Please enable JavaScript.

Coggle requires JavaScript to display documents.

أنسنة العقوبات في المنظومة الجزائية التونسية (1), سوف يقع الاهتمام…

- - - - هناك عدة تقسيمات يمكن أن تخضع لها العقوبات و يجوز تقسيمها إلى : عقوبات جنايات و عقوبات جنح و عقوبات مخالفات مع اختلاف في الشدة بينها
      - تقسيم العقوبات من
        حيث موضوعها إلى :
        
        عقوبات بدنية و التي كانت شائعة قديما و لم يبق منها اليوم سوى الإعدام
        
        عقوبات سالبة للحرية و التي تتضمن حرمان المحكوم عليه من حريته بإيداعه السجن أو مراكز الإصلاح مدة معينة أو بقية العمر في خصوص الرشد فحسب
        
        عقوبات مالية تصيب المحكوم عليه في ذمته المالية مثل الخطية و المصادرة ، و نجد صنفا رابعا للعقوبات يبرز بأكثر تطور فلا يمس من حرية المحكوم عليه إلا بصفة نسبية ، و أيضا في خصوص ذمته المالية و تندرج ضمنه عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة التي كرسها التشريع التونسي مع قانون 2 أوت 1999 .
      - يمكن تقسيم العقوبات إلى
        عقوبات أصلية و أخرى تكميلية
        
        و تتمثل الأولى في العقوبة الأساسية المسلطة على الجاني عند ارتكاب الجريمة، و يمكن أن تتمثل هذه العقوبة في القتل أو السجن بقية العمر أو السجن لمدة معينة أو العمل لفائدة المصلحة العامة و الخطية .
        
        أما الثانية و هي العقوبات التكميلية فهي أقل شدة من الأولى و تلحق بالعقوبات الأصلية و هي على معنى الفصل الخامس من المجلة الجنائية : منع الإقامة و المراقبة الإدارية و مصادرة المكاسب و الحجز الخاص و الإقصاء في الصور التي نص عليها القانون و الحرمان من مباشرة بعض الحقوق و الامتيازات، كذلك نشر مضامين بعض الأحكام.
- - - - من أبرز تجليات تكريس مبادئ حقوق الإنسان في السياسة العقابية الحديثة في طور التجريم, تغليب المنحى الإنساني سواء في العقوبات المسلطة على الرشد (:one:) أو تلك المسلطة على الأطفال (:two:)
      - :one: تغليب المنحى
        الانساني في العقوبات
        المسلطة على الرشد
        
        تأسس إصلاح السياسة العقابية في تونس على إلغاء العقوبات القاسية والمهينة و اللاإنسانية من ناحية ( :star: ) وعلى تكريس مفهوم مستحدث للعقوبات من ناحية ثانية ( :star: ).
        
        :star: إلغاء العقوبات
        القاسية والمهينة
        واللاإنسانية
        
        أبرز مثال على تكريس هذا الأساس في التشريع الجزائي التونسي, هو إلغاء كل من عقوبة الأشغال الشاقة ( :first_place_medal:) والتشغيل الإصلاحي ( :second_place_medal:) إلى جانب تكريس الطابع الاستثنائي لعقوبة الإعدام ( :third_place_medal:).
        
        :first_place_medal: إلغاء عقوبة
        الأشغال الشاقة
        
        يقصد بعقوبة الأشغال الشاقة تشغيل المحكوم عليه في أشق الأشغال و إجباره على القيام بأعمال مجهدة, وهي بذلك عقوبة ذات طابع مزدوج, طابع بدني, وآخر سالب للحرية.
        
        ما يؤخذ على هذه العقوبة تبنيها للنظرة المجردة التي ترمي إلى الإيلام الزائد والمقصود, فهي لا تكتفي بسلب الحرية وحجزها بل تتعدى ذلك إلى حد تكليف المحكوم عليه بأشغال مجهدة ومتعبة, وهي بذلك عقوبة تميز الأنظمة الاستبدادية المتعارضة مع المناخ الدولي الداعي لتكريس حقوق الإنسان.
        
        وهي إلى جانب كل ذلك عقوبة تلحق الأذى بالمذنب, وتهين كرامته وإنسانيته من خلال إجباره على القيام بأعمال تذكرنا بالعبودية التي كانت موجودة في العهود الغابرة.
        
        الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع البشر تفرضه الصبغة الكونية التي أصبحت تتمتع بها حقوق الإنسان, من ذلك أنه جاء بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان : "لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة"
        
        انسجاما مع هذا المناخ الدولي الداعي إلى صيانة كرامة الذات البشرية صادقت الدولة التونسية على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من ظروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الصادرة في 10 ديسمبر 1984
        وذلك بموجب القانون عدد 79 لسنة 1988 الصادر في 11 جويلية 1988 والمنشور بالرائد الرسمي عدد 72 بتاريخ 25 أكتوبر 1988 .
        
        استمرارا لهذا التمشي جاء القانون عدد 23 لسنة 1989 المؤرخ في 27 فيفري 1989 المتعلق بإلغاء عقوبة الأشغال الشاقة وتم بالتالي إلغاء الفصلين العاشر والحادي عشر من المجلة الجنائية واللذان كانا ينظمان شروط وإجراءات تنفيذ هذه العقوبة.
        
        :second_place_medal:: إلغاء
        التشغيل الإصلاحي :
        
        التشغيل الإصلاحي عقوبة لها طابع مزدوج فهي من ناحية عقوبة تكميلية نص عليها الفصل الخامس من المجلة الجنائية التونسية, وتقوم المحاكم الزجرية بتسليطها عند الحكم بعقوبة أصلية, والتي غالبا ما تكون عقوبة سالبة للحرية, وهي من ناحية أخرى عقوبة أصلية
        تسلطها هيئات إدارية مختصة لمقاومة ظواهر اجتماعية مثل التسكع أو التمعش من عمل الزوجة أو الأطفال .
        
        عقوبة التشغيل الإصلاحي تمثل تدبيرا احترازيا نص عليه المرسوم عدد 17 لسنة 1962 المؤرخ في 15 أوت 1962, وتسلطه هيئة إدارية بقرار لا يقبل الطعن بأي وجه وبقطع النظر عن إرادة الشخص المعني به, بوجود موافقته على اتخاذ هذا الإجراء في شأنه من عدمها.
        
        منذ سنة 1995 وقع إلغاء هذه
        العقوبة نظرا لتعارضها مع
        
        أحد المبادئ الدستورية الهامة والمضمنة بالفصل الخامس من الدستور والمتمثل في حتمية ضمان حرمة الفرد .
        
        عدم تطابقها مع مقتضيات المادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على عدم جواز فرض ممارسة العمل على أي فرد بالقوة والجبر, فلكل إنسان الحق في اختيار عمله بكل حرية ودون إكراه من أي سلطة كانت .
        
        بإلغاء هذه العقوبة قطع المشرع التونسي مع أحد العقوبات الماسة بكرامة الفرد, وإنسانيته وهو ما يكرس أحد دعائم السياسة العقابية الحديثة في تونس والتي تحرص على تحقيق معادلة بين حقوق الإنسان ومعالجة مظاهر الانحراف من خلال نظرة شمولية وعامة للظاهرة الإجرامية.
        
        :third_place_medal: تكريس الطابع
        الاستثنائي لعقوبة الإعدام :
        
        تحتل عقوبة الإعدام, الدرجة الأولى في سلم العقوبات الأصلية المذكورة بالفصل 5 من المجلة الجنائية.
        
        أمام خطورة هذه العقوبة التي تمس بأثمن حق يتمتع به الإنسان وهو حقه في الحياة, فقد برز اتجاهان متناقضان في شأن هذه العقوبة.
        
        الاتجاه الأول:
        
        مناهض لعقوبة الإعدام ويقوده بيكاريا Beccaria الذي يرى أنه من الغريب أن الدولة التي تنهى عن القتل تقنن هذه العقوبة وتعطي لأحد أجهزتها الحق في تنفيذها .
        
        هذه العقوبة تتعارض مع ما جاء بالمادة الثالثة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان من أنه " لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه".
        
        الاتجاه الثاني :
        
        الاتجاه المؤيد لوجود عقوبة الإعدام, و يستند إلى جملة من المعطيات التي تهدف إلى تغليب مصلحة المجموعة البشرية عن مصلحة شخص الجاني, ذلك أن بشاعة الجرائم التي تقتضي تسليط عقوبة الإعدام على الجناة, تجعل من هذه العقوبة الجزاء الوحيد الكفيل بضمان استمرار ثقة المجموعة في السياسة العقابية لأي دولة .
        
