Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
أساس العقد : مبدأ سلطان الإرادة - Coggle Diagram
أساس العقد : مبدأ
سلطان الإرادة
.
مفهوم و دور العقد مرتبط إلى حد كبير بالنظام االقتصادي ففي اطار االقتصاد الحر دور العقد يكون مهم جدا لكن بالعكس في اطار االقتصاد الموجه دور العقد يكون محدود جدا نظرا لتدخل الدولة لتنظيم االقتصاد بمقتضى قواعد آمرة.
البحث في أساس العقد يعني البحث في سبب إلزاميته: هل أن العقد ملزم ألن أساسه اإلرادة ؟ أم أن العقد يستمد إلزاميته من اعتراف القانون به كمصدر من مصادر االلتزام ؟
أنصار النظرية التقليدية: نظرية سلطان اإلرادة
العقد ملزم ألنه نابع فقط عن إرادة األطراف
الإرادة الفردية لها سلطان ذاتي فهي تستمد من ذاتها قوة خلق االلتزامات (القدرة على إنشاء التصرفات القانونية وتحديد أثارها) و لها قيمة ذاتية ال تستمدها من اعتراف القانون بها
تعتبر اإلرادة حسب هذه النظرية أساس العقد
عرض نظرية سلطان الإرادة
جذور و محتوى مبدأ بلطان اإلرادة
أ- من الناحية التاريخية
التيار الليبرالي الذي برز على الصعيد السياسي و االقتصادي في القرن 18 فمقولة " دعه يعمل دعه يمر " تجاوزت المستوى االقتصادي لتولد على المستوى القانوني مقولة " دعه يعمل دعه يتعاقد " فقانون السوق قائم أساسا على فكرة التبادل االقتصادي و من هنا برز العقد كأحسن وسيلة قانونية للتبادل االقتصادي .
يعتبر مبدأ سلطان اإلرادة من الناحية القانونية انعكاسا لمبدأ الحرية الفردية و خاصة الحرية االقتصادية التي ينادي بها أنصار المذهب الليبرالي باعتبارها السبيل الوحيد لتحقيق المساواة بين األفراد
حسب هذه النظرية للقانون هدف واحد، هو ضمان حرية األفراد لذلك البد من إعطاء األطراف الحرية الكاملة للتعاقد و لتحديد مضمون العقد فذلك أحسن وسيلة إلقامة عالقات عادلة و نافعة فيما بينهم و في نفس الوقت أحسن وسيلة لخلق توازن إقتصادي آلي .
ب – من الناحية الفلسفية
الفلسفة الفردانية التي ميزت القرن 18 و هي فلسفة قائمة على تقرير حقوق االنسان الطبيعية و الحريات العامة و حمايتها خاصة ضد الدولة (الميثاق العالمي لحقوق االنسان 1789).
هذه النظرية تنطلق من فكرة الحرية و المساواة التي يتمتع بها كافة أفراد المجتمع
يتولد عن هذه الحرية نتيجتين
لا يمكن تقييد إرادة االنسان بالتزامات إلا بمقتضى تصرف نابع عن إرادته و لا يمكن ألي سلطة خارجية أن تفرض قيودا على إرادته.
كل االلتزامات التي رضي بها الشخص تقيده و تصبح ملزمة له. لهذا تعتبر هذه النظرية أن المصدر الوحيد للقوة الملزمة للعقد هو االرادة الفردية للمتعاقدين و ليس القانون فدور القانون هو فقط دور تكميلي يعني أنه يعوض إرادة االطراف إذا لم يتم التعبير عنها بخصوص نقطة معينة.
