Please enable JavaScript.
Coggle requires JavaScript to display documents.
أنسنة العقوبات في المنظومة الجزائية التونسية (2) - Coggle Diagram
أنسنة العقوبات
في المنظومة الجزائية
التونسية (2)
أنسنة العقوبات في
المنظومة الجزائية التونسية (2)
I- تجليات أنسنة العقوبات على
مستوى سن العقوبة والمحاكمة
أ- تكريس أنسنة
العقوبات في مرحلة سنّها
&1- حقوق الإنسان والسياسة العقابية
الحديثة في تونس في مرحلة التجريم :
:two:
تأكيد المنحى
الإنساني في
العقوبات المسلطة
على الأطفال :
أمام الصبغة المزدوجة للجرائم المرتكبة من قبل الأطفال بين تلقائية هذا الطفل وسرعة تأثره بالعالم الخارجي من ناحية, وبين خطورة ما يمكن أن يصدر عنه أحيانا من أفعال مجرمة تقتضي ضمان حق المجموعة في الحماية من شرها من ناحية أخرى, إتجه المشرع التونسي إلى تكريس نظام جزائي خاص بالطفولة
يسعى إلى تكريس الطابع الإستثنائي للعقوبات السالبة للحرية من جهة ( :star:) وإلى تكريس إعتماد التدابير الإصلاحية والتربوية وتدعيم دور الوساطة من جهة أخرى ( :star: ).
:star:
تكريس الطابع الإستثنائي
للعقوبات السالبة للحرية
قام المشرع التونسي في صور محددة باعفاء الطفل من العقاب (1) وقام في صور أخرى بالتخفيف من العقوبات المسلطة على الأطفال (2)
1- إعفاء الطفل
من العقاب
الطفل على معنى الفصل الثالث من مجلة حماية الطفل التونسية : هو كل إنسان عمره أقل من ثمانية عشر عاما, ما لم يبلغ سن الرشد بمقتضى أحكام خاصة, وهو نفس التعريف الوارد باتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل
يعتبر صغر السن من الأسباب الطبيعية التي تدل على فقدان الإدراك والإرادة والقدرة على التمييز عند الإنسان, وفي هذا الصدد ينص الفصل 38 من المجلة الجنائية على أنه "لا يعاقب من لا يتجاوز سنه ثلاثة عشر عاما كاملة عند إرتكابه للجريمة"
----> المشرع التونسي جعل في جانب الطفل في هاته السن قرينة مطلقة على عدم مسؤوليته عن الجرم الصادر عنه .
قد تأكد ذلك من خلال مجلة حماية الطفل بالفصل 68 منها, والذي جاء فيه " يتمتع الطفل الذي لم يتجاوز سنه ثلاثة عشر عاما بقرينة غير قابلة للدحض على عدم قدرته على خرق القوانين الجزائية"
==> نزعا للتجريم مطلقا بالنسبة إلى الطفل الذي لم يتجاوز سن الثالثة عشر
صورة الفصل 78 من مجلة حماية الطفل الذي جاء به أن المحاولة في مادة الجنح لا يعاقب عليها بالسجن الأطفال الذين سنهم بين الثلاثة عشر والخمسة عشر عاما. "وفي هذه الصورة يعفى الطفل من العقاب السجني رغم تجاوزه سن الثلاثة عشر عاما وإرتكابه فعلا إجراميا يعاقب عليه عادة
جاء بأحكام الفصل 106 من مجلة حماية الطفل أن "طلب التعقيب يوقف التنفيذ إذا كان الحكم صادرا بعقاب بالسجن" ---> إعفاءا مؤقتا من تطبيق العقوبة السجنية للطفل الذي تجاوز سن الثلاثة عشر
آلية الوساطة التي من أبرز آثارها على معنى الفصل 113 من مجلة حماية الطفل, إعفاء الطفل من التتبعات, تمثل أيضا حماية لمصلحة الطفل حيث يقع إسعافه بعفو من العقاب .
2- التخفيف من العقوبات
المسلطة على الأطفال
يجب في كل قرار أو حكم يخص الطفل أن تراعى فيه مصلحته الفضلى, حتى ولو دخلت هذه المصلحة في صراع وتنازع مع مصالح أخرى , ولا يمكن للعقوبة المسلطة على الطفل أن تخرج عن هذا النطاق .
