Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
إقرار و تنظيمالحريات العامة - Coggle Diagram
إقرار و تنظيم
الحريات العامة
إن حقوق الإنسان والحريات العامة متعددة ومتنوعة وتشمل مجالات شتى في حياة الفرد سواء باعتباره شخصا طبيعيا أو بوصفه عضوا في : المجتمع وأمام هذا التعدد والتنوع لابد من تحديدها وهذا بطرح موضوع معرفة الجهاز المؤهل لذلك كما يتعين تنظيمها الأمر الذي يقتضي النظر في كيفية هذا التنظيم ويتجه النظر في هذين المسألتين في مبحثين
I- الجهاز المؤهل لإقرار
الحريات العامة
من أهم الأسئلة التي تطرحها الحريات العامة تحديد السلطة التي تسند لها صلاحيات اقرارها ووضع نظامها. ترجع هذه الصلاحيات بالنظر بالدرجة الأولى الى الدستور ثم القانون وبدرجة محدودة للسلطة الترتيبية.
أ- الدستور والحريات العامة
يعرف شراح القانون الدستور بأنه "مجمع القواعد العليا المؤسسة السلطة الدولة والمنظمة لمؤسساتها والمانحة لها النفوذ والمقيدة لها لضمان حريات المواطنين" --> وسيلة أيضا لتقييد النفوذ وليس مجرد أداة لتنظيم الدولة بل يعتبر في نظر الأيديولوجيات الثورية-ميثاقا لحد من النفوذ في صلب الدولة
کل دستور يعكس مفهوم دور الدولة في المجتمع أي جانب من الفلسفة السياسية التي تجسمها أحكام تتعلق بتنظيم السلطة ولكن لا يقف موضوع الدستور عند هذا الحد بل يحدد أيضا أسس "الدستور الإجتماعية المتمثل في اقرار حقوق وواجبات الإنسان والمواطن وأن التنصيص عليها يحدد في نفس الوقت واجبات وحقوق الدولة إزاء الفرد
من الطبيعي أن بنص الدستور ومن يبلد جميع القواعد القانونية الأخرى سواء كانت تشريعية أو ترتيبية كما يعلم القانون الدولي. على حقوق المواطن والحريات العامة
فرق بعض الفقهاء، بين الإعلان
عن الحقوق و بین ضمانات الحقوق
الأولى عرض المبادئ عامة ذات طابع فلسفي
الثانية قواعد مدرجة في صلب الدستور ذاته و لها قيمة قانونية كاملة
لقد توخی واضعو الدستور التونسي لسنة 2014 تقريبا هذا المنهج اذ خصصت السلطة التأسيسية الباب الثاني من الدستور للحقوق والحريات ، وكانت قد خصصت الباب الأول للمبادئ العامة ومقارنة بدستور 1959 فإن منظومة الحقوق والحريات وردت في الأحكام العامة وليس في باب خاص. كما أن عدد الفصول المتعلقة بالحقوق والحريات التي خصصها دستور 1959 هي 17 فصلا، في حين أن دستور 2014 اشتمل على 28 فصلا (الباب الثاني)، يضاف إلى ذلك بعض النصوص المتعلقة بحقوق الإنسان وردت خارج الباب الثاني (وبالتالي فهي تفوق 28 فصلا).
كما قد تضمت التوطئة العديد من المبادئ المتعلقة بالحقوق، وهي على غاية من الأهمية، خاصة أن التوطئة لها نفس القيمة القانونية، مثلها مثل بقية النصوص صلب الدستور، وذلك بغض النظر عما ورد صلب الفصل 145 الذي أكد أن توطئة هذا الدستور جزء لا يتجزء منه. وأكد الأستاذ سليم اللغماني في تعليقه على التوطئة، أنها افتقدت للمنهجية القانونية والتسلسل المنطقي في بناء الأفكار
منظومة الحقوق تعتبر ثرية إذا ما قارناها ببعض الدساتير العربية أو حتى الغربية. وقد أشادت معظم الدول بالدستور التونسي الذي جاء نتيجة وفاق بين الفرقاء السياسيين. كما أن بعض الفصول اسثنت من دستور 1959. وهذه مسألة ايجابية، لأنها ترمز إلى التعاطي مع التاريخ بعقلية ايجابية.
