Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
انقضاء الدعوى العامة (الأسباب العامة :
يمكن حصر هذه الأسباب في : الوفاة …
انقضاء الدعوى العامة
الأسباب العامة :
يمكن حصر هذه الأسباب في : الوفاة - العفو الى
- الحكم البات .
في : الوفاة - العفو العام أو الشامل - التقائم
وفاة المدعى عليه (المتهم)
تقضي الدعوى العامة بوفاة المدعى عليه لأنه لا يتصور تحريكها أو رفعها
الاستمرار في مباشرتها إذا توفى المدعى عليه قبل البدء في اتخاذ أي إجراء
واتها أو أثناء سيرها ، لأن الدعوى العامة دعوى شخصية مثلها في ذلك مثل
المسؤولية الجنائية والعقوبة . فالعقوبة لا تحقق أغراضها إلا في محكوم عليه حي
فإذا توفي المدعى عليه فلن تصادف العقوبة التي يحكم بها موضوع تنفذ
عليه ويتحقق فيه أغراضها ، والمسؤولية الجنائية لا تتقرر إلا بالنسبة لمدعى عليه
حي ، فإذا كان المدعى عليه قد توفي فلن تجد تلك المسؤولية من يتحمل تبعتها .
وكذلك أيضا الدعوى الجنائية لا يستقيم أمرها وتسير نحو تحديد المسئولية الجنائية
والحكم بالعقوبة على المسئول جنائية إلا إذا كان المدعى عليه حيا ، فإذا كان
المدعى عليه قد توفي فلا يوجد مبرر للبدء في تلك الدعوى أو الاستمرار فيها
الاستحالة الحكم بمسئوليته وتوقيع العقوبة عليه وتحقيق أغراضها فيه ، يضاف إلى
ذلك أن وفاة المدعى عليه تعني فقد الدعوى لأحد أطرافها الأصليين الذي لا يعقل
اتخاذ أي إجراء في مواجهته في الوقت الذي يستحيل عليه فيه مناقشته والدفاع عن
شخصية العقوبة تفترض شخصية المسئولية ، والاثنان معا يفترضان
شخصية الدعوى العامة، ويتحمل كل الى المدع عليه أو المحكوم عليه شخص
بعد وفاته أحد من ورثته أو أقاربه أو أصدقائه . ولهذا السبب تقرر
ولا يحل محله بعد وفاته أحد من ورثته أو اقارية او
انقضاء الدعوى العامة بوفاة المدعى عليه .
وقد نصت المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه نت
الدعوى الجنائية بوفاة المتهم ، ولا يمنع ذلك من الحكم بالمصادرة في الحال
المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات إذا حدثت الان
أثناء نظر الدعوی .
ونبين في ما يلي أثر وفاة المدعى عليه على الدعوى العامة في مراحلها
المختلفة وعلى المساهمين في الجريمة وعلى الدعوى المدنية.
أولا - أثر وفاة المدعى عليه على الدعوى العامة
تمر الدعوى بمراحل مختلفة منذ وقوع الجريمة وحتى الحكم فيها. والقاعدة
العامة أنه يترتب على وفاة المدعى في أية مرحلة من مراحل الدعوى القضاء تلك
| الدعوى . ولكن يختلف الإجراء الذي يتعين اتخاذه بحسب المرحلة التي تقع الوفاة
خلالها .
ا۱- ففي المرحلة السابقة على تحريك الدعوى العامة أو رفعها مباشرة إلى المحكمة
المختصة
ويطلق على هذه المرحلة اسم مرحلة الاستدلال والتحري والتي يقوم بها
غالبا مأمورو الضبط القضائي تحت اشراف النيابة العامة ، فإذا توفی المدعى عليه
أو بمعنى أدق المشتبه فيه خلال تلك المرحلة ، فعلى النيابة العامة وقف التحريات
وإصدار قرار بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى العامة بسبب وفاة المدعى عليه أو
المشتبه فيه . فإذا رفعت النيابة العامة أو المدعى بالحق المدني الدعوى رغم ذلك
فعلى المحكمة أن تحكم بانقضاء الدعوى وعدم قبولها بسبب وفاة المدعى عليه .
2- وفي مرحلة التحقيق الابتدائي حينما تتحرك الدعوى العامة من النيابة
العامة إذا حدثت الوفاة خلال تلك المرحلة يتعين على النيابة العامة أن تصدر قرارا
لا وجه لإقامة الدعوى بسبب وفاة المدعى عليه. فإذا رفعت الدعوى رغم ذلك أمام
كبة القاضي الجزئي أو أمام محكمة الجنايات رغم ذلك فإن على المحكمة أن
تحكم بانقضاء الدعری .
. ۳- وفي مرحلة المحاكمة حيث تكون الدعوى أمام المحكمة الجزئية أو
أمام محكمة المعارضة إذا كان حكم أول درجة غيابية أو أمام محكمة الاستئناف أو
أمام محكمة الجنايات أو أمام محكمة النقض ، إذا حدثت وفاة المدعى عليه خلال
تلك المرحلة ، فإن على المحكمة المختصة أن تصدر حكما بانقضاء الدعوى العامة
بسبب وفاة المدعى عليه ولا تستمر في نظر الدعوى بعد ذلك حتى ولو أصدرت
حكمها بالبراءة) ، فإذا استمرت في نظر الدعوى رغم ذلك فإن الحكم الذي تصدره
- سواء بالإدانة أم بالبراءة - يكون معدومة لأنه صدر علی میت ، والقاعدة أنه لا
يجوز الحكم لميت أو على ميت .
4- وفي حالة صدور حكم بالإدانة أو بالبراءة وكان قابلا للطعن فيه :
وتوفي المدعى عليه أثناء مهلة الطعن فإنه لا يجوز لورثه المدعى عليه أو أقربائه
الطعن على الحكم الصادر بإدانة مورثهم أو قريبهم على أساس أن لهم مصلحة
معنوية في الحصول على حكم ببراءته للمحافظة على سمعته وذكراه ، كما لا يقبل
أيضا الطعن على الحكم الصادر بالبراءة أو بالإدانة في هذه الحالة من النيابة العامة
. لأن الأحكام - كما قالت محكمة النقض - في حالة وفاة المحكوم عليه تسقط
قانونا وتعدم قوتها والساقط المعدوم قانونأ يمتنع قانونا إمكان النظر فيه ، فالطعن
بالنقض الموجه من ابن المحكوم عليه المتوفي هو طعن غير مقبول لامتناع إمكان
النظر فيه بتاتا (۲) .
وإذا تقدم المدعى عليه (أو النيابة العامة بالطعن في الميعاد ثم ثورة قبل نظر الطعن فعلى محكمة الطعن أن تصدر حكما بانقضاء الدعوى بسبب وفاة المدعى عليه (۱).
وفي جميع الأحوال لا يجوز تنفيذ ما قضى به هذا الحكم بعد وفاة ال
عليه من عقوبة أصلية أو تبعية أو تكميلية ، وإذا كان قد قضى بعقوبة الغا
عقوبة المصادرة ونفنت وجب رد مبلغ الغرامة والأشياء التي تمت مصادرتها
لا يجوز إدخال الورثة في الدعوى للحكم عليهم بالنفقات والمصاريف . فإذا ی
الحكم قد صدر بالنفقات والمصاريف فلا يجوز مطالبتهم بها .
ويستثنى من ذلك المصادرة العينية ) وهي التي ترد على أشياء يعد صنعا
أو اقتناؤها أو بيعها أو استعمالها جريمة (المادة ۲
/
۳۰ عقوبات). ولا تعتبر المصادرز
في هذه الحالة عقوبة تكميلية وإنما هي في الواقع تدبير احترازی عینی يجب تنفيذه
دائمة . فإذا كانت الأشياء السابقة تمت مصادرتها بالفعل فلا ترد إلى الورثة بعد
الوفاة . فإذا لم تكن قد صودرت وحدثت الوفاة قبل نظر الدعوى أمام المحكمة
المختصة تمت مصادرتها بالطريق الإداري عن طريق النيابة العامة ، فإذا توفی
المدعى عليه أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة المختصة حكمت بهذه المصادرة حتى
ولو لم تفض الملاحقة إلى حكم ، بل حتى ولو حكم بالبراءة ثم توفى المدعى عليه
بعد الحكم . إذ تنفذ المصادرة العينية في جميع الأحوال لأنها تدبير احترازي تقع
على شيء لا يجوز التعامل فيه قانونا أي غير مشروع ويجير الورثة على تسليم هذه
الأشياء إذا كانت بحوزتهم . وقد نص على هذا الاستثناء المادة 14 من قانون
الإجراءات الجنائية السابق الاشارة إليها.
فإذا صدر في الدعوى حكم بات تكون قد انقضت الدعوى ببلوغ نهايتها
الطبيعية فإذا توفى المحكوم عليه بعد صدور هذا الحكم البات، فإن الوفاة فى هذه الحالة لا يكون لها أثر على الدعوى العامة لان تلك الدعوى تكون قد انقضت بالحكم البات قبل الوفاة
وانما تؤثر تلك الوفاة على الحكم أو بمعنى أدق على تنفيذ العقوبات الواردة بالحكم وقد نصت المادة 535 إجراءات جنائية على أنه "إذا توفی المحكوم عليه بعد الحكم عليه نهائيا ، ننقذ العقوبات المالية التي والتعويضات وما يجب رده والمصاريف في تركته "
ثانية - الحكم الصادر بناء على جهل أو غلط بالوفاة
يمكن تصور صدور مثل هذا الحكم في فرضين : الفرض الأول حين يتوفی
المدعى عليه أثناء نظر الدعوى وتجهل المحكمة هذا الأمر أو تقع في غلط بشانه
وتصدر حكمها على اعتبار أنه حي بعد ذلك . والفرض الثاني حين يكون المدع
عليه على قيد الحياة ويجهل القاضي هذا الأمر أو يقع في غلط بشأنه ويصدر حكمة
بانقضاء الدعوى على أساس أن المدعى عليه قد مات وهو في الحقيقة لا زال حيا
1- ففي الفرض الأول لا يكون للحكم الذي صدر ضد المدعى عليه بعد
وفاته وجود قانونی عتبر معدومة لا باطلا فقط . والقاعدة أن مثل هذا الحكم لا
سبيل إلى الطعن فيه سواء أمام المحكمة التي أصدرته أو أمام محكمة أعلى بالطرق
العادية أو غير العادية للطعن في الأحكام ، كما لا يجوز الطعن فيه بدعوی مستقلة
من قبل الورثة أو النيابة العامة (1) ، وهذا ما قررته محكمة النقض من أن هذا الحكم
يسقط قانونا وتنعدم قوته القانونية بسبب الوفاة ، وان الساقط المعدوم قانونا يمتنع
قانونا إمكان النظر فيه (أي لا سبيل للطعن فيه) لذلك لا يقبل الطعن من أحد
الورثة أو النيابة العامة بعد وفاة المحكوم عليه (۲).
ومع ذلك فقد ذهب رأى في الفقه إلى القول بأنه على الرغم من عدم إمكانية
الطعن في هذا الحكم إلا أنه يجوز للورثة أو النيابة العامة أن تطلب من المحكمة
التي اصدرت هذا الحكم أن تعدل عن حكمها وتحكم ببطلان الدعوى (1) . وقد قضت
محكمة النقض في حكم حديث لها بهذا المعنى والذي جاء فيه أنه إذا كان الحكم
في الطعن بالنقض قد صدر بعد وفاة الطاعن التي لم تكن معلومة للمحكمة في
وقت صدوره ، فإنه يتعين العدول عن الحكم المذكور والقضاء بانقضاء الدعوى
الجنائية بوفاة المحكوم عليه (۴) .
وعرض الحكم على ذات المحكمة لتصحيحه في هذه الحالة لا يستند إلى
أساس قانونی سلیم ، حتى ولو اعتبرنا أن الخطأ الذي وقعت فيه المحكمة من قبيل
الخطأ المادي ، لأن ما وقعت فيه حقيقة ليس من قبيل الخطأ المادي بالمفهوم الدقيق
لهذا الخطأ .
ولذلك نعتقد أن الاتجاه الأول هو الصحيح قانون فالحكم في هذه الحالة
معدوم قانون والساقط والمعدوم قانون لا يجوز إعادة النظر فيه كما قالت محكمة
النقض ، ولا ضير من مثل هذا الحكم حتى ولو لجأت النيابة العامة لتنفيذ ما قضى
به من عقوبة الغرامة أو المصادرة مثلا ، لأن مثل هذا الحكم يمتع تنفيذه قانونا ،
اوبالتالي يمكن الاستشكال في تنفيذه وعلى محكمة الأشكال أن تقرر انعدامه وتامر
بعدم تنفيذه (۳) .
۲- أما الفرض الثاني حيث يصدر الحكم عن جهل أو غلط بانقضاء
الدعوى لوفاة المدعى عليه ثم يتبين بعد ذلك انه ما زال على قيد الحياة .
يتوقف مصير الحكم في هذا الفرض على ما إذا كان حكمة ابتدائية صادرة
من محكمة أول درجة أم حكمة نهائية أم حكما باتا ففي حالة الحكم الابتدائي الذي
يقبل الطعن فيه بالاستئناف فإن الفقه متفق على أنه لا صعوبة في الأمر إذ يكون
للنيابة العامة استئناف هذا الحكم وفقا للقواعد العامة لتدارك ما وقعت فيه المحكمة
من خطأ .
أما إذا كان الحكم نهائية أو باتا فإنه يمتنع الطعن فيه بالنقض لأن محكمة النقض محكمة قانون وليست محكمة وقائع ، وانتهى رأى في الفقه إلى عدم المساس بهذا الحكم ولا يتخذ أي إجراء بصدده
بينما ذهبت محكمة النقض في أول الأمر إلى أنه إذا حكمت المحكمة بناء على ما قررته النيابة العامة من حصول وفاة المتهم بسقوط الدعوى العمومية لهذا السبب ثم تبين ان هذا الأساس الذي اقيم عليه الحكم غير صحيح ، فان ما وقعت فيه المحكمة
هو مجرد خطأ مادی من سلطة محكمة الموضوع إصلاحه ، وسبيل ذلك
الرجوع إليها بالطعن في الحكم باية طريقة من طرق الطعن العادية ما دام ذلك ميسور وإلا فبالرجوع إلى المحكمة نفسها التي أصدرته لتستدرك خطأها ، ولا يجوز
على كل حال أن يلجأ إلى محكمة النقض لتصحيح مثل هذا الخطا .
ولكن قضاء النقض السابق تعرض للنقد لأن ما وقعت فيه المحكمة من جهل أو غلط لا يمكن اعتباره من قبيل الاخطاء المادية ، ذلك أن الخطة المادي هو خطأ في التدوين أو التعبير ولا يمس عقيدة القاضي وأن ما وقع فيه القاضي في هذا الفرض هو خطأ في تكوين عقيدته.
ولهذا السبب عدلت محكمة النقض عن تعليلها السابق وقضت بان الحكم
الذي يصدر في الدعوى العمومية بانقضاء الحق في إقامتها بسبب وفاة المدعى
عليه لا يصح عدة حكما من شأنه أن يمنع من إعادة نظر الدعوى إذا تبين أن
المدعى عليه لا يزال حيا لأنه لم يفصل في خصومة أو دعوی بل كان لمجرد
الاعلام من جانب المحكمة بأنها لا تستطيع بسبب وفاة المدعى عليه إلا أن تقف
بالدعوى عند هذا الحد (۳)
النقض محكمة قانون وليست محي
وهذا التعليل الأخير من محكمة النقض هو الذي يريده الاتجاه الراجح في
الفقه على أساس أن الحكم الذي يحوز الحجية هو الحكم الذي يفصل في موضوع
الدعوى ومن ثم يكون من المنطقى منع إعادة نظرها من جديد قانونا ، ولا بعد الحكم
ستار بانقضاء الدعوى لوفاة المدعى عليه من هذه الأحكام . فاذا ظهر اامدعی
عليه حيا فإنه يمكن إعادة نظر الدعوى من جديد إلى ذات المحكمة التى أصدرت
الحكم بانقضائها لكي تستمر في نظرها وإصدار الحكم في موضوعها
من حيث وقفت بها .
ثالثا - أثر وفاة المدعى عليه على المساهمين في الجريمة
وفاة المدعى عليه ذات أثر شخصی فقط بمعنى أنه يترتب عليها انقضاء الدعوى العامة بالنسبة للمدعى عليه المتوفي فقط ولا أثر لها على المساهمين معه في الجريمة سواء كانوا فاعلين أم شركاء . فإذا كانت الدعوى لم تحرك او ترفع ضدهم فإنه يمكن تحريكها أو رفعها في مواجهتهم ، وان كانت قد تحركت أو رفعت فإنها تستمر بالنسبة لهم رغم انقضائها بالنسبة للمدعى عليه المتوفی .
ولكن يستثنى من ذلك جريمة الزنا نظرا لطبيعتها الخاصة ، فإذا توفت
الزوجة الزانية أو الزوج الزاني قبل صدور حکم بات في جريمة الزنا، فإن الدعوى
العامة لا تقضى فقط عن الزوج أو الزوجة وإنما تقضي أيضا بالنسبة لشريك
الزوجة أو شريكة الزوج . وتطبيقا لذلك قضت محكمة التمييز اللبنانية بأنه حيث أن
الزوجة .... شريكة المدعى عليه .... بالزنا قد توفيت بعد الادعاء عليها من قبل
زوجها أمام قاضي التحقيق وقبل محاكمتها ، فإن وفاتها قط الحق العام عنها وعن
شريكها لأن الوفاة قرينة قانونية على براءتها (۲) .
رابعة - أثر وفاة المدعى عليه على الدعوى المدنية
نصت المادة ۲
/
۲۵۹ إجراءات جنائية على أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية
بعد رفعها بسبب من الأسباب الخاصة بها ، فلا تأثر لذلك في سير الدعوى الملا
المرفوعة معها
وهذا يعني أنه إذا كانت وفاة المدعى عليه يترتب عليها انقضاء الدعوى العامة ، فإنه لا يترتب عليها هذا الأثر بالنسبة للدعوى المدنية إذا تظل هذه الأخيرة قائمة ولا تسقط ولكنها تقام من المدعي بالحق المدني بوجه الورثة . فإذا كانت الدعوی
العامة لم ترفع بعد و توفي المدعى عليه تنقضي تلك الدعوى ولا يجوز للمدعي بالحق المدنى أن يقيم دعواه المدنية أمام القضاء الجنائي بل عليه إذا أراد أن يقيمها أما المدني في مواجهة الورثة ، أما إذا كانت الدعوى العامة منظورة أمام القضاء الجنائى المختص وتوفي المدعى عليه تنقضي تلك الدعوى ولكن تستمر المحكمة الجنائية في نظر الدعوى المدنية في مواجهة الورثة استنادا للفقرة الثانية من المادة ۲۰۹ السابق الاشارة إليها ()
.
