعنوي للخطأ. ويؤدي إلى إسناد الخطأ لمن اقترفه، ويفيد أن المسؤول يدرك أنه ينحرف عن السلوك العادي، ويعلم أنه يتولى خرق التزام قانوني، أو عرفي، أو قضائي
يقتضي هذا بداهة وجود ركن التمييز لدى من ينسب له التعدي.
بالنسبة للطفل
مجلة الأحوال الشخصية في فصلها 156، الذي يضع قرينة قانونية قاطعة، تفيد أن من لم يبلغ 13 من عمره يكون غير قادر على معرفة عواقب الأمور لفقدانه التمييز. ولذا، فلا بد لإدراك التعدي تجاوز هذه السن للتفرقة بين النافع والضار
قد نص الفصل 105 م إع :" لا ضمان على الصغير غير المميز وكذلك المجنون حال جنونه و إذا كان الصغير درجة من التمييز تمكنه من معرفة العواقب وجبت عليه العهدة".
وضع المشرع لترتيب المسؤولية التقصيرية شرط إدراك التعدي، أي التمييز بين الخير والشر، ومعرفة عواقب الأمور
بالنسبة
للذوات الاعتبارية
مجلة الالتزامات والعقود لم تهمل التعرض إلى الذوات المعنوية في أحكامها العامة. فجاء الفصل 5 منها ليقيس نظام التزامها على التزام عديم الميز
لا يمنع هذا الفقدان من ترتيب مسؤوليتها المدنية على أساس الخطأ ، رغم تحفظ بعض الفقهاء عن المصور ركن الإسناد للذات المعنوية، واقتصار الفرضية على الشخص الطبيعي، ذلك أن الخطأ لا يكون إلا شخصيا ونابعا من إرادة إنسانية واعية. فالأصل أن الميز مطلوب لدى من يمثلها
لا نجد صعوبة في قبول هذه المسؤولية خلافا للمسؤولية الجزائية لأن المسؤولية المدنية لا تستهدف إلا ذمة الذات الاعتبارية في التعويض
ينسب لها الخطأ الذي يرتكبه مستخدموها أو ممثلوها القانونيين
هل إن كل خطأ منسوب لهم يحقق مسؤولية الذات الاعتبارية؟
ترتب مجلة الشركات مسؤولية المسيرين عند ارتكابهم خطأ في التصرف أو مخالفتهم لأحكامها على معنى الفصل منها، تجاه الشركاء و الغير
تكمن الصعوبة في تمييز الخطأ الصادر من الذات المعنوية عن الخطط الشخصي للممثل القانوني
تقوم مسؤولية الشخص الاعتباري عندما يكون الفعل الضار حاصلا بمناسبة ممارسة المسير سلطاته بالشركة --> لا يؤدي ترتيب مسؤولية الذات الاعتبارية قيام مسؤولية ممثلها، لأنها تمحى و تغيب وراء تلك الذات التي ينوبها
بلور القضاء الفرنسي في هذا الصدد مفهوم الخطأ الأجنبي عن الوظيفة أو الخطا المنفصل عنها --> تقوم المسؤولية الشخصية للممثل القانوني
تبنت المحاكم الخطا المنفصل عن الوظيفة اسوة بما استقر عليه القضاء الإداري لما أنشأ الخطا المنفصل عن المرفق
بالنسبة للصم والبكم
ومن بعقولهم خبال
هم الذين يعانون من اضطرابات جدية لا تصل مستوى الجنون
ينتفي الإدراك مع المجنون المطبق. أما إذا كان جنونه دوريا أي يتجسم في نوبات متفرقة في الزمان يبقى خارجها ذا ميز كامل وسليم، فإن مسؤوليته في هذه الردهات التي لا تعكر صفو إدراكه تبقى كاملة.
