Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
جريمة توزيع
أرباح صورية, + إشكالية تحديد تاريخ قيام الجريمة - Coggle…
جريمة توزيع
أرباح صورية
I- غموض عناصر
الجريمة
-
-
لقد سعى المشرع إلى إفراد النشاط الاقتصادي بنظام جزائي خاص حاول في إطاره تطويع مبدأ الشرعية باعتماد تقنية الجرائم المفتوحة بالنسبة إلى الجرائم الاقتصادية بصورة عامة و جرائم الأعمال بصورة خاصة و ذلك لمواجهة ما يمتاز به ممارسو النشاط الاقتصادي من قدرة على التفصي من أحكام القانون الجنائي التقليدي. و حتى يمكن ردع كل نشاط قد يضر بالاقتصاد الوطني كوحدة أو بالشركة كجزء.
لكن هذا السعي إلى ضمان الردع الكافي قد أدى إلى صياغة مفتوحة يطغى فيها على عناصر الركن المادي للجريمة الغموض (I) إضافة إلى غموض الركن المعنوي (II) .
-
مقدمة
كنتيجة لتمتع الشركة بالشخصية القانونية ، أصبحت لها ذمة مالية منفصلة عن ذمم المساهمين فيها تتمثل في ما للشركة من حقوق ، وما عليها من إلتزامات .
لكن نظرا لإفتقار الشركة كشخص - معنوي - للقدرة المادية على التصرف في ذمتها المالية ، كان من الضروري أن تلجا إلى أشخاص طبيعيين يتولون التصرف باسمها وتسييرها مع ضمان الحفاظ على مصلحتين : من جهة ، مصلحة الشركة المتمثلة في ضرورة المحافظة على إمكانياتها المالية ووجودها . ومن جهة أخرى ، مصلحة الشركاء المتمثلة في إجتناء الأرباح. حيث أن هدف كل مساهم أو شريك هو الحصول على الربح، سواء بصورة دورية أي في نهاية كل سنة مالية أو في فترات متباعدة .
ونظرا لما تكتسيه الذمة المالية للشركة من أهمية ، باعتبارها الأداة التي تمول بها نشاطاتها إضافة إلى أنها تمثل الضمان العام لدائنيها" . سعى المشرع إلى حمايتها جزئيا حيث عمد إلى زجر كل فعل يؤدي إلى المساس بها .
ولما كان رأس المال يمثل جزءا من الذمة المالية للشركة ، خصه المشرع بحماية مستقلة من خلال تجريمه كل توزيع لأرباح صورية . وقد حصر المشرع التجريم في إطار الشركة خفية الإسم حيث نص على هذه الجريمة صلب الفصل 223 م.ش.ت .
قد تولّى المشرّع التونسي تعريف الرّبح الصوري صلب الفصل 289 من م.ش. والذي جاء به “يعتبر صوريا كلّ توزيع للمرابيح يتم خلافا للأحكام المذكورة أعلاه”.
عرف المشرع الربح خارج إطار المجلة التجارية . وذلك صلب نظام المحاسبة للمؤسسات حيث اعتبر أنه "كل ترفيع في الأموال الذاتية ناتج عن معلومات أو أحداث غير جارية أو ملحقة أو عن عمليات أخرى وأحداث وظروف لها تأثير على وضعية المؤسسة وذلك ما عدا الزيادات الناتجة عن المداخيل أو عن إسهامات أصحاب رأس المال".
على هذا الأساس فرض المشرع على الشركات التجارية مسك محاسبة لا يتم على أساسها تحديد ما للشركة وما عليها بصورة صحيحة غير أن هذه الأهمية التي تكتسيها المحاسبة في توضيح الوضعية المالية للشركة وضفها البعض من المسيرين لخدمة أغراضهم الإجرامية حيث يعمد البعض من أعضاء مجلس الإدارة أو وكلاء التصرف إلى عدم إعداد وثائق محاسبية أو إلى إعدادها بصورة مدلسة. مما يفضي إلى إعطاء صورة مغلوطة عن الوضعية المالية للشركة وإلى توزيع أرباح صورية .
بذلك يمكن مبدئيا تعريف جريمة توزيع أرباح صورية بأنها توزیع لمبالغ مالية تؤدي بدرجة أولى إلى المساس بثبات رأس المال الشركة وبدرجة ثانية إلى الإضرار بذمتها المالية . وذلك باعتماد وسائل تدليسية تتمثل في تضخيم قيمة الأصول أو التنقيص من قيمة الخصوم
-
تتميز جريمة توزيع أرباح صورية عن جريمة التعسف في إستعمال مكاسب الشركة باعتبار أن هذه الجريمة تشمل بالحماية كل عناصر الذمة المالية للشركة وكذلك سمعتها . في حين أن جريمة توزيع أرباح صورية تقتصر مبدئيا على حماية رأس مال الشركة .