العفو العام
العفو العام (أو العفو الشامل أو العفو عن الجريمة يقصد به محو الصفة
الجرمية عن الفعل المرتكب . وهو ذو مفعول رجعي يرتد إلى وقت ارتكاب الجريمة
التي يشملها العفو فيزيل عنها الصفة الجرمية وتعتبر كأن لم تكن . ويتضح من ذلك
أن العفو العام يعطل أحكام قانون العقوبات في الحالة التي يصدر فيها ، ولهذا
السبب لا يكون إلا بقانون لأنه لا يعطل القانون إلا قانون مثله ، ومن ثم يجب أن
يصدر به قانون من مجلس النواب ، وهذا هو ما نصت عليه المادة ۱۰۵ من
الدستور على أن "العفو الشامل لا يكون إلا بقانون" ، وهو من هذه الزاوية يختلف
عن العفو الخاص أو العفو عن العقوبة) الذي يصدر بقرار جمهوری من رئيس
الدولة ويقتصر أثره على إعفاء محكوم عليه معين من تنفيذ العقوبة كلها أو بعضها
أو إبدالها بعقوبة أخف منها ، ولكنه لا يمحو الصفة الجرمية عن الجريمة ، إذ تظل
تلك الصفة ثابتة على الرغم من قرار العفو.
وقد نصت المادة 76 عقوبات على أن العفو الشامل يمنع أو يوقف السير
في إجراءات الدعوى أو يمحو حكم الإدانة ، ولا يمس العفو حقوق الغير إلا إذا نص
القانون الصادر بالعفو على خلاف ذلك".
فقد يرى المجتمع - من خلال السلطة التشريعية - في ظروف معينة إسدال
ستار من النسيان عن جرائم معينة ارتكبت في ظروف اجتماعية أوسياسية او اقتصادية بالغة الصعوبة ويقرر بشأنها أن مصلحة المجتمع تتحقق بصورة أفضل وعلى نحو يحقق الاستقرار والوئام الاجتماعي إذا أسقط حقه في ملاحقة مرتكبى هذه الجرائم ومحاكمتهم ، فيصدر قانون العفو معبرا عن هذا المعنى . ولهذا العفو العام سبية عامة من أسباب انقضاء الدعوى العامة .
هذا ويلاحظ أن العفو العام وأن كان يعطل تطبيق قانون العقوبات بالن
الجرائم التي يشملها العفو ومنذ ارتكابها ، إلا أنه لا يترتب عليه الغاء قواعدة
العقوبات في هذا الخصوص ، إذ تبقى هذه القواعد سارية وتبقى الجرائم المنص
عليها به معاقبة عليها ، غاية ما في الأمر أن قانون العفو يعطل تطبيقها وترش
آثارها بخصوص الجرائم التي يشملها العفو فقط ، ولذلك تستمر في السريان خارج نطاق العفو .
وتبين فيما يلي أثر العفو العام على الدعوى العامة والدعوى المدنية.
أولا - أثر العفو العام على الدعوى العامة
يتوقف هذا الأثر على المرحلة التي تكون عليها الدعوى وقت نفاذ قانون
العفو فإذا كانت الدعوى العامة لم تحرك بعد أو لم ترفع مباشرة أمام المحكمة
المختصة، فإن على النيابة العامة أن تصدر قرار بحفظ الأوراق لانفضاء الدعى
بالعفو العام ولا يجوز تحريكها أو رفعها بعد ذلك.
فإذا كانت الدعوى قد تحركت أمام قاضي التحقيق (أو النيابة العامة فيجب
على قاضي التحقيق أن يصدر أمرا بالا وجه لإقامة الدعوى لانقضاء الدعوى العامة
بالعفو العام .
. وإذا كانت الدعوى منظورة أمام المحكمة سواء أمام القاضي الجزئي أم امام
محكمة الاستئناف أم أمام محكمة الجنايات أم أمام محكمة النقض فيجب طی
المحكمة أن تحكم بانقضاء الدعوى العامة بسبب العفو العام ().
فإذا كان قد صدر بشأنها حكم بات بالإدانة فان هذا الحكم يزول وتزول جميع أثاره بسبب انقضاء الدعوى بالعفو الشامل
وتتعلق أحكام العفو العام بالنظام العام ولذلك يجب تطبيقها تلقائيا دون انتظار لطلب يتقدم به صاحب المصلحة كما لا يقبل التنازل عنه من المدعى عليه أو رفضه والمطالبة باستمرار نظر الدعوى أمام سلطة التحقيق والإحالة والأحكام الصادرة عن المحاكم سواء كانت حضورية أو غيابية وينفذ تلقائيا وان عدم تطبيق أحكام قانون العفو العام على الجرائم التى يتناولها يعتبر مخالفة للقانون ويكون سببا للطعن عليه بالنقض .
ولا يطبق قانون العفو العام على الجرائم المستمرة أو المتتابعة إذا استمرت
حالة الاستمرار ، أو التتابع بعد صدور قانون العفو العام ، كما لا يطبق على الجرائم
التي تخرج من مجال تطبيقه .
ويترتب على العفو العام القضاء الدعوى العامة عن الفعل الذي تقام به
الدعوى بجميع أوصافه ، ولذلك إذا تقرر انقضاء تلك الدعوى عن هذا الفعل بوصف
معين فإنه لا يجوز إقامتها عنه مرة أخرى ولو بوصف آخر. كما أن العفو العام له
أثر عيني يشمل جميع المساهمين في الجريمة فاعلين أو شركاء .
ثانيا - أثر العفو العام على الدعوى المدنية
يمحو العفو العام الصفة الجرمية عن الفعل ويزيل ما يترتب عليها من آثار
جنائية فقط، ولكن لا تأثير للعفو العام على الآثار المدنية لهذا الفعل ، فإذا كان
قد ترتب عليه ضرر للغير فإنه ينشأ للمضرور حق في تعويض هذا الضرر والمطالبة
به من خلال دعوى مدنية ، والحق في التعويض عن الضرر وفي إقامة دعوى مدنية
الاقتضاء هذا الحق لا يتأثران بالعفو العام ().
فإذا كانت الدعوى المدنية منظورة بالتبعية للدعوى العامة أمام المحكمة
المختصة (القاضي الجزئي - محكمة الاستئناف - محكمة الجنايات - محكمة
النقض) حين صدور قانون العفو العام فإنه يترتب على العفو العام في هذه الحالة
انقضاء الدعوى العامة فقط وتستمر المحكمة الجنائية في نظر الدعوى المدنية
كانت منظورة أمامها قبل تطبيق أحكام العفو .
أما إذا كانت الدعوى العامة لم ترفع بعد من قبل النيابة العامة أو كانت قد
تحركت وصدر قانون العفو العام ، ففي هذه الحالة تنقضي الدعوى العامة قبل رفی
أمام المحكمة المختصة ، ولا يجوز تبعا لذلك رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة
الجنائية ، وانما يتعين على المضرور المدعى بالحق المدني أن يرفع دعواه المدن
أمام المحكمة المدنية .
هذا ، ومن الجائز أن يتضمن قانون العفو النص على انقضاء الدعوى
المدنية أيضا وذلك حين يقدر المشرع أنه من الأفضل أن تطوى صفحة الجريمة
بجميع آثارها الجنائية والمدنية معا ، وفي هذه الحالة تقتضي العدالة أن ينص على
أن الدولة تقوم بتعويض من لحقه ضرر من الجريمة من الخزانة العامة ().
التقادم
تعریف :
التقادم (أو مضي المدة) نظام قانوني يترتب عليه انقضاء الحق (أو
اكتسابه إذا لم يستعمله صاحبه خلال فترة زمنية محددة وهو مسلم به في القانون
المدني وفي القانون الجنائي .
وفي مجال الدعوى العامة ، يقصد بالتقادم عدم استعمال تلك الدعوى او
انقطاع هذا الاستعمال خلال فترة زمنية محددة من تاريخ ارتكاب الجريمة أو من
تاريخ الانقطاع والذي يترتب عليه انقضاء الدعوى العامة ، فلا يجوز للنيابة العامة
أو المدعي بالحق المدنی) تحريكها أو رفعها إن لم تكن قد تحركت أو رفعت ، که
لا يجوز الاستمرار فيها إذا كان قد تم تحريكها ، أو رفعها ، ومن ثم تظل الجريمة
التي تقادمت دعواها دون عقاب .
ونلفت الانتباه إلى ضرورة التمييز وعلم الخلط بين التقادم على الدعوى العامة والتقادم على العقوبة الذي يفترض صدور حکم بات بها ويتهرب المحكوم عليه من تنفيذه خلال فترة زمنية معينة فالتقادم على العقوبة لا علاقة له بالدعوی العامة
التي تكون قد انقضت بصدور حکم بات فيها ، وانما يؤثر على العقوبة وينقضى بسببه
الالتزام بتنفيذها . كما أن مدة التقادم على العقوبة أطول من مدة التقادم على الدعوى العامة ويفسر هذا الاختلاف فى المدة على أساس أن حق المجتمع في معاقبة مرتكب الجريمة يكون محل شك ولا يتأكد خلال نظر الدعوی
الاحتمال صدور حكم بالبراءة ، بينما هذا الحق يكون قد تأكد تماما ولا يكون محل
شی بعد صدور حکم بات بعقوبة ولهذا السبب تكون المدة في الحالة الأولى قصيرة
بينما تكون طويلة في الحالة الثانية كما سنرى فيما بعد، وأخيرا فإن التقادم على
الدعوى العامة أو الملاحقة منصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية المواد
15وما بعدها بينما التقادم على العقوبة منصوص عليه في المواد ۵۲۸ وما بعدها
من هذا القانون .
أساس التقادم :يختلف هذا الأساس في القانون المدني عنه في قانون الإجراءات الجنائية
وفي القانون الجنائي بصفة عامة ، فإذا كان من المقبول أن يقال في القانون المدني
أن أساس التقادم هو إهمال صاحب الحق في ممارسة حقه مدة معينة أو هو بمثابة
تنازل ضمني عن ممارسة هذا الحق بعد مضي مدة التقادم ، فإن من غير المقبول
القول بذلك من مجال الدعوى العامة. لأن الدعوى العامة ليست ملكا للنيابة العامة
حتى يقبل منها التنازل عنها وعلى ذلك لا يكون لتنازل النيابة العامة الصريح أي
أثر على تلك الدعوى - ومن باب أولى - لا يكون للتنازل الضمنی المقول به أي
اثر، وبالتالي لا يمكن تفسير إهمالها أو سكوتها مهما طال أمده عن تحريك أو رفع
الدعوى العامة بأنه تنازل عنها (۱). كما أن هذا التبرير للتقادم الزمن على الدعوىضرورة علم النيابة العامة بالجريمة وبامكانية تحريك أو رفع الدعوى العامة يفترض ضرورة علم النيابة العامة بالجريمة وإمكانية تحريك أو رفع الدعوى العامة عنها أي يربط بين بدء التقادم وعلم النيابة العامة بالجريمة ومثل هذا القول يؤدي إلى نتيجة خطيرة بالنسبة للمدعى عليه الذي يتمسك بالتقادم ، إذ كيف يمكنه أن يثبت تاریخ علم النيابة بالجريمة ، إذ تسري هذه المدة منذ وقوع الجريمة سواء علمت بها النيابة العامة أم لم تعلم بها . وهذا يعني عدم إقرار المشرع والفقه لهذا التبرير ويرجع أساس التقادم على الدعوى العامة للاعتبارات التالية
- فكرة النسيان أو قرينه النسيان والتي تعتبر ذات اثر فعال في حياة الأفراد
وحياة الشعوب . فالملاحظ أن الراي العام لا يطالب بملاحقة المدعى علیه لأنه بعد ا
مرور فترة زمنية معينة تمحى أو تزول من ذاكرته الآثار المادية والمعنوية التى
خلفتها الجريمة فلا تكون هناك ضرورة لتحقيق الردع الخاص الذي يصبح بدون
جدوى ولا لتحقيق الردع العام الذي يصبح بدون موضوع ، كما أنه يكون من الأفضل
نسيانها وعدم إعادتها للذاكرة بعد مرور تلك الفترة عن طريق تحريك الدعوى أو رفعها عنها. وقرينة النسيان هنا قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس لأنها تحقق على هذا النحو منفعة اجتماعية أو مصلحة المجتمع .
- فكرة استقرار الأوضاع . إذ يجب ألا يظل سيف العقاب مسلطا على
المدعى عليه إلى ما لا نهاية ومن ثم يجب وضع حد لا يجوز بعده إقامة الدعوى
العامة عليه . كما أن عدم اتخاذ أي اجراء خلال فترة معينة معناه عدم زعزعة قرينة
البراءة التي يتمتع بها ، كما أن استمرار تعامل الناس معه والرأي العام على أنه بري
ينشئ له مركزة واقعية يكون من الأفضل التسليم به لاستقرار الأوضاع القانونية
. يضاف إلى ما سبق أن نظام التقادم يحقق الاستقرار القضائي ، إذ أن القضاء لا
يستطيع آداء مهمته بشكل طبيعي إذا ظلت الدعاوى قائمة لديه إلى ما لا نهاية
- فكرة المعاناة النفسية : حيث أن المدعى عليه الذي اختفى عن اعين
السلطات فترة طويلة وتهرب من ملاحقته خلال تلك الفترة قد عانی مشاق كثيرة
وضاعت عليه مصالح عديدة حيث فقد الطمانينة والهدوء النفسي ليعانی عذاب
الخوف والاضطراب والقلق وفى ذلك إيلام له يعادل - في الغالب – إيلام العقوبة
التي قد يحكم عليه بها ويغني عنه، ويكفي التكفير عن الجريمة التي ارتكبها في
حق المجتمع .
فكرة اختفاء الأدلة : لعل من أهم الأسس التي يقوم عليها نظام التقادم
- الدعوى العامة هو فكرة ضياع الأدلة أو اختفاؤها . فلا شك أن مرور فترة
زمنية معينة بعد وقوع الجريمة يؤدي إلى ضياع أدلة الجريمة وطمس معالمها أو
ان قيمتها على الأقل . ففي مجال الشهادة مثلا يكون من المستحيل استدعاء من
توفي من الشهود ومن العصير استدعاء من سافر منهم أو غير محل إقامته ، كما
أن مرور فترة زمنية طويلة واستدعاء الشهود بعدها لسماع أقوالهم يشكك في قمة
شهادتهم تحت تأثیر ضعف الذاكرة والنسيان واختلاط الأمور والذكريات . كل هذا
يجعل نظر الدعوى في هذه الحالة أمرا محفوفة بالمخاطر ويقود إلى اخطاء قضائيةلا تغتفر ، ولهذا يكون من الأفضل للعدالة الجنائية ولمصلحة المجتمع عدم نظر
الدعوى العامة بعد مرور فترة زمنية معينة.
- ويضيف البعض إلى المبررات السابقة فكرة حث النيابة العامة على
الإسراع في تحريك أو رفع الدعوى العامة حتى لا تقضي بمرور الزمن.
وعلى الرغم من قوة المبررات السابقة لإقرار نظام مرور الزمن، إلا أن هذا
النظام تعرض لنقد شديد (۱). فقد هاجمه بيكاريا وبنتام على أساس أنه يمنح الجناة
وخاصة الخطرين منهم ، فرصة الإفلات من المحاكمة ، ويشجع بعضهم على تكرار
الجريمة أملا في الاستفادة منه ، كما هاجمه أنصار المدرسة الوضعية والباحثين في
علم الإجرام على أساس أنه لا يحقق مصلحة المجتمع في الدفاع الاجتماعي ضد
المجرمين لأن الخطورة الإجرامية تظل على حالها ولا ينال منها مرور الزمن ومن
مصلحة المجتمع الدفاع عن نفسه بملاحقة هؤلاء المجرمين في أي وقت. ولقد كان
| صدى في تشريعات بعض الدول ، فلا يأخذ بنظام التقادم القانون الانجليزي
والقانون العراقي والقانون السوداني . بل إن القضاء الفرنسي نفسه يبدو متشدد حيال التقادم عن طريق تأخير بدء سريانه والتوسع في الإجراءات التي تقطع أو توقف هذا السريان .
ومع ذلك ، وبسبب المبررات المشارة إليها سابقا تأخذ تشريعات كثير من
الدول بنظام التقادم ، فتأخذ به فرنسا وكل دول النظام اللاتيني وكذلك كل الدول
العربية ما عدا العراق والسودان .
التقادم فى القانون المصرى :
ويأخذ القانون المصرى بنظام التقادم ، وينص عليه بالنسبة للدعوى العامة
في المواد 15وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية.
وتبين فيما يلي مدة مرور الزمن وعوارضة وآثاره .
أولا - مدة التقادم :
التقادم سبب لانقضاء الدعوى العامة أي انه مقرر بالنسبة لجميع أنواع
الجرائم وأيا كانت طبيعتها سواء كانت جناية أو جنحة أم مخالفة . ولكن مدة التقادم
ليست واحدة بالنسبة لكل الجرائم بل تختلف بحسب طبيعة الجريمة وجسامتها ، إلا
أن حساب تلك المدة قد يثير بعض المشاكل التي تقتضي التصدي لها وحلها .
1- اختلاف مدة التقادم باختلاف طبيعة الجريمة :
أخذ المشرع في الاعتبار جسامة الجريمة عند تحديده لمدة التقادم، فإذا
كانت الجريمة جناية تتقضي الدعوى العامة بالتقادم عنها بمضي مدة عشر سنوات
من يوم وقوعها أو من تاريخ الإجراء الأخير ؛ وإذا كانت جنحة تنقضي عنها الدعوى
العامة بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوعها أو من تاريخ الإجراء الأخير ، واذا
كانت مخالفة تنقضي الدعوى العامة عنها بمضي سنة واحدة من يوم وقوعها (انظر
المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية) .
وتحدید طبيعة الجريمة وما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة يرجع فيه
الى العقوبة المقررة لها وما إذا كانت عقوبة جناية أم عقوبة جنحة أم عقوبة مخالفة.