بالنسبة للسكران
مسؤول عن فعله، ويطالب بالتعويض عن الأضرار
لا يكون السكر المطبق مبررا يدرء عنه المسؤولية، حتى و إن كان ثملا إلى حد الخلط الشديد للأشياء وعدم القدرة على التمييز، بشرط أن يكون هذا السكر طبقا للفصل 102 م إع سكرا اختياريا
أما إذا كان السكر غير اختياري، بالإكراه، أو بالغلط، فلا مسؤولية للسكران طبقا للفصل 102 م اع
بما أن الظاهر هو أن السكر اختياري، فعلى من يدعي خلاف ذلك تحمل عبء الإثبات
بالنسبة لمن فقد
ميزه لسبب أجنبي
تعرضت م.إ.ع ضمنيا لمن فقد ميزه لسبب أجنبي، مثل تناول بعض الأدوية المخدرة، و حالات الصرع، والغيبوبة، وحالات اليقظة الليلية
م.إ.ع تربط المسؤولية بوجود التمييز و تعدمها بفقدانه. والجواب يرتبط بتحققه أو انتقائه.
II- أنواع الخطأ
تعرضت مجلة الإلتزامات والعقود في الفصلين 82 و 83 إلى الخطأ العمدي و الخطأ غير العمدي (أ)، ويمكن أيضا تقسيم الخطأ إلى خطأ بالفعل وخطأ بالترك (ب)
أ- الخطأ العمدي
و الخطأ غير العمدي
1- الخطأ العمدي: "الجنحة"
ذكر الفصل 82 من تسبب في ضرر غيره عمدا منه واختيارا بلا وجه قانوني سواء كان الضرر حسيا أو معنويا فعليه جبر الضرر الناشئ عن فعله إذا أثبت أن ذلك الفعل هو الموجب للضرر مباشرة. ولا عمل بكل شرط يخالف ذلك".
الفصل لم يتحدث حرفيا عن مصطلح الخطأ وإنما عن من تسبب عمدا في الضرر
الفصل ركز على صنف الفعل و جعله جنحة مدنية. وهو فعل يقترفه المسؤول عن دراية و اختيار وبغاية البحث عن نتيجة يرمي إليها تحقيق الضرر.
2- الخطأ غير العمدي:
"شبه الجنحة"
تعرض إليه الفصل 83 م إع : "من تسبب في مضرة غيره خطأ سواء كانت المضرة حسية أو معنوية فهو مسؤول بخطئه إذ أثبت أنه هو السبب الموجب للمضرة مباشرة.
وكل شرط يخالف ذلك لا عمل عليه ..."
هذا الفصل تحدث عن الخطأ بخلاف الفصل 82 م.إ.ع و يقوم عندما يجانب إنسان واجب الحيطة والحذر و التبصر، ولا يتصرف وفق قدر عال من اليقظة، كمثل الإنسان الذي لا ينتبه فيصطدم بآخر.
و من الضروري أن يقدر القضاء وجود القصد أو النية أو غيابهما لتكييف الفعل، بالإضافة إلى أن مقدار التعويض يتأثر بحسب درجة الخطأ، وفقا للفصل 107 م.إ.ع، وهذا مؤشر على أن المسؤولية التقصيرية تحمل رواسب من المسؤولية الجزائية
لكن فقه القضء لم يعتمد هذا التمييز على مستوى التعويض
ب - الخطأ بالفعل
و الخطأ بالترك
1- الخطأ بالفعل
الفصل 83 في آخره يرفع جدالا نظريا فقهيا وقضائيا وقانونيا واضحا.
"الخطأ هو فعل ما يجب تركه أو ترك ما يجب فعله"
الخطأ بالفعل هو تصرف إيجابي يتجسم في سلوك ماتي منحرف عن التصرف العادي، مثل الاعتداء على حرمة الجسد، أو على ملك الغير، أو عدم السياقة على اليمين
2- الخطأ بالترك
يقوم عند عدم القيام بواجب، مثل الإنسان الذي لا يسرع لإنقاذ شخص في حالة خطر، أو الطبيب عندما يفشي بعض الأسرار الطبية، ويبلغها للسلط العمومية أو لبعض الأشخاص، بخلاف المبدأ الذي يلزمه بالالتزام بالسر المهني.