العقد لا يمكن أن يكون إلا عادل لأنه تم بكامل إرادة األطراف الحرة و المتساوية و هذا يعني أنه يتوافق مع مصالحهم ألنه ال يتصور أن يتعاقد شخص ضد مصلحته فلا يمكن ألحد االطراف أن يشكو من هذا الإلتزام لأنه تعهد به بمقتضى إرادة حرة و لا يمكن أيضا للدولة أن تتدخل في تحديد التوازن االقتصادي حتى و لو كان العقد قد أنتج إلتزامات غير متكافئة بين األطراف.
نتائج مبدأ بلطان اإلرادة عل نظام العقد
أ – آثار مبدأ بلطان االرادة عل مستوى تكوين العقد : الحرية التعاقدية
بما أن إرادة الفرد مستقلة و قادرة أن تخلق بنفسها االلتزامات التي تقيدها و أن تضبط األثار المترتبة عنها فإنه ينتج عن ذلك أنه على المشرع أن يترك لهذه االرادة مجاال متسعا من التعبير
مظاهر الحرية التعاقدية
1- حرية التعاقد أو عدم التعاقد
2- حرية اختيار الشريك المتعاقد
3- حرية تحديد مضمون العقد
لالطراف القدرة على إبرام ما شاءوا من العقود (كراء، بيع شركة، عقد مغارسة...) سواء كانت عقود مسماة أو عقود غير مسماة
لذلك لا يمكن أن نحصر عدد و طبيعة العقود التي يمكن أن توجد على الصعيد التطبيقي و حتى بالنسبة للعقود المسماة فدور القانون يبقى تكميلي يعني أنه لا يلزم الاطراف و يمكن لهم االتفاق على مخالفته.
الاطراف حرية تحديد مضمون العقد و تحديد االلتزامات الناشئة عن العقد ، فمثال يجوز لألطراف مخالفة و استبعاد القواعد التكميلية مثال ذلك الفصل 595 م إ ع جاء فيه " تسليم المبيع يكون في مكان وجوده وقت البيع ما لم يشترط ما يخالف ذلك".
يجوز لألفراد إنشاء التزامات لم ينظمها المشرع كاالتفاق صلب العقد على شرط تغريمي أو ما يسمى كذلك بالبند الجزائي فالمشرع التونسي لم يتعرض للشرط التغريمي و لم يضع له أحكام خاصة به، و إنما إرادة األطراف هي التي أنشأته. وقد أقرت محكمة التعقيب التونسية صحة هذا الشرط و إلزاميته
الشرط التغريمي
هو مبلغ جملي من المال أو يكون في شكل غرامة يومية يتفق عليها المتعاقدان عند ابرام العقد كشرط لزومي لهما في صورة أحدهما بالتزاماته التعاقدية، كالمدين الذي يخل بالتزاماته يكون ملزم بدفع اشرط التغريمي لفائدة الدائن،
و مثال ذلك يلتزم مقاول البناء بإنجاز البناء و األشغال المتفق عليها خالل مدة معينة و يقع التنصيص في العقد أنه في صورة عدم انتفاء االستغالل في اآلجل المحدد يتحمل المقاول إما غرامة يومية أو مبلغ جملي من المال عن كل يوم تأخير
و يحق للدائن المطالبة بهذا المبلغ دون حاجة إلثبات الضرر
4 -حرية اختيار شكل العقد أو مبدأ رضائية العقود
للأطراف حرية انشاء العقد في الشكل الذي تراه و اختيار طريقة التعبير عن االرادة شفاهيا أو كتابيا
مبدئيا العقد يتكون تكوينا صحيحا بمجرد توافق اإلرادتين دون الحاجة إلى إفراغ العقد في شكل معين كالكتب
القانون التونسي يعتمد مبدأ رضائية العقود ذلك أن الفصل 2 م إ ع الذي يحدد أركان األساسية للعقد لم يشترط أن تقع صياغة العقد في شكل معين بل اقتصر على تحديد أركان العقد و هي األهلية، الرضا، المحل و السبب و لا نجد ضمن هذه األركان اشتراط شكل معين لقيام العقد (مبدأ رضائية العقود)
ب – آرثار مبدأ بلطان االرادة عل مستوى تنفيذ (آرثار) العقد : إحترام الارادة التعاقدية
:check:
* الارثار بين األطراف : مبدأ القوة الملزمة للعقد
:check:
* الاثار تجاه الغير : مبدأ األرثر النسبي للعقد
تراجع مبدأ سلطان اإلرادة
أسباب تراجع مبدأ سلطان الإرادة
.