ويؤخذ فى الاعتبار عند تحديد وصف الجريمة القانوني بالحد الأعلى للعقوبة
المنصوص عليه قانونا .
والعقوبات الجنائية العادية هي الاعدام والسجن المؤبد والسجن المشدد
السجن المادة ۱۰ عقوبات والعقوبات الجناحية هي الحب مع الشغل أو البسيط
من يوم إلى ثلاث سنوات والغرامة التي تزيد عن مائة جنيه (المادة ۱۱ عقوبات)
(1) ، وعقوبات المخالفات في الغرامة التي لا تتجاوز مائة جنيه (المادة ۱۲
عقوبات).
وبناء على ما تقدم يكون من السهل تحديد طبيعة الجريمة أو صفتها ثم
تحديد مدة التقادم بالنسبة لها بحسب نوع العقوبة المقررة لها قانونا في نمونجها
القانوني .
لكن قد يحدث في الواقع أن تقترن الجريمة بأسباب مشددة أو أسباب مخففة
يتغير بسببها العقوبة التي يقضي بها . فقد يؤدى تطبيق أحد أسباب التشديد إلى أن
تصبح العقوبة الجديدة عقوبة جنائية والتي كانت بحسب أصلها قبل دخول سبب
التشديد عقوبة جنحية ، كما قد يؤدي تطبيق أحد أسباب التخفيف إلى تغيير العقوبة
الجنائية قبل تطبيق مسبب التخفيف إلى عقوبة جناحية بعد تطبيق هذا السبب . فهل
تقضي الدعوى العامة في الحالة الأولى بعشر سنوات على أساس العقوبة الجديدة
أم بثلاث سنوات على أساس العقوبة الأصلية ؟ وهل تقضى الدعوى العامة في
الحالة الثانية بثلاث سنوات على أساس العقوبة الجديدة أم بعشر سنوات على أساس
العقوبة الأصلية ؟
بالنسبة لأسباب التشديد - وسواء كانت وجوبية أم جوازية - يتحدد وصف الجريمة على أساس العقوبة المقررة لها قانونا بعد اقترانها بسبب التشديد لا قبل ذلك ، وتنقضي الدعوى العامة عنها حسب العقوبة المشددة . فإذا أحيل المتهم بجناية
على أساس أن الفعل الأصلى جنحة (مثل جنحة السرقة) قد اقترن به أحد
اسباب التشديد التي يترتب على توافر احدها تغير العقوبة من عقوبة جنحة |
اجنبية (مثل أحد أسباب تشديد عقوبة جنحة السرقة المنصوص عليها في المواد
۳۱۳ ، ۳۱۶ ، ۳۱۰ عقوبات والتي يقرر المشرع في حالة توافرها عقوبة جناية
اللسرقة في هذه الحالة) ، فإن الدعوى العامة تنقضي في هذه الحالة بمرور الزمن
العشري لا الثلاثي لأن الجريمة أصبحت جناية بفعل الظرف المشدد.
فإذا لم يثبت لدى محكمة الجنايات توافر الظرف المشدد فإن الجريمة تبقى
بحسب أصلها جنحة وتقضي الدعوى العامة بشأنها بثلاث سنوات فقط وهي الفترة
المحددة قانونا لانقضاء الدعوى العامة في الجنح.
ونلفت الانتباه أن تحويل الجريمة من الوصف الأخف إلى الوصف الأشد
يكون بالنظر إلى الجريمة الأصلية لا إلى الظرف المشدد لها إذا كان يعتبر جريمة
. فمثلا إذا ارتكبت جناية تسهيلا لجنحة (مثل جناية القتل لتسهيل جنحة السرقة)
ومضى أكثر من ثلاث سنوات قبل تحريك الدعوى العامة في الجناية ، فإن الجنحة
تبقى رغم ذلك ظرفا مشددة يعتد به على الرغم من انقضاء تلك المدة عليها .
والقول الفصل في تحديد وصف الجريمة الحقيقي في حالة الخلاف يكون
للمحكمة صاحبة الاختصاص بالفصل في الموضوع دون اعتداء بالوصف الذي
.ادعت به النيابة العامة أو المدعي بالحق المدنی .
اما بالنسبة لأسباب التخفيف فإن الأمر مختلف لأن بعضها جوازی للقاضى ويطلق عليها الظروف القضائية التي تخضع لمطلق السلطة التقديرية للمحكمة والبعض الآخر وجوبي ويطلق عليها الأعذار المخففة وهى اسباب قانونية ترتب اثرها في تخفيف العقوبة إذا توافرت دون أدنى سلطة تقديرية للقاضى مثل عذر ا
صغر السن وعذر مفاجأة الزوج لزوجته أثناء تلبسها بالزنا
وقد يترتب على تطبيق الظرف المخفف أو العذر المخفف تغییر نوع العقوبة وتنزل بها من عقوبة الجناية إلى عقوبة الجنحة ، فهل يترتب عل على هذا النحو تحول صفة الجريمة بعد تطبيق هذا السبب من جناية إلى جنحة
وتتفضي الدعوى العامة عنها بثلاث سنوات بدلا من عشر سنوات أم تبقى لها صفة
الجنابة بالرغم من المسيب المخفف وتنقضي عنها الدعوى العامة بعشر سنوات في
جميع الأحوال ؟
فمثلا لو رفعت دعوى في جناية أمام محكمة الجنايات وتبين لها أثناء نظر
الدعوى توافر أحد الظروف أو الأعذار المخففة مما اقتضى تعديل العقوبة من عقوبة
جنابية إلى عقوبة جنحة وفقا للمواد ۱۷ ، ۲۳۷، ۲۵۱ عقوبات فهل تطبق على
هذه الدعوى التقادم المقرر للجناية أي عشر سنوات أم التقادم المقرر لجنحة أي
ثلاث سنوات ؟
تعددت الآراء في هذا الصدد ، فذهب رأي إلى ربط التقادم بالعقوبة المقررة
الجريمة في صورتها الأصلية قبل تطبيق سبب أو عذر التخفيف ، ولما كانت
الجريمة لها وصف الجناية فيطبق بالنسبة لها التقادم المقرر للجناية أي عشر سنوات
. ويأخذ رأي آخر بعكس الرأي السابق إذ يذهب أنصاره إلى أن تغيير العقوبة يتحتم
معه تغير الوصف المقابل لتلك العقوبة وفي هذا الغرض تم تبديل العقوبة من عقوبة
جناية إلى عقوبة الجنحة مما يستتبع تغيير رصف الجريمة من وصف الجناية إلى
وصف جنحة ، ويكون التقادم على الدعوى العامة في هذه الحالة هو ثلاث سنوات.
ویتوسط رای ثالث بين الرايين السابقين ويفرق بين حالة العذر المخفف وحالة الظروف المخففة ، فالعذر يترتب عليه تغيير الوصف من جنایة إلى جنحة
لأن القانون يفرض على القاضي النزول بالعقوبة إلى عقوبة الجنحة وتكون مدة
التقادم في هذه الحالة هي ثلاث سنوات (مثال المادة ۲۳۷ عقوبات) ، أما في الحالة ا
الظرف المخفف فيظل للجريمة وصف الجناية على الرغم من تعديل العقوبة لأن
تقدير هذه الأسباب يرجع إلى سلطة القاضي التقديرية (مثال الماد" ۱۷ عقوبات)
ومن ثم تكون مدة مرور الزمن في هذه الحالة هي عشر سنوات . وبهذا الرأي الأخير يأخذ الاتجاه الغالب في الفقه والقضاء في مصر ) .
وإذا تطلب المشرع شرطة موضوعية لإمكانية العقاب على الجريمة ، فان
حساب مدة التقادم تكون من تاريخ وقوع الجريمة ذاتها لا من تاريخ وقوع هذا الشرط
وذلك لأن إرادة المدعى عليه لا دخل لها في تحقق هذا الشرط لأنه شرط موضوعی
كما أنه قد يتراخي إلى أجل قد يمتد لفترة طويلة لا تتحقق معها الحكمة من التقادم
.
۲- حساب مدة التقادم :
يبدأ حساب مدة التقادم الذي ينقضي به الدعوى العامة من يوم وقوع الجريمة
أو من تاريخ آخر إجراء بشأنها (المواد 15 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية)
أو من تاريخ انقطاع التقادم (۳)ا
و ميعاد التقادم میعاد كامل يحسب بالأيام وليس بالساعات ويبدا من اليوم التالى
على وقوع الجريمة ولا يدخل فيه يوم ووقع الجريمة (1)، أو يوم وقوع آخر
اجراء التقادم في السريان من هذا اليوم حتى ولو جهل المجني عليه (أو النيابة العامة ) بوقوع الجريمة ، أي حتى ولو كان لا يعلم بوقوعها عليه (۱) وينتهى بإنتهاء
ان الأخير من شهر إلى مثله ومن سنة إلى مثلها ، ويحسب بالتقويم
الميلادي لا الهجري (المادة ۵۹۰ إجراءات جنائية).
وتحديد يوم وقوع الجريمة يعد مسالة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع
لا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ") ، بشرط أن يكون له أصل في الأوراق
أن يستند فيه إلى الواقع ولا يقيمه على اعتبارات قانونية بحته ليس بينها وبين الواقع أي صلة وإلا خضع لرقابة محكمة النقض (4) .
ويتعين على المحكمة أن تذكر في حكمها يوم وقوع الجريمة ، أو يوم آخر
إجراء في الدعوى العامة حتى يتسنی حساب مدة التقادم اللازمة لانقضاء الدعوى
ومعرفة ما إذا كانت قد مضت تلك المدة أم لا وإلا كان حكمها معيبا يستحق الطعن
عليه ، وإذا دفع المدعى عليه بانقضاء الدعوى العامة بالتقادم وجب على المحكمة
أن ترد على هذا الدفع وإلا كان الحكم معيبأ متعينا الطعن عليه لأنه من الدفوع
الجوهرية
وإذا كان تحديد يوم وقوع الجريمة لا يثير جدلا حين يبدأ تنفيذ الجريمة
وينتهي هذا التنفيذ في فترة زمنية قصيرة نسبيا ، فيكون اليوم التالى لتمام هذا التنفيذ
هو بداية حساب مدة التقادم للقول بانقضاء الدعوى العامة عن تلك الجريمة إلا
أن الأمر لا يكون بمثل هذه البساطة بالنسبة لبعض الجرائم . إذ توجد جرائم يتخذ
فيها الجاني سلوكه الإجرامي ولكن النتيجة الجرمية تتراخي فترة من الزمن بعد إتيان
هذا السلوك ، كما أن هناك جرائم يقبل النشاط الاجرامي فيها الاستطالة في الزمن
كلما أراد الجاني ذلك أو يتابع هذا النشاط ويتكرر تنفيذا لغرض إجرامی واحد أو
يكون لازما لكي تقع الجريمة قانونا ، ويثور التساؤل في مثل هذه الجرائم حول تاريخ
وقوعها ومن ثم تاریخ حساب التقادم بالنسبة لها .
القاعدة العامة التي تحكم جميع أنواع الجرائم في هذا الشأن هي أن حساب
مدة التقادم يبدأ من اليوم التالى لوقوع الجريمة (المادة 15 وما بعدها إجراءات
جنائية) . ولا تعتبر الجريمة قد وقعت إلا إذا اكتملت أركانها سواء كانت جريمة
سلوك مجرد أم جريمة نتيجة ، وسواء كانت جريمة وقتية أم مستمرة أو متابعة ام
مركبة أم جريمة عادة ، وسواء كانت تامة أم وقفت عند حد الشروع . فتاریخ وقوع
الجريمة هو تاريخ آخر مرحلة انتهت إليها أو تاريخ آخر فعل وقع فيها أو تاریخ
انتهاء الحالة الجرمية أو تاريخ العمل الختامي الذي يتحقق به وجودها. ورغم
وضوح تلك القاعدة إلا أن تطبيقها آثار جدلا بالنسبة لبعض الجرائم .
افلا مشكلة بالنسبة لجريمة السلوك المجرد ، إذ تحتسب مدة التقادم ابتداء
من اليوم التالى للانتهاء من هذا السلوك إذا كانت الجريمة تامة أو للبدء فيه إذا
وقفت عند مرحلة الشروع . ولا مشكلة أيضا بالنسبة للجريمة ذات النتيجة حين تقع
النتيجة فور السلوك مباشرة ولا يفصل بينهما فاصل زمني كبير أي حين تقع خلال
وحدة زمنية واحدة إذ تحتسب مدة التقادم من اليوم التالى لوقوع النتيجة الجرمية ،
فاذا وقفت الجريمة عند مرحلة الشروع فتكون جريمة الشروع قد وقعت عند البدء فى التنفيذ
کذلك لا مشكلة في حساب التقادم بالنسبة للجرائم السلبية أو جرائم الامتناع
والجرائم المستمرة والجرائم المتتابعة. فى الجرائم السلبية وجرائم الامتناع تبدأ مدة
التقادم من اليوم التالى لانتهاء الأجل الذى حدده القانون للقيام بواجب معين مثل
جريمة امتناع الشاهد عن أداء واجب الشهادة اذا ادعى للحضور لأداء شهادته أمام
المحكمة في يوم معين ولم يحضر دون عذر مقبول. إذ تحتسب مدة التقادم لهذه
الجريمة (وهي جريمة سلبية أو جريمة امتناع ) ابتداء من اليوم التالى لليوم الذى كان محددا فيه للحضور لأداء واجب الشهادة وقد تكون الجريمة السلبية جريمة مستمرة حين لا يسقط الالتزام بالواجب خلال فترة زمنية معينة وتخضع لأحكام الجرائم المستمرة فى هذه الحالة .
.
وفي الجرائم المستمرة والجرائم المتتابعة تبدأ مدة التقادم من اليوم التالى
التاريخ انتهاء الحالة الجرمية المستمرة أو التاريخ آخر فعل من أفعال التتابع في
الجريمة المتتابعة ، ومثال الجريمة المستمرة جريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية
أو جنحة وجريمة حيازة المخدرات وجريمة حمل السلاح بدون ترخيص وجريمة
استعمال المحرر المزور ، ففي مثل هذه الجرائم بحقب مرور الزمن من اليوم
التالى لانتهاء حالة الاستمرار .
وتطبيقا لذلك قضى بأن جريمة استعمال محرر مزور يبدأ التقادم بالنسبة
لها من وقت تخلى المدعى عليه من التمسك بالسند المزور . فإذا تمسك شخص
في دعوى مدنية بسند ثم طعن بتزويره واستمرت إجراءات دعوى التزوير قائمة حتى
يقضي بالتزوير ، فقي مباشرة الإجراءات ما يفيد أن الشخص ما يزال متمسكا بالسند
المزور ، فإن قضي نهائية بالتزوير فإنه عندئذ فقط تبدأ مدة التقادم على انقضاء
الدعوى العامة . فإذا كانت الجريمة من الجرائم الوقتية ذات الأثر الممتد او
المستمر فإنها لا تعتبر من قبيل الجرائم المستمرة ، وإنما تأخذ حكم الجريمة الوقتية
ويبدأ التقادم على الدعوى العامة الناشئة عنها من تاريخ اكتمال اركانها دون النظر
إلى ما قد تسفر عنه من آثار تبقى وتستمر إذ لا يعتد بأثر الفعل في تكييفه قانونا
(۱). وقضى تطبيقا لذلك أن جريمة البناء بدون ترخيص خارج خط التنظيم يبدأ
التقادم بشأن الدعوى العامة الناشئة عنها منذ اليوم الذي يكتمل فيه إقامة البناء
. ومثال الجريمة المتتابعة السرقة على دفعات والاختلاس على دفعات تنفيذا لغرض
إجرامي واحد وخلال فترات زمنية متقارية ، وينظر إليها المشرع على أنها جريمة
واحدة رغم تعدد الأفعال الجرمية المكونة لها ، ولذلك يبدأ التقادم بالنسبة للدعوى
العامة الناشئة عنها من اليوم التالي لنهاية الفعل الأخير من أفعال التتابع بإعتباره
الفعل المتمم للجريمة (۳) وكذلك استعمال الطرق الاحتيالية لمدة طويلة وتسلم المال
بناء عليها على دفعات متتالية يبدأ حساب التقادم بالنسبة لها من تاريخ آخر مرة تم
فيها التسليم (4) .
وقد ثار جدل في الفقه حول تطبيق القاعدة العامة السابقة بالنسبة لبعض
الجرائم الوقتية وجريمة العادة والاشتراك في الجريمة .
ففي الجرائم الوقتية لا توجد مشكلة حينما تقع النتيجة فور السلوك مباشرة
لا يفصل بينهما فاصل زمني كبير ، إذ يحسب التقادم بالنسبة لهذه الجريمة من
اليوم التالى لتنفيذ الجريمة وتحقق نتيجتها الجرمية . ولكن قد يتراخى وقوع النتيجة الجرمية ولا تقع بعد السلوك مباشرة ، كما قد تقع الجريمة ويكتمل أركانها في وحدة زمنية واحدة ولكن يتأخر كشفها بفعل الجاني أو بسبب ظروف ارتكابها ، ويثور
البحث حينئذ حول تاريخ ابتداء سريان التقادم وهل هو وقت اتخاذ السلوك أم وقت
تحقق النتيجة الجرمية أم وقت كشف الجريمة أم غير ذلك . ومن الجرائم التي ثار
حولها الجدل جريمة القتل والإيذاء وجريمة خيانة الأمانة وجريمة التزوير وجريمة
البلاغ الكانب.
بالنسبة لجرائم القتل والإيذاء إذا وقعت النتيجة بعد إتيان السلوك بفترة مثل
حالة إعطاء سم بطيء المفعول يترتب عليه الوفاة بعد زمن طويل، وكذلك قد يطول
الزمن بين الإيذاء وتحقق العامة الدائمة أو الوفاة. ذهب رأي إلى أن العبرة في
حساب التقادم في هذه الحالة هي بوقت اتخاذ السلوك لأنه نشاط ينسب إلى الجاني
بينما تكون النتيجة واقعة خارجة عن إرادته أو هي مجرد أثر للسلوك ، وأن مرور
الزمن نظام إجرائي ينصرف أثره إلى الدعوى الجنائية فينهيها ولا أهمية لما إذا كانت
الجريمة قد استكملت جميع عناصرها أم أن عنصرا منها قد تخلف طالما أن تخلفه
لا يحول دون توقيع العقاب وإن كان ذلك في صورة أخف (۱).
