Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
إستثناءات النسبية العقدية - Coggle Diagram
إستثناءات النسبية العقدية
.
أهم الاستثناءات: أن العقد ينتج أثرا مقصودا بنصرف إلى الغير فيصبح بموجبه دائنا دون أن يكون طرفا فيه، وهو ما يمكن التأكد منه من خلال دراسة الإشتراط لمصلحة الغير
نتسائل هل أنه في إمكان العقد أن يرتب التزاما في ذمة الغير فيصبح هذا الأخير مدينا بموجب عقد لم يكن طرفا فيه، وهو سؤال تستدعي الإجابة عليه دراسة مفهومي التعاقد في حق الغير والتعهد عن الغير
I- الاشتراط لمصلحة الغير
1- مفهوم ودور الإشتراط لمصلحة الغير
هو عمل قانوني بشرط فيه شخص يسمي المشترط علي شخص آخر يسمى المتعهد أو الملتزم بأن يقوم بأداء معين لمصلحة شخص ثالث يسمي المنتفع
من أهم ما فاته التأمين على الحياة الذي يشترط فيه شخص على شركة تأمين أن تدفع لورثته، أو لغيرهم من الأشخاص بعد وفاته، مقدارا من المال معينا بالعقد وذلك إما في شكل رأس مال أو في قالب جراية عمرية
كذلك عقد التأمين لحساب من ملك الشيء المؤمن عليه وهو عقد يشترط فيه مكتتبه على شركة التأمين أن تضمن تعويض الخسائر الناجمة عن تلف الأشياء المؤمنة لأي شخص تعود له ملكيتها وقت وقوع الحادث و يستعمل التأمين لحساب الغير خاصة لضمان خطر تلف السلع التي يتغير مالكوها أثناء نقلها
تعد أيضا اشتراطا لمصلحة الغير الهبة بعوض (الفصل 200 فقرة 2 من م.ا.ش.) التي يفرض فيها الواهب على الموهوب له القيام بالتزام معين لفائدة الغير دون أن يتجرد عن نية التبرع
من أمثلة الإشتراط لمصلحة الغير التي أوردها فقه القضاء الفرنسي تعهد المتسوغ في عقد كراء بتسديد معاليم الكراء المتخلدة في ذمة المتسوغ السابق وكذلك الاتفاق الذي يتعهد بمقتضاه زوجان بالتفويت في ملكية عقار لأبنائهما وقد نتج عن وصفه بالاشتراط لمصلحة الأبناء تمكين هؤلاء من حق الإحتجاج به ضد أمهم لجبرها على إتمام إجراءات تحويل ملكية العقار لفائدتهم على أساسه
يتبين من خلال هذه الأمثلة أن المصلحة القانونية من عملية الإشتراط لمصلحة الغير تكمن في قدرتها على تجاوز قاعدة النسبية العقدية وذلك بأن تقر حقا مباشرا للغير استنادا إلى العقد الرابط بين المشترط والمتعهد
في هذا ما يسمح للغير المستفيد من الاشتراط بأن يطالب المتعهد بذلك الحق بصفة شخصية ومباشرة دون حاجة لاستئذان المشترط في ذلك بالرغم من كونه بقي أجنبيا عن العقد الذي يستند إليه، والذي لا يربط سوى بين المتعهد والمشترط
تطبيق فقه القضاء: التوسيع
إن في تجاوز النسبية العقدية فائدة عملية ثابتة في بعض الحالات. لذلك نلاحظ أن فقه القضاء لا بنردد أحيانا في الالتجاء إلى آلية الاشتراط لمصلحة الغير للتوسيع في نطاق العقد من حيث الأشخاص إذا تأكدت المصلحة من مثل هذه العملية
من ذلك أن المحاكم التونسية تقبل في صورة وفاة شخص في حادث مرور أن يقوم ورثته ضد الناقل بالمطالبة بجبر الأضرار المادية أو المعنوية التي لحقتهم شخصيا نتيجة وفاة مورثهم، على أساس المسؤولية العقدية استنادا إلى عقد النقل المبرم بين مورثهم والناقل
نقد:
يبرر الشراح قبول قيام الورثة في هاته الصورة على أساس المسؤولية العقدية باشتراط ضمني في هذا المعنى يكون قد اشترطه مورتهم لفائدتهم بعقد التقل
