Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
عقد البيع: تكوين عقد البيع (1) - Coggle Diagram
عقد البيع:
تكوين عقد البيع (1)
تمهيد
عقد ملزم للجانبين لتضمنه لالتزامات متبادلة، وهو عقد حيني لأنه يرتب أثاره منذ انعقاده وهو عقد بمقابل وهو ما يميزه عن عقد الهبة وهو عقد رضائي لأن المشرع لم يشترط شكلية معينة لإنبرامه إلا في حالات خاصة إنطلاقا من دوره الاقتصادي
عناصر عقد البيع
عناصر البيع هي الشيء والثمن وإنتقال الملكية
عقد البيع لا يولد فقط التزامات شخصية بين البائع والمشتري موضوعها الشيء والثمن، بل أن من خصائص عقد البيع نقل الملكية الذي يحصل بمجرد التقاء إرادة الطرفين واتفاقهما على المبيع والثمن. ان هذا النقل الفوري للملكية هو نقل حق عيني باعتبار أن الملكية في حق عيني لذلك فإن البيع يمكن أن يكون موضوعه نقل حق للملكية أو أحد فروع الملكية مثل حق الرقبة أو حق التصرف وهذه العقود هي عقود بيع لأنها ناقلة للملكية أي ناقلة لملكية حق عيني
ينجر عن البيع إذا التزام بالتسليم والتزام بالضمان والتزام بدفع الثمن
يمكن أن يرد البيع على حقوق عينية أخرى مثل حق الارتفاق (الارتفاقات تكون اتفاقية أو طبيعية ونحن هنا بصدد الإشارة إلى الارتفاقات الاتفاقية)
عقد البيع له خصائص أخرى وهي أنه عقد رضائي أي أنه ينبرم بمجرد تلاقي إرادة الأطراف وهو عقد محدد القيمة عکس العقد الغير محدد القيمة، وأيضا عقد لا يوجد فيه اعتبار الشخص المعاقد و هو ما يميزه عن غيره من العقود
تمييز عقد البيع عن غيره من العقود
عقد البيع يتميز بخاصيتين جوهريتين، أولهما أنه ناقل للملكية والثانية أن إنتقال الملكية يتم بمقابل ثمن نقدي
يتميز عن الإيجار الذي يرد على الإنتفاع بالشيء وليس الملكية، ويختلف عن المقاولة و الوكالة لأنهما يردان على العمل كما يختلف عن المقايضة التي تنتقل فيها الملكية في مقابل عوض غير نقدي وكذلك على الهبة لعدم توفر العوض.
تصعب التفرقة بين البيع والعقود السابقة الذكر وغيرها من التصرفات الأخرى القريبة منه بحيث يجب التحقق مما إذا كنا بصدد عقد بيع أم بصدد عقد أخر تسري عليه أحكام أخرى
الكراء يختلف عن البيع، فهو عقد زمني يعطي للمتسوغ منفعة المكرى ويتضمن حقا شخصيا في حين أن البيع عقد فوري ناقل للملكية أي لحق عيني، على أن هذه الفوارق لم تمنع من وجود بعض الصعوبات في إيجاد الوصف القانوني الصحيح لبعض العقود التي تتأرجح بين وصفي البيع والكراء، نظرا لوجود تداخل بين إحالة المنفعة وانتقال الملكية في عقد واحد مثل البيع الإيجاري La location - vente أو الإيجار المالي
يتميز عقد البيع عن عقد الإجارة على الصنع بكونه ناقل للملكية في حين أن موضوع العقد الثاني هو إسداء خدمات فقط. غير أنه في بعض الحالات يصعب التمييز بين العقدين كأن يتعهد شخص يصنع شيء لفائدة شخص آخر وتكون مواد الصنع على كاهل الأول على معنى الفصل 873 م.ا.ع. فهل هو عقد بيع لتلك المواد أم عقد صنع شيء خلق إبتداءا من تلك المواد ؟
الهبة عقد بدون عوض، فهو عقد تبرع في حين أن البيع عقد بعوض. لكن الأمر قد يتعلق في بعض الحالات بهبة عوض كأن يفرض (يلزم) الواهب على الموهوب له القيام بالتزام معين على معنى الفصل 200 م.أ.ش فقرة 2، إذ رغم بقاء نية التبرع لدى الواهب فإنها تصبح قريبة من البيع إذا كانت قيمة التزامات الموهوب له تعادل الشيء الموهوب
مع ذلك تبقى الهبة مختلفة عن البيع نظرا لوجود نية التبرع. تختلف الهبة عن البيع لكونها عقدا شكليا وعينيا (الحق العيني يختلف عن العقد العيني، فالعقد العيني يكون بتسليم الشيء . عقد رهن المنقول هو عقد حيازي عيني وهذا مثال آخر العقد العيني). والهبة هي عقد عینی : بما هي تحويز إذ أنها لا تكون صحيحة إلا إذا أبرمت بحجة رسمية ولا تتم إلا بتسليم الشيء الموهوب إلى الموهوب له كما تختلف الهبة عن البيع بحيث أن الواهب لا يضمن عيوب الشيء الموهوب وكذلك استحقاق الشيء الموهوب.