ولكن هذا الرأي يسوى بين الجريمة التامة وجريمة الشروع من حيث مبدا
التقادم مع أنهما جريمتان متميزتان كما أن الأساس الذي يقوم عليه نظام التقادم لا
يستقيم مع الرأي السابق لأن نسيان الجريمة ومحوها من ذاكرة الناس لا يتحقق إلا
بعد ارتكاب الفعل وحدوث نتيجته
.
لذلك فإن الرأي الذي يعتبر بدأ التقادم من اليوم التالى لتحقق النتيجة الجرمية
في هذه الحالة هو الرأي الذي يتفق وصحيح القانون ، لأن في هذا الوقت تكون
أركان الجريمة وعناصرها قد اكتملت قانونا ويكون حساب التقادم من هذا الوقت ما
يتحقق به العلة التي من أجلها تقرر هذا النظام وتتحقق فيه الاعتدال على الحق
الذي يحميه القانون .
وبالنسبة لجريمة خيانة الأمانة فإن هذه الجريمة تقع بمجرد تغيير الامين نيته في حيازة المال من حائز حيازة ناقصة لحساب الغير إلى حائز حيازة كاملة
الحساب نفسه . ولكن تغيير النية أمر باطنی نفسي يتعذر الوقوف عليه لعدم توافر
أعمال مادية ظاهرة تدل عليه . وعلى ذلك فإنه طبقا للقاعدة العامة فإن التقادم على
الدعوى العامة الناشئة عن جريمة خيانة الأمانة يحسب من يوم تغيير النية المشار
إليه إذا أمكن للقاضى الوقوف على هذا اليوم ، وإلا من يوم تاریخ تبديد الشي
المؤتمن عليه أو التصرف فيه أو كتمه أو الامتناع عن رده بعد مطالبته بذلك (المادة
۳۶۱ عقوبات).
ومع ذلك فقد ذهب رأي إلى القول بأنه يمكن أن يتأخر بدء التقادم على
الدعوى العامة في جريمة خيانة الأمانة عن تاريخ وقوع الجريمة إذا تبين أن المدعى
عليه تمكن من إخفاء معالم جرمه أو تأخير كشف أمره بما ابتكره من أساليب وبما
أورده من أقوال لهذه الغاية ، وإن العدالة تقتضي في هذه الحالة أن يحتسب التقادم
من يوم اكتشاف الجريمة (") ، أو اعتبار المناورات الخداعية والأقوال الكانية التي
لجأ إليها المدعى عليه منعت المتضرر من كشف فعل تبديد الشيء المسلم إليه أو
التصرف به وجعلته في وضع استحال عليه فيه أن يتبين خيانة الأمانة لطلب
الملاحقة بها فيكون من شأن هذه الاستحالة إيقاف التقادم على الجرم طالما استمرت
وحتى نهايتها .
هذا الرأي الأخير وان كان يحقق العدالة إلا أنه يخالف القانون، ان العبرة
اب بدء سريان التقادم بوقوع الجريمة واكتمال اركانها، وشان المدعى عليه
دانة الأمانة وهو يخفي معالم الجريمة شان آی مجرم آخر ارتكب جريمة أخرى
: معالمها . يضاف إلى هذا أن عبء إثبات يوم وقوع الجريمة يقع على عاتق
اية العامة فإن عجزت عن إتيانه فلا يجب أن يضار المدعى عليه نتحة هذا
وفضلا عن ذلك فإن المجني عليه يكون في الغالب - قد أسفر بأعماله
أو بسكوته في حجب الحقيقة عنه ، لهذا يكون من الإسراف احتساب التقادم ابتداء
من اليوم التالى لاكتشاف الجريمة (). ونلمس تأييدا لهذا الاتجاه في تفسير الرأي
السابق على أساس أن مناورات المدعى عليه تعد بمثابة مانع واقعي يستحيل معه
كشف الجريمة وملاحقتها وبتوقف بسببه التقادم مما يفيد بدء التقادم قبل اكتشاف
الجريمة ، أي منذ وقوعها على التفصيل السابق ، وإن كنا لا نعتقد في اعتبار هذا
السبب من الأسباب التي توقف التقادم .
وبالنسبة لجريمة التزوير : فهي جريمة وقتية (أو فورية تقع بمجرد تغییر
الحقيقة المتعمد في الوقائع أو البيانات التي يثبتها محرر بشكل مستندة بإحدى الطرق
المحددة في القانون ، ويكون بدء التقادم على الدعوى العامة الناشئة عنها ، طبقا
القاعدة العامة السابقة ، من اليوم التالى لفعل تغيير الحقيقة حتى ولو وقعت خفية
وجهلها المجني عليه أو النيابة العامة.
ومع ذلك فقد ذهب رأي إلى أن التقادم بالنسبة لجريمة التزوير پيدا من
تاريخ اكتشاف التزوير أو العلم به أو الاشتباه بأمره ، وهو ما ذهبت إليه محكمة
التمييز اللبنانية في أحد أحكامها (). ويستند هذا الاتجاه إلى اعتبارات العدالة
وصعوبة إثبات التزوير في بعض الحالات لتأييد وجهة نظره. إذ ليس من العدل أن
يكافأ المزور على مهارته في نشاطه الإجرامي وفي محاولته طمس معالم جرمه مدة
طويلة تنقضي بعدها الدعوى العامة بالتقادم قبل اكتشاف أمره ، كما أنه ليس من
السهل دائما على الإنسان العادي أن يتحقق من حصول التزوير إذا كان المزور
حاذقا واستطاع أن يخفی جرمه لمدة طويلة ، وينتهي هذا الراى إلى ترك الأمر
اللقاضي التقدير تحديد مدة التقادم في جرائم التزوير في ضوء ظروف الدعوى
وملابساتها سواء بالنسبة للمجني عليه ووقت الاشتباه بالتزوير ونوع الأوراق المزورة ومدى اتقان التزوير دون أن يتوقف عند تاريخ حصوله.
ويخالف الرأي السابق ، رغم اعتبارات العدالة التي ينطلق منها وصعوبة
الإثبات ، النصوص الواضحة والصريحة التي ينص عليها قانون الإجراءات الجنائية
والتي تقرر أن بدء حساب التقادم يكون من يوم وقوع الجريمة المواد 15 وما بعدها
من قانون الإجراءات الجنائية) . والتي لا تترك للقاضي أية سلطة تقديرية في هذا
الشأن وتفرض عليه أن يجتهد في تحري هذا التاريخ وإثباته ، وتصبح المشكلة
بالنسبة للتزوير وخيانة الأمانة وغيرها من الجرائم المماثلة هي مشكلة إثبات فقط ای
إثبات تاریخ فعل تغيير الحقيقة والذي يسبق على سبيل القطع واليقين فعل استعمال
المحرر المزور أو ظهور هذا المحرر سواء بفترة طويلة أو فترة قصيرة حسب ظروف
كل حاله .
. وهذا هو ما تؤيده وهو الراجح فقها كما تأخذ به بعض الأحكام القضائية
وبالنسبة لجريمة البلاغ الكاتب التي تقع بمجرد تقديم الشكوى أو البلاغ
إلى السلطة المختصة ، ومن ثم يبدأ التقادم بالنسبة للدعوى الناشئة عنها من اليوم
التالي لتاريخ التقدم بهذه الشكوى أو البلاغ.
ومع ذلك فقد كان القضاء الفرنسي يميل في أول الأمر إلى اعتبار التقادم
على دعوى البلاغ الكاتب يبدأ من اليوم الذي يثبت فيه كذب الشكوى أو الإخبار
أي من تاريخ اعتبار الشكوى كانبة وليس من تاريخ تقديمها .
ولكن هذا الاتجاه يتعارض مع المبادئ العامة التي تجيز للمتضرر من
جريمة البلاغ الكانب إقامة الدعوى العامة عنها بمجرد علمه بحصول الجرم ، وهذا
يفيد منطقا أن وقوع تلك الجريمة يتم منذ تقديم الشكوى قبل الفصل فيها واعتبارها
كاذبة فإذا تقدم بدعوى البلاغ الكاذب أمام المحكمة المختصة قبل أن يحكم فى
الشكوى المقدمة ضده فإن هذه المحكمة يجب عليها أن توقف الفصل فى دعوى البلاغ الكاذب إلى أن يتم الفصل في الشكوى باعتبارها مسألة فرعية لأن ثبوت کذب
الشكوى يتوقف عليه الفصل في دعوى البلاغ الكاذب ويكون مجرد عنصر إثبات
مستقل عن ارتكاب الجريمة ذاتها.
ولهذا فإن الاتجاه السائد هو الذي يعتبر وقوع جريمة البلاغ الكانب من
تاريخ تقديم الشكوى أو البلاغ إلى السلطة المختصة ويبدأ التقادم بالنسبة لها من
اليوم التالى لتقديم الشكوى وليس من اليوم الذي يثبت فيه كذب الأخبار أو الشكوى
.(
أما بصد جرائم العادة وهي التي تتكون من تكرار افعال مماثلة لا يعتبر
كل فعل منها على حده جريمة مستقلة ويستخلص ركن العادة أو الاعتياد فيها من
تكرار هذه الأفعال ، ومثالها جريمة الاعتياد على الحض على الفجور (المادة 269
عقوبات والاعتياد على المراباة (المادة ۳۳۹ عقوبات) فإن من المستقر عليه أن
هذه الجرائم لا تقع إلا إذا صدر عن الجاني فعلين على الأقل من أفعال العادة (۲)
، فقد اختلف الفقه حول بدء حساب التقادم عن الدعوى العامة الناشئة عن جريمة
العادة ، فذهب رأي إلى أن مدة التقادم تبدأ منذ ارتكاب الفعل الأول ، فإذا مضی
على ارتكاب هذا الفعل فترة زمنية تزيد على مدة التقادم القانونية فلا يجوز إقامة
الدعوى العامة عن جريمة العادة في هذه الحالة على أساس أنه إذا كانت الجريمة
ذاتها تسقط بمضي المدة فإنه من باب أولى أن يسقط الفعل الذي لا يكون الجريمة
بمضي نفس المدة. ولكن أخذ على هذا الرأي أن الفعل الواحد في ذاته لا يعد
جريمة وان البحث في مرور الزمن لا يثور إلا حيث تقع الجريمة وتنشأ عنها الدعوى
العامة ومن ثم لا مجال للبحث في حساب التقادم عن فعل لا يعد جريمة ولا تشا
به دعوى . ويذهب رأي آخر إلى حساب مدة التقادم من تاريخ ارتكاب الفعل الاخير
القط الذي بانضمامه إلى ما قبله يتكون عنصر الاعتياد والذي به تقع الجريمة ، اما
الأفعال السابقة فلا ينظر إلى تاريخ وقوعها لأن كلا منها على انفراد لا تقوم به
الجريمة فلا تسري عليه أحكام التقادم . ولذلك يجوز إقامة الدعوى العامة عن جريمة
العادة إذا كانت مدة التقادم المقررة قانونا لها لم تكتمل بعد ارتكاب الفعل الاخير أيا
كانت المدة التي تفصل بين هذا الفعل وما سبقه ای حتى ولو تجاوزت المدة المقررة
للتقادم على الدعوى . ولكن أخذ على هذا الرأى أنه يؤدي إلى انقضاء الدعوى.
الو سبق الفعل قبل الأخير أفعال أخرى تكونت على أساسها الجريمة وانقضت بالتقادم
وكان هذا الفعل الأخير بمفرده لا عقاب عليه ، كما أن القول بانقضاء الدعوى
بالتقادم الذي اكتملت ملته بعد وقوع الفعل الأخير ووقوع الجريمة تبعا لذلك يقتضى
- من باب أولى - عدم الاعتداد بای فعل سابق مضت عليه تلك المدة قبل ارتكاب
الفعل الذي يليه.
ولذلك فإن الرأي الثالث الذي يعتبر حساب التقادم في جرائم العادة من
تاریخ ارتكاب آخر فعل بشرط ألا يكون قد مضى على هذا الفعل مدة التقادم كاملة
وألا تكون قد مضت هذه المدة بين هذا الفعل والذي سبقه هو الرأي الراجح لکی
يجوز إقامة الدعوى العامة عن تلك الجرائم . فإذا كانت قد مضت بين الفعل الأخير
والفعل السابق عليه مدة تزيد على مدة التقادم القانونية فلا تجوز إقامة الدعوى العامة
في هذه الحالة لأن علة التقادم متوافرة في هذه الحالة وهي النسيان وهذه العلة تتوافر
في حالة اكتمال الجريمة ، كما تتوافر - من باب أولى - بالنسبة لفعل يعد جزءا
من ذات الجريمة (1) .أما فيما يتعلق بالاشتراكيذهب رأى في الفقه إلى التفريق بين الاشتراك السابق على ارتكاب الجريمة والاشتراك المعاصر لها ، ففي الحالة الأولى يبدأ التقادم من تاريخ حصول الاشتراك الذي يؤلف بذاته عملا جرمية ، وقد يترتب على ذلك أن تسقط الدعوى بالتقادم
بالنسبة للشريك بينما يمكن ملاحقة الفاعل الأصلى الذي ارتكب جريمته بعد حصول
الاشتراك بفترة من الزمن. وفي الحالة الثانية بيدة حساب التقادم بالنسبة الشريك
والفاعل الأصلي معا منذ وقت وقوع الفعل المكون للجريمةولكن يصعب الأخذ بهذا الرأي لأن الاشتراك لا يوجد قانونا إلا تبعا لجريمة
أمنية ارتكبت فعلا حتى ولو كان الفاعل الأصلي غير معلوم أو غير معاقب لسبب
شخصی خاص به ، ولذلك ترتبط مسؤولية الشريك عن أفعال الاشتراك التي صدرت
عنه بارتكاب الجريمة الأصلية ومنذ تاريخ ارتكاب تلك الجريمة ، كما توصف أفعاله
منذ ذلك التاريخ بأنها أفعال جرمية تستمد صفتها الجريمة من الجريمة الأصلية ومنذ
تاریخ ارتكاب تلك الجريمة . وابتداءا من هذا التاريخ يبدأ حساب التقادم بالنسبة
لجميع المساهمين في الجريمة أي بالنسبة للفاعل والشريك ، ويسري هذا الميعاد
على جميعهم سواء منهم من سيق نشاطه ارتكاب الجريمة الأصلية حتى ولو كانت
له في ذاته صفة إجرامية )، أو عاصر ارتكابها.فإذا كانت أفعال الاشتراك تعتبر في نفس الوقت جريمة ، فإن المسؤولية
عن تلك الجريمة تستقل عن المسؤولية عن الجريمة الأصلية ويكون الشريك في هذه
الحالة فاعلا لهذه الجريمة المستقلة التي يكون لها في هذه الحالة مدة تقادم مستقلة
بها وتحتسب هذه المدة منذ ارتكاب الأفعال المكونة لها . فاذا اكتملت مدة التقادم
الخاصة بها تفضي الدعوى العامة عن تلك الجريمة ، فإذا وقعت الجريمة الأصلية
بعد ذلك يسأل الشريك عن تلك الجريمة ويحسب التقادم عن الدعوى الناشئة عنها
اس اريحابها بالنسبة لجميع المساهمين فيها الشركاء والفاعل
ثانيا : عوارض التقادم
يبدأ التقادم الذي تقضي به الدعوى العامة في السريان منذ اليوم التالى
الوقوع الجريمة على التفصيل السابق وذلك إذا لم يتخذ أي إجراء من الإجراءات
اللازمة لهذه الدعوى ، ويستمر التقادم في السريان إلى أن تنقضي المدة المحددة له
قانونا حسب ما إذا كانت الجريمة جناية أو جنحة أو مخالفة ، وتنقضی تبعا لذلك
الدعوى العامة الناشئة عن الجريمة . كل هذا بشرط ألا يعترض سريان تلك المدة
عارض يؤدي إلى قطع التقادم أو إيقافه . فإذا حدث ذلك قبل بدء التقادم ، فانه لن
يبدأ من تاريخ وقوع الجريمة وإنما من تاريخ لاحق ، وهذا هو الحال عندما تبدا
إجراءات الدعوى العامة بعد وقوع الجريمة مباشرة ثم تتوقف تلك الإجراءات في
لحظة معينة ، فيبدأ التقادم من اليوم التالى للإجراء الأخير .
! وسواء بدأ سريان التقادم من اليوم التالى لوقوع الجريمة او في تاريخ لاحق
فقد يعترضه عارض يؤدي إلى قطعه أو إيقافه ، ونظرا لاختلاف أسباب وآثار
انقطاع التقادم عن اسباب واثار وقف التقادم ، فاننا نعرض لكل منهما على انفراد
.
أ- انقطاع التقادم
- الإجراءات القاطعة للتقادم :
نص المشرع على هذه الإجراءات في المادة 17 من قانون الإجراءات
الجنائية التي نصت على أنه "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام والمحاكمةالى الأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو اذا
اخطر بها بوجه رسمی ، وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع ".وعلى ذلك فإن الإجراءات القاطعة للتقادم تقتصر فقط على تلك التي وردت
في النص السايق دون غيرها وتشمل ما يلي :
۱- إجراءات الاستدلال :
لا تعد هذه الإجراءات من إجراءات الدعوي (1) ، وإنما هي بمثابة تحضير
أو تجهیز سابق عليها وتهدف إلى ضبط الجريمة وتعقب مرتكبيها وجمع الأدلة عنها
مثل سماع الشهود أو الشاكي أو المخبر أو المشكو منه أو المشتبه فيه وإجراء
المعاينة وإجراء التحريات اللازمة . هذه الإجراءات بحسب الأصل لا تقطع التقادم
على الدعوى العامة لأنها ليست من اجراءاتها كما ذكرنا من قبل . ومع ذلك فقد
ورد النص على أنها تقطع التقادم شرط أن تتخذ في مواجهة المتهم أو يخطر بها
بصورة رسمية، ويستوي بعد ذلك أن يكون مأمور الضبط قد قام بهذه الإجراءات
تلقائية أو بناء على إخبار أو شكوى أو تعليمات من النيابة العامة أو في تحقيق
أولى enquete preliminaire أو تحقيق استلزمته جريمة متلبس بها لم يدع بها بعد .
۲- إجراءات إقامة الدعوى العامة ومباشرتها
وتشمل هذه الإجراءات إدعاء النيابة مباشرة أمام المحكمة الجزئية وكذلك
إدعاء المدعي بالحق المدني. وكذلك أيضا إدعاء الهيئات المختلفة قضائية
كانت أم غير قضائية في الحالات التي يقرر فيها القانون لهذه الهيئات حق إقامة
الدعوى العامة .
