Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
الحكم القضائى (المرافعة (صياغة صحف الدعاوي ومذكرات الدفاع (إجراءات ذلك :
…
الحكم القضائى
المرافعة
أنواع المرافعة (شفوية، مكتوبة، مرافعة الدفاع)
لم يتضمن قانون المرافعات المصري، تنظيماً للمرافعة أو صورها، وإنما تضمن عدة مبادئ تحكم المرافعة وأهمها ضرورة ألا يتداول إلا من سمع المرافعة (المادة 167 من قانون المرافعات) وضرورة ألا يحكم إلا من سبق له سماع المرافعةواشترك في نظر القضية (المادة 178/1 من قانون المرافعات) كما أن النطق بالحكم لا يكون الا بعد تمام المرافعة في الدعوى (المادة 171/1 مرافعات)، كذلك فإن المرافعة تكون علنية بحسب الأصل (المادة 101 مرافعات).
المرافعة المكتوبة :
والمرافعة قد تكون شفوية وقد تكون مكتوبة. وللخصوم أن يبدو دفاعهم بالطريقة التي يرونها، فلهم القيام بالمرافعة الكتابية (بتقديم مذكرات) إلى جانب مرافعتهم الشفوية، كما أن لهم الاقتصار على المرافعة الشفوية على أن الغالب في الدعاوي المدنية والتجارية هو سياة نظام المرافعة المكتوبة، وذلك لوجود مبدأ الإثبات المقيد، أما في القضايا الجنائية فإن الغالب هونظام المرافعة الشفوية، حيث يسود مبدأ الإثبات الحر.
والمرافعة المكتوبة هي الأصل ولا شك في اهمية الكتابة والتجرير فالمرافعة المكتوبة أصبحت ضرورة مع تزايد عدد السكان وتعقد العلاقات بينهم وازدياد المخترعات الحديثة والملهية عن حفظ العلم وعن حفظ الأفكار وتعقد التشريعات اللازمة لتنظيم ذلك كله.
أهمية المذكرات المكتوبة في شرح وجهة نظر كاتبها وأنها تمثل حصيلة جهده في البحث والمتحيص على نحو ثابت ومحدد، كما يسهل الرجوع إليها ولو بعد وقت طويل، إلى جانب أن المذكرات المكتوبة تسهم – وبخصة في مجالات التظلم والطعن – في تقويم أخطاء القضاة وتصويب تصرفات الإدارة أو النيابة بما تتضمه من إيضاحات وأسانيد وما تورده من حجج على وجه ثابت ومحدد.
المرفعة الشفوية :
(اساليب إعداد المرافعة الشفوية (الارتجال، التلاوة، الاتجال المكتوب، التسميع):
الايجار وبساطة التعبير وحيوته وقوة الدليل، حتى لا يشتت فكر القاضي في تتبع نظريات الدفاع. لذلك لا نرى مانعاً من تحديد مدة للمرافعة، على المحامي أن يحترمها.
وتتنوع أساليب المرافعة، بين الارجال والتلاوة والاتجال المكتوب والتسميع، ويجب أن تكون المرافعة دائماً بأسلوب مشوق، يشد إنتباه القاضي طوال المرافعة، ويكون بتنوعه أساليب المرافعة، فمرة خطابي ومرة قصصي وتارة استفهامي وأخرى استنكاري. والأسلوب الأول للمرافعة الشفوية هو التلاوة، بان يقوم المحامي بتلاوة المرافعة من ورقة مكتوبة هو أسوأ أنواع المرافعات بل لا يصح أن تسمى تلك التلاوة مرافعة لأن المترافع يكون مقدياً بالألفاظ التي كتبها فلا يشعر بالحرية في التعبير ولا يجد من نفسه القدرة على الخروج من المأزق التي ترى نفسه فيها أمام سؤال من القاضي أو اعتراض من محامي الخصم أو النيابة، تفقد قوة التأثير التي يكسبها الخطيب من النظر لمن يتحدث إليهم ومن إشاراته لهم وهو لا يستطيع ذلك لأن نظره يكون موجهاً دائماً إلى الأسطر المكتوبة، كما أن الصوت لا يتفق فيها مع الموضوع ولا مع يقال.
كذلك الحال بالنسبة للأسلوب الثاني، أسلوب التسميع، فالمرافعة التي تكتب وتحفظ عن ظهر قلب لتسمع بعد ذلك أمام المحكمة هي مرافعة سيئة، لأن القاضي لا يلبث أن يمل الاصغاء ويدركه الملل لأنه يشعر أن المترافع إنما يتلو عليه المرافعة من الذاكرة، كما أن المرافعة التي يقولها المترافع بعد أن يكون قد كتبها ونمقها وحفظها لا يمكن أن تكون حرة، يختصر في الحجة إذا رأها مقبولة بغير حاجة لاطالة، ويزيد في الشرح إذا رأى المستعمين في حاجة لتلك الزيادة، ويجئ بأولها في وسطها وبأخرها في الأول إذا رأى ذلك العكس في الترتيب أصلح للاقناع.
وهناك أسلوب الارتجال المكتوب في المرافعة وهو الأسلوب الثالث، وذلك حيث لا يكون لدى المترافع ملكة الارتجال، حيث لا يسعف المترافع لسانه على الارتجال، فيميل إلى إطالة التفكير في موضوع مرافعته، حتى إذا تجسمت في نفسه طريقتها ورتبها في فكرة، جلس إلى مكتبة وتناول قلمه ثم أخذ يكتب مرافعته بسرعة عفو الخاطر.
أما أفضل أساليب المرافعة على الإطلاق فهو الأسلوب الرابع، أسلوب الارتجال، حيث يرتجلها المرتافع بنت ساعتها، لأنها تكسب للمترافع عطف القاضي ، ارتجال اللغة والصيغة والألفاظ التي سيعبر بها المترافع عن الحجج والأفكار التي أ‘دها ورتبها وذوقها في سكون مكتبة وهدوئه، فالمرتجل يعد قضيته جيداً ويستع لها ولكنه لا يعد مرافعته أبداً.
تعريف المرافعة وضرورتها:
المرافعة هي الشرح الشفوي من الخصم أومحامية للادعاءات – أو أوجه الدفاع - وأسانيدها أمام المحكمة.
-
المداولة
مفهوم المداولة ومكانها وكيفيتها:
بعد قفل باب المرافعة، وقبل النطق بالحكم، يجب أن يقوم القضاة وأعضاء الدائرة الذين سمعوا المرافعة، بالمداولة، وهو ما نظمه المشرع بالتفصيل في المواد 166 – 170 مرافعات. والمداولة هي التشاور وتبادل الرأي بين القضاة إذا تعددوا، والتفكير في الحكم وتكوين الرأي في الحكم إذا كان القاضي واحداً.