تتمثل المساهمة العينية في شركة في عقد ينقل بمقتضاه الشريك ملكية مال إلى الشركة مقابل امتلاك أسهم فيها فهل أن هذه المساهمة بيع ؟ يرى الفقه أن هذه العملية لا تعتبر بيعا لأن المقابل الذي يتحصل عليه المساهم ليس ثمنا بل أسهم بالرغم من انتقال الملكية.
يتكون عقد البيع بكل حرية بين أطرافه إذا ما توفرت الأركان التي اشترطها المشرع الصحة العقد وهو موضوع العنوان الأول، لكن هذه الحرية التعاقدية في إبرام أو عدم إبرام عقد البيع والتي أتت مكرسة لمبدأ سلطان الإرادة ليست مطلقة، فقد ترد عليها بعض القيود التي تمليها اختيارات المشرع الاقتصادية أو الاجتماعية
I- شروط تكوين عقد البيع
أ- الشروط الذاتية
:one:
الأهلية في البيع
:first_place_medal:
تقييد أهلية البيع
:star:
السبب الذاتي: البيع في مرض الموت
I- شروط مرض الموت
يمكن حصر شروط مرض الموت في شرطين هما، المرض ثم المحاباة
أ) المرض
خطير
مرض الموت هو المرض الخطير المخيف المنذر بالهلاك ، فإذا كان البائع مصابا بمرض غير خطير مثل الزكام فإن ذلك لا يعتبر ومحكمة التعقيب اعتبرت في عدة قرارات أن الأمراض المزمنة لا تعتبر مرض موت وربما يكون ذلك راجعا لكون هذه الأمراض تستغرق مدة طويلة.
متصلا بالموت
أن يؤدي فعلا إلى الوفاة ويقتضي ذلك أن يبقى البائع في حالة مرض منذ إبرام البيع إلى تاريخ الوفاة. وعليه فلا بد من وجود علاقة سببية بين المرض والوفاة، أي يكون المرض متبوعا بوفاة وتكون الوفاة ناتجة عنه.
يجعل المريض عاجزا عن قضاء حاجياته بنفسه
:warning: (كل الشروط المتعلقة بالمرض هي موکولة الإجتهاد فقه القضاء (إن فقه القضاء متغير حسب الحالات المعروضة
ب) المحاباة
إن مجرد وقوع البيع أثناء مرض الموت لا يكفي لإبطاله بل يجب توفر عنصر آخر هو المحاباة، وعند قراءة الفصل 565 م.ا.ع، يلاحظ أنه يثير إشكالية قانونية ذلك أن المشرع ولكن تحدث صراحة عن ضرورة توفر المحاباة إذا وقع البيع لوارث، فإنه لم يشر إلى هذا العنصر إذا كان البيع لغير وارث. فهل تستنتج من ذلك أن البيع في مرض الموت قابل للإبطال حتى ولو لم ينطوي على محاباة ؟
رأى البعض أن عنصر المحاباة غير ضروري إذا كان البيع تغير وارث إذ يكفي وقوعه أثناء مرض الموت الإيطاله ولو كان الثمن عادلا أي متماشيا مع القيمة الحقيقية للمبيع
هذا الإتجاه غير سليم ومخالف لأحكام الفصل 565 فقرة أخيرة التي نصت على أنه إذا كان البيع لغير وارث يتنزل عليه حكم الفصل 355 م.إ. ع. (الفصل 355 م.ا.ع. ورد في باب "في براءة الإسقاط أي في الأحكام المتعلقة بانقضاء الالتزامات).