أما مجرد الشكوى التي يتقدم بها المتضرر من الجريمة دون أن يتخذ فيها
صفة المدعى بالحق المدني فلا تقطع التقادم ، ويصدق نفس الشيء على الحالات ا
التي يعلق فيها القانون إقامة الدعوى العامة على شكوى من المجني عليه طالما لم
يتخذ فيها صفة المدعى بالحق المدني لأنه لا يترتب عليها إقامة الدعوى ولا تعد
من إجراءاتها ولا تقطع التقادم بالتالي ، وكذلك مجرد تقديم الطلب أو التقدم بطلب
للحصول على إذن أو صدور هذا الإذن بالفعل ، وفي نفس الاتجاه لا يقطع التقادم
الشكوى التي تقدم إلى النيابة العامة حتى ولو كانت متضمنة الإدعاء بالحق المدني
. ولا يقطع التقادم من باب أولى مجرد الأخبار عن الجريمة .
ولكن الإجراءات التي تتخذ بعد تقديم الشكوى أو الأخبار من قبل مامور
الضبط القضائي المختص تعتبر قاطعة للتقادم إذا توافرت فيها الشروط السابق بيانها
. وكذلك الشأن بالنسبة لإجراءات الدعوى التي تتخذ بعد تقديم الطلب أو بعد
الحصول على الإذن من قبل النيابة العامة أو غيرها مثل المدعى بالحق المدني .
وبالإضافة لإجراءات إقامة الدعوى العامة ، يقطع التقادم على تلك الدعوى
إجراءات مباشرتها وهذه الإجراءات كما بينا سابقا تدخل في الاختصاص الاحتكاری
النيابة العامة . مثل طلبات النيابة العامة أمام المحكمة والمذكرات التي تقدمها
ومرافعتها والطعن في الأحكام وطلب تعيين الجهة المختصة .
اما یتخذه المدعي بالحق المدني من إجراءات تتعلق بدعواه المدنية
المنظورة أمام المحكمة المدنية أو أمام المحكمة الجنائية بالتبعية للدعوى العامة مثل
الطلبات أو المرافعة أو الطعن في الأحكام فإنها لا تقطع التقادم لأنها تتعلق
الدعوى المدنية فقط ولا تدخل في إجراءات مباشرة الدعوى العامة التي تختص بها
النيابة العامة دون غيرها حتى ولو كان المدعي بالحق المدني هو الذي أقام الدعوى
العامة لأن مهمته تنتهي عند هذا الحد ولا تتجاوزه إلى مباشرة تلك الدعوى .
ولا يقطع التقادم أيضا ما يتخذه المدعى عليه من إجراءات مثل إبداء
الطلبات أو المرافعة أو الطعن في الأحكام لأنها لا تعد استعمالا للدعوى العامة ،
بل تدخل ضمن حق المدعى عليه في الدفاع عن نفسه ويهدف منها الحصول على
حكم بالبراءة ، ولأنه لا يجوز قانونا أن ينقلب تظلم المرء وبالا عليه ، ولأنه أيضا لا
يجوز أن يضار الطاعن بطعنه). ومع ذلك يذهب اتجاه في الفقه إلى القول بأن
الطعن في الأحكام من قبل المدعى عليه يقطع التقادم لأنه يعيد الجريمة والدعوي
إلى الذاكرة الاجتماعية فيحقق بذلك علة التقادم ، وهو ما تريده محكمة النقض
المصرية (۲).
وفي جميع الأحوال فإنه لا خلاف على أن الإجراءات التي تلي التقرير
بالطعن من المدعى عليه تقطع التقادم مثل استدعاء الشهود أو سماعهم لأن هذه
الإجراءات تعد حينئذ من إجراءات المحاكمة التي تقطع التقادم .
3- إجراءات التحقيق الابتدائي :
وتشمل كل الأعمال التي تقوم بها النيابة العامة باعتبارها سلطة تحقيق
والقرارات والمنكرات والإنابات التي تصدر عنها : مثل أوامر القبض والحبس
الاحتياطي ، واستجواب المدعى عليه وسماع الشهود ، والمعاينة وانتداب الخبراء .
مع ملاحظة أن ما يقطع التقادم هو قرار سلطة التحقيق بانتداب الخير ، أما الأعمال
التي يقوم بها الخبير وكذلك إيداع الخبير التقريره لا تقطع التقادم لأنها ليست من
أعمال التحقيق وإنما هي مجرد أعمال فنية أو مادية أو إدارية (1)
ويقطع التقادم أيضا إجراءات التحقيق التي يقوم بها أحد مامورى الضبط
القضائي المنتدب من قبل النيابة العامة بشرط أن يكون أمر الندب صحیحا وصريحا
ويقطع التقادم كذلك قرار سلطة التحقيق في ختام التحقيق بالاحالة إلى
المحكمة المختصة أو القرار بالا وجه لإقامة الدعوى فإذا أقفل التحقيق بقرار بألا
وجه لإقامة الدعوى ثم قامت النيابة العامة بعد ذلك بنفسها أو بواسطة مأمور ضبط
قضائي بإجراء تحقيق للتثبت من توافر أدلة جديدة ، فإن هذا التحقيق الذي أجرته
النيابة العامة والذي يكون أساسأ لفتح التحقيق من جديد يكون قاطعة لمرور الزمن
.
4- إجراءات المحاكمة :
ويطلق عليها أيضا إجراءات التحقيق النهائي ، ويقصد بها جميع الإجراءات
التي تتخذها المحكمة الجنائية أو تأمر باتخاذها منذ رفع الدعوى أمامها إلى حين
صدور حكم فيها ، وسواء كانت متعلقة بتداول الدعوى أمامها أم بتحقيقها أو الحكم
فيها (۳) . ومن أمثلة إجراءات المحاكمة التي تقطع التقادم : دعوة المدعى عليه
للحضور أمام المحكمة بشرط أن تكون ورقة التكليف بالحضور صحيحة غير مشوبة
بالبطلان ، حتى ولو كانت المحكمة غير مختصة ، وكذلك دعوة الشهود ، وسماع
الشهود وإجراء المعاينة وقرار ندب الخبراء ، وقرار تأجيل المحاكمة إذا صدر بحضور
االخصوم وكان قد دون في المحضر أو إذا صدر تلقائيا من المحكمة في الجلسة
التي تخلف عنها المدعى عليه على الرغم من إبلاغه بموعدها ، وكذلك قرار محكمة
النقض بنقل الدعوى ، وقرار فتح المحاكمة
وينقطع ,التقادم أيضا بما تصدره المحكمة من أحكام سواء كانت فاصلة فى الموضوع أم غیر فاصلة في الموضوع ، سواء كانت ابتدائية أم استئنافية. فتقطع التقادم الأحكام الوقتية والتمهيدية كما يقطع التقادم صدور الحكم
ما الذي يقبل الاستئناف وصدور الحكم الاستئنافي الذي يقبل النقض . أما
هذا الحكم باتا فإنه لا يقطع التقادم بالنسبة الدعوى العامة، وانما تنقضى
| هي ذاتها باعتباره احد اسباب انقضائها مثل التقادم ، ولكن قد تبدأ من تاريخ
صدور هذا الحكم مدة التقادم على انقضاء العقوبة المحكوم بها
ويقطع التقادم على الدعوى العامة الأحكام الابتدائية أو الاستئنافية
الحضورية أو الغيابية التي تصدر في جنحة أو مخالفة ، فيقطع التقادم على الدعوى
العامة الحكم الغيابي في الجنح الذي لم يبلغ أو الذي أبلغ بطريقة مخالفة للأصول
منذ تاريخ صدوره لأنه يعتبر في هذه الحالة بمثابة آخر إجراء من إجراءات التحقيق
النهائي أمام المحكمة ، فإذا أبلغ وفقا للأصول فإنه يقطع التقادم على الدعوى العامة
من تاريخ إبلاغه ، فإذا لم يطعن فيه وصار باتا بسبب فوات مواعيد الطعن انقضت
الدعوى العامة ويخضع لتقادم العقوبة منذ ذلك التاريخ.
أما إذا كان الحكم الغيابی صادرة في جناية فإنه يخضع استثناء للتقادم
الخاص بالعقوبات وليس لقواعد التقادم المتعلقة بالدعوى العامة على الرغم من أنه
حكم غير بات ، وكان مقتضى تطبيق القواعد العامة أن يخضع للتقادم الخاص
بالدعوى العامة . لأنه لو طبقت بالنسبة للحكم الغيابي في جناية القاعدة العامة في
اعتباره إجراء من إجراءات الدعوى ومن ثم خضوعه للتقادم المسقط للدعوى ، أي
بانقضاء عشر سنوات عليه، لكان مقتضى تلك القاعدة أن تسقط الدعوى العامة في
الجناية إذا ظل المتهم المحكوم عليه غيابية هارية لمدة عشر سنوات من تاريخ صدور
هذا الحكم عليه ويفلت تبعا لذلك من العقاب. بينما لو كان هذا المتهم محكوما عليه
سوريا ما كان يفلت من العقاب إلا بانقضاء مدة التقادم بالنسبة للعفوية وهي اطول
مدة القائم على الدعوى العامة . قلتفادي هذه النتيجة التي يصبح فيها المحكوم
ابيا في جناية أفضل حالا ومركزا من المحكوم عليه حضوريا اعتبر الحكم
کی جناية كالحكم الحضوري من حيث المدة اللازمة لسقوطه بالتقدم ، وهی
مدة سقوط العقوبة، لا مدة سقوط الدعوي (انظر المادة 394 إجراءات جنائية )
5- الأمر الجنائي:
على الرغم من أن الأمر الجنائي لا يعتبر إجراء من إجراءات الدعوى
العامة بمعناها الدقيق ، إذ يصدر عن القاضي المختص أو النيابة العامة دون
حضور خصوم ودون مرافعة ، وإنما بناء على محاضر الاستدلال -التى تقدم إليه
في بعض الجرائم المواد من ۳۲۳ إلى ۳۳۰ من قانون الإجراءات الجنائية إلا
أنها تعامل مثل الأحكام وتتمتع بالحجية وإن كانت أقل من تلك التي تتمتع بها
الأحكام ، وقد يترتب عليها انقضاء الدعوى العامة إذا لم يعترض عليه في الميعاد
. ولهذا السبب تعتبر الأوامر الجنائية من الإجراءات القاطعة للتقادم على الدعوى
العامة والتي ورد النص عليها صراحة في قانون الإجراءات الجنائية المادة 17
بشرط أن تكون صحيحة أي تتوافر فيها الشروط التي نص عليها قانون الإجراءات
الجنائية وبشرط أن تتخذ في مواجهة المتهم او يخطر بها بوجه رسمی (المادة17
إجراءات).
شروط الإجراءات القاطعة للتقادم :
يشترط في الإجراءات التي تقطع التقادم أن تكون متعلقة بالدعوى العامة
وأن تكون صادرة عمن يملكها ، وأن تكون صحيحة . فلا يقطع التقادم التحقيقات
الإدارية أو التحقيق الذي تجريه إحدى السلطات الإدارية مع أحد موظفيها بشان
جريمة ارتكبها مثل الرشوة أو التزوير ، بل حتى ولو قام بهذا التحقيق أحد قضاة
مجلس الدولة (") ، وأيضا التحقيق التي تجريه الجهة الإدارية مع الغير الذي ارتكب
جريمة وقعت على مصالحها. كما لا يقطع التقادم التحقيق الذي تجريه المحكمة
الشرعية مع مأذون عن واقعة اختلاس رسوم عقد زواج (۳) ، وكذلك الإجراءات
المتعلقة بالدعوى المدنية سواء أمام المحكمة الجنائية بالتبعية للدعوى العامة أم امام
المحكمة المدنية ، مثل إجراءات نظر الدعوى المدنية وطعن المدعي بالحق المدنى
بالاستئناف أو بالنقض في الشق المدني الصادر من المحكمة الجنائية أو التحقيق
الذى تجريه المحكمة المدنية في عقد مطعون فيه بالتزوير أمامها. فالتحقيقات أو الإجراءات السابقة
لا تتعلق بالدعوى العامة ولا تعتبر من إجراءاتها ولذلك لا يترتب عليها قطع التقادم .
ويجب أن يكون الإجراء الذي يقطع التقادم صادرأ عمن يملکه قانونا أي عن سلطة يمنحها القانون الاختصاص باصداره مثال ذلك ان إجراءات الاستدلال لا تقطع التقادم إلا إذا كانت صادرة عن أحد مأموري الضبط القضائي
فإذا كان من قام بها من غير مأموري الضبط القضائي فإنها لا تقطع التقادم أو إذا
قام مأمور الضبط باستجواب المدعى عليه.
ويشترط أيضا في الإجراء الذي يقطع القادم أن يكون صحيحة من حيث
الشكل والموضوع . فلا يقطع التقادم الإجراءات الباطلة مثل إقامة النيابة العامة
الدعوى العامة في جريمة من جرائم الشكوى أو الطلب أو الإذن قبل تقديم الشكوى
أو الطلب أو قبل الحصول على الإذن وإدعاء النيابة مباشرة أمام المحكمة ضد
مجهول أو إذا كان الادعاء أمام المحكمة باطلا أو إذا كان الادعاء بالحق المدني
من شخص ليس له صفة أو إذا كانت ورقة التكليف بالحضور باطلة ، فمثل هذه
الإجراءات الباطلة لا يترتب عليها انقطاع التقادم (2) ، ويستوي بعد ذلك أن يكون
البطلان مطلقة أم تسيية وتمسك به ذو المصلحة . فإذا كان بطلان الإجراء مما
يزول بعدم التمسك به فإنه يعتبر صحيحة وينتج أثره في قطع التقادم .
فالإجراء الباطل إذن لا أثر له على التقادم ولا يترتب عليه انقطاع المدة،
ولا يقطع التقادم أيضا الإجراءات التالية له والمترتبة عليه.
هذا ويلاحظ أن رفع الدعوى بإجراء صحيح إلى محكمة غير مختصة ثم
صدور حكم بعدم الاختصاص يترتب عليه وعلى الحكم قطع التقادم ) ، ويقطع
التقادم أيضا الحكم بعدم القبول إذا رفعت الدعوى ممن لا يملك رفعها قانونا وكان
سبب عدم القبول غير ظاهر من الأوراق مما يتطلب تحقيقا للتثبت من صحة رفع
الدعوى وذلك باتخاذ إجراءات لهذه الغاية مثل دعوة المدعى عليه أو الشهود لحضور
جلسات المحاكمة ، فإن مثل هذه الإجراءات وكذلك الحكم الصادر في الدعوى بعدم
قبولها لرفعها من غير ذي صفة متى تم كل منهما صحيحة في ذاته فلا مراء فى
أنه قاطع للتقادم (2) . كما قضى في فرنسا أن الإجراء الذي يتخذه مأمور ضبط أو
عضو النيابة العامة أو قاضي التحقيق يقطع التقادم متى كان مستحيلا على أحد
هؤلاء تحديد محل وقوع الجرم او محل إقامة المدعى عليه على وجه الدقة ثم تبين
بعد ذلك أنه كان غير مختص مكانيا (). فمثل هذا الإجراء يعتبر وكأنه صدر عن
مختص بحسب الظاهر ويقطع التقادم تبعا لذلك ، ولكن أي إجراء يتخذ بعد اكتشاف
عدم الاختصاص يعتبر باطلا ولا يقطع التقادم بطبيعة الحال
تعريف
يقصد بانقطاع التقادم طروء أو اعتراض سبب أو حدث أو إجراء أثناء
سريانه يترتب عليه إزالة أو محو المدة السابقة على الانقطاع أي اعتبارها كأن لم
تكن وبدء حساب مدة جديدة تماما للتقادم .
وترجع العلة من وراء تقرير نظام انقطاع التقادم أن السبب أو الحدث أو
الإجراء الذي يقع أثناء سريان مدة التقادم يعيد إلى الأذهان فكرة الجريمة وآثارها بعد
أن كانت قد بدأت ذاكرة المجتمع في نسيانها ، ومن ثم يكون من اللازم -- بعد تذكر
الجريمة - حساب مدة جديدة للتقادم لنسيانها من جديد
.
III- آثار انقطاع التقادم :
يترتب على انقطاع التقادم زوال المدة السابقة على الانقطاع واعتبارها كان
لم تكن ثم حساب مدة تقادم جديدة تبدأ من اليوم التالي لتاريخ آخر إجراء قطع التقادم
(3) . فإذا اتخذ إجراء جديد من الإجراءات القاطعة للتقادم أثناء سريان المهلة الجديدة
، انقطعت تلك المهلة وزالت المدة السابقة على هذا الانقطاع الجديد وتبدأ مهلة
جديدة أخرى من اليوم التالي لتاريخ اتخاذ هذا الإجراء . وهكذا يمكن أن تستمر
الدعوى العامة ولا تسقط بالتقادم طالما اعترضها قبل نهايتها إجراء قاطع لها مدى
حياة المدعى عليه أو إذا صادفها سبب آخر من أسباب انقضائها . وفي مثل هذا
الوضع لا يوجد حد أقصى للتقادم تنقضي به الدعوى العامة وهو ما يتعارض مع
تقرير نظام التقادم والأساس الذي يقوم عليه (۱)
انقطاع التقادم ذوي أثر عینی ، بمعنى أنه يتعلق بالدعوى التي اتخذ في
شأنها الإجراء القاطع وبالواقعة أو الفعل محل الملاحقة أو التحقيق. وارتباط انقطاع
التقادم بالدعوى يعني أن الإجراء الذي يقطع التقادم ينتج أثره في الدعوى ذاتها أيا كان الشخص الذي يتخذ في مواجهته هذا الإجراء مجهول أم معلوم ؛ علم به أم لم
يعلم ، اتخذ في مواجهته أم في مواجهة غيره من المساهمين . فإذا تعدد المدعى
عليهم فإن التقادم ينقطع بالنسبة لهم جميعا سواء كانوا فاعلين أم شركاء حتى ولو
لم تكن اتخذت في مواجهتهم إجراءات قاطعة للمدة ، فالانقطاع عيني يمتد أثره إلى
جميع المدعى عليهم في الدعوى ولو لم يكونوا طرفا في الإجراءات القاطعة للتقادم
(۲) . فطالما أن الانقطاع يجدد ذكرى الجريمة ويعيدها إلى الأذهان فإنه يستوي أن
يتحقق بالنسبة إلى مدعى عليه واحد أو إلى كل المدعى عليهم . كما يرتبط انقطاع
التقادم بالواقعة أو الفعل محل الملاحقة أيا كان الوصف الجرمي الذي أسبغ عليه ،
فإذا وصف الفعل بأنه نصب وجرى التحقيق به تحت هذا الوصف ، فإن هذا التحقيق
يقطع التقادم ولو تبين أن هذا الفعل ذاته يحتمل أن يخضع لأوصاف أخرى مثل
السرقة أو خيانة الأمانة .
