Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
العقوبة التكميلية و التدابير الاحترازية - Coggle Diagram
العقوبة التكميلية و التدابير الاحترازية
العقوبات التكميلية
تعريف
العقوبة التكميلية هي التي تضاف للعقوبة الأصلي بهدف الحصول على مزيد من الردع والإصلاح وكذلك بهدف الوقاية مستقبلا من الجريمة.
هذا الهدف الأخير هو الذي يكسي هذه العقوبات طبيعة مزدوجة؛ إذ رغم التنصيص عليها بالفصل 5 من المجلة الجزائية على أنها عقوبات لا غير، فهي في الواقع في آن واحد عقوبات وتدابير وقائية.
هذه الصبغة الوقائية جعلت بعض شراح القانون يعتبرون العقوبات التكميلية مجرد تدابير وقائية ويبحثون في موضوعها على أنها تدابير وقائية لا غير. إلا أن هذا الموقف لا يتماشى مع الطبيعة المزدوجة التي تتمتع بها هذه العقوبات ولا مع التكييف القانوني لها، إذ أن المجلة الجزائية تعتبرها صنف من أصناف العقوبات، وهي في الواقع كذلك لأنه بالإضافة لدورها الوقائي، تقوم أيضا بدور زجري وردعي نظرا لما تؤدي إليه من إيذاء للمحكوم عليه بها
العقوبات التكميلية التي تنص عليها المجلة الجزائية بالفقرة "ب" من فصلها الخامس متعددة ومتنوعة، ولكن رغم تنوعها يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أصناف: العقوبات التكميلية المقيدة للحرية (I)، العقوبات التكميلية ذات الطبيعة المالية (II) والعقوبات التكميلية ذات الصبغة التأديبية (III)
I- العقوبات التكميلية المقيدة للحرية
العقوبات التكميلية التي تفقد المحكوم عليه شيئا من حريته وتفرض عليه بعض القيود أو الإلتزامات ثلاثة أنواع وهي منع الإقامة والمراقبة الإدارية والإقصاء
:one:
منع الإقامة والمراقبة الإدارية
منع الإقامة هو الحكم بإبعاد الجاني ومنعه، خلال مدة محددة، من الإقامة بمدينة أو بمنطقة معينة و إلزامه بالإقامة بمكان آخر تحدده له المحكمة و يمنع عليه في ما بعد مغادرته بدون رخصة.
المكان الذي تمنع فيه الإقامة يكون عادة المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة أو الذي يعتبر فيه المجرم خطيرا على النظام العام أو الذي تكون فيه لهذا الأخير علاقات مشبوهة بغيره من المجرمين
المراقبة الإدارية فتتمثل في إخضاع المحكوم عليه للمراقبة من طرف إدارة الأمن التابع لدائرتها مقر المحكوم عليه خلال مدة محددة و بمكان محدد. وهذا المكان الذي تعينه إدارة الأمن يمكن أن تقرر هذه الأخيرة أنه يكون كذلك مكان إقامة المحكوم عليه وأن يمنع على هذا الأخير مغادرته بدون إذن مسبق، وهذا سواء كان يتمثل في مكان إقامته الأصلي أو في مكان آخر
لكن يمكن للمحكمة أن لا تترك للإدارة حق تعيين مكان إقامة المحكوم عليه بالمراقبة الإدارية وتقرر الحكم عليه بالعقوبتين معا، أي الحكم عليه في آن واحد بمنع الإقامة والمراقبة الإدارية، وهذا طبعا بشرط أن يكون القانون الجنائي يسمح بذلك
بالنظر في أحكام هذا القانون نجدها تسمح للقاضي بالحكم على الجاني بعقوبة المراقبة الإدارية أو بعقوبة منع الإقامة أو بالعقوبتين معا في كل الحالات التي يسمح فيها النص التجريمي بإمكانية الحكم بالعقوبات التكميلية بدون تحديد العقوبة معينة، وذلك مثل ما جاء بالفصل 265 من المجلة الجزائية الذي ينص على أن من يثبت عليه ارتكاب السرقة يسوغ عقابه بالعقوبات التكميلية المقررة بالفصل 5 من هذا القانون".