القانون التونسي
القانون التونسي لم ينص على الخطأ بالترك في الفصل 83 فقط، بل تعداه إلى عديد النصوص الأخرى
قانون 1966 الذي يحرم الامتناع المحظور عن نجدة الغير
قانون جويلية 1942 في فصله الثاني، الذي يعاقب كل من يتخلف عن إعلام السلط بالجرائم التي تنال من الأشخاص أو من النظام العام
تترتب مسؤولية الصيرفي banquier كذلك وفق قانون 1967 و الفصل 411 من المجلة التجارية، عند عدم الإعلام بوجود جريمة صك بدون رصيد، و عندما يمتنع عن خلاص صك مع وجود الاعتماد وفق الفصل 412 من المجلة التجارية.
قام ننقاش فقهي بين المدرسة
الألمانية (داعمة) و المدرسة الفرنسية (رافضة):
العلاقة السببية بين الخطاب بالترك وبين الضرر منعدمة، لأن الترك موقف سلبي، بل هو عدم، ولا يمكن منطقيا أن ينتج عنه أثر قانوني
ترتیب المسؤولية عن الفعل السلبي يتولد عنه اعتداء على الحرية الشخصية للإنسان، إذ فيه إرغام له على إتيان أمر يتعارض مع اقتناعه الشخصيه
ج - تقدير الخطأ
الخطأ هو انحراف عن السلوك المعتاد. وتكمن الصعوبة في تقدير هذا الانحراف، وهو موکول إلى القضاء.
المبدأ أن الخطأ لا يقدر بمعيار مجسم وشخصي، ولكن يقدر بمعيار مجرد وموضوعي
معيار رب الأسرة الصالح
le bon père de famille
يجب النظر من خلال هذا المعيار إلى سلوك شخص عادي في نفس الظروف، أي شخص لا يمتاز بحدة الذكاء وبدرجة عبقرية من الفطنة، ولا يمتاز كذلك بدرجة غير عادية من الغباء. هذا الشخص هو صاحب مواهب وسطی، يمكن من تحديد نمط السلوك المتعارف عليه لدى عموم الناس
على القاضي في التقدير أن يبحث عن سلوك هذا الشخص العادي، وأن يقارنه بسلوك من وجهت عليه المسؤولية
III- الخطأ وممارسة الحق
:one:
التعسف في استعمال الحق
ذكر الفصل 103 م إع " من فعل ما يقتضيه حقه بدون قصد الإضرار بالغير فلا عهدة مالية عليه. فإذا كان هناك ضرر فادح ممكن اجتنابه أو إزالته بلا خسارة على صاحب الحق ولم يفعل فعليه العهدة المالية."
التعسف في استعمال الحق مؤسسة ترمي إلى الحد من قدرات صاحب الحق وتنزع عن الحق تلك الصفة المطلقة والمقدسة، فلا يأتي صاحب الحق حقه إلا في حدود ما لا يطال دائرة حقوق الغير
هي مؤسسة إسلامية بالأساس فلا ضرر ولا ضرار ومن له التما فعليه التوابع والخراج بالضمان والضمان على من تعسف ولو في الحق.
ب- تطور التعسف في
استعمال الحق
المدرسة الشخصية
تعتبر حقوق الفرد مطلقة ومقدسة و للحق ارتباط الوثيق مع الحرية الشخصية
تتسم هذه الفلسفة بعدم فرض أي قيد على الحق ليبقى على إطلاقه بدون حد
نقدت نظرية التعسف في
استعمال الحق بشدة
تقوم على تناقض واضح. فهو ينفي أصلا وجود المصطلح، لأن نصفه نار ونصفه الآخر ثلج، فهو وحدة أضداد تجمع مفاهيم متنافرة
لا يمكن أن يكون هناك تعسف في استعمال حق ما، لسبب لا يمكن أن يدحض وهو أن العمل الواحد لا يمكن أن يكون في وقت واحد موافقا للقانون ومخالفا له
الخطأ لا يتوفر إلا في حالة العمل غير المشروع، وأن الاستعمال للحق عن سوء نية يضع الأخلاق موضع القانون والتحكم مكان العدالة والمعقول.