تراجع المبدأ بعد تغير الظروف االقتصادية و االجتماعية التي صاحبت نشأته و منها خاصة انتشار الصناعات الكبرى و ظهور الشركات الضخمة التي تتحكم في المستهلكين مما جعل من فكرة الحرية و المساواة التي يقوم عليها هذا المبدأ صورية في كثير من الحاالت
كما اضمحلت الفردانية التقليدية تحت تأثير المدارس االشتراكية و تراجع الرأسمالية نتيجة لتدخل الدولة في المجال االقتصادي و االجتماعي لتضمن تحقيق سياساتها و مخططاتها التنموية.
و قد أسهمت كل هذه العوامل في بروز عدة انتقادات وجهت إلى نظرية سلطان االرادة
أ – االنتقاد على المستوى الفلسفي
فكرة تمتع الانسان بحرية طبيعية لا يمكن أن تكون مطلقة لأن االنسان يعيش في مجتمع و تنظيم العالقات داخل المجتمع يفرض تدخل الدولة في بعض المجاالت ألن الحرية المطلقة لا يمكن أن تؤدي إلا للفوضى المطلقة
ب– الانتقاد عل المستوى القانوني
نظرية سلطان الارادة قامت بقلب هرم القواعد القانونية رأسا على عقب عندما وضعت العقد الذي يعبر عن إرادة الاطراف في منزلة أعلى من القانون الذي هو تعبير عن إرادة كامل المجتمع فالعقد الذي يخلق حقوق ذاتية لا يمكن أن تكون له قيمة ملزمة إلا إذا كان متطابقا مع القانون
و بالتالي فإن العقد ال يستمد قوته الملزمة من إرادة األطراف بل من القانون الذي هو أعلى منه درجة.
ج – الانتقاد عل المستوى الاجتماعي و االقتصادي
أهم انتقاد باعتبار أن نظرية سلطان االرادة قائمة على فكرة أن االفراد أحرار و متساوين في حين أثبت الواقع عكس ذلك تماما
1- أبرز الواقع أن إرادة االطراف ليست متساوية في إنشاء التصرفات القانونية و أن مقولة " كل ما هو تعاقدي فهو عادل بالضرورة " هي مقولة خيالية ألن الحياة االجتماعية قائمة على عالقات قوة غير متساوية في الموازين االقتصادية مما يجعل من إمكانية التفاوض مغالطة أكثر منها حقيقة فاألضعف سيخضع لقانون األقوى الذي لن يكون بالضرورة عادال تجاهه و كأحسن مثال على ذلك عالقات العمل.
- قد نبه الفقه إلى مخاطر عقود االذعان التي تتميز بأن الطرف الذي يتمعت بالقوة االقتصادية يفرض إرادته و يملي شروطه على الطرف االخر الضعيف الذي ال يبقى له سوى حرية االذعان أو عدم التعاقد فليس له حرية التفاوض الند للند فهو إذا إذعان أكثر منه رضا بالعقد (مثال : الزيادة في أسعار النقل ال يمكن مناقشتها).
- فكرة تكون توازن اقتصادي ألي تبين أيضا أنها مغلوطة ألن التحالفات بين الشركات الأقوى إقتصاديا قضت على قواعد المنافسة الحرة.