النص المتعلق بالعقوبات التكميلية لم يحدد أقصى مدة هاتين العقوبتين. ولكن هناك العديد من النصوص العامة والخاصة التي تتضمن تحديدا لهذه المدة
بالنسبة لعقوبة منع الإقامة لا يسمح الفصل 22 من المجلة الجزائية الحكم بها بأكثر من عشرين سنة، وبالنسبة لعقوبة المراقبة الإدارية نجد بالمجلة الجزائية كذلك بعض النصوص التي تحدد أقصى المدة التي يمكن للقاضي الحكم بها على الجاني، فمثلا جاء بالفصل 25 من هذه المجلة أن المحكمة في حالتي تجاوز عقوبة السجن المستوجبة للجريمة المنسوبة إلى الجاني عامين إثنين أو تكرار الفعل منه مجددا وهو بحالة عود أن تحكم بإخضاعه إلى المراقبة الإدارية لمدة أقصاها خمسة أعوام"
كما يمكن أن ينص القانون على أن المحكوم عليه بالإدانة في جريمة معينة يخضع للمراقبة الإدارية خلال مدة محددة بموجب القانون، وذلك مثل الفصل 26 من المجلة الجزائية الذي يقتضي أن في صورة الحكم بالعقاب الصادر تطبيقا الأحكام الفصول 60 إلى 79 والفصول 231 إلى 235 من هذه المجلة أو الصادر من أجل مخالفة التشريع المتعلق بالمخدرات تتحتم المراقبة الإدارية مدة عشرة أعوام إلا إذا قضت المحكمة بخلاف ذلك"
يتضح من هذا النص أنه في الحالات التي يحكم فيها بعقوبة أصلية على الجاني من أجل ارتكابه لجريمة إعتداء على أمن الدولة الخارجي أو الداخلي أو من أجل ارتكابه لجريمة من جرائم التحريض على الفواحش أو لجريمة من جرائم المخدرات المنصوص عليها بالقانون عدد 52 المؤرخ في 18 ماي 1992، يخضع المحكوم عليه لعقوبة المراقبة الإدارية لمدة عشرة أعوام بموجب هذا النص وبدون أن تصرح المحكمة بها، إلا أن المحكمة يمكنها أن تقضي بإعفاء المحكوم عليه من هذه العقوبة أو بالتخفيض من مدتها.
في بعض النصوص التجريمية يجعل القانون مدة عقوبتي منع الإقامة والمراقبة الإدارية محصورة بين حد أدنى وحد أقصى لا يمكن للمحكمة تجاوزهما، وذلك مثل ما جاء بالفصل 62 من المجلة الجزائية المتعلق بجرائم الإعتداء على أمن الدولة الخارجي من أن المحكمة يمكنها الحكم على الجاني زيادة على العقوبة الأصلية "بالعقوبات التكميلية الواردة بالفصل 5 من هذه المجلة لمدة أدناها خمسة أعوام وأقصاها عشرون عاما"
التنفيذ
نظرا لكونهما عقوبتين تكميليتين للعقوبة الأصلية، فإن تنفيذهما يبدأ بعد إنقضاء هذه الأخيرة.
بداية من هذا التنفيذ وخلال كامل مدة منع الإقامة أو المراقبة الإدارية يجب على المحكوم عليه الإمتثال لما تلزمه به الإدارة من واجبات وعدم مغادرة المكان المفروض عليه الإقامة به بدون رخصة سابقة من طرف الإدارة المكلفة بتطبيق العقوبة ، وإلا عرض نفسه للعقاب بالسجن
:two:
الإقصاء
الإقصاء عقوبة تكميلية مقيدة للحرية تتمثل في إيداع المحكوم عليه بمؤسسة ذات نظام خاص يسمح بتقويم الإنحراف. ونظرا لشدة هذه العقوبة وخطورتها على حرية المحكوم عليه فإنه، على خلاف العقوبات التكميلية الأخرى، لا يمكن الحكم بها عليه إلا بموجب القانون الخاص الذي ينظمها ويلزم القاضي
هذا القانون الخاص بالإقصاء يتمثل في القانون عدد 76 المؤرخ في 8 ديسمبر 1973 الذي ألغي وعوض المرسوم عدد 41 المؤرخ في 30 مارس
II- العقوبات التكميلية ذات الطبيعة المالية
:star:
مصادرة المكاسب
تتمثل مصادرة المكاسب في حجز كل أو جزء من أموال الجاني وجعلها ملكا للدولة، وهي بهذا المعنى تمثل حجزا عاما بالمقارنة بالحجز الخاص.