ويجوز أن تجرى المداولة في غرفة المشورة بعد رفع الجلسة للمداولة، وهو ما أجازه المشرع في المادة 171/1، على أن هذه الطريقة قليلة الاستعمال في المواد المدنية والتجارية إذ يقتصر استمالها على بعض الدعاوي البسيطة. فالغالب أن تؤجل المحكمة المختصة النطق بالحكم إلى وقت لاحق تحدده في حكمها، وهنا تتم المداولة في غرفة المشورة أو في منزل أحد القضاه أو نادي القضاء أو في اي مكان لا يتعاوض وقدسية القضاء في أي يوم النطق بالحكم.
وتجري المداولة سراً، على ما توجب المادة 166 مرافعات، وذلك لضمان حرية القاضي في إبداء رأيه واستقلاله أثناء ممارسة عمله وتوفير الجو الهادئ والمناسب حتى يتمكن من إصدار حكمه طبقاً للقانون دون تأثر بضغط الراي العام أو ضغط السلطات. فالمداولة تقتصر على القضاة الذين يمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً (المادة 167) وإن كان لأعضاء الدائرة والتشاور حول الحكم المقترح صدوره مع أي شخص آخر خارج غرفة المشورة. كما أن سرية المداولة تقتضي ألا يفضى أحد القضاءة سرها، وإن كانت مخالفة هذا الالتزام لا تبطل الحكم ويتعرض المسئول لمحاكمة تأديبية لا فشائه سر المهنة.
ويراعى أنه إذا كانت المداولة ضرورية وإلا وقع الحكم باطلاً، ليس شرطاً تضمين الحكم لبيان أنه صدر بعد المداولة فإذا وقعت الهيئة على مسودة الحكم الذي أصدرته فإن ذلك يكون عنوان إجراء المداولة. أن الاصل في الإجراءات أنها قد روعيت.
لا يتداول الا من سمع:
أن الذي يشترك في المداولة هو من سمع المرافعة، فلا يتداول إلا من سمع وإلا كان الحكم باطلاً، حتى يكون على دراسة كاملة بالدعوى ويستطيع إصدار حكم عادل. ويجب احترام هذه القاعدة ولو لم تكن هناك مرافعات شفوية في الجلسة.
وإذا حدث أن تخلف أحد أعضاء الهيئة التي حجزت الدعوى للحكم وأنضم إليها آخر بدلاً من المتخلف فإنه يتعين على الهيئة الجديدة اعادة الدعوى للمرافعة قبل حجزها للحكم من جديد.
ويراعى أن العمل يجرى في بعض الدوائر على زيادة عدد القضاة الذين يحضرون المرافعات عن النصاب العددي الذي حدده القانون لإصدار الحكم، وذلك لا يخل بالتشكيل المنصوص عليه قانوناً، ما دام أعضاء الهيئة التي تداولت وأصدرت الحكم قد سمعوا المرافعات، بمعنى أن الحكم الصادر يكون صحيحاً طالما أنه لم يتم تجاوز هذا العدد القانوني عند المداولة وإصدار الحكم فالعبرة بالعدد الذي تداول لا الذي سمع.
وإذا تمت مخالفة قاعدة لا يحكم إلا من سمع، بأن اشتراك أحد القضاة في المداولة دون سماع المرافعات فإن الحكم الصادر يكون باطلاً وهو بطلان يتعلق بالنظام العام. ويجوز التمسك بهذا البطلان أمام محكمة النقض بشرط أن يكون النعي بالبطلان مطروحاً على محكمة الاستئناف، كما أن بطلان الحكم لصدوره من قضاة غير الذين سمعوا المرافعة لا يوز تثبوته إلا أن بطلان الحكم لصدوره من قضاة غير الذين سمعوا المرافعة لا يجوز ثبوته إلا من واقع نسخة الحكم ذاته، فلا يكفي محضر الجلسة التي تلي بها منطوق الحكم.
مدى جواز سماع أحد الخصوم أو قبول مذكراته اثناء المداولة:
لا يجوز للمحكمة اثناء المداولة أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه ، أو أن تقبل أوراقاً أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصوم الآخر وإلا كان الحكم باطلاً (المادة 168 مرافعات) وهذا النص يضمن احترام مبدأ المواجهة وصيانة حقوق الدفاع اثناء فترة المداولة، وذلك بعدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه.
ويستوى أن تستمع المحكمة إلى أقوال المدعي أو المدعي عليه، فسماع أحدهما دون الآخر أثناء المداولة يبطل الحكم، كما لا يشترط أن يكون المدعي عليه آخر من يتكلم، على ما قررت المادة 102 مرافعات، على أن لا يشترط حصور الخصم الآخر فعلا أثناء سماع أحد الخصوم إذ يكفي تمكين الخصم الآخر من الحضور. ولا يعتبر سماع المحكمة لأحد الخصوم أثناء المداولة بمثابة فتح الباب للمرافعة وبالتالي لا تخضع لحكم المادة 174 مكرراً.
ويجب ثبوت اطلاع الخصم الآخر على الأوراق أو المستندات التي قدمت ولا يكفي في ذلك اعلان بفحوى المستند ما دام لم يثبت اطلاعه بذلك. كما لا يكفي اعلان حافظة المستندات للخصم ولو تضمنت فحوى المستندات ما دام لم يثبت اطلاع الخصم عليها بذاته.
اصدار الحكم
أخذ الآراء:
والأصل أن يتم أخذ ابتداء من أحدث القضاة حتى لا يتأثر برأي من هم أقدم منه، وإذا لم يتم مراعاة ذلك فلا ترى بطلاناً في الحكم . وإذا لم تتوافر الأغلبية المطلقة لاصدار الحكم وتشعبت الآراء إلى اكثر من رايين وجب أخذ الآراء ثانية بصرح نص المادة 169. فإذا لم تسفر الاعادة عن تعديل في الآراء وجب أن ينضم العضو الأحدث إلى أحد الرأيين لترجيحه، فلا يرجح الجانب الذي فيه الرئيس، كما لا يتلزم العضو الأحدث بالانضمام إلى جانب الرئيس. وإذا لم يتم أخذ الآراء ثانية فإننا نرى بطلان الحكم لأن صيغة النص توجب أخذ الآراء ثانية، كذلك فإنه إذا كان المنضم إلى احد الرأيين ليس هو الاحدث فإن الحكم يبطل.