بالرجوع إلى هذا الفصل نلاحظ أنه تحدث عن الإسقاط الصادر عن الدائن لغير وارثه ولا شك أن الإسقاط هو عقد تبرع ينطوي حتما على المحاباة لأن فيه تنازل الدائن (البائع) عن حقه لفائدة المدين وعلى هذا الأساس فإن البيع الصادر عن مريض أثناء مرض موته لا يمكن إيطاله إلا إذا كانت فيه محاباة سواء وقع لوارث او لغير وارث. فالمحاباة لغير وارث تستمد من أصل طبيعة الإسقاط
ذكر المشرع مثالين، أو تعرض إلى مظهرين من مظاهر المحاباة وهما البيع بأقل من الثمن المتعارف عليه بكثير أو الشراء بازيد.
المحاباة تتوفر أيضا عند ما يتبين من الوقائع أن الثمن المنصوص عليه بالعقد لم يقع قبضه فعلا من البائع قبل وفاته حتى ولو صرح المريض أنه قبض الثمن منذ زمن بعيد أو في تاريخ تحریر العقد. فإذا كان الثمن المدفوع مشكوك فيه يمكن أن نستنتج المحاباة
:warning:
يمكن أن نستنتج المحاباة بالرغم مما نص عليه العقد، وقد يكون العقد حجة رسمية (عادلة) وما يقع تضمينه في الحجة العادلة من تصريحات الأطراف ليس لها حجية مطلقة أي يمكن إثبات عكسها أما ما شهد به عدل الإشهاد بعد حجة رسمية لا يمكن الطعن فيه إلا بالزور
II- حكم البيع في مرض الموت
لبيع في مرض الموت أساسه تقييد حرية المريض في التصرف في مكاسبه (أ) لذلك فإن جزاءه إذا توفرت الشروط التي كنا بيناها في الفقرة الأولى يكون البطلان (ب) أساس أحكام البيع في مرض الموت
أ- أساس أحكام البيع في مرض الموت
لقد ميز المشرع في خصوص أحكام البيع في مرض الموت بين البيع لوارث والبيع لغير وارث فإذا كان البيع لوارث وتم أثناء مرض الموت وكان منطويا على المحاباة فإنه لا يكون صحيحا إلا إذا صادق عليه جميع الورثة طبقا لأحكام الفصل 354 م.ا.ع. الذي أحال إليه الفصل 565 م.ا.ع. أما إذا كان البيع الغير وارث وكان أثناء مرض الموت، فإنه يخضع لأحكام الفصل 355 م...ع الذي ينص على أن الإسقاط من الدائن لغیر وارث في مرض موته يعتبر في ثلث مخلفه بعد استيفاء الديون ومصاريف جنازته، ومعنى ذلك أن هذا البيع يتنزل منزلة الوصية لغير وارث
توجد صعوبة تأصيل لهذه الأحكام، هل أنها ترمي إلى حماية إرادة المريض فتكون متصلة بعيوب الرضى أم هل أنها ترمي إلى حماية الورثة فتكون متصلة بقواعد الميراث
تراءى للبعض أن أساس بطلان البيع الواقع في مرض الموت هو حماية إرادة المريض، أي أن البائع المريض لم يكن رضاؤه سليما بسبب المرض الذي ألم به. وصدرت في هذا الاتجاه عدة قرارات تعقيبية
هذا الاتجاه الذي ذهبت إليه بعض المحاكم غير صحيح لأنه لا علاقة بين مرض الموت وعيوب الرضي، إذ حدد المشرع العيوب المبطلة للرضى ولا تجد من بينها مرض الموت.