معظهم يرى أن الالتجاء إلى آلية الإشتراط لمصلحة الغير لا يستقيم هنا من الناحية القانونية طالما أن نية الاشتراط المنسوبة إلى الميت لفائدة ورثته لا أساس لها من الواقع
يتضح من ذلك أن استعمال مفهوم الإشتراط لمصلحة الغير في هاته الصورة كان من قبيل الحيلة القانونية التي تبررها ضرورة مراعاة مصالح المتضررين وذلك بتمكينهم من ممارسة حقهم في التعويض مع إعفائهم من عبء إثبات الخطر الذي يفترضه القيام في مثل هاته الحالة على أساس المسؤولية التقصيرية، وفي السماح لهم لنفس الغرض بالانتفاع من فوائد الالتزام بضمان سلامة المسافر. وهو التزام بنتيجة محمول قانونا على ناقل الأشخاص
انتشار الاشتراط لمصلحة الغير وتعميمه في العصور الحديثة كان نتيجة التطور الإجتماعي والفكري الذي رافق الثورة الصناعية بداية من النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث ظهرت، إضافة إلى التأمين على الحياة وتأمين المؤجرين لأجرائهم ضة حوادث الشغل، العقود المشتركة للشغل، والاشتراطات لفائدة العملة في عقود الأشغال العامة التي تبرمها الإدارة مع المقاولين الخواص، بما يتضح معه أن الإشتراط لمصلحة الغير بعد وسيلة قانونية ضرورية لتحقيق الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية التي يقتضيها التطور في هذه الميادين
2- شروط تحقق الإشتراط لمصلحة الغير
:one:
وجود عقد بين المشترط والمتعهد
يستوجب تحقيق عملية الإشتراط لمصلحة الغير وجود عقد بين المشترط والمتعهد تتوفر فيه جميع شروط الصحة، ويجوز أن يكون العقد إما بعوض أو تبرعا من المشترط للمتعهد (الفصل 38 فقرة أولى من م.ا.ع.)
ينجر عن بطلان العقد، مهما كان الصنف الذي ينتمي إليه، بطلان الاشتراط لمصلحة الغير الذي يتضمنه
من أسباب البطلان الخصوصية لعقود التأمين على الحياة، والتأمين في صورة الوفاة الذي يعقده الغير على حياة المؤمن له... إذا لم يعط هذا الأخير موافقته کتابیا قبل اكتتاب العقدة (الفصل 36 من مجلة التأمين). ولا يحق للمستفيد من التأمين تبعا لذلك أن يحتج في هاته الحالة بالاشتراط الذي يتضمنه العقد الباطل لفائدته.
أما من حيث الأصل، فلا يتحقق الاشتراط لمصلحة الغير إلا إذا تأكدت إرادة الطرفين المتعاقدين على إكساب حق للغير
لا بثير هذا الموضوع أية صعوبة في صورتي التأمين على الحياة المكتب الفائدة الغير والهبة بشرط الفائدة الغير، حيث يعبر الأطراف عن مقاصدهم بصورة صريحة لا يبقى معها مجال للشك. على أن الوضع يكون مختلفا في صورة ما إذا كان الاشتراط المفترض ضمنيا
يتفق الشراح على أنه يتجه عندئذ تطبيق القواعد العامة التفسير العقود واعتبار مسألة وجود نښة إكساب الغير حقا من عدمه من المسائل التي تخضع لمحض اجتهاد القاضي ولسلطته التقديرية
المحاكم في فرنسا وألمانيا خاصة اعتمدت في هذا الخصوص اتجاها تحرريا: افتراض وجود اشتراط لمصلحة الغير دون أن يثبت لديها اتفاق الأطراف على ذلك. ولا يمكن تفسير هذا الاتجاه إلا بدوافع إنسانية وخيرية تكمن اساسا في تمكين المتضررين من الحوادث من الحصول على التعويض أو لتيسير ممارستهم لهذا الحق
:two:
الشروط المتعلقة بشخص المستفيد
:question:
هل من الضروري أن توفر شروط الأهليية في شخص المستفيد وهل يجب أن يكون معينا بعقد المشارطة ؟
الأهلية