وإذا تعددت نقط النزاع فإنه أخذ الآراء بصدد كل نقطة على حدة، اللهم إلا إذا بنيت على أساس قانوني واحد، فهنا يؤخذ الرأي بصدد تحديد هذا الأساس، ويتم أخذ الآراء بهذه الطريقة، التي نظمتها المادة 169، اياً كان الحكم الصادر في الدعوى، سواء كان حكماً صادراً في الموضوع أو في جزء منه أو حكماً إجرائياً طالما أنه يحسم مسألة موضوعية أو إجرائية.
النطق بالحكم:
" ينطق القاضي بالحكم بتلاوة منطوقة أو بتلاوة منطوقة مع أسبابه ويكون النطق بالحكم علانية والا كان الحكم باطلا" (م١٧٤) ،
فالنطق بالحكم يكون بتلاوة منطوقه وأسبابه ويكون النطق به علانية وإلا كان الحكم باطلاً، ويكون بتلاوة المنطوق من واقع مسودته، أي يجب أن تكون مسودة الحكم قد كتبت قبل النطق بالحكم، فالمادة 175 توجب إيداع مسودة الحكم عند النطق به وإلا كان الحكم باطلاً. فإذا تلى الحكم من غير مسودته كان باطلاً، إذا استطاع من يدعى ذلك اثباته.
والذي يقوم بتلاوة الحكم هو رئيس الدائرة، إلا أن الحكم لا يبطل أن عهد الرئيس إلى احد أعضاء الدائرة بالنطق بالحكم. فالمشرع لم يحصر التلاوة في رئيس الدائرة وإنما حصرها في "قاض" على أن العمل يجري على أن ينطق بالحكم غير القاضي، مثل كاتب الجلسة أو الحاجب عادة، ولا نرى بطلاناً في ذلك، حيث لا نص على البطلان وتخفيفاً عن القضاة.
ويجب في جميع الأحوال أن يكون النطق بالحكم علانية (وهو ما يعتبر تطبيقاً لمبدأ العلانية) (في نظر الجلسات وفي اصدار الحكم) وإن كان للمحكمة أن تنظم حضور الجمهور للجسلات ، بأن تغلق باب القاعة أن امتلأت، كما أن للمحكمة أن تقرر حظر نشر ما يدور بالجلسات في وسائل الاعلام، أن وجدت مبرراً لذلك في قضية معينة، ولا يعد ذلك مخالفاً لمبدأ العلانية طالما تتاح للجمهور حضور الجلسات. وعدم علانية النطق بالحكم يجعله باطلاً بطلاناً يتعلق بالنظام العام، على أن مجرد خلو محضر الجلسة من إثبات أن الحكم قد صدر في جلسة علنية لا يؤدي إلى بطلان الحكم، إذ الصل في الإدجراءات أنها روعيت.
وعلى أي الأحوال يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم، فإذا حصل لأحوهم مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم (المادة 170 مرافعات). على أننا لا نرى ضرورة لحصور القضاة - أعضاء الدائرة - وقت النطق بالحكم.
وإذا حالت ظروف أحد القضاة – الذين سمعوا المرافعة وتداولا - عن حضور النطق بالحكم فإنه يجب على القاضي أن يوقع مسودة الحكم (المادة 170) وإلا كان الحكم باطلاً بطلاناً يتعلق بالنظام العام.
كتابة الحكم:
يجب، قبل النطق بالحكم كتابة مسودته، وأن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلاً، على ما تقرر المادة 175 مرافعات. وإذا لم تودع المسودة – المستملة على أسباب الحكم - عند النطق به كان معنى هذا أن القضاة قد نطقوا بالحكم قبل أن بتداولوا في اسبابه ويتفقوا عليه فيكون معيباً.
ومسودة الحكم هي ورقة من أوراق المرافعات تكتب بعد انتهاء المداولة وقبل النطق بالحكم وتشتمل على منطوقه وأسبابه وتوقيع القضاة الذين اصدروا الحكم. ويجب أن تحرر بخط أحد القضاة الذين اشتركوا في المداولة، وهي تحرر باي قلم (ولو بقلم الرصاص) وقد تحتوي على أكثر من خط لأن هيئة المحكمة لا تتجزأ في خصوص تحريرها، ولا يمنع نص المادة 175 من كتابتها على الكمبيوتر أو الآلة الكاتبة بشرط المحافظة على سرية المداولة، على أن يوقعها القضاء الذين اشتركوا في المداولة بخط يدهم. ولا يجوز الاكتفاء بوضع توقيع مطبوع للقاضي (أكلاشيه) وإنما يجب أن يكون توقيع القضاة توقيعاً بخط اليد، وقد تحتوي المسودة على حذف (ويجرى العمل على أن توضع الكلمة أو الكلمات المراد حذفها بين قوسين، فهذا يعني أنها محذوفة) أو شطب أو كشط أو اضافة أو تحشير بشرط أن يكون ذلك قد تم بمعرفة القضاة الذين اصدروا الحكم وأن يتم ذلك قبل النطق بالحكم لأن النطق بالحكم يترتب عليه استنفاد ولاية المحكمة التي أصدرته.
والتوقيع يجب أن يتم من جميع القضاة الذين أصدروه، على المسودة المشتملة على أسباب الحكم، وإلا وقع الحكم باطلاً بطلاناً يتعلق بالنظام العام. كذلك يبطل الحكم إذا وقع مسودته رئيس المحكمة التي أصدرته فقط دون توقيع عضوي اليمين واليسار، ويتم الإيداع بأن تسلم مسودة الحكم عقب النطق به – أو في اليوم المحدد للنطق به – لأمين سر الجلسة الذي يقوم في الحال بالتأشير بمضمون المنطوق في دفتر يعد لذلك يسمى " دفتر إيداع المسودات" ويؤشر رئيس الدائرة قرين كل إيداع بهذا الدفتر وبعد هذا التاريخ هو تاريخ إيداع المسودة الذي يعتد به.
