Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
النصوص الملغاة في المجلة الجزائية - Coggle Diagram
النصوص الملغاة
في المجلة الجزائية
النصوص الملغاة
في المجلة الجزائية (2)
II- مآلات الإلغاء في
المجلة الجزائية
تختلف نتائج الإلغاء بحسب
ما إذا كان فعليا أو قانونيا
بالنسبة للإلغاء الفعلي، يطرح السؤال حول مآل النص القانوني المهجور، فهل يعتبر هذا الأخير معدوما أم أن وجوده القانوني ما يزال مكتملا ويكون هذا النوع من النصوص الجزائية قابلا للتطبيق إذن ؟ (أ)
بالنسبة للإلغاء القانوني، فإن المسالة تتعلق بمآل الحكم القضائي الذي قد يطبق نصا جزائيا ملغی لأنه ما يزال منصوصا عليه بالمجلة الجزائية، فهل هو حكم باطل أم صحيح ونافذ ؟ (ب).
أ- مآل النص
المهجور
أثار الفقهاء في جميع النظم القانونية تقريبا إشكالية النصوص القانونية المهجورة وقد تمثل تساؤلهم بالأساس فيما يلي : هل أن في عدم تطبيق هذه النصوص وهجرها مدة طويلة نسخا ضمنيا لها ؟
تعددت الآراء بهذا الخصوص بین مساند للنسخ الضمني (:one:) ورافض له (:two:).
:one:
النص المهجور:
نص منسوخ
الرأي الأول: لنص المهجور ألغي بمقتضی
عرف ناتج عن عدم تطبيقه مدة طويلة
إن عدم تطبيق قاعدة قانونية معينة لمدة طويلة وهجرها يعد بمثابة العرف بعدم استعمالها وهو ما اصطلح على تسميته بالعرف السلبي.
ويمكن القول أيضا أن عدم تطبيق القاعدة القانونية لمدة طويلة من الزمن يضعف من قيمتها الإلزامية ثم يعدمها كليا وهو ما حدا ببعض الفقهاء إلى القول أن " في هجر الناس لبعض النصوص ثارا من ردائتها ".
وقد صدر في هذا الإطار، حكم عن الدائرة الأولى بالمحكمة المدنية بتونس بتاریخ 6 جوان 1945 مفاده أن دستور 1861 دستور ملغى بالهجر ولم يعد بالإمكان تطبيقه
إذا كانت العديد من فصول المجلة الجزائية مهجورة، فأول ما يتبادر إلى الذهن هو محاولة معرفة إن كان من المتجه ترك تلك الفصول جانبا واعتبارها ملغاة بمرور الزمن أم أنها ما تزال نافذة ويجوز إذن تطبيقها في أي وقت.
الرأي الثاني: النص وإن لم يطبق ردها من الزمن، مهما طال، فإنه يبقى رغم ذلك نافذا ولا يمكن بحال أن يعتبر ملغی
:two:
النص المهجور:
نص نافذ
تجه معظم الفقهاء في النظام القانوني المصري إلى اعتبار أن عدم استعمال القاعدة القانونية مدة طويلة، مهما طالت، لا يعني نسخها بالهجر.
حيث تظل هذه الأخيرة سارية النفاذ ويمكن الرجوع إليها في أي وقت لا سيما وأن العرف في القانون المصري "يعد أدنى منزلة من التشريع ولا يملك الأدنى إلغاء الأعلى".
محاكم القضاء المصري كثيرا ما أكدت عدم نسخ القواعد القانونية بسبب عدم تطبيقها مدة طويلة. ففي حكم ابتدائي صادر عن إحدى المحاكم المصرية بتاريخ 17 أفريل 1927 أقرت هذه الأخيرة في إحدى حيثيّتها الرئيسية أن " ... القول بأن قانون المطبوعات قد سقط بتعقد الحكومة عدم تنفيذه
مدة طويلة هو قول غير مقبول لأن القانون لا يلغي صراحة أو ضمنا إلا بقانون مثله ولا يبطل القانون لعدم العمل به مهما طالت المدة..."
بالنسبة لفقه القضاء الفرنسي، ففي قرار صادر عن محكمة التعقيب الفرنسية في دائرتها التجارية، مؤرخ في 16 ماي 1949، تمسك القضاء الفرنسي بتطبيق مرسوم يتعلق بمنع المساومة أثناء البيع يعود تاريخه إلى سنة 1884 ولم يقع تطبيقه لفترة طويلة من الزمن تجاوزت النصف قرن وهو ما جعل لسان الدفاع يتمسك
بنسخه بالهجر لكن المحكمة رفضت الدفع المذكور وطبقت المرسوم المهجور معتبرة صراحة أن هجران القانون لا يلغيه.