يمكن القول أن الحريات العامة والحقوق الأساسية تبوأت مكانة متميزة وكبيرة في الدستور أن أولاها واضعوه أهمية واضحة فجاءت الفصول المتعلقة بها في صيغة الجزم بأنها مضمونة الأمر الذي يعطيها قيمة سامية بحکم علوية الدستور إزاء القانون الداخلي والدولي
ب- القانون والحريات
العامة والحقوق الأساسية
لا يضبط الدستور تفاصيل ممارسة الحريات العامة والحقوق الأساسية فهو يقرها وينص على ضمانها ويوكل للقانون تنظيمها أو تحديدها
فالفصل .. من الدستور أقر تمتع المواطن بحقوقه كاملة "بالطرق والشروط المبينة بالقانون ولا يحد من هذه الحقوق إلا بقانون يتخذ لإحترام حقوق الغير و لصالح الأمن العام..." كما أن الفصل الثامن أشار إلى ممارسة بعض الحريات العامة "
يؤخذ من هذه الأحكام الدستورية
1- الدستور اقتصر على ضمان الحريات العامة والحقوق الأساسية وهي ليست مطلقة سواء من حيث كيفية ممارستها أو من حيث محتواها
2- أوكل للمشرع صلاحية بیان شروط الإنتفاع بالحقوق ووحدودها وضبط كيفية ممارسة الحريات العامة
قد نص الدستور صلب الفصل 49 على أن:" يحدد القانون الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها"
و جاء بالفصل 65 :" تتخذ شكل قوانين عادية النصوص المتعلقة ب ..ضبط الجنايات والجنح والعقوبات المنطبقة عليها وكذلك المخالفات المستوجبة لعقوبة سالبة للحرية .. المبادئ الأساسية لنظام الملكية والحقوق العينية والتعليم والبحث العلمي والثقافة والصحة العمومية والبيئة والتهيئة الترابية والعمرانية والطاقة وقانون الشغل والضمان الاجتماعي."
على أن الدستور أولي لبعض الحقوق والحريات أهمية خاصة إذ اشترط سن قوانين أساسية لضبطها وتنظيمها على معنى النصل 65 ومن بين تلك الحقوق والحريات حرية الفكر و التعببر والصحافة والنشر و الإجتماع وتأسيس الجمعيات . وحرمة المسكن وسرية المراسلة وحرية التنقل ومعلوم أن سن القوانين الأساسية يخضع لإجراءات خاصة تتمثل في أن مشاريعها لا تعرض على مداولة مجلس النواب الا بعد مضي خمسة عشر يوما على ايداعها فالمشرع يصبح حامي الحريات والحقوق الأساسية غير أن هذه الحماية لا تتحقق إلا اذا احترم المشرع الضمانات التي أقرها الدستور في أحكامه العامة بالخصوص بالنسبة للحريات والحقوق الواردة بها وهذا يطرح مسألة مراقبة دستورية القوانين و كذلك موضوع مدی نفوذ المشرع في ضبط وتحديد وتنظيم الحقوق والحريات المضمونة دستوریا
:question: تطرح مسألة مدى تقيد سلطة المشرع في
تنظيم الحقوق و الحريات
:question:
من أهم الأسئلة المطروحة معرفة ما إذا كان
المشرع يقتصر على تنظيم الحريات والحقوق الواردة بالدستور
أم يمكنه أن يقر حقوق أخرى لم يتعرض لها الدستور.