وبعد كتابة مسودة الحكم وتوقيعها من جميع الدائرة، وإيداعها، يتم نقل الحكم إلى ورقة أخرى تسمى " نسخة الحكم الأصلية" وهي تشتمل على وقائع الدعوى والأسباب والمنطوق وهذه النسخة الصلية يوقعها فقط رئيس الجلسة وكاتبها، وهي تحفظ في ملف الدعوى خلال أربع وعشرين ساعة من إيداع المسودة في القضايا المستعجلة وسبعة أيام في القضايا الأخرى وإلا كان المتسبب في التأخير ملزماً بالتعويضات (المادة 179 مرافعات) وهذه النسخة الأصلية تعتبر توثيق للحكم وتمثل أصل ورقته وهي التي تتضمن بيانات الحكم التي أوضحتها المادة 178، وهي ورقة رسمية فلا تقبل المجادلة في شيء من بياناتها بغير طريق الطعن بالتزوير ، إذ هي المرجع لكل ماعداها من صورة رسمية بسيطة أو تنفيذية، أو فوتوغرافية بما في ذلك المحفوظة بالميكروفيلم، فكلها لا حجية لها إلا بمقدار ما يطابق النسخة الأصلية وهي تحفظ بملف الدعوى ولا تسلم للمحكوم له وإنما له أن يحصل منها على صورة، هذه الصورة إذا تم وضع الصيغة التنفيذية عليها اصبحت صورة تنفيذية ، على أن العمل يجرى على التأخير في تسليم الصورة التنفيذية نظراً لأن النسخة الأصلية تأخذ دورها في النسخ واعداد الصورة التنفيذية وإذا حدث تأخير في ذلك فيمكن للمحكوم له اللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة التي أصدرت الحكم، بعريضة، متظلماً من تأخير قلم الكتاب أو امتناعه عن تسليمه الصورة التنفيذية، على ما يستفاد من المادة 182 مرافعات. ويمكن لأي شخص أن يطلب صورة من النسخة الأصلية – صورة بسيطة – ولو لم يكن له شأن في الدعوى (المادة 180).
بيانات الحكم
الديباجة:
أول ما يكتب في الحكم مجموعة بيانات شكلية يطلق عليها ديباجة الحكم، وهي تتضمن تحديد المحكمة التي أصدرته وتاريخ اصداره ومكانة والمادة التي صدر فيها وأسماء القضاة، وعضو النيابة وأسماء الخصوم، وهي بيانات قررتها المادة 178 مرافعات، بالاضافة إلى ضرورة صدور الحكم بإسم الشعب، وهو ما قررته المادة 73 من الدستور، ، وعلى أنه إذا لم ترد هذه العبارة فإن الحكم لا يبطل، إذ يفترض صدور لالأحكام بإسم الشعب مصدر جميع السلطات.
والمقصود بيان بيان اسم المحكمة للتأكد من أن الحكم صدر من محكمة مختصة. فيجب بيان اسم المحكمة ودرجتها بشكل خال من التجهيل. على أن عدم ذكر اسم المحكمة لا يرتب البطلان لأن المفروض أن المحكمة التي أصدرت الحكم هي الذي أودع ملفه قلم كتابها. كذلك فإنه كان الحكم قد صدر من محكمة ابتدائية وأثبت البيان الخاص بالمحكمة أنها دائرة استئنافية فإن ذلك يعتبر من قبل الخطأ المادي الذي لا يؤثر في الحكم. ويلاحظ أن المشرع ذكر ضمن بيانات الحكم "مكان الحكم" أي مكان المحكمة التي أصدرت الحكم، ولكن هذا البيان غير جوهري، فلا يبطل الحكم إذا اغفل ذكر مكان المحكمة التي أصدرت الحكم متى كان قد ذكر فيه اسم المحكمة التي أصدرته. كما لا شترتط لصحة الحكم بيان رقم الدائرة بالمحكمة التي أصدرته.
اما البيان الثاني فهو "تاريخ الحكم" أي تاريخ النطق به، والأصل في ثبوت تاريخ إصدار الحكم هو بمحاضر الجلسات. إذا لم يتم الإثبات تاريخ إصدار الحكم فإن الحكم لا يبطل لأن المادة 178 لم ترتب البطلان جزاء لهذا الاغفال، كذلك الحال إذا وقع خطأ مادي في تاريخ صدور الحكم، وأيضاً إذا لم يتطابق تاريخ النطق بالحكم الثابت في مسودته ونسخته الاصلية، لعدم وجود نص على البطلان.
كذلك يلزم "تحديد نوع المادة التي صدر فيها الحكم" وما إذا كانت مادة تجارية أو مستجلة، لأن الحكم الصادر في مادة من هذه المواد نافذاً معجلاً بقوة القانون (المادتان 288 ، 289 مرافعات) فيجسب أن يتضح هذا من ورقة الحكم، حتى يعمل قلم الكتاب مفاعيل النفاذ المعجل بقوة القانون. على أن أن مخالفة الحكم لذلك لا تبطله لعدم النص صراحة على البطلان.
اما البيان الرابع الهام الذي أوجبته المادة 178 فهو "اسماء القضاة" الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته، وإذا خلا الحكم من اسم أحد القضاه الذين أصدروه كان بطلاً بطلاناً يتعلق بالنظام العام، على أنه طالما ذكرت أسماء في صدر الحكم – أي في ديباجته – فلا حاجة لاعادتها مرة أخرى في خاتمته.
ويراعى أن الذي يرتب بطلان الحكم هو "عدم بيان" أسماء القضاة الذين أصدروه أحدهم، أما الخطأ المادي في اسم القضاة أو احدهم فلا يرتب البطلان، بمفهوم العبارة، وإنما يمكن تصحيح هذا الخطأ، ويستمد هذا التصحيح مما هو ثابت بمحضر جلسة النطق بالحكم الذي يعتبر مكملاً للحكم. كذلك لا يبطل الحكم إذا كتب اسم أحد القضاة على سبيل الخطأ حيث وضع اسمه بين قوسين لبيان أنه ليس من ضمن قضاة المحكمة الذين اصدروا الحكم.
كما يجب بيان "عضو النيابة" الذي أبدى رايه في القضية إن كانت النيابة قد تدخلت في الخصومة، في الحالات التي حددتها المادتان 88 ، 89 مرافعات. على أن هذا البيان ليس اساسياً، ولم يرتب التسرع البطلان على تخلف أو تغيب هذا البيان. وتكفى لصحة الحكم إبداء النيابة لرايها بالفعل وإثباته في محضر الجلسة، بل أن راي النيابة في الحكم ليس من البيانات التي يترتب على اغفالها البطلان. فخلو الحكم من رأي النيابة لا يبطله متى كانت النيابة قد أيدت رايها بالفعل، كما أن الخطأ الوارد في الحكم بخصوص تاريخ المذكرة التي قدمتها النيابة لا أثر على صحته.
اما البيان السادس فيدور حول الخصوم "أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم وموطن كل منهم وحضورهم وغيابهم". ويقصد بهذا البيان التعريف باشخاص وصفات من تتردد بينهم الخصومة في الدعوى التي يصدر فيها الحكم تعريفاً نافياً للجهالة مانعاً من اللبس. ويبطل الحكم إذا خلت ديباجته ومدوناته ومنطوقه من ذكر أحد الخصوم، لأن من شأن التشكيك في صفة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة وهو بطلان يتعلق بالنظام العام. كذلك يبطل الحكم للنقض أو للخطأ الجسيم في اسماء الخصوم وصفاتهم طالما ةيترتب هلى هذا النقص أو الخطأ الجسيم التجهيل بالخصم أو اللبس في التعريف بشخصيته أو تغيير شخص الخصم بأخر لا شأن له بالخصومة في الدعوى.