+ من الممكن الجزم بأنه لا يشترط في المستفيد أن تكون له أهلية الأداء التي لا يستوجبها القانون إلا في من يلزم نفسه أو يلزم غيرها لأن المستفيد ليس طرفا في عقد المشارطة، ولأن القانون لا يمنع الصغير أو الحجور من اكتساب حق بموجب عقد مضى لفائدتهما من غيرهما من الأشخاص
الحق المكتسب بهاته الصورة يرجع سببه بالضرورة إلى العلاقات القائمة ماضيا أو حاضرا بين المشترط والمستفيد، وقد يكون إما خلاصا لدین سابق في ذمة المشترط نتيجة عقد بعوض بينهما، أو تبرعا من المشترط لفائدة المستفيد. ويتفق الشراح على أنه من الضروري ليصح الإشتراط الذي يقصد به التبرع لفائدة الغير أن تكون لهذا الأخير الأهلية القانونية لقبول التبرعات
تعيين المستفيد
الفصل 38 فقرة أولى من م.ا.ع. ينص صراحة في خصوصها على أنه يسوغ اشتراط شرط تعود منفعته على الغير وإن لم يعين الغير .... والغير الذي لم يعين هو إما شخص قابل للتعيين ويجوز في هاته الصورة أن يكون شخصا يوجد مستقبلا أو شخصا يقع تعينه بعد اكتتاب عقد المشارطة
يفترض البعد الاجتماعي المميز الذي يهدف إلى تحقيقه استعمال الإشتراط لمصلحة الغير قبول الإشتراط لأشخاص غير موجودین وقت إبرام العقد، وقد قبل المشرع صراحة هذا الحال بالنسبة للتأمين على الحياة المكتب لفائدة الغير ، حيث يعتبر الفصل 39: فقرة 2 من مجلة التأمين أشخاصا معينين :"... الأبناء، من ولد منهم، ومن سيولد...." ويتفق أغلبية الشراح على أنه يمكن بالقياس تعميم هذا الحل على جميع حالات الإشتراط لمصلحة الغير نظرا لشمولية عبارة الفصل 38 فقرة أولى م.:"... وإن لم يعين الغير ..."
إذا لم يعين الشخص المستفيد، أو كان غير قابل للتعيين وقت اكتتاب العقد، فإن تعيينه بعد اكتتاب العقد يجوز قانونا. وقد نصت مجلة التأمين صراحة على هذا الحل في الفقرة الأولى من الفصل 89: التي ورد بها أن المبالغ المنصوص عليها بالعقد تدفع "بعنوان التأمين في صورة الوفاة إما الشخص واحد أو لعدة أشخاص مذكورين في العقد وإما لأشخاص بعينون بعد اكتتاب العقد. …" ولا شك في أن الفصل 38 من م.ا.ع. الذي يقبل في فقرته الأولى صراحة الإشتراط الذي لم يعين فيه الغير المستفيد يفز ضمنيا هذا الحل بالنسبة لجميع صور الاشتراط لمصلحة الغير بوجه عام
أما إذا الحدث الإشتراط أثره دون أن يتم تعيين المستفيد، فإن المشترط يحمل على أنه اشترط الشرط على المتعهد لذات نفسه أو لورثته ولمن آل لهم حقه بعد وفاته (الفصل 40 من مجلة التأمين)
3- آثار الإشتراط لمصلحة الغير
:one: العلاقة بين المشترط والمتعهد
بالنسبة للعقد ككل
من ذلك أنه يحق مثلا للبائع الذي اشترط على معاقده دفع جزء من الثمن إلى الغير - وبصرف النظر عما قد يترتب على تنفيذ هذا الإشتراط من عدمه - أن يغصب المشتري على الوفاء له بالجزء المتبقي من الثمن وذلك بأن يمتنع مثلا من ناحيته من إتمام ما عليه، أو بأن يطلب الفسخ، وكذلك بان يقوم عند الاقتضاء على المشتري بالخسارة
علاقة المشترط بالمتعهد مزدوجة. فالعقد المبرم بينهما يتضمن غالبا، بالإضافة إلى الإشتراط لمصلحة الغير، التزامات فيما بينهما لا شك أن تنفيذها يخضع كليا للقواعد المنظمة لآثار العقود، العامة منها أو الخاصة بحسب ما إذا كان العقد الرابط بينهما من العقود غير المسماة أو من العقود المسماة
بالنسبة لتنفيذ الشرط
الفصل 39 من م.ا.ع. ينص صراحة على أنه :" يحق أيضا لمن اشترط على معاقده شيئا لمنفعة الغير أن يطلب مع ذلك الغير تنفيذ الشرط...."