لئن كانت العقوبات المقررة للأطفال بطبيعتها مخففة مقارنة مع غيرها من العقوبات التي توقع على الرشد, فإن هذا التخفيف يعتبر تخفيفا مضاعفا
المشرع التونسي يرى أن العقوبات الجزائية بمفهومها التقليدي قد تفسد الأطفال, فالسجون ومراكز الإصلاح رغم ما يتوفر فيها من ظروف إحاطة وتربية تيسر إعادة إدماج وتأهيل السجين للعودة لحضيرة المجتمع, تبقى فضاءات لمحترفي الجريمة .
الطفل عندما يتجاوز سن الثالثة عشر, تنقلب هذه القرينة إلى قرينة بسيطة لذلك أعطى المشرع التونسي الخيار للمحكمة بين إخضاع الطفل للتدابير الوقائية والعلاجية وبين تسليط عقوبة مخففة عليه تتماشى مع قاعدة تخفيف المسؤولية مادام لم يبلغ سن الثامنة عشر .
خول المشرع إمكانية تجنيح كل الجنايات ماعدا جرائم القتل, وذلك مع مراعاة خطورة الجرائم ووضع الطفل الجانح, وسلطة تقدير ذلك موكولة للنيابة العمومية وقضاة التحقيق ودائرة الإتهام والمجالس الجنائية
لا يجوز إحالة الأطفال على المحاكم العادية, بل لقضاة مختصين في شؤون الأطفال, حيث لا يمكن القيام بالحق الشخصي مع الإحاطة بالقدر اللازم من السرية .
إعتمد المشرع صبغة مرنة جدا في مادة المخالفات المرتكبة من طرف الأطفال, فحضورهم غير وارد لدى القضاة إلا بطلبهم والعقاب يمكن أن يتوقف على مجرد توبيخ أو إنذار .
المشرع وفي هذا الإطار أقر نظام ضم العقوبات بالسجن لبعضها البعض, عند التوارد المادي للجرائم إلا إذا حكم القاضي بخلاف ذلك, وفي هذه الصورة يجب أن يكون ذلك بقرار معلل على معنى الفصل 80 من مجلة حماية الطفل
من مظاهر التخفيف في خصوص العقوبات المتعلقة بالأطفال عدم جواز تسليط عقوبة الإعدام على الطفل حتى ولو إرتكب جريمة تقتضي ذلك, وتظل العقوبة القصوى التي يمكن أن تسلطها الدائرة الجنائية للأطفال هي السجن لمدة عشرة أعوام, والفلسفة من وراء ذلك هو أن الأمل في إصلاح هذا الطفل يظل قائما,
فإن كان الإصلاح هو الفلسفة التي تقوم عليها السياسة العقابية في خصوص المجرمين من صنف الرشداء, فإن هذه الفلسفة هي أعمق وأرسخ في خصوص العقوبات المسلطة على الأطفال خاصة وأن هذا الطفل كان زمن إرتكابه للأفعال المجرمة حسب علماء النفس والإجتماع غير واع بخطورة ما أقدم عليه.
:star:
إعتماد التدابير
الإصلاحية والتربوية
وتدعيم دور الوساطة :
أمام خصوصية الوضعية التي يتميز بها الطفل, وبهدف تحقيق المصلحة الفضلى له, أقرّ المشرع ضمن مجلة حماية الطفل سياسة جنائية ترتكز على الإصلاح بدلا عن الزجر, ويبرز ذلك جليا خاصة من خلال ما نص عليه الفصل الثاني من المجلة
الذي جاء به : "أن المجلة تضمن حق الطفل في التمتع بمختلف التدابير الوقائية ذات الصبغة الإجتماعية والتعليمية والصحية" .
ينص الفصل 99 من المجلة على أن قاضي الأطفال بعد
التثبت من التهمة تجاه الطفل يتخذ أحد التدابير التالية :
- إما تسليم الطفل إلى أبويه أو إلى مقدمه أو إلى حاضنه أو إلى أي شخص يوثق به, ولا شك أن هذا النوع من التدابير هو أصلحها خاصة وأنه يساهم في عدم الفصل بين الطفل وأبويه.