والمشرع يوجب في بيان أسماء الخصوم ذكر أسمائهم وألقابهم، وكذلك صفاتهم، فيجب تحديد صفة الخصم هل هو أصيل أن نائب أو ممثل قانوني، وهل هو خلف أو سلف، وهل هو وصي أو ولي أم قيم. على أن الخطأ في ذلك لا يبطل الحكم طالما أنه ليس من شأنه التجهيل بحقيقة الخصم واصتاله بالخصومة لأن مجموعة بيانات الخصوم يقصد بها جميعاً غاية واحدة "التعريف التام بالخصم" .
تكملة : اما ذكر موطن الخصوم فهو بيان إضافي ذكره المشرع باعتبار أنه من عناصر تحديد شخصية الخصوم ولسهولة تنفيذ الحكم ضده وإعلان الأوراق إليه. فهو ليس بياناتً قائماً بذاته، واغفاله أو الخطأ فيه لا يؤدي إلى بطلان الحكم طالما تضمن الحكم بيان اسم الخصم ولقبه ووظيفته ومحل عمله، إذ في ذلك التعريف الكافي لشخصه المانع من كل جهالة أو لبس. كذلك فإن ثبوت حضور الخصوم وغيابهم، وهو ما أوجب المشرع ذكره في الحكم، أمر ضروري لتسهيل رقابة محكمة النقض على المحكمة التي أصدرته الحكم في أحوال بداية ميعاد الطعن من تاريخ إعلان الحكم وليس من تاريخ صدوره مع مراعاة أن اغفال الحكم بيان حضور الخصوم وغيابهم لا يترتب عليه بطلان الحكم.
وقائع الدعوى وطلبات الخصوم ودفاعمم والأسباب:
أوجب المشرع في المادة 178/2، أن يشتمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم الجوهري ورأي النيابة. وإلا كان حكمها باطلاً والمشرع يكتفي بأن يبين الحكم عرض وجيز لوقائع النزاع واجمال للجوهري عن دفاع طرفيه وإيراد للسباب التي تحمل قضاء الحكم فيه. أما تفصيل الخطوات والمراحل التي قطعها النزاع أما المحكمة فإنه لا طائل من ورائها وبالتالي فهي لا تعتبر بياناً جوهرياً واغفال ذكرها لا يرتب بطلان الحكم لأن ذكرها غير ضروري للفصل في الدعوى.
أما أسباب الحكم، فهي أهم بيانات الحكم وأصعبها على الإطلاق، إذ أنها عبارة عن اعمدة الحكم القانونية والواقعية، ولقد أوجبت المادة 178 ذكر أسباب الحكم ورتبت البطلان على القصور في اسباب الحكم الواقعية، أما المادة 176 فقد أوجبت تسبيب الحكم ورتبت البطلان على مخالفة ذلك. والمشرع لم يقصد بإيراد الأسباب ان يستكمل الحكم شكلاً معيناً بل أن يتضمن مدوناته ما يطمئن به المطلع عليه أن المحكمة ألمت بالواقع المطروح عليها وفحصت ما قدم إليها من أدلة وما أبداه الخصوم من دفاع وحصلت من كل ذلك ما يؤدي إليه ويمكن محكمة النقض من مراقبة صحة هذه الوقائع والأدلة وما استخلصته منها وإلا كان باطلاً.
واسباب الحكم أو حيثياته التي تسبقها عادة عبارة "حيث أن" أو بما أن" وتنتهي بعبارة ولهذه الأسباب" هي أساس المنطوق، فكل حكم يفترض اسباباً له، والمنطق يقضي بأن يأتي المنطوق بعد السباب، حيث أن نتيجتها وخلاصتها، فإذا كان منطوق الحكم يتضمن قرارات المحكمة فإن السباب تتضمن اسس وأعمدة تلك القرارات.
واسباب الحكم منها ما هو واقعي ومنها ما هو قانوني واسباب الحكم الواقعية يقصد بها بيان الواقعة أو الوقائع الأساسية للحكم. أما الأسباب القانونية فيقصد بها بيان القاعدة القانونية أو المبدأ القانوني الذي صدر الحكم تطبيقاً له وتشتمل على الحجج القانونية التي يستند إليها الحكم. وإذا كان الحكم يبطل لوجود قصور في الأسباب الواقعية، بصريح نص المادة 178/3، فإن القصور في اسباب الحكم القانونية لا يبطله، فطالما أن الحكم انتهى إلى النتيجة الصحيحة فإنه لا يبطله اشتمال أسبابه على أخطاء قانونية لا تؤثر في النتيجة التي انتهى غليها ولمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقض الحكم.
ويتسع اصطلاح "القصور في التسبيب" بحيث يشمل كافة عيوب التسبيب، على ما تذهب محكمة النقض، بحيث يمكن القول بأن القصور في التسبيب عند محكمة النقض بعني كل تقصير من جانب القاضي في العناية بأسباب الحكم، أهم عيوب تسبيب الحكم هي القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
والقصور في التسبيب يعني العرض غير الكامل لوقائع الدعوى على نحو يجعل الحكم غير متضمن للعناصر الواقعية الضرورية لتبرير النص الذي طبقه القلاضي عليها، فيعتبر معيباً بالقصور ف يالتسبيب إذا أغفل بيان الوقائع والأدلة التي استند إليها مما يتعذر معه تعيين الدليل الذي اقتنع به أو اغفل بحيث مستندات أو دفاع جوهري مؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها أو إذا اغفل الرد على مستند أو طرج المحكمة لمستند صادر في مسالة فنية بحته على سند من اطمئنانها إليه دون بيان مصدر ذلك أو إذا لم يبين الحكم سنده في النتيجة التي انتهى إليها كما إذا استخلاص الحكم من اندلاع الحريق فجأة بالسيارة توافر قيام السبب الأجنبي دون بيان سنده الذي أقام عليه هذه النتيجة.
أما الفساد في الاستدلال، الذي يعيب تسبيب الحكم، فيقوم حيث لا تؤدي الأدلة التي استند إليها الحكم إلى النتيجة التي انتهى إليها، كما إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو بنت المحكمة حكمها على واقعة استخلصها القاضي من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكنه مستحيل عقلاً استخلاصها منه، ويعتبر الحكم معيباً بالفساد في الاستدلال تطبيقاً لذلك، إذا أقام قضاءه بالتطليق لزواج الزوج بأخرى استناداً إلى إقراره جون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك وخلو الأوراق من ذلك الإقرار، وترتيب توافر الضرر على واقعة الزواج دون بيان حقيقة هذا الضرر واستقلاله بعناصره عنها، أو إذا قضت المحكمة برفض تطليق الزوجة لزواج زوجها عليها بأخرى لخلو صحيفتها من الضرار التي لحقت بها بينما المستندات المقدمة من الزوجة تؤكد أن الزوج هاجر لها في تاريخ سابق على زواجه بأخرى، إذ المحكمة بذلك تخالف الثابت بالأوراق.