المدرسة الموضوعية
تقوم على تقويض الممارسة المطلقة لحق الفرد وإرسال حريته دون قيد أو حد و عرض تصورا اجتماعيا للإنسان وحقوقه،
تبشر بانقضاء الحقوق الشخصية الدائمة واستبدالها بحقوق اجتماعية تخدم المجموعة وتوظف لها، فعند التعارض بين الحق الفردي والهدف الجماعي تنطوي ممارسته على تعسف واضح
اعتنت بالبواعث في ممارسة الحق، فإذا كان الباعث غير مشروع، ومصطبغا بسوء النية أو الاحتيال على القانون، كانت ممارسة الحق تعسفية.
تبرز فكرة العدل في أوسع معانيه، تخلع على الحق وشاحا من المرونة، والملاءمة، والشعور والرفعة، وتضع في يد القاضي سلاحا ماضيا، يمكنه من تسخير النصوص القانونية، والمصالح الذاتية المجردة عن هدفها في سبيل خدمة المجتمع، وليس من خدمة تعلو خدمة المجموع ، ولا من دراسة تسمو على سياسة التوفيق بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة ، وترجيح هذه على تلك عند الاقتضاء
أ-مفهوم الحق
تعریف الحق
بحسب المدارس
عادة ما تقسم الحقوق الذاتية بحسب معيار الذمة المالية، أي الحقوق الداخلة بالذمة المالية والحقوق الخارجة عنها، أو بحسب موضوع الحق، الحق العيني أو الحق الشخصي، أو بحسب مصادر الحق، الوقائع القانونية والتصرفات القانونية
ظهرت مع منتصف القرن العشرين بعض النظريات الوسطية التي حاولت التوفيق بين النظرتين :" الحق «سلطة يسندها القانون لشخص معين ويضفي عليها حمایته بحيث يكون لصاحب الحق أن يتصرف بمقتضاها فيما يملكه، وهو ما يمثل الحق العيني أو فيما هو مستحق له وهو ما يمثل الحق الشخصية "
ذهبت المدارس الموضوعية إلى أن الحق مصلحة محمية قانونا --> يرگز على أهمية تدخل القانون في حماية أو بيان حدود الحق
عرفت المدارس الشخصية الحق وعلى رأسها الفقيه Savigny بكونه سلطة إرادية يقرها القانون --> يركز على طبيعة تدخل الشخص
لا تشمل الذمة المالية للشخص إلا ما يدخل في معنى الحق المادي الذي يمكن أن يكون في نهاية الأمر إما حقا عينيا أو حقا شخصيا. حقوق داخلة في التعامل. ويمكن التصرف فيها وإحالتها وتنتقل إلى الورثة ويمكن عقلتها وتسقط بمرور الزمن أما باقي الحقوق فهي حقوق خارجة عن دائرة الذمة المالية فليس لها قيمة مالية ولا يمكن التصرف فيها أو إحالتها أو عقلها أو انتقالها أو سقوطها بمرور الزمن
قد يتخذ الحق مفاهیم موضوعية أو ذاتية بحسب المدارس و المناهج الذاتية و الموضوعية ( القانون - هو المحدد للحق وليس من الممكن الحديث عن حقوق ذاتية)
الحق قيمة معنوية دوما يمكن أن ترد على أشياء مادية أو غير مادية
ج - نظرية التعسف في استعمال الحق في القانون التونسي
أ- المعيار الذاتي:
بقراءة عكسية للفقرة الأولى: يترتب التعسف في استعمال الحق عندما يقصد صاحبه الكيد وسوء النية
صعوبة اثبات التعسف
لا نجد لهذه الصورة تطبيق واسع في فقه القضاء
مثال وحيد في فقه القضاء: استعمال الحق بغير فائدة لصاحب الحق
وتجسم هذا الاتجاه لدى محكمة التعقيب، عندما اعتبرت التعسف قائما بتوفر عنصر قصد الإضرار
وجود معيارين: ذاتي / موضوعي
ب- المعيار الموضوعي
حصول ضرر فادح للغير ممكن اجتنابه او إزالته بلا خسارة على صاحب الحق
يمكن التفصي من هذه المسؤولية بإثبات صاحب الحق أن ضرر فادح كان ييلحقه لو لم يستعمل حقه
تعتبر هذه الصورة صورة من صور المسؤولية الموضوعية
ينطلق هذا العيار من مقاربة بين ضرر جسيم ومنفعة قليلة. فيتم الترجيح بين المصالح بالحق، دون أن يكون الاختلال مؤشرا على سوء النية
يطبق القضاء كذلك نظرية التعسف عند التقاضي، فيحصر قيامها عند وجود سوء النية أو قصد الإضرار بالغير أو الخطأ الفادح
د- نظرية التعسف في استعمال
الحق والمسؤولية التعاقدية
لم يبق التعسف في استعمال الحق حبيس المسؤولية التقصيرية، فأصبحت المادة التعاقدية حقلا خصبا لتطبيقه
تفريعا على قاعدة عدم التعسف في ممارسة أي حق، فإن كل التزام تعاقدي يجب أن يتطابق مع حسن النية، ومن تطبيقات النظرية، عدم التعسف في استعمال الحق في فسخ العلاقة التعاقدية.