- إحالة ذلك الطفل على قاضي الأسرة, وهي مؤسسة دخلت القانون التونسي مع القانون عدد 70 لسنة 1993 المؤرخ في 12 جويلية 1993, وهو مكلف من موقعه ببذل مجهوداته خاصة للإصلاح بين الأزواج والنظر في وضعية الطفل المهدد ومتابعة وضعيته الإجتماعية.
- خول المشرع لقاضي الطفولة وضع الطفل بمؤسسة عمومية معدة للتربية والتكوين المهني مؤهلة للغرض, وذلك بهدف رعايتهم وإصلاحهم, وتهذيب سلوكهم, وتأهيلهم تربويا وإجتماعيا, ونفسيا للإندماج مجددا في المجتمع .
- يمكن للقاضي أيضا أن يعطي أوامره بوضع الطفل بمركز طبي, أو طبي تربوي.
- المشرع من خلال الفصل 99 من مجلة حماية الطفل مكن قاضي الأطفال أو محكمة الأطفال من إعطاء الإذن بوضع الطفل بمركز إصلاح .
:warning: الغاية من تعديد المشرع للتدابير الممكن إتخاذها ضد الطفل المنحرف تتمثل في أن يتيح الفرصة للقاضي في إختيار التدبير المناسب بحسب درجة خطورة الفعل المرتكب وشخصية الطفل الجاني وظروف إرتكابه للجرم .
:checkered_flag:
تفعيل دور الوساطة
الوساطة على معنى الفصل 113 من مجلة حماية الطفل "آلية ترمي إلى إبرام صلح بين الطفل الجانح ومن يمثله قانونا وبين المتضرر أو من ينوبه أو ورثته, وتهدف إلى إيقاف مفعول التتبعات الجزائية أو المحاكمة أو التنفيذ".
تمثل الوساطة في التشريع الخاص بالطفولة, تجسيما واضحا للسياسة الجنائية الحديثة في التشريع التونسي والتي ترتكز على الصلح كآداة لفض النزاعات وتجنيب الجاني من جهة, وأجهزة الدولة من جهة أخرى إستتباعات العقوبات الكلاسيكية .
إجراءات الوساطة :
يتم في البداية رفع مطلب الوساطة من قبل الطفل الجانح أو من ينوبه إلى مندوب حماية الطفولة .
بعد تفحص هذا الأخير للمطلب ولخطورة الأفعال المرتكبة يقوم بعرض الصلح على المتضرر أو ورثته أو من يمثله قانونا, كما يمكن في هذا السياق لمندوب حماية الطفولة إبداء رأيه وذلك بهدف الوصول إلى حل يرضي الطرفين .
إذا تمكن مندوب حماية الطفولة من إبرام الصلح يدوّن ذلك في كتب يمضيه الأطراف, ويرفع في أقرب وقت إلى الجهة القضائية التي تكسيه بالصيغة التنفيذية ما لم يكن ذلك مخلا بالنظام العام أو بالأخلاق الحميدة.
جعل المشرع الصلح جائزا في الفترة التي تنطلق من تاريخ إقتراف الفعل المجرم إلى تاريخ إنتهاء القرار المسلط على الطفل وذلك على معنى الفصل 114 من المجلة
&2- تكريس مبادئ حقوق الإنسان
مرحلة أثناء التتبع الجزائي
انطلاقا من وعي المشرع التونسي بأهمية مرحلة التتبع الجزائي وخطورتها على الحريات قام بإحاطة المظنون فيهم بجملة من الضمانات القانونية (:one:) كما استحدث آليات تهدف إلى تفادي التتبعات في المخالفات والجنح غير الخطيرة (:two:).
:one:
الضمانات القانونية
الممنوحة للمظنون فيهم
أمام الصبغة الاستثنائية لمسألة الحد من الحرية خاصة في مرحلتي الإيقاف التحفظي, والاحتفاظ المؤقت فقد قام المشرع بإحاطة المظنون فيه بجملة من الضمانات و الآليات التي تخول له الحق في الحفاظ على حريته الذاتية من ناحية ( :star:) و الحق من ناحية أخرى في التمتع بمعاملة إنسانية أثناء مراحل التتبع الجزائي, ( :star:).