يمكن للمشرع تكريس حقوق لم يقع التنصيص عليها صراحة في الدستور وقد برزت هذه الظاهرة التشريعية الايجابية في عدة قوانين
الفصل الرابع من القانون عدد 70 لسنة المتعلق بالتعليم العالي أقر حق المتحصلين على باكالوريا التعليم الثانوي في التعليم العالي ومجانيته
أقر الفصل الأول من القانون المؤرخ في 3 أوت 1992 المتعلق - بالصحة العقلية و بشروط الإيواء في المستشفى بسبب اضطرابات عقلية مبدأ احترام الحرية الذاتية وضمان الكرامة البشرية.
تضمن القانون عدد 22 لسنة 1991 مبدأ ضمان الحرمة الجسدية للإنسان
--> لا شيء يمنع القانون من التنصيص على حريات وحقوق جديدة لم يتعرض لها مع سابق واستقر رأي الشراح على هذا الرأي
:question:
هل يمكن الحديث عن حريات أو حقوق
لم يرد فيها أي نص دستوري او قانوني ؟
هذه الحالة تطرح اشکالية كبنية التمسك بها وحمايتها.
يرى الأستاذ RIVERO أن انعدام وجود تقنين لا يعني حتما عدم امكانية ممارسة تلك الحريات عملا بالمبدأ القائل بأن كل ما لم يحجرة القانون لا يمكن منعه وأنه يتعين التمييز بين الحريات المحددة والحريات غير المحددة أي التي تشمل مجموع السلوك غير المحظور صراحة وفي هذه الصورة تتولى السلطة الترتيبية تنظيمها على ضوء مقتضيات النظام العام
الحرية في نظر هذا الفقيه خلاقة بطبيعتها و ان الإختراع المستمر لسلوك جديد هو من أخصب آثارها.
ب- السلطة الترتيبية
و الحريات العامة
ينص الفصل 94 من الدستور على أنه :" يمارس رئيس الحكومة السلطة الترتيبية العامة.. يتولى رئيس الحكومة تأشير القرارات الترتيبية التي يتخذها الوزراء."
فالقوانين المنظمة لبعض الحريات أو الحقوق تنفذ بواسطة السلطة التنفيذية وعادة ما تصدر أوامر ترتيبية تتعلق بتطبيق قانون فيمارس بذلك رئيس الحكومة السلطة الترتيبية العامة وإما يصدر أوامر ترتيبية لاعلاقة لها بتطبيق قانون سابق بل مرتبطة بوظيفته الدستورية وذلك للمحافظة على النظام العام أو حسن سير الإدارة وتسمى هذه الأوامر "تراتيب شبه مستقلة"
:question:
فهل يمكن السلطة التنفيذية التدخل عن طريق ممارستها للسلطة الترتيبية في ميدان الحريات العامة التي ضمنها الدستور
يرى بعض الشراح أنه
ينبغي التمييز بين حالتين
:one: إذا كانت الحريات العامة التي أقرها الدستور نظمها القانون ---> ا يجوز للسلطة الإدارية التدخل للحد منها فليس لها النيل من تلك الحريات أو إضافة شروط جديدة لممارستها ولكن يجوز لها اتخاذ قرارات فردية ضرورية لحفظ النظام مثل منع عقد اجتماع عام كما يمكن ايضا اتخاذ اجراءات ترتيبية عامة لم ينص عليها القانون دون المس بنظام الحرية ذاته
:two:
حريات عامة مضمونة دستوريا لكن لم ينظمها القانو --> تتمتع السلطة الإدارية نفوذ أوسع يرتكز أساسا على حماية النظام العام
العمل بهذه المبادئ يثير بعض الإشكاليات والملاحظات
:check:
كيفية مراقبة
السلطة الترتيبية
تثير هذه المسألة اشکالا في القانون التونسي اذ لا يكن قانونا الطعن في الأوامر الترتيبية فهي غير خاضعة لرقابة القضاء الإداري ولكن قبل اتخاذها تعرض مسبقا على المحكمة الإدارية لإبداء الرأي فيها وهذا يشكل ضمانا نسبيا لمشروعيتها.