عند وجود فسخ من جانب واحد يتم التمييز عادة بين فسخ عقد محدد المدة و عقد غير محدد المدة. ويمكن لأي طرف في الصنف الثاني فسخ العقد تجنبا لالتزامات لا تنتهي و لكن الفسخ لا يكون مشروعا بمجرد توجيه إنذار سابق و احترام بعض الأجال. إلا أن القضاء وسع في رقابته، وتجاوز الشكليات ليمحص في أصل عدم التعسف في الفسخ
اعتبر فقه القضاء أن التعسف متحققا عند حصول ذلك الفسخ والحال أن الطرف الأخر كان يأمل في تواصل العلاقة، مما جره إلى تدعيم استثماره ووسائل التمويل والإشهار
الأستاذة كلثوم مزيو رأت أن القضاء استنبط من الفصل 103 م ع مبدأ عاما، فوسع نطاق التعسف في استعمال الحق، وتم تطبيقه في المادة التعاقدية
هذا الرأي قابل للنقاش، لأن الفصل 103 م.إ.ع مرتبط بالمسؤولية التقصيرية. وما يدعم وجاهة هذا الرأي أن الاستناد إلى المسؤولية التقصيرية راجح لأن "الفرضية لا ترتبط بعدم تنفيذ التزام تعاقدي، بل بتنفيذ تعسفي لحق تعاقدي "
الاتجاه المعارض لاعتماد
التعسف في المادة العقدية
التعسف يقوم عند الانحراف عن سلوك يلتزم مبدأ حسن النية والأمانة ويبتعد عنها، فيصبح سلوك المتعاقد سلوكا غير معقول non raisonnable. ولذلك، فالأجدر أن يتم الاعتماد بالنسبة للتعسف في استعمال الحق في المادة التعاقدية على الفصل 243 م إع وليس على الفصل 103 م إع. "يجب الوفاء بالالتزامات مع الأمانة ولا يلزم اما صرح به فقط بل كل ما ترتب على الالتزام من حيث القانون أو العرف أو الإنصاف حسب طبيعته. "
يضاف إلى هذا السند واجب التواصل المنسجم في العلاقة التعاقدية، ويستمد ذلك من أحكام الفصل 547 م إع: "من سعى في نقض ما من جهته فسعيه مردود عليه، و يؤدي هذا المبدأ وجوب عدم التناقض في تنفيذ العقد، ومخالفة مواصلته، والإخلال بالتضامن بين طرفيه، خاصتة إذا كان الطرف الضعيف من يتحمل عدم التوازن و الفسخ في العقد
:two: مضار الجوار
.