في تونس
قد استصدر الحزب الحر الدستوري التونسي سنة 1921 فتوی قانونية أعدها الأستاذان الفرنسيان BARTHELEMY و WEIS تعلقت بالوجود القانوني الدستور 1861 وتمحورت حول الإجابة عن السؤال التالي : هل أن دستور 1861 يعتبر ملغی بسبب الهجر نظرا لعدم تطبيقه مدة طويلة ؟
أجاب الأستاذان المذكوران بأن " الدستور القانوني لا يلغي لمجرد هجرانه بل إنه يحتفظ، رغم الاستخفاف به، بكامل كيانه القانوني "
يرى الأستاذ محمد كمال شرف الدين، في نفس الإطار، أن الأصل هو النفاذ والدوام. والنسخ هو العارض، والنص المهجور هو نص قانون نافذ رغم ترکه لأنه استوفي شروط نشأته ونفاذه ولأنه لم ينسخ بأي وجه من أوجه النسخ القانونية.
ويبدو أن فقه القضاء في تونس مستقر على هذا الرأي، ففي قرار صادر عن محكمة التعقيب تحت عدد 20226 بتاریخ 6 جانفي 2003 أكدت هذه الأخيرة أنه "لا عمل بفقه القضاء المخالف القانون لأن القانون لا ينسخ إلا بقانون طبق الفصل 542 من م اع ".
كما ورد بالقرار التعقيبي المدني عدد 7522 المؤرخ في 11 أفريل 2005 أن " أحكام القوانين التي يهجر تطبيقها حينا من الدهر وتظل موجودة كقانون وضعي لا يوجد حائل دون تطبيقها رغم طول هجرها... ".
وقد سبق لمحكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة أن صرحت، في قرارها عدد 1540 المؤرخ في 1962 / 05 / 26 ، بأن القوانين لا تنسخ ضمنيا إلا بقوانين بعدها منافية لها أو مستوعبة لجميع فصولها ".
لا شك إذن أن الرأي السائد في القانون التونسي هو الرأي القائل بأن عدم استعمال نص القانون وهجرانه لا يؤدي إلى إلغائها. وفعلا فقد حسمت مجلة الالتزامات والعقود هذه المسالة في الفصل 543 الذي جاء به أن " العادة والعرف لا يخالفان النص الصريح ". فإذا لم يطبق النص فان عدم تطبيقه
لا يعني أن ذلك النص المهجور أضحي غير قابل للتطبيق بل إنه في صورة تفطن بعضهم إلى وجوده فمن الجائز أن يقع التمسك به والمطالبة بتطبيقه ولا يسع المحكمة عندئذ إلا أن تستجيب لذلك ما لم يتم نسخ النص المهجور طبق القانون .
:question:
إذا كان مآل النص المهجور هو النفاذ والإلزامية فما هو مآل الحكم القضائي الذي يطبق نصا ملغى من المجلة الجزائية ؟
ب- مآل
الحكم القضائي
إن السؤال المطروح يتعلق بمآل الحكم القضائي الذي قد يطبق فصلا جزائيا منسوخا من المجلة الجزائية. فهل يكون هذا الحكم نافذا وواجب التطبيق أم يجوز الطعن فيه بطريقة ما ؟
بطبيعة الحال إن تعلق الأمر بحكم ابتدائي الدرجة يجوز استئنافه، وإن كان نهائي الدرجة يجوز تعقيبه وطلب نقضه بناء على تطبيق فصل قانوني ملغى. أما إذا تعلق الأمر بحكم قضائي بات، فهل يجوز الطعن فيه ؟
أول ما يتبادر للذهن، الطعون التالية : الطعن بالتماس إعادة النظر والطعن بالخطأ البين والطعن لمصلحة القانون. لكن إذا كان الطعن بالتماس إعادة النظر غير جائز في صورة الحال (:one:)، فإن الطعن بالخطأ البيّن محل جدل ونقاش هامين في المادة الجزائية (:two:). أما الطعن لمصلحة القانون فهو جائز بصريح النص في قانون الإجراءات الجزائية (:three:).