صدور الشرط عن ذات المشترط يفترض أن لهذا الأخير مصلحة شخصية في أن ينقذ. وقد تكون هذه المصلحة مادية ، كما في الإشتراط الذي سببه خلاص دین في ذمة المشترط نحو المستفيد، أو أدبية ، كما إذا قصد من الاشتراط تبرع للغير
يتبين من الفصل أن طلب تنفيذ الإشتراط لمصلحة الغير من طرف المشترط لا يجوز إلا مع " ذلك الغير"، فإن ذلك مراعاة لحق الغير المباشر على الأداء المشترط على المتعهد، وهو حق قاصر عليه دون المشترط ما يستحيل معه السماح بإدخال الأموال المشترطة ولو مؤقتا في الذمة المالية لهذا الأخير، وهو ما قد يؤول إليه الحل المتمثل في تمكينه من القيام بمفرده بدعوى في تنفيذ الإشتراط
ومما يبرر أيضا الحل الوارد بالفصل 39 من م.ا.ع. ضرورة التأكد من رغبة المستفيد في الانتفاع بما اشترط لفائدته إذ لا ينازع أحد في حقه في التنازل عنه حتى بعد تصريحه بقبول الإشتراط
الفصل 39 المذكور لا يمنع طبعا المشترط من أن يطلب وحده فسخ العقد الذي يربطه بالمتعهد بسبب عدم إتمام هذا الأخير لما تعهد به نحوه, ففي هاته الصورة لا يجوز للمشترط أن يحتج بعدم تنفيذ الإشتراط أو أن يقوم وحده أو بمعية الغير بقضية في تنفيذه
:two:
العلاقة بين المتعهد والمستفيد
يكتسب المستفيد من الاشتراط الصادر لفائدته حقا مباشرا يتحدد نطاقه بالرجوع إلى العقد الرابط بين المتعهد والمشترط
أ- الحق المباشر
ورد بالفصل 38: من م.ا.ع. أن " الشرط ينفذ مباشرة في حق... الغير ويكون له القيام به على الملتزم ...."
خصوصية الإشتراط لمصلحة الغير تكمن أساسا في الإعتراف للغير بحق مباشر ضد المنعقد بما يمكنه من مطالبته بالتنفيذ والرجوع عليه بالتعويض في صورة المماطلة، دون أن يحق للمتعهد أن يعارضه بدفوعات خارجة عن نطاق عقد المشارطة، والتي يكون من حقه أن يعارض بها المشترط، كالدفع بالمقاصة لوجود دین سابق في ذمة المشترط نحوها.
ذلك أن الأثر الأساسي للإشتراط لمصلحة الغير هو إنشاؤه لحق شخصي للمستفيد ضد المتعهد يولد مباشرة في ذمته المالية ويصبح بموجبه دائنا مباشرا له. ويترتب على ذلك أن الأداء موضوع ذلك الذين يبقى خارجا تماما عن الذمة المالية للمشترط
:warning:
صفة الدائن لا تسمح للمستفيد بطلب فسخ عقد المشارطة لأنه لم يكون طرفا فيه، ولا يجوز إذن طلب الفسخ لعدم إتمام المتعهد ما عليه نحو المستفيد إلا للمشترط وحده .
ب - حدودها
يرجع أصل حق الغير ضد المتعهد إلى عقد المشارطة، وما كان ليوجد بدونه. لذلك فهو يزول بزواله بموجب البطلان أو الفسخ و لا يمكن أن تتجاوز حدود نطاقه ما أقره العقد لفائدة الغير
قد نص الفصل 18 فقرة 2 من م.ا.ع. على هذه القاعدة مقولة أن الشرط ينفذ مباشرة في حق الغير الذي يكون له القيام على الملتزم إلا إذا منع عليه القيام في العقد أو علق على شروط معينة.
:three:
العلاقة بين المشترط والمستفيد
الإشتراط لمصلحة الغير هو في الواقع نتيجة المبادرة شخصية من المشترط أراد بها هذا الأخير إكساب حق للغير، قبل أن يكون نتيجة تلاقي إرادتي المشترط و المتعهد و عقد المشارطة ليس سوى وسيلة قانونية تمكن المشترط من تحقيق ذلك الهدف.