غير أن المشرع تعرض في الفصل 59 م.ا.ع. إلى أسباب فسخ العقد المبنية على حالة المرض وما شاكله وهي موكولة لاجتهاد المحاكم، مما يدعونا إلى التمييز بين ميدان الفصل 59 ونطاق الفصل 565 م.إ.ع.
مرض الموت هو الذي يصيب الجسم دون العقل ويكون له تأثير سلبي وخطير على تصرفات المريض.
الفصل 59 م.إ. ع. أشمل لأنه ينطبق على جميع أصناف العقود المبرمة في حالة مرض (مثل عقد الهبة أو عقد المقاولة أو عقد الوكالة) أي أي عقد شريطة أن يكون المعاقد مريضا غير مميز أي غير متمتع برضاء سليم يمكن في تلك الحالة أن تستند في طلب إبطال ذلك العقد إلى أحكام الفصل 59 إذا تبينا أن إرادة المريض كانت معيبة، إذا میدان تطبيقه عيوب الرضى بينما أحكام البيع في مرض الموت هي خاصة بالبيع.
الورثة عندما يطعنون في تصرفات مورثهم على أساس أحكام الفصل 59 فإنهم يقومون بذاك باعتبارهم خلفا عام عملا بأحكام الفصل 241 م... ع بينما عندما يطعنون في عقد بيع لوقوعه أثناء مرض الموت فإنهم ينقلبون إلى غير
من هنا تختلف أسس أحكام الفصل 59 م.ا.ع. على أسس أحكام الفصل 565 م.إ. ع.، فالأولى تتمثل في حماية الرضى من عيب يأتي من حالة المرض التي يكون عليها المتعاقد عند إبرام العقد. فهي مرتبطة بالرضى المنصوص عليه بالفصل 2 من م.إ.ع، في حين أن أساس أحكام الفصل 565 هو حماية الورثة من تصرفات مورثهم المريض قبل وفاته لأن حق الورثة يتعلق بمكاسبه منذ إصابته بمرض الموت لأن المريض في مرض الموت لا مستقبل له، بل هو بصدد ترتيب ماض (أو ترتيب الماضي)
أجمع شراح القانون وفقه القضاء أن المشرع أبدى دائما أحترازا في خصوص تصرفات المريض أثناء مرض موته من ذلك
ما جاء بالفصل 206 من م.ا.ش "إذا صدرت الهبة خلال مرض متصل بالموت اعتبرت وصية"
ما نص عليه بالفصل 1481 م.إ. ع. في كفالة المريض أثناء مرض موته التي لا تصح إلا في ثلث ماله إلا إذا صادق ورثته بما هو أكثر.
ب- جزاء البيع في مرض الموت
إن إمكانية إجازة جميع الورثة للبيع الصادر لوارث وإمكانية إجازة ذلك البيع إذا تجاوز ثلث التركة وكان لغير وارث يمثل إشكالا في تحديد جزاء هذا البيع
:one:
عقد موقوف
هذا الرأي مستمد من الفقه الإسلامي وخاصة المذهب الحنفي الذي يعتبر البيع في مرض الموت عقدا موقوفا
العقد الموقوف مؤسسة لها نظامها في الفقه الإسلامي والمقصود به العقد الذي يتعلق بحق الغير ولا يفيد الحكم إلا إذا أجازه صاحب الحق وهو لا يعد باطلا بل يعد موقوفا على رضاء صاحب الحق أو على إجازته، فإن أجازه صار العقد نافذا وإن لم يجزه فسخ العقد
في القانون التونسي العقد الموقوف نجده في بيع ملك الغير (اعتبرت بعض النظريات أنه لا تسلط عليه أحكام البطلان باعتباره عقدا موقوفا) و تصرفات الصغير غير المميز التي تتوقف على مصادقة الولي غير باطلة لأنها تتوقف على المصادقة
نقد
1 more item...