المشرع التونسي بعد أن كان يعاقب فعل توزيع أرباح صورية معتبرا اياه صورة من صور خيانة الأمانة. سعى إلى إفراد هذا الفعل الذي يضر بمصالح الشركة والمحيطين بها بتشريع خاص يجرمها . --> هذا التطور الذي شهده التشريع الجزائي جاء ملبيا لجملة من التحولات و التطورات الإقتصادية والإجتماعية. فبعد أن كانت الدولة تلتزم موقف الحياد إقتصاديا لترك المجال للمبادرة الفردية، حيث يكون للأفراد وحدهم حرية ممارسة نشاطهم، أصبح تدخل الدولة في النشاط الإقتصادي ضروريا . لمنع كل إستغلال متعسف للحرية والحماية مصالح المدخلين في الدورة الإقتصادية وكذلك حماية للاقتصاد الوطني .
قد تم إعتماد القانون الجنائي لتوفير هذه الحماية .
لكن هذا التوجه نحو التجريم لم يكن محل إجماع من الفقه
-
+ جانب آخر
اعتبر أنه إذا كان من الضروري أن يتدخل القانون الجناني في نشاط الشركات فإنه يجب أن يكون بالقدر الكافي لتحقيق حماية للشركاء بشرط ألا يترتب على ذلك أي تعطيل لنشاط الشركة، وهو ما يتحقق عند عدم كفاية الجزاءات الأخرى.
فالقانون الجنائي كان من الضروري اللجوء إليه ليدعم الجزاء في فروع القانون الأخرى خاصة مع التبين قصور جزاء البطلان عن ردع إرتكاب أفعال خطيرة لذلك دعت الضرورة الحمائية لإعتماد جزاء أكثر صرامة لتصرفات أكثر خطورة وتدعيم القانون التجاري والمدني بالقانون الجنائي الذي إتسم تدخله بالتوسع مع توسع وتعدد الأفعال المضرة بالذمة المالية للشركة.
إن الهدف من وضع جريمة توزيع أرباح صورية لا يقتصر على حماية الذمة المالية للشركة بل يتجاوز ذلك إلى حماية المساهمين فيها. فقد يبدو في الظاهر أن المستفيد من توزيع أرباح صورية هم المساهمون . في حين أنه في الواقع يعتبرون الأكثر تضررا باعتبار أنه في حال حصولهم على هذه الأرباح تصبح إمكانية فقدانهم لكل مساهماتهم واردة جدا وبذلك يصبح المستفيدون الوحيدون من هذا التوزيع هم أعضاء مجلس الإدارة أو وكلاء التصرف وكذلك المساهمون الذين فوتوا في أسهمهم وحصصهم بعد ارتفاع أسعارها نتيجة الإعلان عن توزيع أرباح .
:question: إلى أي مدى استطاع المشرع بتجريمه توزيع أرباح صورية توفير الحماية الكافية للشركة و مصالح المحيطين بها و ردع مرتكبي الجريمة ؟
لا يبدو أن المشرع قد وفّق في تحقيق الحملية الكافية للشركة و مصالح المحيطين بها و ردع مرتكبي الجريمة وذلك يبرز من خلال غموض عناصر الجريمة (الجزء الأول) و من خلال غموض العقاب (الجزء الثاني) .
بالرجوع إلى النصوص القانونية السابقة للفصل المذكور وخاصة منها الفصل 287 و288 من ش.ت. نجد أن المشرع يتعرض للزيح القافي دون تعريفه بل اكتفى بتوضيح كيفية احتسابه وذلك خلافا لما كان موجودا قبل صدور مجلة الشركات التجارية إذ أن الفصل 19 فقرة ثانية من المجلة التجارية قد عرف الإيح على أنه "القدر الزائد مقا للشركة على ما بذمتها بإدخال رأس مال الشركة في ضمن الديون المترتبة عليها عند نهاية السنة كما عرفه الفصل 76 فقرة 5 من م.ت. والمتعلق بالشركات خفية الاسم بأنه "عبارة عن المبالغ القافية التي استقرت عليها الميزانية السنوية بعد طرح النفقات على اختلاف أنواعها وغيرها من الحقوق المطلوبة من الشركة والمقادير المخصصة لاستيعاب رأس المال وما يقتطع لمجابهة الخسائر التجارية أو الصناعية".
-