        في الدول العربية الإسلامية يستند مناصرو هذا الاتجاه إلى ما جاء بالقرآن الكريم من ضرورة توقيع هذه العقوبة في خصوص بعض الجرائم من ذلك قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى" .
        
        بين الاتجاه الأول المناهض لعقوبة الإعدام والاتجاه الثاني المناصر لها, يبرز التشريع التونسي بطابع متميز في اتجاه تكريس هذه العقوبة لكن بصورة استثنائية فكيف تم ذلك ؟
        
        فقد قام المشرع التونسي بإحاطة هذه العقوبة بجملة من الإستثناءات والتضيقات التي تجعلنا في بعض الحالات نتساءل عن مدى الوجود الفعلي لهذه العقوبة في القانون الجزائي التونسي.
        
        من أبرز التضييقات
        
        العامل المتصل بسن الجاني, قد وقع استبعاد عقوبة الإعدام أيضا في خصوص الأطفال الذين سنهم بين ثلاثة عشر و ثمانية عشر عاما لأن القانون الجزائي ينطبق عليهم لكن بصفة مخففة.
        
        إقصاء هذه العقوبة في صورة وجود مانع من موانع المسؤولية الأخرى كالجنون أي حالة فقدان مرتكب الفعل المجرم لمداركه العقلية, أو صورة خضوع مرتكب الأفعال المجرمة إلى إكراه مادي أو معنوي, والذي يقع تقديره من قبل قضاة الأصل مع مراعاة أحكام الفصل 41 م.ج.
        
        إضافة إلى صور إقصاء هذه العقوبة لتوفر سبب من أسباب الإباحة المقررة بالقانون وهما أساسا : الدفاع الشرعي من ناحية وأمر القانون وإذن السلطة من ناحية ثانية, وبتوفر أحد هاذين الشرطين ينتفي الركن الشرعي للجريمة وينتفي بالتالي عقابها, وذلك على خلاف موانع المسؤولية التي تنفي الركن المعنوي للجريمة.
        
        وقع استبعاد عقوبة الإعدام
        في بعض الصور الخاصة
        
        من ذلك ما جاء بالفصل 80 من المجلة الجنائية, ذلك أن المشرع وبصفة مبدئية يعاقب بالإعدام عديد الجرائم المتعلقة بالاعتداء على أمن الدولة, غير أنه وللحد من صرامة هذه العقوبات, فقد مكن المشرع مرتكبي هذه الاعتداءات من فرصة هامة بقصد الإفلات من عقوبة القتل,
        وكذلك من باقي العقوبات, وذلك في صورة الإبلاغ عن هذه الجرائم قبل وقوعها.
        
        وقع تكريس استبعاد عقوبة الإعدام من خلال الفصل 34 من المجلة الجنائية والمتعلق بالمشاركة, ذلك أن الشريك يعاقب مبدئيا بنفس عقاب الفاعل الأصلي للجريمة, لكن واستثناء لهذه القاعدة, يعوض عقاب القتل في خصوص الشريك المتهم بإخفاء المسروق الحاصل بسبب تلك الجريمة بعقوبة السجن بقية العمر.
        
        هذا طبعا دون إغفال الصلاحية الممنوحة للقاضي في تطبيق ظروف التخفيف على معنى الفصل 53 م.ج. والنزول بعقوبة الإعدام إلى درجة أو درجتين في سلم العقوبات على معنى الفصل الخامس م.ج. إضافة إلى السلطة الممنوحة لرئيس الدولة على معنى الفصل 48 من الدستور في منح العفو الخاص من هذه العقوبة
        بعد صيرورة حكم الإعدام باتا مع احترام إجراءات الفصل 342 م.إ.ج. في خصوص منح العفو الرئاسي.
        