وضعت مجلة الالتزامات والعقود نصين خاصين بهذه المسؤولية، وهما الفصلان 99 و100 م إع يردان في أحكام المسؤولية التقصيرية
في القانون المقارن، لا تفرد كل الأنظمة هذه النظرية باحكام خاصة في المسؤولية فالقانون الألماني عالجها في العنوان المتعلق بمحتوى قانون الملكية أما الأنظمة التي لم تضع حكما تشريعيا، فقد اهتدت إليها بفضل إنشاء قضائي كالقانون الفرنسي
وتفاعلت المبادرات الفقهية الأولى مع تحليل يستمد من قانون الأموال نظرته لهذا النوع من المسؤولية، لتصنف في زمرة الالتزامات العينية التي تحدد ممارسة حق الملكية
وتأثرت مجلة الالتزامات والعقود بهذه الرؤية الخاصة، فالفصلان لا يقومان على الخطأ و لا على التبعة و ما شابههما من أسس للمسؤولية التقصيرية، مثل التعسف في استعمال الحق. فلها أساس خاص بها
ورغما من هذا، فإن القضاء قرن بين مضار الجوار والركائز التقليدية للمسؤولية، ليؤسسها على الخطأ التقصيري ، والتعسف في استعمال الحق و المسؤولية الشيئية موضوع الفصل 96.
لكن الرأي الغالب أن لمضار الجوار أساسا مستقلا عن الأسس التقليدية
يتجه التعرض إلى شروط مضار الجوار (أ)، ثم إلى الجزاء المترتب من النظرية (ب)
أ- شروط مضار الجوار
تندرج نظرية مضار الجوار تقليديا ضمن المسؤولية التقصيرية، دون أن تنقطع عن ممارسة حق الملكية. ولذلك فإن الشروط تهم مبدئيا المضار (1)، وصفة المتضررين (2)، و تؤدي إلى التعرض إلى تقدير المضار (3)
:first_place_medal:
المضار
ترتبط بالتكدير والضيق بسبب الخروج عن المألوف فالتعايش يقتضي تحمل درجة دنيا من الضيق، بشرط أن تكون مما يعتاده الجيران.
ترتبط المضرة بالضجيج و الروائح والغبار والدخان، وكل ما يسبب الضيق غير المحتمل في الجوار
أمثلة من فقه القضاء
الحرارة غير العادية المنبعثة من فرن خباز
غبار يصدر عن طاحونة رحي للحبوبه والتوابل
روائح كريهة، وتكاثر حشرات بسبب تربية أبقار حذر المساكن
انبعاث موجات كهرمغناطيسية من هوائي مثبت لالتقاط المكالمات عبر الهواتف غير المحمولة
اللافت للنظر أن وظيفة المضار صارت وقائية، لا تنتظر حصول الضرر بل تتصدی له قبل نشأته
انبرى الفقه نحو تأسيس المضار على الضرر المعنوي متجسما في الخوف من أن يتحول شبح الخطر إلى حقيقة --> الفزع ترجمان للمضار، والمضار تلبس ثوب الفزع والقلق، لينكسر الحاجز بينها وبين المخاطر المستقبلية. وللتدقيق فهي Potentiel محتملة، وميزة الاحتمال تتعارض مع الضرر الحقيقي، ولكنها مصدر للكدر النفسي والارتباك، وضيق الصدر لينقلب الضرر غير المحقق في نهاية المطاف إلى ضرر قوامه عدم الاطمئنان والفزع من المستقبل.
:arrow_left:
لأساس يبتعد عن الخطر كمصدر للضرر، لياخذ بالاعتبار خطرا يحوم الشك حول وقوعه، فتؤدي المسؤولية المدنية دورا استباقيا باعتماد مبدأ الحيطة
تحمل هذه المضار على النيل من الراحة العادية التي يحق لكل جار أن يرتقبها وأن ينعم بها.
:second_place_medal:
المتضرر من الجوار
بديهي أن يعتبر مالك العقار متضررا من كل تجاوز مجحف يسببه الجار، وهو المالك الموجود بمنطقة الجوار
لا تقتصر صيغة الفصل على المالك وحده، فاستعمال مصطلح "المجاورين" يؤدي معنى عاما لا يقتصر على من يوفر صفة المالك دون غيره واتجه القضاء نحو قبول هذا الموقف وإعماله
فقد رفضت محكمة التعقيب الطعن القائم على افتقاد المتضرر صفة المالك، عندما أثار دعوي وهو يشغل المنزل بالتسويغ ضد صاحب مقهى مجاور تجاوز الحد العادي للإزعاج . ولم تر محكمة التعقيب في صفته تلك ما يدعو إلى عدم تطبيق أحكام الفصل 99 م إع
هذا يتماشى مع اعتبار هذه النظرية قائمة على أحكام المسؤولية، لتحمي حقوقا شخصية للمتجاورين في التمتع بنوع خاص من الحياة.