غير أن المحكمة الإدارية قبلت النظر في الدفوعات بعدم مشروعية الأوامر ذات الصبغة التربية منذ القرار الهام الصادر في 23 ديسمبر 1981 (بوراوي المسروقی ضد وزير التعليم العالي) --> يجوز الطعن في القرار والتمسك بعدم مشروعية الأمر الذي استندت عليه الإدارة
:check:
السلطة الترتيبية واقرار بعض
الحقوق او الحرمان منها
صدرت بعض الأوامر الترتيبية التي تعرضت لبعض الحقوق الأساسية فأكدتها ونذكر على سبيل المثال : مجلة واجبات الطبيب الصادرة بمقتضی - الأمر عدد 1155 المؤرخ في 17 ماي 1993 تعرضت لحق أساسي من حقوق الإنسان المرتبط بالحق في الحياة فأوجب الفصل الثاني منها على الطبيب ضرورة احترام الحياة واحترام النفس البشرية وتناولت هذه المجلة مظاهر عديدة من الحق في الصحة.
نلاحظ أحيانا أن السلطة الترتيبية تحذف بعض الحقوق التي أقرها القانون من ذلك أن الأمر عدد 1217 لسنة 1990 والمتعلق بضبط خصوصیات نظام المدرسين الذين يجمعون بصفة استثنائية بین مهنتي التدريس والمحاماة حرم هذا الصنف من المدرسين من ممارسة حق الترشح والتصويت في الإنتخابات الجامعية الخاصة مجالس الجامعات والمجالس العلمية الإستشارية لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي وحتى اللجان الإستشارية ولجان الإنتداب واللجان الإدارية المتناصفة
--> يحق أن نتساءل هل أن ضبط الخصوصية يعني حذف الحقوق ؟ --> حقوق هؤلاء المدرسين في انتخاب أعضاء اللجان الإدارية المتناصفة هي حقوق أساسية لا يمكن الحد منها أو تنظيمها الا بقانون أساسي طبق الفقرة الأخيرة من الفصل 65 من الدستور فضلا على مبدأ المساواة كما أن الحرمان من الحقوق المدنية هو عقاب تكميلي منصوص عليها بالفصل الخامس من المجلة الجنائية ولابد من حكم قضائي في شأنه
المفروض أن الأوامر الترتيبية التي تندرج في نطاق النصوص التطبيقية الترتيبية لا تحذف الحقوق التي أقرها القانون إذ أن تنظيم كيفية ممارسة المتسرق لا يعني تفويضها أو النيل منها نیلا خطيرا
II- طرق تنظيم
الحريات العامة
.
ان مجرد الإعتراف بالحريات والحقوق لا يكفي اذ على السلطة, المختصة تنظيم كيفية ممارستها. واختيار التقنية القانونية التي تحقق ذلك.
إذا نظرنا إلى هذه المسألة من الناحية النظرية نلاحظ وجود انظمة مختلفة وينبغي الوقوف عندها لنتبين فيما بعد المنهج الذي تبناه القانون الوضعي التونسي
أ- تقنيات تنظيم
الحريات العامة
توجد ثلاثة انظمة ممكنة
:one:
النظام الردعي
في هذا النظام يمارس الفرد حريته مباشره بدون الاعلان المسبق عن نوعيه الا انه يؤخذ جزئيا اذا تعسف في ذلك
يمثل هذا النظام تطبيقا للمبدأ الاصلي القائل بان الحريه هي القاعده وتقييدها هو الاستثناء فكل ما لم يوجد القانون الجزائي مباح
يرى جل شراح القانون ان ميزه النظام الردعي تكمن في اقصاء السلطه التنفيذيه والحيلولة دون تدخلها وتمكين المواطن من مباشره حريته في الحال دون انتظار القيام بشكليه معينه لكنه يعلم ما ينتظره من عقوبات اذا تجاوز حدوده
*ايجابيات هذا النظام ليست مطلقة إذ يتوقف صلاحه على السياسه التشريعيه فكثرة التجريم وتشديد العقوبات يضر بالحريات بل قد يقضي عليها كما يتوقف ايضا على مدى تحرر القضاء الجزائي والنيابه العموميه
