Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
الملازمة بين حكم العقل وحكم الشارع - Coggle Diagram
الملازمة بين حكم العقل وحكم الشارع
الحكم العقلي هو كلّ قضية يحكم بها العقل كحكمه بالملازمة وينقسم الى قسمين :
الحكم العقلي النظري: ( هو إدراك ما يكون واقعا ) وهوالمتعلّق بأمر واقعي ثابت في عالم الواقع ولا ارتباط له بحيثية العمل (كاستحالة اجتماع النقيضين فإنها لا تستبطن جنبة عملية)
وما يهمّنا منه في البحث الأصولي هو : حكم العقل بوجود مصلحة - التي هي صفة واقعية - في هذا الفعل او وجود مفسدة فيه . فإن المصلحة والمفسدة صفتان واقعيتان لا ارتباط لهما بجنبة العمل ارتباطا مباشريا. لكننا نريد البحث عن وجود ملازمة بين هذا الحكم وحكم الشارع بالوجوب او الحرمة
تحقيق : نحن نسلّم بتبعيّة الأحكام الشرعية للمصالح والمفاسد فالشيء إذا كانت فيه مصلحة عالية والشرائط المساعدة متوفّرة والموانع يلزم جعل الوجوب لتوفرعلّته التامّة
بيد أن القطع بتحقق مجموع هذه الافتراضات أمر بعيد فإنّ عقل الانسان محدود وهو يعلم بأنه قد تخفى عليه أشياء كثيرة - درجة المصلحة ، وجود مانع مزاحم لها ، او شرط -
أجل لو حصل القطع بتحقق العلّة التامة لزم حصول القطع بالحكم الشرعي - بالاستكشاف اللميّ - ولكن حصول القطع الأوّل - بتحقق العلة - بعيد جد - صعب التحقق -.
حكم العقل العملي : (هو إدراك ما ينبغي أو لا ينبغي أن يقع ) وهو المتعلّق بأمر يرتبط بحيثية العمل ( بل إن جنبة العمل مستبطنة فيها كحكم العقل بأن الصدق حسن -او فقل ينبغي ويحسن فعله - والكذب قبيح لا ينبغي فعله )
االمصداق الواحد للحكم العملي الذي يستبطن بذاته جنبة عملية هو صفة الحسن والقبح في الصدق والكذب. ولقد اخلتف فيهما ، فمنهم من قال
أنهما من الأحكام العقلائية بمعنى أن الله سبحانه بعد أن خلق العقلاء واتفقوا - تطابقوا - على أن الصدق ينبغي فعله ثبتت بعد ذلك صفة الحسن للصدق وكذلك في ما يخص الكذب. فهاتان الصفتان لا وجود لهما في عالم الواقع قبل خلق العقلاء ( وهذا مشهور الحكماء )
أصحاب هذا الرأي على نوعين :
الاول - كالسيد الخوئي - يثول أن حكمه بذلك وليد إدراك المصلحة والمقسدة
اما الثاني - كابن سينا - إن حكمهم بذلك ليس وليد إدراك المصلحة والمفسدة بل قد يكون وليد آداب ورسوم اجتماعية عاشها العقلاء
أنهما صفتان من الصفات الواقعية الثابتة بقطع النظر عن العقلاء ( حالهما حال استحالة اجتماع النقيضين )
والصحيح هو هذا الاتجاه لناحيتين :
أ. إن الاتجاه الأوّل مخالف للوجدان القاض بأن قبح الظلم وحسن العدل ثابتان بقطع النظر عن جعل أي جاعل
ب. ذكروا أن الحسن والقبح مجعولان لأجل وجود مصلحة أو مفسدة في الشيء لكن هذا غير مسلّم دائما إذ قد يحكمون بشيء وليس فيه مصلحة كما لو فرض إنسان مريض يتمنى الموت وليس لوجوده اي نفع فإذا قتل واستخرج من قلبه دواء خاصّ أمكن أن يستفيد منه شخصان عالمان تحفظ به حياتهما ، في مثل هذه الفرضية يكون قتل ذلك الشخص غير مشتمل على المفسدة ولكن مع ذلك فهو قبيح ، فالحسن والقبح لا ينشأ كل منهما دائما من المصلحة او المفسدة وإن كان الغالب كذلك