العقوبات التكميلية ذات الطبيعة المالية المنصوص عليها بالفصل 5 من المجلة الجزائية هي مصادرة المكاسب والحجز الخاص
نظرا لخطورة وشدة هذه العقوبة، فإن الفصل 5 من المجلة الجزائية لا يسمح للقاضي بالحكم بها إلا في الصور التي ينص فيها القانون على ذلك صراحة.
بعض النصوص الخاصة
لفصل 47 من القانون عدد 64 المؤرخ في 29 جويلية 1991 المتعلق بالمنافسة والأسعار، من كون المحكمة يمكنها أن تحكم بالمصادرة لفائدة الدولة لكل أو لبعض المواد والمنتوجات والبضائع" المتخذ في شأنها إجراءات معينة
الفصل 46 من قانون 2003 المتعلق بمكافحة الإرهاب، الذي ينص على أن المحكمة القضاء أيضا بمصادرة جميع المكاسب المنقولة أو العقارية للمحكوم عليه وأرصدته المالية أو بعضها إذا قامت شبهة قوية بشأن استعمالها لغرض تمويل أشخاص أو تنظيمات او أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية"
:star:
الحجز الخاص
هو أن يؤخذ لخزينة الدولة ما حصل من الجريمة أو الآلات التي استعملت أو يمكن استعمالها في الجريمة". ويمكن أن يشمل الحجز الخاص أيضا الأشياء التي كانت معدة لإيقاع الجريمة، بقطع النظر عن مالكها، وكذلك الأشياء الممنوع صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها
رغم خطورة الحجز الخاص الذي يمكن أن يؤدي أحيانا إلى حرمان المعني بالأمر من أموال طائلة، فإنه على عكس الحجز العام، لا يفرض وجود نص خاص به، بل يمكن للقاضي أن يحكم به على الجاني في كل الحالات التي ينص فيها القانون على إمكانية الحكم على مرتكب الجريمة بالعقوبات التكميلية المنصوص عليها بالفصل 5 من المجلة الجزائية.
لكن في بعض مجالات التجريم نجد القانون ينص صراحة على الحجز الخاص ويلزم القاضي بالحكم به، ومن ذلك مثلا الفصل 28 من قانون 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات، الذي يقتضي أن تحجز وتصفي لفائدة صندوق الدولة جميع المكاسب المتحصل عليها بصفة مباشرة أو غير مباشرة من جرائم المخدرات، وسواء كانت هذه المكاسب عقارا أو منقولا على ملك المحكوم عليه أو على ملك غيره مع مراعاة حقوق الغير حسن النية
لمنع الجاني من تهريب أو إخفاء الأموال التي يمكن أن تكون موضع عقوبة الحجز الخاص، يمكن للنيابة العمومية أن تطلب من قاضي التحقيق أو المحكمة المتعهدة بالقضية الإذن بإجراء عقلة تحفظية على مكاسب المتهم ريثما يقع البت نهائيا في القضية
إذا لم تسبق عقلة الأشياء المحكوم بحجزها لفائدة صندوق الدولة، ولم يقوم المحكوم عليه بتسليمها، فإن المحكمة تحدد قيمة هذه الأشياء وتحكم على الجاني بدفعها لصندوق الدولة، وفي حالة الرفض يمكن أن تستعمل النيابة العمومية آلية الجبر بالسجن مع المعني بالأمر لإرغامه على أداء قيمة الأشياء موضوع عقوبة الحجز الخاص
:warning:
عقوبتي المصادرة والحجز الخاص يمكن تنفيذهما على أموال المحكوم عليه ولو بعد وفاته، وهذا عملا بأحكام الفصل 352 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي ينص على أنه تزول بوفاة المحكوم عليه جميع العقوبات الأصلية والتكميلية باستثناء الحجز والمصادرة وغلق المحل"
III- العقوبات التكميلية ذات الصبغة التأديبية
ينص الفصل 5 من المجلة الجزائية على عقوبتين تكميليتين ذات طبيعة تأديبية ووقائية وهما: الحرمان من مباشرة بعض الحقوق والإمتيازات (:one:) ونشر مضامين بعض الأحكام (:two:)