عقد المشارطة ينشیء من تاریخ انعقاده حقا مباشرا للغير ضد المتعهد يكون قاصرا عليه دون المشترط . وإذ يترتب على هذا الحق المباشر انتفاء كل علاقة مديونية بين المشترط والمستفيد، فإن من نتائجه أيضا أن يكون الإشتراط لمصلحة الغير غير قابل مبدئيا للنقض من قبل المشترط
أ- انتفاء كل علاقة مديونية بين المشترط والمستفيد
لا يترتب على الإشتراط لمصلحة الغير أية علاقة مديونية بين المشترط والمستفيد وذلك بصرف النظر عن وجود رابطة سابقة بينهما من عدمه
المستفيد يصبح من تاريخ إتمام هذا الإتفاق وبموجبه دائنا للمتعهد وحده دون المشترط. فلا يجوز له إذن مطالبة هذا الأخير بالتنفيذ إذا تخلف التعهد عن الوفاء. كما لا يجوز لنفس السبب الدائن المشترط القيام بالدعوى البليانية طعنا في عقد المشارطة أو إجراء عقلة على الأموال الراجعة للمستفيد بموجب هذا العقد
المستفيد لا يعتبر بصفته تلك خلفا عاما للمشترط مما يترتب عليه أن الأموال المشترطة لفائدته لا تدخل في تركة المشترط ولا نقسم بين ورثته بعد وفاته . وإذا كان المستفيد وارثا، فإنه لا يفقد حقه على تلك الأموال في صورة تنازله عن الإرث وهو الحل الذي أقرته صراحة الفقرة الأخيرة من الفصل 39 من قانون التأمين بمقولة أن التنازل عن الإرث لا يفقد الإنتفاع بالتأمين على الحياة في صورة الوفاة.
ب - مسألة قابلية الإشتراط للنقض
المشرع لما نص بالفقرة 2 من الفصل 38 من م.ا.ع. على أن الشرط ينفذ مباشرة في حق الغير، وأن لهذا الأخير القيام به على المتعهد ، أضاف مستثنيا إلا إذا منع عليه القيام في العقد أو علق على شروط معينة ، الأمر الذي يتبين معه أن الصعوبة التي تثيرها مسالة قابلية الإشتراط للتقض تنحصر في صورة سكوت عقد المشارطة عن هذا الحق. فهل يجوز للمشترط في مثل هذه الصورة أن يرجع فيما اشترطه لمصلحة الغير وأن ينقضه؟
يكمن الأساس الذي يجب اعتماده لحل هذا الشكل في صریح عبارات الفصل 38 من م.ا.ع. التي ورد بها أنه " يسوغ اشتراط شرط تعود منفعته على الغير ... إذا كان ذلك في ضمن عقد... وحينئذ ينفذ الشرط مباشرة في حق ذلك الغير....."
حيث يفهم من هذا الحكم أن الحق المباشر يولد في ذمة المستفيد بمجرد إتمام عقد المشارطة، فإذا ولد هذا الحق مطلقا دون أن يعلق على شرط أو قيد، وإذا اتفقنا من ناحية أخرى أنه مستقل تماما عن الذمة المالية للمشترط، فإن السماح لهذا الأخير بنقضه يكون والحالة تلك فاقدا لكل أساس قانوني و مخالفا للمبادئ العامة التي تقتضي أن لا يحرم شخص من حقوقه المالية بدون مبرر قانوني
وجود الحق المباشر ليس رهين التصريح بقبوله من قبل المستفيد في القانون التونسي. وهو ما تؤكده، إضافة إلى عبارات الفصل 38 فقرة 2 المذكورة (وحينئذ ينفذ الشرط مباشرة...)، أحكام الفقرة الثالثة من ذلك الفصل التي جاء بها أنه لا عمل على الشرط إذا أعلم المستفيد به المشترط بعدم قبوله له. ويفهم مما سبق أن الاشتراط يعد صحيحا نافذا طالما لم يعلم المستفيد به المشترط بعدم قبوله له. وتبعا لذلك فإن القبول ليس ضروريا لإنشاء الحق المباشر
غير أنه تتجه الملاحظة أن مكانة أحكام مجلة الإلتزامات والعقود بقيت من هذه الناحية محدودة للغاية في التطبيق ضرورة أن نظام التأمين على الحياة يقضي بأن المستفيد يكتسب حقا خاصا ومباشرا على المبالغ المنصوص عليها بالعقد (الفصل 39 من مجلة التأمين). وإذ يترتب على ذلك أنه لا يحق بموجب القانون الجديد للمؤمن له أن ينقض اشتراطه للمستفيد العين الذي لم يقبل بعد الاشتراط الصادر لفائدته، وأن ينقل ذلك الحق إلى غيره من الأشخاص، لكن ذلك لا يمنع المؤمن له من التنصيص على ذلك الحق بعقد التأمين، علما أن المبادىء العامة تسمح بتحديد حقوق المستفيد وتعليقها على شروط ضمن عقد المشارطة
مفعول التأمين في صورة الوفاة يبطل في جميع الأحوال عندما يتسبب المستفيد عمدا في موت المؤمن له (الفصل 38 من مجلة التأمين). وتنسحب هذه القاعدة على جميع حالات الإشتراط لمصلحة الغير التي يقصد بها التبرع لفائدة الغير وذلك استنادا إلى أحكام الفصل 210 م. ا. ش.