منطوق الحكم:
منطوق الحكم هو قرار المحكمة الحاسم للنزاع، وهو خلاسة الحكم وجوهره، فهو ما ينتظره الخصوم وثمرة جهد القضاة، ويرد في نهاية الحكم - آخر أجزاء الحكم، بعد عبارة "لهذه الأسباب" ويتضمن المنطوق جميع قرارات المحكمة الموضوعية والإجرائية في كل ما يقدم لها من طلبات أصلية وعارضة، وألا تقضى المحكمة بأكثر مما طلبه الخصوم وإلا كان الحكم معيباً ويجوز الطعن فيه بالإستئناف أن كان حكماً ابتدائياً، وبالتماس اعادة النظر أن كان حكماً نهائياً (أي لا استئناف فيه) وذلك إذا قضى الحكم بشئ لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه أو كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه لبعض (المادة 241/ 6 ،5).
معنى ذلك ان المنطوق يجب ألا يكون مناقضاً بعضه بعضاً، كأن تقضى المحكمة في قرارها وفاء المستأجر لإلتزاماته وتقضى في نفس الوقت بطرده، كذلك يعيب الحكم تناقض منطوقه مع اسبابه، كان تقرر المحكمة في الأسباب بطلان عقد الزواج وتقرر في المنطوق ثبوت حقوق للزوجه مترتبة على عقد الزواج. كذلك يعيب الحكم أن يخلو من المنطوق، حيث أن خلو الحكم من المنطوق يفقده وظيفته، فيجب على المحكمة في كل الأحوال أن تصدر قرارات في الدعوى المعروضة عليها سواء في موضوع النزاع (بإسناد الحق لحد الخصوم) أو في الإجراءات (ببطلان الدعوى أو عدم قبولها أو بعدم الاختصاص)، ولا يجوز أن ترد بالمنطوق بعض أسباب الحكم، إذ تكون عندئذ تزيداً لأن السباب لا ترد بالمنطوق.
وإذا كان المنطوق هو المكان الطبيعي لقرارات المحكمة، فإن بعض هذه القرارات قد توجد خارج المنطوق، حيث توجد ضمن السباب، وفي تلك الحالات فإن قرارات المحكمة التي وردت بالسباب تحوز الحجية ويكون لها ما للمنطوق من قوة.
آثار الحكم
أولاً: حجية الأمر المقضى
مفهوم الحجية:
إن ما سبق عرضه على القضاء، وتم الفصل فيه، لا يجوز أن يطرح للنقاش مرة أخرى أمام نفس المحكمة التي اصدرت الحكم أو أي محكمة أخرى ليفصل فيه من جديد، الأمر الذي يترتب عليه عدم استقرار المراكز القانونية، فضلاً عن أنه لو سمح بالفصل من جديد فيما تم الفصل فيه لتعرضت أحكام القضاء للتناقض الأمر الذي يضيع هيبة الأحكام ويزعزع ثقة الناس فيها ويخل بكرامة القضاء.
فيقصد بحجية الأمر المقضي أن الحكم يتمتع بنوع من الحرمة بمقتضاها تمتنع مناقشة ما حكم به في دعوى جديدة. فالقانون يفترض أن الحكم هو عنوان الحقيقة أنه صدر صحيحاً من حيث إجراءاته، وإن ما قضى به هو الحق بعينه من حيث الموضوع، فالحجية قرينة ذات شطرين تسمى إحداهما قرينة الصحة والآخرى قرينة الحقيقة.
ويترتب على الحجية أثرين، أولاً، عدم جواز إعادة النظر في الدعوى، فلا يجوز رفع نفس الدعوى مرة أخرى بعد الفصل فيها، ولو قدمت في الخصومة الجديدة أدلة واقعية أو أسانيد قانونية لم يسبق إثارتها في الخصومة الأولى أو اثيرت فيها ولم يبحثها الحكم الصادر فيها، فإذا قضى بصحة عقد فلا يجوز رفع دعوى أخرى بطلب بطلانه ، لأن القضاء بصحة العقد يتضمن حتماً القضاء بأنه غير باطل.
وبجانب هذا الأثر السلبي، يترتب على الحجية اثر إيجابي، إذ تؤدي الحجية إلى احترام مضمون الحكم القضائي في أي دعوى مختلفة تثور فيها المستألة التي فصل فيها الحكم فإذا رفعت دعوى بعد صدور الحكم بملكية المنزل للمطالبة بريع المنزل أو التعويض عن الضرر الذي أصاب المحكوم له نتيجة الاعتداء على حقه، فإنه لا يجوز للمحكمة أن تبحث من جديد مسألة الملكية ذاتها بل يجب عليها أن تحترم ما قرره الحكم السابق بصدد هذه المسألة.
وتختلف حجية الأمر المقضي عن قوة الأمر المقضي. فالحجية والقوة فكرتان مختلفتان: إذ يتمتع الحكم بالحجية بمجرد صدوره وإن كان يقبل الطعن بطرق الطعن غير العادية، اي الاستئناف، بينما الحكم الحائز لقوة الأمر المقضي هو ذلك الحكم الذي لا يقبل الطعن بالمعارضة ولا بالإستئناف، سواء صدر غير قابل له أو أصبح كذلك بإنقضاء مواعيد الطعن أو برفض الطعن أو عدم قبوله، ويحوز الحكم قوة الأمر المقضي طالما كان غير قابل للطعن بالطرق العادية ولو كان يقبل الطعن بطرق الطعن غير العادية اي بالنقض أو التماس إعادة النظر أو طعن فيه فعلاً بهذه الطرق.
تثبت للحكم القطعي بمجرد صدوره حجية مؤقتة تتوقف بمجرد الطعن فيه (حجية مؤقتة موقوفة).
تثبت حجية الأمر المقضي للحكم القطعي، اي ذلك الحكم الذي يضع حداً للنزاع في جملته أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته، ولا يمنع من تمتعه بهذه الحجية، أن يكون قابلاً للطعن فيه، فما تمنعه حجية الأمر المقضي هو إثاره أو بحث الموضوع الذي سبق الفصل فيه في دعوى أصلية، ترفع بإجراءات جديدة غير الإجراءات التي صدر فيها الحكم.