:one:
الحرمان من مباشرة بعض الحقوق والإمتيازات
هناك ثلاثة أصناف من الحقوق والامتيازات التي يمكن للقاضي أن يحكم على الجائي بعدم التمتع بها مستقبلا وهي: مباشرة بعض الوظائف أو المهن، وحمل السلاح أو الأوسمة الشرفية الرسمية وحق الإقتراع
حسب ما جاء بالفصل 5 من المجلة الجزائية يمكن للمحكمة أن تمنع الجاني من ممارسة كل الوظائف العمومية وبعض المهن الحرة مثل مهنة المحاماة والطب، وأن تمنعه كذلك من أن يكون خبيرا لدى المحاكم أو عدل إشهاد أو تنفيذ أو أن يشتغل بمؤسسة تربوية أو أن يكون مقدما على ناقص أو فاقد الأهلية أو أن يكون شاهدا في قضية لدى المحاكم. وكل هذا على سبيل الذكر لا الحصر
يمكن للقاضي أن يمنع الجاني من ممارسة بعض الأنشطة المهنية مثل التجارة أو الصناعة، وهذا المنع يمكن أن يجعل المحكوم عليه مضطرا إلى القيام بغلق المحل الذي يمارس فيه نشاطه الإقتصادي أو التجاري. وفي بعض المجالات نجد القانون ينص صراحة على أن القاضي يمكنه الحكم بعقوبة غلق المحل بدون منع صاحبه من نشاط معين أو من ممارسة مهنة معينة. هذا ما جاء مثلا بالفصل 50 من قانون 1991 المتعلق بالمنافسة والأسعار الذي ينص على أنه يمكن للمحكمة أن تحكم بغلق مغازات المخالف أو معامله أو مصانعه وقتيا أو بمنعه بصفة وقتية من مباشرة مهنته، ويعاقب بالسجن من ستة عشر يوما إلى ثلاثة أشهر من أجل مخالفة مقتضيات الحكم العدلي بالغلق أو منع مباشرة المهنة"
يمكن أن يمنع المحكوم عليه من حق حمل السلاح، سواء كان قد إكتسب هذا الحق بموجب متطلبات مهنته أو بموجب رخصة خاصة به. كما يمكن كذلك الحكم عليه بالتجريد من كل الأوسمة الشرفية التي اسندت له سابقا، وهذا التجريد يمنع عليه مستقبلا حمل هذه الأوسمة أو ونسبتها لنفسه بأي وسيلة أو في أي مناسبة كانت
من الحقوق التي يمكن للمحكمة حرمان الجاني منها هناك أيضا حقه في الاقتراع، أي حقه لأن يكون ناخبا أو منتخبا في انتخاب قومي أو جهوي أو غير ذلك من الإنتخابات.
هذا الحرمان من الحقوق والإمتيازات يكون عادة لمدة محدودة بحسب ما يبينه النص الذي يمكن القاضي من الحكم به. لكن إذا كان النص لا يحدد هذه المدة فإن تحديدها يكون خاضعا لسلطة القاضي التقديرية.
:two: نشر مضمون الحكم
يمكن أن تتمثل العقوبة التكميلية في مجرد الإذن بنشر مضمون الحكم بالإدانة المتعلق بالمحكوم عليه.
عندما تأمر المحكمة بهذا النشر يجب عليها أن تحدد قيمة مصاريفه وأن تلزم المحكوم عليه بدفع المبلغ المقدرة لصندوق الدولة لتتولى السلطة المعنية القيام بعملية النشر على نفقة هذا الأخير، تحت إشراف النيابة العمومية
نظرا لكون القانون لم يحدد بصفة عامة الإجراءات الواجب إتباعها للقيام بهذا النشر، فإن المحكمة لها سلطة تقديرية مطلقة لتحديد هذه الإجراءات وذلك ببيان عدد مرات النشر ونص مضمون الحكم الواجب نشره ولغة هذا المضمون والصحف أو الأماكن التي يجب أن يتم فيها هذا النشر وغير ذلك من المعطيات الضرورية لتحقيق المقصد أو الهدف المرجو تحقيقه من هذه العقوبة التكميلية والمتمثل أساسا في التشهير بالجريمة المرتكبة وبمرتكبها لكي يتم إعلام وتنبيهالكافة وكل من يهمه الأمر شخصيا، بهذه الجريمة و بمرتكبها وبظروف ونتائج إرتكابها.