يكون للاداره تاثير ايضا على مدى ايجابيات النظام الردعي نظرا لدورها في تحديد نظام المخالفات نظرا لما للسلطه الترتيبية من صلاحيات في تحديد العقوبات في المخالفات
:two:
النظام الوقائي
في هذا النظام يفقد المواطن حريته في التصرف تلقائيا فقد تمنعه السلطه الاداريه من ذلك او يطالب بالحصول على ترخيص مسبق --> منهج هذا النظام ليس العقاب بعد ارتكاب الفعل الماخذ عليها بل تفادي اقترافها
يمكن منع ممارسه بعض الحريات وخاصه الجماعيه منها من ذلك ان قانون 24 جانفي 1969 المتعلق بالاجتماعات العامه والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمع أجاز للسلطه المسؤوله منع كل اجتماع او مظاهرة يتوقع منها اخلال بالامن او النظام العام
هناك بعض الحقوق والحريات لا تمارس الا بعد الحصول على ترخيص مسبق مثل الحصول على رخصه في البناء ورخصه لتعاطي الصيد البري طبق احكام مجله الغابات و الحصول على اذن من كاتبه الدوله للاخبار لكي تمارس مؤسسه الصناعه السينمائيه نشاطها وهناك العديد من الحقوق والنشاطات الخاضعة لتراخيص مسبقه
يرى الشراح انه لا يمكن للمشرع ان يخضع ممارسه الحريات الاساسيه لترخيص مسبق مثل الحق في تكوين الجماعات كما انه ليس للسلطه ترتيبيه اقرار تراخيص مسبقه الا على اساس نصوص خاصه او لاسباب جديه تتعلق بالنظام العام
من مظاهر النظام الوقائي ايضا اشتراط الحصول على مصادقه الاداره لتعاطي بعض المهن التي تساهم في نشاط مرفق عام او لتعاطي نشاط خاص مثل احداث مؤسسة صحية خاصة
يتم نقد هذا النظام على اساس انه يترك للسلطه الاداريه النفوذ المطلق في منع ممارسه بعض الحريات وخاصه في منع الترخيص فمن الصعب جبر الاداره على اعطاء رخصه او مطالبتها بالتعويض اذا اصرت على الرفض رغم اشتراط المشرع تعليل قراراتها في بعض الأحان وامكانية الطعن فيها من اجل تجاوز السلطه ولكن حتى في صوره الالغاء تبقى مساله الامتثال لقرار المحكمه الاداريه مطروحة
القضاء الاداري يراقب مشروعيه قرارات الاداره والمفروض ان هذه الاخيره مطالبه بالتوفيق بين مقتضيات الحريات ومستلزمات الامن العام وهي تعتمد عند اتخاذ قرارها على معطيات كل حاله مع اعتبار أن المبدا هو الحريه و ان الاجراءات المقيده لها استثناء
ب- تقنية تنظيم الحريات والحقوق
في القانون الوضعي التونسي
بدراسة القانون التونسي على ضوء خصائص الأنظمة الثلاثة نجد أن أن المشرع التونسي لم يتبن أي نظام منها إذ نجدها جميعا بدرجات متفاوتة حسب القطاعات ونوعية الحريات والحقوق
نلاحظ أن نظام الإعلام المسبق سائد في ميدان الحريات العامة و الإجتماعات العامة والجمعيات والمظاهرات والإضرابات وكذلك تكوين الأحزاب السياسية
النظام الوقائي معمول به في بعض الميادين الأخرى التي اشترط فيها المشرع الحصول على ترخيص إداري مسبق مثل الميدان العمراني والسينما والميدان الاقتصادي والمهني إذ أن ممارسة عدة مهن تتوقف على تراخيص مسبقة
بالاضافة الى النظام الردعي الذي يعاقب مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في قوانين عامة أو خاصة.