II- التعاقد في حق الغير والتعهد عن الغير
.
لا يندرج التعاقد في حق الغير والتعهد عن الغير في نطاق استثناءات النسبية العقدية ضرورة أنه لا يترتب عليهما في جميع الأحوال التزام في ذمة الغير، إلا إذا رضي المتعاقد في حقه أو التعهد عنه بذلك الالتزام
لكن هذه الرؤية القانونية الضيقة لا تمنع من الاعتراف بأن الالتجاء لهذين المفهومين يهدف في التطبيق، ولأسباب تفرضها إما مصلحة العائلات أو السرعة في المعاملات وحسن سيرها، إلى تجاوز العقبات التي يمكن أن تترتب نظريا على قاعدة النية العقدية، وذلك بأن يقدم شخص على إلزام غيره بدون توكيل منه أو ولاية حكمية، أو على التعهد عنه نحو شخص آخر مفترضا بحسب الحالات - إما قبول الغير التعاقد أو تصديقه على العقد المبرم
أما إذا رفض الغير الإلتزام، فإن المتعاقد في حقه بدون سلطة أو المتعهد عنه سوف يتحمل بدون شك التبعة .
:one: تعريف مفهومي التعاقد في حق الغير والتعقد عن الغير ودورهما
التعاقد في حق الغير
هو اتفاق يبرمه شخص باسم غيره وفي حقه ليلزمه نحو شخص المتعاقد معه دون أن تكون له صفة النائب. وهو إذن حالة نيابة بدون سلطة
التعهد عن الغير
هو عقد يتعهد بموجبه شخص (التعهد) نحو معاقده (المتعهد له بأن يجعل شخصا ثالثا (الغير)، يلتزم له بأمر معين، کالامتناع عن عمل أو القيام بعمل.
يختلف التعاقد في حق الغير عن التعهد عن الغير من حيث أن الأول يهدف إلى إلزام الغير دون سابق إذن بتوكيل منه او بولاية حكمة في حين أن الثاني يبقى عملية ثنائية في تكوينها وفي آثارها بين المتعهد له دون أن يترتب عليها أي التزام في ذمة الغير المتعهد عنه
الاختلاف لا ينفي التكامل القائم بينهما في التطبيق
التعهد عن الغير لا يصدر في غالب الأحيان بصفة عقد مستقل، إنما باعتباره من توابع عقد أبرمه شخص في حق غيره بدون أن تكون له صفة النائب، وكثيرا ما يتمثل موضوع التعهد في ضمان تصديق الغير على العقد المبرم في حقه بدون سلطة، ومن أمثلة ذلك تعهد الوكيل الذي تصرف بلا وكالة أو تجاوز حدود وكالته عند إبرامه عقدا في حق موكله بأن يقبل هذا الأخير التصديق على العقد
اعتبرت بعض المحاكم الفرنسية من جهة أخرى أن مؤسس شركة تجارية محمول على كونه تعهد ضمنا نحو الغير بالنسبة لجميع العقود التي أبرمها في حق تلك الشركة أثناء تأسيسها، الأمر الذي يترتب عليه إلتزامه شخصيا بتحمل التبعة في صورة فشل المشروع وعدم تكوين الشركة .
يهدف التعهد عن الغير إلى ضمان نفاذ التعاقد في حق الغير بما يشجع المتعهد له على إبرامه بالرغم من انعدام أو نقص أهلية من له صفة المدين فيه وانتفاء صفة النائب في من تعاقد
التعاقد في حق الغير ممكن واقعا وقانونا بدون تعهد من يمضيه في حق غيره بلا سلطة على ضمان تصديق هذا الأخير عليه.
أثبتت الأبحاث الفقهية الحديثة من ناحية أخرى أن دور التعهد عن الغير أصبح لا ينحصر في ضمان الخسارة الناجمة عن رفض التعاقد في حقه بدون سلطة التصديق على العقد، بل إنه امتد أحيانا إلى ضمان تعويض الخسارة التي يمكن أن تنجر عن عدم الوفاء بالالتزامات العقدية العادية إذا كان الوفاء بها رهين إبرام المدين لعقد ثان. ومن أمثلة ذلك ما ذهبت إليه بعض المحاكم الاستئنافية بفرنسا من أن من يبرم عقدا نهائيا وباتا لشراء معدات صناعية على شرط حصوله على قرض بنكي لتمويل العملية محمول على أنه تعهد نحو البائع صانع المعدات بضمان قبول البنك منحه القرض المذكور، ويترتب على ذلك تحميل المشتري عبء الخسارة الناجمة للبائع عن عدم تحقق الصفقة المتفق عليها بسبب رفض تمويلها من قبل البنك.