لكن القانون يقيد أحيانا هذه الحرية وذلك بالتنصيص مثلا على الأماكن التي يجب أن يتم بها هذا النشر، على غرار ما جاء بالفصل 39 من قانون 1992 المتعلق بحماية المستهلك الذي ينص على أنه يمكن للمحكمة أن تحكم بنشر الحكم كليا أو جزئيا بالصحف التي تعينها وتعليقه مكتوبا بأحرف جلية بالأماكن التي تعينها وخاصة على الأبواب يسية للمصانع أو ورشات المحكوم عليه وكذلك التجارية"
التدابير الوقائية
تعريف
نظرا لكون الهدف الأساسي من هذه التدابير يتمثل في وقاية المجتمع ومحاولة إصلاح المعني بالأمر، فإنه بالإمكان اتخاذها ضد من لم يرتكب بعد أفعالا مجرمة وذلك لمنعه من ارتكبها في المستقبل. وهذه التدابير التي تهدف خاصة إلى تحقيق الوقاية من الجريمة في المستقبل، تتعلق أساسا بالمصابين بأمراض عقلية (I) وبالمدمنين على المخدرات (II) وبالأطفال أو الأحداث الجانحين (III)
إلى جانب العقوبات الأصلية والتكميلية، أوجد القانون في عدة مجالات تدابيرا وقائية يمكن تسليطها على بعض الأشخاص بهدف إصلاحهم وحماية المجتمع منهم مستقبلا.
I -التدبير الوقائي المتعلق بالمصابين بأمراض عقلية
يعتمد القانون إزاء المصابين بأمراض عقلية الذين يشكلون خطرا على أنفسهم و على النظام الإجتماعي، تدبيرا وقائيا أساسيا يتمثل في إيوائهم وجوبا بأحد مستشفيات الأمراض العقلية، وذلك بهدف إخضاعهم للعلاج والمراقبة المستمرة على نفقة الدولة
هذا الإيواء الوجوبي ينظمه القانون عدد 83 المؤرخ في 3 أوت 1992، الذي وقع إتمامه وتنقيحه فيما بعد بالقانون عدد 40 المؤرخ في 3 ماي 2004
بموجب هذا النظام القانوني يكون قرار الإيواء الوجوبي من إختصاص رئيس المحكمة الإبتدائية الموجود بدائرتها مقر المريض.
:star: من يمكنه أن يأخذ قرار الإيواء الوجوبي
الإستثناء: وكيل الجمهورية
في الحالات المستعجلة التي تكشف فيها تصرفات المعني بالأمر إصابته باضطرابات عقلية تهدد سلامته وسلامة الآخرين، يمكن لوكيل الجمهوري أن يأمر بإيواء هذا الشخص بمستشفى الأمراض العقلية. وفي هذه الحالة يجب على وكيل الجمهورية أن يقدم طلب الإيواء الوجوبي لرئيس المحكمة الإبتدائية المختصة ترابيا بعد ثمانية وأربعين ساعة على الأكثر من الإجراء الذي قام به، وعلى هذا الأخير أن يبت في المطلب سريعا بعد الإطلاع على شهادة طبية يدلي بها طبيب نفساني مباشر بالمستشفي؛ فإذا لم يصدر قرار الإيواء من طرف رئيس المحكمة في حدود الثمانية أيام الموالية لتاريخ إيواء المريض بالمستشفى، يصبح قرار الإيواء من طرف وكيل الجمهورية باطلا، ويترتب عن هذا البطلان إخراج المعني بالأمر حالا من المستشفى
الطبيب النفسي
حسب ما جاء بالفصل 24 (مكرر)، الذي أضيف لقانون 3 أوت 1992 بالقانون المؤرخ في 3 ماي 2004، يمكن كذلك للطبيب النفساني المباشر بالقسم الإستعجالي لمستشفي عمومي أن يأوي بالمستشفى المصاب باضطرابات عقلية الذي يشكل خطرا على نفسه وغيره، وفي هذه الحالة يجب على مدير المستشفى إعلام وكيل الجمهورية بهذا الأمر على أن يكون هذا الإعلام مصحوبا بشهادة طبية، وإثر ذلك يتعين على وكيل الجمهورية القيام بالإجراءات التي يتطلبها الإيواء الوجوبي في الحالات المستعجلة، وفي صورة عدم إصدار وكيل الجمهورية لقرار بالإيواء وإبلاغه لمدير المستشفى في الأربعة أيام الموالية لتاريخ توجيه الإعلام له فإن هذا الإيواء ينتهي حالا