والقاعدة أن انقطاع التقادم يقتصر أثره على الفعل موضوع الملاحقة أو
التحقيق مهما تعددت أوصافه ولا يمتد إلى غيره من الأفعال أو الجرائم الأخرى
ومع ذلك تقضي المحاكم في فرنسا وفي مصر بأن الإجراء القاطع للتقادم يمتد أثره
إلى الجرائم الأخرى المتلازمة والتي ترتبط برباط وثيق غير قابل للتجزئة بالجريمة
موضوع الملاحقة أو التحقيق ويقطع التقادم بالنسبة لها هي الأخرى على الرغم من
أنها ليست موضوع ملاحقة أو تحقیق ، مثال ذلك جريمة التزوير وجريمة استعمال
المحرر المزور وكذلك جريمة السرقة وجريمة إخفاء أشياء متحصلة عنها، فالاجراء
القاطع للتقادم على دعوى التزوير أو السرقة يقطع في نفس الوقت القات عن
الدعوى التي تنشأ عن جريمة استعمال المحرر المزيد أو عن جريمة إخفاء الأشياء
المتحصلة عن السرقة .
ب- إيقاف التقادم :
1- تعریف :
يقصد بإيقاف التقادم تعليق مرينه طوال المدة التي يستمر فيها سبب الوقف
، فتسقط هذه المدة من حساب التقادم ، ولكن تحسب المدة السابقة على الوقف
فتدخل في حساب التقادم وتستكمل بعد زوال سبب الوقف .
قد يعترض سريان التقادم مانع قانوني أو واقعي يستحيل بسببه اتخاذ
إجراءات الملاحقة أو التحقق فى الدعوى أو الاستمرار فى اتخاذها وقد يستمر هذا
المانع فترة من الزمن ، يحتمل بعدها انقضاء مدة التقادم على الدعوى من قبل السلطة المختصة أو الأفراد و يكون من المنطقي بالتالي عدم احتساب تلك الفترة
ضمن مدة التقادم .
ولكن نظام وقف التقادم بالمفهوم السابق وان كان يسلم به في مجال القانون
إلا أنه يصعب التسليم به في مجال الدعوى العامة. ففي مجال الدعوى
ا س انقضاء تلك الدعوى بالتقادم بالنسبة للمسائل المدنية على قرينة تنازل
صاحب الحق عن حقه لعدم مطالبته به خلال مدة معينة، ولذلك قرر القانون
المدني أن من لا يمكنه المطالبة لا تسري ضده حك المدة لعدم توافر الى القرينة
في حقه ، بينما في مجال الدعوى العامة يصعب تأسيس التقادم على قرينة تنازل
النيابة العامة عن إقامتها أو مباشرتها لأنها لا تملك التنازل عن تلك الدعوى بای
حال كما بينا من قبل ، وإنما يجد التقادم على الدعوى العامة تبريرا له وأساسا في
حالة النسيان التي هي سمة الأفراد والجماعات وكذلك في اختفاء الأدلة أو طمس
معالمها . وعلى هذا الأساس الأخير لا يتصور وقف التقادم ، فهو يرتب أثره سواء
أهملت النيابة العامة أم لم تهمل وسواء وجد مانع قانونی ام مانع واقعی.
ولهذا لا تعترف تشريعات بعض الدول بنظام وقف التقادم وتنص على ذلك
صراحة في قوانينها مثل قانون الإجراءات الجنائية المصري الذي ينص في المادة
السادسة عشر على أنه لا يوقف سريان المدة التي تسقط الدعوى الجنائية لأي
سبب كان".
وتوجد تشريعات أخرى تسكت عنه مثل التشريع السوري والفرنسي واللبناني.
وعدم وجود نص في قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري يقرر نظام وقف
مرور الزمن صراحة يفيد أنه لا يعترف به في مجال الدعوى العامة وهو ما اتجهت
إليه محكمة النقض السورية (1).
بينما اتجه الرأي في فرنسا ولبنان - فقها وقضاء - إلى إمكانية الأخذ بهذا
النظام في مجال الدعوى العامة رغم علم النص عليه في قانون الإجراءات الجنائية
الفرنسي وقانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني لأن المنطق يفرضه والعدالة
تحتمه (). فليس من العدل ولا من المنطق أن تحتسب ضمن مدة التقادم والفترة
التي يستحيل فيها على النيابة العامة أو السلطات الأخرى أو حتى المدعى بالحق
الشخصي اتخاذ إجراءات الدعوى العامة أو الاستمرار فيها بسبب وجود مانع قانونى
أو واقعی
-
الحكم البات
كانت الأسباب السابقة وهي وفاة المدعى عليه والعفو العام والتقادم أسبابا
عامة عارضة لانقضاء الدعوى العامة تعترض سيرها الطبيعي وتنهيها نهاية مبتسرة قبل نهايتها الطبيعية . فالدعوى العامة موضوعها طلب توقيع الجزاء الجنائي على مرتكبي جريمة معينة من خلال مجموعة من الإجراءات المتتابعة والتي تنتهي بحكم فاصل في الموضوع سواء بالإدانة وتوقيع عقوبة أو تدبير احترازی أم بالبراءة ، فإذا استنفذ هذا الحكم كل طرق الطعن العادية وغير العادية ، أي كل طرق الطعن في الأحكام ، فإنه يوصف بأنه حكم بات ويصبح عنوانا للحقيقة بما صدر به وتنتهي به الدعوى العامة نهايتها الطبيعية ، فهدف تلك الدعوى وغايتها في الوصول إلى ذلك الحكم البات ، ولذلك يكون من الطبيعي القول بأن الحكم النبات يترتب عليه انقضاء الدعوى العامة حتى ولو لم يرد نص في القانون يقرره .
وسبب انقضاء الدعوى العامة بالحكم البات هو أن هذا الحكم يتمتع بالقوة
الشيء المقضي به أو قوة الأمر المقضي بها. وتعنى هذه القوة أن ما صدر به
هذا الحكم يعبر عن الحقيقة ويصير عنوانا لها بحيث لا يجوز إعادة محاكمة نفس الشخص عن ذات الفعل مرة أخرى ، أي لا يجوز رفع الدعوى عليه مرة ثانية لمحاكمته عن ذات الفعل مرة أخرى اى لا يجوز رفع الدعوى عليه مرة ثانية لمحاكمته عن ذات الفعل الذي سبق أن حكم عليه من أجله بحكم بات حائز لقوة الامر المقضى به ، فهذه القوة التي يتمتع بها الحكم تقضي على الدعوى العامةوتحول دون بعثها من جديد في مواجهة نفس الشخص وعن ذات الفعل (1)
اساس قوة الأمر المقضي به :
كان الفقه الجنائي في الماضي ولفترة طويلة يعتقد في وحدة هذا الأساس
في كل من الإجراءات المدنية والتجارية والإجراءات الجنائية والذي كان الفقه المدني
وراه في عقد ينشأ بين أطراف الدعوى مقتضاه التزام كل منهم بعدم رفعها من جديد
بعد صدور حکم بات فيها إذا توافرت شروط ثلاثة وهي وحدة الموضوع ووحدة
الأشخاص ووحدة السبب . ولكن هذا الاتجاه أصبح منتقدة الآن لأن دور القاضي
الجنائي وسلطته في الدعوى العامة يختلف عن دور القاضي المدني وسلطته في
الدعوى المدنية، فالقاضي المدني لا يبحث إلا عن الحقيقة الشكلية من خلال ما
يقدمه أطراف الدعوى من أدلة الإثبات المحددة قانونأ سلفة ، بينما القاضي الجنائي
يبحث عن الحقيقة الواقعية ويسعى للوصول إليها من خلال ما يتمتع به من سلطة
تقديرية واسعة في الإثبات ، كما أن هدف الإجراءات الجنائية هو الوصول إلى حكم
قوی ورادع وسريع من ناحية وإعطاء المدعى عليه ضمانات كافية للدفاع عن نفسه
من ناحية أخرى . ولذلك يجب البحث عن أساس آخر مختلف و مستقل عن الدعوى
المدنية يأخذ في الاعتبار خصوصية الدعوى العامة واستقلالها عن الدعوى المدنية.
وبناء على ما سبق فإن أساس قوة الأمر المقضي التي يتمتع بها الحكم الجنائى البات والتى يترتب عليها انقضاء الدعوى العامة هو الاستقرار القانونى والعدالة . فالاستقرار القانوني يقتضي وضع حد ينتهي عنده وقف استمرار
إجراءات الدعوى العامة ، فلا يعقل أن تستمر تلك الدعوى عالقة إلى ما لا نهاية
أمام القضاء الجنائي والا استحال على هذا القضاء تحقيق العدالة الجنائية على
أكمل وجه ، كما أن عدم وضع حد لإجراءات الدعوى العامة يخلق شكا لدى الرأى
العام في عدم قدرة هذا القضاء في الوصول إلى حكم حاسم وما يترتب على ذلك
من فقد الأحكام الجنائية للاحترام الذي يجب أن تتمتع به في نظر الرأي العام
يضاف إلى ما سبق استقرار المراكز القانونية للمدعى عليهم حتى لا تظل
هذه المراكز معلقة وقلقة إلى ما لا نهاية ، إذ يجب أن ينحدد مركز كل مدعى عليه
عند مرحلة معينة من مراحل إجراءات الدعوى حتى يستطيع أن يمارس حياته
الاجتماعية العادية وحتى يمكن لأفراد المجتمع التعامل معه سواء كان الحكم صادرا
بالإدانة أم بالبراءة ، وهو ما يحقق ضمانة هامة للحريات الفردية
وتستند قوة الحكم البات في إنهاء الدعوى العامة إلى اعتبارات العدالة التي
تقضي بأن مرتكب الجريمة لا يتحمل جزاؤها إلا مرة واحدة.
خصائص قوة الأمر المقضي به :
الحكم النبات الذي يتمتع بقوة الأمر المقضي به يحقق إذن من خلال
الاستقرار القانوني والعدالة مصلحة المجتمع أي مصلحة عامة ولذلك فإن سلطته
في إنهاء الدعوى العامة تتعلق بالنظام العام بكل ما يترتب على ذلك من آثار
معروفة ، كما سنرى فيما بعد .
ومن خصائص قوة الأمر المقضي به أنها نسبية وليست مطلقة ، ففي
بعض الحالات النادرة رغم صدور حکم بات فان هذا الحكم قد لا يتمتع بقوة الأمر
المقضي ومن هذه الحالات النادرة ما نصت عليه المادة 441/2 من قانون
الإجراءات الجنائية والتي تسمح بطلب إعادة النظر إذا حكم على شخص من أجل
واقعة وحكم فيها بعد ذلك على شخص آخر من أجل الواقعة عينها وكان الحكمان
لا يمكن التوفيق بينهما وينتج عن ذلك ما يؤيد براءة أحد المحكوم عليهما وهذا
يعنى ان الحكم الأول لا يتمتع بقوة الأمر المقضي في مواجهة الحكم الثاني
الدفع بقوة الأمر المقضي به :
يتوافر هذا الدفع في الفرض الذي يحكم فيه على شخص بحكم بات في
دعوى جنائية بشأن جريمة ارتكبها ، ثم ترفع دعوى جنائية جديدة على ذات الشخص
عن ذات الجريمة أمام المحكمة الجنائية ، فيكون لهذا الشخص أن يدفع أمام تلك
المحكمة بعدم قبول الدعوى الجنائية الجديدة استنادا إلى سبق الفصل فيها بحكم بات
أي بحكم يتمتع بقوة الشيء المقضي به ، فيتفادي عن طريق هذا الدفع إعادة النظر
في موضوع الدعوى من جديد .
وتبين فيما يلي شروط الدفع بقوة الأمر المقضي به وطبيعة هذا الدفع.
اولا - شروط الدفع بقوة الأمر المقضي به :
يشترط لصحة الدفع بقوة الأمر المقضي به توافر الشروط التالية (1):
١- سبق صدور حکم جنائی بات فأصل في الموضوع .
۲- وحدة الموضوع .
٣- وحدة السبب .
٤- وحدة الأشخاص أو الأطراف .
فإذا انتفى أحد الشروط السابقة لا يعتبر الدفع صحيحة ولا يرتب أثره في
منع نظر الدعوى الثانية الجديدة .
.
د- وحدة الأشخاص أو الفرقاء
يشترط للدفع بقوة الشيء المقضي به أن يكون الخصوم أو الفرقاء في
الدعوى التي صدر بشأنها حكما باتا هم عين الخصوم في الدعوى الجديدة. ومن
المعلوم أن خصوم الدعوى بصفة عامة هم المدعي والمدعى عليه، والخصوم في
الدعوى العامة هم المدعي وهو المجتمع أو الدولة التي تمثلها النيابة العامة . ويقال
تجاوزة المدعى في الدعوى العامة هو النيابة العامة أما المدعى عليهم في الدعوى
العامة هم من ينسب اليهم ارتكاب جريمة وتتخذ في مواجهتهم إجراءات الدعوي
المحاكمتهم عن تلك الجريمة .
وحتى يقبل الدفع بقوة الشيء المقضي فيه في الدعوى الجديدة أن يكون
المدعي واحد والمدعى عليه واحد في الدعوى السابقة الذي صدر فيها حكما باتا .
وعلى ذلك لا شور مشكلة بالنسبة للمدعي إذ هو دائما واحد في جميع
الدعاوى العامة وهو النيابة العامة أو بمعنى أدق المجتمع أو الدولة وسواء كانت
الدعوى قد أقيمت من قبل النيابة العامة أم من غيرها من الجهات أو المدعى المدني
فلا يجوز لعضو نيابة أن يرفع دعوى جديدة بشأن جريمة سبق أن صدر فيها حكم
بات في دعوی سابقة رفعها عضو نيابة آخر أو المدعي بالحق المدني ، لأن النيابة
العامة وحدة واحدة لا تقبل التجزئة كما ذكرنا من قبل وأنها قبل ذلك تنوب عن
المجتمع - أو الدولة في مبأشرة تلك الدعوى فقط - كما أن تحريك أو رفع الدعوى
العامة من المدعي بالحق المدنى لا بغير من الأمر شىء لأنه لا يملك أكثر من
التحريك أو الرفع كما بينا ذلك .من قبل إذ تتصدى النيابة العامة بصفة احتكارية
ودائمة لمباشرة الدعوى العامة وممارسة إجراءاتها كما لا يجوز للمدعى بالحق المدنى أن يحرك الدعوى العامة لو يرفعها بشأن جريمة معينة بعد أن يكون قد صدر حكم بات عن ذات الجريمة فى دعوى اقامتها النيابة العامة من قبل . ففي جميع
هذه الحالات نلاحظ أن المدعي واحد في الدعوى العامة وهو المجتمع أو الدولة أو
النيابة التي تمثلها والتي تعتبر وحده لا تقبل التجزئة ، ومن ثم يكون الدفع بقوة
الشيء المقضي فيه مقبولا بالنسبة للدعوى الثانية بسبب وحدة المدعی .
ويشترط أيضا لقبول هذا الدفع أن يكون المدعى عليه واحدة في الدعويين
: الدعوى الذي صدر فيها حكم بات والدعوى الجديدة . فإذا اختلفت أشخاص
المدعى عليهم أو صفاتهم في الدعوى الجديدة عن الدعوى التي صدر فيها حكم
بات فإن قبول الدعوى الثانية أو عدم قبولها يتوقف على ماذا كان الحكم البات
صادرة بالإدانة أم صادرة بالبراءة .
فإذا كان الحكم البات السابق صادرة بإدانة مدعى عليه معين وبصفة معينة
فإنه يتمتع بقوة الشيء المقضي فيه بالنسبة لهذا المدعى عليه فلا تجوز إعادة
محاكمته مرة أخرى عن ذات الجريمة بسبب وحدة المدعى عليه ، ولكن ذلك لا
يحول دون إقامة الدعوى العامة ضد مدع عليه آخر عن ذات الجريمة التي صدر
بها الحكم الأول سواء بصفته فاعلها أو شريكة فيها . وتطبيقا لذلك قضى بأنه إذا
ارتكب شخصان جناية ضرب أفضى إلى موت وكان أحدهما حدثا قضت محكمة
الأحداث بإدانته بحكم بات ، ثم قدم المتهم الآخر إلى محكمة الجنايات فلا يقبل
منه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى في مواجهته لسبق إدانة المتهم الآخر في الجريمة
، وإذا اقيمت دعوى عامة على شخص بصفته الشخصية عن جريمة وصدر فيها حكم بات فليس هناك ما يحول دون رفع دعوى جديدة على ذات الشخص
بصفته رئيس مجلس ادارة البنك الذي ارتكبت باسمه ولحسابه ذات الجريمة ويجب
عند نظر الدعوى الجديدة في هذه الحالة عدم التقيد بالحكم السابق كما لايجوز
الاحتجاج به على المدعى عليه في الدعوى الجديدة ، إذ يجب أن يمكن من الدفاع
عن نفسه ، كما يجب على المحكمة أن تتحرر من هذا الحكم وأن تكون عقيدتها
استقلا عن العقيدة التي كانت قد تكونت لدى المحكمة الأخرى حتى ولو أدى ذلك
إلى التناقض بين الحكمین .
أما إذا كان الحكم البات السابق صادرة بالبراءة فإنه يجب التمييز بين
أسباب البراءة التي بني عليها الحكم وما إذا كانت أسبابة شخصية أم أسبابا موضوعية
فإذا كانت البراءة ترجع إلى أسباب شخصية أي تستند إلى سبب يتعلق
بشخص المدعى عليه مثل عدم توافر الركن المعنوي أو عدم توافر القصد الجنائی
أو لتوافر مانع من موانع المسؤولية كعدم التمييز أو عدم توافر الألة بحقه فإن هذا
الحكم لا يقبل الدفع به من غير المدعى عليه الذي صدر لصالحه ، فلا يقبل
الاحتجاج به من المساهمين الآخرين في الجريمة في حالة رفع دعوى ثانية عليهم
أما إذا كانت البراءة تستند إلى أسباب موضوعية مثل عدم وقوع الجريمة
أو عدم توافر عناصرها أو لانقضائه بالتقادم أو العفو العام أو بسبب وجود سبب
إباحة ، فإن هذا الحكم يتمتع بقوة الشيء المقضي فيه بالنسبة لجميع المساهمين في
الجريمة ويقبل الدفع به من المدعى عليه الذي صدر لصالحه ومن غيره من
المساهمين معه في الجريمة ، فيحتج به المساهمون الآخرون في الجريمة في حالة
رفع دعوى ثانية عليهم .