تستعمل آلية التعهد عن الغير لضمان تكافؤ الإلتزامات بين المعهد والمتعهد له بموجب عقد أصلي، كان يتعهد طرف بأن يضمن لمعاقده الحصول على صفقة أخرى مع الغير كضمان لمردودية الصفقة التي أبرمها معه بشروط نافعة
:two: أحكام التعاقد في حق الغير والتعهد عن الغير
:first_place_medal:
نطاق و مضمون التعهد عن فعل الغير
أ- نطاق التعهد عن الغير
:question:
يفرض التساؤل تبعا لذلك عن مدى صحة التعهد عن الغير إذا كان محله ضمان التصديق على عقد ابرم في حق قاصر لا يمكنه قانونا توكيل شخص عنه ولا تجوز عنه النيابة إلا بولاية حكمية
وجهة نظر أولی
يمكن اعتبار التعهد عن الغير في مثل هذه الصورة جائزا
يتأسس هذا الرأي على أن عدول المشرع عن تنظيم التعهد عن الغير بوجه عام لا يحول دون صحة مثل هذه العملية طالما أنها تتمثل في عقد منشیء لالتزام بعمل لا يتنافى من حيث موضوعه لقواعد الأخلاق الحميدة والنظام العام، وهو ما يمكن معه، عملا بقاعدة الحرية التعاقدية واستنادا إلى النظرية العامة للعقود :" التعهد في جميع الأمور القاضية بتكوين موضوع اتفاق... وفي حق أي شخص ولو في حق من ليس له حق التعاقد مؤقتا…"
هو الحل الذي تبنته محكمة التعقيب في قرار يرجع تاريخه إلى غرة جويلية 1930
وجهة نظر ثانية
الفقه الفرنسي انتقد بشدة وباستمرار إقرار المحاكم لصحة التعهد عن الغير في هاته الصورة. وقد علل الفقهاء رأيهم بأن هذا الحل يفقد كل جدوى لدور حاكم التقاديم من هذه الناحية، بل يؤول إلى حرمان الصغير وقاصري الأهلية بوجه عام من الحماية التي خصهم بها القانون علما أن الصبغة العائلية التي غالبا ما تكتسبها المعاملات المقترنة بشرط التعقد تحول دائما دون ممارسة الصغير بعد رشد، لحقه في عدم التصديق.
لذلك تعتبر من وجهة نظر ثانية - وهي الأرجح في نظرنا - أن التعهد عن الغير إذا كان هذا الأخير ناصرا غير ممكن في القانون التونسي
مجلة الالتزامات و العقود بقيت خالية من أحكام قانونية في هذا المجال باستثناء ما ورد في الفقرة الأخيرة من الفصل (116) وهو حكم خاص بتعهد الوكيل عن موكله في صورتي التعاقد في حقه بلا وكالة أو خارج حدودها
ب - مضمون التعهد عن الغير
التعهد عن الغير التزام بعمل يلتزم بموجبه المتعهد بان يضمن إما التصديق على العقد من قبل المتعاقد في حقه، أو قبول الغير المتعهد عنه إبرام عقد معين، وهو التزام بنتيجة.
لكنه يضمن فقط التصديق على العقد أو تكوينه دون تنفيذه بما يجعله يختلف من هذه الناحية عن الكفالة
:second_place_medal:
القيمة القانونية للعقد المبرم في حق الغير
العقد المبرم في حق الغير بنشا صحيحا (أ) ولكنه يبقى غير نافذ في حق المتعاقد باسمه (ب) إلى حين التصديق عليه من قبله
أ- صحة العقد المبرم في حق الغير بلا سلطة
تتجه الملاحظة في هذا الخصوص أنه لا يشترط في العقد حتى ينشأ صحيحا أن يكون الطرف المتعاقد مع النائب على علم بكون النائب تصرف معه بدون سلطة. ولا يترتب على إخفاء الحقيقة عليه سوى إلزام النائب المذنب بغرم الخسارة وهو الحل الوارد بالفقرة الأولى من الفصل 1156 من م.ا.ع. المتعلق بتعاقد الوكيل في حق الغير بلا وكالة
على أن التعاقد في حق الغير يعد باطلا من أساسه في جميع الحالات التي لا يجوز فيها التعاقد بالنيابة من ذلك مثلا عقد التبرع بعضو قصد زرعه لشحص اخر
ب - عدم نفاذ العقد المبرم في حق الغير بلا سلطة
لا يلزم الغير العقد المبرم في حقه ولا يمكن الاحتجاج به ضده إلى حين التصديق عليه من طرفه
يعد العقد في هاته الصورة، حسب بعض الشراح ، معلقا أو موقوفا
وهي وضعية يمكن أن ينتج عنها ضرر للطرف الآخر إذا طالت مدتها علما أن هذا الأخير يبقى في الأثناء مقيدا بالعقد الذي أبرمه مع أنه يتعذر عليه تنفيذه. لذلك سعي المشرع إلى تجنب وقوعها وذلك بأن سمح للطرف الآخر أن يسأل من وقع العقد في حقه الموافقة أو عدمها، فإذا لم يعرف بموافقته في أجل مناسب غايته خمسة عشر يوما من تاريخ إعلامه بالعقد انفك التزام صاحبه، (الفصل 40 فقرة أولی من م.ا.ع.)