المبدأ: رئيس المحكمة الابتدائية المختص
يصدر رئيس المحكمة الإبتدائية هذا القرار بعد أن يقدم له طلب كتابي مشفوع بشهادة طبية من طرف أي سلطة صحية عمومية أو من طرف وكيل الجمهورية اة. ويمكن أيضا أن يقدم طلب الإيواء الوجوبي من طرف السلطة الإدارية بعد أن يقوم القاضي المتعهد بالقضية بتسليمها المتهم الذي تبين أنه معتوهة أو من طرف هذا القاضي مباشرة
:star:
الإجراءات
هذا النظام يفرض أولا سماع المريض أو نائبه قبل إصدار قرار الإيواء، وذلك بهدف التأكد من أن المريض مصاب فعلا باضطرابات عقلية تشكل خطرا على سلامته وسلامة الآخرين .
بعد قبول المريض بالمستشفى، يسجل قرار الإيواء بدفتر خاص مرقم ومؤشر عليه من قبل التفقدية الطبية بوزارة الصحة العمومية
يجب على إدارة المستشفى أن تقوم في غضون الثماني والأربعين ساعة التي تعقب هذا القبول بإحالة شهادة طبية يحررها الطبيب النفساني المعالج للمريض إلى كل من رئيس المحكمة الإبتدائية و وكيل الجمهورية و وزارة الصحة
قرار الإيواء الوجوبي يقع اتخاذه في كل الحالات لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ولكن هذه المدة يمكن تجديدها كلما دعت الضرورة لذلك بعد أن يدلي الطبيب النفساني الذي يعالج المريض برأيه في المسألة. فإذا لم يقع التمديد في مدة الإيواء فإن الإيواء الوجوبي يرفع بموجب القانون بعد إنتهاء مدته
خلال مدة الإيواء الوجوبي، يقع فحص المريض بصفة منتظمة وعلى الأقل مرة في الشهر، ويحرر الطبيب النفساني إثر هذا الفحص شهادة مفصلة توضح بالخصوص مدى تطور الإضطرابات العقلية التي أوجبت الإيواء أو زوالها، ثم تحال هذه الشهادة على المصلحة المختصة بوزارة الصحة العمومية
:star:
الخروج
عندما يصبح الإيواء الوجوبي غير ضروري، فإن الطبيب المباشر يحرر شهادة يسمح فيها المريض بالخروج من المستشفى، وإثر ذلك يضمن مدير المستشفى هذه الشهادة بالسجل الخاص بالإيواء الوجوبي ثم يعلم بها رئيس المحكمة الإبتدائية في ظرف ثمان وأربعين ساعة، وعلى هذا الأخير إعلام إدارة المستشفى بقراره في ظرف ثمان وأربعين ساعة التي بانقضائها يسمح للمريض بالخروج
لكن إذا كان الإيواء الوجوبي قد تم بقرار من السلطة القضائية المتعهدة بالقضية المرفوعة ضد المريض المتهم بارتكاب أفعال مجرمة، فإن هذا الإيواء لا يقع إنهاءه إلا بناء على رأي لجنة تتركب من ثلاثة أطباء نفسانيين يعينهم رئيس المحكمة الإبتدائية التي يوجد بدائرتها مقر إقامة الشخص المراد رفع الإيواء عنه ولا يكون من بينهم الطبيب المباشر للمريض أو الطبيب الخبير الذي أدلى برأيه الطبي عند إيواء المريض ويجب التنصيص صلب رأي اللجنة على أن المريض المراد رفع الإيواء عنه لم تعد تصرفاته تشكل خطرا يهدد سلامته أو سلامة الآخرين
يمكن لرئيس المحكمة الإبتدائية، بموجب قرار رفع الإيواء، أن يأمر المريض بالمثول لدى المؤسسة التي تم إيواؤه بها في فترات دورية تحدد له من قبل الطبيب المباشر ليخضع لفحوصات المراقبة ولكل علاج قد تتطلبه حالته الصحية. ويمكن في هذه الحالة الإستعانة بالقوة العامة لإخضاع المريض بالمستشفى وذلك بإذن من وكيل الجمهورية
II- التدبير الوقائي المتعلق بالمدمنين على المخدرات
يتمثل التدبير الوقائي الأساسي بالنسبة للمدمنين على المخدرات في إخضاعهم للعلاج الذي يخلصهم من التسمم الذي حصل لهم من استهلاك المخدرات.