2- أبرز الواقع أن إرادة األطراف ليست حرة في تحديد مضمون و آثار العقد إذ نالحظ التدخل المتزايد للدولة في الميدان االقتصادي و التعاقدي لتقييد الحرية التعاقدية بمقتضى قواعد آمرة و هو ما أدى إلى تطور مفهوم النظام العام الذي يمكن تعريفه بأنه مجموع القواعد القانونية التي لا يمكن لألطراف مخالفتها.
- يمكن أن نالحظ اليوم على المستوى االقتصادي نوعين من النظام العام
1 -النظام العام االقتصادي التوجيهي
يتمثل في مجموعة القواعد األمرة التي تسمح للدولة بتنظيم و توجيه الحياة االقتصادية و خلق نوع من التوازن االقتصادي الذي ال يمكن أن يوجد في إطار الحرية التعاقدية و ذلك مثال عبر تحديد األسعار و تنظيم االنتاج و العملة و المنافسة و نذكر من هذه القوانين على سبيل المثال
.
قانون 29/07/1991 المتعلق بالمنافسة و األسعار
قانون 17/04/1995 المتعلق بانقاذ المؤسسات من االفالس
قانون 04/05/1992 المتعلق بالمادة العقارية و اخضاع العقود المتعلقة بالعقارات المسجلة إلى شكلية الترسيم العقاري
2 -النظام العام االقتصادي الحمائي
يضم قواعد خاصة بالعقود التي تمتاز بعد المساواة بين القوى االقتصادية لالطراف و تهدف هذه القواعد إلى ضمان العدالة العقدية و ذلك بالحد من سلطة الطرف األقوى اقتصاديا و حماية الطرف األضعف الذي كانت مصالحه ستتضرر لو وقع تطبيق نظام الحرية التعاقدية كحماية المستهلك ضد المهني أو حماية العامل ضد المؤجر.
من بين هذه القوانين الحمائية
قانون 26/02/1992 المتعلق بمهنة الباعث العقاري
قانون 07/12/1992 حول حماية المستهلك
القوانين المتعلقة بالعالقات بين المسوغين و المتسوغين قانون 18/02/1976 بالنسبة للمحالت المعدة للسكنى و قانون 25/05/1977 بالنسبة للمحالت ذات االستعمال التجاري بضمان حق تجديد الكراء لصاحب األصل التجاري.
نتائج أو مظاهر تراجع مبدأ بلطان اإلرادة عل نظام العقد
أ– القيود الواردة على الحرية التعاقدية
1 -القيود الواردة على حرية التعاقد أو عدم التعاقد
- التعاقد المفروض :
في بعض الحاالت يفرض المشرع على الشخص إبرام العقد فال يجوز له الامتناع عن ذلك وهو ما يسمى بالعقود المفروضة مثال ذلك التأمين اإلجباري عن المسؤولية المدنية في حوادث المرور(عقود التأمين بالنسبة للعربات ذات المحرك ) أو التأمين المدرسي ، أو جريمة االمتناع عن البيع فالتاجر الذي يعرض بضاعة بمحله ويمتنع عن بيعها أو يجعل البيع مشروطا يمكن أن يتعرض إلى عقوبة جزائية أو اإلنتزاع من أجل المصلحة العامة
- التعاقد المرفوض :
هناك بعض العقود لا يجوز إبرامها لمنع القانون امكانية التعاقد في مجالها و قد يكون المنع ألسباب إقتصادية ( مواد تحتكرها الدولة و تمنع على الخواص االتجار فيها كالتبغ و الوقيد و الكهرباء و الغاز ...) أو ألسباب إجتماعية تهم الصحة العامة أو الأمن العام كمنع بيع المخدرات و الأسلحة أو منع بيع االعضاء البشرية أو منع القضاة و المحامين و العدول من شراء االموال المتنازع فيها لدى المحاكم التي يباشرون مهامهم بدائرتها ( الفصل 566 م ا ع )