:one: الطعن بالتماس
إعادة النظر :
يتضح من الفصل 277 م.ج أن الطعن بالتماس إعادة النظر يتعلق بالأخطاء المادية فحسب ولا يهم الأخطاء القانونية. لذا، فإن هذا الطعن لا ينطبق في صورة الحال لأن الأمر يتعلق بخطأ قانوني يتمثل في تطبيق نص ملغي ولا بخطأ مادي.
وبما أن الطعن بالتماس إعادة النظر يتجاوز صورة الحال ومصيره الرفض في جميع الحالات، فما هو مآل الطعن بالخطأ البين في الحكم القضائي البات الذي قد يطبق نصا ملغى من نصوص المجلة الجزائية ؟
:two: الطعن بالخطأ البين :
هل أن الاستنجاد بالخطأ البين لمعالجة بعض الأخطاء التي قد يرتكبها القاضي الجزائي، كأن يطبق مثلا نصا ملغى، هو الحل الأمثل ؟ أم أن هناك إمكانية لمعالجة مغايرة ؟ و إن صحّ الدفاع عن معالجة الأخطاء القضائية بالرجوع إلى نظام الخطأ البين
فإلى من توجه دعوة التدخل لفض الصعوبات القانونية التي يثيرها هذا الطعن في المادة الجزائية، إلى فقه القضاء المتذبذب أم إلى المشرع ؟
ضبط المشرع الخطأ البين في الفصل 192
م م م ت في ثلاث حالات فقط هي :
1) إذا بني قرار الرفض شكلا على غلط واضح.
2) إذا اعتمد القرار نصا قانونيا سبق نسخه أو تنقيحه بما صيره غير منطبق.
3) متى شارك في القرار من سبق منه النظر في الموضوع.
لكن طرح الإشكال حول مدى جواز الطعن بالخطأ البين في المادة الجزائية من عدمه نظرا الغياب نظير للفصل 192 م م م ت في مجلة الإجراءات الجزائية. وقد أثير السؤال التالي على القضاء الجزائي : هل يقبل الطعن بالخطأ البين على أساس الفصل 192 م م م ت في المادة الجزائية ؟
طبقت الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب في بعض القرارات أحكام الفصل 192 م.م.م.ت وقبلت الطعن بالخطأ البين في المادة الجزائية في مرات عديدة.
القرارات التعقيبية الصادرة عن الدوائر
المجتمعة لمحكمة التعقيب انقسمت بين:
رأي رافض لإمكانية سحب تطبيق
الفصل 192 م م م ت على المادة الجزائية
لكن ذات الدوائر المجتمعة غيرت موقفها، في القرار التعقيبي عدد 89 المؤرخ في 2000 / 6 / 1 ، بأن رفضت تطبيق الفصل 192 م م م ت في المادة الجزائية .
استنادا إلى الحجج التالية :
1/ أن الفصل 266 ماج نص صراحة على عدم جواز الطعن مرة ثانية في القرار التعقيبي المرفوض ولو أن أجل التعقيب ما يزال جاريا .
2/ عدم جواز الرجوع إلى مجلة المرافعات المدنية والتجارية إلا عند الإحالة الصريحة أو عند خلو مجلة الإجراءات الجزائية من قاعدة عامة، ولا يمكن الاستعارة حينئذ من مجلة المرافعات المدنية والتجارية
إلا إذا تعلق الأمر بقاعدة إجرائية عامة وليست استثنائية ولا تتعلق باختصاص المحاكم وتحقق الانسجام داخل النظام القانوني.
3/ إن الدعوى المدنية مستقلة من حيث القواعد القانونية عن الدعوى الجزائية، إذ لكل منهما إجراءاتها الخاصة بها.
وهو نفس الموقف الذي اتخذته الدوائر المجتمعة في القرار التعقيبي عدد 147 الصادر في نفس اليوم .
ثم تراجعت الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب عديد المرات الأخرى عن موقفها الرافض القبول الطعن بالخطأ البين في المادة الجزائية.
رأي مؤيد لإمكانية سحب تطبيق
الفصل 192 م م م ت على المادة الجزائية
قرار الدوائر المجتمعة عدد 13 المؤرخ في 1988/ 5 / 13 قبل إمكانية الطعن أمامها بالخطأ البين في المادة الجزائية معتبرة أنه "عملا بوحدة القضاء المدني والجزائي بات من الضروري أن يستنجد بمجلة المرافعات المدنية والتجارية
وذلك لسد الفراغ الذي حصل بمجلة الإجراءات الجزائية. حيث تشكل مجلة المرافعات المدنية والتجارية قانون الحق العام في مادة الإجراءات لذا يتعين تطبيقها عند معالجة موضوع الدوائر المجتمعة..."