نلاحظ من جهة أخرى أن التشريع التونسي تدرج تدرجا ايجابيا و تحرريا في بعض الحريات العامة من النظام الوقائي الى نظام الإعلام المسبق مثال قانون الجمعيات في صيغته القديمة كان ينص على على وجوب الحصول مسبقا على تأشيرة وزير الداخلية لكي تكون الجمعية شرعية في حين أنه بعد التنقيح الذي أدخل على هذا القانون سنة 1988 أصبح تكوين الجمعية لا يخضع لترخيص مسبق بل مجرد تقديم تصریح وفي ذلك تدعيم وضمان لممارسة إحدى الحريات العامة
III- الحريات العامة في الظروف
الاستثنائية: حالة الطوارئ
الحقوق والحريات الفرديه او العامة لا يمكن الانتفاع بها وممارستها بصفه عاديه في الحالات الاستثنائيه التي يصبح فيها كيان الدوله مهددا بخطر وشيك يحول دون السير العادلي دواليبها
لا يمكن الحديث عن الحريات والحقوق الفرديه اذا اصبح الاستقلال الوطني مهددا باعتباره ضمان الضمانات فاذا طرأت ظروف تهدد بالنيل من السياده الوطنيه او بالسلامه الترابيه للبلاد او بإنخرام الامن العام فان من اوكد واجبات رئيس الجمهوريه اتخاذ الاجراءات اللازمه لدرء الخطر باعتباره يضمن استقرار الدوله واستمراريتها ويسهر على احترام الدستور حسب الفصل 72 من الدستور
من اجل ذلك فله ان يحد من الحقوق لصالح الامن العام والدفاع الوطني وفي هذا الاطار يتنزل الفصل 80 من الدستور الذي نص على انه:" لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية.."
و تتمة و تطبيقا لهذا الفصل صدر الأمر عدد 50 لسنة 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ
المقصود بحاله الطوارئ هي الوضعيه التي يتدعم ويتوسع فيها نفوذ الشرطه الاداريه لمجابهه خطر داهم ناتج عن نيل خطير من النظام العام او عن إحداث لها يحكم بطبيعتها او خطورتها صبغه كارثة عامه وقد تنتج هذه الوضعيه عن ظروف إستثنائية
أ- شروط اتخاذ
التدابير الاستثنائية
انا اللجوء الى اتخاذ تدابير الاستثناء يقتضي توفر شروط اصليه واتباع اجراءات مضبوطه
&1- الشروط الأصلية
يتجلى من احكام الفصل 80 من الدستور انه لابد من توفر شرطين معا هما وجود خطر داها متعذر السير العادي لدواليب الدولة
&2- الاجراءات
عندما يقرر رئيس الجمهوريه العمل بمقتضيات الفصل 80 من الدستور عليه استشاراة رئيس الحكومه ورئيس مجلس النواب الشعب واعلام رئيس المحمديه ويعلن عن التدابير في بيان الى الشعب
لا شك ان الامر يتعلق بمجرد استشاره فهو ليس مقيدا برايهما فاذا اأبديا معارضتهما في ما يعتزم اتخاذه من التدابير الاستثنائيه فان ذلك لا يمنعه من تنفيذ قراره
على ان الفصل 80 لم يبين نوعيه الاستشاره هل تكون كتابيه او شفاهية
ب- آثار التدابير الاستثنائية
على الحريات العامة
في صوره تطبيق الفصل 80 من الدستور يتمتع رئيس الجمهوريه بنفوذ مطلق ويتعطل العمل ببقية احكام الدستور ولكن لا يجوز له حل مجلس النواب ويؤدي قرار اتخاذ التدابير الاستثنائيه الى توسيع النفوذ الاداري للسلطه التنفيذيه وتاهيل الرئيس التدخل في الميدان التشريعي