2 - القيود الواردة على حرية في اختيار الشريك المتعاقد:
* حق الأولوية في الشراء
قد يلزم المشرع من يريد التعاقد أن يبرم العقد مع شخص معين ألنه يتمتع بحق االولوية في الشراء و يتنوع المستفيدون بهذا الحق استنادا إلى أسباب تهم النظام العام
- منح المشرع حق األولوية لبعض المؤسسات العمومية ألسباب اقتصادية و عمرانية فقد أعطى القانون المؤرخ في 14/04/1973 حق االولوية للوكالة العقارية للسكنى و الوكالة العقارية الصناعية و الوكالة العقارية السياحية لتمكينها من شراء أراضي و تهيئتها و بيعها للخواص إلستعمالها للسكنى أو ألصحاب المشاريع الصناعية أو السياحية
- منح أيضا المشرع حق األولوية في
الشراء للخواص لاعتبارات اجتماعية
منح القانون الصادر في 07/06/1978 حق االولوية في الشراء للمكتري بالنسبة للمحالت المعدة للسكنى
منح قانون 27/06/1983 هذا الحق لمكتري العقارات التي على ملك االجانب و التي تكون مبنية أو مكتسبة قبل غرة جانفي 1956 بقطع النظر عن صبغة العقارات سواء كانت معدة للسكنى أو للمهنة
في كل هذه الحاالت إذا أراد المالك التفويت في محله فعليه إعالم المتسوغ برغبته في البيع و عرضه عليه عندئذ يكون لهذا األخير حق األولوية في الشراء (حق االولوية يمارس قبل البيع خالفا للشفعة)
* حق الشفعة
* القيود على حرية إختيار القرين( الاختلاف في الدين)
3- القيود الواردة على حرية تحديد مضمون العقد
أصبح المشرع يتدخل بواسطة قواعد قانونية آمرة من جهة في اطار النظام العام الحمائي لحماية الطرف الضعيف في العقد مثل حماية المتسوغين أو حماية األجراء و تكون الحماية عبر فرض القانون لبعض البنود التعاقدية ) تسمى بالعقود الموجهة ( فمثال بالنسبة لعقد الشغل يحدد المشرع ساعات العمل و األجر األدنى أو يقع تحديد أيام الراحة المدفوعة األجرالتي يستحقها األجير. وكذلك بالنسبة للمتسوغين منحهم المشرع حق البقاء الو جوبي قانون 1976 أو حق التجديد قانون 25/05/1977 بالنسبة لألكرية التجارية و من جهة أخرى يمنع القانون أحيانا بعض البنود كالبنود التعسفية التي ينتج عنها إختالل التوازن اإلقتصادي
كما يتدخل المشرع لضمان تطابق المصالح الخاصة مع المصلحة العامة وهو ما يسمى بالنظام العام التوجيهي مثال ذلك االستثمارات الداخلية أو الخارجية تنظيم المبادلات التجارية، هذه القواعد التوجهية تهدف لحماية مصلحة إجتماعية عامة.
4- القيود الواردة على حرية اختيار شكل العقد ( مبدأ الرضائية )
نلاحظ تراجع هذا المبدأ أمام سيطرة الشكليات فأصبح المشرع يوجب في بعض الحاالت بعض الشكليات ليس فقط كوسيلة إثبات بل كشرط لصحة تكوين عدة عقود كاشتراط الكتابة كركن من أركان العقد بانعدامها يكون العقد باطال بطالن مطلقا
إن تعدد القيود على مبدأ الرضائية قد تجعل من القيود مبدأ و من المبدأ استثناءا .