:two:
عقد باطل
إذا تم البيع أثناء مرض الموت لوارث وظهر فيه قصد المحاباة فإنه يجري العمل بأحكام الفصل 354 الذي ينص على أن "إسقاط الدائن في مرض موته لماله على أحد الورثة سواء كان الإسقاط في الكل أو في البعض لا يصح إلا بمصادقة جميع الورثة عليه"
يستنتج من ذلك أن المشرع رتب البطلان على هذا التصرف لأن عدم الصحة يعني البطلان. فالعقد إما أن يكون صحيحا أو أن يكون باطلا ولا منزلة ثالثة في القانون الوضعي التونسي أما إذا كان البيع لغير وارث فالبيع يعتبر في ثلث مخلف البائع بعد إستيفاء الديون ومصاريف الجنازة. فهو إذا باطل فيما زاد على ثلث التركة
جزاء البيع أثناء مرض الموت هو البطلان وقد استقر فقه القضاء على هذا الرأي وأكدت ذلك محكمة التعقيب في قرارها المبدئي عدد 5655 الصادر في 26 أفريل 1949 و قد تقرر هذا الاتجاه في عدة قرارات
نوع البطلان الذي يعتري البيع لوارث هو بطلان نسبي ذلك أن هذا البيع قابل للإجازة من طرف الوارث ليصبح عقدا صحيحا، وما دام العقد قابلا للمصادقة وكان أساس المؤسسة حماية حقوق خاصة عملا بأحكام الفصل 329 م.إ. ع. يكون البطلان بطلانا نسبيا مع وجوب حصول المصادقة من جميع الورثة، فلو تخلف أحدهم عن ذلك كان البيع باطلا لجميعهم أما البيع الحاصل لغير وارث فهو يتنزل في منزلة الوصية ومعلوم أن الوصية لا يمكن أن تتجاوز ثلث المخلف
طبقا لأحكام الفصل 179 م.أ.ش. الذي نص على أنه لا وصية لوارث ولا فيما زاد على الثلث إلا بإجازة الورثة بعد وفاة الموصي. وبذلك يكون البيع باطلا بطلانا جزئيا أي أنه لا يمضي إلا في حدود ثلث التركة
دعوى الإبطال خاضعة في خصوص أجال تقاسمها إلى الآجال العامة المتعلقة بالتقادم المسقط المنصوص عليه بالفصل 402 م.ا.ع. وعندما ترفع دعوى في إبطال بيع المريض عادة ما يكون المدعون هم الورثة أو شق منهم ولكنهم في هذه الحالة لا يقومون بوصفهم خلفا عاما لمورثهم بل بوصفهم غيرا.
استقر رأي الشراح على هذا الموقف و خلاصة القول في ذلك أن الورثة يمارسون حقا شخصيا في تركة مورثهم وهذا الحق لا يستمدونه من المورث، بل يعطيه إياهم القانون
إن البيع في مرض الموت مؤسسة خاصة لها نظام قانوني معين إذا كان ذلك البيع منطويا على المحاباة حتى نسلط عليه الحكم المقرر له
:star:
الأسباب الموضوعية
يمنع الفصل 309 من مجلة المرافعات المدنية و التجارية المدين الذي ضربت عقلة على أمواله من التصرف في تلك الأموال، وهو منع شامل لا يهم البيع فقط بل كل أعمال التفويت بعوض أو بدونه كما تمنع أعمال الإدارة كالكراء وغاية المشرع من هذا المنع واضحة إذ أنه يسعى إلى تحجير كل الأعمال التي من شأنها أن تقلص أو تعدم حظوظ الدائنين في استيفاء ديونهم
جزاء مخالفة المنع:
البطلان النسبي لقول المشرع إن كل ما يقع باطل ولا عمل عليه إزاء الدائنين". ويبدو من هذه الصياغة أن البطلان نسبي لكونه شرع لحماية مصالح الدائنين
غير أن ما ورد ببداية الفصل من أن كل عقلة تهدف إلى وضع ما تتناوله الأموال تحت يد العدالة من ناحية، و إقرار عقوبات جزائية ضد من يفرط في معقول (الفصل 278 م.ج.) قد يبرر القول بأن البطلان مطلق.