        إذن فعقوبة الإعدام لها طابع إستثنائي سواء في مستوى تكريسها تشريعيا, أو في مستوى تطبيقها الفعلي, بل أكثر من ذلك وأمام ما تكتسيه من خطورة فيمكن اعتبارها من العقوبات المهجورة في الاتجاه الحديث للسياسة العقابية في تونس, وهو ما أكده سيادة رئيس الجمهورية في خطابه,
        في الملتقى الدولي حول التحولات الديمقراطية في عالم اليوم المنعقد في جانفي 1989 بقوله " ..... وأصدرنا مؤخرا قانون العفو التشريعي, كما علقنا العمل بعقوبة الإعدام ...." .
        
        :star: تكريس مفهوم
        مستحدث للعقوبات
        
        إن مفهوم العقوبة في إطار السياسة العقابية الحديثة يغلب عليه الإصلاح من جهة واحترام حقوق الإنسان من جهة أخرى, وهو ما يبرز خاصة من خلال تكريس العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن العقوبات السالبة للحرية ( :first_place_medal:) إلى جانب تكريس مفهوم التدابير الاحترازية والعلاجية كبديل للعقوبات الكلاسيكية ( :second_place_medal: ).
        
        :first_place_medal: العمل لفائدة
        المصلحة العامة
        
        لعقوبة العمل لفائدة
        المصلحة العامة مفهوم مزدوج
        
        من ناحية عقوبة تقضي بها المحكمة وهي لا تلزم المحكوم عليه بالقيام بعمل, لأن المحكمة لا تسلط هذه العقوبة إلا بعد أخذ رأي المعني بها وصدور موافقته وهو اختلاف جوهري بين عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وعقوبة التشغيل الإصلاحي رغم تقاربهما من حيث الجدوى.
        
        من ناحية ثانية هي ليست بعقوبة تخضع للمقياس القديم للعقوبات التي تنبني أساسا على إيلام المحكوم عليهم وردعهم, وعزلهم عن باقي أعضاء المجتمع, ذلك أن هذه العقوبة هي بمثابة العمل التطوعي المجاني, الذي يعود بالنفع على المجموعة ككل وحتى على شخص المحكوم عليه ذاته لأنه يمثل واحدا من هذه المجموعة.
        
        إدراج هذه العقوبة بالتشريع
        الجزائي التونسي أمرا منطقيا
        
        يفرضه الاتجاه الإنساني للسياسة العقابية في تونس, وذلك خاصة بعد ثبوت فشل العقوبة السجينة قصيرة المدى في إصلاح المحكوم عليه وذلك لقصر المدة من ناحية وتناقض محاولة التأهيل مع عملية الفصل عن المجتمع من جهة أخرى.
        
        فضلا عن مساوئ التكييف السلبي مع الحياة داخل السجن نتيجة اختلاط مجرمي الصدفة والمجرمين المبتدئين مع معتادي الإجرام. هذا فضلا عن التكلفة المادية للمؤسسة السجنية.
        
        وعيا من المشرع التونسي بجدوى عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة, فقد تدخل بمقتضى القانون عدد 89 لسنة 1999 المؤرخ في 2 أوت 1999 لتبني هذه العقوبة.
        
        أ- النظام القانوني
        لعقوبة العمل لفائدة
        المصلحة العامة :
        
        :fire: الشروط المتعلقة
        باعتماد هذه العقوبة :
        
        الشروط الموضوعية:
        
        2 more items...
        
        الشروط الذاتية
        
        4 more items...
        
        :fire: شروط تنفيذ
        هذه العقوبة :
        
        1- ضرورة توفير جهاز توكل له
        مهمة الإشراف على تنفيذ هذه العقوبة
        
        2 more items...
        
        2- المؤسسة
        المنتفعة بالعمل
        
        2 more items...
        
        3- ضرورة عرض المحكوم عليه بالعمل لفائدة المصلحة العامة على الفحص الطبي, وتحديدا تحت إشراف طبيب السجن, وذلك بهدف التأكد من خلو المحكوم عليه من الأمراض المعدية, ومن قدرته على إتمام عمله على أحسن حال.
        
        المحكمة تضبط الأجل الذي يجب أن ينجز فيه العمل والذي يجب أن لا يتجاوز ثمانية عشر شهرا من تاريخ صدور الحكم.
        
        ب- أهداف العقوبة :
        
        إرساء هذه العقوبة فيه توسيع لميدان حقوق الإنسان عامة وحق المتهم بصفة خاصة بغاية بلوغ جملة من الأهداف .
        