ب – القيود الواردة عل القوة الملزمة للعقد
االحترام اآللي و المطلق لالرادة التعاقدية يمكن أن يؤدي إلى اإلضرار بأحد األطراف المتعاقدة إذا اختل التوازن بين االلتزامات المتبادلة بسبب تغير الظروف االقتصادية و االجتماعية أثناء تنفيذ العقد إذا كان هذا التنفيذ ممتدا عبر الزمن كعقود الكراء أو العمل فإذا تم ابرام اتفاق تزويد لمدة خمس سنوات مثال بثمن معين و لكن في االثناء ارتفعت أسعار المواد االولية فلو أجبرنا المزود على البيع بالثمن المحدد في العقد األول فسيلحقه ضرر فادح و لضمان حد أدنى من العدالة و التوازن التعاقدي اتجهنا من مبدأ عدم قابلية العقد للمراجعة إلى مبدأ المرونة التعاقدية الذي يبرز على عدة أصعدة
&1- القيود الواردة على مبدأ القوة الملزمة بالنسبة للمتعاقدين
يجوز في بعض األحيان لبعض األطراف أن ينفرد بتعديل العقد مثال ذلك قانون األكرية التجارية المؤرخ في 25/5/1977 و الذي يمنح للمالك حق الترفيع في معلوم الكراء كل 3 سنوات و في صورة عدم اتفاق الطرفين على معلوم الكراء الجديد يقع رفع األمر إلى المحكمة لتحديد القيمة العادلة للكراء
كما أعطى المشرع في بعض العقود ألحد األطراف حق العدول و أو التراجع عن العقد و مثال ذلك قانون 02/06/1998 المتعلق بالبيع بالتقسيط الذي يوجب على التاجر في العقد أن يعطي للمستهلك أجل 10 أيام من تاريخ إبرام العقد للعدول عن الشراء ) غير أن هذا األجل ينقضي إذا وقع تسليم المنتوج بطلب من المستهلك ( و ينص أيضا قانون 02/06/98 المتعلق بطرق البيع و اإلشهار التجاري على أنه بالنسبة للبيع عن بعد ) االنترنات /الهاتف/النشريات ...( يتمتع المستهلك بنفس األجل للعدول عن طلبيته بواسطة رسالة مضمونة الوصول.
&2- القيود الواردة على مبدأ القوة الملزمة بالنسبة للقاضي
وقع إقرار حق القاضي في تعديل العقد و إعادة توازنه فيمكنه تعديل بعض البنود التعاقدية لمصلحة أحد المتعاقدين و هو عادة المدين كما في صورة الفصل 137 م.إ.ع يمكن للقاضي أن يمنح المدين أجال على وجه الفضل لتنفيذ التزاماته المالية ) تقسيم الدين( أي دفع الدين بتسهيالت أو إمهاله بإعطائه أجال للدفع أو للتنفيذ ) تأجيل الخروج من المكرى رغم انتهاء الموجب حتى تنتهي السنة الدراسية مثال مراعاة لمصلحة االبناء ( أو تعديل الشرط التغريمي إذا كان مجحفا و حتى إلغائه إن اقتضى األمر ) الشرط التغريمي هو بند خاص في العقد يقتضي تحميل أحد األطراف غرامة مالية في صورة إخالله بأحد شروط العقد (.
كذلك صورة الفصل 1103 م ا ع و المتعلق بعقد القرض بفائض و الذي نص على إمكانية إبطال أو الحط من الفائض المشترط إذا كان مشطا أي يتجاوز الحد المعتاد.
كما نالحظ أيضا أن القاضي أصبح يسعى من خالل تأويل العقود إلى توليد اآلثار التي تتالئم أكثر مع مبادئ العدل و اإلنصاف و لم يعد يبحث عن اآلثار التي تتالئم أكثر مع اإلرادة المشتركة لألطراف.
&3- القيود الواردة على مبدأ القوة الملزمة بالنسبة للمشرع
يمكن للمشرع أن يتدخل لتعديل العقد إذا كان القانون الجديد يهم النظام العام عن طريق األثر المباشر أو الفوري للقانون كالقانون الجزائي الذي قد يجرم التعامل في بضاعة معينة فينطبق على كل العقود حتى المبرمة قبله و المستمرة عند صدوره أو إذا جاء قانون جديد يرفع من اجر العمال أو يمنحهم امتيازات إضافية،فان هذا القانون الجديد ينطبق على عقود الشغل التي أبرمت في ضل القانون القديم و بالتالي يتمتع األجير أو العامل بهذه الزيادة بداية من دخول القانون الجديد حيز التنفيذ.