المحكوم عليه بعقوبة 10 سنوات سجن
يضع الفصل 30 من المجلة الجنائية تحت قيد الحجر من تاريخ الحكم عليه إلى إتمام مدة عقابه كل محكوم عليه في جناية واحدة بالسجن مدة تتجاوز العشرة أعوام. وينجر عن ذلك أن المحكوم عليه لا يمكنه التصرف في مكاسبه إلا بالإيصاء
يمنعه القانون من قبول أي مبلغ ولو جزئي من ربحها. أما بالنسبة لإدارة تلك المكاسب، فإنه يعين في شأنها مقدم يحاسب المحكوم عليه عن تصرفه مدة تقديمه بانقضاء مدة العقاب.
طيلة المدة التي يدوم فيها الحجر والتي تنطلق من تاريخ الحكم إلى إتمام مدة العقاب يمنع المحكوم عليه لا من إيرام بيوع فحسب، بل وبصفة عامة من كل أعمال التفويت بعوض أو بدونه باستثناء الوصية
جزاء مخالفة المنع
رغم أن المشرع سكت عن بیان جزاء الأعمال المبرمة خلافا لهذا المنع، فإن الطبيعة الجزائية لهذا النص الذي يجعل من التحجير عقوبة تبعية بالنسبة إلى عقوبة السجن - تدل على أن البطلان يكون في هذه الحالة مطلقا.
الذي صدر حكم بتفليسه
نجر عن الحكم بتفليس التاجر رفع يده عن التصرف في جميع مكاسبه وإدارتها (الفصل 457 من المجلة التجارية). ويفضي ذلك إلى جعله عديم أهلية الأداء (الفصل 6 م اع ) فلا يباشر الأعمال القانونية بل أن ذلك يتم بواسطة أمين الفلسة الذي ينبغي عليه كلما رأى ضرورة بيع أملاك منقولة أو عقارات أن يستأذن الحاكم المنتدب طبق ما هو مقرر بالفصل 494 من المجلة التجارية.
:second_place_medal:
تحجير الشراء
في بعض الحالات تكون أهلية المتصرف بالشراء ناقصة لأسباب حددها المشرع الإعتبارات متعلقة بالأخلاق العامة La morale publique وهذا التحجير ينصب بصفة خاصة على أصحاب الوظائف القضائية ووكلاء الإدارات (&1) وهو في الحقيقة تقرير لقاعدة أصولية مفادها أنه لا يمكن المتصرف بالنيابة أن يعقد لنفسه ولو بواسطة (&2)
&1- تحجير الشراء المسلط على أصحاب الوظائف القضائية ووكلاء الإدارات
تعرض المشرع ضمن الفصول 566 - 567 - 568 - 569 م... ع للأشخاص المعنيين بمنع الشراء وهم على سبيل الحصر القضاة وكتاب المحاكم والمحامون في خصوص الأشياء أو الحقوق المتنازع فيها لدى المحاكم والتي يباشرون بها وظيفتهم، وهذا المنع بالنسبة لذوي الوظائف القضائية ينتهي بانتهاء النزاع في خصوص الشيء أو الحق موضوع البيع.
وهذا المنع مسلط أيضا على وكلاء الإدارات البلدية ورؤساء المصالح العامة والأوصياء والمقدمون فقد تعرض المشرع بالفصل 569 م.ع. إلى السماسرة والخبراء ومنع عليهم الشراء للأموال المأمورين ببيعها.
المنع مسلط أيضا على كل واسطة أو على اسم مستعار وقد وضع المشرع قرينة على الوساطة في هذه البيوعات صلب أحكام الفصل 570 م.إ.ع. أزواج و أولاد الأشخاص المذكورين بالفصول 566 - 567 - 568 - 569 م.إ. ع. وإن كانوا رشداء يعتبرون واسطة في الحالات المبينة في الفصول المذكورة
طبيعة البطلان
المشرع رتب البطلان المطلق على هذه العقود إلا في صورة الفصل 568 وهي الحالة المتعلقة بوكلاء الإدارات البلدية ورؤساء المصالح العامة والأوصياء المقدمين و المتصرفين في أموال أبنائهم وأمناء التفليس، ففي هذه الصور فإن البيع الصادر من الأشخاص المذكورين قابل للتصديق ممن له الحق ويمكن القول أن إمكانية التصديق مبنية على عدم وجود مس مباشر بهيبة القضاء، ولوجود حماية مسبقة لحقوق المتصرف في حقهم من طرف المحاكم.