بررت إذن الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب إمكانية الطعن أمامها بالخطأ البين في المادة الجزائية على أساس ضرورة الالتجاء إلى مجلة المرافعات المدنية والتجارية لسد الفراغ الموجود في مادة الإجراءات الجزائية لأن المجلة المذكورة
تمثل الشريعة العامة التي يجب الرجوع إليها في جميع فروع القانون بما فيها مادة الإجراءات الجزائية
عموما، قد صدرت تسع قرارات للدوائر المجتمعة بخصوص الخطأ البين في المادة الجزائية : أربعة منها رفضت تطبيق نظرية الخطأ البين في المادة الجزائية وخمسة منها قبلت ذلك آخرها القرار عدد 317 لسنة 2013 المذكور أعلاه .
ونظرا لهذا التباين الواضح في فقه القضاء وبالتحديد في قرارات الدوائر المجتمعة بين مؤيد ورافض، فإنه بات من الضروري أن يتدخل المشرع للحيلولة دون انفراد الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب بتقرير مصير مطالب الطعن بالخطأ البين في القرارات التعقيبية المعيبة.
في انتظار التعديل التشريعي، لا يسعنا إلا الدفاع عن جواز
الطعن بالخطأ البين في المادة الجزائية للأسباب التالية :
1- مبدأ وحدة القضاء يفرض تطبيق الطعن بالخطأ البين في المادة الجزائية.
2- مبدأ المساواة بين المتقاضين يفرض إجازة الطعن بالخطأ البين في المادة الجزائية .
3- مجلة المرافعات المدنية والتجارية هي "المجلة الأم" التي يجب الرجوع إليها لسد الفراغات الحاصلة بمجلة الإجراءات الجزائية .
وإذا كان الطعن بالخطأ البين في المادة الجزائية محل نقاش وخلاف فقهي وفقه قضائي، فان الطعن لمصلحة القانون جائز بالنص الصريح في المادة الجزائية لكنه يثير بدوره مشاكل وصعوبات أخرى بخصوص آثاره يتجه تلافيها.
:three: الطعن لمصلحة القانون :
يعد الطعن لمصلحة القانون من أكثر الطعون غير الاعتيادية لأنه يطال القرارات والأحكام الباتة.
وخلافا لبعض القوانين المقارنة، فإن الطعن لمصلحة القانون في تونس لا يمس من حجية الأمر المقضي فيه ومبدأ الحق المكتسب واستقرار الأحكام والمراكز القانونية للخصوم. وهو ما من شأنه أن يثير الكثير من الجدل حول الأهمية العملية والتطبيقية لمثل هذا الطعن.
قد نظم المشرع الجزائي هذا النوع من الطعون في الفصلين 180 و181 م اج.
فمن الجائز أن يقع الطعن لمصلحة القانون من طرف وكيل الدولة العام كلما تعلق الأمر بحكم قضائي بات طبق نصا من النصوص الملغاة من المجلة الجزائية لأن الحكم القضائي في هذه الصورة يعتبر متضمنا لخرق قاعدة قانونية.
لكن السؤال
المطروح هو التالي :
ما الفائدة من هذا الطعن إذا كان يمنع المساس بحقوق الخصوم أو الغير المكتسبة بناء على الحكم الباطل ؟ و ما الفائدة إذن إذا بقي المحكوم عليه، بناء على نص منسوخ، بدهاليز السجن؟
وهو ما من شأنه أن يحد بشكل كبير من قيمة هذا الطعن وفائدته العملية. وربما كان من الأجدر أن يوسع المشرع من آثار الطعن لمصلحة القانون على الأقل في المادة الجزائية لما لها من اتصال ومساس بالحرية الفردية للشخص ولأن العقوبات في هذه المادة تكون قاسية جدا في بعض الأحيان.
لكن، في حقيقة الأمر، تم تجاوز هذا العيب في بعض القضايا الجزائية أهمها قضية الوزير الأول الأسبق السيد "محمد مزالي" الذي حكم عليه بخمسة عشر سنة سجنا بعد فراره إلى الجزائر. فتولى وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب الطعن في الحكم المذكور لمصلحة القانون.
فقضي بالنقض دون إحالة وتم التخلي عن العقوبة السجنية. وتمكن المرحوم "محمد مزالي" من العودة إلى أرض الوطن ولم تطبق عليه عقوبة السجن.