الأقوال او الاتجاهات في الملازمة بين حكم العقل بحن شيء او قبحه وحكم الشارع
إن الملازمة ثابتة وهذا ما مبنى الميرزا والشيخ الاصفهاني الكمباني ( وهو المشهور)
استدلوا : بأنّ العقل إذا حكم بحسن شيء فبما أنّ الشارع عاقل أيضا بل سيّد العقلاء ورئيسهم فيلزم أن يحكم هو أيضا ويكون داخلا ضمن ذلك التطابق
وفيه : أنه لو بنينا أن صفة الحسن والقبح من
أ. الصفات الواقعية : فالملازمة المدعاة لا وجه لها فإن العقل حينما يحكم بأن الصدق حسن فالمقصود كشفه عن ثبوت حسن الصدق واقعا لا أنه يحكم ويثبت الحسن ومعه فموافقة الشارع للعقلاء لا معنى لها سوى أن الشارع يدرك ثبوت صفة الحسن للصدق واقعا كما أدرك العقلاء ذلك وهذا أجنبي عن مسألة الملازمة فإن المقصود من الملازمة هو إثبات حكم شرعي بالوجوب أو الحرمة لا مجرد إدراك الشارع ثبوت صفة الحسن والقبح واقعا.
ب. الصفات المجعولة العقلائية رعاية للمصالح العامة :فنسأل لماذا يلزم عند حكم العقلاء بحسن الشيء حكم الشارع ؟ قد يقال أن النكتة هي أن العقلاء يحكمون بحسن الصدق لوجود مصلحة فيه - مثلا - ولكن يردّها أن أحكام الشارع وإن كانت تابعة للمصالح بيد أن استكشاف الوجوب من المصلحة هو عبارة أخرى عن استكشاف الحكم الشرعي من الحكم العقلي النظري وليس استكشافا له من الحكم العقلي العملي - وقد مرّ صعوبته وبعده -
أما لو كانت النكتة هي أن العقلاء حكموا بحسن الصدق لكونهم عقلاء ولا يحكّمون اهواءهم بل عقلهم فقط فيلزم أن يحكم الشارع كما حكموا لأنه رئيسهم فيرده :
مجرّد كون الشارع أحد العقلاء بل رئيسهم لا يصلح نكتة على حتمية حكم الشارع بل قد يقتضي العكس إذ كون الشارع رئيس العقلاء كون عقله أكبر فقد يطلع على ما خفي على غيره.
إن الملازمة غير ثابتة وعلى هذا بنى صاحب الفصول وجماعة من المتأخرين كالشيخ العراقي والسيد الخوئي والسيد الشهيد ( في البحوث وان كان هنا لا يتمم اي منهما )
إن العقلاء إذا حكموا بحسن الصدق مثلا فلا يمكن أن يحكم الشارع بوجوبه لأن الغرض من حكم الشارع بالوجوب ليس الا "تحريك المكلّف" نحو الصدق "وتحميله المسؤولية على تركه" ونحن ما دمنا فرضنا ان حكم العقل بحسن الصدق فيكفي ذلك لتحريك المكلّف نحو فعل الصدق وتحميله درجة من المسؤولية بلا حاجة الى حكم الشارع بوجوبه بل لا يمكن ذلك لأنه أشبه بتحصيل الحاصل - تحريك المتحرّك -
وفيه : أن محذور اللغوية لا نسلم به فإن محرّكية الحسن العقلي لربما تكون بدرجة ضعيفة لا يهتمّ المكلّف معها بالصدق في حين لو حكم الشارع بالوجوب قويت تلك المحرّكية وصارت سببا لإقدام المكلّف على الصدق . والشارع المقدّس إذا كان مهتما بواجبات العقل العملي بدرجة أكبر مما تقتضيه الاحكام العملية نفسها ويريد حفظها وتحريك المكلف نحوها فمن اللازم أن يحكم بوجوبها