        أهم هذه
        الأهداف :
        
        ------> تكريس سياسة عقابية تقوم على مبدأ دمقرطة العقوبة: من خلال منح القاضي إمكانية الاستعاضة عن عقوبة السجن, بعقوبة يرى أنها تتلاءم أكثر وشخصية المحكوم عليه, ومدى خطورته من ناحية وخطورة الأفعال المرتكبة من ناحية أخرى.
        
        ------> تحقيق مفهوم مستحدث
        للعقوبة يحقق المنفعة العامة:
        
        2 more items...
        
        ------> إيجاد مفهوم
        جديد للعقوبة
        
        3 more items...
        
        :second_place_medal: التدابير
        الإحترازية والعلاجية :
        
        تعرف السياسة الجنائية الحديثة بكونها مجموع الحلول والأجوبة المنظمة والضابطة للسلوك الذي يتصف بكونه إجراميا, وتكون إما جزائية أو غير جزائية .
        
        في هذا الإطار يندرج مفهوم التدابير الإحترازية والعلاجية, بوصفها إحدى الحلول التي يمكن أن تعتمدها السياسة الجنائية, بهدف الحد من الجرائم وتجنب تسليط العقوبات وهي بذلك من صنف الحلول غير الجزائية, رغم أنه لا يمكن الأخذ بها وتطبيقها على الأشخاص إلا إذا كانت لها سند تشريعي .
        
        في هذا الإطار يتنزل القانون عدد 52 لسنة 1992 المؤرخ في 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات, والذي أورد جملة من الأحكام المتلعقة بالتدابير الإحترازية والعلاجية لمكافحة آفة المخدرات, وتوفير سبل الوقاية منها, وهي أحكام تهم الرشد كما تهم المدمنين على هذه المادة من صنف الأطفال, وسوف نعتني في هذا البحث بالأحكام الخاصة بالرشد فحسب.
        
        إتجهت العناية بالشخص المدمن للمخدرات, وهو في التشريع التونسي شخص مريض قبل أن يكون مجرما, وينظر إليه نظرة إنسانية ويتجه وضعه بالمستشفى لعلاجه من هذه الآفة, وقد سايرت بذلك بلادنا السياسات الحديثة في الأخذ بيد المورط في المخدرات باخضاعه للعلاج وترغيبه في الخروج من أزمة الإدمان .
        
        أ- شروط التمتع بالعلاج
        على معنى قانون 1992 :
        
        + شروط شكلية
        
        ضرورة تقديم
        مطلب كتابي
        
        3 more items...
        
        + شروط موضوعية
        
        ما يتصل
        بطالب العلاج
        
        1 more item...
        
        ب- آثار تقديم مطلب العلاج
        من الإدمان على معنى قانون 1992
        
        استثناء لقاعدة معاقبة إستهلاك المخدرات قد ورد بالفصل 20 من نفس القانون أنه "لا تثار الدعوى العمومية ضد من تقدم من تلقاء نفسه أو عن طريق القرين أو أحد أصوله أو فروعه أو أطبائه لأول مرة بطلب من اللجنة المنصوص عليها بالفصل 18 للمعالجة....."
        
        ---> نوع من العفو الإجتماعي الذي تركه المشرع لمرتكبي بعض الجرائم الذين أظهروا حسن نيتهم وساعدوا على تلافي تلك الجرائم, وقد يكون مبدأ إستبعاد العقاب كذلك رأفة بالجاني نفسه وسبيلا لعلاجه وتقويمه .
        
        لكن إنقطاع طالب العلاج, أو مغادرته للمؤسسة الإستشفائية دون موافقة أطبائه أو اللجنة المذكورة, فإن ذلك يكون سببا لإثارة التتبعات القانونية ضده, وبذلك يخرج من دائرة الإستثناء الواردة بالفصل 20 ليصبح خاضعا للمبدأ العام المجرم لعملية إستهلاك مادة مخدرة.
        
        يجوز القول أن السياسة الجنائية الحديثة أصبحت ضامنة للوقاية من الجريمة ومعالجة المنحرفين واستبدلت في صورة معينة العقوبة الجزائية بأخرى علاجية تهدف لإرجاع المنحرف لحضيرة المجتمع, كما أنها وفقت في المساكنة بين العقوبة من جهة, والتدابير الإحترازية من جهة أخرى .