يقول الاستاذ DUVERGER اثناء الظروف الاستثنائيه يحل الرئيس الجمهوريه محل الحكومه والمجالس النيابيه وجميع السلط العموميه و يتخذ جميع الاجراءات التي يراها ضروريه ففيه تتجسم الامة و يتصرف باسمها
لا شك ان لهذا النفوذ المطلق اثار مباشره على الحريات العامه والفرديه التي يقع الحد منها او حتى النيل منها
الأمر عدد 50 لسنة 1978 المنظم لحاله الطوارئ يمكن للولاة في المناطق التي اعلنت فيها حالة طوارئ منع جولان الاشخاص والعربات وفي ذلك سلب لحرية التنقل وكذلك منع الاضرابات والحد من حريه اختيار الاقامه بتنظيمها او تحجير الاقامه على اي شخص يحاول عرقلة نشاط السلط العموميه ويمكن ايضا تسخير الاشخاص والمكاسب الضروريه لحسن سير المصالح العموميه والنشاطات ذات المصلحة الحيويه للامه
من اهم مظاهر الحد من الحريه الفرديه في حاله الطوارئ وضع اي شخص تحت الاقامة الجبرية في منطقه ترابيه او بلد معينة اذا كان نشاطه خطيرا على الامن والنظام العام ويمكن ايضا لوزير الداخليه او الولات الاذن بغلق العروض ومحلات بيع المشروبات واماكن الاجتماعات مؤقتا
يؤدي اعلان حالة الطوارئ الى النيل من حرمة المساكن التي يجوز تفتيشها في كل وقت ليلا او نهارا فضلا على مراقبه الصحافه والمنشورات والبث الاذاعي والعروض المسرحيه
عندما تصدر قرارات اداريه تقضي باحدى الاجراءات المشار اليها فانها لا تخضع لاي رقابه قضائيه مهما كان نوعها
:star: مفهوم حقوق الانسان
و الحريات العامة
يشكل مفهوم حقوق الانسان اكثر المفاهيم اثاره وغموضا على مستوى العلوم الاجتماعيه والانسانيه وذلك لارتباطه بالعديد من العناصر الفلسفيه والاخلاقيه والماديه والدينيه والاجتماعيه والسياسيه والاقتصاديه
عرف بعض الفقهاء حقوق الانسان بكونها جمله من الحقوق لا يستقيم العيش بدونها على غرار الحق في الحياه والحريه والكرامه والعدل والمساواه
اعتبر الفقيه René Cassin احد محرري الاعلان العالمي لحقوق الانسان ان حقوق الانسان تشكل فرع خاص من العلوم الاجتماعيه موضوعه دراسه العلاقات بين الاشخاص على اساس الكرامه البشريه وضبط الحقوق والقدرات التي يكون مجموعها ضروري و نمو ازدهار شخصيه كل كائن بشري
هناك من راى ان حقوق الانسان لاصقه لكل شخص بغض النظر عن دينه ومعتقده ولونه جنسه واصله ورايه ومكانته الاجتماعيه حتى في غياب تنصيص صريح من طرف الدوله وهذه المقاربه لحقوق الانسان بلورها خاصه انصار مدرسه القانون الطبيعي
هناك من يربط حقوق الانسان بالقانون الوضعي ويرى انها الحقوق والحريات المقرره بمقتضى المواثيق الدوليه والاقليميه لكل كائن بشري في كل زمان ومكان منذ لحظه الاقرار بوجوده بوصفه كائن حي وحتى بعد وفاته وتلتزم الدوله باقرارها وضمانها وحمايتها على اراضيها ويترتب على انتهاكها مسؤوليه بمقتضى المواثيق الدوليه
يجب تمييز حقوق الانسان عن الحريات العامه فلاولى ترتبط بميدان الفكر و النظريات في حين تهتم الثانيه بالحقوق التي كرست على مستوى النصوص القانونية فيقول الاستاذ الدالي الجازي في هذا الشان ان الحريات العامه هي مجموعه محدده من المواد ضمنت من خلال القانون الوضعي اما حقوق الانسان فهي مفهوم اشمل من الحريه العامه فهي بذلك مفهوم غير محدد