. لأن هذه الأسباب ترتبط بالجريمة ذاتها ، ولأنه لو كانت محاكمة جميع |
المساهمين نمت في دعوى واحدة لقضت تلك المحكمة لهم بالبراءة جميعا لانها لو قضت للبعض بالبراءة والبعض الآخر بالإدانة لكان حكما معيبأ يتسم بالتناقض
و مع ذلك يذهب رأى في الفقه الى القول بان حكم البراءة - مثله مثل حكم الإدانة لا يتمتع بحجية إلا بالنسبة لمن صدر لصالحه فقط ولا يقبل الاحتجاج به من غيره من المساهمين فى الجريمة نفسها التى صدر فلا يقبل منهم الدفع بقوة الشيء المقضى فيه لاختلاف الخصوم أو الفرقاء فى الدعويين .
وهذا الاتجاه الفقهي لا جدال في أنه صحيح من الناحية القانونية المجردة
ولكن الاخذ به يفتح بابا واسعا لإمكانية حدوث التناقض بين الأحكام ولأن البراءة هنا تتعلق بذات الجريمة وليس لأسباب شخصية تتوافر بالنسبة لمدع عليه بالذات
وترتبط به وحدة دون غير من المساهمين معه في الجريمة . ولهذا السبب نعتقد أن
الحل السابق يؤيده القضاء ، كما يؤيده الاتجاه الراجح في الفقه (۴) ، ويمكن قبوله
على أنه استثناء من شرط وحدة الخصوم أو الفرقاء .
.
ب- وحدة الموضوع :
موضوع الدعوى العامة هو طلب توقيع العقوبة أو التدبير الاحترازی على
المدعى عليه ، وهذا الطلب تتقدم به النيابة العامة ويكفي أن تشير بشأنه إلى النص
القانوني الذي ترى أنه ينطبق على الواقعة التي تنتظرها المحكمة . وطلب توقیع
العقوبة أو التدبير الاحترازی واحد في كل الدعاوى العامة ، أي أن موضوع الدعوى
العامة واحد لا يتغير . ولذلك فإن شرط وحدة الموضوع لا يثير مشاكل على الاطلاق
، فهذا الشرط متوافر دائما بالنسبة للحكم الذي حاز قوة الأمر المقضي به والدعوی
الجديدة التي ترفع عن ذات الفعل والتي يدفع أمامها بسبق الفصل فيها ، فالطلب
في الدعوى الذي صدر فيها الحكم البات هو ذاته الطلب الذي تقدم به النيابة في
الدعوى الجديدة ، ويكون الدفع مقبوة إذا توافر باقي الشروط
أ- سبق صدور حكم جنائی بات فاصل في الموضوع : .
ويشترط في هذا الحكم السابق ما يلى : أن يكون حكما جنائيا وأن يكون
فاصلا في الموضوع وأن يكون باتا .
.
١- أن يكون حكمة جنائيا :
والحكم الجنائي هو الحكم الذي يصدر في دعوى جنائية أيا كانت المحكمة
التى أصدرته ، أي سواء كانت محكمة عادية أم استثنائية أو خاصة. فالأحكام الباته
الصادرة عن القضاء العسكري تتمتع بقوة الأمر المقضي به التى تمنع من تجديد
المحاكمة أمام القضاء العادي عن ذات الجرم. وكذلك الأحكام الصادرة من
المحاكم المدنية في الجنح والمخالفات التي تقع اثناء الجلسة أو من محكمة الطفل
أو غيرها من المحاكم الخاصة .
وعلى ذلك لا تعتبر من الأحكام الجنائية القرارات التأديبية التى تصدر بجازاة موظف بصفة إدارية عن فعل ارتكبه ، فمثل هذه القرارات لاتحول دون
محاكمة هذا الموظف جنائية عن الفعل نفسه إذا كان يعتبر جريمة أمام المحكمة
الجنائية ، وذلك لأن الدعوى التأديبية تختلف عن الدعوى العامة ، كما لا يجوز
القضاء في الدعوى التأديبية قوة الأمر المقضي به بالنسبة للدعوى العامة (۲)
وكذلك الأمر الصادر عن النيابة العامة بحفظ الأوراق لا يعتبر حكما جنائيا
الأنه لا يتمتع بأية قوة أو حجية ، إذ يجوز للنيابة العامة أن تعدل عنه في أي وقت
ولها أن تحرك الدعوى أو ترفعها إلى المحكمة مباشرة، كما يجوز للمدعي بالحق
المدني أن يرفع الدعوى العامة مباشرة أمام المحكمة المختصة رغم قرار حفظ الأوراق
أما الأحكام الأجنبية الجنائية الباته الصادرة عن قضاء أجنبي فإنها تتمتع
بقوة الأمر المقضي به إذا كانت صادرة في جريمة تخضع لقانون العقوبات المصري
وفقا لمبدأ الشخصية وفي الحدود التي نصت عليها المادة 4 عقوبات
۲- أن يكون الحكم الجنائی فاصلا في الموضوع
والحكم الذي يفصل في الموضوع هو الحكم الذي يقضي بالإدانة أو بالبراءة
وهو يكون كذلك حين تطبق المحكمة قواعد قانون العقوبات)، أي القواعد المتعلقة
بالحريمة واركانها والمسؤولية الجنائية عنها والجزاء الجنائي المقرر لها من حيث
به ومقدراه ويفصل في الطلبات والدفوع والمرافعات المتعلقة حول هذه المسائل
ويحسم النزاع حولها.
أما الأحكام والقرارات السابقة على الفصل في الموضوع أو غير الفاصلة
فيه فلا تتمتع بقوة الأمر المقضي به ولا تحوز الحجية ولا تحسم النزاع ، وهي تكون
على حين تتعلق بمسائل إجرائية تطبق عليها المحكمة قواعد قانون الإجراءات
الجنائية . ومثالها الأحكام الوقتية والتحضيرية، وكذلك الحكم بعدم الاختصاص
والحكم بعدم القبول . فهذه الأخيرة وإن كانت تحسم النزاع حول مشكلة إجرائية إلا
أنها لم تفصل في موضوع الدعوى. فالحكم بعدم الاختصاص وإن كان يزيل ولاية
المحكمة ويحول بينها وبين إعادة النظر في الدعوى إلا أن ذلك يكون بصفة مؤقتة
وذلك حين يطعن في هذا الحكم وتلغيه محكمة الطعن فتعود إلى نظر الدعوى من
جديد(؟) . والحكم بعدم القبول وإن كان يترتب عليه عدم جواز نظر الدعوى لتخلف
أحد شروط قبولها إلا أن ذلك يكون بصفة مؤقتة إلى حين توافر شرط القبول المنتفی
، ففي جرائم الشكوى إذا رفعت دعوى من النيابة العامة عن إحدى هذه الجرائم قبل
أن يتقدم صاحب الحق في الشكوى بشكواه تقضي المحكمة بعدم قبول الدعوى ، فإذا
تقدم صاحب الحق في الشكوى بشكواه جاز طرح الدعوى مرة ثانية على المحكمة
وهكذا.
ويأخذ حكم الحكم الفاصل في الموضوع الأمر الجنائي عندما يصبح الحكم
به باتا إما لانقضاء مدة الاعتراض أو لإسقاط المحكوم عليه حقه فيه وإما لرد
الاعتراض عند وقوعه .
كما يأخذ حكم الحكم الفاصل في الموضوع القرار بالا وجه لإقامة الدعوى
الذي تصدره النيابة العامة عندما يصير باتا وذلك على عكس قرار الإحالة .
فقرار النيابة العامة البات بالا وجه لإقامة الدعوى يتمتع بقوة الأمر المقضي
به ولا يجوز بعد ذلك إعادة المحاكمة بعد صدوره من جديد. ذلك أن القرار بالا وجه
لإقامة الدعوى وإن كان لي حكمة إلا أنه يعتبر حكما من حيث أنه يفصل فى
موضوع النزاع وإن كان يتمتع بحجية مؤقتة ، فهو يتمتع بتلك الحجية تجاه النيابة
العامة والمدعي بالحق المدني والمدعى عليه ، كما له قوة الأمر المقضی به تجاهم
، ولا يجوز للنيابة العامة بعد صدوره أن تضع يدها على الدعوى إلا في حالة تقديم
اطلب جديد مرتكز على أدلة جديدة ، كما لا يجوز لغرفة المشورة أن تضع يدها على
التهمة إلا بناء على استئناف مقدم ضمن المدة القانونية من المدعي المدنى أو
النيابة العامة ، وفيما عدا هذه الحالات يعتبر كل تعرض للدعوى التي صدر فيها
قرار بالا وجه لإقامتها تعرضا لمبدأ قوة الأمر المقضي به ومخالفة للقانون . کما
يحول هذا القرار دون قبول الدعوى أمام المحكمة لظهور أدلة جديدة سواء رفعت
الدعوى من النيابة العامة أم من المدعى بالحق المدني ، وهو يكتسب قوة الأمر
المقضي به المطلقة إذا كان قائمة على عدم وقوع الفعل المادي فلا ترفع بعد صدوره
لا دعوى عامة ولا دعوى مدنية ، أما إذا كان قائما على أساس عدم كفاية الدليل أو
لأن الأفعال المادية لا تؤلف جريمة جنائية فإنه يتمتع بقوة الأمر المقضي به ويحول
دون رفع الدعوى العامة وإن كان لا يمنع المتضرر من مراجعة القضاء المدنی .
أما قرار الإحالة فهو مجرد قرار تحضيري لا يتضمن فصلا في موضوع
الدعوى وله طابع مؤقت من حيث تقدير الأفعال التي حقق فيها ووصفها القانوني
وأدلة الثبوت إذ تخضع لتمحيص قاضي الموضوع الذي يكون له أن يقدر الأدلة
المعروضة وأن يعدل في الوصف ليحكم بما يقتنع به ، ولهذا السبب فإن هذا القرار
ليس له قوة الأمر المقضي به .
3- أن يكون الحكم الجنائي الفاصل في الموضوع باتا :
الحكم البات هو الحكم غير القابل للطعن فيه بطرق الطعن العادية
المعارضة والاستئناف) أو غير العادية (النقض والتماس إعادة النظر) ، ولكن الفقه
يستثنی - بحق - طريق التماس إعادة النظر - لأنه طريق استثنائي وحالاته نادرة
ولا يتقيد بمواعيد محددة . وعلى ذلك يكون الحكم البات هو الحكم الذي لا يقبل
الطعن فيه بطريق المعارضة أو الاستئناف أو النقض وهو يكون كذلك إذا تم الطعن
فيه فعلا بهذه الطرق الطرق واستنفدها أو إذا لم يطعن في مواعيد الطعن المحددة قانونا أو إذا صدر ابتداء غير قابل للطعن بأي طريق . فالحكم الجنائي الفاصل في الموضوع والبات هو الذي يتمتع وحده بقوة الأمر المقضي فيه ويحول دون إعادة المحاكمة إذا توافرت باقي الشروط .
فإذا كان الحكم غیر بات فإنه لا يتمتع بتلك القوة ولا يقبل الدفع به، لأن
طرق الطعن مازالت مفتوحة أمامه ولم تستنفد بعد (۲).
والقاعدة أن كل أجزاء الحكم لا تتمتع بقوة الأمر المقضي فيه ، وإنما يتمتع
بتلك القوة المنطوق فقط . فالعبرة فيما تقضي به الأحكام والأوامر - كما قالت
محكمة النقض - هي بما ينطق به القاضي في وجه الخصوم بمجلس القضاء عقب
نظر الدعوى ، لأن حقوق الخصوم إنما تتعلق بهذا المنطوق ولا تتحدد إلا به دون غيره
ولذلك فالأصل ألا تتمتع بقوة الأمر المقضى أسباب الحكم أو أسباب التعليل
وهو ذلك الجزء من الحكم الذي يتضمن مجموعة الحجج والأسانيد التي تفسر منطوق
الحكم وتبين الأسباب التي أسس عليها القاضي عقيدته ووجدانه وحكمه وهي لهذا
السبب لا تتمتع بتلك القوة . ومع ذلك فإن هذه الأسباب أو العلل قد تتمتع بقوة الأمر
المقضي وذلك إذا كان منطوق الحكم غامضة أو ناقصة وذلك في الحدود التي يمكن
بها تفسير الغامض أو تكملة الناقص ، وعلى ذلك تتعلق قوة الأمر المقضي بمنطوق
الحكم وتمتد إلى أسباب التعليل التي تتصل بها اتصالا وثيقا لأنها تفسر ما غمض
منها وتكمل ما نقص فيها (4) ، أما ما عدا ذلك من أسباب التعليل فلا تتمتع بأية
قوة .
كما لا تتمتع بقوة الأمر المقضي ولا تحول دون نظر الدعوى أسباب الحكم
التي تتعرض لإثبات التهمة وتدلل عليها ثم لا ينتهي الحكم في منطوقه إلى قضاء
معين بالنسبة لتلك التهمة (1) ، أو التي تتناول وقائع أخرى غير موضوع المحاكمة
وتبدى المحكمة رأيها في شأنها (۲)
ج- وحدة السبب :
ويقصد بوحدة السبب أن يكون سبب الدعوى الذي صدر فيها الحكم البات
هو ذات سبب الدعوى الجديدة . وسبب الدعوى هو الواقعة المنشئة لها ، وسبب
الدعوى العامة هو الواقعة أو الجريمة التي تنسب إلى المدعى عليه ويراد محاكمته
من أجلها . والمرجع في تحديد وحدة الواقعة أو الجريمة هو الرجوع إلى طلب الادعاء
سواء من النيابة العامة أم من المدعي المدني ، أو قرار الإحالة الصادر من النيابة
العامة
فيتوافر شرط وحدة السبب أو الواقعة أو الجريمة حين تكون الجريمة الذي
صدر فيها الحكم البات هي ذات الجريمة وعينها التي رفعت بها الدعوى الجديدة .
و الحكم البات في هذه الحالة ينهي الدعوى العامة لهذه الجريمة ، ويتمتع بقوة
الأمر المقضي به الذي يحول دون اعادة رفع الدعوى عن الجريمة ذاتها من جديد.
وينتفي هذا الشرط إذا استقلت كل جريمة عن الأخرى بأركانها وعناصرها
وبصفة خاصة إذا كانت كل جريمة ثمرة قرار إرادی مستقل وغرض مستقل عن
الأخرى حتى ولو تماثلت من الناحية المادية ، أي من حيث الركن المادي أو
الوصف القانوني ولا يحوز بالتالى الحكم البات في إحداها قوة الأمر المقضي به
بالنسبة للأخرى ولا يحول تبعا لذلك من رفع الدعوى عن الجريمة الأخرى ، ولا يقبل
الدفع بقوة الأمر المقضي به في هذه الحالة .
فصدور حکم بات في جريمة سرقة ارتكبها شخص معين لا يحول دون رفع
دعوى جديدة على نفس الشخص عن جريمة تزوير أو سب أو قذف ارتكبها قبل
السرقة أو بعدها أو عن جريمة إخفاء الأشياء المسروقة التي تحصلت عن جريمة
السرقة لاستقلال الجريمتين (1).
كما أن صدر حكم بات في جريمة سرقة وقعت على شخص معين لا يحول
دون رفع الدعوى عن جريمة سرقة أخرى وقعت على ذات الشخص المجني عليه
وكانت وليدة قرار إرادی مستقل وغرض مستقل عن الجريمة الأولى ، وأيضا فإن
صدور حکم بات في جريمة سرقة وقعت على شخص معين لا يحول دون رفع
الدعوى عن جريمة سرقة وقعت على شخص آخر حتى ولو وقعت الجريمتان لغرض
واحد لأن الاعتداء وقع هنا على حقين مختلفين لأن المجني عليه فيهما ليس واحدا
في الحالات السابقة نلاحظ أن الحكم البات الذي يصدر به فى جريمة ضد
شخص معين لا يحول دون محاكمته ثانية عن جريمة أخرى مستقلة عن الجريمة
الأولى لأن هذا الحكم البات لا يتمتع بقوة الأمر المقضي به بالنسبة للدعوى الثانية
لعدم توافر شروط الدفع بهذه القوة لعدم وحدة السيب أو الواقعة أو الجريمة
وتحديد وحدة الواقعة أو تعددها يحتاج إلى إيضاح بالنسبة لبعض أنواع
الجرائم أو في حالة تعدد الوصف او حالة الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين الجرائم
٢- الجريمة المتتابعة الأفعال أو المتعاقبة الفعال : .
وهى تلك التى تتكون من عدة أفعال كل فعل فيها يعتبر جريمة فى ذاته ولكنها تعتبر فى نظر القانون جريمة واحدة إذا ارتكبت الأفعال المتعددة أو المتعاقبة
لغرض واحد وكان المعتدى عليه فيها واحدا مثل جريمة السرقة على دفعات فاذا
صدر حكم بات في هذه الجريمة فإنه يغطي جميع أفعال التتابع أو التعاقب السابقة
على صدوره حتى ولو كان بعضها لم يعرض على المحكمة أو لم يكن قد ذكر في
الادعاء حتى ولو جهات هذه الأفعال النيابة العامة أو المحكمة، لأن هذه الأفعال
جميعا تكون جريمة واحدة حتى لحظة صدور حکم بات فيها أو في بعضها ، فإذا
اكتشفت هذه الأفعال قبل صدور الحكم اليات فإنه لا يجوز رفع دعوى جديدة عنها
الانقضاء تلك الدعوى بالحكم النبات الذي صدر في هذه الجريمة ويكون الدفع بقوة
الأمر المقضي به مقبولا في هذه الحالة (۲).