:warning:
تراجع مبدأ سلطان اإلرادة ال يعني اندثاره كأساس للعقد بل بالعكس يمكن أن نالحظ حاليا تجدد هذا المبدأ من خالل ظاهرتين
* الظاهرة األولى
تراجع تدخل الدولة
في العديد من المجاالت للترك فيها المجال للحرية التعاقدية فنتج عن ذلك تراجع التقنية التشريعية لفائدة هيمنة التقنية العقدية فنالحظ مثال في قانون الشغل تطور االتفاقيات المشتركة ) هي عقود مبرمة بين نقابات العمال و نقابات األعراف لتنظيم شروط العمل و االحكام الواجب اتباعها في عقود العمل الفردية و هذه االتفاقيات تنطبق على كل العمال و المؤجرين حتى غير المنخرطين نقابيا ( فهذه التقنية العقدية تمثل القانون المنطبق لكنه قانون اتفقت عليه إرادة األطراف المتعاقدة و لم تفرضه عليهم إرادة المشرع .
كما أن فتح باب المنافسة في العديد من الميادين االقتصا دية أدى أيضا إلى
بروز أنواع جديدة من العقود
ولد ها التطبيق كعقود االيجار المالي و العقود االلكترونية و هذا يثبت حيوية التقنية العقدية و انتفاعها بالتطور التكنولوجي.
* الظاهرة الثانية: ظهور مبادئ جديدة
التخلي عن مبدأ سلطان االرادة كمبدأ مطلق يعني أن االرادة الحرة تبقى أساسا للعقد (كوسيلة لتنظيم المعامالت االقتصادية ) لكنها لم تعد إرادة مطلقة و سلطة مستقلة في خلق االلتزامات بل أصبحت
سلطة خاضعة لرقابة القانون و القاضي
للتأكد من احترامها للصالح العام
هذه الرقابة أدت إلى بروز مبادئ جديدة
+ مبدأ المساواة العقدية بين االأطراف
في مرحلة التكوين ( يتجسد هذا المبدأ مثال في واجب إعالم الطرف الضعيف أو إعطائه أجال للتفكير أو أجال للعدول أو إبطال العقد إذا كان رضا أحد األطراف معيبا ....)
في مرحلة التنفيذ (تأويل العقد دائما لمصلحة الطرف األضعف)
+ مبدأ التوازن العقدي
العقد يجب أن يتوفر فيه سواء في التكوين أو في التنفيذ تكافئا بين االلتزامات التعاقدية للطرفين مثال بإقرار إمكانية اإلبطال على أساس الغبن أو بإقرار حق القاضي في تعديل العقد في صورة وجود ظروف طارئة أو شروط تغريمية مجحفة.
+ مبدأ الأخوة أو التعاون العقدي
كل متعاقد يجب أن يراعي ليس فقط مصلحته الخاصة بل أيضا مصلحة الطرف المتعاقد معه الذي يعتبر شريكه فيصبح العقد شراكة أو وحدة مصالح
هذا المبدأ يظهر من خالل واجب حسن النية ، واجب التعاون ، واجب اإلعالم ، واجب إعطاء أجل إضافي للمدين الذي يعاني من صعوبات إقتصادية.
:arrow_left:
أساس العقد حاليا هو مزيج أو تكامل بين من جهة المبادئ التقليدية لسلطان اإلرادة ( التي تعبر عن اهتمام خاص بالفرد ) و من جهة أخرى المبادئ الحديثة ( التي تعبر عن اهتمام خاص باألخر و بالعدالة اإلجتماعية )