معنى ذلك أن حجية الحكم القطعي تظل مؤقتة إلى أن ينقضي ميعاد استئنافه دون رفع طعن، فتنقلب إلى قوة الأمر المقضي به وهي درجة من الاحترام للأحكام تخول للمحكوم له الحق في التنفيذ الجبري. إذا طعن بالاستئناف في الحكم القطعي الحائز للحجية، فإن الحجية تتوقف ولكنها تظل قائمة ولا تزول لأن في زوالها إمكانية لرفع دعوى جديدة مرة ثانية بذات عناصر الدعوى الأولى وبالتالي يكون لدينا طعن قائم ودعوى مرفوعة مما يؤدي إلى اضطراب شديد وبرفع الاستئناف تقف حجية الحكم ليس فقط بالنسبة لما قضى به لغير صالح المستأنف ورفع عنه الاستئناف ولكن بالنسبة لما تضمنته أسباب الحكم المستأنف من رفض لدفع أو دفاع المستأنف ضده أغناه صدور حكم لصالحه ف يالدعوى عن استئنافه ولم يتنازل عنه صراحة أو ضمنا.
طوال فترة نظرة الطعن بالاستئناف ن نكون بصدد حجية وقتيةة موقوفه، لا يصح الاستناد إليها في تنفيذ أو كدليل في حكم أخر.
وإذا حدث أن ألغى الحكم الابتدائي في الاستئناف، فإن الحجية تزول، ويحوز رفع النزاع مرة أخرى أمام محكمة أول درجة، فإذا صدر حكم جديد في النزاع هذه المرة فإنه يحوز الحجية. أما إذا فصلت محكمة الاستئناف بنفسها في موضوع النزاع فإن حكمها يحوز قوة الأمر المقضي وليس مجرد الحجية، وبالتالي فلا يحوز إعادة طرح النزاع من جديد أمام أية محكمة، فللحكم حجية نهائية، أي يتمتع بقوة الأمر المقضي وإن جاز فقط الطعن فيه بالنقض أو بالتماس إعادة النظر.
الحجية تثبت للمنطوق وللسباب المرتبطة به دون الوقائع:
يشتمل الحكم الذي يفصل في دعوى على عناصر ثلاثة: المنطوق والأسباب والوقائع. ومن المقرر أن حجية الأمر المقضي تكون للمنطوق أصلا دون غيره من العناصر، على أن الحجية لا تثبت لكل أجزاء المنطوق، فما يرد عرضا في منطوق الحكم من بيانات أو تقريرات دون أن تكون محل بحث لا تحوز الحجية، كان يحكم بدفع فوائد الدين ثم يرد في منطوق الحكم ذكر مقدار الدين على نحو عارض، أو أن يرد في المنطوق ذكر صفة من الصفات كالأبوة أو البنوة أو صفة التاجر إلى غير ذلك من الصفات، فهي لا تحوز الحجية إلا إذا كانت قد أثيرت قي الدعوى وبحثتها المحكمة كذلك فإن ما لا يفصل فيه المنطوق لا يكون محلا للحجية أو لقوة الأمر المقضي.
على أن الفقه والقضاء استقرا على أن الحجية تترتب للمنطوق وكذلك للأسباب التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق بحيث لا يقوم المنطوق بدونها فتكون تلك الأسباب والمنطوق وحده لا تقبل التجزئة أو إذا كانت الأسباب تكمل المنطوق وتتضمن قراراً يفصل في مسألة معينة بحيث تعد جزءاً من المنطوق. ففي تلك الأحوال، تحوز الأسباب الحجية، خاصة حيث تكون هناك عدم دقة في صياغة المنطوق، بحيث لا يتضح إلا بالرجوع إلى الأسباب.
على أن ما يرد في أسباب الحكم زائداً عن حاجة الدعوى لا يحوز حجية طالما كانت لمنطوق الحكم قائمة بدونها، إذا أهابت المحكمة في حكمها بالشركة أن تسهل على عمالها السكني بالمساكن التي قامت ببنائها لهم على الوجه الملائم ، فإن ذلك لا يحوز الحجية.
أما وقائع الدعوى، فهي في الأصل لا حجية لها في دعوى أخرى، ولكن هذه الوقائع تحتوي على تحديد عناصر الدعوى، وما قدم في القضية من طلبات ودفوع، ولهذا قد يلزم الرجوع إليها لتكملة المنطوق، فتعتبر حجية الأمر المقضي للمنطوق على النحو الذي بينته الوقائع، مثال هذا أن يقضى الحكم بمنا طلبه المدعي دون تحديد فيرجع إلى صحيفة الدعوى لتحديد المطلوب، وإذا لم يوضح في منطوق الحكم مقدار الشيء المحكوم به. وكان هذا المقدار مبيناً في صحسفة افتتاح الدعوى وفي وقائع الحكم ولم ينازع فيه الخصوم ولم تمس المحكمة من جهتها المقدار المذكور بأي نقصان فإنه في هذه الحالة الخاصة يتعين اعتبار وقائع الحكم ومنطوقه مكونين في هذه النقطة لمجموع واحد لا تتجزأ بحيث يحوز الحكم فيما يختص بذلك المقدار حجية الشئ المحكوم فيه.
تعلق حجية الأمر المقضي بالنظاتم العام:
لم يقرر المشرع حجية الأمر المقضي لصالح الخصوم، وإنما قررها للصالح العام، وطالما أن الحجية مقررة للصالح العام فإنها تتعلق بالنظام العام، فللقاضي – بل عليه – أن يتمسك بها من تلقاء نفسه (المادة 101 إثبات) فإذا عرضت عليه دعوى سبق صدور حكم فيها فيجب على القاضي أن يحكم بعدم قبولها.
ولا يتعارض مع كون حجية الأمر المقضي من النظام العام جواز نزول من صدر لصالحه الحكم عن الحق الثابت أو اتفاق الخصوم على تنظيم مختلف لعلاقتهم، فالحجية شيء يختلف: فهي تتعلق بأحد مرافق الدولة العامة، فالدولة تنظم القضاء وتعطي لكل شخص إمكانية الالتجاء إليه، ولكن لا تكون له هذه الإمكانية إلا مرة واحدة بالنسبة لنفس الدعوى. ولا يمكن القول بقيام القضاء بالفصل في الدعوى أكثر من مرة إذا ارتأى الخصوم هذا لما فيه من تعطيل لمرفق القضاء.
إذا تدخلت النيابة العامة في الدعوى فإن لها أن تثير حجية الحكم السابق ووجوب التقيد بها، ويعتبر باطلاً أي اتفاق بين الخصوم على عدم التقيد بهذه الحجية ويجوز لأي من الخصوم الدفع بالحجية - أي بسبق الفصل في الدعوى – في أية حالة تكون عليها الدعوى (المادة 115/1 مرافعات) باعتباره صورة من صور الدفع بعدم القبول.