طرح الاشكال بالنسبة لمقاولات البناء فالمقاول لا يعتبر جارا و لا تنطبق عليه أحكام مضار الجوار . أما صاحب الأشغال فلا يسأل عنها لأنه لم يتسبب فيها. اعتبر فقه القضاء الفرنسي المقاول مسؤول عن مضار الجوار رغما عن أنه لا يوفر صفة المالك أو صفة الشاغل للعقار، واعتبره ضمنيا جارا عرضيا
ويصبح رب العمل مسؤولا إذا كانت المضرة متأتية من المنشاة ذاتها "ouvrage'"
قد اعتمدت محكمة التعقيب على الفصل 99 م إع لترتيب المسؤولية عن الإضرار بالبيئة، ولكنها قدرت الضرر على ضوء احترام التراتيب التي تفرضها وكالة المحافظة على المحيط .واستخلصت في مواقف مبدئية أن عدم احترام قوانين التهيئة الترابية والتعمير قرينة على تحقق مضار الجوار، دون أن يثبتها المدعي، وفيها إخلال بحق ذاتي في محيط سليم
:third_place_medal:
تقدير المضار
يستخلص من الفصل 100 م إع أن على الجار يتحمل الإزعاج المالوف من علاقة الجوار، وأن القيام مرتبط بالشطط والإجحاف، ويفيد التواتر والتكرار إلى حد يبلغ درجة لا تطاق عادة أما إذا كان الضرر منفردا، فإنه لا يعد مشطا، إذ أن من مكونات الإجحاف أن يستديم الإزعاج
يتم التقدير من قضاء الأصل، و ياخذ بالاعتبار طبيعة المنطقة التي يشتكي ساكنها من مضار الجوار. فصياح الديك لا يعد مجحفا في منطقة ريفية، ودرجة الرطوبة تقدر أيضا بخصائص الجهة الجغرافية، فإن كانت ساحلية فالتقدير يأخذ بالنظر درجة الرطوبة البحرية. والحال مختلف لو كانت المنطقة داخلية يميزها الهواء الجاف
كما أن التخصيص الصناعي أو السكني لمنطقة يؤخذ به لا محالة في تقدير درجة الإجحاف وما إن توفرت أو انتفت.
وتثير مسألة الانتصاب السابق صعوبة في التقدير. وتعني أن يستقر جار في منطقة سبق تخصيصها لغرض صناعي أو سكني، ليشغل عقاره على خلاف ذلك الغرض لكن الفصل 99 م إع قد ورد عاما من هذه الناحية، فلا يمكن الأولين في الانتصاب من امتياز أو حصانة ضد إزعاج الجيران وهو ما عبرت عنه محكمة التعقيب صراحة في قرارها بتاريخ 4 أفريل 2006 :" طالما كان ذلك البناء قائما و بغض النظر عن أسبقية إقامته و الترخيص فيه.."
ب - جزاء مضار الجوار
ذكر الفصل 99 من م.ا.ع حق المتضررين من الجوار في طلب إزالة الكدر وسببه أو اتخاذ الوسائل الكفيلة بإزالته. و الخوض في أنواع الجزاء (1) يؤدي إلى تحليل موقف القضاء منه (2)
:first_place_medal:
أنواع الجزاء
:check:
الجزاء الأول
الحق في طلب
إزالة الكدر وسببه
يبقى الفقه متحفظا حول ترتيب التعويض المادي عند تطبيق الفصلين 99 و 100 من م إع. فلم يرد في صيغة النص ما يمكن من النطق بغرم الضرر، وهو ما يفسر اعتماد الخطا الشخصي موضع الفصلين 83 82 م اع من المتضررين للحصول على التعويض
ولا نرى أن الفصل 99 م.إ.ع يمنع من الحصول على غرم الضرر بمجرد أنه لم يذكر ذلك
وبما أن مضار الجوار تدخل في باب الجنحة وشبه الجنحة وما ينزل منزلتهما، فلا وجود لأية مصفاة تحجبها عن تطبيق الفصل 107 م اع، الذي يحدد التعويض عن كل فعل يرتبط سببيا مع الضرر
--> يبقى مبدأ التعويض قائما حتى عند زوال المضار أو اتخاذ الأسباب التي تحول دون حصولها
:check: الجزاء الثاني: اتخاذ
الوسائل الكفيلة بإزالته
قد ذهب القضاء التونسي إلى منع تاجر من تشغيل ثلاجة تصدر أزيزا قويا آناء الليل بداية من الساعة التاسعة ليلا إلى حد الصباح
لا يقف الجزاء في الفصل 99 م إع عند هذا الحد، بل يصل إلى حد إنهاء النشاط بتجميده وتوقيفه نهائيا.