:three:
آثار التعاقد في حق الغير والتعهد عن الغير
أ- صورة التصديق
التصديق هو تصرف قانوني آحادي » يعلن بموجبه المتعاقد في حقه قبوله للعقد المبرم في حقه من طرف من نابه فيه بدون سلطة
1) شكل التصديق
لا يخضع التصديق من حيث صحته إلى أي شرط شکلي ويمكن إذن أن يكون إما صريحا أو ضمنيا
قد أجاز المشرع صراحة التصديق دلالة أي بإجراء العمل بالعقد من طرف من وقع العقد في حقه، (الفصل 41 من م.ا.ع.). كما نص أيضا بالفصل 42 من م.ا.ع. على أن السكوت بعد ارضاء أو تصديقا من شخص إذا وقع التصرف في حقوقه بمحضره أو أعلم به على الصورة المطلوبة ولم يعارض بشيء ولم يكن في سكوته عذر معتبر
2) أثر التصديق
للتصديق أثر رجعي بين طرفي العقد. وتجري أحكامه على المصدق لزوما والتزاما من وقت انعقاد العقد ما لم يوجد شرط يخالف ذلك...» (الفصل 41 فقرة 2 م.ا.ع.)
على أن الأثر الرجعي للتصديق الذي تفترضه هذه القاعدة القديمة لا ينسحب إلا على المصدق ومعاقده. أما بالنسبة للغير فإن أحكام العقد لا تجري إلا من يوم التصديق
:warning:
تتجه الإشارة من جهة أخرى إلى أن التصديق في صورة اقتران التعاقد في حق الغير بتعهد عن الغير، يمثل وفاء المتعهد بالتزامه نحو المتعهد له بما يبرئ ذمته نحوه
ب - صورة عدم التصديق
1) حالة عدم اقتران التعاقد في حق الغير بتعد عن الغير
إذا أبرم وکیل بلا وكالة أو بتجاوز حدود وكالته عقدا في حق الغير ولم يتعهد بضمان التصديق عليه من طرف المتعاقد في حقه فإنه لا يلزم بالخسارة لمن عاقده إذا لم يتيسر إتمام ما تعاقدا عليه طالما ثبت أنه أعلمه أنه بتصرف معه بدون سلطة أو أن معاقده كان عالما بذلك.
أما إذا تبين أنه قد أخفى عليه حقيقة الأمر فعليه تعويض الخسارة.
وينسحب هذا الحل الوارد ضمن الفصل 1156 من م.ا.ع. المتعلق بالوكالة على التعاقد في حق الغير بوجه عام.
2) حالة اقتران التعاقد في حق الغير بتعهد عن الغير
التعهد بضمان التصديق هو التزام بنتيجة يترتب على عدم الوفاء به إلزام المنعقد ہضمان الخسارة. ولا يعفى من هاته المسؤلية إلا بإثبات حالة القوة القاهرة أو الأمر الطاريء
الأمر الذي يفهم منه أن ثبوت علم المتعاقد في حقه بحقيقة الحال لا يكفي في هاته الصورة لإعفاء التائب بدون سلطة المنعقد بضمان التصديق من واجب تعويض الخسارة. وقد نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 1156 من م.ا.ع. صراحة على هذا الحل
3) أثر عدم التصديق على العقد المبرم في حق الغير بدون سلطة
إذا لم يقع التصديق على العقد من طرف المتعاقد في حقه بدون سلطة بعد التنبيه عليه على النحو المبين بالفصل 40 من م.ا.ع. ينفك التزام الطرف الذي أبرم العقد مع النائب و يعتبر العقد لاغيا لا عمل عليه وتلغي جميع آثاره