-
قفل باب المرافعة
إعادة فتح باب المرافعة:
قرار قفل باب المرافعة هو مجرد قرار ولائي، من قبيل أعمال الإدارة القضائية، الذي يجوز للمحكمة أن ترجع عنه. فللمحكمة أن تقرر اعادة فتح باب المرافعة من جديد سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم.
إن فتحت باب المرافعة بعد تحديد جلسة النطق بالحكم، عاد للخصوم حقهم في إبداء ما يعن لهم من دفاع أو دفوع موضوعية لم يسبق لهم ابداؤها أمام المحكمة أو دفوع شكلية لم يسقط حقهم في التمسك بما فاتهم عرضها عليها. على أن هناك حالات يكون تفتح باب المرافعة فيها وجوبياً على المحكمة وإلا كان الحكم الصادر منها باطلاً لبناءه على إجراءات باطلة، من ذلك حالة وفاة أحد القضاة بالدائرة أو زوال صفته لأي سبب قبل المداولة أو بعدها أو قبل الطق بالحكم، كذلك عند فتح باب المرافعة بعد قفله إذا طلب أحد القضاة بالدائرة ذلك، أو إذا رأت المحكمة أن الطلبات الختامية للمدعي غير كافية للحكم. كما أن المحكمة يجب عليها أن تفتح باب المرافعة بناء على طلب أحد الخصوم إذا كان من شأن ذلك كفاله حق الدفاع، كما إذا كان طلب الفتح لتقديم مستند هام أو مستند جديد حاسم لموضوع النزاع، أو لتقديم طلب رد كان سببه غير معلوم قبل قفل باب المرافعة.
وإذا قررت المحكمة فتح باب المرافعة، وهو عمل ولائي لا يجوز الحجية ، يجب أن تصريح بذلك في الجلسة بصريح نص المادة 173 ، وذلك لأسباب جديدة تثبيتها في ورقة الجلسة وفي المحضر، على أن عدم تسبيب قرار إعادة الدعوى للمرافعة لا يترتب عليه البطلان، لأن الخصوم بقرار فتح باب المرافعة حتى يتحقق اتصالهم بالدعوى. ويكون ذلك باعلانهم قانوناً بذلك القرار إلا إذا حضروا وقت النطق بالحكم. وهو ما يستفاد من المادة 174 مكرراً.
تأجيل الدعوى للنطق بالحكم:
عقب إنتهاء المرافعة، من سلطة المحكمة أن تنطق بالحكم فوراً، دون مغادرة الجلسة أو أن تقرر أن الحكم آخر الجلسة، حيث تنتقل هيئة المحكمة إلى غرفة المداولة ثم تعود بعد ذلك للنطق بالحكم، وهي أحوال نادرة في المواد المدنية والتجارية لأن الحكم في هذه المواد يستلزم وقتاً بعد إقفال باب المرافعة لدراسة ما قدم فيها من دفاع دفوع ومستندات وتبادل الرأي بين القضاء وتحرير مسودة الحكم المشتملة على أسبابه وليراعها عند النطق بالحكم.
لذلك فإن الغالب أن تقرر المحكمة، بعد قفل باب المرافعة (أي أنه ليس للخصوم تقديم اي أوراق أو مذكرات أو القيام بالمرافعة فالدعوى أصبحت محجوزة للحكم فيها) أي لم يعد يتبقى سوى النطق بالحكم وهو شأن المحكمة وعملها وليس من عمل الخصوم، تأجيل الدعوى إلى جلسة قريبة للنطق بالحكم، وقرارها بالتأجيل لا يحتاج إلى تسبيب، بل للمحكمة تأجيل إصدار الحكم مرة ثانية، ىبموجب المادة 172 مرافعات، بشرط أن تصرح بذلك في الجلسة وأن تسبب التأجيل وتحدد تاريخ الجلسة الجديدة، بل أنها أن أجلت الدعوى لمرة ثالثة فإن حكمها يكون صحيحاً إذ أن قواعد التأجيل هي قواعد تنظيمية. فسلطة التأجيل من اطلاقات محكمة الموضوع، فلها أن تقرره متى شاءت وإذا طلبه أحد الخصوم فمن سلطتها أن ترفضه.
وإذا كان للمحكمة تأجيل النطق بالحكم أكثر من مرة، فإن لها كذلك تعجيل النطق بالحكم إلى جلسة سابقة عن الجلسة التي حددتها للنطق به، وذلك بعدة شروط أولها احترام حقوق الدفاع أي أن يكون التعجيل بعد استيفاء كل خصم دفاعه سواء بتقديم المذكرات المصرح له بتقديمها أو بانقضاء الموعد المحدد لذلك. كما يشترط أو توجد أسباب تبرر تعجيل النطق بالحكم كأن تزول الولاية القضائية عن أحد أعضاء هيئة المحكمة لإحالته للمعاش أو نقله من المحكمة أو إعارته قبل التاريخ الذي كان محدداً للنطق بالحكم.
وبتأجيل النطق بالحكم يكون باب المرافعة قم تم قفله ويمكن للمحكمة السماح للخصوم بتقديم مذكرات في فترة حجز الدعوى للحكم. يجب عليها تحديد ميعاد للمدعي يعقبه ميعاد المدعي عليه لتبادلها، ففلا يجوز للمحكمة أن تحدد ميعاداً وأحداً للطرفين كأن تقول "في ميعاد أسبوعين لمن شاء" ويكون تقديم المذكرات وتبادلها بالإعلان أو بالإيداع ويجب على المحكمة أن تفصح في قرارها بالتصريح بتقديم مذكرات عن الطريق الذي سيتم به تبادل المذكرات، فإن لم تبينه يكون الطريق الواجب ابداله هو الاعلان باعتبار أن هذا الأصل طبقاً للقواعد العامة. وللخصوم تقديم طلبات عارضة خلال الأجل المحدد لتقديم المذكرات، مع مراعاة ضرورة أن يمكن الخصم الذي وجهت إليه طلبات عارضة من الرد عليها بمذكرة من ناحيته. ويمكن للمحكمة مد الأجل الممنوح للخصوم بتقديم مذكرات. وإذا يعترض الخصم على الأجل المسموح له ولم يطلب مدة فلا يكون له بعد ذلك النعي على الحكم لإخلاله بحق الدفاع لعدم منحه مدة كافية لتحضير دفاعه.
تعريف الحكم وطبيعته:
الحكم القضائي هو قرار من قاض في نزاع يصدر وفقاً للإجراءات التي رسمها المشرع، في خصومة بالشكل الذي يحدده القانون للأحكام سواء في نهايتها أو أثناء سيرها وسواء كان صادراً في موضوع الخصومة أو في مسالة إجرائية.