وقد قضى تطبيقا لذلك أنه إذا أعطى المدعى عليه عدة شيكات بدون رصيد
عدة أفعال مقابل ثمن بضاعة اشتراها صفقة واحدة (غرض واحد) فإن ذلك يعتبر
نشاط إجرامية لا يتجزأ وتنقضي الدعوى العامة بصدور حکم بات واحد بالإدانة أو
البراءة في إصدار أي شيك منها (۳). ويقبل الدفع بقوة الأمر المقضي به إذا رفعت
دعوى جديدة عن أي شيك آخر.
أما إذا تكررت أفعال التابع أو التعاقب بعد صدور الحكم البات لتحقيق
نفس الغرض فإنها تعتبر جريمة جديدة مستقلة عن الجريمة السابقة ويمكن أن تكون
موضوع الدعوى جديدة ولا يقبل الدفع فيها بقوة الأمر المقضي به لاختلاف الواقعتين ، مثل جريمة السرقة على دفعات تحقيقا لغرض إجرامي واحد وعلی مجني عليه واحد ، إذا تكررت أفعال السرقة بعد صدور الحكم البات.
٣ - جريمة العادة :
وهي التي تقع بأكثر من فعل لا يعتبر كل فعل منها جريمة في حد ذاته وإنما يجب أن يتكرر الفعل الذي تنشا به حالة العادة التي يعاقب عليها المشرع مثل جريمة الاعتياد على المراباة
.
والحكم اليات الصادر في جريمة العادة يغطي جميع أفعال العادة السابقة
على صدوره سواء تلك التي عرضت على المحكمة أو تلك التي لم تعرض عليها
لعدم كشفها مثلا ، وهذا الحكم اليات يحوز قوة الأمر المقضي به و لا يمكن تبعا
لذلك رفع دعوى جديدة لملاحقة افعال العادة الأخرى التي لم تكتشف قبل صدوره
، فإذا رفعت مثل هذه الدعوى فإن الدفع بقوة الأمر المقضي به يكون صحيحا فى
هذه الحالة .
أما إذا تكررت أفعال العادة بعد صدور الحكم البات وكانت صالحة بذاتها
التوافر ركن الاعتياد فإنها تعتبر جريمة جديدة تصلح لأن تكون سببا منشئأ لدعوى
جديدة ولا يجوز التمسك في هذه الحالة بقوة الأمر المقضي به لاختلاف الواقعتين
هذا مع ضرورة لفت الانتباه بعدم الأخذ في الاعتبار أفعال الاعتياد السابقة على
الحكم البات لأن هذه الأفعال انقضت الدعوى عنها بالحكم البات ، عند التحقق من
توافر ركن الاعتياد في الجريمة الجديدة . وعلى ذلك لا يكفي للقول بتوافر رکن
الاعتياد في جريمة الاعتياد على المراباة الجديدة وقوع قرض ربوی واحد بعد الحكم
البات على أساس أنه يدل على أن عادة الاقراض بالفوائد الربوية متأصلة لدى
المدعى عليه ().
1- الجريمة المستمرة :
الجريمة المستمرة هي تلك التي يقبل ركنها المادي الاستطالة في الزمن ا
دون انقطاع بإرادة الجانی ، مثل حيازة المخدرات وإخفاء الأشياء المتحصلة من
جناية أو جنحة واستعمال المستند المزور . وتعتبر هذه الجريمة في نظر القانون
جريمة واحدة طوال فترة حالة الاستمرار ، ولا تنشأ عنها ، من ثم ، سوی دعوى
جنائية واحدة . فإذا صدر حكم بات بشأنها فإن هذا الحكم يغطى حالة الاستمرار
كلها السابقة على صدوره حتى ولو كان جزء منها لم يشمله الحكم أو جهلته المحكمة
، فلا يجوز رفع دعوى جديدة بهذا الجزء
أما إذا أبقي المدعى عليه حالة الاستمرار بعد صدور الحكم البات فإنه
يعتبر مرتكبا لجريمة جديدة مستقلة عن الجريمة الأولى وتنشأ بها دعوى جنائية
جديدة ، ولا يقبل فيها الدفع بقوة الأمر المقضي به الاختلاف الواقعة في الدعويين .
فمن صدر ضده حكما بات بالإدانة في جريمة الامتناع عن تسليم طفل لمن له الحق '
في تسلمه يجوز أن ترفع عليه دعوى جديدة عن جريمة مماثلة إذا استمر بعد صدور
الحكم البات في الامتناع.
هذا ونلفت الانتباه إلى أنه يجب عدم الخلط بين الجريمة المستمرة بالمعنی
السابق والجريمة الوقتية ذات الأثر الممتد أو المستمر مثل جريمة إقامة البناء بدون
ترخیص ، فهذه الجريمة تتم وتنتهي بمجرد الانتهاء من إقامة البناء ، فمن صدر
ضده حكما باتا عن هذه الجريمة لا يجوز إعادة محاكمته مرة ثانية استنادا إلى ان
البناء ما زال قائما لأن استمرار البناء قائمة في هذه الحالة ما هو إلا أثر للجريمة
التي صدر فيها الحكم البات ،
٤- حالة تعدد الوصف :
يتحقق هذا الفرض عندما نكون أمام واقعة واحدة تتعدد أوصافها القانونية
أو تحتمل تعددة في الأوصاف القانونية مثل حالة التعيد المعنوي كإجراء عملية
جراحية بواسطة شخص غير طبيب أو حينما تحتمل الواقعة الواحدة وصف السرقة
أو خيانة الأمانة أو النصب أو تحتمل السب أو القذف أو تحتمل القتل المقصود او
القتل غير المقصود أو الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة وهكذا .
فإذا لوحق شخص تحت أحد الأوصاف السابقة وصدر في مواجهته حكما
بات بالبراءة مثلا فهل يجوز إعادة ملاحقته عن نفس الواقعة تحت وصف آخر ؟
فإذا حكم على غير الطبيب بالبراءة من جريمة الجرح الذى سببته العملية الجراحية التى أجراها فهل يجوز رفع دعوى جديدة عليه على أساس ممارسة مهنة الطب بغير ترخيص ؟ وهل إذا حكم على شخص بالبراءة في جريمة القتل العمدی
يمكن ملاحقته عن نفس الواقعة على أساس جريمة القتل غير العمدى أو الإيذاء المفضى إلى الوفاة ؟ وهل من حكم عليه بالبراءة فى جريمة القذف يمكن ملاحقته عن نفس الواقعة على أساس جريمة السب ؟ وهكذا
أجابت مباشرة على التساؤلات السابقة المادة 455 إجراءات جنائية التي
نصت على أنه "لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائيا .....
بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة . وهذا النص كما هو واضح عام من
حيث الأحكام ومن حيث الجرائم ، وهو ما يفيد أن حكمه يسري على جميع الأحكام
الجنائية مواء صدرت بالبراءة أو بالإدانة وسواء صدرت في جناية أو جنحة أو
مخالفة .
وتفسير ذلك أن المحكمة الجنائية تتقيد بحدود الدعوى العينية أي تقيد
بالفصل في الواقعة المحددة في أمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور سواء من
النيابة العامة أو المدعى بالحق المدني ، وأن عليها أن تفحص هذه الواقعة وتخلع
عليها الوصف الدقيق الذي تراه أكثر من غيره ينطبق عليها قانونا ، وأنها إذا قضت
بالبراءة عن الفعل تحت وصف معين، فإنه لا يجوز ملاحقة ذات الفعل تحت وصف
آخر ، وما ذلك إلا احتراما لمبدأ قوة الشيء المقضي به التي يتمتع بها الحكم البات
فهذه القوة تحول دون ملاحقة ذات الفعل تحت وصف آخر لأنه كان من سلطة
المحكمة ومن واجبها في نفس الوقت أن تفحص جميع أوصاف الواقعة كما وردت
في أمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور ، ويفترض أيضا أنها قامت بواجبها في
هذا الصدد قبل أن يصدر عنها حكم البراءة . ويسرى نفس الحكم أيضا - من باب
اولی - إذا كان حكمها صادرة بالإدانة ، فلا يجوز رفع دعوى جديدة عن ذات الفعل
تحت وصف أشد أو أخف.
ومع دلك نلفت الانتباه أنه إذا كان الفعل الجرمي تقبل نتائجه الضارة التدرج
من الأخف إلى الأشد مثل فعل الضرب أو الجرح أو الإيذاء الذي يبدو فى بداية
الأمر في صورة ضرب بسيط ثم تتفاقم نتائج هذا الضرب أو الجرح وتتحول إلى
عاهة مستديمة أو وفاة . فإذا تمت محاكمة المدعى عليه أول الأمر على أساس
فعل الإيذاء البسيط وصدر في مواجهته حكم بات تحت هذا الوصف ثم ظهرت بعد
ذلك المضاعفات الخطيرة لفعل الإيذاء الذي ترتب عليه العاهة المستديمة أو الوفاة
، فإن هذا الحكم البات السابق لا يحول دون ملاحقة ذات المدعى عليه وعن ذات
الفعل ولكن تحت وصفه الجديد الأشد أي الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة أو
الضرب المفضي إلى الوفاة .
وهذا الحل ينسجم مع الحل الذي سبق أن انتهينا إليه ويحقق العدالة فى
نفس الوقت ، لأن المحكمة في الملاحقة الأولى لم يكن تحت يديها سوى وصف
معين للفعل (إيذاء بسيط) ولم يكن باستطاعتها أن تقر أثناء نظرها الدعوى ماتؤول
إليه نتائج الفعل الأخرى وبالتالي يكون من العدل والمنطق قبول نظرها لذات الفعل
ولكن تحت الوصف الأشد الذي لم يكن تحت نظرها من قبل . ويراعى في هذه
الحالة أن يخصم من العقوبة الجديدة ما يكون قد نفذ من قبل من العقوبة السابقة .
أما حيث تكون نتائج الفعل قد استقرت أثناء الملاحقة الأولى وصدر حكم
بات في شأنه تحت وصف معين ، فإن هذا الحكم يحوز قوة الشيء المقضي به
ويحول دون إعادة الملاحقة ثانية تحت وصف آخر ولو أشد لأن هذا الفعل كانت
نتائجه قد استقرت أثناء عرضه على المحكمة وكان من حقها ومن واجبها أن تقلب
جميع الأوصاف التي يحتمل أن تنطبق عليه وان تختار من بينها الوصف الذي تراه
أكثر انطباقا مع قواعد القانون ، ويفترض أنها قامت بذلك فعلا ، ومن ثم لا يجوز
إعادة الملاحقة تحت وصف آخر .
٥ - حالة الارتباط بين الجرائم :
قد يرتكب شخص فعلين ويقدم للمحاكمة عن أحدهما ثم يكتشف بعد صدور
الحكم البات أنه كان قد ارتكب فعلا آخر جهلته المحكمة ولم يكن تحت بصرها عند
الفصل في الفعل الأول ، ثم رفعت الدعوى جديدة بشان الفعل الثاني بعد اكتشافه ،
فهل يجوز الدفع بسبق الفصل في الدعوى بحكم بات يتمتع بقوة الشيء المقضی فيه ؟
تقتضي الإجابة على هذا التساؤل التمييز بين عدة فروض :
الفرض الأول : إذا كان الفعل الجديد الذي تم اكتشافه بمثابة دليل جديد
على وقوع الفعل الاجرامى وعلى اسناده إلى المدعى عليه، ومثاله أن يحكم على شخص بحكم بات فى جريمة سرقة عن طريق استخدام العنف ثم يتبين بعد صدور هذا الحكم أن هذا الشخص قد ارتكب عنفا على شخص آخر ليتمكن من الفرار
بالمسروقات في هذا الفرض لا يجوز رفع دعوى جديدة بشأن فعل العنف الذي تم اكتشافه لأنه لن يضيف جديدا فيما لو كان قد اكتشف أثناء المحاكمة الأولى لأنه مجرد عنصر إثبات وتدعيم للجريمة الأولى التي تمت المحاكمة بشأنها .
الفرض الثاني : إذا كان الفعل الجديد الذي تم اكتشافه مستقل عن الجريمة
الأولى أو لا يرتبط بها برباط وثيق لا يقبل التجزئة ، ومثاله أن يحكم على شخص
بحکم بات في جريمة ضرب ، ثم يتبين بعد صدور هذا الحكم أن هذا الشخص كان
قد ارتكب جريمة سب أو قذف على المجنى عليه في جريمة الضرب أو على غيره
. في هذا الفرض يجوز رفع دعوى جديدة عن جريمة السب أو القذف ولا يقبل الدفع
بقوة الشيء المقضي فيه لاستقلال الجريمتين ووجود ارتباط بسيط بينهما .
الفرض الثالث : إذا كان الفعل الجديد الذي تم اكتشافه مرتبط بالجريمة
الأولى ارتباطا وثيقا لا يقبل التجزئة ، مثاله ارتكاب موظف عام جريمة تزوير لإخفاء
جريمة اختلاس أو ارتكاب شخص عادى جريمة استعمال مستند مزور ليدعم به
كذبه في جريمة النصب . يفرق الفقه في هذا الصدد بين وضعين ) : الوضع
الأول حيث يكون الفعل الجديد المكتشف هو الجريمة الأخف وأن يكون الحكم البات
قد صدر في شأن الجريمة الأشد ، في هذه الحالة لا يجوز رفع دعوى جديدة عن
الجريمة الأخف لأن القاضي يلتزم وفقا للمادة ۲ /۳۲ عقوبات أن يقضي بالعقوبة
الاشد وهو ما قضی به فعلا ، وان عرض الجريمة الأخف - فيما لو اكتشفت منذ
الملاحقة الأولى - لن يغير من هذا الحكم .
وتطبيقا لذلك إذا كان قد صدر حكما باتا في جريمة التزوير. فلا تجوز
رفع دعوى جديدة بشأن جريمة الاختلاس أو جريمة الاحتيال لأن عقوبة جريمة
التزوير أشد من عقوبة جريمة الاختلاس أو النصب.
الوضع الثاني : حيث يكون الفعل الجديد المكتشف هو الجريمة الأشد وان
يكون الحكم البات قد صدر في شأن الجريمة الأخف . في هذه الحالة يجوز رفع
دعوى جديدة عن الجريمة الأشد لأنها لو كانت قد عرضت على المحكمة أثناء نظر
الملاحقة الأولى لقضيت يعقوبتها باعتبارها أشد العقوبتين . وتطبيقا لذلك إذا كان قد
صدر حكما باتا في جريمة الاختلاس أو النصب ، فإنه لا يحول دون رفع دعوی
جديدة بجريمة التزوير . لأن عقوبة جريمة النصب أو الاختلاس أخف من عقوبة
جريمة التزوير
ثانية - طبيعة الدفع بقوة الأمر المقضي به :
يتعلق الدفع بقوة الأمر المقضي به بالنظام العام ، لأن الحكم البات تنقضی
به الدعوى العامة انقضاءة طبيعية ويعتبر عنوانا للحقيقة ، فلا يجوز المساس به عن
طريق دعوى جديدة تحقيقا للاستقرار القانوني وكذلك اعتبارات العدالة التي تقتضي
عدم ملاحقة الشخص الواحد عن ذات الفعل مرتين ، وكل هذه الاعتبارات تحقق
مصلحة المجتمع وتتعلق تبعا لذلك بالمصلحة العامة . ولهذا كان الدفع بقوة الأمر
المقضي به التي يتمتع بها الحكم البات من النظام العام (۲).
يترتب على ذلك أنه يجوز لكل خصم في الدعوى التمسك به ، كما يجب
على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها أي عفوا وتلقائية حتى ولو تنازل المدعى
عليه عن التمسك به إذ لا يقبل منه هذا التنازل .
ويجوز التمسك به في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض بشرط أن يوجد في أوراق القضية ما يفيد صحة الدفع (۱)
واذا دفع المدعى عليه بسبق محاكمته بحكم بات عن الواقعة المرفوعة بها
الدعوى فإنه يكون على المحكمة أن تحقق دفعة وتقضي بناء عليه بعدم جواز نظر
الدعوى إذا تحققت من صحته أو ترد عليه إذا تبين لها أنه غير صحيح وذلك لأنه
من الدفوع الجوهرية ، فإذا أغفلت تحقيق الدفع أو الرد عليه يكون حكمها معيبا
يستحق الطعن عليه بالنقض (۲) .
الاسباب الخاصة
بالإضافة إلى الأسباب العامة التى تنقضى بها الدعوى العامة
توجد أسباب خاصة تنقضي بها تلك الدعوى فى جرائم معينة فقد ذكرنا من قبل في خصوص جرائم الشكوى أن وفاة المجنى عليه قبل تقديم الشكوى فى الجرائم التى يعلق فيها القانون إقامة الدعوى العامة على تقديم شكوى منه تقديم شكوى منه يترتب عليها انقضاء العامة بالنسبة لهذه الجرائم ، كما أن التنازل عن الشكوى وكذالك التنازل عن الطلب ممن له الحق فى تقديم الشكوى أو الطلب ينتج ذات الأثروة قبل صدور حكم بات في الدعوى . وإلى جانب الحالتين السابقتين تسقط وتنقضي الدعوى العامة بأسباب أخرى خاصة وشخصية وذلك في حالة المصالحة التي تجريها النيابة العامة مع المتهم أو مجلس الوزراء (التصالح) أو المصالحة بين المجني عليه والمتهم (الصلح) أو في حالة ترك المدعي المدني دعواه المدنية .
التصالح
المصالحة بين النيابة العامة والمتهم :
أضاف القانون رقم 174 لسنة 1998 الصادر في ۱۹۹۸/۱۲/۲۰ مادة
إلى قانون الإجراءات الجنائية برقم ۱۸ مکررا ، والتي تم استبدالها بالقانون رقم 74 السنة ۲۰۰۷ الصادر في ۵ /۳۱/ ۲۰۰۷. وقد نصت تلك المادة على أنه يجوز للمتهم التصالح في المخالفات وكذلك في الجنح التي لا يعاقب عليها وجوبا بغير الغرامة أو التي يعاقب عليها جوازية بالحبس الذي لا يزيد حده الأقصى على سنة
القهر ، وعلى محرر المحضر أو النيابة العامة بحسب الأحوال أن يعرض التصالح علی المتهم أو وكيله ويثبت ذلك في المحضر، وعلى المتهم الذي يرغب في التصالح ان يدفع ، قبل رفع الدعوى الجنائية ، مبلغا يعادل ثلث الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة
ويكون الدفع إلى خزانة المحكمة أو النيابة العامة أو إلى من يرخص له فى ذلك من وزير العدل ولا يسقط حق المتهم في التصالح برفع الدعوى الجنائية
-
-