هذا التدبير ينظمه القانون عدد 52 المؤرخ في 18 ماي 1992، الذي تنص الفقرة الأولى من فصله 19 على أنه يمكن للمحكمة المتعهدة بالقضية في صورة الحكم بإدانة المدمن على تعاطي المخدرات ... إخضاع المحكوم عليه للعلاج من التسمم لفترة يحددها الطبيب المختص"
لتدعيم العلاج الإجباري بالنسبة للمحكوم عليه من أجل جرائم المخدرات وجعله يتماشى أكثر مع إرادة هذا الأخير، أصبح الفصل المذكور، بعد تنقيحه بالقانون عدد 101 المؤرخ في 30 نوفمبر 1998، ينص أيضا بفقرته الثانية على أنه يمكن تعهد المحكوم عليه المدمن على المخدرات في جميع الصور بالعلاج من التسمم لفترة يحددها الطبيب المختص في مؤسسة إستشفائية عمومية، وفي صورة رفضه العلاج المشار إليه يتم إعلام النيابة العمومية التي تستصدر إذنا من رئيس المحكمة الإبتدائية يقضي بإلزام المحكوم عليه بالخضوع للعلاج المذكور، ويكون مطلب الإذن مرفوقا بوثيقة طبية تثبت الإدمان، ويصدر الإذن بعد سماع المحكوم عليه
حاول المشرع تشجيع المدمنين على الخضوع للعلاج عن طواعية وقبل كل تتبع أو محاكمة، وذلك بإسقاط الدعوى العمومية التي تنشأ ضد من يعترف باستهلاكه للمخدرات ويطلب العلاج للتخلص من التسمم الذي سببه له هذا الإستهلاك. ولكن ليتمكن المعني بالأمر من الإنتفاع بهذا الإجراء، يجب عليه تقديم طلب كتابي في هذا الشأن مصحوبا بشهادة طبية للجنة الإدمان على المخدرات
لمزيد التشجيع على العلاج الإختياري نص المشرع على جعل كل الأشخاص الذين يتلقون معلومات تتعلق بالمدمن وبأسباب إدمانه خاضعين لواجب عدم إفشاء هذه المعلومات التي تعتبر من الأسرار المهنية، وجعل إفشاء هذه الأسرار يؤدي إلى المؤاخذة الجزائية على أساس الفصل 254 من المجلة الجزائية
لكن، لكي ينتفع المدمن فعلا بكل هذه الإمتيازات ويفلت نهائيا من العقاب، يجب عليه مواصلة العلاج المحدد له إلى نهايته. فإذا غادر المستشفى وانقطع عن العلاج من تلقاء نفسه وبدون موافقة طبيبة المباشر فإنه يصبح عرضة للتبع وتسليط العقاب من أجل ارتكابه لجريمة إستهلاك المخدرات، إذ أن الدعوى العمومية المتعلقة بهذه الجريمة لا تسقط نهائيا إلا بحصوله على شهادة من الطبيب المباشر تثبت تخلصه من التسمم وعدم ضرورة مواصلته للعلاج
III- التدابير الوقائية المتعلقة بالأحداث الجانحين
الأحداث الجانحين هم الأطفال الذين بلغوا سن التمييز في نظر القانون الجنائي و وقعت مؤاخذتهم جزائيا من أجل ارتكابهم للجرائم، وهؤلاء الأطفال ينعتون بالجانحين نسبة للجنح التي تمثل أغلب أو أكثر الجرائم المرتكبة من طرفهم.
لإحاطة هذا الصنف من الأطفال بمزيد من الرعاية والحماية خصهم القانون بالعديد من التدابير الوقائية.