ويستجيب القضاء لطلب الإزالة حتى عند وجود رخصة إدارية في ممارسة النشاط ، ويمكن من سدم النوافذ حتى مع ترخيص البلدية في فتحها
والصيغة الواضحة للفصل 99 م إع لا تجعل من الإجازة المعطاة في استغلال النشاط تبريرا للإضرار بالغير من جهة، ولعدم النطق بإزالة النشاط من القاضي من جهة أخرى
:second_place_medal:
القضاء و جزاء
مضار الجوار
هذا الجزاء المتنوع الوارد بالفصل 99 م اع جاء في سلم تفاضلي فهل يلزم القاضي باتباعه حسب الترتيب، أم أنه يمكنه من النطق بالجزاء الذي يراه أوفي بالغاية من مضار الجوار؟
وعلى عكس ما عيب على صيغته وبنيته في التعرض إلى إزالة النشاط قبل أخذ الوسائل لتخفيف الضر، فإن ذلك النص تعامل مع مضار الجوار تعاملا يقطع المضرة من جذورها ويستأصلها استئصالا. فلم يكن عدم تعرضه للتعويض إلا لأن المشرع أبي أن يكون غرم الضرر مقابلا يدفعه المسؤول ليمضي في إزعاج الجوار، وبوأ إزالة النشاط المنزلة الأولى في الجزاء، قصد بتر سبب التكدير والأذى غير العادي
ولا اعتراض عن ذلك الجزاء حتى عند وجود الترخيص الإداري
واستثناء لذلك، مكن من إلزام المتسبب في المضرة باتخاذ الوسائل اللازمة لرفعها. فعند اليقين من أنها تعيد الجوار إلى حياة عادية ومالوفة، تستبدل الإزالة بإصلاح الأمر وضرب التدابير الجديرة برفع المضرة
موقف فقه القضاء
القضاء خرج عن الترتيب الوارد بالنص ليقدم ترتيبا تفاضليا آخر، يقوم على تقدير ما يتناسب مع المضار
قد أكدت الدوائر المجتمعة على أن القرار يتوقف على معرفة عوامل عديدة، فإذا كانت الإزالة من شأنها أن تتسبب في خسارة فادحة، فإن القاضي يقتصر على الحل الثاني، كما لو كانت الإزالة تؤدي إلى وقف نشاط ضروري للاقتصاد الوطني، عملا بقاعدة الأصل ارتكاب أخف الضررين
تقييم
ويستحسن في هذا الموقف اعتماده على التناسب في تحديد الجزاء بين المضار وطرق إزالتها، بغاية الوصول إلى توازن بينهما وبين طريقة التخلص منها، أو ردها إلى عتبة الضرر المتعارف عليه
موقف رافض: تعرض مؤسسة إلى مغبة إنهاء نشاطها، فإن الأبعاد الاجتماعية لهذا الجزاء وظهور شبح البطالة يرجح الكفة لصالح مواصلة نشاطها وتجنيبها التوقف عن العمل لضرر الأكبر، حتى ولو كان هذا على حساب تكدير الجيران والإزعاج المشط، خاصة في اقتصاد يرنو إلى النمو --> للرؤية حجج تدعمها، منها تفضيل مصادر الثروة والمحافظة عليها مقابل تحمل