&2- تحجير الشراء على التصرف بالنيابة (البيع لنفسه)
وضع المشرع صلب أحكام الفصل 549 م.ا. ع. قاعدة عامة مفادها أنه من كان له التصرف بالنيابة كالمقدم أو المدير ليس له أن يعقد لنفسه ولو بواسطة
وهذه القاعدة مبنية على مخاطر هذا التصرف بالنسبة للأصيل لتضارب مصالح الأصيل مع مصالح النائب وهو ما يحصل عادة عند إقدام النائب على البيع لنفسه مباشرة أو عن طريق واسطة
والتحجير الذي أتي في هذا النص (549 م.إ. ع) أتي شاملا لكافة النواب سواء الوارد ذكرهم بالفصول من 566 إلى 569 بصفة حصرية أو غيرهم من المشبهين بهم كالوكيل الإتفاقي ذلك أن المشرع قد تعرض للمقدم والمدير على سبيل المثال صلب أحكام الفصل 549 م.إ.ع
إن وضع المشرع قرينة قانونية غير قابلة للدحض في الوساطة إن كان تعاقد الأشخاص المذكورين بالفصول 567 و 568 و 569 م.إ. ع، مع أزواجهم وأولادهم وإن كانوا رشداء فإن المشرع لم يضع أي قرينة صلب الفصل 549 م.إ. ع. بالنسبة للأزواج أو الأبناء
وهو ما يطرح التساؤل هل أن قرينة الفصل 570 م.إ.ع. تسري على الفصل 549 م.إ. ع. أم لا؟
اتجاه أول
قرار 1995: مجرد وجود قرابة ولو كانت متينة بين شخص الوكيل وشخص من أسند له العقد لا تكفي لقيام الوساطة
اتجاه ثاني
قرار 1996: "إن تحجير تعاقد الوكيل مع نفسه يقوم على قرينة أن إرادة الموكل لا ترمي إلى تعاقد الوكيل مع نفسه لما في ذلك من تعارض في المصالح وبالتالي فإن بيع الوكيل العقار موكله لزوجته فيه تعارض في المصالح يتنافي مع الطبيعة القانونية لعقد الوكالة ولا يكون البيع المذكور صحيحا إلا إذا أقره الوكيل".
يبدو أن الإتجاه الثاني هو الأرجح إذ أن أحكام الفصول 567 إلى 569 م.إ. ع. ليست إلا تطبيقا للقواعد العامة التي وضعت في الكتاب الأول للمجلة علاوة على إرتباطها بقواعد تهم الأخلاق العامة وجزاء مخالفة أحكام تعاقد النائب مع نفسه هو البطلان النسبي لإمكانية حصول التصديق ممن له الحق.
يميز الفقه بين أهلية الوجوب وأهلية الأداء. فأهلية الوجوب هي صلاحية الشخص للتمتع بالحقوق وتحمل الواجبات التي يقررها القانون، أما أهلية الأداء فهي صلاحية من له حق أي من تتوفر فيه أهلية الوجوب لممارسة ذلك الحق بنفسه
أهلية الأداء مناطها التمييز، فمن لا قدرة له على التمييز لا يمكنه التعاقد بنفسه بل بواسطة من يمثله قانونا مثل الولي والمقدم أما أهلية الوجوب قمناطها الشخصية القانونية، فهي مرتبطة بمقومات الشخصية القانونية
سواء أكانت اهلية الأداء أم أهلية الوجوبا هي المبدأ. أما انعدامها أو نقصانها فهو الاستثناء، ويتكفل القانون تبعا لذلك بحصر تلك الحالات التي لا تخرج في عقد البيع عن أن تكون إما لتقييد أهلية البيع ( :first_place_medal: ) أو لتقييد أهلية الشراء ( :second_place_medal:)