الإكتفاء بإخضاع الطفل المرتكب لبعض جرائم المخدرات للعلاج حسب ما جاء بالفصل 19 مكرر الذي أضافه القانون عدد 94 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 لقانون 1992 المتعلق بالمخدرات، يمكن للهيئة القضائية أن تكتفي بإخضاع الطفل المرتكب الجرائم مسك واستهلاك المخدرات العلاج الطبي الذي يخلصه من التسمم أو للعلاج الطبي التنفساني الذي يمنعه من الرجوع إلى ميدان المخدرات أو للعلاج الطبي الإجتماعي أو لأي من التدابير المنصوص عليها بالفصل 59 من مجلة حماية الطفل"
هذه التدابير التي ينص عليها الفصل 59 من مجلة حماية الطفل، خمسة وهي :
يحكم بها عادة قاضي الأسرة في نطاق الحماية القضائية الواجب توفيرها للأطفال عامة
1) إبقاء الطفل لدى عائلته
2) إبقاء الطفل لدى عائلته وتكليف مندوب حماية الطفولة بمتابعته ومساعدة العائلة وتوجيهها
3) إخضاع الطفل للمراقبة الطبية والنفسية
4) وضع الطفل تحت نظام الكفالة أو لدى عائلة استقبال أو لدى مؤسسة إجتماعية أو تربوية مختصة
5) وضع الطفل بمركز التكوين والتعليم
بالإضافة لكل هذه التدابير التي يمكن للقاضي اتخاذها ضد الأطفال المدمنين على المخدرات، فإن مجلة حماية الطفل تنص كذلك على العديد من التدابير الأخرى المتعلقة بالطفل الجانح عامة.
--> الفصل 99 من مجلة الطفل
إذا كانت الأفعال المنسوبة للطفل ثابتة فإن قاضي الأطفال أو محكمة الأطفال تتخذ بقرار معلل أحد التدابير التالية:
1) تسليم الطفل إلى أبويه أو إلى حاضنه أو إلى شخص يوثق به
2) إحالته على قاضي الأسرة
3) وضعه بمؤسسة عمومية أو خاصة معدة للتربية والتكوين المهني ومؤهلة لهذا الغرض
4) وضعه بمركز طبي أو طبي تربوي مؤهل لهذا الغرض
5) وضعه بمركز إصلاح
وإذا تقرر اتخاذ أحد هذه التدابير ، يمكن الإذن علاوة على ذلك بوضع الطفل تحت نظام الحرية المحروسة إلى أن يبلغ سنا لا يمكن أن تتجاوز عشرين عاما"
:star:
نظام الحرية المحروسة
تمثل الحرية المحروسة تدبيرا وقائيا مستقلا يمكن الحكم به بالإضافة لأي عقوبة أو تدبير آخر كما يمكن كذلك الحكم به بمفرده.
هذا التدبير يبقي الطفل في حالة سراح لدى والديه أو مقدمه أو حاضنه أو مؤسسة عمومية أو خاصة، ولكنه يكون مراقبا من طرف مندوب حماية الطفولة الذي تعينه له الهيئة القضائية المتعهدة بالقضية بعد إعلامه وإعلام وليه كذلك بهذا الإجراء الذي يكون غير محدد المدة
نظرا لكون الطفل يوضع تحت نظام الحرية المحروسة لمدة غير محددة، فإن القاضي مطالب بإعادة النظر في هذا القرار مرة كل ستة أشهر على أقصى تقدير قصد مراجعة الإجراء المقرر سواء من تلقاء نفسه أو بطلب من النيابة العمومية أو الطفل أو والديه أو المقدم عليه أو حاضنه أو محاميه أو مدير المؤسسة الموضوع بها
أثناء مدة الحرية المحروسة يقوم المندوب المكلف بمراقبة الطفل بإعلام القاضي الذي أصدر قرار وضع الطفل تحت هذا النظام بكل ما يطرأ من جديد على وضعية هذا الطفل و سلوكه
خلال هذه المدة يبت القاضي في كل الصعوبات التنفيذية المتعلقة بالمراقبة وبجميع الأمور الطارئة المتعلقة بالطفل، وهذا إما من تلقاء نفسه أو بطلب من مندوب حماية الطفولة أو من الطفل أو من المقدم على هذا الأخير