:star:
حق المظنون فيه في
الحفاظ على حريته الذاتية :
بوصف الحرية أهم الحقوق المتصلة بذات الإنسان فقد سعى المشرع إلى إحاطتها بجملة من الضمانات خاصة في مرحلة التتبع الجزائي وذلك سواء في
1- مرحلة الاحتفاظ لدى أعوان الضابطة العدلية
السلطة المختصة باتخاذ هذا القرار: مأموري الضابطة العدلية من الشرطة والحرس الوطني/ أعوان الديوانة
2- في مرحلة الإيقاف
التحفظي أمام السلط القضائية
بتحديد مدة الاحتفاظ:
لا يمكن إيقاف المضنون فيه تحفظيا إلا في الجنايات والجنح المتلبس بها, وكذلك كلما ظهرت قرائن قوية تستلزم هذا الإجراء, وذلك باعتباره وسيلة أمن يتلافى بها اقتراف جرائم جديدة أو ضمانا لتنفيذ العقوبة, أو كذلك بوصفه طريقة توفر سلامة سير البحث.
أحاط المشرع التونسي مؤسسة الإيقاف التحفظي بعديد الضمانات, أولها أن لا يتخذ قاضي التحقيق قرار الإيقاف إلا بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية, ولا يقع إصدار بطاقة الإيداع إلا بعد استنطاق ذي الشبهة
3- من خلال الإمكانية المتاحة
للمضنون فيه في التمتع بالإفراج المؤقت
تحديد الحالات التي يمكن فيها اتخاذ قرار الاحتفاظ بذي الشبهة
يمكن للإفراج
أن يكون وجوبيا
إذا كان المضنون فيه موقوفا وتبين لقاضي التحقيق أن الأفعال المحال من أجلها لا تمثل سوى جنحة غير معاقب عليها بالسجن أو أن تلك الأفعال تمثل مجرد مخالفة وذلك على معنى الفصل 106 من م.إ.ج.
الفصل 85 جديد من م.إ.ج: من الوجوبي على قاضي التحقيق المتعهد بالقضية بعد التثبت من شروط الإفراج وخاصة منها تلك المتعلقة بالمضنون فيه, أن يأذن بالإفراج بضمان أو بدونه بعد أن يتم الاستنطاق بخمسة أيام,
وذلك بعد التأكد من أن للمضنون فيه مقر بالتراب التونسي وأنه لم تسبق محاكمته بأكثر من ثلاثة أشهر سجن, وهو ما يفترض احتواء ملف القضية على بطاقة سوابق المضنون فيه.
يمكن للإفراج المؤقت أن يكون اختياريا
يمكن لقاضي التحقيق أن يأذن بالإفراج المؤقت استنادا إلى طلب المضنون فيه أو محاميه أو كذلك بناءا على طلب وكيل الجمهورية .
:star:
الحق في التمتع بمعاملة
إنسانية أثناء مراحل التتبع
استوعب التشريع التونسي الإطار العام للمناخ الدولي الداعي إلى ضمان حرمة الفرد وصيانة كرامته وحمايته من كل أشكال التعذيب أو الإكراه المادي أو المعنوي من جهة ومن خلال الإمكانية المتاحة للمضنون فيه للتصدي لأي شكل من أشكال التعذيب.
:two:
السعي إلى تفادي التتبعات
في المخالفات والجنح غير الخطيرة
قد تجسم ذلك بالأساس من خلال تكريس دور التسوية الجزائية في الحد من خطورة التتبع على المضنون فيه ( :star:) وكذلك من خلال توجيه التتبع الجزائي في إتجاه المنحى الإصلاحي والتربوي والعلاجي ( :star:) .
:star: دور التسوية الجزائية في
الحد من خطورة التتبع
يتجسد ذلك من خلال اعتماد آلية الصلح في مرحلة التتبع وكذلك في اعتماد آلية الوساطة لشل العقوبة في نفس تلك المرحلة .